[عبدلله ابن عبدلله]

صار فرعون واعِظـا

في قصص الأمم الماضية عِبرة لِمعتَبِر ، وذِكرى لِمُدَّكِر ، وسلوى لِمُضطهَد .

لم ارى فِرعون من الفراعنة الا وقد قال هذه الاية في خصومة { إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ }

فلماذا تخاف اذن؟

ومِن مَن ؟!

من فئة قليلة وَصَفها بالشّرذِمة القليلة !

فلما الخوف و الَحذَر !.

ثم زَعم فرعون فيما بعد أنه وحده الحريص على مصالح الناس ، وأن غيره دَعِـيّ !
وأنه حريص على دِين الناس من أن يُبدّل أو يُغيّر !

فأراد أن يَقتُل موسى ، واستهزأ بموسى:
{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ }

ولكن من يُحارب الله يُخذل ، ومَن يُغالِب الله يُغلَب ، ومن يُعادي أولياء الله يُقصَم .

أليس فرعون هو صاحب تلك الدعاوى العريضة ؟!
أنه خير من موسى ؟
وأنه الحريص على مصالح الناس ؟
وأنه يَخشى على دِين الناس من التغيير ؟
وأنه يَخشى أن يُظِهر موسى الفساد في الأرض ؟

أين ذَهَبتْ عقول الناس حتى صدقوه ؟

لقد تلاعَب بعقولهم بدعاوى برّاقـة ، وأقوال ساذجة

( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ )

حينما يكون الفساد فساداً واضحا بيِّـناً ظاهراً جلياً .. فإنه لا يَخفى عوراه إلا على القوم الفاسِقين.

والا متى يكون الاصلاح فسادا ؟

ومتى تكون الدعوة الى الله تبديل لدين ؟

إلا عندما تنتكس الفِطر .. وتَمرض النفوس
فترى تلك النفوس المريضة الظلم قوة .. والشرك ممارسة طبيعية!.

كُـن مع الحق وعلى الحق ولا تُبالي بالْخَلْق ..

ولئن ظَهَر فرعون بثياب الوعّاظ والْمُذَكِّرين ، فقد بَرَز سَلَفه " إبليس " في ثياب الناصِحين ، فَحَلَف وأقسم بالله إنه لمن الناصحين !