[فتحي مكي]

الخواص السحرية للمرايا المسطحة
لقد استخدمت كلمة "سحرية" مجازا على الرغم من ارتباط المرايا في الأساطير
والحكايات الشعبية بالسحر والعديد من الخصائص الغامضة الأخرى .
كلنا نعلم ما هي المرآة سواء في حياتنا اليومية أو من خلال دراسة خواصها
البسيطة في الفيزياء ولكن هناك بعض الخواص العجيبة والغامضة للمرايا (سنقتصر هنا الحديث عن المرايا المسطحة فقط ) التي قد لا يعلمها الكثير رغم شعبية المرايا .
لابد أن الكثير منا يلاحظ عندما يقف أمام المرآة أن المرايا تقوم بالتبديل بين اليمين
واليسار , فإذا قمت برفع يدك اليمنى أمام مرآة فأن الشخص الذي يظهر في المرآة كانعكاس لك سيقوم برفع يده اليسرى , قد لا ترى في الأمر غرابة في البداية ولكن
لنسأل أنفسنا لماذا تبدل المرآة بين اليمين واليسار ولا تبدل بين الأعلى والأسفل ؟.
فرأسك مازال في الأعلى و قدماك في الأسفل بينما تبدل اليمين باليسار .
حسنا لنقم بتجربة بسيطة استلقي على جنبك بحيث تكون يدك اليمنى أسفل و اليسرى
في الأعلى ستجد أن المرآة لم تبدل بين رأسك و قدميك ولكن مازالت تبدل بين
يمينك و يسارك أي بين الأعلى و الأسفل وكأن المرآة تعرف كيف تميز بين يدك
اليمنى و يدك اليسرى بغض النظر عن وضعيتك "اتجاهك في الفضاء" .
سيزداد الأمر غرابة أذا علمت أن كل القوى في الكون (وهي الجاذبية و الكهرومغناطيسية والنووية القوية) باستثناء القوة النووية الضعيفة لا تستطيع التمييز بين اليمين واليسار و القوى الكهرومغناطسيسة هي المسئولة عن خواص الضوء
أذا أين يكمن السر ؟.
لنقوم ببعض التأمل قليلا لنعرف أين يكمن السر , تخيل أنك تقف أمام مرآة ووجهك
باتجاه الشمال و الشرق على يمينك و الغرب على يسارك ستجد أن انعكاسك يده اليمنى باتجاه الغرب و اليسرى باتجاه الشرق , ولكن وجهه باتجاه الجنوب .
سيبدوا من الوهلة الأولى أن انعكاسك يبدوا كأنه أنت بعد أن استدرت 180 درجة
ليصبح وجهك مقابلا للجنوب "أي أنت تواجه نفسك ملتفتا للخلف" , ولكن في الأمر
خدعة فنحن متناظرين شكليا حول المحور الرأسي , ولكن تخيل سلطعونا يقف أمام
المرآة في المثال السابق , للسلطعون يد كبيرة و أخرى صغيرة لنفترض أن يده اليمنى كبيرة و اليسرى صغيرة , لذا لننسى موضوع اليمين واليسار و لنتحدث عن
الكبرى و الصغرى , ستجد أن اليد الكبرى لانعكاس السلطعون مازالت باتجاه
الشرق و الصغرى مازالت باتجاه الغرب كالأصل تماما , أذا السلطعون يعلم أن
الشكل الذي يظهر في المرآة ليس هو بعد أن استدار 180 درجة بحيث يواجه
نفسه بل هو شخص مختلف فلو كان لهذا السلطعون توأما ووقف أمامه ستكون يده
الكبرى باتجاه الغرب و الصغرى باتجاه الشرق بعكس ما يحصل في المرآة تماما.
أذا فالمرآة حقيقة لا تبدل بين اليمين و اليسار و لكنها تبدل بين الأمام و الخلف
فيظهر لنا أنها تقوم بالتبديل بين اليمين واليسار "تماما كقلب قفاز من الداخل للخارج" .
فلو وقفت أمام المرآة حاملا سهما و جعلته يشير للغرب ستجده في المرآة يشير للغرب و أذا جعلته يشير للشرق سيظهر في المرآة يشير للشرق ونفس الشيء
بالنسبة للأعلى و الأسفل ولكن أذا جعلته يشير للأمام باتجاه الشمال سيظهر في
المرآة مشيرا للخلف أي باتجاه الجنوب.
الخاصية الثانية أكثر غرابة و هي أن المرايا المتسارعة تعكس ضوء حتى في
الظلام الدامس , ما معنى هذا الكلام , تخيل أنك تسبح في فراغ مطلق بمعنى
لا يوجد حولك لا مادة و لا طاقة (سواء مجال جاذبي أو كهرومغناطيسي أو أي
مجال أخر ) أي ظلام مطلق , حتى لو تحركت بتسارع ستجد أنك مازلت محاطا
بفراغ مطلق , لكن الأمر سيبدوا مختلفا لو كنت ممسكا بمرآة عند تسارعك , ستجد
أن المرآة تعكس أنك محاطا ليس بفراغ مطلق و لكن بإشعاع حراري لجسم مطلق
السواد , بالتأكيد فأن هذا التأثير المسمى بتأثير فولينج – ديفيس – أنروه (Fulling–Davies–Unruh) ضعيف جدا لدرجة أنه يصعب قياسه عمليا , حيث ترتبط
درجة حرارة الاشعاع بالتسارع بالعلاقة
T = a ħ/2 pi k c
حيث a التسارع و k ثابت بولتسمان .
اذا بالنسبة لمراقب يرى انه محاط بفراغ مطلق , عندما ينظر لذلك الفضاء من خلال مرآة متسارعة يرى انه لا يوجد حوله فضاء مطلق و لكن حمام ساخن
من اشعاع جسم مطلق السواد , هذه الظاهرة أضافة الى ما يسمى تأثير كازيمير
تجعلنا نعيد النظر في مفهوم الفراغ المطلق , أنها ظاهره كمومية بحتة افضل
الحديث عنها في موضوع منفصل أنشاء الله عن مفهوم الفراغ المطلق في القريب
العاجل
أخيرا على عجالة خاصيتين للمرايا
- المرايا تحتاج لقوة أكبر لكي تتسارع مقارنة بجسم له نفس الكتلة .
(هل تعلم لماذا ؟.)
- المرايا تريك صورتك في الماضي .
(هل تعلم لماذا ؟.)

[khaled1966]

شكراً على الموضوع ونأمل متابعته