و سننطلق الآن باتجاه رسم الكلمة القرآنية لنرى بأم أعيننا أن هذا الرسم توقيفي و بأمر من الله تعالى و أنّه ليس للبشر أي اجتهادٍ في ذلك ..
لو نظرنا الى كلمة ( غمام ) في القرآن الكريم لرأيناها ترد (4) مرّات ، و هي في النصوص التالية :
(( و ظلّلنا عليكم الغمام و أنزلنا عليكم المنّ و السلوى )) [ البقرة 2\57]
(( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام )) [ البقرة 2\210]
(( و ظللنا عليهم الغمم و أنزلنا عليهم المنّ و السلوى )) [ الأعراف 7\160]
(( و يوم تشقق السماء بالغمم و نزّل الملئكة تنزيلاً )) [ الفرقان 25\25 ]
إننا نرى أن كلمة الغمام ترسم بألف ما بين حرفي الميم إذا كانت الصورة المنقولة عبر النص القرآني تصّور المسألة من منظار المخاطب و من منظار الرائي للمسألة .. و أن هذه الكلمة ترسم دون هذه الألف بين حرفي الميم إذا كانت الصورة المنقولة عبر النص القرآني تصّور المسألة من منظار الغائب و من منظار عدم رؤية هذه المسألة ..
و لو نظرنا الى كلمة ضعفاء في القرآن الكريم لرأيناها ترد (4) مرّات منها مرتان ترد فيها كما هو الحال في كتابتنا الإملائية ، و مرتان ترد فيها هذه الكلمة باستبدال الألف و الهمزة بواو و ألف ..
و لو نظرنا الى هذه الكلمة المرسومة بشكل موافق لقواعدنا الإملائية لرأيناها تصّور لنا هذه المسألة من منظار الدنيا و تصف لنا ضعفاء الدنيا ..
(( أيودّ أحدكم أن تكون له جنةٌ من نخيلٍ و أعنابٍ تجري من تحتها الأنهر له فيها من كل الثمرت و أصابه الكبر و له ذريةٌ ضعفاء ُ فأصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحترقت )) [ البقرة 2\266 ]
((ليس على الضعفاء و لا على المرضى و لا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرجٌ إذا نصحوا لله و رسوله ما على المحسنين من سبيلٍ و الله غفورٌ رحيمٌ )) [ التوبة 9\91 ]
و لو نظرنا الى هذه الكلمة حينما تستبدل فيها الألف و الهمزة بواو و ألف لرأيناها تصف لنا مسألة الضعفاء من منظار الآخرة ..
(( و برزوا لله جميعاً فقال الضعفؤا للذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنّا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهدينكم سواءٌ علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص )) [ ابراهيم 14\21]
(( و إذ يتحاجّون في النار فيقول الضعفؤا للذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنّا نصيباً من النار )) [ غافر 40\47]
و هكذا نرى أن رسم الكلمة القرآنية ليس خبط عشواء ، و ليس حسب قواعد وضعية من وضع البشر ، و إنما يتعلق بحكمة الهية مرادة ، و في عرضنا للأبعاد الإعجازية القادمة التي تتعلق بالحروف ستظهر هذه الحقيقة أمام أعيننا بشكل واضح و جلي ..