ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات الفيزيائية الخاصة > استراحـــة أعضاء ملتقى الفيزيائيين العرب. | ||
وجوه شاخصة في مرآتي السوداء |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() ![]() بينما كنت أتحسس ملامح وجهي أمام المرآة .....رأيت فيها وجوها شاخصة في زواياها السوداء..وتفاصيلهم أعيتني وآرقتني كثيرا عن النوم لتلك الليلة فكتبتهم ... الزاوية الأولى أمشي كالمعتوه وسط مدى مكور الأنحاء , ليس هناك من يشعر بالخجل من نظراته تجاهي رغم أني عاري الروح , يتابعون سكناتي وكل تفاصيلي البائسة بكل دقة وأنا .. أخطر بجانب هوامشهم ببلادة وعيناي مطأطأتان .... ورأسي يبدو وكأن رساما كاريكاتوريا قد تفنن في تكبير أنفه وبقر ذقنه ولكأني مهرجا في سيرك وأصبحت أتدلى أمام الجميع .. أضحكهم وأسلي جلسات السمر لهم ... وأما تلك التي بين جنبي من روح قد أصابتها فداحة هذه الكارثة من تسلخات وجهي فقد تمزعت أشد ممزع ..وأصبحت تفرفر كدجاجة حان ذبحها .... وما أنفكيت عن تشبيك أصابعي محاولا أن أنهي بعضا من وجومي من هذا الوسط العتيد بمسلماته العتيقة والتي يهملني بسببها ويصمني بالكسل والشطط العقلي ... رغم أني مواطن عادي جدا اسمي مدون في ملف بعنوان عاطل عن العمل . الزاوية الثانية يبدو شكله سخيفا جدا أمام الكاميرا .... هذا ما كان مقتنعا به,فاليوم يصورنه لأجل تسليمه وحدة سكنية خيرية .. والصحف المحلية وكذا القناة العامة يجب أن تصوره ..وهو لابد أن يبتسم لانهم قبلوا أن يعطوه شذرة من بترول بالقرب منه وأبخرته المتصاعدة من المصانع تخنقه ليل نهار .. وتسلم الكثيرون منازلهم تلك التي تبدو ككُنتارات الشحن, خالية من معنى جميل جدرانها مليئة بالعبث الذي يظنه الآخرون أنه قادرا على أن ينهي أزمة انسان ابتلعته الدنيا وتجشأت من بعده وبعد ذلك ما عادت تصبر عليه في بطنها فتقيأته كجرثومة نتنه .. في هذه الأثناء أصبح المنزل مليء بعيون تصور ضعفه وتقتله أمام زوجه وبنيه , نظر إلى طفله الذي يتعبث بالرمل بملابسه الممزقة.... وشعره الباهت من لفح الشمس... وأصابعه المتآكلة كأي طفل عُجن بالمُر وبالقيظ و لم يعرف قط في حياته تويز آر اص ولا يعرف مدن الملاهي ... حنى عليه ومسح رأسه وحمد الله أنه لايحيط بشئ من معنى كرامة تتآكل أمام الجمهرة هذه . كان في قلبه ألم يكاد ينفر إلى رأسه من الداخل كحمم البركان فتجرف كل دماغه مر الوقت وهوفاغرا فاه أمام المتطفلين بصبر ملامح التصنع ,فهو لا يسطع رد أصابعهم الفضولية التي تتحسس أجزاء جسده الذي تكشفت أوصاله ... شعر بقلة حيلة عارمة من كل شيء وطأطأ رأسه وقد عبث به الخجل ومن ثم مد يده في داخل فمه وأخرج أخر جزء من روحه إلى أن رحل الجميع ثم وقف أمام باب البيت .. ورسم ابتسامة لامعنى لها وسط وجه ما عادت له ملامح ...تغرغرت معدته فغطى وجهه بيديه ...... وثم أمسك بطنه وتمتم قائلا أظن أنني لم أفلح في طرد هذا الجوع . الزاوية الثالثة يقبع في برج عاجي ومعزولا في ردهات عالم ضبابي قد مر بأصابعه كرطوبة خانقة في جوفه .. ولم يكن في يديه أي من مصابيح لينشر منها ضوءً ليحفر به صورة المكان الذي يخطر فيه .. وجناحاه التي طار بهما إلى العلية كانت متكسرة بعد العاصفة التي واجهته حيث قاوم بهما بشراسة وفي النهاية تفتت وما عاد يسطع التحليق عندما حقنه الملل بمصله .. فأصبح هائما لايرجى منه أي معنى . الزاوية الرابعة بكيت وبكيت خوفا من كل هذا الهدوء ومن كل هذا الخوف الذي صار يطوف حولي ويلبس أثواب أشباح من فضاءات كنت أكرهها . لكن كانت هناك فُرجة أمامي تنبعث منها أصوات ..اسرعت لها بكل ما في روحي من طاقة .... اختلست النظر منها للخارج , فوجدت طفلة تلهو في يديها حلما تطيره ألقته مرارا وتكرارا لكنه يقع عند قدميها ثم طيرته بشدة حتى وقع على الطريق العام اسرعت لتنجو به من الدهس فلم تلبث أن جاءتها سيارة مسرعة فداسته فنفق وتناثرت أشلاؤه وأما أنا استسلمت للموت البطيئ لنهاية أملي الأخير هذا ما حكته لي تلك القابعة في هذه الزاوية من المرآة. الزاوية الخامسة مضى على سطح الأرض معه أقلامه يكتب ملامح وجهه في الطرق وفي الزوايا ويجرد روحه أمام عين الشمس ...لكن لم يشعر الكون بتفانيه لهم وأمام الهاوية أغلق عينيه وكذا عقله وقيد يداه بسياط الواقع ... ومن ثم مشى إليها وألقى نفسه من عليها ... صراخه لم يسمعه أحد ولم يروا إلا غيمة سوداء تخلفت على رؤوسهم فعرفوا بنهايته ... و قتها اعترفوا به فخطوا على بابه .. كان هنا رجلا يفكر . بقلم ربانة ((كتبتها سابقا باسم بافاريا همنغواي ))
__________________
https://twitter.com/amani655 |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|