[الفا بيتا غاما]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد:
سبر الناقلية الفائقة
المقدمة:
تمتاز النواقل الفائقة بخواص فريدة تميزها عن النواقل وأنصاف النواقل المعروفة
حيث يمكن القول بأن النواقل الفائقة عديمة المقاومة الكهربائية وبالتالي لا يحدث أي ضياع بالطاقة المنقولة عبرها والذي يتجلى في النواقل العادية على شكل فعل جول (حرارة) مما يؤدي مع مرور الزمن إلى تلف الناقل لذلك كانت النواقل الفائقة هي الحل لجميع المشاكل السابقة ولكن النواقل الفائقة تتبع نمطين يتعلقان بدرجة حرارة الوسط المحيط وهما :
النمط الأول: تحتاج إلى وسط ذو حرارة منخفضة جداً حتى يصل إلى حالة النقل الفائق وهذا الأمر غير متوفر فالمطلوب من الناقل العمل في أي بيئة , ويسمى بالناقل الفائق منخفض درجة الحرارة .
النمط الثاني : يستطيع هذا النمط العمل في درجات حرارة مرتفعة وبالتالي يلبي الغرض المنشود منه , ويسمى بالناقل الفائق عالي درجة الحرارة .
تأثير الحقول المغناطيسية على الناقلية الفائقة :
تخرب المغناطيسية الناقلية الفائقة لتأثيرها المباشر على الالكترونات والثقوب
التي تلعب دور حوامل الشحنة في النواقل العادية والنواقل فائقة الناقلية كما تكون المسؤولة عن مرور التيار الكهربائي ضمن الناقل , فكانت صناعة النواقل الفائقة تتطلب نقاوة المعدن الناقل وخلوه من الشوائب خوفاً من الشذوذ الذي تبديه النواقل عند وجود مثل هذه الشوائب .
النيكل يسبر الناقلية الفائقة :
ذكرنا أن المغناطيسية تخرب الناقلية الفائقة ولكن عند إشابة الناقل الفائق عالي درجة الحرارة بذرة نيكل مغناطيسية ندهش بالتأثير الطفيف على الجوار المحيط
بموقع الشائبة .
من المعلوم أن خواص النواقل الفائقة الغير عادية تنشأ من السلوك المترابط للإلكترونات عندما تتدفق مجتمعة بشكل زوجي .
حيث يتمتع الإلكترون في الناقل الفائق بخاصيتان أساسيتان وهما الشحنة السالبة
التي تحافظ على الالكترونات مفصولة عن بعضها البعض بسبب التنافر الكهربائي
والخاصية الثانية هي سبينها الذي يمكن اعتباره قضيب مغناطيسي صغير متجه إما إلى الأعلى أو إلى الأسفل. فلو كان لدينا إلكترون ذو سبين للأعلى وأخر ذو سبين للأسفل ستنشأ قوة جذب بينهما تعاكس القوة التنافرية فإذا تجاوزت الالكترونات ذات السبينات المتعاكسة تدفعها المتبادل فإنها تشكل ما يعرف بأزواج كوبر وبالتالي تنساب بدون مقاومة وهذا هو جوهر الناقلية الفائقة .
الآن سنتطرق إلى أحدى الطرق المفيدة في استكشاف خواص الناقل الفائق وهي محاولة تغيير الترابط المتزاوج الذي سبق ذكره .
فعندما نطبق حقل مغناطيسي على الناقل الفائق فإنه يؤدي إلى تعطيل تزاوج الالكترونات وبالتالي تنقص الطاقة اللازمة لتحطيم أزواج كوبر وتنخفض معها درجة حرارة الانتقال التي تصبح فيها المادة فائقة النقل . أما أذا طبقنا حقل مغناطيسي كبير نسبياً فقد يصل الناقل الفائق إلى حد تصبح فيه المادة غير فائقة النقل .
لذلك سنلجأ إلى إضافة ذرة مغناطيسية مفردة إلى الناقل الفائق حيث سيتمركز الإضراب بجوار هذه الذرة فقط .
قام بالتجربة العالم هدسون و الذي استنتج أثر إضافة ذرة النيكل المتمثل بإضراب ضعيف في جوار المحيط مما يوحي بإمكانية استخدام هذه الشائبة كمسبر غير عدائي للسلوك الفائق النقل على المقياس النانوي .
يحصل الترابط المتزاوج في الناقل الفائق عندما يمسك إلكترون حر الكتروناً بسبين معاكس مشكلاً معه زوج كوبر تاركاً وراءه ثقباً ذا شحنة موجبة في بحر من الكترونات الناقل الفائق يدعى هذا المزيج من الالكترونات الأصلية والثقب المتروك وراءه بـ شبه جسيم بوغوليوبوف تكون طبيعة أزواج كوبر , وبالتالي شبه جسيم بوغوليوبوف , مختلفة بشكل كبير في النواقل الفائقة العالية درجة الحرارة عنها في النواقل الفائقة التقليدية .
في النواقل الفائقة عالية درجة الحرارة يدور الإلكترونان في زوج كوبر حول بعضهما البعض بسرعة لزيادة انفصالهما , وهذا يخفض كلفة الطاقة للحصول على جسمين سالبي الشحنة قريبين من بعضهما البعض , الدوران المتبادل للالكترونات في زوج كوبر موسوم باندفاع زاوي p , s أو d تماماً كالالكترونات التي تدور حول النواة في الذرة .
إن الدوران السريع للزوج الالكتروني يسبب أيضاً لشبه جسيم بوغوليوبوف أن يملك شكلاً مميزاً, وإذا كانت مركبة الإلكترون لشبه الجسيم مرتبطة بذرة نيكل فإن مركبة الثقب يجب أن تدور بسرعة حول ذرة النيكل بطريقة تعكس طبيعة أزواج كوبر وهكذا فإن الثقب في الناقل الفائق المنخفض درجة الحرارة سيكون له تناظر الموجة –s في حين سيكون له في الناقل الفائق العالي درجة الحرارة تناظر الموجة –d .
المشاهدات التجريبية :
درس العالم هدسون وفريق عمله وضع ذرة النيكل الموجودة ضمن الناقل الفائق وبدا بالتأكيد جذبها للالكترونات فعند فحص المنطقة المحيطة حول ذرة النيكل باستخدام المجهر النفقي الماسح STM)) الحساس لكثافة الحالات الالكترونية قرب الشائبة لوحظ طاقتي شبه جسيم جديدتين متميزتين قريبتين من ذرة النيكل تقابلان شبهي جسيم بوغوليوبوف بسبينين متعاكسين . وهذا شاهد على السبينات المتميزة المتشكلة قرب ذرة النيكل , كما لاحظوا مركبات الإلكترون والثقب لكل من شبه جسيم بتغير فولطية المجهر STM)) من الموجب(مكان إدخال الإلكترون إلى الناقل)
إلى السالب (مكان إدخال الثقب إلى الناقل), مما سبق نستنتج لأول مرة أن مركبة الثقب لها تناظر الموجة –d المتوقع للناقل الفائق العالي درجة الحرارة .
نتائج الدراسات :
نستنتج أن تأثير ذرة النيكل المغناطيسية على الجوار المحيط في ناقل فائق عالي درجة الحرارة يكون ضعيف بشكل غير متوقع بالرغم من تأثيرها القوي على الخواص الشاملة مثل درجة حرارة انتقال النواقل الفائقة ,فمن أجل ناقل فائق تقليدي كالنيوبيوم تُخمِد الذرات المغناطيسية المدفونة في الناقل بقوة أيضاً درجة حرارة الانتقال ,ولها تأثير ضعيف إذا وضعت على السطح.
بينت الدراسة أن النواقل عالية درجة الحرارة المطعمة بالنيكل تسلك سلوكاً مختلفاً عن تلك المطعمة بذرات أخرى مثل الزنك اللامغناطيسي فبينما أظهرت تأثير مشابه للنيكل على درجة حرارة الانتقال لكن بينت تشوهات مثيرة للجوار المحيط بها بالإضافة إلى افتقارها إلى أية مركبة الكترونية .
مما سبق أصبح بالإمكان أن توجد في النواقل الفائقة العالية درجة الحرارة شوائب بدون أن تحطم الناقلية الفائقة خاصة إذا كانت الشائبة تملك أصلاً مغناطيسياً ,
كل ذلك سيحسن طرائق تطعيم النواقل الفائقة وتعديل سطوحها , وستدخل هذه التقنية في عدد من التطبيقات كالمجال الطبي والمعدات الالكترونية واستخدامات عديدة تعود علينا بخيراتها لصالح البشرية .
المراجع العلمية :
• مجلة Nature, Vol 411 ,21 June 2001:
• Hudson ,E.W .et al. ,Nature 411 ,920 -924 (2001)
• Pan ,S .H .et al. Nature 403 ,746 – 750 (2000)
• كتاب الجسم الصلب (منشورات جامعة دمشق)
• نشر الخبر مترجماً إلى العربية في مجلة عالم الذرة (بإشراف هيئة الطاقة الذرية السورية) العدد 78 السنة 17 (آذار- نيسان) عام 1423هـ / 2002م
************************************************** ****************
اللهم علمنا ما ينفعنا وأنفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملا صالحاً متقبلا منك إنك أنت السميع العليم