[فديت أمي]

شغل الكون فكر الإنسان منذ خلق ادم وهبط علي الأرض وحتى الآن. ولم يستطيع الإنسان اكتشاف إلا
اقل القليل من خبايا وأسرار هذا الكون الكبير, ولكن اهتمامات الإنسان تركزت في بحثه عن أسرار
الكون علي العديد من الغوامض التي حاول أن يضع لها النظريات والتصورات ليفسرها. وكان من
هذه الأمور الغامضة نشأة الكون، وجاءت نظرية الانفجار العظيم لتفسر هذه النشأة من خلال افتراض
أن الكون خلق في لحظة واحدة من خلال انفجار هائل أدي إلي تشكيل هذا الكون بمجراته ونجومه
وكواكبه. ومادام هناك سؤال عن البداية فهناك دائما سؤال عن النهاية فما يحير البشر أكثر خلال هذه
الأيام هي نهاية الكون كيف سينتهي؟ ومتي؟
وقد حاول العلماء كل علي طريقته ان يضع تصورا او نظرية لنهاية الكون، وكان من اشهر هذه
النظريات نظرية الارتداد العظيم Big Crunch ، وهي مبنية علي أساس نظرية الانفجار العظيم
السابقة، التي تؤكد علي ان الكون في اتساع مستمر ناتج عن قوة دفع هذا الانفجار العظيم الذي حدث
منذ ملايين السنين, ولكن سيـأتي وقت تقل فيه سرعة اندفاع وتوسع الكون بفعل قوي الجاذبية
الخاصة بمركز هذا الانفجار او مركز الكون، مما يعني ان الكون سيبدأ مرة أخري في التراجع إلي
الوراء بمجراته وكواكبه وشموسه إلي المركز, وسيتضاءل حجم الكون بالتالي وينكمش، ولكن في
بداية الأمر سيكون الأمر غير ملحوظ لملايين السنين، لان الكون في تراجعه سيأخذ نفس الوقت الذي
أخذه في التمدد. ولكن مع تراجع الكون ليصبح 1\ 100 من حجمه الحالي تقترب الكواكب والشموس
وباقي الأفلاك من بعضها مما يعني ارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير.


ومع ازدياد الانكماش تزداد قوة الشموس وبريقها وترتفع درجة الحرارة إلي آلاف وملايين الدرجات،
مما يتسبب في فناء كل أشكال الحياة, ثم يأتي دور الكواكب والنجوم لتذوب بدورها وتتحول إلي ذرات
في ما يسمي بالحساء الكوني حتى يصل الكون في النهاية إلي نقطة المركز التي جاء منها، ووقتها
يصبح حجم الكون صفرا, ثم يتكون في هذا المركز ثقب اسود يمتص هذه النقطة الضئيلة إلي داخله
وينتهي الكون.


وهناك نظرية أخري تتصور نهاية اقل حدة للكون وتعتمد في تفسيرها علي ان الكون يتسع ويتمدد
ويتحرك معتمدا في ذلك علي كافة أشكال الطاقة التي تتوافر من خلال إشعاعات نجومه, والتي تعتبر
الوقود لمحرك الكون، ولكن هذه الطاقة في النهاية طاقة محدودة حتى لو استمرت لملايين السنوات
وبالتالي فان نهايتها حتمية، وعندها يتوقف الكون عن حركته التي تتضمن دوران الكواكب حول
نفسها وحول شموسها وحول المجرات التي تدور بدورها حول مركز الكون, مما يعني النهاية الحتمية
لكل مخلوق حي وبدء حركة دمار واسعة في الكون من خلال تصادم الكواكب والشموس وضياعها
في الفضاء بفعل فقدان الجاذبية، وبالتالي يتحول الكون إلي مقبرة هائلة.


ومن الاحتمالات الأخري المقبولة ان تكون نهاية الكون علي يد الثقوب السوداء التي تشكل واحد من
اكبر الألغاز التي واجهت البشرية. وتتكون الثقوب السوداء خلال موت النجوم التي تتحول بعد موتها

إلي أقزام ويبدأ حجمها في التراجع والانكماش ويحدث لها تضاغط حتى يصير حجمها في حجم الذرة
ثم يصل إلي الصفر وبعدها تتحول إلي ثقب اسود يقوم بامتصاص أي شيء يمر بجواره من كواكب
وأقمار حتى الضوء, لذا يبدو اسود اللون. وتأتي النهاية وفقا لهذه النظرية عندما تشتد جاذبية هذه
الثقوب فتقوم بجذب المجموعات الشمسية إليها وابتلاعها، وبالتالي ينتهي الكون. ويري علماء
المسلمين ان نهاية الكون من خلال الثقوب السوداء تتناسب مع ما ذكر
في القران الكريم, وذلك لان
الثقب عندما يبتلع أية مادة يقوم بطيها مثل صفحة في كتاب. وقد ذكر
في القران الكريم ان النهاية
ستأتي " [GLINT]يوم نطوي السماء كطي السجل".[/GLINT]