قدم بعض التجار من خراسان ليحج ، فتأهب للحج وبقى معه
من ماله ألف دينار لا يحتاج إليها ، فقال إن حملتها خاطرت بها،
وإن أو أودعتها خفت جحد المودع .
فمضى إلى الصحراء ، فرأى شجرة خروع ، فحفر تحتها ودفنها
ولم يره أحد ، ثم خرج إلى الحج وعاد ، فحفر المكان فلم يجد شيئا،
فجعل يبكي ويلطم وجههُ ، فإذا سئل عن حاله قال : الأرض سرقت مالي .
فلما كثر ذلك منه قيل له : لو قصدت عضد الدولة ، فإن له فطنه .
فقال : أو يعلم الغيب ؟ فقيل له : لا بأس بقصده .
فأخبره بقصته ، فجمع الأطباء وقال لهم : هل داويتم في هذه السنة أحداً
بعروق الخروع ؟
فقال أحدهم : أنا داويت فُلاناً وهو من خواصّك .
فقال : عليّ به .
قال : فقال له : هل تداويت في هذه السنة بعروق الخروع ؟ .
قال : نعم . قال : من جاءك به ؟
قال : فلان الفراش .
قال : عليّ به .
فلما جاء قال : من أين أخذت عروق الخروع ؟ .
فقال : من مكان الفلاني .
فقال اذهب بهذا معك فأره المكان الذي أخذت منه .
فذهب معه بصاحب المال إلى تلك الشجرة ، وقال : من هذه الشجرة أخذت .
فقال الرجل : ههنا والله تركت مالي ، فرجع إلى عضد الدولة فأخبره ، فقال للفراش :
هلمّ بالمال ، فتلكأ ، فأوعده وهدّده فأحضره المال .