ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - الاعتراف الأخير
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-10-2005, 20:58
الصورة الرمزية no1
no1
غير متواجد
مشرف المنتدى العام ومنتدى التجارب ومنتدى الفيزياء النووية.
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 1,003
افتراضي الاعتراف الأخير

الاعتراف الأخير
قصة البرنامج النووي العراقي يرويها المسؤولان عن انشائه وتطويره
فصول منتقاة من كتاب سينشره مركز دراسات الوحدة العربية في اواخر الشهر الجاري



جعفر ضياء جعفر ونعمان النعيمي
سرنا حثيثاً في تطوير الورشة الميكانيكية في موقع التويثة ثم أنشأنا ورشة كبيرة متكاملة ومتطورة في موقع الزعفرانية وعلى بعد خمسة كيلومترات جنوب موقع التويثة أسميناها معمل الربيع. ومع بداية المراحل الأولى من تنفيذ البرنامج إرتأى نائب رئيس اللجنة أن نستند إلى إمكانات منشآت المؤسسة العامة للصناعات الفنية لتنفيذ التصنيع الميكانيكي للقطع الكبيرة وحجته في ذلك أن هذه المنشآت ذات إمكانيات كبيرة ولها مجالات واسعة في استيراد مكائن جديدة ومتخصصة دون جلب انتباه أي راصد لمشتريات العراق على عكس الطاقة الذرية التي إن حاولت شراء مكائن متخصصة ستجلب انتباه الشركات المجهزة وقد تجتهد الأجهزة المخابراتية المعادية في التحقق عن سبب استيراد هذه المكائن وبالتالي تتعرف على برنامجنا النووي الوطني وهذا ما يجب أن نجتنبه. ففاتح رئيس الجمهورية بالأمر فصدرت أوامره إلى المؤسسة العامة للصناعات الفنية بتنفيذ جميع متطلبات الطاقة الذرية في مجال التصنيع الميكانيكي وتطوير ورش منشآت المؤسسة لتفي بهذه الالتزامات كلما تطلب الأمر ذلك. ومع تطور العمل بالبرنامج وتعدد مشاريعه وازدياد عدد منتسبيه كان لابدّ من تطوير حسين كامل. العمل التنظيمي والإداري فوضعنا تصورات عدة لأسلوب إعادة التنظيم وعقدنا ندوة موسعة لقياديي البرنامج في منتجع الحبانية حيث سافرنا إلى هناك مع عوائلنا وناقشنا الموضوع وتوصلنا إلى إعادة هيكلة الدائرة بما يمكننا تسميته الآن،:

هيكلية البرنامج لعام 1987

اقتصر التنظيم الجديد على التشكيلات التالية: - إدارة البرنامج وتضم رئيس الدائرة والمستشار (مؤلفي هذا الكتاب) والسكرتارية. - المجموعة الأولى والتي عرفت لاحقاً بالمختصر (G1) وتضم جميع أنشطة التخصيب على وفق تكنولوجيا التنافذ الغازي. - المجموعة الثانية (G2) وتضم جميع أنشطة التخصيب على وفق تكنولوجيا الفصل الكهرومغناطيسي. - المجموعة الثالثة (G3) وتضم جميع الأنشطة الساندة (تخطيط ومتابعة، المشتريات الخارجية، الإدارة، التصميم الميكانيكي والإلكتروني، التصنيع الميكانيكي، التصنيع الإلكتروني). وفي بدايات عام 1988 صدر قرار بإلغاء لجنة الطاقة الذرية وإعادة تنظيم برامج الطاقة الذرية العراقية ضمن ما عرف باسم منظمة الطاقة الذرية وتم تعيين همام رئيساً لها وجعفر نائباً للرئيس وانتهى بذلك إرتباط اللجنة بنائب رئيس مجلس قيادة الثورة عزت ابراهيم الدوري وغَدَا ارتباط المنظمة بالسكرتير الشخصي لرئيس الجمهورية، كما كانت تسير الأمور من قبل. لم يكن لتغيير التسمية هذه وقع يذكر على سير أمور البرنامج الوطني النووي ولم يكن أكثر من ترقية لهمام وجعفر إلى مستوى وزير ووكيل وزارة، لكن سرعان ما بدأت الأمور تتغير بعدئذ بتأثير من حسين كامل حسن المجيد الذي بدأ نجمه بالصعود السريع منذ اقترانه بابنة الرئيس العراقي رغد صدام حسين عام 1983. وبعد ذلك سيطرته على تنظيم الأمن الخاص (المعني بحماية الرئيس العراقي وتنظيم تحركاته) مع الإشراف على الحرس الجمهوري (الذي تطور ليصبح قوة ضاربة توازي الجيش العراقي لا بل تتفوق عليه بالرعاية والامتيازات والصلاحيات) ثم استولى حسين كامل على جميع فعاليات التصنيع العسكري بما في ذلك تصنيع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية (أسلحة الدمار الشامل) وعلى برنامج تطوير الصواريخ لا سيما زيادة مدى فعالية صواريخ سكود من خلال زيادة قدرة النقل على حساب تقليل كتلة شحنة التفجير ولم يبقَ سوى البرنامج النووي ليشبع طموح هذا الشاب الممتلئ حيوية ونشاطاً والرجل الثاني في السلطة بعد صدام حسين والإبن المدلل له.
نعمان الفرصة: الذهبية وتمثال الذهب
جاءت الفرصة الذهبية لحسين كامل ليثب على البرنامج النووي عندما قرر رئيس منظمة الطاقة الذرية العراقية في مطلع 1987 مع توليه ذلك المنصب أنه آن الأوان للبدء ببرنامج تطوير صنع السلاح النووي لا سيما بعد اقتناعه بأن برنامج تخصيب اليورانيوم اقترب من النجاح فأخذ يفكر بِما سيفعله حين نكون قد أنتجنا كمية من اليورانيوم عالي التخصيب. هل نخزنه ونتباهى بقدرتنا على إنتاجه؟ أم نستغله؟ وفضل استغلاله باتجاه السلاح النووي وهو المبتغى وأيقن أن الحصول عليه سيرفع من مكانته أمام الرئيس العراقي وسيضعه موضع بطل وطني لا سيما أنه كان شاهداً للقاء جمعه وجعفر مع صدام حسين في حين قال صدام لجعفر "لو أنتجت القنبلة النووية سأصنع لك تمثالاً شخصياً من ذهب". فبدأ همام يلح على جعفر أن يبدأ برنامج البحث والتطوير لأنشطة صنع سلاح نووي غير أن جعفر أخبره بأن نشاطاً كبيراً كهذا سيؤخر بالضرورة تقدم العمل في برنامج التخصيب في هذا الوقت الحرج الذي يتطلب الانتقال به من طور التجريب إلى طور الإنتاج.. والانتقال بالغ الحساسية ويحتاج إلى حشد الطاقات العلمية والهندسية وطاقات التصميم والتصنيع وتحتاج أيضاً إلى طاقة إدارة علمية متفرغة لهذا النشاط فتقدم جعفر بمشورته إلى همام واقترح عليه أن يكلف أحد منتسبي مركز البحوث النووية ليقدم له دراسة أولية حول متطلبات برنامج التسلح النووي كما اقترح عليه أن يجري ذلك النشاط في موقع بعيد عن موقع التويثة بحيث يكون محصناً أمنياً وبعيداً عن أنظار الفضوليين والأعداء. فتحدث همام معنا في الموضوع وأخبرناه بقرب انشغالنا في الإشراف على المراحل النهائية من نصب وتشغيل معدات مشروعي موقع الجزيرة قرب الموصل وأولهما مشروع إنتاج مسحوق ثنائي أوكسيد اليورانيوم ذي النقاوة النووية بدءاً بمادة كعكة اليورانيوم غير النقية المنتجة ضمن مجمع القائم للأسمدة الفوسفاتية وثاني المشروعين هو إنتاج رباعي كلوريد اليورانيوم ذي النقاوة العالية لاستخدامه كمادة تغذية في فاصلات التخصيب وفق تكنولوجيا الفصل الكهرومغناطيسي. واقترحنا على همام أن يؤجِّل البدء ببرنامج التسلح لحين اكتمال مشروع نصب الفاصلات الإنتاجية ولحين الحصول على كمية محسوسة من اليورانيوم عالي التخصيب. يبدو أن مقترحينا لم يروقا لهمام التوّاق أبداً للبدء بنشاط التسلح النووي فبعث بمذكرة إلى صدام حسين تتضمن مقترحاً بالبدء ببرنامج التسلح النووي في موقع جديد غير موقع التويثة يكون محصناً أمنياً وخاضعاً للتكتم الشديد وأن تنفذه مجموعة غير مجموعة برنامج التخصيب التي يقودها جعفر واقترح أن يسمى البرنامج الجديد باسم (برنامج الحسين) ولم نعرف إن كانت التسمية تيمناً بالإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب عليه سلام الله.
حسين كامل وضربة الحظ
وصَلَت المذكرة إلى صدام وأحالها إلى النجم الصاعد والصهر المدلل حسين كامل لإبداء الرأي والمشورة فجاءت إليه كهبة من السماء ورأى في المقترح فرصته الذهبية لركوب قطار البرنامج النووي في أفضل عرباته فاقترح على (عمه) صدام أن تنتقل مجموعة همام المتخصصة ببرنامج الحسين هذا لتعمل بإشرافه المباشر وتحت مظلة جهاز الأمن الخاص الذي يشرف عليه أيضاً وأنه بذلك سيوفر للبرنامج السرية العالية والتحصين الكبير الذي اقترحه همام. وجد صدام رأي نجمه الجديد صائباً فأصدر الأمر بالعمل وفق مقترح حسين كامل الذي لم ينتظر كي يجف حبر الأمر الرئاسي فأبلغ همام هاتفياً وبلهجة الطفل المبتهج أن يرسل إليه مجموعة مشروع الحسين المقترحة في مذكرة همام لتعمل بأمرته. فوقع هذا التبليغ على همام وقع الصاعقة في غير ما كان يأمله وهو المباشرة بهذا البرنامج ضمن أنشطة منظمته (منظمة الطاقة الذرية) وتوجَّس خيفةً مما قد يخبئ له القدر من هذا الإجراء وجاءه أمر صدام مدوناً بعد ساعات قلائل من مكالمة حسين كامل الهاتفية وأصبح واجب التنفيذ فأوامر صدام يجب تنفيذها خلال 24 ساعة وإلاّ فالويل كل الويل لمن يتلكأ لساعة واحدة. وكان همام، حين بدأ يفكر بالبرنامج، قد كلف الدكتور خضر عبد العباس، وهو فيزيائي نظري مغمور قليل النشاط العلمي ومن منتسبي مركز البحوث النووية، أن يُعدَّ له دراسة أولية عن برنامج التسلح النووي فاعتكف خضر في مكتبة التويثة أياماً قلائل وقرأ عدداً من المقالات السطحية حول تصميم السلاح النووي فنقلها نقلاً آلياً ووضعها ضمن دراسة مقتضبة شارحاً لهمام تصميم السلاح النووي الذي لا يزيد عن ما يعلمه القارئ العادي أو ما يكتب في الكتب المنهجية للتدريس الجامعي الأولي في علوم الفيزياء النووية. استدعى همام خضر حمزة إلى مكتبه وطلب منه أن يسمي بعض المنتسبين ممن يستطيعون تقديم العون له لتنفيذ ما ورد في دراسته الأولية فاقترح عليه إسمي الدكتور غازي الشاهري وصالح الخفاجي وعدة أشخاص من الفيزيائيين والمهندسين الشباب. بادر همام حالاً بإرسال كتاب رسمي إلى حامد يوسف حمادي السكرتير الشخصي لصدام بشأن إلحاق مجموعة (مشروع الحسين) بجهاز الأمن الخاص وأرسل نسخة من كتابه إلى حسين كامل الذي طلب منه هاتفياً أن يبعث بهذه المجموعة إليه فوراً وعند التحاق هذه المجموعة بحسين كامل قال حسين لخضر حمزة: من اليوم فصاعداً سيكون اسمك السري محمد حازم ووفر له موقعاً في بناية نقابات العمال التي كان قد استولى عليها وضمها إلى مملكته الجديدة "هيئة التصنيع العسكري" وأخذ يغدق على خضر حمزة أو محمد حازم الهبات وأولها بوضع سيارة وسائق تحت تصرفه فانتشى هذا العالم المغمور زهواً مثل ديك رومي ووجد بوناً شاسعاً بين غرفته المتواضعة في مركز البحوث النووية ومكتبه الجديد الواسع ذي الأثاث الفاخر وعدد من الهواتف مع تخصيص خادم له وسائق يخدم عائلته إضافة لسائقه الشخصي فبدأ يتخيل أنه سيكون حقاً صانع القنبلة النووية لصدام حسين وأنه سيحظى بجوائز التكريم مؤملاً أن جميع أعمال مجموعة جعفر ليست أكثر من تقديم المادة الأولية (اليورانيوم عالي التخصيب) لقنبلته.
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg مفاعل تموز.jpg‏ (26.0 كيلوبايت, المشاهدات 130)
رد مع اقتباس