السلام عليكم
نرجو ممن حصلوا على الماجستير الدخول وإبدأنا برأيهم في هذا الكتاب
إليكم النص " باب الديناميكا الحرارية وعلا قته بالإقتصاد السياسي"
أتريد أن تتعلم كل شيء عن علم الاقتصاد؟
So, You Wish to Learn all about Economics?
كتاب في علم الاقتصاد الرياضي الابتدائي
تأليف: ليندون هـ. لاروش
Lyndon H. LaRouche
ترجمة: حسين العسكري
Translated by: Hussein Askary
صَدَرَت الطبعة الانجليزية عام 1995 عن:
EIR News Service, Inc
Washington, D.C
الفصل الثالث
علم الديناميكا الحرارية وعلاقته بالاقتصاد السياسي
The Thermodynamics of Political Economy
عادة ما يصدم المرء في الأجواء الدراسية الأكاديمية وغيرها بالإشارة إلى أحد "قوانين الديناميكا الحرارية" المزعومة أم جميعها. فإذا وضعنا جانباً الأشخاص الكسالى الذين لا يسائلون أو يتحدون أبداً صحة الافتراضات التي توفرها الكتب الدراسية والقواميس والمعاجم، وقمنا بإجراء كمية معقولة من البحث في مصادر هذه "القوانين" فإننا سنكتشف أن مفهوم "القانون" المستخدم هنا هو ذو طبيعة تشريعية وليست علمية. فهذه القوانين تمثل عملية فرض قسري واعتباطي لمفهوم أرسطوطاليس للطاقة ( energeia ) على علم الفيزياء الرياضي الذي كان مطبقاً في خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد تم فرض ذلك من قبل أشخاص مثل كلاوسيوس وهيلمهولتز وماكسويل وتعيس الحظ بولتزمان .[1]
فقوانين الديناميكا الحرارية الثلاث هي ليست اعتباطية فحسب، بل وأنها قد تم إثبات زيفها بشكل تام من قبل يوهانس كيبلر عدة قرون قبل طرحها.
وبالرغم من أن مهمة تقديم الأدلة على ذلك تعود إلى فصل لاحق من هذا الكتاب، إلا أننا نقدم هنا حقيقة الموضوع حتى نثير انتباه القارئ إلى الطبيعة المؤقتة للمناقشة التوضيحية التي سنغوص فيها هنا.
كما هي الحال مع سادي كارنو، يعتمد التعريف الابتدائي لظاهرة الحرارة على استخدام عملية قياس الحرارة بواسطة مقياس الحرارة المدرج الحسابي. نقيس الحرارة في عملية تقدير تقريبية أولية باعتبارها كمية من الحرارة ناتجة عن العمل المطلوب لرفع الحرارة درجة واحدة على المقياس المئوي أو الفهرنهايتي. ولغرض المحافظة على الاتساق في عمليتنا هذه نقوم بعد ذلك بقياس عملية تحويل الحرارة إلى عمل ممثلة في عملية استهلاك كمية من الحرارة مقدرة ضمنيا كانخفاض درجة حرارة الحرارة المستخدمة. ليس هنالك أي عيب في استخدام هذه المجموعة من الافتراضات فقط لغرض الوصف الابتدائي للظواهر، بشرط أن نكون في شك - كما كان كارنو في شك - من هذه الافتراضات. إن الافتراضات شيء مفيد لإجراء التقديرات التقريبية الأولية، لكنها ستكشف بشكل يمكن إثباته عن بطلانها إذا حَمّلناها أشياء تتجاوز حدود ذلك التقدير التقريبي الأولي. في هذا الفصل لا نولي اهتمامنا لقضايا هي خارج نطاق التقدير التقريبي الأولي.
نبدأ الآن عملية التقدير التقريبي الأولي. قسِّم إجمالي الطاقة المستخدمة energy-throughput إلى مجموعتين ثانويتين رئيسيتين. إن حصة الطاقة المستخدمة التي ينبغي أن تبدو وكأن العملية نفسها يجب أن تستهلكها حتى نتجنب "تباطؤ" العملية تسمى {{طاقة النظام}} energy of the system . لقد تم تداول مصطلح "التباطؤ" (أو التوقف التدريجي) "running down" لأول مرة من قبل إسحاق نيوتن Isaac Newton وفي مناقشة قصد نيوتن في مراسلات كلارك - لايبنز. إن الصورة التخيلية لوصف هذا المصطلح هي "تباطؤ" زنبرك (النابض الرئيسي) الساعة الميكانيكية البسيطة. هذا هو الأصل التاريخي لتعريف مصطلح "الانتروبيا" entropy في علم الميكانيكا الاعتيادي. يُنظر إلى "طاقة النظام" على أنها تحمل في داخلها مشكلة ضياع القدرة على إنجاز العمل نتيجة للاحتكاك وتبدد الطاقة وغير ذلك. وإذا بقي شيء من إجمالي الطاقة المستخدمة بعد استقطاع طاقة النظام المطلوبة فإن الجزء المتبقي يسمى "طاقة حرة".
لنتخيل على سبيل التقدير التقريبي الأولى أن العمليات الاقتصادية تأخذ شكل الشركة الصناعية-الزراعية المتكاملة المستقلة التي سبق وصفها في فصل سابق من الكتاب. إن نمط العملية الديناميكية الحرارية الذي يجب أن نتخيله حتى نختبر الشركة الصناعية - الزراعية المتكاملة بشكل ديناميكي حراري هي عملية {{ديناميكية حرارية مغلقة}}. فجميع مصادر واستخدامات الطاقة موجودة داخل العملية التي يتم اختبارها.
في مثل هذه الحالة، تتوافق {{طاقة النظام}} مع تكاليف ونفقات إنتاج إجمالي السلع المادية وغيرها من المواد المنتجة. أما {{الطاقة الحرة}} فإنها تمثل صافي ربح التشغيل للشركة ككل. ويتم استنباط الدالات الرياضية المطلوبة هنا عن طريق فحص المؤثرات الناتجة عن إعادة استثمار الطاقة الحرة (صافي ربح التشغيل) باعتبارها طاقة نظام مضافة.
إن التأثير المميز "المنتقى" كمقياس لأداء هذه الدالة الرياضية هو {{اقتصاد جهد العمل}} كما تم تعريفه في مكان سابق من الكتاب. إن التأثير الظاهري لإعادة استثمار الطاقة الحرة حتى تزداد طاقة النظام هو ازدياد تكاليف الاقتصاد لكل فرد، الأمر الذي يبدو انه على العكس تماما من النتيجة المطلوبة. في أي اقتصاد ناجح يبدو أن ما يقع هو نتيجة صافية معاكسة تماما، حيث تنخفض التكاليف الاجتماعية لإنتاج "سلة سوق ذات محتوى ثابت"، أي يحدث اقتصاد في جهد العمل. وحين نحاول اكتشاف المغالطة الموجودة في مثل هذه المفارقة نتوصل إلى إدراك أن هنالك عملية خلط ما بين "التفاح والبرتقال" في عملية حسابنا. نعم، تزداد طاقة النظام بالفعل، لكن كلفة تزويد هذه الطاقة - أي كلفة العمل - تنخفض. فهنالك ارتفاع في كلفة الطاقة لنشاطات اليد العاملة لكل فرد، لكن كلفة العمالة الداخلة في إنتاج هذه الطاقة يتم خفضها إلى درجة كافية بحيث ينخفض معدل كلفة العمل مقسومة على كل فرد. هذه هي النتيجة المتناسقة مع التأثير المميز المنتقى لتعريف دالتنا الرياضية.
نعيد الآن طرح هذه المفارقة في سياق تَغَيُّر قيم نسبة الطاقة الحرة إلى طاقة النظام. إذا كانت كمية الطاقة الإجمالية المستخدمة ثابتة عبر دورات متتابعة للعملية الاقتصادية المشروحة بشكل ديناميكي حراري، فإن ارتفاع طاقة النظام لكل فرد عن طريق تحويل الطاقة الحرة "المعاد استثمارها" إلى طاقة نظام مضافة يتسبب لا محالة في هبوط نسبة الطاقة الحرة إلى طاقة النظام .[2]
ثم إذا تم توسيع الدالة الرياضية (العملية الاقتصادية) بمرور الوقت فإن هذه النسبة لا بد وأن تقترب من الصفر. وإذا أضفنا إلى ذلك تأثيرات نضوب الموارد الطبيعية ضمن النظام الديناميكي الحراري المغلق فإن النسبة يجب أن تصبح سالبة بمرور الوقت. ويعني هذا أن العملية الاقتصادية (الديناميكية الحرارية) يجب أن تنهار.
في قضية العملية الديناميكية الحرارية المغلقة يبين انخفاض نسبة الطاقة الحرة إلى طاقة النظام بهذا الشكل أن العملية الممثلة لدالة رياضية كهذه هي عملية "انتروبية" أساساً. فالزنبرك يتباطأ تدريجيا. لكن إذا أخذنا الوجود البشري ككل يثبت ارتفاع الكثافة السكانية النسبية المحتملة أن النتيجة غير الانتروبية المرغوبة موجودة بالفعل في العمليات الاقتصادية. إن ارتفاع الكثافة السكانية النسبية المحتملة يمثل دالة رياضية خاصيتها الأساسية هي الانتروبيا السالبة negative entropy . هذه هي أيضا خاصية العمليات الحية وبضمنها وجود النوع البشري.
إذا سلمنا فرضا بالمسلمات الضمنية التي تنطوي عليها النظرية السُعرية للحرارة فهذا سيعني أن كون الوجود البشري وجودا انتروبيا سالبا سيعني أن استمرار وجود المجتمع الإنساني سيتطلب قيام البشرية باستنفاذ مصادر الطاقة الموجودة في بيئتنا. هذه هي إحدى التبريرات التي يسوقها المالثوسيون المحدثون في "نادي روما" Club of Rome والمتعاطفون معهم. وقد يقول بعض الأشخاص الأكثر معرفة في أوساطهم: "نعم، قد تكون النظم الحياتية وربما حتى الاقتصاديات الناجحة انتروبية سالبة إلى الوقت الحاضر. المشكلة هي أننا نقوم باستنفاذ المصادر المحدودة من الطاقة في بيئتنا بنسبة لا يمكن بوجودها الاستمرار بالوجود بصورة انتروبية سالبة".
في السابق، وكما هي الحال مع كتاب "حدود النمو" Limits of Growth الذي أصدره نادي روما، جادل كل من دينيس ميدوز Dennis Meadows وجي فوريستر Jay Forrester الأستاذان في جامعة MIT بأن جميع النظم الاقتصادية هي انتروبية جوهريا. وقد دعموا زعمهم هذا بشكل رئيسي باستخدام نموذج ليونتييف Leontieff للعلاقات بين الطاقة التي يتم تزويدها والناتج، وهو النموذج المستخدم في بناء النظام الأمريكي الحالي لحساب الدخل القومي. كما تستخدم الأمم المتحدة ومعظم الأمم الأخرى أيضا هذا النموذج في قياس إجمالي الناتج المحلي للاقتصاديات الوطنية. إن الطرق الشائعة كهذه الطريقة في حساب الدخل القومي هي مغلوطة جوهريا في العديد من مفاصلها الأساسية، وأهم هذه المغالطات كما هي الحال في كتاب "حدود النمو" هي استخدام ما يسمى اليوم "تحليل النظم" System Analysis وهي نظم ذات معادلات خطية لوصف العلاقات بين الطاقة المزودة والناتج ضمن عملية اقتصادية ما. إن استخداما كهذا للمعادلات الخطية يجزم بشكل اعتباطي بأن التقدم التكنولوجي قد توقف بشكل مفاجئ وتام في اللحظة التي تم فيها إدخال مثل هذه النظم لكشوف حساب خطية إلى جهاز الكومبيوتر. ينبغي أيضا ملاحظة أن ميدوز وفوريستر قد أضافا وبشكل اعتباطي حقاً إلى حساباتهم تقييما تقديريا لجدول يحتوي على معلومات عن الموارد الطبيعية. وكان هذا التقييم متشائما جدا وضئيلا للغاية، لا بل كان مزورا أيضاً. إن من بين الخدعتين هاتين في عمل ميدوز وفوريستر، يمكن اعتبار استخدامهما للنظم ذات المتباينات الخطية - أي تحليل النظم - هي الخديعة الأكثر أهمية.
الأسوأ من ذلك هو أن كتاب النصب والاحتيال هذا قد أصبح يستخدم كنقطة انطلاق للمجادلة بضرورة إيقاف عملية التقدم التكنولوجي. فبعد أن تم استخدام تحليل النظم للجزم بأن التقدم التكنولوجي لا يحدث، عادوا وجادلوا بعد ذلك بأن هذا التقدم التكنولوجي الذي لا يحدث أصلاً يجب إيقافه ومنعه من الحدوث. وبعد أن أثبتوا حقا بأن توقف عملية التقدم التكنولوجي سيقود إلى كارثة عالمية في كتاب "حدود النمو" فإنهم استنتجوا من ذلك أن التقدم التكنولوجي يجب أن يتوقف. يشابه هذا الأمر عملية القياس المنطقي التي تقول انه طالما أن التوقف عن الأكل يسبب موت الناس لذلك فإن على الناس التوقف عن الأكل. لربما يفضل ميدوز وفوريستر والمعجبون بهم موت العنصر البشري على أن يعترفوا بالفشل الجذري لمذهب تحليل النظم.
إن الحجج التي قدمها مؤلف هذا الكتاب (لاروش) ومعاونوه دفعت الشخصيات القيادية من المالثوسيين المحدثين ومن بينهم صناع قرار في رئيسيين في "نادي روما" إلى تغيير شكل نظريتهم .[3]
فقد أدت أعمال هذا الكاتب المنشورة وواسعة الانتشار حول موضوع ارتفاع الكثافة السكانية النسبية المحتملة إلى إحراج صناع القرار في "نادي روما" بحيث تحولوا عن مذهب ميدوز وفوريستر و "حدود النمو" إلى انتحال بسيط لنظريات الفيزيوقراطيين من القرن الثامن عشر. فقد أصروا على أن "قابلية الاستيعاب" carrying capacity للأرض الصالحة للسكنى قد تم تخطيها بسبب الارتفاع الحالي في نسب السكان. وقد تحججوا في ذلك بالقول ببساطة أن الكون كله يحكمه "قانون انتروبي" وأن استمرار وجود الإنسان يؤدي إلى تسارع معدل انحدار الكون إلى نهايته المحتومة "بالموت الحراري". بتعبير آخر يقصدون أن محاولة الإنسان المحافظة على نسب السكان الحالية أو زيادتها عن طريق التقدم التكنولوجي تؤدي إلى تعجيل معدل استنفاذ الإنسان لمصادر الطاقة المحدودة في بيئته. معنى ذلك أن العنصر البشري قد تخطى عتبة استهلاك الطاقة بمعدلات أعلى مما يمكن للطبيعة أن توفرها. من هذا المنطلق يعني ذلك أن أننا طالما نقبل التقرير القائل بأننا نستنفذ المصادر القليلة للخشب والبترول والفحم فإن علينا إغلاق محطات الطاقة النووية وأن نؤجل إلى أجل الأبد أية محاولات إنفاق من شأنها أن تطور عملية إنتاج الطاقة من الدمج النووي بشكل تجاري. إن المالثوسيين ليسوا لا عقلانيين فحسب بل ولا عقلانيين بشكل مَرَضي.
ينبغي أن يكون قد اتضح بشكل كافي أنه إذا تعلق الأمر بقيام المالثوسيين المحدثين بمحاولة استخدام الحجج آنفة الذكر للإدعاء بوجود خلفية علمية لما يقولون فإن حججهم مبنية كليا على القوانين الثلاث المزعومة للديناميكا الحرارية. وقد ذكرنا في بداية هذا الفصل أن هذه القوانين الثلاث قد تم فرضها بشكل تعسفي على علم الديناميكا الحرارية بدءا من عام 1850 تقريبا.
رسميا، يرجع تاريخ هذه القضية إلى قيام رودولف كلاوسيوس بالاستيلاء على العمل الذي كان سادي كارنو قد قام به في عام 1824 وتحريفه وإظهاره بمظهر آخر. طرح كلاوسيوس في عام 1850 ما أصبح معروفا إلى يومنا هذا باسم "القانون الثاني للديناميكا الحرارية". ولإتمام هذه الصياغة للقانون الثاني، أصبح مطلوبا إضافة القانون الأول والثالث حتى يتم تبرير المغالطات الواضحة في القانون الثاني. وقد أدت الجهود المتداخلة لكلاوسيوس وهيلمهولتز وماكسويل وبولتزمان إلى تأسيس هذه التلفيقات باعتبارها قوانين ذات رهبة غير قابلة للجدل. في الحقيقة كان أصل هذه التركيبات هو مذهب لابلاس وخليفته كاوشي في بداية القرن التاسع عشر. وقد شيد كلاوسيوس وهيلمهولتز وماكسويل وبولتزمان - بناءاً على الإطار الذي أسسه لابلاس وكاوشي -- شيدوا المذهب الغريب المسمى "إشعاع الجسم الأسود" و "النظرية الإحصائية للحرارة (الصدمية)" الذي أربك العلم إلى يومنا هذا، وهي حيرة حكمت المجتمع العلم بشكل واضح منذ انتحار بولتزمان الكئيب عند مزار توري إي تاسو Thurn und Taxis حيث قلعة ريلكه ( Rainer Maria Rilke) المسماة دوينو.