ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - المواد فائقة التوصيل وتطبيقاتها
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-10-2005, 21:20
الصورة الرمزية خلف الجميلي
خلف الجميلي
غير متواجد
مؤسس الملتقى والمدير العام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2005
المشاركات: 7,689
افتراضي المواد فائقة التوصيل وتطبيقاتها

المواد فائقة التوصيل وتطبيقاتها

مقدمة عامة:

إن ظاهرة التوصيلية الفائقة مثيرة من جميع جوانبها سواء ما يتعلق بدراستها أو ما يتعلق بتطبيقاتها. فسلوكها الكهربي (عدم المقاومة للتيار) وسلوكها المغناطيسي (رفض المجال المغناطيسي) وهما السمتان البارزتان لها؛ جعلا منها مواد ذات تطبيقات غير محصورة. فمن المعلوم أن مقاومة التيار الكهربي في جميع المواد العادية هي السبب في ضياع وفقد الكثير من الطاقة الكهربائية وهي السبب أيضاً في عطل كثير من الأجهزة الكهربائية وارتفاع حرارتها. ومن جهة ثانية فالمجال المغناطيسي اعتاد على التغلغل في جميع المواد العادية بدون استثناء. وأما المواد الفائقة فمقاومتها للتيار الكهربائي تصل إلى الصفر، وهو صفر غير مبالغ فيه من الناحية العملية، مع أن البعض ذكر أنه ربما توجد مقاومة في حدود شكل 1. ومن ناحية أخرى فالمجالات المغناطيسية لا تستطيع الدخول إلى جسم الموصل الفائق مادام بصورته الفائقة مما يبشر بتطبيقات كثيرة تعتمد على تلك الخاصية على وجه التحديد. ومن التطبيقات ما يتعلق بالنواحي العسكرية ومنها ما يتعلق بالنواحي المدنية والصحية والمواصلات وغير ذلك مما سوف نتطرق إليه في حينه.

تاريخ الموصلات الفائقة:

في عام 1908 م نجح العالم الهولندي الشهير هيك كامرلين أونيس في ضغط ثم إسالة غاز الهليوم الذي يتحول من الحالة الغازية إلى السائلة عند درجة 4.2 كالفن (-268 درجة مئوية) وبعدها بثلاث سنوات وأثناء دراساته على مقاومية بعض العناصر، لاحظ انعدام المقاومة لمادة الزئبق النقي عندما تقترب درجة حرارته من الصفر المطلق .وقد استحق هذا العالم جائزة نوبل في الفيزياء بسبب هذين الاكتشافين. واصطلح بعد ذلك على تسمية درجة الحرارة التي تفقد المادة عندها مقاومتها وتتحول من مادة عادية إلى موصل فائق بدرجة حرارة التحول(Critical Temperature) ، أو اختصاراً بدرجة التحول ويرمز لها بالرمز TC . وأطلق على تلك المواد بالمواد فائقة التوصيل. وبعد هذا الاكتشاف استمر العلماء بالبحث عن مواد ذات درجات تحول أعلى. غير أن هذا البحث استمر لفترة طويلة دون كسر حاجز العشر درجات كالفن حتى اكتشف مركب النايوبيوم NbN في أول الأربعينيات حيث وصلت درجة التحول إلى حوالي 15 درجة كالفن واستمرت كذلك ولمدة ثلاثين سنة وبالتحديد حتى عام 1973 حيث أضيف مركب جديد ذو درجة تحول تصل إلى 23 كالفن. والمركب المقصود هو Nb3Ge.
وحصلت بعد ذلك قفزة متميزة في سجل المواد فائقة التوصيل عندما قام كل من جورج بدنورز وكارل ميولار (J. George Bednorz and Kark Alex Muller) في عام 1986 بنشر تقرير حول نجاحهما في تحضير مركب سيراميكي هو La-Ba-Cu-O درجة تحوله في حدود 30 كالفن تم تحضيره في معامل شركة IBM في سويسرا وقد استحق العالمان جائزة نوبل بالمشاركة ليس للقفزة في حرارة التحول ولكن لأنهما فتحا المجال لتحضير مواد سيراميكية لأول مرة. وسرعان ما قاد ذلك الاكتشاف مجموعة البحث في جامعة هيوستن بالتعاون مع مجموعة مماثلة في جامعة ألاباما الأمريكيتين إلى استبدال عنصر اللانثانيوم بعنصر اليتريوم للحصول على السيراميك Y-Ba-Cu-O والذي فاقت حرارة تحوله ولأول مرة في التاريخ درجة الغليان لغاز النيتروجين والبالغة 77 كالفن. لقد وصلت حرارة التحول إلى أكثر من 90 كالفن لذلك المركب الذي اكتشف في يناير من عام 1987 والذي سرعان ما صار أساساً لعدة مركبات تلته على الفور عندما التفت عدد ضخم من الباحثين وعلى طول العالم وعرضه إلى دراسة ذلك الجيل الجديد من المركبات يحدوهم أمل كبير بالحصول على مركبات تتحول عند حرارة الغرفة.
وبعد سنة تقريباً تم اكتشاف مركب Bi-Sr-Ca-Cu-O ذي درجة التحول البالغة 110 درجات كالفن وبعده بقليل اكتشف مركب الثاليوم Tl-Ba-Ca-Cu-O والذي يفقد مقاومته الكهربائية نهائياً عند 125 كالفن وازدادت بذلك القوة الحثية التي كانت قوية من الأصل والتي حولت الأنظار إلى تلك المركبات غير العادية. غير أن إضافة مركبات جديدة لم يتحقق إلا بعد عدة سنوات في حوالي عام 1993 عندما أضيف مركب الزئبق: Hg-Ba-Ca-Cu-O والذي يتحول عند 135 درجة كالفن ولم تتم أية إضافة تذكر حتى يومنا هذا. و قد يصح لي أن أقول: إننا بدأنا بالزئبق وانتهينا به! والحق أن درجة الحرارة التحولية وصلت إلى 160 كالفن لبعض المركبات والتي منها مركبات الزئبق خاصة، غير أنه هذا عندما يتم تسليط ضغوط عالية جداً. أنظر شكل 2.
وباكتشاف المركبات التي تفوق حرارتها 77 درجة كالفن وهي درجة غليان النيتروجين؛ دخلنا عصراً جديداً من الموصلات وهو ما اصطلح على تسميته بالموصلات فائقة التوصيل عالية الحرارة High Temperature Superconductors واختصاراً بـ HTS في حين حملت الفئات السابقة لذلك التاريخ اسم: الموصلات فائقة التوصيل التقليدية Low Temperature Superconductors واختصاراً بـ: LTS. إن لاكتشاف الموصلات الجديدة أهمية خاصة حيث أن استخدام النيتروجين المسال رخيص جداً وغير مكلف في نقله وحفظه مما يبشر بتطبيقات كثيرة. لقد كانت فكرة الحصول على موصلات فائقة عند حرارة الغرفة فكرة سخيفة تنال الضحك من سائر العاملين في مجال المواد حتى عام 1987 عندما صار الحلم أقرب ما يكون إلى الحقيقة!

أهمية خاصة للموصلات الفائقة عالية الحرارة:

• أنها سهلة التحضير ويستطيع جميع المهتمين بالحصول عليها بيسر.
• أنها رخيصة الثمن حيث أن أكبر مكوناتها هو النحاس والباريوم والكالسيوم وهي رخيصة ومتوفرة
• أنها تتحول فوق درجة غليان النيتروجين وهو رخيص الثمن ومتوفر في كل مكان وسهل النقل والحمل ويبقى لفترات طويلة مقارنة بسلفه الهليوم المسال.
• أن الفرق بين درجات تحولها ودرجة الوسيط المبرد (النيتروجين) كبير (في حالة مركبات الزئبق تفوق الخمسين درجة) مما يجعلها أكثر استقراراً حيث أن ذلك الاستقرار يزيد بتزايد الفرق بين درجة حرارة العمل ودرجة حرارة التحول.
• أنه يسهل تشكيلها بأشكال مختلفة مثل الرقائق والأفلام أو المواد المكدسة وكذا وحيدة التبلور.

نظرية الموصلات الفائقة:

في حين يصح القول بأن نظرية وضع أسسها ثلاثة من كبار العلماء وهم باردين وكوبر وشريفر J. Bardeen, L. N. Cooper, and J. R. Schrieffer وعرفت باسمهم : نظرية باردين-كوبر-شريفر أو اختصاراً بـ BCS Theory ، أقول في حين يصح القول بأن تلك النظرية التي وضعت في عام 1957 استطاعت أن تفسر معظم جوانب الموصلات الفائقة التقليدية ؛ فإنها بالتأكيد لم تستطع التغلب على الصعوبات التي واجهتها فيما يتعلق بالموصلات من الجيل الجديد، الموصلات الفائقة عالية الحرارة. لقد عجزت عن تفسير الظاهرة من أساسها، بل إنها كانت تتوقع استحالة الحصول على موصلات فائقة عند درجات عالية مثل 135 كالفن في حالة مركبات الزئبق. غير أن تلك الموصلات الجديدة حازت مزيداً من الاهتمام من جانب النظريين من العلماء دون التوصل إلى نظرية مرضية إلى يومنا هذا. ولذلك فإنها مازالت تحمل المزيد من التحدي العلمي و تعطي مثالاً للتخلف الشديد للنظرية عن التطبيق في هذا المجال. ففي حين نجحنا في جعل تلك الموصلات حقيقة قائمة؛ فإننا لم نستطع بعد فك طلاسمها. وكلما عكف العلماء على وضع نموذج جديد؛ أصيبوا بضربة قوية من جانب التجريبيين الذين سرعان ما يعلنون عن مواد جديدة أو خواص جديدة.
في هذه المقدمة المختصرة؛ دعونا نلقي بعض الأضواء على نظرية BCS . إنه من المعلوم بالضرورة أن نقل التيار في الموصلات يتم عادة بواسطة الإلكترونات الحرة، ومصدر المقاومة في الموصلات عادة هو من تصادم تلك الإلكترونات مع إلكترونات أخرى ومع الأيونات والذرات التي تخرج عادة عن النظام الدوري الشبيكي المنتظم للمادة. وأيضاً بالتفاعل مع ما يسمى بالفونونات وهي عبارة عن كمات الطاقة الحرارية في داخل الموصلات. ولم يخطر على بال أحد أن تخرج مادة من المواد عن هذا الوضع الذي يسبب حصول مقاومة محدودة مهما كانت صغيرة. وتم وضع نظريات كثيرة يكمل بعضها بعضاً تصف ظاهرة التوصيلية والمقاومة في الموصلات بجدارة وكفاءة تامة. إلا أن تلك النظريات التقليدية وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام ظاهرة لم تستطع تفسيرها على الإطلاق، ألا وهي ظاهرة التوصيلية الفائقة. أين ذهبت التصادمات بين الإلكترونات بعضها مع بعض؟ أين ذهبت الفونونات؟ بل أين ذهبت الحدود الشبيكية والعيوب التي لا تخلو منها في العادة الموصلات العادية؟ والتي هي السبب وراء حصول المقاومة.
أهم أساس قامت عليه النظرية هو فكرة الأزواج الإلكترونية (Cooper Pairs) أو أزواج كوبر نسبة إلى العالم كوبر أحد المؤسسين. ومن المعلوم أن الإلكترونات تحمل ذات الشحنة وبالتالي فحسب قانون كولوم يفترض أن تتنافر عن بعضها قدر المستطاع. إلا أن الظروف المواتية تعكس نتيجة القانون بميكانيكية خاصة لوحظت بسبب اعتماد التوصيلية الفائقة على أثر النظائر. والنظائر هي مواد من نفس النوع ولكن تختلف في العدد الذري. فقد وجد أنه كلما زاد العدد الذري لنظير كلما قلت (اقتربت من الصفر المطلق) درجة تحوله. وكان في هذا دليل كاف بأن الإلكترونات المسؤولة عن التوصيلية الفائقة لابد وأنها تتفاعل بطريقة أو أخرى مع الشبيكة بحيث تكون المحصلة لصالح الإلكترونات نفسها. فجاءت فكرة الأزواج لتفسر الأمر. فعندما يمر الإلكترون الأول بين الأيونات فإنه ولزمن قصير جداً يؤدي إلى انجذابها إليه ولكنه يمر بسرعة فيتركها وهي مازالت متقاربة من بعضها مما يؤدي إلى زيادة تركيز الشحنة الموجبة لحظياً في المنطقة. تلك الشحنة المركزة بدورها تجذب إلكترونا آخر إليها. وبهذه الطريقة يظل الجو مهيئاً لإلكترون آخر بحيث يكون الاثنان في وضع ارتباط دائم بصورة زوج. وهذا ما يطلق عليه حسب النظرية الكمية بمبدأ تبادل التفاعل من خلال الفونون الذي هو وجه عملة آخر للقول بأن الإلكترون الأول يؤدي إلى اهتزاز الأيونات لصالح الإلكترون الثاني.
بالطبع الأزواج الإلكترونية تحمل شحنة مساوية إلى ضعف شحنة الإلكترون الفرد –2e ولفاً مغزلياً مساوياً للصفر حيث أن أحد الزوجين لفه إلى أعلى (+1/2) والآخر لفه إلى أسفل (-1/2) ولهما اندفاعان متضادان فيلغي بعضهما بعضاً. وكما هو معلوم في الفيزياء الإحصائية فإن الجسيمات الأولية في تجمعها في حالة واحدة ذات ظروف متشابهة تخضع للتوزيع الإحصائي بحسب لفها المغزلي. فإذا كان اللف كسرياً فإنه يستحيل – حسب مبدأ باولي – أن يجتمع أكثر من جسيمين في حالة واحدة وتسمى الجسيمات من هذا النوع فرميونات. أما عندما يكون اللف رقماً صحيحاً بما في ذلك الصفر؛ فإنه يجوز أن يجتمع عدد غير محدود من تلك الجسيمات في نفس الحالة كما في الفوتونات التي تجتمع فتشكل أشعة الليزر. وتسمى الجسيمات من هذا النوع بالبوزونات. وبالتالي فقد توصلنا إلى أن عدداً غير محدود من الأزواج الإلكترونية يجوز أن يتكثف في حالة كمية واحدة.
إن وضع الأزواج الإلكترونية جعل الشبيكة لا تؤثر في حركتها على الإطلاق وبالتالي فهي تتحرك دون مقاومة. ومن العجيب أن تلك الشبيكة باهتزازاتها هي المسؤولة عن المقاومة عند درجة حرارة الغرفة لنفس الموصل، فإذا هي تصبح العلة الكامنة وراء حصول ظاهرة التوصيل الفائق بمجرد التبريد إلى درجة حرارة معينة. وكان من جراء فكرة الأزواج الإلكترونية أن تنقسم الإلكترونات إلى جزء فائق وآخر عادي حيث يقوم الأول بجميع الأعباء الكهربائية ويمنح الموصل جميع الصفات. وتتكون فجوة في طاقة الموصل بين الحالات الحاوية للأزواج وتلك الحاوية للإلكترونات العادية. وهذه الفجوة Eg هي ميزة خاصة بالموصلات الفائقة لا يشاركها فيها غيرها، أنظر الشكل 3. حيث تتكون فجوة في الطاقة بين الحالات المملوءة تماماً بالإلكترونات وبين الحالات الفارغة تماماً قيمتها في حدود 1 meV . وهذه الطاقة تمثل الطاقة اللازمة لكسر الرابطة بين الزوجين الإلكترونيين. وتتنبأ نظرية BCS بالعلاقة التالية التي تربط بين طاقة الفجوة وبين درجة التحول للموصل عند درجة الصفر المطلق:



حيث k ثابت بولتزمان. إن هذه العلاقة من أهم ما جاءتنا به النظرية. إنها تنص على أن طاقة الفجوة مرتبطة مباشرة بدرجة التحول. بمعنى آخر فإنه لكي نحصل على مواد فائقة التوصيل ذات تحول عال فعلينا أن نوفر موصلات بطاقات فجوة كبيرة. وقد اتفقت تلك المعادلة مع النتائج التجريبية للمواد الموصلة الفائقة التقليدية. وهناك علاقة أخرى تتوقع قيمة للمجال المغناطيسي الحرج للموصلات الفائقة التقليدية وهي:



حيث تعبر T عن درجة الحرارة و HC(0) عبارة عن المجال الحرج عند الصفر المطلق. وهي مفيدة في حساب المجال الحرج الجوهري غير المتعلق بالشوائب والأخلاط لأن من شأن تلك الأمور أن تؤثر ظاهرياً في قيمة المجال الحرج.

طرد المجال المغناطيسي من داخل الموصلات الفائقة:
من أهم ميزات الموصلات الفائقة قدرتها على طرد المجالات المغناطيسية من داخلها أو من الوسط الذي تحتويه. والمسألة يمكن النظر إليها بالصورة التالية: عندما يتعرض موصل ما (من النوع الديامغناطيسي) إلى مجال مغناطيسي خارجي فإن ذلك الموصل يحاول التخلص من المجال باستحداث تيارات كهربائية تلف حول سطحه تسمى بالتيارات السطحية. ومن المعلوم أن التيار الكهربي يسبب حصول مجال مغناطيسي، وهو في حالة الموصل يكون بالضبط بعكس اتجاه المجال الأصلي (الخارجي). غير أن الموصلات العادية –كما هو معلوم – ذات مقاومة للتيار الكهربائي بما في ذلك التيارات المضادة للمجالات المغناطيسية. والنتيجة هي أن المجال المضاد يكون أقل كثيراً من المجال الخارجي وبالتالي فيدخل الأخير في قلب وبنية الموصل. والصورة تختلف تماماً عند الحديث عن الموصل الفائق. إن التيارات المضادة في هذه الحالة لا تقابل بأية مقاومة كهربية وبالتالي فلديها القدرة على الاستجابة التامة لشدة التيار الخارجي؛ فتزيد بزيادته وتقل بنقصانه بحيث توجد مجالات تتساوى معه بالضبط وتضاده في اتجاهها فيسلم جرم الموصل من المجال الخارجي حسب المعادلة التالية:
M=-H
حيث تمثل الـ M التمغنط (المجال المغناطيسي المضاد) وتمثل H المجال الخارجي المطبق. و من إشارة السالب ندرك أن التمغنط مساو تماماً للمجال الخارجي ومضاد له في الإشارة.
والعجيب في الأمر أنه حتى لو كان هناك مجال مغناطيسي يتعرض له الموصل الفائق قبل تبريده؛ فإنه بمجرد التبريد تحت درجة التحول سوف يتم طرد المجال المغناطيسي الذي كان في داخله وتعرف الظاهرة بظاهرة مايزنار وهي أكثر وضوحاً في الموصلات من النوع الأول.
وهذا وتنقسم المواد الفائقة من حيث سلوكها مع المجال المغناطيسي الخارجي إلى قسمين رئيسيين: النوع الأول Type-I والنوع الثاني Type-II . ففي النوع الأول (معظم الموصلات التقليدية من هذا النوع)؛ يرفض الموصل المجال الخارجي تماماً حتى الوصول إلى مجال مغناطيسي معين يسمى المجال الحرج Critical Magnetic Field ورمزه HC وعند هذا المجال يتم تدمير التوصيلية الفائقة تماماً ويدخل المجال المغناطيسي الخارجي إلى قلب الموصل ولا يعود الموصل بعدها إلى التوصيل الفائق مرة أخرى إلا بعد تسخينه فوق درجة تحوله ثم تبريده ثانية، أنظر شكل 4 ، وحيث أن التيار المار في الموصل يحدث مجالاً مغناطيسياً؛ فإن هذا النوع من المواد غير ملائم لكثير من التطبيقات التي تحتاج إلى تيارات عالية إذ إن تلك التيارات سوف تعود على الموصل بالتدمير وإنهاء خاصية التوصيل الفائق.
وأما الموصلات من النوع الثاني فهي مختلفة تماماً. إن لديها مجالان مغناطيسيان حرجان. فعند وصول المجال الخارجي إلى المجال الحرج الأول HC1 ، وهو عادة صغير؛ فإن التوصيلية الفائقة لا تفقد وإنما يتحول جزء من الموصل إلى موصل عادي. إن ذلك الجزء المتحول يظهر موزعاً بصورة بؤر منتظمة على طول وعرض الموصل بحيث يمر خط مغناطيسي واحد فقط من خلال كل بؤرة. يطلق على البؤرة الواحدة (فورتكس) Vortex ويطلق على الموصل الذي هو في الحالة الجامعة للتوصيل الفائق والعادي بأنه في الحالة المختلطة: Vortex State . إن عدد البؤر الطبيعية تزداد كلما زاد المجال المغناطيسي الخارجي وتستمر في الزيادة حتى يأتي المجال على الموصل بكامله محولاً إياه إلى موصل عادي عند المجال الحرج الثاني HC2 . وهذا المجال الثاني كبير جداً إذا ما قورن بالمجال الحرج للموصلات من النوع الأول ويصل إلى عشرات التسلا. وحيث أن جميع الخواص المميزة للتوصيل الفائق تظل موجودة أثناء الحالة المختلطة وأن تلك الحالة تستمر إلى حصول مجالات عالية جداً؛ صار هذا النوع من الموصلات مرشحاً لتطبيقات كثيرة جداً بغض النظر عن شدة التيار اللازمة. أنظر شكل 5. مشكلة بسيطة حصلت بسبب الحالة المختلطة وهي أن تلك البؤر تبدأ في الحركة عندما يمر التيار بقربها بسبب قوة لورانتس محدثة ضياعاً في الطاقة وبالتالي مدمرة للموصل نفسه. غير أن تلك المشكلة تم التغلب عليها بدراسة خواص الموصلات ووضع إسفينات خاصة تمسك بالبؤر كل إسفين يمسك بواحدة. تلك الإسفينات ويطلق عليها Pinning Centers تقوم بدور مهم وهو منع البؤر من الحركة. وزرع الإسفينات في الموصل يتم عادة بطرق كثيرة منها الإشعاع النيوتروني العمودي ومنها إضافة مواد معدنية على شكل مساحيق تخلط مع المادة الموصلة أثناء التحضير وغير ذلك الكثير من الطرق.
جميع الموصلات الفائقة عالية الحرارة تعد من النوع الثاني. ومن أهم فوائد الطرد المغناطيسي الاستفادة من الموصلات من هذا النوع في صنع دروع مغناطيسية توفر مناخاً خالياً من المجالات المغناطيسية. وبالتحديد فقد أمكن الحصول على دروع تصل قدرتها على العزل إلى 180 dB .
رد مع اقتباس