بسم الله الرحمن الرحيم
أشكرك أستاذنا الكريم على طرحك لهذا الموضوع العويص .. فهو يتعلق بمستقبل أجيال بحالها .. يعني بمصير الأمة!
فعلاً .. فعددٌ كبيرٌ من خريجي الجامعات لا يفقهون من اختصاصهم شيئاً، لأن كلَّ ما كانوا يفعلونه في الجامعة هو الحفظ البصم دون أي محاولةٍ للفهم!
غير اني أنحو باللائمة على المدرسين لا على الطلاب .. للأسباب التي تكرمت بذكرها في موضوعك الأصل. فالطالب عندما يرى أن الأسئلة تتكرر كما هي فما الذي سيدفعه لبذل الجهد بالفهم وخاصةً إذا أدركنا أن ذلك يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين قد يكون بمقدور الطالب بذلهما. وكِبر قدر الوقت والجهد المبذولين يعود إلى أن المدرس لم يبذل جهداً لتذليل الصعاب للطالب، بل إنه في أحايين كثيرة لم يبذل جهداً حتى في شرح المادة العلمية أصلاً!!! عدم الشرح وتوصيل المعلومة بشكلها الصحيح أفقد الطالب المقدرة على حل مسائل غير التي قرأها في المقرر محلولةً جاهزة، لأنه أساساً لم يتعلم التفكير بحل المسائل .. بل لُقِّن المعلومات تلقيناً.
غير أن البعض يضع الملامة على الطالب .. على أننا نعيش في عصر المعلومات وانتشارها .. بل تفجرها! فلم يعد أمر تحصيل المعلومة أمراً صعباً طالما أن الشابكة (الإنترنت) بين أيدينا وهي تحوي ما تحوي من كنوزٍ معرفية .. فيستطيع الطالب أن يبحث بنفسه على ما يريد .. ويدرس ما يشاء .. ويفهم ما يرغب!
أقول إن هذا القول مردود .. لأننا لو أخذنا به .. فما حاجتنا إذاً إلى المدارس والجامعات .. نضيع فيها سنواتٍ من عمرنا؟!!!!!!!!
الأدهى أن هؤلاء الطلاب الذين حفظوا دون أن يفهموا سيكون منهم مستقبلاً مدرسون وسيعمدون إلى التدريس بالطريقة نفسها لأنهم لا يعرفون، بل ولا يستطيعون غيرها، لنظل ندور في حلقةٍ مفرغة.
لا أعرف وسيلةً لكسر هذه الحلقة، أو طريقاً للتخلص من هذا الجهل المغلف بلبوس العلم .. ولكن لا بد .. لا بد من أن نحاول .. وإن المرء ليستبشر خيراً عندما يرى من يطرح مثل هذه القضايا وهو متألمٌ باحثٌ عن حلول، فبتكاتف مثل هذه الإرادات يمكننا تحريك الجبال (كما يُقال).
أسأل الله أن يوفقنا على التعاون لما فيه خير هذه الأمة.
وشكراً لك أستاذي الكريم على طرح الموضوع.