[align=center]و لكن بعد الحرب العالمية الثانية
( حوالي 1950 )
ظهرت نظرية أخري لتركيب نواة الذرة
علي أيدي
العالمة الأمريكية ماريا ماير و العالم الألماني ينسن
و تسمي هذه النظرية بنظرية التركيب القشري للنواة
فقد لاحظنا في صدر هذا الدرس
عند كلامنا عن التركيب القشري للإلكترونات التي تدور حول النواة
أن المواد التي تشتغل كل الكتروناتها عددا كاملا من القشور
أو بعبارة أخري تلك التي تبلغ أعداد إلكتروناتها ( و هي تسمي بالأعداد الذرية ) 54,36,18,10,2
و هي علي التوالي غازات الهليوم – نيون – أرجون - كريبتون – زينون
تمتاز بثبات كبير و عدم إتحاد مع غيرها من العناصر
فإذا ما تركنا الإلكترونات
و دخلنا في النواة
فأننا نذكر أن كل نواة تتميز برقمين هما عدد البروتونات و النيوترونات المكونة للنواة
و سبق أن ذكرنا أنه إذا أتحد عدد معين من البروتونات بأعداد مختلفة من النيوترونات فإنه ينتج لنا نظائر مختلفة من نفس العنصر
بعض هذه مستقرة
و الأخرى تتحلل بأن ترسل إلي الخارج إشعاعات نووية
متحولة بذلك إلي نظير أو عنصر أخر
و كما أننا نلاحظ أن الأعداد الذرية للغازات أو المواد الثابتة التركيب في حالة الإلكترونات
– و هي الأعداد المذكورة أعلاه –
هي أعداد زوجية
فقد لوحظ أيضا أن كل النظائر الثابتة تقريبا تحوى أعدادا زوجية من كل من البروتونات و النيوترونات
و من ضمن هذه الأعداد الزوجية وجدت أعدادا إذا أحتوت النواة علي إحداها من البروتونات أو النيوترونات فأنها تمتاز بثبات و استقرار قويين
و هذه الأعداد التي سميت بالأعداد السحرية هي 126,82,50,38,20,8,2
ففيما يختص بالعدد 2
نلاحظ أن نواة الهليوم و هي تحوي بروتونين و نيوترونين من أكثر النوى المعروفة استقرارا
و كذلك الأكسيجين الذي له 8 بروتونات , و 8 نيوترونات
و كذلك الكالسيوم و له 20 بروتونا ,
و يكفي للدلالة علي شدة الاستقرار و الترابط في هذه الأنوية أن نلاحظ أن لها 6 نظائر ثابتة
تحتوي أعدادا من النيوترونات تتراوح بين 20,28
و هذا عدد كبير من التجمعات في النيوترونات بالنسبة لصغر حجم النواة
و لكنه يدل دلالة قاطعة علي قوة التماسك في النواة
و من المعلوم أن الفرق بين أوزان مكونات نواة
قبل أن تتحد مع بعضها
و بعد اتحادها
هو مقياس لقوي الترابط في النواة
و عند قياس قوي الترابط هذه للنوى المختلفة
وجد أن قوي الترابط في النوى التي تحتوي أعدادا سحرية من البروتونات أو النيوترونات
هي أكبر من قيمتها فيما يجاورها من نوي
و دليل آخر علي قوة الترابط هذه
هي وفرة وجود العناصر في الطبيعة
إذ أنه من الطبيعي الفرض بأن أكثر العناصر توافرا في الطبيعة و بقاء علي مر السنين هي أكثرها ثباتا
و إذا ما نظرنا الآن إلي العدد السحري 50 وجدنا أن القصدير و تحتوي نواته علي 50 بروتونا و له عشرة نظائر ثابتة
و هي أكبر عدد من النظائر لأي عنصر أخر
و كذلك يتوافر القصدير أكثر من آي عنصر يجاوره في جدول العناصر
و لعل العدد 82 أكثر الأعداد مدعاة للعجب
فهناك سبع عناصر مختلفة تحتوي كل منها 82 نيوترونا
فنظير الباريوم الذي يحتوي 82 نيوترونا يكون 72% من المتوفر في الطبيعة من هذا العنصر
و نظير مادة السيزيوم الذي تحتوي نواته 82 نيوترونا يمثل 88% من المتوفر من هذا العنصر أيضا
و أخيرا و ليس أخرا
فالرصاص و هو الذي تنتهي إليه جميع المواد المشعة و تقف عن إشعاعها عندما تصل إليه تحتوي نواته علي 82 بروتونا
.
و قد أثبتت التجارب علي أن نوي العناصر التي تحتوي 50 أو 82 أو 126 نيوترونا
لا تحب أن تمسك بنيوترون إذا مر بها أو أقترب منها
و احتمال قبولها لنيوترون واحد يقل بحوالي عشر مرات عن احتمال قبول النوى التي تجاورها أو تماثلها في الوزن للنيوترونات
و هناك أدلة كبيرة غير هذه تؤيد و تزيد من قوة التركيب القشري للنواة و وجود الأعداد السحرية
و أنه لمن العجب حقا ما تظهره لنا هذه الحقائق من أن لكل من البروتونات و النيوترونات كيان منفرد
كل مستقل عن الأخر
عكس ما كنا نتوقعه من تأثير القوي النووية التي تربط بين مكوناتها
و فسر لنا هذا النظام القشري للنواة
حقائق لا حصر
لها أظهرتها التجارب
بحيث يعتبر بعض العلماء هذا الاكتشاف بأنه أعظم عمل علمي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية
و طبعا كما قد يبدو لنا
ليس من السهل شرح ظاهرة الأنشطار النووي علي هذا الأساس
و هكذا خلال التطورات الحاسمة العظيمة
لبثت نظرية قطرة السائل منزوية قليلا
و إن لم تختف تماما
بل ظلت دائما مقرونة بظاهرة الأنشطار النووي
و كان لابد من إيجاد صورة أو طريقة للربط بين هاتين النظريتين أو الصورتين و تجمع بين مميزاتهما
و هكذا كان
فقد نجح العالم الشاب أوجي بوهر
– و هو نجل العالم الدنمركي نيلز بوهر واضع الصورة الأولي للذرة في سنة 1913 –
في وضع نظريته عن الحركة الجماعية للنواة
بأن أسبغ علي النواة ذات القشور المليئة بالنيوترونات و البروتونات حركة جماعية دورانية
بحيث يصبح سطح النواة الخارجي مشابه لسطح سائل في قابليته للاهتزاز و التذبذب[/align]