الاخ فراج
الزمان والمكان متحدان فاذا القرآن دلنا على حقيقة انحناء الزمن فهذا يعني انحناء المكان .
انحناء المكان يعني ببساطة شدة الجاذبية ووصولها الى مستويات مهولة. وانحناء الزمن يعني تباطؤه . والسؤال الآن هل ينحني الزمكان بسبب جهنم ؟
الاجابة ببساطة نعم واليك الدليل:
جهنم تحني الزمكان
: ( إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ) ، وقوله تعالى

إِذَا أُلْقُوا فِيهَا ) يعني عند لحظة القاء الكافرين فيها أي عند شفير جهنم وحوافها، فعند تلك الحواف الآية أوضحت ان الكافرين لا يسمعون شيئا غير صوت الشهيق . وقوله تعالى (شَهِيقاً) تعبير عن قوة الجاذبية لأن الشهيق في اللغة هو إدخال الهواء وجذبه نحو الداخل . والآية لم تذكر أنهم يسمعون زفيرا لحظة الالقاء لأن الزفير تعبير عن قوة الطرد والدفع . والآية في مجملها تدلل انه عند حافة جهنم وشفيرها فان الكل منجذب نحو الداخل (شهيقا) بحيث لا يفلت شئ لأنه لم يذكر لفظ الزفير المعبر عن الافلات والخروج.
وقوة جاذبية جهنم مهولة جدا فهي تجذب الشمس وتبتلعها ودليلنا على ذلك قول تعالى في سورة الأنبياء:
( {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ 98 لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ }99. ) وحصب جهنم أي حطبها . والآية تقرر بحسم أن كل ما عبد من دون الله مصيره دخول جهنم والخلود فيها . فكما عبد الكفرة الأصنام من دون الله عبدوا كذلك الشمس من دون الله كما يتضح ذلك جليا في قوله تعالى في سورة النمل :
( وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ }24 ، ودخول الشمس النار ليس تعذيب لأنها ولكن تسعر بها الجحيم .
وما يؤكد ورود الشمس جهنم قوله تعالى:
({إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)} التكوير فعن تفسير الآية جاء في تفسير ابن كثير:
(ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح عن
ابن يزيد بن أبي مريم عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قول الله:
{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } قال: " كورت في جهنم ". ) .
وكما بينا ان شدة الجاذبية عند العلماء تعني انحناء الزمكان Extreme Space-time Curvature فجهنم تتصف بهذه الصفة أيضا فالمكان ينحني حول جهنم فهي حفرة كما سنبين ، فكل شئ يتجمع حولها استعدادا لولوجها والدخول فيها فالدليل على انحناء المكان قوله تعالى فى سورة الشورى : (وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7).
والفعل جمع كما جاء في لسان العرب

جَمَعَ الشيءَ عن تَفْرِقة يَجْمَعُه جَمْعاً وجَمَّعَه وأَجْمَعَه فاجتَمع واجْدَمَعَ، وهي مضارعة، وكذلك تجمَّع واسْتجمع. والمجموع الذي جُمع من ههنا وههنا وإِن لم يجعل كالشيء الواحد) وفي معجم مقاييس اللغة

الجيم والميم والعين أصلٌ واحد، يدلُّ على تَضَامِّ الشَّيء. يقال جَمَعْتُ الشيءَ جَمْعاً.) . ويوم الجمع هذا هو يوم القيامة فكل شئ يتجمع فيه ويتقارب بسبب حفرة جهنم وقوة جذبها ، فيجمع الناس كما في قوله تعالى : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) 87) وكما يقول تعالى في سورة المرسلات: (هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ) 38 . وكما يجمع الناس تجمع الاجرام كذلك فتجمع الشمس ويجمع القمر كما قال عز وجل: (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) .
وكما ذكرنا ان العلم الحديث اثبت ان الزمان متوحد مع المكان وبات العلماء يستخدمون مصطلح الزمكان ( Space-Time ) للدلالة على هذا التوحد ، فاذا اثبتنا ان المكان يتجمع عند جهنم فهذا يعني ومما يدع مجالا للشك ان الزمن يتجمع حولها ايضا ، وتجمع الزمن يعني تباطؤه . والدليل على تباطؤ الزمن وانكماشه بسبب جهنم قوله تعالى قوله تعالى:
(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9) وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) صدق الله العظيم .
فاليوم الوارد في الآية و الذي مقدراه خمسين ألف سنة هو يوم القيامة بدليل قوله تعالى (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ (8). وهذا مما لا خلاف عليه.
وقوله تعالى

كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) يعني أن هذا اليوم يساوي خمسين ألف سنة بحساب التقويم القمري والذي كان يستخدمه العرب اذاك. واليوم كما هو معروف يساوي اثنتي عشر ساعة فقط . عليه يصبح معنى الآية أن يوم القيامة والذي هو اثنتي عشرة ساعة فقط يساوي خمسين ألف سنة من زمننا نحن. ويدعم هذا التفسير من المفسرين الامام الطبري ، فقد جاء في تفسيره لهذه الآية قال: جاء في تفسير الطبري قال

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن عكرِمة ﭽ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮜ ﭼ السجدة: ٥ قال: في يوم واحد يفرغ في ذلك اليوم من القضاء كقدر خمسين ألف سنة.)
أما الزمخشرى فقال في تفسيره الكشاف:
({ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ } كمقدار مدة ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﭼ المعارج: ٤ مما يعد الناس.)
وذكر القرطبي في تفسيره :
(فالمراد ذكر موقفهم للحساب فهو في خمسين ألف سنة من سِني الدنيا، ثم حينئذ يستقر أهل الدارين في الدارين) .
أما الإمام الرازي في تفسيره فقال عدة أقوال بدأها بهذا :
(القول الأول: هو أن معنى الآية أن ذلك العروج يقع في يوم من أيام الآخرة طوله خمسون ألف سنة، وهو يوم القيامة، وهذا قول الحسن: قال وليس يعني أن مقدار طوله هذا فقط، إذ لو كان كذلك لحصلت له غاية ولفنيت الجنة والنار عند تلك الغاية وهذا غير جائز، بل المراد أن موقفهم للحساب حتى يفصل بين الناس خمسون ألف سنة من سني الدنيا.)
أما سيد قطب في ظلاله فيقول : (ويكون مقدار هذا اليوم خمسين ألف سنة من سني أهل الأرض فعلاً وهو يوم واحد . وتصور هذه الحقيقة قريب جداً الآن . فإن يومنا الأرضي هو مقياس مستمد من دورة الأرض حول نفسها في أربع وعشرين ساعة وهناك نجوم دورتها حول نفسها تستغرق ما يعادل يومنا هذا آلاف المرات . ولا يعنى هذا أنه المقصود بالخمسين ألف سنة هنا . ولكننا نذكر هذه الحقيقة لتقرب إلى الذهن تصور اختلاف المقاييس بين يوم ويوم) .
ومما يدعم مسألة تباطؤ الزمن حول جهنم قوله تعالى في سورة الإنسان: (إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) . فلفظ يوم الوارد في هذه الاية لفظ زمني ، والعبس في اللغة بمعنى تقطيب ما بين العينين أي جمع ما بينهما . والقمطرير لغويا بمعنى الشئ المتجمع ، جاء في معجم الصحاح في اللغة: (أقمطرت العقرب : إذا عطفت ذنبها وجمعت نفسها وقمطرت القربة إذا شددتها بالوكاء. ) . وفي اللسان: (قمطه شد يديه ورجليه، وقمط الأسير إذا جمع بين يديه ورجليه بحبل .) وفي معجم مقاييس اللغة

القاف والميم والطاء أصل أصيل يدل على جمع وتجمع). فالعبوس والقمطرة صفاتان تدلان على الالتفاف والمعني بالالتفاف في الاية هو يوم القيامة ، ويستخدم علماء الفيزياء اليوم نفس هذا التعبير أعني الالتفاف Time Warp قاصدين به التباطؤ الزمني.
ويوم القيامة ليس طوله حقيقة خمسين الف سنة بمعنى ان البشر لا ينتظرون يوم القيامة خمسين الف سنة حتى يعرف كل انسان مصيره ، فهو كما دلت الآيات يوم واحد اي اثنتي عشر ساعة فقط ودليلنا على ذلك قوله تعالى:
({أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } أية 24. فقد ذكر شيخ المفسرين الإمام الطبري في تفسيره للآية قال : فقد ذكر شيخ المفسرين الإمام الطبري في تفسيره للآية قال

حدثنـي أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيـم، فـي قوله: ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﭼ قال: كانوا يرون أنه يفرغ من حساب الناس يوم القـيامة فـي نصف النهار، فـيقـيـل هؤلاء فـي الـجنة وهؤلاء فـي النار.) ثم قال

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريح { أصحَابُ الـجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّا وَأَحْسَنُ مَقِـيلاً } قال: لـم ينتصف النهار حتـى يقضي الله بـينهم، فـيقـيـل أهل الـجنة فـي الـجنة وأهل النار فـي النار.) .
ويعضد ذلك أيضا قول الله عز وجل عن ذاته العلية إنه سريع الحساب يوم القيامة ويتضح ذلك في قوله عزل وجل:
({لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }إبراهيم51) ، وكقوله تعالى:
({الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }غافر17 ، وقوله جل وعلا:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }النور39 .
من الآيات السابقة وتفاسيرها نخلص إلى إن يوم القيامة منذ أن يبدأ وحتى نهايته هو يوم واحد أي اثنتي عشر ساعة فقط وهذه الساعات تعادل خمسين ألف سنة بتوقيت الأرض ، وهذا في مصلحة المؤمن فهو يردي ان يكون يوم الحساب قصيرا ليدخل الجنة سريعا وليس ذاك في مصلحة الكافر فهو يريد ان يتطاول يوم الحساب لان امامه ما هو اشد وانكى الا وهو دخول النار والعياذ بالله. والله اعلم