[هوائية]

شهداء يرتقون إلى العلياء و واقع مر مرارة الحنظل

قبل سنتين قال لي أحد الطلاب الذين درستهم
إن زميله أحمد قد استشهد في عملية استشهادية

قلت يرحمك الله يا أحمد
لقد كان يقول أنه يطمح إلى الحصول على تقدير ممتاز،
و كنت استغرب فهذا التقدير لم يحصل عليه طالب من قبل في الجامعة في هذا القسم (الرياضيات )من قبل
و لم يكن في الوارد أن يحصل عليه.
تمنيت حينها أن يكون قد حصل على ما أراد.

و اليوم عرفت أن ذلك محمد الطالب الذي نقل لي خبر استشهاد زميله أحمد قد استشهد هو الآخر قبل ثلاث أيام .

يفترض بنا أن نفرح لهؤلاء الشباب ذوى الهمم العالية أن ينالوا ما حلموا به،
ندعو الله مخلصين ان يتقبلهم شهداء.

و لكني يملئني الخوف
لأنني أحس أن عندنا أناس يتاجرون بدماء هؤلاء الشباب ،
و قد سمعت عن قصص كثيرة
عن شباب أو مراهقين مندفعين قد ذهبوا لنيل الشهادة
و لكنهم يفتقرون إلى الإعداد الجيد،

و هذا شيء في غاية الخطورة.
أن تجد أناس ليحققوا مجدا لحزب ما لا يجدوا ما يمنعهم من المجازفة بحياة شاب في عملية هي فاشلة لافتقارها لعوامل النجاح و هم يعلمون ذلك لمجرد تحقيق أهداف لا أعتقد أنها نبيلة

كم أتمنى أن ينتهي هذا الهراء،
و أن نجعل أعمالنا خالصة لوجه الله و أن نحترم عقولنا بالتخطيط الواعي
و أتمنى عليهم أن يرحموا هؤلاء الشباب

و لروح هذين الشابين الذين نحتسبهم عند الله أهدي هذه القصيدة التي كتبتها أختي قبل سفرها , و لكنها محفورة في ذاكرتي

أمـــي

أمي: عندما يغترب البشر، يقترب أوان الرحيل رويداً رويداً منا

عندما يهطل المطر الأخير و يزرع كل منا خطواته، ثم إلى الفراق يسير

عندما يبزغ فجر جديد، و تصحو العصافير من إغفاءة الليل و تطير

تغادرين أنت بصمت كسير، و أطير أنا بعيداً

و يبقى عبقك بأنفاسي و العبير

***

أمي: لا زال نجم يخفق في سمائي وراء نجم

و الدرب طويل معبد بالدم، و أنا لا أستطيع المسير

و بعدك شردتني الدروب و ألقتني في حضن المخيم

***

أمي: تمضين أنت الآن إلى أبعد مما أريد

و أنا في طرقاتك أغترب أكثر

"لم لا نعود" يختنق صوتي بأنفاسي

و على مرمى مسامعي ترددين

بني : حين يغترب البشر، لا تبق إلا الصور

و حين يغترب الوطن، لا يبق سوى ظل مهشم

و شرف محطم

فلم لا نسير؟ نغترف من عذابات الألم، تشردنا المحن

و لكن نبق في الذاكرة عين لا تنم

نكون وطنًا لمن لا يملك الوطن.

كريمة نصــر