ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - يحيى المشد
الموضوع: يحيى المشد
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 25-10-2005, 00:40
الصورة الرمزية no1
no1
غير متواجد
مشرف المنتدى العام ومنتدى التجارب ومنتدى الفيزياء النووية.
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 1,003
افتراضي مشاركة: يحيى المشد

ذراع داوود الطويلة
(ذراع داوود الطويلة) هو العنوان الفرعي لكتاب الألماني مايكل أوبرسكالسكي (الموساد)، والذي ترجمه بوعلي ياسين، وصدر بعد وفاته، مضفوراً بملحق عنوانه (التقرير السري للسي آي إي حول الموساد الإسرائيلية)، زود المؤلف به الناشر العربي (دار الطليعة الجديدة بدمشق ــ 2002)، وترجمه عن الإنكليزية عبادة بوظو.
وأوبرسكالسكي كما يعرف به بوعلي ياسين صحفي يعيش في كولونيا، وعضو هيئة تحرير النشرة الاستخبارية الألمانية: غيهايم ـ أي سري ـ وهو يصدر بالإنكليزية نشرة: توب سيكريت ــ أي سري جداً ــ وله من المؤلفات: الـ(سي اي إيه) في إيران ـ الـ(سي اي إيه) في أوروبا الغربية ـ نادي الـ(سي اي إيه) للقتلة. أما كتابه (الموساد: ذراع داوود الطويلة) فيبحث في تاريخ الموساد وفي نشاطها ضد الفلسطينيين وفي البلاد العربية بعامة، وفي نجاحاتها التي أسطرتها، وفي تورطها العالمي. وما يهمني الآن أن أعرض من ذلك ما يتصل بالعراق، وأوله عملية مانياك Maniac إبان حرب الخليج الثانية، حيث، وكما يكتب أوبرسكالسكي: (تسنت لإسرائيل فرصة تاريخية لأن تقضي علي العراق كقوة إقليمية وكخصم خطير).
آنئذٍ أعاقت الحكومة العراقية مغادرة مئات من الأجانب، فنظمت الموساد قتل عملائها لواحد أو أكثر من المحتجزين، من أجل استثارة ضربة عسكرية فورية للعراق، لكن قبول صدام حسين بالتفاوض الذي أفضي إلي إطلاق سراح المحتجزين، أبطل عملية مايناك.
ولأن استراتيجية إسرائيل، كما يكتب أوبرسكالسكي، هي أن تحول دون تطور العراق إلي قوة إقليمية عالية التسلح، فقد قصفت عام 1981 مصنع الطاقة الذرية العراقي عام 1981، وهيأ للضربة رجل الأعمال اليهودي الأميركي الذي كان قد تم تجنيده في الموساد عام 1947، وهذا العميل هو نفسه من زود الموساد منذ البداية بمخططات المفاعل الذري العراقي. ومن بعد، في نهاية الثمانينيات، ضربت الموساد محاولة العراق تطوير أنظمة أسلحة خاصة بعيدة المدي، وهي المحاولة التي ساعدت عليها منشأة سبيس ريزرتش كوربوريشن لمهندس الأسلحة البريطاني غيرالد بولّ (Bull). الذي كان قد طور سلاح مدفعية بعيدة المدي للنظام العنصري في جنوب افريقيا.
اغتالت الموساد المهندس البريطاني بولّ في آذار (مارس) 1990 في بروكسل، كما اغتالت قبله المصريين يحي المشد في باريس في 14/ 6 /1980، وسيد سيد بدر في القاهرة في 13/ 7 /1989، وذلك لصلة العالمين بالبرنامج الذري العراقي. وكانت قد سبقت ذلك منذ عام 1979 عملية الموساد (بيغ ليفت) والتي فجرت أجزاء مفاعل فرنسي في مستودع الشركة المنتجة، قبل شحنه إلي العراق.
لعل أهمية كتاب أوبرسكالسكي تتضاعف في لجّة العدوان القائم علي العراق، بعيداً عن أوهام القائلين بنظرية المؤامرة، وعن أوهام المأخوذين بالأسطورة الإسرائيلية والأمريكية، سواء كانوا ممن يهللون لحرب (تحرير العراق) أو ممن يؤلهون صدام حسين، أو من سواهم. فذراع داوود الوالغة اليوم في العدوان تكتب الفصول التالية التي لم يكتبها أوبرسكالسكي، وآية ذلك تسلل ذراع داوود إلي ناحية الكفل منذ خمس سنوات، وسرقتها لأقدم نسخة مكتوبة ــ فيما يقال ــ من التوراة، ولأعمال فضية ونحاسية وخشبية تحمل كتابة عبرية. أما الآن، وقد سيطر المارينز علي ناحية الكفل، فتدمير أولاء، كسرقة الموساد، يتهددان مقام النبي (ذي الكفل) ومدافن اليهود العراقيين فيها وآثارها، وهو الخطر عينه الذي يتهدد شواهد الحضارة والتاريخ في العراق، كما جلجلت به المذيعة التيليفزيونية الإسرائيلية ميكي حايموفيتش، عندما قدمت مصمم المدن الإسرائيلي الذي يفاخر بتبرعه للطيارين الأمريكيين بخرائط مفصلة عن الأماكن الأثرية العراقية، فقد قالت ميكي: (ينبغي أن يبادر طيارو التحالف إلي قصف هذه الأماكن الأثرية من البر والبحر والجو، لأنها أخطر من أسلحة الدمار الشامل)، وقالت ميكي: (لا يمكن التخلص من هذا الإرهاب الشرقي إلا بتدمير كامل التاريخ)، وقالت ميكي: (حرروهم من تراثهم واتركوهم بلا ثياب داخلية في مطلع هذا القرن).
لحظة بدء العدوان، هتفت ميكي التي كانت تملأ الشاشة: (يا الله كم نحن سعداء). ومنذئذٍ والهمس لا يزال همساً حول ذراع داوود الطويلة في العدوان، لكنه بيّن أن الصاروخ الإسرائيلي الذي سقط علي بغداد هو هدف طائر تلقيه الطائرة المغيرة لتضليل الدفاعات الأرضية، ويعرف باسم (تالد). وبيّن الهمس أن الصاروخ المعروف أمريكياً باسم هافناب هو سلاح ذكي تنتجه شركة رافائيل الإسرائيلية، وأن الطائرة من دون طيار من طراز هانتر ومن طراز باييونير هما من إنتاج شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وأن المراسلين الصحافيين الإسرائيلين يرافقون الغزاة من قواعد انطلاقهم إلي أرجاء العراق، وأن.
قد يقول قائل: هذا تحصيل حاصل، وقد يقول قائل: ما النفع وقد وقع ما وقع؟ لكنّ لمن يهمه الأمر بعد صدام وبعد الأمريكان قولاً آخر، من المثقفين الذين رفضوا في السعودية تلبية دعوة السفير الأميركي إثر رسالتهم الشهيرة إلي بوش، والذين يلحون علي الدعم الأمريكي لإسرائيل، إلي... إلي باتريك سيل الذي يري حرب (تحرير العراق) تتويجاً للشراكة الأميركية الإسرائيلية.
وذات يوم ـ لعله غير بعيد ـ سيتبيّن ضلوع ذراع داوود في غرب العراق ليس فقط في الوحدة الخاصة التابعة لهيئة الأركان الإسرائيلية. كما سيتبين ضلوع ذراع داوود في العدوان عبر مداهمة الأشاوس الأمريكيين للبيوت العراقية، وإذلالهم للناس ـ لا نتحدث عن القتل ــ عملاً بما تلقنوا من الدروس الوحشية الإسرائيلية في فلسطين. وذات يوم ــ لعله قريب ــ سيتبيّن ضلوع ذراع داوود في العدوان، ليس فقط في القمر الصناعي الإسرائيلي (أوبيك 5) المحوم فوق العراق، ولا في غرفة العمليات المشتركة في تل أبيب، ولا في التحريض علي العدوان علي سوريا، ولا في أن فكرة العدوان علي العراق هي أساساً فكرة إسرائيلية... ولكن، قد يكون الأوان قد فات، حين يأتي ذلك اليوم، ويتبين الرشد من الغيّ، في ما يخصّ ذراع داوود الطويلة، وفي ما يخص سواها.

AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 1476--- Date 9/4/2003
رد مع اقتباس