أين يضرب الصراط:
(فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72).
اختلف المفسرون في معنى الورود هل هو الدخول أم الإشراف عليها ورؤيتها فقط ؟ ما عليه الجمهور هو أن الورود بمعنى الدخول فقد أورد الإمام القرطبي في تفسيره للآيات السابقة بعد أورد الخلاف حول معنى الورود فقال :
(قلت: وهذا القول يجمع شتات الأقوال؛ فإن من وردها ولم تؤذه بلهبها وحرها فقد أبعد عنها ونُجِّي منها. نجانا الله تعالى منها بفضله وكرمه، وجعلنا ممن وردها فدخلها سالماً، وخرج منها غانماً. فإن قيل: فهل يدخل الأنبياء النار؟ قلنا: لا نطلق هذا، ولكن نقول: إن الخلق جميعاً يردونها كما دل عليه حديث جابر أوّل الباب؛ فالعصاة يدخلونها بجرائمهم، والأولياء والسعداء بشفاعتهم فبين الدخولين بَوْنٌ.)
فاذا كان الصراط مضروب فوق جهنم فان الورود لن يتحقق! هذه واحدة.
ثانيا :قوله تعالى

فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) هذه الاية معناها ان البشر سيتحلقون حول جهنم وهي في وسطهم فاذا كان الصراط مضروب فوق جهنم فلا معنى للمرور عليه لان المؤمن سينتقل من مكانه الى الطرف الآخر من النار! لانهم متحلقون حولها!
ثالثا: قوله تعالى: (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (7)) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11).القارعة هذه الآية تفيد ان صاحب الوزن الثقيل هو من ينجو وصاحب الوزن الخفيف هو من يهوى،فاذا كان الصراط مضروب فوق جهنم كالجسر فهذا يعني ان صاحب الوزن الثقيل هو الذي يهوى!! وهذا بعكس ما جاءت به الآية!!
قال (ص) فيما رواه البخاري : ( فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز) وفى رواية مسلم (ويضرب الصراط بين ظهري جهنم ) وكما جاء في الحديث الذي أخرجه ابن ماجه (يوضع الصراط بين ظهراني جهنم) و بين ظهراني الشيء أي في وسطه. فقد جاء في لسان العرب : (كل ما كان في وسط شيءٍ ومعظمه فهو بين ظهريه وظهرانيه) وكذا في القاموس المحيط (وهو بين ظهريهم وظهرانيهم وبين أظهرهم أي : وسطهم وفي معظمهم) .
و مما سبق ايراده فان الصراط المستقيم هو جسر يضرب في وسط جهنم يعبر عبره المؤمنون الى الجنة مخترقا جهنم من اسفلها الى اعلاها!! وبهذا التصور تتطابق معانيه مع كل ما اوردنا من أدلة. والله اعلم.