مادة ما بين المجرات
كان العلماء يعرفون ان من قبل ان هناك تجمعات كبيرة من الاتربة والغبار وغازات الهيدروجين بين النجوم داخل كل مجرة فيما يعرف بمادة ما بين النجوم , ولكن لم يكن هناك تأكيد لوجود مادة ما بين المجرات الى ان تم التأكد من ذلك فى عام 1970 عن طريق بعض الاقمار الفلكية التى اكتشفت مصادر اخرى لاشعة اكس بخلاف نجوم النيوترون , تتمثل فى الغازات الساخنة والمتأينة الموجودة بين المجرات والتى تتراوح درجة حرارتها بين 10 – 100 مليون درجة كيلفين , وفى هذه الحرارة العالية تصبح بعض ذرات الهيدروجين فى حالة تأين , اى تنفصل الالكترونات السالبة التى تدور حول النواة الموجبة . اما فى درجات الحرارة العالية جدا تتحول الغازات الى بلازما اى تتأين الذرات كلها وتفقد الكتروناتها السالبة وتتحرك بحرية دون ان تلتصق بالنواة الموجبة , والبلازما هى حالة وسط بين الغازات والاشعاع وتعرف بالحالة الربعة للمادة , ولذلك فان الذرات فى هذه الحالة تطلق اشعاعات اكس بدلا من الكمات الضوئية المنظورة .
وبعد اكتشاف المزيد من هذه السحب ومادة ما بين المجرات , تبين انها اى هذه المواد والسحب تندفع بسرعات تكاد تكون متساوية مع سرعة كل مجموعة من المجرات حول مركز المجموعة . ومعنى ذلك ان السحب الغازية والمجرات تتأثران بحقل واحد من الجاذبية , ولهما نفس سرعة الدوران ونفس الاتجاه , وهذا يدل على وجود نظام لحالة مستقرة .
ويلاحظ ان مجموعة المجرات الكلوستر تبدو على شكل قرص هائل مثل مجرتنا , ولكن فى مركز المجرة تتواجد المجرات البيضاوية او القزمية بنجومها القديمة ذات الكتلة العالية والكثيفة لتعطيها الثقل والجاذبية اللازمة , وفى الاطراف توجد المجرات الحلزونية او غير المنتظمة . اما المجموعات السوبر كلوستر فتبدو على هيئة طبقات .
وبالنسبة لحركة المجرات داخل التجمعات المختلفة لاحظ العلماء ان قانون كيبلر الثالث الذى يحدد العلاقة بين مدار جسم سماوى حول مركز معين , لا ينطبق على مجموعات او تجمعات المجرات , فعمليات الرصد تؤكد ان سرعة دوران المجرات حول مركز المجموعة هو نفسه لجيمع المجرات , بصرف النظر عن المسافات بين هذه المجرات و المراكز , والمفروض طبقا لقانون كيبلر الثالث ان تسرع المجرات القريبة من المركز , وتبطىء المجرات البعيدة عنه من سرعتها .. ومرة اخرى نعود الى الكتلة المفقودة فمن الواضح ان هناك مادة غير ظاهرة لنا تؤثر على سرعة وحركة المجرات حول مركز المجموعة .
ولكن لماذا يبدو الكون هكذا متكتلا ؟
لقد اثبت القمر الفلكى "كوب" الذى اطلق عام 1989 ان الانفجار العظيم كان سلسا وهادئا للغاية , وان موجات الميكروويف الكونية تأتينا من كل اتجاه فى السماء بنفس القوة والتردد والموجة . ومعنى ذلك ان الكون كان فى بدايته كان غير متكتل , مما يتناقض مع النظريات الحالية وخاصة نظرية التضخم كضرورة لتكوين الجسيمات الاولية , فلو كان الكون متكتلا فى بدايته لجاءتنا موجات الميكروويف من الجانب الذى حدث فيه الانفجار اعلى او اقوى عن الجانب الاخر فى الكرة السماوية حيث يتمدد الكون ويتسع بفعل الانفجار الاول .ولكن الامر غير ذلك , فالموجات تاتينا من ليلا او نهارا من كافة الاتجهات بلا اى تغيير ولو طفيفا ! مشكلة حقا يبحث العلماء عن تفسيرها , والا ترتب على ذلك تغيير كبير فى النظريات القائمة بمعادلاتها الرياضية المعقدة .
الكون ذلك المجهول - جلال عبد الفتاح ص 92:98