ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - شواطئ المحيط الكونيه
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 31-05-2013, 12:33
الصورة الرمزية بروفيسورة الفيزياء
بروفيسورة الفيزياء
غير متواجد
فيزيائي نشط
 
تاريخ التسجيل: May 2013
المشاركات: 44
افتراضي

الكون
فكم من قصص الجرأة وا Fغامرة كان ينبغي روايتها عندما قامر البحارون
وا Fلاحون V وهم رجال العالم العمليون بحياتهم انطلاقا من الرياضيات
التي أثبت عالم من الإسكندرية كروية الأرض بوساطتها?
وفي زمن إيراتوسثينس أنشئت الكرات التي oثل الأرض كما ترى من
الفضاء. وكان الصانعون عل درجة من الدقة بالنسبة إلى منطقة البحر
الأبيض ا Fتوسط ا Fكتشفة جيدا. لكن هذه الدقة كانت تقل أكثر فأكثر كلما
ابتعد هؤلاء عن موطنهم. ومعرفتنا الحالية للفضاء oاثل هذه الظاهرة
ا Fزعجة والحتمية في آن. وقد كتب الجغرافي الإسكندري سترابو ( (Strabo
في القرن الأول ا Fيلادي ما يلي: »لا يقول أولئك الذين عادوا من محاولات
الدوران بحرا حول الأرض إنهم منعوا من ذلك بسبب قارة اعترضتهم
فالبحر بقي أمامهم مفتوحا oاما. لكنهم عادوا بسبب الافتقار إلى التصميم
وندرة ا Fؤن.. وكان إيراتوسثينس قد قال إنه إذا لم يكن اتساع المحيط
الأطلسي عائقا V فإننا نستطيع أن نعبر البحر بسهولة من ايبريا إلى الهند..
ومن المحتمل oاما أن يوجد في ا Fنطقة ا Fعتدلة الحرارة أرض أو أرضان
مسكونتان.. وفي الواقع فإذا (كان هذا الجزء من العالم) مسكونا فسوف
يكون مسكونا برجال لا يشبهون الناس ا Fوجودين في مناطقنا ويجب أن
ننظر إليه بوصفه عا Fا مسكونا آخر .«
كان الناس بدأوا يغامرون V في كل معنى تقريبا V في السفر إلى عوالم
أخرى. وعموما فإن الاكتشاف اللاحق للكرة الأرضية كان جهدا عا Fيا
وشمل السفر من وإلى الص Q وبولينيزيا. وكانت الذروة هي اكتشاف أميركا
من قبل كريستوفر كولومبوس ورحلات القرون القليلة التالية التي أكملت
الاكتشاف الجغرافي للأرض. كانت أول رحلة لكولومبوس ترتبط بشكل
مباشر بحسابات إيراتوسثينس V وقد أعجب كولومبوس ‚ا دعاه »مشروع
جزر الهند الغربية « الذي يهدف إلى الوصول إلى اليابان V والص VQ والهند
ليس بالإبحار ‚حاذاة الشاطىء الأفريقي ثم الاتجاه شرقا V بل بالاقتحام
الجريء للمحيط الغربي اﻟﻤﺠهول أو كما قال إيراتوسثينس في تنبئه ا Fذهل
عن »عبور البحر من إيبريا إلى الهند .«
كان كولومبوس بائعا جوالا يبيع الخرائط القد yة وقارئا مواظبا للكتب
التي كتبها الجغرافيون القدماء أو تروي قصص هؤلاء ‚ن فيهم
29
شواطىء المحيط الكونى
إيراتوسثينس V وسترابو V وبطليموس إلا أنه كان ينبغي من أجل تنفيذ مشروع
جزر الهند الغربية مع الحفاظ على حياة البحارة وسفنهم خلال الرحلة
الطويلة أن تكون الأرض أصغر ™ا حسب إيراتوسثينس. ولذا لجأ كولومبوس
إلى الغش في حساباته طبقا للتقييم الصحيح لجامعة سالامانكا. فقد
استعمل أصغر محيط ™كن للأرض وأطول امتداد نحو الشرق لآسيا
استطاع أن يجده في جميع الكتب ا Fوجودة لديه ثم بالغ حتى في هذه
القيم. ولو لم يكن الأميركيون على طريق كولومبوس لفشلت بعثته كليا.
أصبحت الأرض مكتشفة كليا الآن ولم يعد ™كنا أن نكتشف قارات
جديدة أو أماكن ضائعة ولكن التكنولوجيا التي سمحت لنا باكتشاف أو
سكن ا Fناطق الأبعد في الأرض هي التي ستسمح لنا الآن بأن نغادر كوكبنا
ونغامر في الفضاء لكي نكتشف عوالم أخرى. واذ نغادر الأرض فاننا نصبح
قادرين على رؤيتها من الأعلى. ونرى شكلها الكروي ذا الأبعاد
الإيراتوسثينسية والصور الكفافية ( ٤) للقارات التي تثبت أن الكثير من
صانعي الخرائط القدماء كانوا على درجة ملحوظة من ا Fهارة V فكم كان
هذا ا Fنظر سيسعد إيراتوسثينس وجغرافيي الإسكندرية الآخرين?
كانت الإسكندرية خلال ٦٠٠ عام التي بدأت منذ عام ٣٠٠ قبل ا Fيلاد
تقريبا هي ا Fكان الذي انطلقت فيه الكائنات البشرية في ا Fغامرة الفكرية
التي قادتنا الآن إلى تخوم الفضاء. الا أنه لم يبق شيء yكن مشاهدته
والإحساس به من تلك ا Fدينة الرخامية اﻟﻤﺠيدة V فالظلم والخوف من التعلم
أزالا كل شيء تقريبا من ذاكرة مدينة الإسكندرية القد yة.. كان سكانها
يشكلون خليطا عجيبا من الناس. فالجنود ا Fقدونيون ولاحقا الجنود الرومان
والكهنة ا Fصريون والارستقراطيون الإغريق والبحارة الفينيقيون والتجار
اليهود والقادمون من الهند وأفريقيا الصحراوية V جميعهم عاشوا-ماعدا
العدد الكبير من السكان العبيد-في انسجام واحترام متبادل في معظم
فترة العظمة التي عاشتها هذه ا Fدينة.
وضع أسس ا Fدينة الإسكندر الكبير وبناها حاشيته وجنوده وحراسه
السابقون وشجع الإسكندر على احترام الثقافات الأجنبية وعلى الحصول
على ا Fعرفة بعقول مفتوحة ويقال إنه قام حسب التقاليد-وليس مهما جدا
أن يكون ذلك قد حدث فعلا-بالهبوط تحت سطح البحر الأحمر في أول
30
الكون
جهاز غطس في العالم كان على شكل ناقوس. وشجع جنرالاته وجنوده على
تزوج النساء الفارسيات والهنديات واحترام آلهة الشعوب الأخرى. وجمع
حيوانات غريبة ‚ا فيها الفيل لأرسطو معلمه. وقد بنيت مدينته على
مساحة كبيرة لكي تكون مركزا عا Fيا للتجارة والثقافة والتعليم وأقيمت
فيها شوارع واسعة بلغ عرضها ٣٠ مترا ومبان و oاثيل رائعة وقبر الإسكندر
التذكاري ومنارة ضخمة لإرشاد السفن عدت إحدى العجائب السبع في
العالم القد …. لكن ا Fعجزة الكبرى في الإسكندرية هي مكتبتها وا Fتحف
ا Fلحق بها (وبالتعبير الحرفي تلك ا Fؤسسة ا Fعدة لاختصاصات ا Fوزيات
التسع) ( ٥). ولم يبق ومن هذه ا Fكتبة الأسطورية الآن سوى القبو الشديد
الرطوبة ا Fهمل وهو ملحق ا Fكتبة ا Fعروف بالسيرابيوم والذي استخدم في
وقت ما معبدا. ثم كرس لاحقا للموضوعات ا Fعرفية V ور ‚ا لم يبق منه
حاليا سوى رفوف باليه. ومع ذلك فان هذا ا Fكان كان في يوم ما دماغ
وفخر أعظم مدينة على كوكب الأرض وأول معهد أبحاث حقيقي في تاريخ
العالم. وقد درس علماء ا Fكتبة الكون كله (إن كلمة الكون التي هي «Cosmos»
في اللغات الأجنبية كالفرنسية والإنكليزية والروسية.. إلخ V هي كلمة إغريقية
تعني »نظام الكون «). وهي بشكل ما عكس كلمة «Chaos» أي الاختلاط
والتشوش أو ‚عنى آخر حالة الكون اﻟﻤﺨتلطة قبل تكونه. وهي تتضمن
العلاقة ا Fتبادلة العميقة لكل الأشياء وتبعث الرهبة من الطريقة الدقيقة
وا Fاهرة التي جمع فيها الكون بالشكل الراهن. وهنا عملت جماعة من
العلماء في اكتشاف الفيزياء والأدب والطب وعلم الفلك والجغرافيا والفلسفة
والرياضيات والبيولوجيا والهندسة. هنا نشأ العلم والثقافة وازدهرت
العبقرية. ففي مكتبة الإسكندرية جمع جنسنا البشري معارف العالم كلها
بشكل جدي ومنتظم.
وبالإضافة إلى إيراتوسثينس كان هناك عالم الفلك هيبركوس
Hipparchus) ) الذي وضع خرائط مجموعات النجوم وقدر إضاءة النجوم
ذاتها. وأقليدس الذي وضع أسس علم الهندسة وقالت Fليكه الذي كان
يجهد في حل مسألة رياضية صعبة V لا يوجد طريق ملكي إلى علم الهندسة.
وديونيسيوس ( Dionysius ) من تريس ( Thrace ) وهو الرجل الذي حدد أجزاء
الكلام وفعل في دراسة اللغة ما فعله أقليدس في علم الهندسة. وهيروفيلوس
31
شواطىء المحيط الكونى
Herophilus) ) الفيزيولوجي الذي اثبت أن الدماغ وليس القلب هو مركز
الذكاء V وهيرون الأسكندري مخترع القطارات ذات التروس (الدواليب
ا Fسننة) والمحركات البخارية-ومؤلف كتاب الأ oتة ( Automata ) الذي هو أول
كتاب عن أجهزة الروبوت (الإنسان الآلي). وأبولونيوس ( Apollonius ) من
بيرغا ( Perga ) عالم الرياضيات الذي أشهر أو كشف أشكال القطوع ( ٦)
(جمع قطع) اﻟﻤﺨروطية كالقطع الناقص والقطع ا Fكافىء والقطع الزائد V
وهي ا Fنحنيات التي نعرف الآن انها تشكل مسارات الكواكب وا Fذنبات
والنجوم V وأرخميدس الذي هو أكبر عبقري ميكانيكي حتى ليوناردو دافينشي V
وعالم الفلك والجغرافيا بطليموس الذي جمع الكثير ™ا يعد الآن نظام
وطرائق وافتراضات علم الفلك الزائف V علما أن نظريته عن كون الأرض
مركزا للكون بقي معمولا بها مدة ١٥٠٠ سنة V الأمر الذي يعد مؤشرا إلى أن
القدرات العلمية ليست ضمانا لعدم الوقوع في الخطأ. وب Q هؤلاء الناس
العظام وجدت امرأة عظيمة هي هيباتيا ( Hypatia ) عا Fة الرياضيات والفلك V
وهي آخر ضوء في مكتبة الأسكندرية V إذ إن استشهادها يرتبط بتدمير
هذه ا Fكتبة بعد سبعة قرون من تأسيسها.
اهتم ملوك مصر الإغريقيون الذين جاؤوا بعد الإسكندر بشكل جدي
بالتعليم فدعموا لقرون الأبحاث وحافظوا على خلق جو ملائم وعملي في
ا Fكتبة لأفضل عقول ذلك العصر. واحتوت هذه ا Fكتبة على عشر قاعات
كبيرة للأبحاث خصص كل منها Fوضوع منفصل V وضمت نوافير مائية
وأعمدة وحدائق نباتية وحديقة حيوانات وغرفا لتشريح الجثث ومرصدا
وقاعة كبيرة للطعام كانت تستخدم في أوقات الفراغ للمناقشة الانتقادية
للأفكار ا Fطروحة.
كان قلب ا Fكتبة هو مجموعة الكتب ا Fوجودة فيها. وعمد ا Fنظمون إلى
جمع ثقافات العالم ولغاته كلها. وكانوا يرسلون وكلاءهم إلى الخارج لشراء
مجموعات الكتب ومخطوطات الدراسة أو ا Fراجعة. وكانت السفن التجارية
التي ترسو في ميناء الإسكندرية تفتش من قبل الشرطة ليس من أجل
ا Fهربات بل الكتب V إذ كانت لفائف ورد البردي تستعار لكي تنسخ ثم تعاد
إلى أصحابها ويصعب تقدير ما كانت تحتويه هذه ا Fكتبة V لكن يبدو محتملا
أنها احتوت على نصف مليون مجلد كل منها عبارة عن لفافة من ورق
32
الكون
البردي مكتوبة بخط اليد فماذا حدث لكل هذه الكتب? عفا الزمن على
الحضارة الكلاسكية التي أنتجتها ودمرت ا Fكتبة ذاتها عن عمد ولم ينج
سوي القليل من محتوياتها إلى جانب أجزاء متناثرة من الكتب تثير الشفقة
والحزن. وكم تبعث هذه الأجزاء والنتف الباقية من الألم العميق في النفوس.
نحن نعلم على سبيل ا Fثال أنه كان يوجد على رفوف ا Fكتبة كتاب لعالم
الفلك أريسطاركوس من ساموس ( Aristarchus Of Samos ) الذي أكد أن الأرض
هي أحد الكواكب وتدور مثلها حول الشمس وأن النجوم موجودة على مسافات
كبيرة جدا منا V وأن كلا من هذه الاستنتاجات صحيح oاما V لكن كان علينا
أن ننتظر زهاء ألفي سنة لكي نكتشف هذه الحقائق مرة أخرى وان ضاعفنا
إحساسنا بخسارة هذا ا Fؤلف لاريستارتشوس مئة ألف مرة عند ذاك نبدأ
بتقدير عظمة إنجاز هذه الحضارة الكلاسيكية ومأساة تدميرها.
لقد تجاوزنا الآن وإلى حد بعيد العلم الذي عرفه العالم القد V… ولكن
توجد ثغرات لا yكن ردمها في معرفتنا التاريخية V فتصور أي خفايا عن
ماضينا كان yكن كشف النقاب عنها بوساطة بطاقة استعارة تقدم إلى
مكتبة الإسكندرية ونحن نعلم بفقدان ثلاثة مجلدات عن تاريخ العالم كان
قد كتبها كاهن بابلي اسمه بيروسوس ( Berossus ) الأول منها يعالج ا Fرحلة
منذ بداية الخليقة حتى الطوفان وهي فترة امتدت ٤٣٢ ألف سنة أي أطول
‚ئة مرة من تقو … العهد القد …. فما أشد توقنا إلى أن نعرف ماذا كان
فيه!.
عرف القدماء أن عمر العالم قد … جدا. وسعوا إلى أن يعرفوا شيئا عن
ا Fاضي البعيد ونحن نعرف الآن أن الكون أقدم بكثير ™ا تصور هؤلاء.
وقد قمنا بدراسة الكون في الفضاء ورأينا أننا نعيش على »ذرة من الغبار «
تدور حول نجم رتيب في أبعد زاوية من مجرة مظلمة. واذا كنا نحن ذرة في
اتساع الفضاء فاننا نحتل أيضا لحظة من امتداد العصور. ونعلم الآن أن
كوننا في بعثه الحديث على الأقل يبلغ من العمر نحو ١٥ أو ٢٠ مليار سنة V
وهذا الزمن محسوب منذ ذلك الحدث التفجيري الاستثنائي الذي يعرف
بالانفجار الكبير ( The Big Bang ) وفي بداية الكون لم تكن هناك مجرات
ونجوم أو كواكب أو حياة أو حضارات V بل مجرد كرة نارية مشعة منتظمة
الشكل oلأ الفضاء كله. وان الانتقال من حالة تشوش اختلاط الانفجار
33
شواطىء المحيط الكونى
الكبير إلى حالة الكون ا Fنتظم التي بدأنا نعرفها V هو التحول الأشد رعبا
للمادة والطاقة الذي كان لنا الحظ في القاء نظرة خاطفة عليه. وإلى أن
نجد كائنات أكثر ذكاء منا في مكان آخر V فإننا نظل الظاهرة الأهم في كل
التحولات التي نجمت عن هذا الانفجار الكبير V والأحفاد البعيدين جدا له
الذين تقع على عاتقهم مهمة فهم الكون الذي نشأنا منه V والعمل بالتالي
على تحويله.[/COLOR
رد مع اقتباس