ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - جدل قديم جديد.. أرجو المشاركة: القوى المركزية
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-07-2013, 22:33
الصورة الرمزية thanku
thanku
غير متواجد
فيزيائي جـديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 19
افتراضي جدل قديم جديد.. أرجو المشاركة: القوى المركزية

تنويه: هذا المقال مقتطع من كتاب لي تحت الطبع

عندما تمسك بحجر مربوط بخيط وتجعله يدور في دائرة سوف تشعر بشد في الخيط الذي يمسك الحجر، وكذا لو مددت ذراعيك وبدأت لتدور حول نفسك لشعرت بقوى تسري في ذراعيك تتجه نحو الخارج! إن تفسير هذه التأثير الذي ينشأ في الكتل التي تدور في دائرة، والذي يتجه نحو الخارج، والذي يسمى عادة بقوى الطرد المركزي، لقي كثير من الجدل والنقاش. هل هذه التأثير هو قوة حقيقة أم وهمية؟ إن القول بأنها قوة حقيقة يضع قائله في مأزق وهو لابد من وجود طرف ثانٍ لتتفاعل معه الكتل التي تدور في دائرة، فالقوى الحقيقية هي تفاعلية بين زوجين من الأجسام، ولا يعقل أن تظهر قوة في كتلة ما من تلقاء نفسها طبقًا لخاصية قصور المادة بأشكالها. وفي المقابل فالقول بأنها قوى وهمية يتخيلها المراقب الذي الثابت مع محاور أسناد تدور مع الكتل لهو قول هزل وإن كان من فيزيائيين كبار، فكيف نفسر نمو جذور البذور المستنبة على أقراص دوارة للخارج بينما تنمو الأوراق نحو الداخل، فهل النبات يتوهم أن ثمة قوى تتجه للخارج تماثل قوى الجاذبية الأرضية التي تبحث عنها جذور النبات باستمرار!
ثمة تفسير وإن كان يحيل الأمر إلى المجهول في طبيعته، لكن كثير ما يتبناه الفيزيائيون في سبب ومنشأ قوى الطرد المركزي، وهو أن عند دوران كتلة في دائرة بواسطة قوى جذب مركزي كاحتكاك إطارات السيارة عند منعطف أو كالشد في خيط يمسك بحجر يدور حول مركز أو كقوى الجذب المادي لقمر يدور حول كوكب أو كقوى الجذب الكهربي لإكترون يدور حول نواة ذرة –كما يظنون- فإن الكتل الدائرة على اختلافها ونتيجة لخمولها–وهو المعْنيّ بقولنا المجهول في طبيعته- في الاستجابة للقوة التي تعمل نحو المركز تقاوم القوى المركزية التي تغير اتجاه الحركة باستمرار نحو الداخل فينشأ ما يتوهم بأن قوة تعمل نحو الخارج كرد فعل للقوة التي تعمل نحو الداخل!
ولأن المراقبين للحركة المنتظمة لا يشعرون بأية قوى مادامت الحركة منتظمة وحالما حدث تعجيل في الحركة بالتغير في الاتجاه أو في قيمة السرعة فإن المراقب لحركة تحت تعجيل سوف يشعر بقوة رد فعل تتجه عكس القوة التي أحدثت تعجيل في سرعته، كراكب في سيارة انطلقت فجأة للأمام فاندفع على المقعد فجأة للخلف فليس ثمة قوة حقيقية قد قذفت به للخلف بل هي قوة عَمِلت للأمام ونتيجة لخمول كتلته في الاستجابة السريعة للقوة التي أثرت عليها شعر وكأنه قذف للوراء؛ ولأن قوى الجذب المركزي تغير اتجاه حركة الكتل الدائرة في مسار داري نحو مركز دائرة الحركة باستمرار فينشأ رد فعل للخارج مستمر نتيجة لتغير اتجاه السرعة للداخل! لكن هذا التفسير القائم على رد فعل قوى الجذب المركزي وإن بدا معقولًا فلا يزال قاصرًا على تفسير حركة كتل تدور في دائرة انتقلت نحو الخارج نتيجة لتدويرها في مسارات دائرية في ظل عدم وجود قوى تعمل للداخل مثل مسار الانتقال الحلزوني المتجه نحو الخارج الذي تتخذه قطرات حبر إذا ما اسقطت على أقراص دوارة؟ وكيف إذن يفسر التطاير نحو الخارج الذي يظهر في كتل معلقة بخيوط تتدلى من حواف قرص دوار حيث لا وجود لقوى الجذب المركزي بتاتًا بل قد تكتسب مثل هذه الكتل ارتفاعًا ضد الجاذبية الأرضية لأعلى؟ وبالمثل كيف يفسر ارتفاع سطح الماء في محيط دلو الماء الذي يبروم أفقيًّا حوله نفسه، الأمر الذي تبناه نيوتن ليبرهن على أن ثمة حركة مطلقة وثمة فضاء مطلق؟! وفي هذين المثالين فلا يوجد قوى مركزية تتجه نحو مركز الدوران فقوى الجاذبية الأرضية تعمل لأسفل وعمودية على مستوى الدوران! قد يشير هذا إلى أن ثمة قوى فعليه تعمل نحو الخارج للكتل التي تدور في دائرة، خاصة وأن مثالي الشد في الخيط الذي يمسك الحجر الدائر في دائرة وقوى الاحتكاك بين إطارات السياراة التي تدور في منعطف هي قوى رد فعل وليست قوى فعل بدليل أن لها نقطة انهيار إذا ما زادت عن حد معين، فضلا على أن القوى التي تتجه نحو الخارج –الطرد المركزي- يمكنها أن تبذل شغلًا بدليل تحرك ماء الدلو نحو المحيط وارتفاعله لأعلى مما يدلل على أنها قوى حقيقية.
لكن إذا ما اعتبرنا أن هذه القوى الطاردة المركزية قوى حقيقية فما هو الطرف الثاني الذي تتولد منه؟ فهل تنشأ بين الكتل الدائرة في دائرة والفراغ الخارجي؟ فلا شيء آخر نحو الخارج إلا الفراغ! ربما الخروج من هذا المأزق هو الذي حمل الفيزيائي والفيلسوف "ماخ" الشهير بأبحاثه في الصوت بأن يقول أن الطرف الثاني لهذه القوى هو النجوم البعيدة! الفكرة التي جعلت آينشتين مغرمًا بها حتى ذهب بها لأبعد من ذلك وكافيء وساوى بين قوى الطرد المركزي والجاذبية المادية في تطوير النظرية النسبية العامة.
إذن، قوى الطرد المركزي ليست بقوى رد فعل لقوى الجذب المركزي بدليل ظهورها في غياب قوى الجذب المركزي، فهل قوى الجذب المركزي هي قوى رد الفعل كالاحتكاك والشد؟ لكن الكتل إذا ما مرت خلال مجال تجاذبي جعلها تنحي نحو مركز المجال وكلما زادت شدة المجال المتجه نحو المركز زاد انحناء المسار مما يشير إلى أن قوى المجال التجاذبي نحو المركز هي قوى الفعل وليس رد الفعل وأن قوى الطرد المركزي هو قوى رد الفعل ولعل هذا يفسر عدم سقوط الأقمار نحو الأرض لأن قوى الطرد المركزي تظهر كقوى رد فعل تعاوق وتضاد قوى الجذب الناتج عن الجاذبية، ولو كان ثمة قوى جذب خالصة دون قوى مضادة لسقط الجسم على منبع المجال عاجلا أو آجلا!
حسنًا، بغض النظر عن أي من القوتين فعل وأي منهما رد فعل، فلدينا قوتان متزنتان واحدة تعمل نحو الخارج والأخرى تعمل نحو الداخل، ولعل هذا يفسر سبب المسار المستقيم والمماس لدائرة الحركة الذي يتخذه الحجر المربوط بالخيط عندما ينقطع الخيط فجأة فلو كانت قوة تعمل نحو الداخل فقط لانطلق الحجر نحو الخارج في مسار حلزوني كنقطة الحبر التي سقطت على قرص دوّار لغياب أو لانهيار قوى الاحتكاك مع القرص التي تعمل نحو الداخل! فطبقًا لخاصية خمول الكتل في الاستجابة للقوى فلابد أن يحدث الغياب المفاجيء لقوى الجذب المركزي أثرًا يمتد لفترة من الزمن فليس ثمة قوى تؤثر في زمن صفري! وهذا يشير إلى ان ثمة قوتان متزنتان متضادتان في الاتجاه. لكن القول بأن قوتان متعادلتان ومتعاكستان واحدة تتجه للخارج والأخرى تتجه نحو الداخل يعقد الأمر فلابد أن يكون الجسم مستقر ومتزن ومتحرك في خط مستقيم لا في دائرة طبقًا للقانون الأول للحركة! أذن لا سبيل للخروج من هذا المأذق إلا بالقول أن القوتين ليستا بآنيتين فإحداهما تتولد تبعًا للأخرى بُعيد زمن قصير يتناسب مع مقدار الكتلة الدائرة طبقًا لخاصية الخمول الملازمة للمادة ومقدار انحناء المسار، بل هذا المخرج –وهو أن القوتين ليستا بآنيتين- يحيل إلى انفراجه أخرى بأن تكون القوتين أحداهما الفعل والأخرى رد الفعل بالتناوب! أي تثير أحداهما الأخرى، وأمر تناوب الفعل ورد الفعل كظاهرة فيزيائية نراه عندما يقطع سلك يمر خلاله تيار كهربي خطوط مجال مغناطيسي فيتولد فيه تيار كهربي يضاد ويعاكس التيار الأصلي فيقل على أثر ذلك التيار الأصل فيقل تباعًا التيار المستحث المعاكس للتيار الأصلي فيعود التيار الأصلي للزيادة نتيجة لنقصان التيار المستحث الذي يعاكسه وهكذا تكرر العملية إلى أن نصل إلى اتزان ليس بآني ولكنه متناوب! بل يمكنّا أن نطمئن لهذا القول عندما نتفحص طاقة الحركة وطاقة الوضع لجسم يدور في فلك جسم آخر، أو حتى كتلة معلقة في بندول بسيط فطاقة الحركة وطاقة الوضع تتناوبان الزيادة والنقصان، فطاقة الوضع دالة على الحركة لخارج دائرة المسار وطاقة الحركة دالة على الحركة المماسية لدائرة المسار، ويمكنا الآن استنتاج فائدة عظيمة وهي أن الحركة في دائرة هي أحد الظواهر الفيزيائية التي يتم فيها تحويل الطاقة الحركية إلى طاقة وضع في حالة وجود قوى جذب مركزي، أو عامة نقول تحويل اتجاه الحركة بزاوية قدرها 90 درجة للخارج في حالة تدوير الكتل في دائرة بدون قوى جذب مركزي كتدوير نقطة الحبر على القرص الدوار أو دلو الماء أو أرجوحة الأطفال التي تتدلى بخيوط رأسية من محيط قرص دوّار! بل هذا يجعل نفوسنا تهدأ من عناء التفكير في معضلة كيف يؤثر مؤثر قوى في تغير اتجاه الحركة فقط دون أن يؤثر على مقدار الحركة وكأنه ساحر!
يتبع...

رد مع اقتباس