ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - جدل قديم جديد.. أرجو المشاركة: القوى المركزية
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 29-07-2013, 22:36
الصورة الرمزية thanku
thanku
غير متواجد
فيزيائي جـديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 19
افتراضي استكمال

حسنًا، نعود ونربط بين خواص المادة الحركية وتفسير الحركة في دائرة كظاهرة فيزيائية يتحول فيها اتجاه الحركة 90 درجة للخارج! إن القانون الأول لحركة الكتل المادية قد أوحى لنا بأن الكتل المادية تتميز بخاصيتين مهمتين، إحداهما هي قصور المادة ويظهر هذه القصور على شكل ثلاثة أوجه، أحد هذه الأوجه هو خاصية احتفاظ المادة بالحركة اتجاهًا في خط مستقيم. ولأننا تفحصنا الحركة في خط منحني ووجد أن ثمة قوة تنشأ خلال تحريك الكتل المادية في خط منحني تتجه نحو الخارج، فيمكن أن نشك بأن يكون السبب المسؤول عن خاصية احتفاظ الكتل المتحركة بحركتها في خط مستقيم هو المتورط في إحداث قوى الطرد المركزية وهمية كانت أو حقيقية، فعلا كانت أو رد فعل.
نبدأ من أبسط صور الحركة في دائرة وهي حركة المقذوفات، وهي تمثل في جوهرها الحركة في دائرة، فعند قذف جسم بسرعة ما أفقيًّا، فإنه يأخذ مسارًا متقوسًا نحو الأرض، والسبب في تقوس مسار المقذوف هو الجاذبية الأرضية، ولولا الجاذبية الأرضية لسار المقذوف أفقيًّا تمامًا. وعند السرعات المنخفضة يكون تقوس مسار المقذوف أكبر بكثير من تقوس سطح الكرة الأرضية فيسقط المقذوف على الأرض، لكن ما أن نقذف المقذوف بسرعات أعلى فإن درجة تقوسه نحو الأرض تقل كلما زادت سرعة قذفه، وهكذا إلى أن نصل إلى سرعة معينة يكون فيها تقوس مسار المقذوف مساويًّا لتقوس سطح الأرض تمامًا، وهي سرعة الهروب من الجاذبية عند نقطة القذف، حيث يستمر المقذوف في الدوران حول الأرض فلا يسقط، لأن تقوس مساره يساوي تقوس مجال جاذبية الأرض عند نقطة قذفه، فيبقى محافظًا على مسافة ثابتة بينه وبين سطح الأرض باستمرار، وما أن نزيد عن سرعة هروب المقذوف من الجاذبية فإنه درجة تقوس مساره سوف تزيد ليدور في دائرة أكبر (أي ذات نصف قطر أكبر، واعلم أن مقلوب نصف القطر وسيلة للتعبير عن درجة التقوس والأنحناء) وهكذا إلى أن نصل لحد يجعله يتغلب على الجاذبية الأرضية تمامًا ويهرب منها إلى الأبد أي كأنه يدور في دائرة نصف قطرها اللانهاية.
إن سبب تقوس مسار المقذوف إلى الأسفل هو الجاذبية الأرضية، لكن الجاذبية الأرضية هي هي عند كل سرعات القذف لذات مستوى القذف، والذي يختلف هو فقط سرعة القذف لذات الكتلة! وعلى ذلك فلابد أن تكون السرعة تؤثر بطريقة ما في توليد قوة تعمل ضد الجاذبية الأرضية فتقلل من تأثير الانحناء كلما زادت سرعة المقذوف، أي يكون هدف بحثنا الآن هو كيف تعمل سرعة الكتل المقذوفة في تقليل انحناء المسار الذي تسببه الجاذبية. والقول بأن زيادة السرعة في الاتجاه الأفقي مقارنة بسرعة السقوط في الاتجاه الرأسي هو السبب في تقليل انحناء مسار الحركة، نتيجة لزيادة مركبة السرعة في الاتجاه الأفقي مقارنة بمركبة السرعة في الاتجاه الرأسي، فعلينا أن ندرك أن هذا القول ما هو إلا وسيلة لتوصيف السرعة فقط وليس تحليل للسبب وهو خطأ كثير ما يقع فيه المنظرون عن طريق التعليل بذكر الوصف وليس بذكر السبب! وأما القول بأن زيادة سرعة القذف للكتل إنما يمدها بطاقة حركة أكبر حتى تجابه طاقة الربض (الوضع) الناتجة عن الجاذبية فالأمر أيضًا لا يعدو عنه كونه وصف وليس تعليل، فما هي آلية تحويل طاقة الحركة إلى طاقة ربض؟ كما أن البعض يعلل سبب استقامة مسار الحركة عامة –والذي نحن بدراسته- على أن المادة تتبع مبدأ الفعل الأقل فهذا أيضًا لا يعدو عن كونه وصف لا تعليل، إنما التعليل لا يكون إلا بذكر السبب الذي بموجبه تسلك المادة هذا السلوك.
إن الجسم المتحرك في غياب أي مجال قوة يتحرك في خط مستقيم، لكن بوجود المجال في اعتراض طريق حركته يجعله ينحني نحو مصدر المجال ليسقط فيه، إلا إذا زادت سرعته عن حد معين يتوقف على بعد مساره عن مركز المجال عندما يكون مساره مماسًا لدائرة من دوائر المجال، وهو ما نسميه سرعة هروبه عن هذه النقطة، فبزيادة سرعته يقل هذا الانحناء ويقترب من استعادة استقامته التي كانت قائمة في غياب المجال، هذا بكل بساطة يفسر بأن زيادة السرعة تجعل الجسم المتحرك يستعيد ما فقده من اتزان بسبب وجود المجال، وتبدو هذه العملية التي بموجبها يستعيد الجسم حركته المستقيمة وكأنها قوة تضاد قوى المجال المؤثر! ولأن مجالات القوى هي طريقة لوصف توزيع القوى في الفراغ، ولأن شدة قوى المجال تختلف قطريّا، ولأن الجسم المتحرك معترضًا اتجاه المجال تكون شدة المجال على جانبيه مختلفة فتكون شدة المجال من الداخل أقوى من شدته في الخارج، ولأن العملية التي بموجبها تقاوم الأجسام المتحركة اختلاف المجال على جانبي الحركة تتوقف على السرعة كما تبين لنا، فإن هذا مداعاة لأن نشك في أن الكتل تتفاعل مع المجال الذي هو وصف للفراغ، ولأن هذا التفاعل ليس بآني بل يلزمه وقت ليتم فبزيادة السرعة الأفقية فإن هذا يسرع من هذا التفاعل وبذا يمكن أن نربط دلالتي قانون الحركة الأول لكنه المادة معًا، أي صفة الخمول وصفة الاحتفاظ بالحركة في خط مستقيم!
إن النقاش السابق وإن يبدو ببعض المنطقية، وعلى المتعجلون بالحكم بفساده أن يتريثوا ريثما يتضح الأمر. فقد انتهى بنا المطاف لأن نشك في تورط الفراغ في توليد قوى –أو ما يعادل قوى- تضاد الأنحناء الحادث في مسار المقذوف نتيجة قوى المجال أي قوة تضاد قوى المجال. إن الجسم الذي يقذف تحت تأثير الجاذبية الأرضية فإنه يسير متقوسًّا بفعل الجاذبية وعندما يسير متقوسًا فإن أجزاءه الخارجية تتفاعل مع الفراغ بقدر أكبر من تفاعل أجزاءه الداخلية، لأنها تتحرك بسرعة أعلى عن الأجزاء الداخلية، كسيارة تسير في دائرة فإن إطاراتها الخارجية تتحرك أسرع من إطاراتها الخارجية، وكلما زادت السرعة كلما كان الفرق بين تفاعل كتلة المقذوف مع الفضاء الخارجي أكبر من تفاعله مع الفضاء الداخلي، وكلما زادت سرعة هذه الكتلة المقذوفة زاد تفاعلها مع الفراغ، أما في حالات الأجسام التي تسير في خطوط مستقيمة في غياب مجالات القوى فلابد أن يكون سبب هذه الاستقامة أن الفراغ على جانبي الكتل المتحركة في خطوط مستقيمة متساوي الخواص فتتساوي معدلات تفاعل الكتلة مع الفراغ على جانبيها وبهذا نجد تفاعل الكتلة مع الفراغ قد أعطي تفسيرًا منطقيًّا في كيف تكون سرعة الكتل التي تدور في دائرة سببًا في توليد قوى تضاد القوى التي أحدثت تقوس المسار، وكيف تدور كمية التحرك المماسية لكتلة تدور في دائرة زاوية مقدارها 90 درجة نحو خارج دائرة الحركة فتتولد كمية تحرك جديدة مع الزمن تتجه للخارج نسميها قوى طرد مركزي.
يمكنّا أن نطمئن إلى هذه النتيجة لسببين، الأول هو أن الفرق بين سرعة الأجزاء الخارجية والداخلية لمقذوف يسير منحنٍ يمكن استنتاجه رياضيّا بأن يكون مساويّا لمربع السرعة مقسومًا على نصف قطر المسار وهذا يكافيء العجلة المركزية لأية كتلة تدور في مسار منحنٍ، بل يمكن النظر إلى العجلة المركزية لكتلة تدور في دائرة على أنها تدرج بالزيادة في سرعة جزيئاتها على امتداد نصف قطر مسار الحركة للخارج لأنها تدور بنفس السرعة الزاويّة، كما أن شدة المجال –عجلة قوى المجال- هي تدرج بالزيادة لخواص الفراغ في اتجاه نصف القطر للداخل؛ والسبب الثاني هو ما يعرف بخمول الكتلة تبين أن من الممكن أن يكون ناتجًا عن تفاعل ما بين المادة والفراغ.
أن تورط سرعة الكتل المادية كعامل مهم في إحداث وتوليد قوى نتيجة لاختلاف تجانس الفراغ على جانبي مسار حركتها ليس بجديد على فكرنا الفيزيائي، فالقوة المغناطيسية المتولدة عن حركة شحنة في فراغ يمتليء بمجالات مغناطيسية تعتمد على سرعتها –قيمة واتجاهًا- فضلا عن خواص الفراغ الذي تتحرك فيه الشحنة متمثلا في شدة واتجاه المجال المغناطيسي! فإن تحركت الشحنات موازية لخطوط المجال المغناطيسي فلا تتولد أية قوة، أما إذا مالت عنه بزاوية فإن قوة سوف تتولد فيها يتوقف مقدارها على اتجاه سرعة الشحنة بدرجة أولى، وما اتجاه سرعة الشحنة بالنسبة للمجال المغناطيسي إلا طريقة لوصف مقدار اختلاف الفراغ على جانبي الشحنة المتحركة؛ والطريف أن يكون اتجاه القوة المتولدة في الشحنة المتحركة في مجال مغناطيسي يميل بزاوية قدرها 90 درجة عن اتجاه السرعة!!

انتهى
رد مع اقتباس