ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات العامة > منتدى الفيزياء العام | ||
آينشتاين في عام العجائب ( د. خضر الشياني ) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
آينشتاين في عام العجائب ( د. خضر الشياني )
![]() إنه من المستحيل أن نتخيّل ما وصل إليه علم (الفيزياء)، من تطوّر ومضامين كان لها الأثر الأكبر على العلوم الحديثة والتقنيات المتنوّعة، بدون الأساس الذي وضعه (آينشتاين) قبل مائة عام بالتمام والكمال، أيّ في عام 1905م، عندما نشرت إحدى الدوريات العلمية الألمانية أربع أوراق بحثية في (الفيزيـــاء) لشاب مغمــور لم يتجــاوز السادسة والعشرين من العمر، وكـــان يعمــل موظفــاً بسيطــاً في مكتب (بــراءات الاختــراع) بمدينة (بيــرن) بسويسرا. إنه من الصعب استيعاب حقائق مثل نشر أربع أوراق بحثية في عام واحد لشاب مغمور في مجال دقيق ومنضبط مثل (الفيزياء)، أو أنها نشأت من شاب كان يعمل بمفرده على اهتماماته الفيزيائية في الوقت الذي كان يقضي فيه أربعين ساعة أسبوعياً في وظيفته المتواضعة التي حصـــل عليهـــا بعد جهد جهيد، وكانت مصدر رزقه الوحيد. ولا شك أن من دواعي العجب - أيضاً - أن تلك الأوراق صدرت من شاب أخفق في (امتحان القبول) لدراسة دبلوم (الهندسة الكهربائية) في إحدى الكليات التقنية، وأن تأهيله العلمي هو (دبلوم تدريس) في الرياضيات والعلوم، وهو (الدبلوم) الذي لم يتمكّن بواسطته من الحصول على وظيفة تعليمية مما أجبره على الالتحاق بوظيفة (فاحص فني) بمكتب (براءات الاختراع). أوراق علمية (عام العجائب) لعل أبرز أوجه العجب أن تلك الأوراق البحثية لم تكن مجرد أبحاث اعتيادية يقوم بها الكثير من الباحثين والفيزيائيين، ولكنها كانت تتعامل مع مفاهيم جوهرية وإشكالات عميقة في علم (الفيزياء) لتُحدث انقلاباً جذرياً في (الفكر الفيزيائي) وتطوّراته، ولتؤسّس لانطلاقة جبارة في معطيات (العمل الفيزيائي) وأبعاده المختلفة. تلك الحقيقة الباهرة هي التي جعلت مؤرخي العلوم يطلقون على عام 1905م اسم (عام العجائب)، وتلك الحقيقة المذهلة هي التي دفعت مجلة رصينة مثل مجلة (التايم) الأمريكية إلى أن تختار (آينشتاين) في عام 1999م ليكون (رجل القرن)، وتلك الحقيقة الخالدة هي التي حدت بالأمم المتحدة إلى أن تحتفل بالذكرى المئوية لأعمال (آينشتاين) بإعلان هذا العام (2005م) ليكون (العام الدولي للفيزياء). لقد حملت تلك الأوراق الأربع تحولات جذرية في فهمنا للضوء والذرة والزمان والمكان والحركة والطاقة والمادة، فأحدث ذلك الشاب ثورة علمية في تاريخ البشرية لم يسبقه إلى مثلها إلا (إسحاق نيوتن) الذي يُعتبر مؤسس (المنهج العلمي) والفيزياء المعاصرة. آينشتاين وجائزة نوبل لقد اختصّت الورقة الأولى التي نشرها (آينشتاين) بما يُعرف باسم (الحركة البراونية)، وهي حركة عشوائية للجسيمات الضئيلة العالقة بالسوائل، وقد لاحظ هذه الظاهرة عالم النبات (روبرت براون) في عام 1827، ولكنها بقيت عصيّة على الفهم الدقيق حتى خرج (آينشتاين) على العالم بورقته تلك التي كان من أبرز نتائجها أنها وضعت حدّاً نهائياً لجدل طويل حول حقيقة وجود (الذرات) في الطبيعة، كما أنها أسّست لعلم (الميكانيكا الإحصائية) الذي أصبح من أهم حقول (الفيزياء). أمّا الورقة الثانية فقد اهتمّت بتفسير ظاهرة (التأثير الكهروضوئي)، وهي ظاهرة انطلاق (الإلكترونات) من أسطح بعض المعادن عند سقوط الضوء عليها، ولقد استعصت هذه الظاهرة على الفهم، وعجزت (الفيزياء التقليدية) عن شرحها وتعليلها. لقد أرست تلك الورقة رؤية غير مسبوقة للضوء الذي كان عبارة عن (موجات كهرومغناطيسية) في علم (الفيزياء)، ليصبح عند (آينشتاين) جسيمات أو (كمّات) من الطاقة ينفصل كلٌّ منها عن الآخر، ويتفاعل مع المادة بشكلٍ مستقل. تلك المفاهيم الحاسمة فتحت الباب على مصراعيه لنتائج مهمة لعلّ أبرزها (شعاع الليزر) الذي أصبح أعجوبة زمانه في التطبيقات والتنوّعات، كما أنها أسّست (النظرية الكمية للضوء)، وعليها استندت (النظرية الكمية) التي نمت وتجذّرت لتصبح مع (النظرية النسبية) أساساً ضرورياً لفهم المادة والطاقة والكون. يعتقد جمهور الفيزيائيين أن ثلاث أوراق على الأقل من بين تلك الأوراق الأربع تستحق كلٌّ منها على حدة (جائزة نوبل) إلا أن (آينشتاين) في الواقع حصل على (جائزة نوبل) في الفيزياء في عام 1921م على ورقته التي اختصّت بتفسير (التأثير الكهروضوئي)، وذلك بالرغم من أن اسم (آينشتاين) ارتبط ارتباطاً وثيقاً بـ(النظرية النسبية)، وهي النظرية التي نشر (آينشتاين) الشقّ الأوّل منها في ورقتيه الثالثة والرابعة في ذلك العام الذي أطلقوا عليه اسم (عام العجائب). النظرية النسبية الخاصة إن (النظرية النسبية) هي في الواقع نظريتان، الأولى تُعرف باسم (النظرية النسبية الخاصة) لأنها تختصّ فقط بما يحدث في (الأنظمة القصورية)، وهي الأنظمة التي تتحرّك بسرعة منتظمة لأنها لا تخضع لتأثير قوى خارجية، وأما النظرية الثانية، التي نشرها (آينشتاين) في عام 1915م، فهي تتعامل مع الأنظمة التي تخضع لتغيرات في السرعة، وتتأثر بقوة (الجاذبية)، ولذا عُرفت باسم (النظرية النسبية العامة). انطلق (آينشتاين) في (النظرية النسبية الخاصة) من مأزق فيزيائي، فقد نجحت (فيزياء نيوتن) نجاحاً باهراً عبر قرنين من الزمن في تفسير وتعليل (ظاهرة الحركة) في أرجاء الكون وعلى سطح الأرض، ولكنها اصطدمت في النهايــة بمعطيـــات جــديدة نتجــــت عن مــا استجدّ في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي حول طبيعة (الضوء) وسرعة انتقاله في الفضاء. لقد أقرّ (نيوتن) مفهوم (نسبية الحركة)، فالأجسام التي تتحرّك بسرعة ثابتة لا يمكن قياس سرعتها إلا بمقارنتها بنظام آخر يتحرّك أيضاً بسرعة ثابتة، وفي غياب هذه (النسبية) في الحركة فإنه لا يمكن التمييز بين (النظام الساكن) وبين (النظام المتحرّك بسرعة ثابتة)، ولذا فإن القارئ الكريم وهو يمتطي صهوة طائرة (الخطوط السعودية) لا يستطيع أن يقرّر ما إذا كان متحرّكاً خلال الهواء أو ساكناً إلا إذا رفع ستار النافذة ليعرف الجواب. لقد أطلق نيوتن اسم (الأنظمة القصورية) على تلك الأنظمة المتحرّكة بسرعة منتظمة، وخلص إلى أن (قوانين الفيزياء) لا تتغير من (نظام قصوري) إلى آخر، ولذا فإنه إذا سقطت حقيبة على أرض الطائرة فإن سقوطها سيخضع تماماً للقوانين نفسها التي خضعت لها (تفاحة نيوتن) الشهيرة التي زعموا أنها سقطت على رأسه. من مفهومي (نسبية الحركة) وصلاحية (قوانين الفيزياء) في كل (الأنظمة القصورية)، رأى (نيوتن) ضرورة وجود مرجع ساكن مطلق، أطلقوا عليه اسم (الأثير)، وهكذا أصبح (المكان) عبارة عن وجود مطلق ومستقل عن الحركة، وتتحرّك فيه الأجسام المادية والضوء، وأما (الزمان) فهو - أيضاً - حالة مطلقة تنساب باستقلالية غير متأثرة بالمكان أو بسلوك الأجسام المادية. المأزق الفيزيائي كانت أحوال (الفيزياء) تسرّ الناظرين حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي حيث نجحت (قوانين نيوتن الميكانيكية) في تفسير وتعليل مختلف ظواهر (الحركة)، ولكن كان هناك نمو تدريجي لمجال آخر مستقل عن (الظاهرة الميكانيكية)، وبدأ أوّلاً بفرعين هما (الكهرباء) و(المغناطيسية)، ثم قام الفيزيائي البريطاني (جيمس ماكسويل) بتوحيدهما في (الظاهرة الكهرومغناطيسية) حيث وضع قوانينها الأساسية، ومن أبرز نتائجها أن (الضوء) عبارة عن (موجات كهرومغناطيسية) تنطلق في الفضاء بسرعة عالية جداً. وبالرغم من أن (ماكسويل) لم يعتمد في قوانينه وسطاً معيناً إلا أن الرؤى التقليدية كانت تؤكد أن الموجات لا تنتقل في الفراغ، ولذا تم استدعاء المرجع الساكن المطلق، وهو (الأثير)، ليكون الوسط الذي ينتقل فيه الضوء. وهنا بدأت تلوح في الأفق معالم مأزق خطير في الفيزياء عندما التقت (ميكانيكا نيوتن) وفرضياتها مع (الظاهرة الكهرومغناطيسية) ومعطياتها، واحتاج الأمر في النهاية إلى عبقرية فذّة مثل عبقرية (آينشتاين) لينقذ الفيزياء من تلك (الإشكالية الكبرى). لقد اهتمّ (آينشتاين) بإزالة ما برز من تناقض بين (فيزياء نيوتن) و(خصائص الضوء)، ولذا فإنه لجأ بنجاح باهر إلى تقرير فرضيتين بسيطتين في طرحهما، وعميقتين في دلالاتهما، وكانت الفرضية الأولى هي أن سرعة الضوء مقدار ثابت مطلق لا يتغير بتغيـــر سرعـــة المصدر أو الراصد، وأمّا الفرضية الثانيـــة فهي تأكيده على ما أقرّه (نيوتن) عن صلاحية القوانين في كلّ (الأنظمة القصورية). هاتان الفرضيتان قادتا بالضرورة إلى أن (الزمان) و(المكان) مفهومان نسبيان بحيث تعتمد مقاديرهما على سرعة (النظام القصوري) الذي يتحرّك بسرعة منتظمة بالنسبة إلى الراصد، وهكذا ألغت (النظريـــة النسبية الخاصة) ما اعتقد (نيوتن) أنه مطلق، وهو (الزمان) و(المكان)، وأكّدت في الوقت نفسه أن سرعـــة (الضـوء) مطلقة، وهو الأمــر الذي لم يخطر على بال بشر من قبــل. لقد ترتّب على تلك المفاهيم الجديدة نتائج مذهلة، وأصبح (المكان) و(الزمان) و(الطاقة) و(المادة) في حالة التحام حميمة بحيث يؤثر كلٌّ منها على الآخر لتتم إعـــادة صياغــــة كاملة لتصوّراتنا عن الكــون. من أبرز نتائج تلك النظرية أن (الزمن يتمدّد) بحيث إن الفترة الزمنية التي يقيسها راصد ساكن على ساعة متحرّكة تكون أقصر من الزمن الذي تسجّله الساعة القابعة بجواره، مما يعني أن عقارب (الساعة المتحرّكة) تبدو بطيئة الحركة بالنسبــة لعقـــارب (الساعة الساكنـــة)، ويزداد تباطؤ الزمن كلما ازدادت سرعة الساعة حتى إذا بلغت سرعة (الضوء) توقفت عن العمــــل سرمــدياً، واختفى الزمن وتوقّف عن الانسيـــاب. أمّا أبعاد الفضاء (المكان) فإن الراصد الساكن يقيس انكماشاً في طول الجسم المتحرّك، ويكون هذا الانكماش في اتجاه حركة الجسم، وأمّا إذا تساوت سرعة الجسم مع سرعة الضوء فإن طول الجسم يتلاشى، ويختفي (البعد الطولي) للمكان. وأمّا أشهر علاقات (النظرية النسبية الخاصة) فهي تلك العلاقة العجيبة التي تقول بأن (الطاقة) و(المادة) متكافئتان، فهما مظهران للشيء نفسه، ويمكن تحويل (المادة) إلى (طاقة) وفــــق (معادلة آينشتايــن) المشهـــورة، فتكـون الطاقــة المتحرّرة مساوية للكتلة المتحوّلة مضروبـــة في مربّع سرعة الضوء، وهكذا أصبح بالإمكان الحصول على طاقات هائلة من تحوّل كميات ضئيلة من المادة، وتجلّت تلك الطاقة في (الطاقة النووية) في شكليها (الاندماجي) و(الانشطـــاري)، وفي تطبيقاتها السلمية والحربية. تلك هي إنجازات (آينشتاين) المذهلة في (عام العجائب)، وأمّا (النظرية النسبية العامة)، التي نشرها في عام 1915م فينبغي أن يكون لها حديث آخر د. خضر الشيباني * كاتب وأكاديمي سعودي مجلة " أهلا وسهلا "- ديسمبر 2005 م . |
#2
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم ورحمة الله وبركاته::
نعم هذا هو إينشتاين أذهل الجميع بهذه العبقرية,, إينشتاين:: هو ذاك الشخص الذي قيل له كلام محطم من قبل أساتذته,, ولكنه أصر واستمر وبحث ونشر حتى رأينا اليوم اسم إينشتاين بين علماء عصره وعصرناا,, ومن قال إن ذاك الفتى هو هذا,, شكرا لك أستاذ ناصر على هذا المقال,, دمت بحفظ الرحمن,, |
#3
|
||||
|
||||
![]() بارك الله فيك يا أبا صالح
الشكر موصول للدكتور خضر الشيباني |
#4
|
|||
|
|||
![]() شكرا استاذي الفاضل على هذا المقال الرائع
اتمنى لك التوفيق |
#5
|
|||
|
|||
![]() بارك الله فيك على الموضوع
هاذي المواضيع ولا بلاش |
#6
|
|||
|
|||
![]() يعطيك العافيه وبارك الله فيك وجزاك الله خيــــــــراً ،،،
|
#7
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم ذكرت اجمل ايام حياتي مع قرائتي للمقال للدكتور خضر
ذكرت يوم كنت احد طلابه وهو مغرم في النسبيه واينشتاين ذكرت اجمل كتاب في الفيزياء للدكتور خضر ( الفيزياء للادباء ) اه اه اه اه نفسي اسلم على الدكتور خضر واشكره من اعماق قلبي على جهد وعطائه في مجال الفيزياء |
#8
|
|||
|
|||
![]() اسف اخوي ناصر الله يعطيك العافيه المقال شدني واعتذر منك لاني ما شكرتك
الف الف الف شكر |
#9
|
|||
|
|||
![]() بارك الله فيك |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|