[المتفيزق]

تحدثت مرة عن عدم استحداث الطاقة وضربت يومها أمثالا ثلاثة... وكأننا قد اقتنعنا بأن الأمر صحيح وصائب ... الطاقة تظل كما هي ولا نستطيع استحداثها من لا شيء... من عدم...
لكني فكرت في شيء... ماذا عن هذه المصابيح الموفرة ذات القدرة الصغيرة والمسماة PL lamps ؟؟؟ إننا نعرف أن المصباح العادي ذو قدرة 60 وات قد ينير غرفة صغيرة بشكل مقنع (ربما!!!) ولكننا عندما نشتري لمبة واحدة أو مصباحا واحدا من مصابيح PL قدرته فقط 10 وات فإن الغرفة تستحيل نورا بشكل أكبر من المصباح الأول ... طيب القدرة هنا أقل من القدرة هناك يعني الطاقة المنبعثة من الأخير أقل بمراحل من الطاقة المنبعثة من الأول (في نفس الزمن) ... كيف إذن نتحدث عن بقاء الطاقة وأنه لا يمكن أن نأخذ طاقة زيادة على الطاقة القصوى؟؟؟ يعني كيف يمكن أن نأخذ من المصباح (أبو) 10 وات إضاءة كهذا المصباح (أبو) 60 وات ؟؟؟
والجواب بسيط جدا ... إن كل ما في الأمر التحكم في المفاقيد ... فهذا المصباح الكبير ذو الفتيل يفقد أغلب الطاقة على شكل حرارة وكلها تضيع علينا ولا نحس إلا بذلك الجزء البسيط الذي يتحول إلى طاقة ضوئية (وهو بضعة آحاد في المائة ... لنقل 3 في المائة مثلا) ...
أما المصباح الأبيض الجديد الموفر للطاقة فإنه يعطي كمية أكبر من الطاقة الضوئية ولذا فإن الأمر ليس في قدرة المصباح بقدر ما هو في كمية الطاقة التي يتم تحويلها إلى ضوء...
وعلى ذلك فإن مصباحا من ذوات الفتيل الحراري بقدرة 20 وات هو نوع من مصابيح النوم نواسة أوسهاري أو ماشئت من اسم بعد... بيد أن مصباحا موفرا بقدرة 20 وات يقترب أن يكون كشافا...
ويجب ألا نستغرب من هذا كثيرا على أي حال ... ذلك أن حياننا مليئة بأمور كهذه...
فإن السلحفاة قد فازت على الارنب المغرورة وأنجزت أكثر منها في نفس الوقت برغم أن أحدا لا يشك في أن الأرنب أقوى (على الاقل في الجري) من السلحفاة بمرات ومرات... هذا مثل وعظي...
دونك مثلا آخر... أرأيت لو سألتك أن تذكر لي من أصدقائك من تعلم أنه أذكى من كل الأذكياء ومع ذلك فهو متأخر في الدراسة وربما لم يكمل دراسته الثانوية...أكنت تعد لي اثنين ؟ أم ثلاثة ؟ ربما عشرة تعرفهم أنت ... أليس كذلك؟؟؟ والشاهد في ذلك أن هذا الشخص ذكي ولم يحصل وذلك الشخص اقل ذكاء وهو المبرز والأول والمتقدم دائما... والعبرة ليست في القوة الحقيقية بقدر ما هي في حجم الاستفادة من القوة المخزونة فيك...
وهذا رجل أشيب وذاك رجل شاب ...فأما الأول فمجتهد في تجارته على ضعفه وشيبته ... يتحين الفرص ويجتهد في البيع ويسرى مع الفجر ... وقد رأينا من أمره عجبا ... تجارة رابحة ... رائجة ... وتوفيق مطرد ... والاخرالشاب كل (بتفتح الكاف وتشديد اللام) برغم شبابه...لا يستفيد من وقته ... يرتع ويلعب ولا يتحين الفرص ولا ينشط حيث يجب أن يكون نشيطا ولا يشهد المنافع ... فكسدت تجارته على شبابه وصار عمله إلى الخلف ...
فانظر!!!