معجزة الليل والنهار
من الأشياء المثيرة التي رآها علماء الفلك في رحلاتهم خارج الأرض الظلام الشديد الذي يغشى الكون! وظهرت لهم الأرض كرة زرقاء جميلة على أحد جانبيها النهار وهو الوجه المقابل للشمس وعلى الوجه الآخر الليل.
إن الذي يراقب الكرة الأرضية من الخارج ويرى سرعة دورانها وكيف يتداخل الليل والنهار يجد بأن أفضل وصف لهذا المشهد هو قول الله تعالى: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) [الحديد: 6]. ثم عندما نبتعد عن هذا الكوكب ونسبح في ظلام الكون وننظر إلى منظر الأرض نرى أن النهار لا يشكل سوى طبقة رقيقة جداً مقارنة مع حجم الأرض.
هذه الطبقة يغشاها الليل من كل جانب وكأنه يلاحقها باستمرار لدى حركة دورانها. وهنا يتجلى في وصف هذه الصورة قول الحق تعالى: (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الرعد: 3]. إذن الظلام وهو الليل يغشى الكون ويغشى طبقة النهار بل يلاحقها باستمرار ويطلبها بشكل حثيث لا يتوقف. حتى إننا نرى هذه الطبقة الرقيقة من النهار وكأنها تنسلخ! يقول تعالى: (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ) [يس: 37].
وهكذا نرى بأن طبقة النهار الرقيقة تتحرك نتيجة دوران الأرض حول نفسها، ويلاحقها الليل حثيثاً فهو أيضاً يتحرك ويسبح في الفضاء. وهذه الحقيقة حدثنا عنها القرآن بقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [الأنبياء: 33].
وسبحان الله ! أي كتاب في العالم يحوي كل هذه الحقائق؟ فقبل 1400 سنة: من كان يتصور بأن النهار هو طبقة رقيقة جداً تنسلخ كالجلد الذي ينسلخ عن الدابة؟ ومن كان يتصور بأن الليل يغشى النهار؟ أليست هذه معجزة قرآنية؟