[بروفيسورة الفيزياء]

هناك بشر نلتقي بهم في حياتنا، تسمع منهم كلامًا ولا تجد فعلًا، هؤلاء لا مكان لهم في خارطة حياتنا، لندعهم خلفنا وننطلق
عندما نتحدث عن الإتقان والتميز في الأداء؛ تنطلق أفكارنا حول مفاهيم الجودة، والتي لا تتحقق بدون إيمان عميق بأهمية الالتزام بمعاييرها، والحرص على تبنِّيها، حتى تكون سلوكًا ومنهجًا وأسلوب حياة، لنتخلَّص من الضعف الذي انتاب بعض الخدمات التي تُقدَّم لنا كأفراد مجتمع، وبخاصة فيما يتعلق بالخدمات العامة، والأكثر أهمية في مجالي التعليم والصحة. الجودة ليست أوراقًا تُعبَّأ وملفات يتم استكمالها، أو الحصول على شهادات عالمية تفيد بأن هذه المؤسسة أو تلك نالتها، بل هي واقع نلمسه في كل شيء حولنا.
اليوم نحن نعيش حراكًا فكريًا وثقافيًا ينادي بأهمية الالتزام بمعايير الجودة الشاملة؛ لتحقيق أسرار النجاح، والذي تأمل الوصول إليه كل المؤسسات الربحية وغير الربحية.
من هذا المنطلق تم تدشين منتدى الجودة الأول للتعليم في ينبع بشراكة مع الغرفة التجارية هناك لنشر هذه الثقافة، عبر خبراء دوليون في مجال الجودة، واستهدف كل القطاعات الحكومية والخاصة، وهذا دور مناط بأرباب الفكر والتربية والتعليم، فهم المعوّل عليهم بأن يُضاعفوا الجهود من أجل هدف نرجوه جميعًا. وليتحقق لنا ذلك لا بد من قيادة حكيمة للجودة تُطوِّر نفسها أولًا، تُؤمن بقيمة الجودة، وتُبدع في اتخاذ الأساليب التحفيزية، وتبتكر في طرق التعامل مع الأفراد والجماعات، وتبثُ روح الألفة والمحبة، وتدير عملها بحبٍ عميق ينبع من القلب، ليصل إلى قلوب الآخرين. الصدق في المشاعر والتواصل الإنساني الإيجابي ديدن الناجحين دومًا، هؤلاء من تثق بالعمل معهم وتتأكد بأن الوصول للهدف سيتحقق.
هناك بشر نلتقي بهم في حياتنا، تسمع منهم كلامًا ولا تجد فعلًا، هؤلاء لا مكان لهم في خارطة حياتنا، لندعهم خلفنا وننطلق، فالتاريخ لا يهتم بهؤلاء، إنما يحتفظ في سجلاته بأسماء المنجزين الفاعلين، أما أصحاب الكلمات دون الأفعال فليحذروا من صفات المنافق (إذا حدث كذب وإذا أؤتمن خان). لا وقت لدينا نضيعه في محاسبة هؤلاء، لننطلق نحو تحقيق المجد للوطن، من أجلنا ومن أجل أبنائنا، لنحيا حياة مطمئنة، نثق في معلم يُعلِّم جيلًا من الطلاب بإبداع وتَمكُّن، وحرص على كل لحظة من أوقات الدوام المدرسي، وإلى آخر أيَّام العام.
أريد أن أرتاد كل مرفق خدمي يُقدِّم لي الخدمات ويحترم المُراجِع ويبحث عن رضاه، ولشهادة الحق لابد أن أذكر موقفًا حدث معي الأسبوع الماضي عندما زرت الأحوال المدنية بالمدينة النبوية في مقرها الجديد في العالية، سألتني الموظفة: هل هناك فرق بين المبنى القديم والجديد؟ فابتسمتُ قائلة: نعم كالفرق ما بين السماء والأرض، أي بشاشة تلك قابلتني بها الأخت، وتلك الحلوى التي تزين بها مكتبها لتضيّف المراجعات، والأهم احترام الوقت وتقديم الخدمة في الموعد المحدد الذي تم حجزه عبر موقع الأحوال الإلكتروني، فلم تستغرق معاملتي أكثر من ربع ساعة.. شكرًا وزارة الداخلية وعلى وجه الخصوص الأحوال المدنية. شكرًا من الأعماق لكل رجل وامرأة، شاب وشابة، وكل من يعيش على هذه الأرض ويستشعر عظم الأمانة فيُؤديها كما يرضى ربنا عز وجل. ما أجمل أن نلتزم بقيم الجودة في كل شؤون حياتنا، حتى في مشاعرنا ومحبّتنا وتعاملاتنا الشخصية، حتى تصبح حياتنا أجمل، كفانا إحساسًا بالمرارة لانعدام القِيَم لدى البعض أو ضعف الالتزام بها.
خاتمة القول: النجاح سهل جدًا: افعل الشيء الصحيح على الوجه الصحيح في الوقت الصحيح.