ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات العامة > منتدى الفيزياء العام | ||
قانون السببية و الإسلام |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() قال سعيد ابن جبير:
التوكل على الله جماع الإيمان . وهذا هو إخلاص الاعتقاد بوحدانية الله ; وإخلاص العبادة له دون سواه فما يمكن أن يجتمع في قلب واحد , توحيد الله والتوكل على أحد معه سبحانه . والذين يجدون في قلوبهم الاتكال على أحد أو على سبب يجب أن يبحثوا ابتداء في قلوبهم عن الإيمان بالله ! وليس الاتكال على الله وحده بمانع من اتخاذ الأسباب . فالمؤمن يتخذ الأسباب من باب الإيمان بالله وطاعته فيما يأمر به من اتخاذها ; ولكنه لا يجعل الأسباب هي التي تنشئ النتائج فيتكل عليها . إن الذي ينشئ النتائج - كما ينشئ الأسباب - هو قدر الله . ولا علاقة بين السبب والنتيجة في شعور المؤمن . . اتخاذ السبب عبادة بالطاعة . وتحقق النتيجة قدر من الله مستقل عن السبب لا يقدر عليه إلا الله . . وبذلك يتحرر شعور المؤمن من التعبد للأسباب والتعلق بها ; وفي الوقت ذاته هو يستوفيها بقدر طاقته لينال ثواب طاعة الله في استيفائها . ولقد ظلت الجاهلية "العلمية ! " الحديثة تلج فيها تسميه "حتمية القوانين الطبيعية " . ذلك لتنفي "قدر الله" وتنفي "غيب الله" . حتى وقفت في النهاية عن طريق وسائلها وتجاربها ذاتها , أمام غيب الله وقدر الله وقفة العاجز عن التنبؤ الحتمي ! ولجأت إلى نظرية "الاحتمالات" في عالم المادة . فكل ما كان حتمياً صار احتمالياً . وبقي "الغيب" سراً مختوماً . وبقي قدر الله هو الحقيقة الوحيدة المستيقنة ; وبقي قول الله - سبحانه – (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) هو القانون الحتمي الوحيد , الذي يتحدث بصدق عن طلاقة المشيئة الإلهية من وراء القوانين الكونية التي يدبر الله بها هذا الكون , بقدره النافذ الطليق ! يقول سير جيمس جينز الإنجليزي الأستاذ في الطبيعيات والرياضيات: "لقد كان العلم القديم يقرر تقرير الواثق , أن الطبيعة لا تستطيع أن تسلك إلا طريقاً واحداً , وهو الطريق الذي رسم من قبل لتسير فيه من بداية الزمن إلى نهايته , وفي تسلسل مستمر بين علة ومعلول , وأن لا مناص من أن الحالة [ أ ] تتبعها الحالة [ ب ] . . أما العلم الحديث فكل ما يستطيع أن يقوله حتى الآن , هو أن الحالة [ أ ] يحتمل أن تتبعها الحالة [ ب ] أو [ ج ] أو [ د ] أو غيرها من الحالات الأخرى التي يخطئها الحصر . نعم إن في استطاعته أن يقول:إن حدوث الحالة [ ب ] أكثر احتمالاً من حدوث الحالة [ ج ] وإن الحالة [ ج ] أكثر احتمالاً من [ د ] . . . وهكذا . بل إن في مقدوره أن يحدد درجة احتمال كل حالة من الحالات [ ب ] و [ ج ] و [ د ] بعضها بالنسبة إلى بعض . ولكنه لا يستطيع أن يتنبأ عن يقين:أي الحالات تتبع الآخرى . لأنه يتحدث دائماً عما يحتمل أما ما يجب أن يحدث , فأمره موكول إلى الأقدار . مهما تكن حقيقة هذه الأقدار" ومتى تخلص القلب من ضغط الأسباب الظاهرة , لم يعد هناك محل فيه للتوكل على غير الله ابتداء . وقدر الله هو الذي يحدث كل ما يحدث . وهو وحده الحقيقة المستيقنة . والأسباب الظاهرة لا تنشئ إلا احتمالات ظنية ! . . وهذه هي النقلة الضخمة التي ينقلها الاعتقاد الإسلامي للقلب البشري - وللعقل البشري أيضاً - النقلة التي تخبطت الجاهلية الحديثة ثلاثة قرون لتصل إلى أولى مراحلها من الناحية العقلية ; ولم تصل إلى شيء منها في الناحية الشعورية , وما يترتب عليها من نتائج عملية خطيرة في التعامل مع قدر الله ; والتعامل مع الأسباب والقوى الظاهرية ! . . إنها نقلة التحرر العقلي , والتحرر الشعوري , والتحرر السياسي , والتحرر الاجتماعي , والتحرر الأخلاقي . . . إلى آخر أشكال التحرر وأوضاعه . . . وما يمكن أن يتحرر "الإنسان" أصلاً إذا بقي عبداً للأسباب "الحتمية " وما وراءها من عبوديته لإرادة الناس . أو عبوديته لإرادة [ الطبيعة ! ] فكل "حتمية " غير إرادة الله وقدره , هي قاعدة لعبودية لغير الله وقدره . . ومن ثم هذا التوكيد على التوكل على الله وحده , واعتباره شرطاً لوجود الإيمان أو عدمه . . والتصور الإعتقادي في الإسلام كل متكامل . ثم هو بدوره كل متكامل مع الصورة الواقعية التي يريدها هذا الدين لحياة الناس . [align=left]سيد قطب[/align] |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|