ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - مدخل في الفيزياء الكونية
عرض مشاركة واحدة
  #85  
قديم 08-08-2017, 07:01
الصورة الرمزية منير قنيش
منير قنيش
غير متواجد
فيزيائي نشيط جداً
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 87
افتراضي حياتنا مهددة



مناخنا يعاني

الحفاظ على أرضنا يستلزم منا مـعــرفـتها معرفة صحيحة


إن كوكب الأرض جسم لا يمكن سبر أغواره أو تفكيكه لمعرفة ما بداخله، لكننا لو أسقطنا عليه ضوء النظرية الكلية أو الشاملة التي سنناقشها فيما بعد سنجد أن هذا الجسم لم تعرف مكوناته الأولية الحرارة قط. لأنه وببساطة كيف لجسم بحجم الأرض بداخله حرارة تتجاوز الخمسة آلاف درجة مئوية أن يحتفظ بكمية هائلة من الجليد المتموضع في القطبين وبمياه المحيطات والبحار لمدة تقدر بمئات الآلاف من السنين؟ مع العلم أن الحرارة تؤثر على الأجسام عن بعد، فكيف يكون بإمكان قشر رقيق من الصخور أن يصد حرارة مثل التي وصفها العلماء بداخل الأرض واضعين في الحسبان مبدأ التوصيل الحراري أو انتقال الحرارة بالتوصيل الذي هو الانتقال التلقائي للطاقة الحرارية عبر المادة من منطقة ذات درجة حرارة مرتفعة إلى منطقة أخرى ذات درجة أقل سعياً وراء الحصول على تجانس حراري...

هذا، وتختلف طبيعة مدار الأرض في هذه النظرية عما جاء به قانون كيبلر الأول الذي رسم فيه مسار الأرض محيط قطع ناقص وهو ما يجعل بعد الأرض عن الشمس يتغير على مدى العام مما يؤثر على سرعتها وهو ما جاء في قانونه الثاني. وهذا غير صحيح لأن مسار الأرض دائري، وكل نقطه تبعد بنفس المسافة عن المركز كما أن سرعتها لا تتعلق بقربها أو بعدها عن الشمس بل تتعلق بالعوامل المسببة لحركتها. وتشرح نظرية تركيب الكون الشاملة ذلك بوضوح وبدلالة علاقة حركتي الأرض فيما بينهما فلولا دورانها الأولي من الشرق إلى الغرب حول محورها مرة كل شهر لما دارت حول الشمس، هذا بالإضافة إلى أن محور دورانها موازي إن لم أقل متطابق مع المماس للمدار وليس عموديا عليه أو مائلا بزاوية معينة.

لقد بدأ كوكبنا حياته بشكل مغاير لما تعلمناه في المدارس وهذا يمكن التطرق إليه بالتفصيل فيما بعد، إنه نشأ من كرة جليدية وبحجم أولي أكبر بكثير مما هو عليه الآن حيث أن نصف قطره كان يساوي نصف قطر الكرة الأرضية الحالي زائد سمك الغلاف الجوي، إلا أن التطورات التي عرفها كوكبنا طيلة مئات الآلاف من السنين التي مرت نتيجة تأثير حرارة الشمس عليه جعلت حجمه يصغر تدريجيا إلى أن وصل إلى حجمه الحالي. ويظهر تأثير الحرارة على مكونات الكوكب بشكل واضح على مستوى خط الاستواء أولا، المكون من أقرب النقط على الكوكب إلى الشمس، مما يجعل الجليد يذوب في هذا المستوى قبل باقي المستويات. وما نعرفه عن ذوبان الجليد أن حجمه الكلي يتقلص عندما يتحول إلى الحالة السائلة، كما أن جزيئات الماء تتحول بفعل الحرارة إلى بخار.

وتستمر عملية الذوبان إلى غاية ظهور الغلاف الواقي، وهو مكان يحيط بالكوكب يبدو شاغرا إلا أن الأمر عكس ذلك فهو يتكون من جسيمات دقيقة جدا سأطلق عليها اسم محدد تنتج عادة عن تقلص حجم الجليد بعد ذوبانه ومثل هذا الحيز هو ما ننظر إليه بعين الاعتبار لما نريد تجميد قارورة ماء حيث لا نملأها حتى السدادة. هذه الجسيمات تنفصل عن جزيء الجليد وتبقى رهن إشارته كلما أتيحت له فرصة العودة إلى حالته الطبيعية بعد تحوله إلى ماء علما أن فرصته الوحيدة لتحقيق ذلك هي انخفاض درجة الحرارة. وبعد ظهور الغلاف الواقي يأتي الغلاف الجوي الناتج أساسا عن تحول الماء من حالته السائلة إلى الغازية خلال عملية التبخر. فكلما صغر حجم الكوكب كبر حجم الغلاف الجوي.

وقبل أن يصل إلى مرحلته الحالية قطع كوكبنا أشواطا عديدة من التطور بفعل الطاقة المستمدة من الشمس والتي تتجلى في تبخر ذلك الحجم الهائل من الماء الناتج عن ذوبان الجليد الأولي وتتجسد في ظهور الغلاف الصخري المترسب فوق النواة الجليدية.

إن تبخر الماء حتى لو كان خالصا يترك قشرة صلبة في قاع الإناء الذي تم فيه التسخين، ومصدر هذه القشرة هو تجمع الروابط التي كانت تربط جزيئات الماء قبل تبخره، وهي لم تكن لتظهر لولا الكمية الكبيرة من الماء التي تبخرت نظرا لصغرها، فمثلما توجد جسيمات تربط مكونات الماء عند درجة حرارة معينة ليصبح جليدا هناك جسيمات تربط مكونات الماء يفتقدها هذا الأخير عندما يصير بخارا. هذه الجسيمات المترسبة هي ما يدخل في تشيكل النسخة الأولية للغلاف الصخري.

لقد نتج الغلاف الصخري عن تحول الطبقة الأولية بتفاعل مكوناتها تحت عامل الضغط والحرارة والزمن، يتغير شكله تناسبا مع صغر سمك محور الأرض المتجمد. إن هذا التآكل التدريجي الذي تعرفه نواة الأرض المتجمدة المتصلة بالقطبين هو ما يؤدي إلى انكسار طبقات الغلاف الصخري الموجودة فوقها، إنه سبب الزلازل التي تصيب الطبقات الأرضية الأمر الذي يجعلها تتباعد من جهة وتتقارب من جهة أخرى حسب موقعها على الخريطة لحظة التكسير، كما هو السبب في طمر مناطق بأكملها. أما البراكين فهي تنتج عن التفاعلات الكيميائية التي تحدث بين المكونات الداخلية للغلاف الصخري تحت القشرة الأرضية وليست تدفقا لصهارة اللافا. فالمفروض إن كان أمر الحديد المنصهر في باطن الأرض صحيحا، الحصول على جبل أو تل حديدي بعدما يبرد البركان وليس على صخور البازلت والجرانيت.

نعرف عن الصخور الجيرية أنها تحتفظ بالحرارة إن تم تسخينها كما بإمكانها التحرر منها وقتما وصلها الماء. وهذا معلوم حتى لدى رجل الشارع. فماذا عن التسخين الشمسي لطبقة كبيرة منها؟
إن كمية الجليد الأولي المتبقي على الأرض أصبحت قليلة.. والحفاظ عليه مرتبط بحفاظنا على المناخ. وتتوزع هذه الكمية المتبقية على القطبين الشمالي والجنوبي وعلى طول المحور الرابط بينهما، ما يشبه شكل تفاحة أكلت ولم يبق فيها سوى القطبين والنواة المحملة بالبذور.
مكونات الغلاف الجوي

يعد الغلاف الجوي جزءا من جسم كوكب الأرض تحول من حالة صلبة إلى حالة سائلة ثم إلى حالة غازية وبشكل عام هو كمية من الهواء تحيط بالأرض على شكل طبقات داخل فلكة.
ويتكون الغلاف الجوي من 4 طبقات رئيسية: 1- الغلاف الواقي، 2-الغلاف المضغوط: وهو سقف الغلاف الجوي إن اعتبرنا الغلاف الواقي سطحه، 3- الغلاف المرن: ويتميز بمرونته وقابليته للتقلص والتمدد 4- الغلاف المماس: ويعتبر أدنى الطبقات الرئيسية وهو يحتك بشكل مباشر مع سطح الأرض

ويتشكل كل من الغلاف المضغوط والمرن والمماس من طبقتين واحدة علوية وأخرى سفلية وفي كل واحدة درجات، هذا بالإضافة إلى أن الغازات تنتج عنها طاقة سلبية أثناء تنقلها من غلاف أدنى إلى آخر أعلى.

القوى المؤثرة على الأرض:

إن التطور الذي عرفته الأرض بفضل الطاقة المستمدة من الشمس لم يتوقف عند هذا الحد فقط بل تجاوز حدود البساطة وتوغل في التعقيد بسبب الانبعاثات التي لا تتوقف ولا لحظة (الغازات التي تبعث بها الأرض للغلاف الجوي من تبخر المياه، ما تبعث به النباتات والأشجار ليلا ونهارا، الغازات الناتجة عن التفاعلات بين العناصر داخل الكوكب، احتراق الغابات ... إضافة إلى مداخن المصانع والسيارات وهذا مؤسف جدا)

أين تذهب كل هذه الكمية الهائلة من الغازات المنبعثة؟

إنها تستقر طبعا في داخل الغلاف الجوي بعدما تقطع مراحل عديدة من التحول انطلاقا من غازات مركبة ذات كثافة عالية إلى مركبة ذات كثافة أقل ثم من بسيطة ذات كثافة عالية إلى بسيطة ذات كثافة أقل. وهكذا يستمر حال الانبعاثات دون توقف بسبب الضغط الناشئ عن قوة الانبعاث ليستقر ما يسمى بالهيدروجين في الطبقة العلوية من الغلاف المضغوط ثم يأتي بعده ما يسمى بالهيليوم في الطبقة السفلية أما الغلاف المرن بطبقتيه العلوية والسفلية فهو يتكون من غازات قابلة للتقلص والتمدد بدرجات، وأخيرا الغلاف المماس فالطبقة العلوية منه تتشكل من غازات مركبة أقل كثافة أما الطبقة السفلية منه فهي تتسع لكل الانبعاثات من غازات مركبة أكثر كثافة إلى غازات معقدة يبعث بها الإنسان.

بالإمكان اعتبار الغلاف المماس كالقلب والرئة في وظيفته داخل الغلاف الجوي، لديه نبض على مستوى الطبقة السفلية وهذا يمكن استنتاجه مباشرة عند ركوب البحر والشعور بالتموج الذي يعتبر مرآة تعكس صورة الحركة القائمة فوق أو الغطس في أعماق المحيط لمشاهدة تأثير النبض على حركة النبات بقاعه، كما يجمع الغلاف المماس قدرا هائلا من الهواء المتحول بفعل الضغط داخل طبقته العلوية التي تلعب دور الرئة ثم ينفث أو يلقي به خارجا وبالضبط في الحيز الضيق بينه وبين الغلاف المرن أعلاه عبر صمام لا يرى بالعين أو بالتليسكوب لكونه شفافا لكن يمكن لمسه والشعور به عندما تنشأ عنه ظاهرة الأورورا تحديدا بين الغلاف المماس والغلاف المرن والتي لا أحد يعرفها أكثر من سكان القطب الشمالي والجنوبي. هذا الأمر تتولد عنه موجة يمكن تسميتها موجة الدهق التي تعتبر السبب وراء كل ما يحدث على سطح الأرض من دوران في 24 ساعة ومد وجزر ورعد وبرق ورياح شديدة وأعاصير وزلازل وكل باقي الظواهر التي تهدد الحياة.


إن التشبيه وإعطاء الأمثلة وإسقاط الشيء المبهم على شيء معلوم يساعد على الفهم وإدراك الحقائق.

لهذا، سأمثل ما تبعثه الأرض من غازات دون توقف إلى الغلاف الجوي بما يشبه عملية تزويد إطار العجلة بالهواء تدريجيا عن طريق النفخ.

إن ما يحدث داخل إطار العجلة أثناء النفخ سيساعدنا على فهم تركيب غلافنا الجوي وإدراك التقلبات التي تطرأ على المناخ كما سيجعلنا نلمس ما يسمونه "بالجاذبية" التي لا أنكر وجودها الملموس كقوة مؤثرة لكنني أرفض تفسيرها بفكرة الجذب وأحبذ فكرة الدهق (شدة الضغط). إن غلافنا الجوي الذي يلف ويحيط بنا من كل الجهات شأنه شأن الهواء المنحصر داخل إطار عجلة، فكلما زاد النفخ كلما اشتدت القوة الضاغطة على الغلاف "الإطار المطاطي" وبالتالي ترتد قوة الانبعاث هذه كقوة دهق على السطح "إطار الألومنيوم" من كل الجهات.

إن نيوتن لحظة اكتشافه هذه القوة لم يكن ينظر سوى من الزاوية التي كان يرى منها التفاحة وهي تسقط على الأرض، فلو كان حينها ينظر من فوق الشجرة إلى الأسفل لتساءل عن القوة التي دفعت بالتفاحة إلى السقوط من الغصن إلى سطح الأرض وليس عن القوة التي جذبتها. فليس هناك قوة تستحق تسميتها جاذبية لأنه ليس في الأرض ما يجذب وإنما هناك دفع من أعلى الغلاف الجوي نحو أسفل إلى مركز الأرض. إن إسحاق لم يخطئ لما استلهم القوة التي حركت التفاحة نحو الأرض وكان قد قال عنها القوة الخفية في بداية الأمر وهذا صحيح، لكنه أخطأ في تفسير المسبب لهذه القوة بعدما شعر بأن التفاحة انجذبت للأرض.

لقد كانت قوة الدهق هذه في بداية الأمر ضعيفة جدا ثم مع مرور الزمن (آلاف السنين) أصبحت شدتها تتضاعف وتتضاعف إلى أن وصلت إلى قيمتها الحالية والتي ستزداد في المستقبل مع ازدياد الغازات المنبعثة من الأرض، وهذا هو سبب انقراض الدينصورات وكل الكائنات العملاقة من أشجار وحيوانات. قد تكون زيادة نسبة هذه القوة خلال ال 3000 سنة التي مرت هي ما منع طيور الدجاج من الطيران.. الذي لولا تربية الانسان له لكان انقرض.

لم تنقرض الدينصورات وإنما حجم أجسامها صغر، ونحن البشر كالدينصورات لنا نفس المصير فبعد أن كنا عمالقة ها نحن نقترب من حجم السنافر. وهذا يعود بالدرجة الأولى لصغر حجم الأرض بصغر نواتها المتجمدة نظرا للحرارة المستمدة من الشمس ولزيادة شدة الضغط المسلط على محيط الأرض بسبب الانبعاثات المتواصلة أيضا.

هذه القوة المسلطة من الغلاف الجوي على السطح من جميع جهات الكرة الأرضية، تدفع بالأشياء كيفما كانت نحو المركز بنفس السرعة وهذا ما يفسر لغز السقوط الحر للأجسام ووصولها إلى السطح في نفس الوقت رغم اختلاف كتلها!

رد مع اقتباس