ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - "الحقيقة الكمية هي حقيقة من بدع الراصد"
عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 12-12-2009, 01:44
الصورة الرمزية FAR...CRY
FAR...CRY
غير متواجد
فيزيائي نشيط جداً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 81
افتراضي رد: "الحقيقة الكمية هي حقيقة من بدع الراصد"

السلام عليكم و رحمة الله،..

أختي تغريد، قرأت النقاش كاملاً حتى لا تفوتني نقاط تم ذكرها بالردود، ها هو تعليقي و أتمنى قبولي بالنقاش.

منذ وضع النظرية الكمومية و لأعوام بعدها ظل التساؤل التالي بلا أية حل : ما هو الشيء المميز جداً بعملية الرصد الذي يجعل الجسيم يخرج من حالته الكمومية ؟، و تم وضع عدة تفسيرات تفضلتي بذكر إحداها و هو إنهيار الموجة، و تفسيرين آخرين هما الأفرع الكمومية الكونية، و الكون الهولوجرامي، لكن تلك التفسيرات و خصوصاً تفسير إنهيار الموجة هي تفسيرات لتساؤل خاطيء.

فلا يوجد أي شيء يميز عملية الرصد، و لا تنهار الموجة بعد حجم معين، بل ما يحدث حقيقة هو ما يدعى بـ فك الترابط، Decoherence، و هو التفسير الأكثر شيوعاً بين العلماء اليوم، فلا الرصد ولا العين و لا الإنسان هو ما يدفع الجسيم للخروج من حالته الكمومية، بل أي تأثير فيزيائي، فإن كان هناك ألكتروناً بحالة كمومية، و خلال بقاءه بتلك الحالة صدمه -أو بالأصح صدم موجته الإحتمالية- فوتوناً، يضطر الألكترون لمغادرة الحالة الكمومية و إختيار موقع له كي يتم تحديد هل سيصدمه الفوتون أم لا، و لا يوجد أي شرط أن يكون هذا الفوتون موجه من راصد أو إنسان ما.

لذا لا حاجة لإفتراض أن العالم التحت الذري محكوم بقوانين مختلفة عن قوانين العالم المرئي، فسبب أننا لا نرى كل يوم أشخاص يهيمون في حالة كمومية هو بسبب أن أجسادنا طوال الوقت معرضة لتأثيرات فيزيائية، موجات كهرومغناطيسية و فوتونات ضوء تصدمها من كل إتجاه، جزيئات هواء لا تتوقف عن لمسها، و حتى بداخل أجسادنا ذاتها لا تتوقف جسيماتها عن التصادم نظراً لأنها غير معزولة.

و قد تم إثبات صحة فرض فك الترابط إلى حد بعيد، و خصوصاً بعد أن إستطاع العلماء وضع فيرس في حالة كمومية -و هو يتكون من الآلاف من الجسيمات- و يسعى العلماء حالياً لوضع خلية كاملة في حالة كمومية أيضاً، و كل ما يتطلبه الأمر لإدخال جسم ما في حالة كمومية هو منع كل التأثيرات الفيزيائية على جسيماته، و هذا يشمل الضوء، الحرارة، الموجات الراديوية، و حتى إصطدام جزيئات و ذرات و جسيمات هذا الجسم ذاته مع بعضها، و عندها يدخل الجسم الحالة الكمومية، و لكن ما زال الأمر ينطوي على صعوبة كبيرة بتقنيتنا الحالية لإحداث هذا لإنسان كامل.

و في الحقيقة إفتراض أن الكون محكوم بنوعين من القوانين النوع الأول للأحجام الصغيرة و النوع الثاني للأحجام الكبيرة ليس إفتراض بسيط، فتداعياته أكبر مما نستطيع أحتواءها، لكن حتى الأن لم يضطرنا الكون لمثل هذا الفرض.

أما عن أن الزمن الذي نراه لاعكسي، فتلك ليست خاصية أساسية Fundamental في كوننا، بل هو تأثير عشوائي ينتج فقط بحالة كثرة الأجسام المشاركة بحدث زمني ما، لذا فالعكس هو صحيح، الزمن عكسي، مؤخراً كتبت مقالين بهذا الخصوص هنا و هنا، لكن لا أستطيع تأكيد طبيعة الزمن من وجهة نظر الواقع الكمومي فمازلت أدرس تلك النقطة حالياً.

أينشتين في مناقشة بيل أفترض وجود المتغيرات الخفية كما تفضلتي بالذكر، بل و قدم تجربة لإثبات أن الإحتمالية الكمومية ليست أكثر من غطاء يضعه الجسيم و يخفي تحته موقعه الحقيقي، لذا فتبعاً لأينشتين الجسيم موجود بموقع واحد طوال الوقت، بينما تبعاً للكمومية فالجسيم بالحالة الكمومية يتواجد بعدة أماكن، و حين تم إختبار تجربة أينشتين، نتجت ظاهرة الترابط التراكمي، Entanglement، و الظاهرة لا تؤكد إنهيار النسبية في العالم الكمي فلا يوجد بها ما يخالف النسبية على الإطلاق، لذا أوضح لكِ هنا أختي أن ظاهرة الإرتباط التراكمي بالحقيقة أكدت خطأ أينشتين، و لا تدعم فكرة المتغيرات الخفية، بل على العكس تماماً، تؤكد خطأها.

أخيراً أود الحديث قليلاً عن ظاهرة تدعى التأثير النفقي، و هي ظاهرة تثبت تماماً أن الإحتمالية الكمومية حقيقية تماماً، و ليست نابعة من متغيرات خفية أو أية فرضيات أخرى تدعم الحتمية التقليدية، و بكلمة حقيقية تماماً أعني أن الجسيم فعلاً يكون بأكثر من مكان بنفس اللحظة في الحالة الكمومية، لا بمكان واحد و فقط يبدو لنا أنه بأكثر من مكان،..

ظاهرة التأثير النفقي هي ببساطة كالتالي : نأتي بجدار يستحيل تماماً على جسيم ما إختراقه، و نقذف هذا الجسيم تجاه الجدار بلا رصد، تبعاً للفيزياء الكلاسيكية أو أي تفسير آخر يحتوي على حتمية، فإن الجسيم حتى و إن كان يبدو على أنه بأكثر من موقع، لن يستطيع إختراق الجدار و سيرتد عنه، و لكن عند إجراء تلك التجربة تم كشف الجسيم بعد مروره الجدار، و هو ما لا يُمكن تفسيره إلا بأن الجسيم هو حقاً موجة إحتمالية، حقاً متواجد بأكثر من مكان، و لهذا فلحظة إصطدامه بالجدار بعضاً من الموجة الإحتمالية كان خلف الجدار، و لهذا خلال إختيار الجسيم لموقعه بسبب إصطدامه بجسم ما و إضطراره للخروج من الحالة الكمومية، يوجد فرصة لإختياره الإحتمال المتواجد خلف الجدار، تلك الصورة تشرح بتلخيص فكرة التجربة.

أعتذر كثيراً للإطالة.


ملحوظات أخيرة :
- ثبات سرعة الضوء غير متعلق بالإحتمالية الكمومية، و بالحقيقة يمكن زيادة سرعة الضوء عبر الـ Tunneling Effect بدون خرق للنسبية الخاصة.
- شحنة الألكترون قابلة للتقسيم، و هو ما سبب ظهور أحاديات القطب ببداية كوننا.
رد مع اقتباس