تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟


الصفحات : 1 [2]

احمد حسانين
27-08-2009, 13:18
بسم الله الرحمن الرحيم / كلمات الشكر لا توفيكم حقككم بجد ولا نملك سواها لذلك تقبلوا شكري وامتناني

احمد حسانين
27-08-2009, 13:24
بسم الله الرحمن الرحيم / اشكركم واسف عن انقطاعي وكل عام وانتم بالف خير

الميلود
27-08-2009, 14:36
بارك الله فيكم وهل من مزيد!!حقيقة هي كلمات لا تشبع منها الارواح زدنا يامحمد يوسف جبارين

محمد يوسف جبارين
28-08-2009, 02:02
الأشعة الكونية

بقلم : محمد يوسف جبارين ( أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين


حين يكون كلام على عواصف شمسية ، وتأثيرها على المناخ والحياة في الأرض ، بما في ذلك تأثيرها على الأقمار الصناعية ، وشبكات الاتصال ، فانما ذلك يقتضي فهما لكيفية نشوء هذه العواصف ، ومكوناتها ، وما لها فيزيائيا من أثر على الانسان وعلى الأجهزة الالكترونية ، وعلى النبات والحيوان ، وذلك تحصيلا لمعرفة صحيحة بالاجابة على كل تساؤل متصل بهذا الجانب من العلم الذي يندرج تحت عنوان الأشعة الكونية ، وتأثيراتها البيولوجية ، وتأثيرها على المناخ .
كلمة الأشعة الكونية ، انما تعني الجسيمات التي تأتي من الشمس ، ومن أطراف مجرتنا درب التبانة ، من نجم نيوتروني ( له مجال مغناطيسي عالي الشدة ) ، من سوبرنوفا ( انظر ملحق2 ) ، ومن أرجاء الكون الأخرى ، ومنها ما يأتي بسرع عالية جدا بسبب من آليات تسريع ( أمواج رعدية مثلا ) أكسبتها سرعتها ، وتغزو الأرض ، فيكون التأثير المتبادل بينها وبين المجال المغناطيسي للأرض ، وأيضا بينها وبين الغلاف الهوائي .
وتلك الجسيمات (الأشعة الكونية ) ، هي بروتونات ، ألكترونات ، ذرات ينقصها الكترون أو أكثر ، أو تنقصها كل الكتروناتها ( خسرتها في خلال تصادمات مع غبار كوني على طول مسارها ) . وكما أنها تصل الأرض فهي أيضا تصل الكواكب السيارة الأخرى والقمر ، فدراستها هي مهمة علمية ضرورية ، لسلامة المركبات الفضائية ورواد الفضاء . وأيضا لسلامة ركاب الطائرات ، ولفهم متغيرات كثيرة تطرأ على المناخ ، ولربما لها تأثيرها على الحياة ، وأمور أخرى لها صلة بالبحث العلمي ، فمثلا نشوء نظائر مشعة ، منها كربون 14 ، وهي التي تنشأ في الغلاف الهوائي بسبب من تصادمات بين جسيمات من الأشعة الكونية وبين ذرات من الهواء ، ولهذه بليغ أهمية في تحديد أعمار الأشجار ، والعظام ( بقايا هياكل عظمية ) ، والصخور ، وهذا جانب من علم الآثار ، وله أهمية في اعادة ضبط وقائع التاريخ مع زمانها .
وعلى ذلك فتناول الأشعة الكونية بالكتابة عنها ، انما يتطلب انتظاما في السرد الموضوعي ، وهذا يعني استطالة في المقال ، ليكون التناول ميسرا للفهم ، الا أنني سوف أترك هذا الى كتابة قادمة أتناول فيها موضوع الأشعة الكونية بتفصيل ميسر للفهم ، فأما هنا فسوف يكون اقتصار الكتابة على الاشارة بالملاحظة المفيدة لتصور تناقلته الصحافة من دون تدقيق كامل بتفاصيله ، وهذا التصور هو أن عاصفة شمسية سوف تضرب الأرض في خلال الدورة الشمسية التالية ، وبأنه في عام 2012سوف تكون هذه العاصفة ما يتسبب بتأثير بالغ الخطورة على الأقمار الصناعة وعلى المناخ وعلى شبكات الكهرباء التي تصل المدن أو المصانع ، وقد تناهى الوصف في النقل الى اغراق في توصيف المخاطر ، بل ومبالغة في توصيف الضرر .
ثم اني سوف أضيف الى ملاحظتي عن ذلك التصور ، اقترابا علميا من الأشعة الكونية ، بحيث يصبح سهلا على القارىء الاقتراب من هذا الموضوع الذي أصبح متصلا بتطور حياة الانسان في الأرض ، على أمل أن نلتقي مع مقال أتناول في الأشعة الكونية تفصيلا .
أما عن ذلك التصور ، وما ذهب من قال به الى أن عاصفة شمسية ، سوف تكون بذاك الحال الذي تغدو فيما يصل منها أو من توابعها ، الى سطح الأرض بحيث تعلو في الجهد الكهربائي في خطوط الكهرباء فتتسبب في حرائق وفي خراب ، وما الى ذلك من توصيف ، فكل هذا كلام لا يتجاوز التخمين ، ومحاولة الافتراض ، فليس بين يدي العلم قوانين مضبوبة يمكن بها التنبوء في ما يتصل بحال كهذا الذي تم سرده ، فهو التخمين والاحتمال ..فلا أقل ولا أكثر .. فالمجال المغناطيسي للشمس مركب ومعقد ، ولم يزل من الصعب لمثلي ، أو لأي من الفيزيائيين الفلكيين أن يقول بأن بين يدية قوانين يمكن ، أن يعرف بها مجرى سلوك البقع الشمسية ( شكل 1 ) أو المجالات المحلية المغناطيسية ( شكل 2 ) أو المجال المغناطيسي للشمس برمته ، فالتنبوء صعب ، ومقترن بالخطأ الذي لا يفارق ، ذلك هو الحال القائم في هذا الجانب من العلم( المجال المغناطيسي للشمس ، والمجالات المحلية الناشئة والمقترنة بدورة البقع الشمسية ) ، لكن هذا الاحتمال الذي سال على الألسن وجرت به أقلام الصحف ، انما هو ناتج عن تصور افتراضي لدورة البقع الشمسية ، وأيضا لبقع شمسية تظهر ، يترتب عليها انفجارات مغناطيسية هائلة ( شكل 3 ، شكل 4 ) ، تؤدي الى رياح شمسية مذهلة في ضخامتها ، وهذا يبقى افتراض ، يدور به تصور افتراضي ، ومع ذلك فكل ذلك يمكنه أن يكون سؤالا نظريا مفيدا في دراسة مدى تأثير الأشعة الكونية ( وعلى الأخص منها المنبعثة من الشمس ) . الا أن الذي يدعو الى تصور كهذا ، انما يتطلب النظر الى ما يجري الآن من حال ظهور البقع الشمسية ، فمن يدخل على القمر الصناعي سوهو SOHOsun spots سوف يلاحظ بأننا نمر في هذا العام ، في فترة الحضيض ، أي الفترة التي لا وجود فيها البقع شمسية على سطح الشمس ، ولقد طالت هذه الفترة ، وحيث أن دورة البقع الشمسبة هي 11 سنة ، ( 5.5 سنة يتتالى ظهور البقع و5.5 يتتالى اختفاؤها) ، فالتصور بأن ذلك يمكن أن يترتب عليه في الدورة القادمة ظهور بقع شمسية كبيرة جدا ، ، ما يترتب عليه بالتالي انفجارات مغناطيسية عالية الشدة ، وهذه تعني رياح شمسية هائلة تتقدم بسرعة مابين 400كم/ثانية الى 1000كم/ثانية من الشمس الى خارجها فاذا هذه اصطدمت بالأرض( ومن الجائز أن تتجه بعيدا عن الأرض ) فان تأثيرها على مناخ الأرض ، وعلى الحياة سوف يكون من ألأهمية ، ما يستدعي الدراسة والفهم ، فاذا ثمة افتراض لنشوء رياح شمسية تتسبب بكل هذا المتخيل في الأرض ،أو هو شبه هذا الذي يمكن توقعه ، فهو يظل في دائرة الافتراض والمتخيل ، في هذا الجانب من التأثير لعاصفة شمسية على مناخ الأرض ، فلا شك في تأثير الأشعة الكونية على المناخ الا أن ما قيل انما فيه الاسراف الكبير في تصوير مدى التأثير على المناخ وعلى وسائل الاتصال على الأرض ، فثمة خطورة للأشعة الكونية على المركبات الفضائية وتأثير على المناخ ، وكل هذا يحسب حسابه ، والمسألة برمتها تحتاج الى وضع كل مسألة بصورة دقيقة للاجابة بدقة عليها . وأحسب بأن الاقتراب من ظاهرة البقع الشمسية أو المجالات المغناطيسية في الشمس انما يحتاج الى سرد توضيحي يطول ، وكذلك شرح الرياح الشمسية المترتبة على الانفجارات المغناطيسية ، وما لها من تأثير على المجال المغناطيسي للأرض ، وأيضا على المناخ برمته ، فكل هذا يحتاج الى تناول مرتب ومفصل لا على عجالة كما أقول في سرد كهذا .
ويكفي هنا أن نشرح باختصار ما البقع الشمسية ( شكل 1)، والانفجارات المغناطيسية ( شكل 3 ، شكل 4 )، والمقذوفات من أكليل الشمس ( شكل 5 ) ، وأيضا تأثير الرياح الشمسية على المجال المغناطيسي للأرض ، وما يتصل بذلك من ظاهرة الشفق القطبي ، وغير ذلك من أحزمة فان ألن ، فلعل في ذلك ما يساعد على فهم كلمة عواصف شمسية وتأثيرها على المناخ .

ومن المفيد لفت الانتباه الى أن البقع الشمسية ( شكل 1 ) ، انما هي مناطق من سطح الشمس تظهر فيها مجالات مغناطيسية محلية عالية الشدة ، فبين بقعة وبقعة أخرى تليها ، خطوط المجال المغناطيسي ، تخرج مثلا من الشمس لتمر في بقعة لتعلو فوق سطح الشمس لتعود ، لتدخل من البقعة الأخرى ، فكلا البقعتين تشكلان معا ، مغناطيسا ، فبقعة تكون قطبا شماليا له والبقعة التالية قطبا جنوبيا .
في ( شكل 2 ) نرى مجالات مغناطيسية محلية فوق سطح الشمس ، خطوط المجال المغناطيسي تمر ما بين بقعة ( قطب شمالي ) وبقعة أخرى ( قطب جنوبي ) . بمرور الوقت تمتلء هذ المجالات بالالكترونات والبروتونات ، فكل بروتون أو الكترون يلف حول هذه الخطوط المغناطيسية ، فهو في قبضتها . وبالامكان تصور مجال مغناطيسي محلي ، ترتفع خطوطه المغناطيسية الى ما يقارب 50000 كيلومترا ، فاذا البقعة الشمسية باتساع نصف قطر الارض ، أو أقل أو أكثر ، ويكون مجال كهذا قد امتلاء بالجسيمات من مثل الالكترونات والبروتونات ، فان تماس مجالين محليين يترتب عليه تحرير طاقة مغناطيسية هائلة (انفجارات مغناطيسية ) ، فالجسيمات تتسارع تحت تأثير المجالات المغناطيسية ، وبسبب من التماس وما يلية ، تنفتح الخطوط المغناطيسية ، ما يترتب عليه اندفاع هذه الجسيمات الى خارج الشمس ، بسرع ( ما بين 400كم/ثانية وبين 1000كم/ثانية ) وهذا التدفق لهذه الجسيمات الى خارج الشمس هو ما ندعوه بالرياح الشمسية . ولا يصح أن نفهم بأن الجسيم المندفع الى خارج الشمس بأنه متحرر من قبضة المجال المغناطيسي ، بل هو في اندفاعة الى الخارج بعيدا عن سطح الشمس يلف بتسارع ما حول خط مغناطيسي ، وحيث أن كل شحنة كهربائية متحركة بتسارع ما ينشأ من حولها مجال مغناطيسي ، فان تلك الكتلة ( الرياح الشمسية ) المندفعة الى خارج الشمس انما هي أشبه ما تكون بكتلة ضخمة من مجال مغناطيسي متحرك بتسارع معين ، لهذا اذا ما هذه الرياح الشمسية اصطدمت بالأرض ( شكل 6 ) فان تأثيرها على المجال المغناطيسي سوف يكون من الأهمية بمكان ، ثم ان الجسيمات التي تتكون منها الرياح الشمسية في حين اصطدامها بالمجال المغناطسي للأرض سوف تعاني تأثير المجال المغناطيسي للأرض عليها ، فليس كل جسيم يمكنه أن يصل سطح الأرض ، فأما الجسيمات التي تستطيع أن تدخل أطراف الغلاف الهوائي العليا فانها تصطدم بذرات الهواء وتتسبب بتفاعلات نووية ، لربما نواتجها من جسيمات( من مثل الميئونات ، أشبة ما تكون بالالكترونات ، لكن كتلتها تقارب 200 مرة من مثل كتلة الألكترون ) تصل سطح الأرض ، وغالبا ما يترتب على تلك التفاعلات ، تفاعلات أخرى غيرها نووية ، يترتب عليها جميعا اشعاعات وجسيمات ، تأخذ دربها في اتجاه سطح الأرض وتبدو أشبه ما تكون بفيض من جسيمات وأشعة ، ما دعا الى توصيفها بأسم مطر من جسيمات متدفق في الهواء .
وليست آلية الانفجارات المغناطيسية وحدها التي تتسبب في اندفاع كتل من مادة الشمس الى خارج الشمس ، فندعوها رياحا شمسية ، أو أشعة كونية شمسية (آتية من الشمس ) ، وانما هناك أيضا آلية أخرى ليست مفهومة بالتمام ، ولكن تفسيرا مقبولا يعطى لسبب نشوئها ، وهي ظاهرة مقذوفات من مادة اكليل الشمس ( شكل 5 ) الى خارج الشمس ، فما يحصل هو أن مجالات مغناطيسية محلية ( شكل 2 ) ، تكون ممتدة في علوها الى داخل اكليل الشمس ، وتمتلىء بمرور الوقت بالبروتونات والالكترونات و...( وهي كلها معا تتسمى بالبلازما بل مادة الشمس كلها بلازما وهي كلمة ليست عربية تعطى كأسم لحالة المادة الرابعة أي لا غازية ولا صلبة ولا سائلة فهي بلازما ) ، فهي في حال كهذا تبدو كغيمة على علو شاهق فوق سطح الشمس ، وبسبب من موجات رعدية التي تنشأ لأسباب يمكن قولها ، فتؤدي الى اندفاع هذه الغيمة أو الكتلة من البلازما الى خارج الشمس ، ولقد تراوحت سرع هذه المقذوفات من اكليل الشمس ما بين 20كيلومترا في الثانية الى 2700كم/ث ( وفي المتوسط فالسرعة هي 489كم/ث ) ، والجسيمات التي تتشكل منها كتلة مقذوفة كهذه في غالبيتها العظمى من البروتونات ، ونسبة ما من الألكترونات وقليل من عناصر مثل الهيليوم والأكسجين والحديد ، وغيرها . ولنذكر مثلا مقذوفة كتلتها 10كيلوغراما ، وطاقتها 10جولا وسرعتها 2700كيلومترا في الثانية ، وبالنسبة للآلية الأخرى وهي الانفجارات المغناطيسية ، فلقد كان أكبر انفجار مغناطيسي تم تسجيله ، مصحوبا بدفع كتلة من مادة الشمس الى خارجها ، مقدارها 10 بليونا من الأطنان ، وكانت سرعة هذه الكتلة 1500كيلومترا في الثانية تقريبا .
وبفضل كافة الآليات التي تتسبب في قذف مواد من الشمس الى خارجها ، فان خسارة الشمس من كتلتها في غضون 150مليونا من السنين يماثل كتلة الأرض ، ولقد خسرت الشمس حتى الآن ما يعادل 0.01% من كتلتها ، وفي المتوسط يمكن القول بأنه كل ساعة تخسر الشمس ما بين 6 الى 7 بليونا من ألأطنان من كتلتها .


وباندفاع هذه الرياح الشمسية ، الى خارج الشمس فانها تكون أشبه بغيمة من مجالات مغناطيسية متحركة ، فاذا تصادف أن كانت الأرض في طريقها ، فانها تصطدم بالمجال المغناطيسي للأرض ( شكل 6 ) ، فالحال كما مجال مغناطيسي يضغط على مجال مغناطيسي آخر ، ولهذا تنضغط خطوط المجال المغناطيسي للأرض ، التي تكون في الجانب المقابل للشمس ، بينما استمرار الرياح الشمسية ( ألأشعة الكونية الآتية من الشمس ) ، في حركتها ..في تقدمها تؤدي الى امتداد المجال المغناطيسي للأرض على طول سيرها . وهذا هو حال المجال المغناطيسي للأرض تحت تأثير الرياح الشمسية . وهو بالاضافة الى ذلك يحافظ على الحياة في الأرض من تأثير الاشعة الكونية ( الرياح الشمسية ، وأيضا الجسيمات االمختلفة الآتية من أطراف المجرة ، من سوبرنوفا ، من نجم نيوتروني ، ... وغيرها الى الأرض ) ، فلولا أن للأرض مجال مغناطيسي لاستحالت الحياة البشرية بسبب من الأشعة الكونية التي كان يمكنها بتأثيرها على الخلايا الحية أن تنهي الحياة ، ولا يمكنها من الاستمرار ، وكذلك الغلاف الهوائي المحفوظ في الأرض بسبب جاذبية الأرض له دوره الفاعل في الحفاظ على الحياة ، اذ في غيبة الهواء كما الحال في القمر تستحيل حياة رائد فضائي من دون وقاية ( السترة التي يرتديها رائد الفضاء) من الأشعة الكونية الآتية من كل اتجاه وخاصة من الشمس .
كذلك الأشعة الكونية لها تأثيرها على الأجهزة الألكترونية ، فدوما السؤال عن مدى هذا التأثير وذلك من أجل وقاية المركبات الفضائية ورواد الفضاء ، وأيضا الطائرات وركابها . ومهما بلغت الوقاية فانها ، لا تلغي في الغالب كل تأثير ما لهذه الأشعة الكونية ، فكل رائد فضاء يتعرض لهذه الأشعة ويبتلع جسمه في خلال رحلته مقدارا معينا من هذه الأشعة ، فاذا تجاوز ما يبتلعه جسمه من طاقة حدا معينا ، فان تأثيره يكون سلبا على صحة رائد الفضاء .
وتتأتى دراسة الأشعة الكونية الآتية من الشمس ، ومن أطراف الكون بواسطة أجهزة خاصة لذلك ، توضع على أجسام أقمار صناعية ، وأيضا هناك الأجهزة التي تقيس مكونات هذه الأشعة من على سطح الأرض ، وهناك قمر سوهو الذي يرصد النشاط المغناطيسي للشمس ، وما يترتب على ذلك من بقع شمسية وانفجارات مغناطيسية ومقذوفات من مادة أكليل الشمس ، وأيضا أشعة اكس وغير ذلك .

وبواسطة عداد النيوترونات يمكن متابعة فيض الأشعة الكونية( مقدار الأشعة الكونية التي تصل المتر المربع الواحد في الثانية الواحدة ) التي تصل سطح الأرض وأجراء تقدير لها ، وأيضا تقديرها خارج الأرض ، وحساب مقدار تأثير الضغط الجوي على بلوغ هذه الأشعة سطح الأرض ، وسرعان ما يتضح بأنه كلما كان الضغط الجوي أكبر فكلما كان مقدار الأشعة الكونية التي تصل سطح الأرض أقل ، ويتبن أيضا بأن الأشعة الكونية الواصلة سطح الأرض تأخذ بالازدياد مع الابتعاد عن خط الاستواء والاقتراب من القطبين الشمالي أو الجنوبي ، فأقل مقدار للأشعة الكونية بمحاذاة خط الاستواء من جانبيه ، وأكبر مقدار لها عند القطبين الشمالي والجنوبي ، ويعود سبب ذلك الى دور المجال المغناطيسي ، فهو يقود الجسيمات المشحونة كهربائيا ويتسارع بها في اتجاه القطبين المغناطيسيين ، ما يتسبب في تصادمات بين هذه الجسيمات ( التي طاقتها ما بين ألف الكترون فولت الى مائة الف الكترون فولت ) وبين ذرات الهواء ، وذلك في طبقات عليا من الغلاف الهوائي ، على ارتفاع 80 كيلومترا تقريبا من سطح الأرض ، فتؤدي الى استثارة هذه الذرات وأيضا الى تأيينها ، ما يترتب عليه انبعاث أضواء بألوان شتى ، الأحمر، الأخضر ، و... ، وهذه الألوان دالة الذرات التي تتأيين أو تستثار ، فمثلا نجد بأن الألوان التي تنشأ نتيجة تصادم مع جزيئات وأيونات من النيتروجين ، انما هي على مستوى منخفض من اللون الأحمر ومستوى عال من اللونين ألأزرق والبنفسجي ، وفي الغالب فان التصادم مع الغازات المختلفة تترتب عليه ألون مختلفة ، وأما الأضواء التي تظهر فانها تتسمى بظاهرة الشفق القطبي ( شكل 8 )، الذي يمكن ملاحظته في المناطق القريبة من القطبين الشمالي والجنوبي .
كذلك فان المجال المغناطيسي للأرض يحتجز في داخله كميات كبيرة من الأشعة الكونية ( الكترونات ، بروتونات ، أيونات (ذرات ينقصها الكترون أو أكثر ) ) ، ( شكل 7 ) فهناك حزام في غالبيته العظمى الكترونات ( الحزام الخارجي ) ، وغيره حزام آخر في غالبيته بروتونات ( الحزام الداخلي )، وكل حزام منها يدعى باسم حزام ( فان ألن ) ، فأما الحزام الخارجي فهو فوق سطح الأرض على مسافة ممتدة ما بين ثلاث الى عشر مرات من مثل نصف قطر الأرض ، وطاقة الجسيمات في هذا الحزام تترواح ما بين 0.1 الى 10 مليون الكترون فولت ، وأعلى شدة يمكن تمييزها في هذا الحزام فانها على ارتفاع 4- 5 من مثل نصف قطر الأرض ، أما الحزام الداخلي فهو يشتمل على تركيز عال من البروتونات ، ذات طاقة تترواح ما بين عشرة الى مائة مليونا من الآلكترون فولت، وهو فوق سطح الأرض على مسافة ممتدة ما بين ما يعادل 700 كيلومترا الى 10000كيلومترا ( أي ما بين 0.1 الى 1.5 من مثل نصف قطر الأرض ) .


ملحق (1) :

ثمة اشكالية تعم العالم العربي في كل ما يتصل باللفظ في العربية المتطابق مع المعنى الذي يشير اليه ، وهذه في حقيقتها أزمة فهم للموضوع الذي يتناوله كاتب النص أكثر منها أزمة لغة ، فالمطلوب في كتابة النص العلمي أن يكون كاتبه محيط بالموضوع ، فهو يمتلكه من حيث الفهم أولا ، ومن هنا يصبح عليه أن لا يترجم اللفظ في الانكليزية بغير ما يعنيه في السرد الموضوعي ، فكذلك يجب أن يكون حال انتقاء اللفظ ، وكذلك اللفظ يؤدي وظيفته في الاشارة الى مقصوده .
ولكي أريح القارىء في الانتقال بين هذا النص الذي بين يديه وبين الانتقال الى نصوص في اللغة الانكليزية ، آثرت أن أورد له بعضا من ألفاظ وردت في النص ، وما يقابلها في اللغة الانكليزية : ( الأشعة الكونية ..cosmic rays ) ، ( الرياح الشمسية .. solar winds ) ، ( مجالات مغناطيسية محلية ..Local magnetic fields ) ، ( بقع شمسية ..sun spots ) ، ( انفجارات مغناطيسية .. flares ) ، ( اكليل الشمس ( أو هالة الشمس ) .. corona ) ، ( مقذوفات من مادة اكليل الشمس .. coronal sun ejection ) ، ( عاصفة شمسية .. ، ( sun storm ( شفق قطبي .. aurora ) .


ملحق (2) :

سوبرنوفا (supernova ) : نجم كتلته تقارب عشرة أضعاف كتلة الشمس أو تزيد ، يمر في كافة مراحل التطور ، الى أن ينهار على ذاته في انفجار هائل لربما لا يتبقى منه شيء الا ويتناثر في الفضاء من حوله ، أو يكون انهياره بحال يترتب عليه انفجار هائل تندفع فيه طبقات منه كبيرة الى الفضاء ، ليبقى من بعد ذلك منه ،نجم مكون في غالبيته العظمى من النيوترونات ، أي نجم نيوتروني (neutron star ) ، فاذا كانت كتلة هذا النجم كبيرة بما يكفى لغلبة الجاذبية ، فان هذه الجاذبية تسنمر في تقليصه ليصبح في نهاية المطاف ثقبأ أسود (black hole ) ، وأقل ما نقول به هنا ‘ن الثقب الأسود هو أن له من حوله أفق حوادث ، ومن هذا النطاق لا تتمكن أشعة أو ضوء من مغادرة هذا الأفق ، وذلك بسبب الجاذبية التي تثني أو تحني الأشعة في مسارها وتحول بينها وبين ذلك .
وتجدر الاشارة الى أن الأمواج الرعدية الناشئة في السوبرنوفا ، من جراء انهياره وانفجاره ، فانها تكسب جسيمات سرعا هائلة ، ولربما أن من هذه الجسيمات ما يأتي كأشعة كونية من أعماق الفضاء الى الأرض ، وكذلك فأن لنجم النيوترون مجال مغناطيسي كبير ، فلربما يكون له أيضا مساهمة في تسريع جسيمات يصل بعضها الى الأرض بسرع كبيرة جدا .


ملحق (3) :

( أ ) : موقع قمر سوهو لمتابعة البقع الشمسية على سطح الشمس :

http://sohowww.nascom.nasa.gov/sunspots/

( ب ) : موقع متابعة ( جامعة ولوو ) للاشعة الكونية :

http://cosmicrays.oulu.fi/

( ج ) : موقع متابعة ( جامعة موسكو ) للأشعة الكونية :

http://helios.izmiran.rssi.ru/COSRAY/main.htm

محمد يوسف جبارين
28-08-2009, 02:04
ولنا في التعليم حياة

بقلم : محمد يوسف جبارين ( أبوسامح).. أم الفحم..فلسطين

ان استشراء الجهل يضمن خلخلة أكيدة للنسيج الاجتماعي وتفككا يستبقي بذور الضياع والفوضى والفساد ويرعاها وينميها ، فيمتنع بذلك النماء على كل صعيد .
فهذا الجهل له من السطوة والقوة ما يمكنه أن يجعل المجتمع محبوسا في دائرة الضعف والهوان والاستنقاع ، وهي دائرة تتجمد في نطاقها الامكانات المادية والبشرية ، وأيضا الطاقات الفكرية ، وتنهار المقدرة على توفير المقومات المادية للحياة .
والجهل ينشىء قلقا وجوديا واحساسا دائما بفقدان السيطرة على المصير ، وهكذا يضمن الجهل رسوب البنية الاجتماعية في قاع تتحول عنده في مدى الأيام ، الى مستنقع تستنقع فيه القوى الهابطة والفاسقة ، وأيضا الفاجرة ، فيتاح لها أن تنسج نسيجها ، وأن تمد شباكها ، وأن تحقق ذاتها ، كقنوات هضمية أو كمصاصات لآمال الناس وجهدهم .
وعلى ذلك انحياز الناس الى التعليم واصرارهم على لزوم الرعاية الحقة لهذا النطاق العظيم ، انما يكشف عن وعي عميق – لدى أهلنا – بمقدار ما للتعليم من أهمية في التمكين لهم وللأجيال الصاعدة من الاقتدار على صعود معارج الرقي الانساني .
فالتعليم هو النطاق الذي يكتشف خلاله الانسان انسانيته ومقدرته على الأخذ بأسباب التقدم وارساء قواعده ، اعلاء لشأن الانسان وحقه ، في أن يحيا حياة كريمة عزيزة .
والتعليم هو مفتاح هذه الحياة العزيزة ، وبه تعلقت مفاتيح بوابات الخلاص من براثن التخلف بكل ألوانه وأشكاله ، فمن دون المقدرة الفكرية والعلمية ، لا يمكن للجماعة البشرية أن تفيد من امكاناتها المادية والبشرية ، ولا يغدو في مقدورها أن تجعل من حركة التطور الاجتماعي متسارعة الخطى وثابة ، لا تكل ولا تمل ، تغالب الصعاب وتقهرها ، وتتقدم صوب غاياتها ، وتنهض من جديد ، واثقة بخطها ، فوارة العافية والطاقة ، وتندفع ناحية غاياتها المتجدده .
ونفهم من سير التاريخ ، والقفزات النوعية التي حققتها الأمم خلال تطورها الاجتماعي ، أن الجماعة الانسانية التي جعلت التعليم ركنا أصيلا لنهضتها من كبواتها المتلاحقة ، قد أنجزت النهوض ، وتسارعت بقواها الذاتية عجلات تقدمها ، وقد كان العلم لديها نتاج ثروتها العقلية الموظفة في ترقية حياتها ، وحفظ أمنها ، وتوفير أمانها ، فبعد أن استوعبت علوم عصرها ، دمجتها في واقعها الاجتماعي ، وذلك في خلال عملية التعليم وأولت الثروة العقلية والذكاء الخارق والمتميز أولوية ورعاية متميزة ، ووضعته في اتجاه غايات محددة ومستطاعة ، أو ممكنة الاستطاعة ، وبحرصها على دوائر البحث العلمي ، وتوسيع نطاقها ، كفلت لثروتها العقلية النماء والابداع والتجديد والتجدد .ومن حيث أنها لم تعزل نفسها عن الدنيا ، ولم تترك لثروتها العقلية والعلمية أن تنزوي وتتشرنق في دائرة حدودها ، بل تركتها مع حرصها على أمن الجماعة وأمانها تتفاعل وتتلاقح مع الثروة العقلية في العالم من حولها ، وأمكنت لنفسها الفاعلية الذاتية ، وديمومية التوسع الذاتي لدائرة امكاناتها ، وممكناتها وامكانياتها ، وهرأت الصعب ، وحققت ما كان يوسم في زمن سابق بأنه مستحيل .
فأصوب الصواب أن يقال ، بأنه ما من أمة جعلت التعليم ركن نهضتها الا وسادت . فانه الركن الضمان المتوقد حياة ، والمتدفق طاقة فكرية وعلمية ، تكفل للأمة توفير احتياجاتها المادية ، وتوفير أسباب المنعة ، فتحيا كريمة ، ولها سطوة وشوكة . وما من جماعة من الناس سلت العلم ودوائره ، الا وأغرقت حياتها ومعاشها ، في ضعف يعتصرها ، فيجعلها منكوبة في حياتها ، متوارية وراء حواجز الظلام ، مهزوزة الثقة بنفسها ، محبوسة الأنفاس ، محدودة من حيث مقدرتها على حل مشكلاتها اليومية ، ولا وزن لها في مواجهة قضاياها الاساسية ، وفي مقدمتها قضايا الأمن ، والكفاية والعدل والرخاء ، تغدو مستصلحة في غير صالحها ، مستزرعة بجراثيم تحسب عليها همساتها وهمهماتها ، وايماءاتها وأنفاسها ، وتضمن لها دوام قيودها ، فتبقى مستباحة طاقاتها المادية والبشرية ، ينتفع بها غيرها ، وما يستبقي لها منها ، سوى فتاتا ، تسد به رمق عيشها ، ولا تتجاوز ، وذلك لتداوم هي بنفسها ، وباختيارها على اتاحة استلابها ، وامتصاص ماء الحياة منها ، وليصب هذا الماء ، في جوف ، وفي عروق صاحب المصلحة ، في هذا السلب ، وهذا المص ، وهو من بشهوته وارادته تتوالد تحولية تحيل حياتها الى صورة أخرى من حياة العبيد . وقد تحال الى ذلك الحال ، بأسلوب التحريك للعلل والعوامل والحوافز ، فتتحرك ذاتيا ، وما تدري أن قوة تجتذبها ، وتسيرها وتملي لها ، وان منعة هذه القوة المحركة قد تمكن بفن الكيد الذي يمتاز به من يتربع في داخلها ويديرها ، بأن يسوسها السياسة التي يشاء ، في اتجاه غايات السلب وانهب التي يشاء . ولعل هذا الاسلوب الذي تعتمده الشركات الضخمة المستغلة طليعة الاستعباد ، أو الامبريالية العالمية على وجه الخصوص ، قد صيغ بمهارة ، ويمارس في احالة أمة أو شعب من الشعوب ، أو جماعة من البشر غارقة في حياتها البلهاء والعمياء ، الى جماعة من العبيد ، الذين يجيدون العمل في أسواق العمل الرخيص ، ويقبلون بما حازوه من مال ، على السلع الاستهلاكية ، التي لا تضيف في حل جزء من مشكلة واحدة من مشكلات التنمية المستعصية .
ولما للتعليم من دور مركزي ، في تجديد حياة الناس ، نجد الجماعة التي تريد أن تتجدد ، بملاحقة التقدم ، بل في تحقيق سبق حضاري على من سبقوها الى المستقبل . نجدها وقد اهتمت بالتعليم ، وتضاعف اهتمامها به ، في مجرى الزمان وتجعله اداة تجددها ، وذلك لادراكها ، بأنها به تستطيع ان تبعث من جديد ، وهي أقوى وأصلب ، وأقدر على تنفيذ الحلول لمشكلاتها ، وعلى الأخص منها المعيشية والأمنية .
صحيح أن التعليم هو الصهريج العظيم الذي تنصهر فيه الجماعة من الناس ، فتتزود بانصهارها فيه بقدرات حقيقية تتيح لها أن تصبح أكثر قدرة على تحقيق آمالها .
ولقد اقترن الاهتمام بالتعليم ، وكذلك الاهمال له بصورة الحياة وماهيتها المترتبة على هذا أو ذاك ، وكانت الصورة قبيحة حيث كان الاهمال يأخذ مجراه ، وكان القبح بذاته الدليل على بشاعة الاهمال ، وبؤس مقولاته وخبث توجهاته . وما اختلف الاهمال التلقائي المنحدر من استدامة الجهل ، عن فظاعة اهمال قسري ينبيء بدهاء ومكر فظيعين ، وذلك لطي التعليم ، ومحوه في شعب يراد سلبه كرامته وعزته ، بنية السيطرة عليه ، لانتزاعه من ترابه ، ولانتزاع ترابه منه ، ولعلها حركة الحوادث في ساحاتنا ، ووقائع أحداث التاريخ القريب والبعيد ، فصيحة الدلالة في هذا الجانب ، وتنطق بملء الفم ، بأن سياسات التجهيل ، قد خدمت أهداف السيطرة ، وأن أنامل هذه السياسات وأنيابها امتدت الى التفنن في خلخلة صروح العلم والثقافة ، بعدم توفير أسباب رقيها وازدهارها ، أو بعرقلة نموها باغراقها بالصعوبات التي تحد من تقدمها ، أو تؤدي الى تصدعها وانهيارها .
وليس الى هنا توقف السياسات ، فالتارخ يجيد الافصاح عن مواجهات سافرة للتعليم ، بلغت حد اغراقه بالموت ، وذلك قد تم تنفيذه وفق خطة موضوعية بعناية ، ولها نفس طويل ، وتم تنفيذها برتابة ، ومن مرحلة الى أخرى ، حتى جاء وقت اذا اراد الفرد من الناس أن يقرأ سطرا مسطورا ...عليه ، أن يجوب منطقة جغرافية بحالها ، ليجد بعد لأي وصعوبة فردا من الناس يقرأ له السطر أو يكاد . وتلك كانت أمية ألغت من الناس كل امكانية حل مشكلات لم يعرفها أحد . وما درى أحد ما يجري في عالمه ، فالعالم يتحرك من حوله ، ومصائد الكيد تنصب له حيث مصيره ووجوده ، ومشاغله شيء آخر ، حتى فوجىء فسقط هو وواقعه الاجتماعي . وكان السقوط فظيعا ، وما أن تنسم جيل من بعده روائح العلم والثقافة ، وباتت أبخرة الجهل ممجوجة حتى وعى هذا الجيل عصره وفهم العالم من حوله واذا به مكلفا تاريخيا أن ينقل الجبال من مواضعها .

لولوكاتي
28-08-2009, 06:29
ان شاء الله

شكسبيره
28-08-2009, 06:56
فكره جيده تحفز للابداع

زولديك
01-09-2009, 22:15
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ......بإذن الله يا اخ king و اتشرف ان اكون عضوا فقط وليس متميزا لني كوني عضوا في منتدى الفيزيائيين العرب يكفي......... بإذن الله اكون العضو المتميز ......لكن هل له شروط ام ماذا و ما هي و جزيتم كل خير

زولديك
01-09-2009, 22:17
جزاك الله خير

cezer 1st
04-09-2009, 15:57
افكار تشيعية ررررررررررررررررررررررروعة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! !!!!!!!!!!!!!

cezer 1st
04-09-2009, 16:01
آسف تشجيعية!!!!!!!!!!!

جنة التائبين
05-09-2009, 13:37
ان شاء الله .. ليش لأ !؟

محمد92
06-09-2009, 06:23
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالتوفيق للجميع
الف شكر:s_thumbup:

كويتي ولي الشرف
08-09-2009, 00:39
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا على هذا المنتدى الرائع وجعله في ميزان حسناتك ونفعنا وإياك فيما تعلمنا

هاجر مهدي
08-09-2009, 11:27
جزاك الله الجنه يا كنج علي هذه الفكرة الرائعة

ذالنون محمد
08-09-2009, 14:16
نعم
وشكرا يا اخت هاجر

فوتو الكترون
08-09-2009, 22:31
ارجو الاستفسار من ذالنون محمد لجملة يا فوتو الكترون هل تريد ان تكون عضو مميز مع انى ليس لدي اي مشاركات

AL_HAWAWI
15-09-2009, 15:52
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله بارك الله في جهودكم وسنسعى بإذن الله نحو التميز موفقين بإذن الله ... لكم مني أجمل تحية .

aymanfoxx
15-09-2009, 21:38
شكرا علي الدعوة
ولكن ما هي الشروط

هناء جدوع
16-09-2009, 00:27
مشكور على الدعوةافضل ان اكون عضو

ابو امير الورد
16-09-2009, 00:43
مشكورين كتير كتير كتير
والله الموفق
وطبعا انا بعتزر من كل الموجودين لغيابي الطويل وعدم مشاركتي
وان شاء الله ستجدون الكثير و الكثير بعد ان التحقت بكلية العلوم قسم الفيزياء
وشكرا مرة تانية على الدعوة

I am here
16-09-2009, 20:53
شكرا لك أخوي وإن شاء الله تكون من نصيب من يستحقهاوأسأل الله أن أكون منهم

احمدشلبى
16-09-2009, 21:29
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :s_thumbup:متاخره من جد
بس التحفيز حلووووووووووو فكره رائعه

nizam70
17-09-2009, 08:51
ليش لاء

محمد عوض يسلم
20-09-2009, 00:28
بارك الله فيك ووفق الله الجميع لمايحبه ويرضاه

محمد يوسف جبارين
22-09-2009, 23:03
محمود درويش .. لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي

بقلم : محمد يوسف جبارين ( أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

" من أنا لأقول لكم ما أقول لكم ؟ ... وأنا لم أكن حجرا صقلته المياه .. فأصبح وجها .. ولا قصبا ثقبته الرياح فأصبح نايا ... أنا لاعب النرد ، أربح وأخسر حينا .. أنا مثلكم .. أو أقل قليلا ... " ، هو صوته الذي يملأ فضاء المكان ، تماما كما كان حاضرا دوما في فضاء وعي المكان ، الصمت الذي كله آذان يقظى ، ذواقة تتلهف بكل ما بها من رهافة الحس ، على نبرات صوته ، على كلماته ، على قصيدته ، على ابداعاته ، ليكون هو الحاضر في الآذان وفي العقول وفي القلوب ، فهو لسان هوية المكان ، وقد اختارته واختارها ، أن يكون لسانها ، وأن تكون بما هي هويته ، فاستحال هو الى هي مجسدة فيه هو ، في شعره ، فهي قصيدته ، وهو قصيدتها ، فقصيدته هي في هو في هي ، فهي هي ، فما هو ، هو هي . فلا الآه الوطن ، الحرية ، القصيدة وطن الحرية .. حرية الوطن .. وكان الكلمة .. الوطن يحدث عن نفسه ، الحرية تتحدث عن نفسها .. القصيدة انسان الوطن والحرية في الزمان والمكان ، أنت هنا ، من هنا ، الى هنا ، لتبقى القصيدة هنا الى هنا ، فهي هنا ، ولا يمكنها أن تكون غير هنا والى هنا ، وكل الذين كانوا هنا على شارع ، من شوارع الحياة في الوطن ، حيث كنت أنا ، في مقهى القصيد ، فهنا أمل يساوره قلق ، وقلق تساوره حرية ، وحرية يموج بها قلق ، وشروق على شفاه نهار ، ونهار يسأل عن شروق ، وميناء على أكف حلم ، وحلم يتورد به فكر ، وعودة تحدق في مفتاح قديم ، ومفتاح قديم يلح على عودة ، وبيارة برتقال بين دفات عقل ، وعقل يتماثل نسائم البحر ، وبر يئن من دبيب غريب ، ويجمجم كيف يفر الغريب ، وتاريخ يتفرس في بر فيغتم وبما يرى يضيق ، وهواء يسائل طفلا وادعا أن يراه بين طياته يطير ، وورود في خيال باسمات تطل من داخل القصيدة ، وآخر مثلي على حافة الانتظار ، فترى اليهم ، وصوته يتنزل عليهم ، فكأنهم يغتسلون به ، ويستولدون ذواتهم من جديد ، ترى ذلك في امارات وجوههم ، في تعابيرها ، في حركات ايديهم ، فحالهم مع كلماته ، كما المطر يتخلل التراب في عز الشتاء ، فكأنهم مبللين بمطر من كلماته ، بينا أنا أتماثله ، فكأنه أمامي . حين كان في مكان قريب من هنا ، يلقي قصيدته ، فآنذاك ، طرقني حس ، بأنه يودع فينا وديعته ، يوحي لنا بأنه أوشك أن يتم رسالته ، وبأنه يترك فينا قصيدته ، أتملى من هيئته وجملته ، وأنا ذاهل على حافة دمعة ، يتململ في داخلي أسى وبطيئا يتنامى ، ويستولد معه موجات ، من رفض يتهيأ ليعلن ، لا .. بل أنت باق ، وأمنية ودعاء جرفاني ، الى شواطىء هواجس ومخاوف ، ألجأته الى أن يقول لنا ما يقول ، فكأني بصرخة تدوي في أعماقي : لا .. لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي ، سالت دمعتي على خدي ، وما دعتني الى اعترض سيرها بمنديل يمتصها ، تقاطرت دموعي ، وما أدري لماذا كتابه " ذاكرة النسيان " ، قد تواترت صفحاته في ذهني ، فكأني وأصداء حصار بيروت تفور بي ، وفنجان القهوة ، أمامي ، أردد كلامه : " سأشرب القهوة الآن . سأمتلىء برائحة القهوة الآن ، لأتميز عن خروف ، على الأقل ، لأعيش يوما آخر ، أو محاطا برائحة القهوة . .. فتلك ارادتي : سأذيع رائحة القهوة ، لأمتلك فجري " ، وا متدت عيناي الى القهوة ، أتأملها بينا صوته " من أنا لأخيب ظن العدم ؟ ، من أنا ؟ من أنا ؟ " ، قد تعالى بنشيج صدري ، فوجدت نفسي أجهش في بكاء ، فكأني أنوب عن هويتي في بكائه ، كانت ذاكرة الوطن ، هي التي تستعبر الحسرة والدموع .
وكان سؤاله " فمن أنا ..." ، يدوي في أعماقي ، وكأني أضمه بين رموش عيوني ، وأقول له : أنت الانسان ، وما كان للانسان في هذا الوجود ، الا أن يكون لاعب النرد ، فهو كذلك ، ولا يمكنه أن يكون غير ذلك ، فكونه انسان يقتضيه ..يحتم عليه أن يكون في صراع مع الأغيار ، فهو الصراع ، والزام ضرورة الانسان ، أن يكون الانسان هو الانسان ، وانسان الثورة أنت ، أن يصير بالثورة الى ما قامت له ، فهكذا أنت ، " فمن أنا..." ؟ هو أنت ، منذ أن كنت أنت ، أن تكون أنت هو أنت ، فهكذا كنت ، وفي حضرة الغياب ، كما اخترت أنت أن تكون أنت ، بقيت أنت هو أنت . فأنت محمود درويش ، الانسان الذي كان كما كان ، وما كان يمكنه، أن يكون ، الا كما كان . كنت أنت وما تريد ، وكانت الضرورة ، وكان الاحتمال ، فامكان ممكن ، ليس بالضرورة ، أن يجعل من الممكن هو عين ذاته الذي كان ذاك هو امكانه ، وانما يمكنه أن يكون الممكن في صيرورة ، دالة على بنيوية امكان أن يصير ، فظروف التشكل تتنافذ في الصيرورة ، فالانسان لاعب نرد ، يريد أن يصير الى ما يريد ، فامكانه أن يصير ، فأيان يرسو بامكان ، فليس بالضرورة على ممكن دل عليه امكانه ، فالاحتمال لا يعني الاستواء بكل مراد على ما يراد .. لاعب نرد .. هذا هو الانسان .. وهذا أنت ، انسان الثورة ، وما يريد ، ولا يمكنه الانسان ، بين فكره وظروفه أن يكون خارج الضرورة والاحتمال ، فلا مفر من الجدل بينه وبين الظروف ، ولا فكاك من صيرورة تصير ضمن الاحتمال ..لاعب نرد .. وليس ذاك اختيار ، وانما هي جملة الوجود .
وما تلبثت طويلا ، انفتلت ، وسارعت الى الهاتف ، أتساءل أمام أذنيها ، أين هي ، فجاءني صوتها : يا هلا ، أين أنت ، قلت : عند حافة الواجب ، في فصل دموع ، وطال بي الانتظار ، فكيف أنت ، كيف حالك ، قالت : بدءا هرأتني الامتحانات ، لكن الحاجزين ،على الطريق بيومين ، طبعا لن يخطر ببالك بأنها هدتني ، وانما أوقدتني فاستحلت شررا ، فكأني بعنفوان وطن يتطهر من قيوده ، قلت : قطعا لم يخطر على بالي استكانة وهج الحرية في مواجهة طارئين ، عابرين .. لن يمروا الى ما أرادوا اليه أن يمروا ، قالت : حتما هم عابرون في كلام عابر ، فتلك حتمية أكد عليها شاعر الهوية درويش ، قلت : عيوننا على موعد بأن تنهمر معا دمعا على قبره ، فمتى تمام الوعد ، قالت : أنا هنا بين جريحة ، وأخرى تعسرت ولادتها على الحاجز ، حيث التحدي في مواجهة قوة يتخفى خوفها وراء ساديتها ، وسوف أتدبر أمري ، وما هي الا ساعة أو ساعتين ، وأكون دامعة العين قارئة القصيد ، لكنك لم تقل لي كيف وصلت ، قلت : على حصان ، هم يلعبون لعبتهم ونحن نلعب لعبتنا ، ثمة أمور في التاريخ تفيد ، في حل مؤقت لاشكالية قائمة في واقع . قالت : قطعا تقول مزاحا ، قلت : كان ذلك هو الحل ، بأن أكون هنا ، قالت : لكن الحاجز بقي مكانه ، قلت : على الأقل أخرجته من التأثير على اختياراتي ، قالت : لكنه يؤثر علي غيرك ، يخلخل مجرى الحياة ، قلت : تفكيك القدرة الاستعمارية .. فكفكة الاستعمار ، هذه هي وظيفة الأحرار ، قالت : تريد أن تقول بأن الحاجز قضية جزئية من قضية كلية ، فلا يجوز أن نختزل القضية الكبرى بجزئية منها ، فطرد الاستعمار هو الفعل الكلي ، الذي ينصهر فيه الكل ، فكأن الكل في واحد ، في خدمة القضية الكلية ، لا أن نتشرذم فنضعف ، ولا أن نتقاصر ، فنعتبر ازالة حاجز عن طريق ، بأكثر من الظن بأنه لربما يعود غدا ، فالازالة من زال يزول زوالا ، فلا موجودية لزائل ، ولا وجود له بعد زوال . قلت : انه الاستعمار الحاجز بيننا ، وبين آمالنا في الحرية ، ومخالب الشر ليست دماغه ، والمهم أن نصنع له دماغا على مزاجنا ، فلا يكون بعد ذلك حاجزا ، فعودة اللاجئين أولا ، فهكذا ننشغل بمسألة كبرى ونحلها ، فتتتالى بعدها حلول الصغرى ، انما الانشغال بالقضايا الكبرى ، يفرخ حلولا للقضايا الصغرى . قالت : الآك ايتها الحرية المطاردة في هذا السجن الكبير .. أما مر في خاطرك ، وأنت على صهوة الحصان ، بأن حصان ، من حصن وصان ، وبأنهم أرادوه حصنا ، بلا صان ، فتركوا الحصان وحيدا . قلت : أنا صاحب الحصن ، وأنا من صان ويصون ، وأنا حصن الحصن ، فأنا حصن وصان ..حصان ، ولأني لست غيري ، فأتميز بأني الحصان ، فكيف ذاتي تترك ذاتي ، أليس هو القائل : "على هذه الأرض ما يستحق الحياة .. على هذه الأرض سيدة الأرض .. أم البدايات .. أم النهايات .. كانت تسمى فلسطين ..صارت تسمى فلسطين .. سيدتي أستحق لأنك سيدتي .. أستحق الحياة " . قالت : اني أستحق الحياة ، واني أتقلى على نيران ثلاثية الاحتلال والألم والفتنة .. كوابيس هذه الثلاثية لا تفارقني .. تقض علي مضجعي ، فهات الدواء ، وردد معي قوله : " فيا وطن الأنبياء تكامل .. ويا وطن الزارعين تكامل .. ويا وطن الشهداء تكامل .. ويا وطن الضائعين تكامل " . وأضافت على عجل قولها ، فحتى نلتقي أستودعك قصائده .

كانت الحركة في الشارع غير عادية ، الأقدام في هرولة ، وتكاد تعلن عن ميزة لها ، على السيارات التي تزحف بطيئا ، فكأنها الضفا ضع تزاحمت ، فكادت تلزم بعضها بعضا بسير أشبه بالوقوف ، كانت عيناي تدور في كل اتجاه ، فكل ما تراه يحدث عن نفسه ، بأنه مندرج في سياقات شاغل يجمع جملة الحركة ، في اتجاه تأهيل ، لظروف يتوفر في خلالها نجاح عمل ما ، وكان عقلي بين قراءة لما أرى ، وبين حيرة في استواء على الكيفية التي أنشغل بها ، في خلال وقت ، قضت ظروف شروق ، الا أن أنتظره ، حتى نلتقى فندمع دمع القصيد على قبر الحبيب .
واني لكذلك داناني طفل ، وأخرجني من اطلالتي على موج الفكر المتلاطم في رأسي ، بقوله : هل تشتري ديوانا لمحمود درويش ، فالتفت اليه ، فاذا به يحمل رزمة من ديوان " أثر الفراشة " ، وعرفت بأنه يبحث بها عن رزقه ، أعطيت الطفل المبلغ الذي أراد ، فباشرني بما ظنه دليله الى سحب اعتراف مني بذكائه ، قال : هذا الكتاب أصبح لك ، فهو أثر فراشة هي أنا ، فتراني ساعات من نهاري أطوف كما الفراشة ، بحثا عن أثر أتركه ، يتصل به ضماني معاشي ، وأنت سوف تقرأ الكتاب وتزداد حبا لمحمود درويش ، وهذا أثر فراشة آخر ، واذا عملت بما أبقى لنا ، غدوت ثائرا ، لا يبخل بحياته على وطنه وأبناء وطنه ، وهذا أثر لا قبله ولا بعده من أثر ، فهو الأثر الذي أراده الشاعر ، فهو فكر الحرية ، وأنا الفراشة التي تحمل كتابه الى العقول ، كما الورقة أحمل كلماته ، وأمتاز على الورق ، بأني فراشة تحمل أوراقه ، الى من كتب من أجلهم .
وأثنيت على الفتي بقولي له : أدهشتني ، ولم تقل لي الأسباب التي شكلت للشاعر اختياره هذا الاسم لديوانه ، فلم يحر جوابا ، قال : فأما هذا فتعرفه حين تفرغ من قراءة الديوان وفهمه ، ومن جانبي فأنا أحبه وأحب حبي له ، فهو وطني الذي ينشدني وأنشده .
لقد لاحظ الفتي بشاشة راحت تعلو محياي ، وهو يحدثني ، فأتبع كلامه قوله : يبدو بأني أفضت سرورا في نفسك ، فأول ما وقعت عيناي عليك ، كان حالك من حال أوضاعنا ، والآن أرى بعض راحة تلوح ، بين موج عاصف في وجهك .
وفجأة مر بجانبنا طاعن في السن يغني " فدائيون من حبق وحرية .. ومنذرون للجمرة .. على قرميد أغنية .. وشهوة شارع صاعد .. على أسطورة حرة ..هي الثورة .. هي الثورة .. " ، وما أبعد الصوت حتى قال الفتى : انها قصيدة محمود درويش ، فقلت : هات ما لديك منها ، فقال : " ... خنادقهم هواء البحر .. وظلهم يشق الصخر .. نشيدهم واحد : فاما النصر .. واما النصر .. ومنهم تولد الفكرة .. هي الثورة ..هي الثورة ... " ، وباشرت الفتي بسؤالي عن تعليمه وعن مدرسته ، فقال ، وقد خط الأسى حروفه في وجهه : أي تعليم وأي مدرسة ؟ !، قلت : ألا تحب محمود ، قال : بلى ، فقلت : الثورة تعني الحرية ، وتعني التعليم ، فجموحنا نحو الحرية ، يجب أن يتلازم مع مثله نحو العلم ، فثمة مدارس خاصة ، يمكنها أن تؤهل العقل وتضعه على عتبات الجامعة ، فقال وهو يتأوه : أمثالي كانوا أطفال الحجارة في الانتفاضة الأولى .. جنرالات الغضب ، وهذا أنا أمضيت ثلث عمري في غياهب السجن .. الاتهام التي به يمارس القمع علينا ، هي أننا نريد طردهم من أرضنا ، أنا قلت لهم وبندقية أحدهم تلامس رأسي ، فان لم نفعل ذلك فمن يفعله ، هل هناك من يتنازل عن وطنه لغريب ، هل تدري .. المعادلة صعبة ، لكنها هي لا غيرها ، نجعل من قوتهم عديمة الفائدة بازاء قوتنا ، فعندها سوف يتسولوننا ، لنسهل لهم دربهم الى الرحيل .
وكان الفتى يفرغ همومه ، بينا عيناه تذهب في كل اتجاه ، واذا بها تتوقف ناحية جماعة بيديها باقات من ورود ، وقد دلت عليها ملامحها بأنها من بلاد بعيدة ، فما هو الا أن صافحني ، فسألته أن أعرف اسمه ، فقال : ثائر من البروة ، فأبيت أن يذهب حتى أفهم ، فقال : هو شاعر ثورتنا ، وثورتنا على نفسها لن تدمع ، كنا في داخله أيان يذهب ، بنا ولنا كتب ، فنحن هو في الحياة نصوغها كما أحبها لنا وكتب ، وباعدته خطاه عني ، واقترب من تلك الجماعة ، وراح يبادلها الحديث ويتجه معها جهة ، بدا واضحا بأنها مؤدية الى قبر شاعرنا الكبير .
وانها لهنيهة حتى ناولتني فتاة منشورا ، ومضت في طريقها ، وما أن ضمت رموشي صفحته ، حتى تنبهت مشاعري ، لقد عرفت الآن ، بأن مهرجانا كبيرا سوف يقام ، وبأن الساحة الكبيرة المحاذية لقبره سوف يتم افتراشها بالورود ، وبطريقة فنية بحيت تسفر الكتابة بصفوف الورد ، عن لوحة فنية عملاقة تتجلى فيها صورته ، وقصيدة له ، وبأن قصائد له سوف تتم قراءتها في لغات مختلفة ، وسوف يلقيها محبوه الذين جاءوا من بقاع الأرض البعيدة .
انتشلتني الكلمات من الضيق الذي ما انفكت ظروفي ترعد به في أرجائي ، وجابني زهو حلو، فكأني بهالة فرح تضمني ، وكدت أقفز في مكاني فرحا بابداع يعانق ابداعا ، وأهتف : بخ .. بخ ، فحنيني الى وفاء الوفاء بوفاء للوفاء ، أفاء عبقا من ورد غمر أنفاسي ، فكأني الجمال تناثرت قيوده ، فلم أعد أنا ذلك الذي كنته قبل أن نثرت هالة من الصدق مع النفس حقيقتها ، أمام نفسي ، وهي لحظة فارقة في العمر ، واذا برجع صدى يتردد بين أقطاري ، متسائلا ، لماذا لا نكون دوما أنفسنا ، عند كل علاقة لنا بقضيتنا ، لماذا لا يكون الجمال الحرف والمعنى لصورتنا ، لماذا لا نحطم قيوده ، لماذا يختنق بنا جمالنا في خلال علاقة بعضنا ببعض ، وكدت أدري لماذا جابتني مرارة أرست غصة في حلقي ، فلا هالة من عبق ولا من فرح ، بقيت لي ، مرت في نفسي كشهاب أضاء لي لحظات وتلاشى ، وعدت الى حالي ، اتساءل والهم يكربني ، والغم يمضني ..كيف يغرب همي .. كيف يرفض غمي ، فلا يجوز لي أن أظل أكتوي بنار تمزقي وفقط ، أعتصر شكاة نفسي لنفسي هما يزيد في همي ، ومرارة تجري لي كالقطران في حلقي ، وانما يجب أن أبقى متنبه الحس ، فاهما يقظا بعقلية ، يتلفت بها قلقي في كل اتجاه ، بحثا عن حقائق ظروفي ، محيطا واعيا بتمزقي ، أكتشف متغيراته وأميزها ، وأستدل على ما يجمعها ، فعساني أكتشف معادلة ، أنفي بها نفيا نبش أظفاره في ذاتي فمزقني ، ولم يزل يداوم على النبش في لحمي ، ليتمم نفيه لي فلا أكون ، يجب أن أتداركه بنفيه من وجودي ، فالعقل لا بد وأن يطفىء شأفة الجنون ، فلقد قال البحر من على سفح جبل الكرمل : " الشعب الفلسطيني البطل الذي استعصى على أعدائه استئصاله ، سيعرف كيف يضع حدا لجنون أبنائه " ، وذلك يقينه ، وتلك بشارته التي تطل من أعماق وعي يتكامل لي ، بأن معادلة الفكفكة أو التفكيك للنفي المتربص بقضيتنا ، بهويتنا ، بمصيرنا ، انما هي على مرمى عقل ، فالتبديل في الظروف ، نتاج الجدل بيني وبين محيطي ، ولا بد من الاحاطة الدائمة بكل متغيرات المحيط ، في كل آن ، فهي ضرورة بحثي عن معادلتي التي بها ، استرد هيبتي ، ومكانتي ، وفاعليتي ، فخرجت من وقوفي بهرولة ناحية ، أعرف بالسؤال أن أجد مكاني والصحف كلها أمامي ، وشاشة حاسوب أطل من خلالها على كافة المواقع التي تحمل هموم القضية ، وأيضا تلك الأخرى الموظفة في حز السكين في لحم المصير ، فمعرفة ضدي ، بعض معرفتي ضروراتي ، في عملية اعادة هيكلتي لذاتي ، كي أكون ما توجبه ادارة دفة المصير ، وانتهيت الى مكان جلست فيه ، وكنت على عجلة من أمري ، فلهفة على قراءة حركة الحوادث تتسارع بي ، واللقاء في حضرة الغياب ، يتقارب بي ،
أنتقل من موقع الى آخر ، لا تستوقفني سوى أخبار جراحي وتمزقي ، فهكذا حال من لا وقت لديه ، فجراحه يأخذ منه كل وقته ، لا وقت لمشطور نصفين ، لغير خلاصه من انشطاره ، فأيان سعى شطر ترك وراءه شطره الثاني ، فهو شطره ، فلا يمكنه أن لا بدو شطرا ، فهو حبيس شطره الذي لا يوافقه و يرافقه ، فهو الهاجس الذي برغمه يلبسه ، ولو فر منه لا يتركه ولا يمكنه الا أن يكون معه ، فهو معه وليس معه ، وهو الى جانبه ولا يسانده ، نصفه الذي يعاند نصفه ، شطره الذي ينغص عليه عيشه ، وينكد عليه سيره ، فكل شطر بشطره يتعثر ، ولا شطر يحقق ذاته الا بما يصوغ لشطره فشله .

وما سقطت عيناي على خبر فحواه ايغال في الدم البرىء ، حتى تدافعت في ذهني صور جراحاتي ، فكأني بالفضاء من حولي يضج بفاجعتي ، بذكري أيام كان فيها انشطا ري ، وتراءى لي فكأنه أمامي وهو يقول :
" صحوت من الغيبوبة على علم بلون واحد يسحق علما بأربعة ألوان .. على أسرى بلباس عسكري يسوقون أسرى عراة ، فيا لنا من ضحايا في زي جلادين " .
كانت لي ذات فأصبحت نصفين ، فلس هنا وطين هناك ، ذات بلا ذات ، فكيف أجمع ذاتي ، كيف أكون أنا هو أنا وقد أصبحت غيري ، ممزق أنا ، وبعضي يأكل بعضي ، غزة استقلت بذبح في رقبة الحرية ، بتمزيق في وحدة وجودي ، كيف لي أن أفهم حرية تسفح دمي ، تشطرني نصفين ، لأصبح شتاتا ، وبدأت أتلمس ذاتي ، فثمة تصدع أرعد في أرجائي ، وجفاف جاب ريقي ، جابني حس فظيع، ساءلت نفسي تساؤله ، " هل أنا + أنا = اثنين ؟ قلت : أنت وأنت أقل من واحد !. لا أخجل من هويتي ، فهي ما زالت قيد التأليف ، ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن خلدون ، أنت منذ الآن غيرك " .
كان القلق يموج بي ، والحيرة تفتق ذهني ، وما بين همي و غمي ، اسمع وجيب قلبي ، جرت كلماته على لساني ، فكأني في دهشتي من حال يرين على أنفاسي ، أستدعي مرارة أيام الفاجعة بقوله : " هل كان علينا أن نسقط من علو شاهق ، ونرى دمنا على أيدينا ، لندرك أننا لسنا ملائكة ، كما كنا نظن " .
وعي السقوط ، غير سقوط الوعي ، غير علو السقوط ، فساقط الى أعلى ، يقف بالمقلوب في أعلى فيرى الأسفل أعلى ، فلا بد من تبديل في علاقة عقله بوضعه ، لكي يدله بصره على ما لم يعيه ، في حاله المقلوب ، فانقلابه على انقلابه ، ضرورة وعي بوعي ساقط ، ليسقط الوعي الذي يبرر السقوط ، فلا بد من تأسيس منهج يتفكك به وعي تأهل به السقوط ، فانشقت به وحدة الذات ، ما يعني الكشف عن ثقافة أنتجت منهجا ، أي منطق تناول ، أفضى الى بعثرة دامية ، فاستحال اللامعقول الى معقول ، والمدنس الى مبرر ، والمقدس الى ممزق ، ثم فضح هذه الثقافة ، وذرايتها ، بثقافة تؤهل منطقا ، تتمنطق به وحدة الوجود ، بعد أن تكون ، قد استردت أنفاسها وتعافت ، وأراحتني من شقوق في ذاتي ، لم تزل تعصف بي ، وتنذر بديمومية تهافت لاوعي ، لا يزيد في غير استطالة في المسافة بيني وبين آمالي .. يجب أن أسبر أغوار تمزقي لكي أعرف كيف أمزقه ، فألاشيه ، فتمزقي ابتسامة على شفاه ضياعي ، فأو الظلام يمزقني ، أو شروق وحدتي وعناقي نهاري .
وما انتهيت من اعتصاري همومي ، حتى أخرجني من وحدتي ، تصفيق لا تخفى حرارته ، فانفتلت من مكاني فاذا كل من هم في المقهى ، يلتفتون الي ، ويجأرون بصدقي ، ويسألونني : كيف .. قل لنا كيف ؟! ، وأدركت عندها بأني كنت أكلم نفسي بصوت عال ، على غير انتباه مني ، بأن ثمة سلوكية أخلاقية تستوجب كل من يرتاد المكان ، بأن ينهج نهج الحرية ، فهي له ، ولغيره ، فلا أن يسلبها من أحد ، تحت أي سبب ، فكل اختزل لحرية الآخر مرفوض بقانون المكان ، لكن هذا ما كان مني ، ولم أعرف ماذا أقول ، غير أني استسحمت رواد المكان ، وطلبت أن يسامحوني ، فنهض أحدهم وقال : هذا مقهى الحرية .. ملتقى محمود درويش ، نلتقى هنا على حب شاعرنا ، وغالبا ما تأخذنا قضية الحرية ، الى الحوار ، فهي حريتنا التي نريدها .. ونتحاور ، فلا عليك ، فهات رأيك ، فكيف يتلاشى هذا الظلام الذي يقعد لنا بين عيوننا ، ويحفر كسكين في خاصرتنا . قلت : انه الحب .. من يحب الوطن يحب أهله . . الوطنية حب الوطن ، وحب أبناء الوطن ، فاذا انزرع الحب في النفوس ، وكان حقيقيا ، تكاملنا .. الحب شرط التكامل ، فنفس تكامل لها حب الوطن ، تملك كل مؤهلات التكامل ، مع أبناء الحرية .. أبناء الوطن ، فقال أحدهم : فكيف نستخلص نفوسا من أحقادها ، فحقدها حاجز يفتت ، ولا يجمع ، فقلت من فوري : أعطني حبا أعطيك وحدة .
ونهضت من مكاني ، وأنا أقول : أرجو أن تجدوا لي العذر ، فأنا على موعد مع دمعتي على قبر من تحبون ، ومشيت ، وأنا أحدث نفسي ، فما بالها لم تصلني بخبر منها ، فلعلها سبقتني اليه ، فهل أتصل بها أم أسبقها وأنتظرها ، فهي آتية ، وسألت ساعتي أن تنبئني بالوقت ، فاذا بقناعتي توسوس لي ، بأنها في انتظاري ، فالوقت جرى مجراه ، ولم أعره انتباها ، فهرولت ، وتراكضت أحيانا ، حتى أخبرتني عيناي بأنها ، لا بد هي ، أو تشبهها ، وما شارفت الرؤية وضوحا أراحني ، حتى تيقنت بأنها شروق ، تنظر طويلا صوب القدس ، ثم تحني قامتها ، على قبر محمود درويش ، وبين يديها باقة من الورود تضعها عليه ، ثم تتناول منديلا من ورق من جيب سترة ترتديها وتمسح دمعتها ، وما أن أصبحت بجانبها ، حتى رفعت رأسها ، فبدا لي بأن تساؤلا كبيرا تطفح به امارات وجهها ، ثم قالت والحسرة تكاد تشقها ، لماذا ؟! هل هذا ما ينقصنا ، أكثيرا علينا أن يظل بيننا ينشدنا العزيمة والأمل ، كان صوته دوما خلاصا لنا ، من دوامة اليأس والاحباط ، كانت كلماته تنتشلنا ، وتضعنا دوما على حافة الواجب وننهض . وما كادت تكمل كلامها ، حتى نشج صدرها ، وغلبتها دمعتها ، وأغرقها حزنها في بكاء ، فلم يمكنها الا أن تكون هي ، كما هي ، بكل نقاء الثورة في كيانها ، وما أمكني الا أن أكون نفسي ، فأرخيت لها ، تركتها لصدقها في حبها ، تفيض بما بها ، بلا كلمة مني ، بقيت صامتا ، بينا دمعتي تجري على خدي ، ومن دون أن أدري ، تنزل من حافة ذقني ، وتهبط على خدها ، فاذا هي تمتزج بدمعتها في مسيرة حب ، تجري على خدود الحب ، لتتندى من ذقن الحب ، بدموع الحب على الحبيب ، وانتبهت شروق لبوح الدموع ، وحنت رأسها الى أعلى ، ناحيتي ، بينا هي مكبة على قبره ، وتأملتني لحظة ، ثم باحت بقولها لي : ألا ترى الى الدموع كيف تجري موحدة في التعبير عن حبها ، أليست وحدة الدموع دليل حب راسخ في كوامن النفوس ، فحين تجد موكبا من دموع ، فاعرف بأن الحب يجرى مجراه ، ثم أدارت عينيها ناحية القبر ، وأسندت رأسها براحة يدها اليمنى ، بينا يدها اليسرى تربت على وجه القبر ، وما هي الا دقيقة أو تزيد من غيبة الكلام ، حتى راحت تقول : أواه .. أواه .. أيمكنك أن تشرح لي ، لماذا نحن بالذات دون غيرنا من الشعوب ،علينا أن نحزن .. دوما ، وذلك من أجل أن نكتشف بالحزن دربنا الى نجاتنا ، من هذا السيل الذي لا ينقطع من الأحزان ؟ ! ، لماذا أجبني ، أما كان يمكن أن يكون غير الذي كان ، وكائن ؟ ، أليست "نكون" التي تتبع "سوف" ، وتندرج على كل لسان ، انما تحتاج الى قدرة ؟ ، قلت : الجواب لدى محمود درويش فخذيه منه ، فماذا قال في مديح الظل العالي : "... سقط القناع ، لا أخوة لك يا أخي لا أصدقاء ، يا صديقي ، لا قلاع ..." ، " لولا هذه الدولة اللقيطة لم تكن بيروت ثكلى " ، ولك أنت الآن ، أن تستبدلي كلمة دولة بدول ، وكلمة بيروت بقطاع غزة ، بالضفة ، انه بعينه غدر الزمان كما قالت أمي ، فقالت شروق ، قد كان صوابا قوله ، " .. الاك في هذا المدى المفتوح للأعداء والنسيان .. فاجعل كل متراس بلد .. لا أحد ، سقط القناع .. عربوا أطاعوا رومهم .. عرب وباعوا روحهم .. عرب وضاعوا .. سقط القناع ..." ، وأردفت تتساءل ، بوعي محيط بالسؤال وجوابه ، هل ثمة أدق من توصيفه لهرولة أعراب الى ما يفرغون به ، من كل معنى لكرامة ، فلا يعرفون منها سوى قشرة كلامية ، لا معنى بها يعني ما هو ، يتخايلون بها وينتفخون ، فالمدنس في داخل قشرة من المقدس ، فكأن الذين تراهم ، ولا صلة لهم بحرية مقدس من قبضة مدنس ، فلا حصن للحرية سواك ، ولا حرية لقطرة ماء بلاك ، فأنت هو من عناك حين قال : " الاك ... لا أحد " ، فهل أوفى من صدقه ، في تعريفه ، لحقيقة حركة الحرية في الواقع ، وهل أدق وصفا لحال نحن فيه من قوله : " أنا يوسف يا أبي .. يا أبي ، اخوتي لا يحبونني ..لا يريدونني بينهم ، يا ابي .. يعتدون علي ، ويرمونني بالحصى والكلام .. يريدونني أن أموت لكي يمدحوني .. هم سمموا عنبي يا أبي .. وهم أوقعوني في الجب ، واتهموا الذئب .. والذئب أرحم من اخوتي .." ، كيف نفهم حرية تخرج من دبابة أميركية ، بغير هويتها ، وبما هي عليه ، من حرية ذبح في مصيرنا ، كيف نفهم مشنقة لسوار وسور لأمننا القومي ، وهل ضاقت صورتنا ببريقها ، فاستدعت ما شاهت به .. كيف غزاها تمزق ، بلون خلخلة ، وتفكك يشيع في وطننا العربي ، التائه عن كنوزه ، المفكك بحيرته ، ولماذا في شوارع وعينا ، انغلاق فكري ، ومراهقة فكرية ، يتوهان بالعقل ، عن منطق تناول ، تأسس بارادة فجر ، يحمل بين طياته بشائر النهار . كيف صار الذي ذبحوا له وطنه بين يديه ، باحثا عن حرية بذبح في رقبة أخيه . كيف صار المقهور ، يؤثث بالقهر، فرصة نمو وتطور ، لمن مارس ، ولم يزل يمارس عليه القهر ، ويحتجزه في قيود ، يحجب بها عنه البر والبحر والهواء ، كيف أضاعه القهر فوظفه في قهر حرية يحلم بها . وماذا عن هويتنا ، أما زالت هي بعينها ، فاذا هي هي فلماذا لا تشرق الشمس ؟ .
وأخذت منها الكلام وقلت : ينقصنا ما كان متوفرا لاخوتنا في الجزائر ، فحين اشعلوا ثورتهم ضد الاستعمار الفرنسي ، فسرعان ما تجلت ، كثورة عربية ، ضد الاستعمار ، على أرض الجزائر ، فكانت مصر ملأى بمعسكرات التدريب للثوار العرب، يأتون من كل بلد عربي ، ويتدربون ، ويلتحقون بثوار الجزائر ، كانت مصر تموج بجمع كل دعم للثوار ، وكانت نار الثورة ، توقد ضد الاستعمار، في كل مكان ، وكان العدوان الثلاثي على مصر ، ليس فقط بسبب ، من تأميم لقناة السويس ، وانما بسبب دعم ثورة الجزائر .. كانت ثورة عربية تعلن عن نفسها من مصر ، وتنفجر في وجه الغزاة الأجانب في كل مكان ، مات جمال عبد الناصر ، وهو يجمع العرب في اخماد حرب ابادة ضدنا في الأرد ن .. كان أيلون الأسود ، ثم تل الزعتر ، ثم ... ثم حصار بيروت ، فمجزرة صبرا وشاتيلا ، ثم حصار الثورة الفلسطينية على كل صعيد ، واندلعت الانتفاضة .. تحدث الطفل والحجر بحق هذا الوطن في الحرية ، ثم الانتفاضة ، ثم حصار عرفات في المقاطعة ، ولا أحد ، ثم الحرب على قطاع غزة .. حرب على فلسطينين في الحصار ، فمنافذ غزة مسورة بالنار ، برا ، بحرا ، جوا.. محاطة بالأعداء ، بينما الاخوة يتباعدون بأنفسهم ، عن موجبات حريتنا ، وهم يتألمون ، ويتفرجون ، ويمدون أياديهم الى السماء ويرجون ، وكل خير لنا يتمنون ..مقيد أخوك بعقله ، فلا عقل له ، فيأت به .. كانت حرب تأديب .. حرب كسر ارادة وبعث يأس ، وخنق أمل .
وكانت شروق تنصت لي ، وكلها آذان ، بينما امارات وجهها ، وحركات أطرافها ، تنبيء بأن موجات غضب تجتاحها ، وتقبض على ناصية جوارحها، ولم تتركني أكمل ما رغبت في قوله ، باشرتني بقولها : بدءا ببطولاته على أرض فلسطين ، وصموده في الفالوجة ، الى آخر يوم في حياته ، كان بذاته ثورة عربية ، ضد الاستعمار ، وكانت قضيتنا قضيته ، كان واحدا منا ، ولو ساوم قيد أنملة ، لما حاربوه من الداخل والخارج ، كان بذاته الكرامة العربية تتحدث عن نفسها ، أما هؤلاء الذين أشرت اليهم ، فذاك مقيد بكرسية ، وهذا سجين اتفاقيته ، فقضيته لم تعد قضيته ، غادرها الى قضيته ، وترى اليه يزهو بتفرده ، كأنما ركن أعباء انتماء ، في زاوية النسيان ، فسحة نموه وتطوره .. اغتراب غريب ، لا غرابة فيه ، سوى أنه بعينه ، ما يريده الغريب ، فالزعتر نبات الحياة.. أنت زارعه ، وأنت أهله ، مطوق بالنار ، ولا حل سوى أن تفك أسره ، وتبره وتسعده ، فقضيتك هي قضيته .
ولك أن تناجي الدنيا ، وتقل ما تشاء ، فمثل الدمعة على شرفاء هذه الأمة ، ما سطر تاريخ الدمع في عيون الشرفاء ، أين حنظلة شاهد الوعي على هذا الذي يجري ، وما جرى مثله ، الا في زمن الرذيلة والتتار ، فمن زمن زنوبيا ، والصوت في فضاء الشرق يدوي ، ينادي أضف زماني ، فالغدر في فلسطين ، في العراق ، انما كان تسهيل الطريق أمام الغرباء .. حنظلة باق ، بقاء البحر في البحر ، بقاء الربيع في السنة ، بقاء الحياة تنادي على الشرف .. فيا تلابيب الظلام تلبدي واجتمعي ما شاء لك ، وعربدي ، فشوق الحياة الى شروق ، لا يعدله سوى مجيء حنظلة بالشمس من عند الأفق .. شروق الحرية ، لغة الحياة ، ابتسامة النور .. فيا ليل تراجع ، ويا شمس اشرقي ، ويا قصيدته اصدحي ، فلا زالت الأرض تنطق بلسانه : " أنا الأرض .. يا أيها الذاهبون الى حبة القمح في مهدها ..احرثوا جسدي ! ..أيها الذاهبون الى صخرة القدس .. مروا على جسدي .. أيها العابرون على جسدي .. لن تمروا .. أنا الأرض في جسد .. لن تمروا " .
كانت موجات الظلام التي تعربد في طول البلاد وعرضها ، قد تراءت لها ، فكأنها بين رموشها ، فعصفت بها ، فأطلت الأرض بهيبتها ، بارادة التحدي ، فاستسقت شروق منها توهجها ، فكأنها تتحدث باسمها ، باسم شعب هو صاحبها ، وهي الأرض التي ما أمكني ، الا أن أترك لها كياني وترا ، تضرب عليه بأناملها ، وتغني عذاباتها ، تأخذ مني فكري تطوف به في فيافيها ، في ضياعها ، في جوعها الى حبها ، الى أطيارها ، الى سنابل القمح ، الى دغدغت الحرية تفرج عنها غمها .
وما أن تناهت فورة الأرض في الوجدان ، الى ما أتاح للعقل أن يطل على الشفاه ، بما تيسر له ، حتى أفضت بقولي : بل ذبحوا في رقابنا ، ومروا على أجسادنا ، على سنابل قمحنا ، ولكن .. لن يمروا ، قد أحالوا أحوالنا شتاتا .. لاجئين ، نبحث بكل قطرة دم ، بكل أنفاس الوعي ، عن عودتنا ، ولكن الأرض أرضنا ، ومنها حتما يفروا . . كان حال الغرباء في الجزائر كما الحال هنا ، وهذا أنا ، أمام عينيك ، انظري الي ، حدقي بي ، فتشي في أفعالي في أقوالي ، في ملامحي ، في اللهب المتقد دوما في عيوني ، فماذا كان نتاج العذاب .. الزنزانة ، السجن ، القيود ، فلقد ازددت معرفة بذاتي ، وهذه كما ترين حريتي ، طلاقتي في جمع امكانياتي ، وصرفها في تحقيق آمالنا في شروق نهار الحرية على بلادي .
السجن مشروع حبس للارادة ، بهدف قهرها وتحطيمها ، لكنه بازاء الارادة الحرة ، فسرعان ما يتكلم في وعي الحر ، فيزيده اصرارا على حريته .. في السجون ما يزيد عن عشرة آلاف فلسطيني ، فلماذا هم مطوقون بالقيد .. لأنهم ارادة حرية ، استجابت لحقها في حياة الحرية ، فسعت ببذلها الى الفوز بحرية الحياة ، لتحيا حياة الحرية .
وكانت شروق تحدق بي وأنا أقول ما أقول ، واذا بها تسائل الوطن : قل لي يا وطني ، ماذا قلت له ، فقال قصيدته ، "رد فعل" ، وراحت تنشد ، وأنا أقول معها : " وطني !، يعلمني حديد سلاسلي .. عنف النسور ، ورقة المتفائل .. ما كنت أعرف أن تحت جلودنا .. ميلاد عاصفة ، وعرس جداول .. سدوا علي النور في زنزانة .. فتوهجت في القلب ، شمس مشاعل .. كتبوا على الجدران رقم بطاقتي .. فنما على الجدران ، مرج سنابل .. رسموا على الجدران صورة قاتلي .. فمحت ملامحها ظلال جدائل .. وحفرت بالأسنان رسمك داميا .. وكتبت أغنية العذاب الراحل .. أغمدت في لحم الظلام هزيمتي .. وغرزت في شعر الشموس أناملي ..والفاتحون على سطوح منازلي .. لم يفتحوا الا وعود زلازلي ! .. لن يبصروا الا توهج جبهتي .. لن يسمعوا الا صرير سلاسلي .. فاذا احترقت على صليب عبادتي .. أصبحت قديسا ، بزي مقاتل " .
كانت الألفاظ تجري على لساني ، فتقصف رعدا ، وتبرق برقا في أرجائي ، فكأني بحر زاخر بموج هادر ، وكأني بموج الظلام الذي يتراءى لي بين رموشي ، يستنهض بي وعيا بعذابي ، وبضرورة أن لا أصابر نفسي على عصف ، بل أن أجعل من صبري ، عزيمة تشق الظلام ، فليس معقولا أن يوضع شعبي في المقلاة ومن تحتها النار ، من أجل يتفيأ بظلال بيارته غريب على تاريخ الأرض ، وانه السخط وقد تملكني راح يسألني بسؤاله : " من أين جاؤوا ؟.. وكرم اللوز سيجه ..أهلي وأهلك ..بالأشواك والكبد .. ! " .
واذا بها تقول : يا أبا سامح ، .. ناموا.. صناع التاريخ والحضارات ناموا ، فتسلل الى بساتينهم من يتلقمون على فتات موائد الحضارات ، فمن لا تاريخ له يسرق تاريخا ، يسرق لغة ، يسرق أسماء ، يخترع دينا ، يقيمه على جملة مقالات ، لا يصح بحال أن توصف ، بأكثر من كونها أدبا دينيا مشبعا بالخيال والأساطير ، لكن فضيحته لا بد لاحقة به ، فلا مفر له من أن يشرب مرها ، فمخزون الأرض سوف ينطق ..مكتبة الأرض سوف تفصح عن حقيقة تاريخها .. فعلم الآثار آت بكل دليل علمي ، على أن من لا تاريخ له ويزعمه ، فهو من ليس له ما يدعيه . وقد كان محمود لسان الحتمية التاريخية ، حين وصف هؤلاء ، بالعابرين بين الكلمات العابرة .
كانت شروق على قناعة تامة بأن الطارىء هو الطارىء ، والعابر هو العابر ، وبأن الكلمات لا يمكنها أن تكون بغير معانيها ، وبينا هي تسرد قناعاتها ، كان على بعد مترين منها رجلا ، تبدو عليه ملامح الوقار والعلم ، ولما يمضي على وصوله دقائق معدوات ، وبدا عليه بأنه يصيخ السمع بأذن تتعقل ما يردها من كلام ، وما نزلت أذناه من انصات ، لما تقوله شروق ، حتى اذا انتهت من جملتها ، أحنى هامته والتفت اليها ، فكأنه أب حنون ، يود أن يوقر في وعي ابنته أمرا ، وقال مستأذنا اياها : هل يمكني أن أقول لك شيئا ، قالت : تفضل ، قال : كلماتك قرت في أذني واستقرت في نفسي ، وهي صواب في صواب ، وتصب في صواب ، فجملتك الصواب نفسه ، قالت : أعرف هذا فالثورة صواب وأنا بنت الثورة ، ولا أقيم موقفي ، الا على صواب الفكرة وصواب الموقف ، فغير الصواب يؤثث لانفصالية بيني وبين ما أريد ، وبيني وبين ما تقوله لي قصيدته ، فالصواب صوابي .. صواب قصيدته وصواب ثورتي ، قال : انتظري فأنا ما أثني على قول لك ، بقصد الثناء ، فتظنينه قولا بصوابية صواب ، فلا حاجة لك ولا لي بذلك ، فالصواب هو الصواب ، وانما أردت أن أقول لك : بأني أولا ، باحث في تاريخ الأديان ، وعلم الآثار ، وأستطيع أن أقول لك ، بأن الأرض بالفعل ، بدأت تفصح عن اسرار تاريخها ، فالكشوف في النصف الثاني من القرن الماضي ، والى الآن ، تؤكد على صحة ما قلته أنت ، فكتاب هؤلاء يكذبه كل دليل علمي ، ويسقطه من كونه كتاب تاريخ ، فحقائق التاريخ متناقضة بالتمام مع ما جاء فيه ، واني أنصحك أن تقرائي كتب عالم عربي كبير في هذا المجال ، فكتبه علمية بحتة ، واسمه " فراس السواح " ، يكفي أن تكتبي اسمه على شبكة المعلومات لتجدي كتبه ، وخاصة منها " آرام دمشق واسرائيل في التاريخ والتاريخ التوراتي " ، وفي كتاب له " مغامرة العقل الأولي " تجدي في باب " التكوين الكنعاني " منه ، ما يبهرك ، تجدي في الثقافة الكنعانية ، الكتابة الأوغاريتية ( وهي شديدة القرب من العربية ) ، وعلى رأس قائمة الآلهة الأوغاريتية ، يقف الاله " ايل " كبير الآله ، ومن الآلهة المؤنثة الالهة " ايلات " نسبة الى " ايل" ، وهي زوجة " ايل "، ومن ألقابها سيدة البحر ، و تجدي الاله " يم " ، أي البحر الأول ، وأيضا الاله " يهوه " ، وما الى ذلك الكثير .. وكذلك اسم " أورشليم " ، وقد ورد لأول مرة في القرن التاسع عشر قبل الميلاد ، وذلك في نصوص فرعونية ، منقوشة على جرار فخارية ، وتدعى " بنصوص اللعنات " ، وبها تفصيل لأسماء البلاد وحكامها من المصنفين كأعداء الفرعون ، ومنها مثلا يقرب - آمو ، حاكم أورشليم وبطانته ، وغيره ، وغيره ، فلا علاقة للمارين بين الكلمات العابرة ، بالتسمية .. " أورشليم " ، بتاتا .
وأدركت شروق بأنه انما يلفت انتباهها ، ولا يرنو الى الدخول في التفاصيل ، فباشرته بالسؤال ، فماذا يكون شأن جماعات ، اذا ما أخذنا منها أسماءنا ، وأرضنا .. تبقى بلا أسماء وبلا أرض ، فأي مخلوقات هذه التي لم تعرف سوى السطو على ما ليس لها ، أمعقول هذا ، أن يكون تكوين بشري ، لم يفلح في ابداع أسماء له ، فشاعت في وجه الباحث ابتسامة ، فصافحنا ، ومضى لشأنه ، وانثنت شروق نحوي ، فوجهها في وجهي ، وهي تقول لي .. حتى أسمائهم ليست لهم .. أليس هذا يبعث على الشفقة ، هل رأيت أحدا يشفق على عدوه ، اني أكاد أحس بهذه الشفقة ، مع أن زعلا كبيرا يموج بي على أنفسنا ، اذ كيف صنعنا ضعفنا بأيدينا ، ليكون بعينه فرصتهم الى ما يريدون ، لماذا فعلنا هذا ، أمن أجل أن نحقق نصرا مبينا في المستقبل ؟! . .
وراحت شروق تحدث نفسها بصوت مسموع ، هل كان متسامحا محمود حين قال لهم : " احملوا أسماءكم وانصرفوا " ، هل أصابه ما أصابني الآن من شفقة ، أم تراه عنى أسماءهم ، فهناك الروسي ، والبولوني ، وجينات لا صلة لها بشرقنا ، ويزعمون بأنهم بني فلان ، وفلان لا صلة له بهم ، فأي تركيبة بشرية هذه ، لكن محمود أحاط بالزمان ، وامتلأ وعيا بما لنا ، وما ليس لهم ، وقال لهم : " ولنا الماضي هنا .. ولنا صوت الحياة الأول ..ولنا الحاضر ، والحاضر ، والمستقبل .. ولنا الدنيا هنا ... والآخرة ، فاخرجوا من أرضنا .. من برنا .. من بحرنا .. من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا .. من كل شيء ، واخرجوا .. من مفردات الذاكرة .. ايها المارون بين الكلمات العابرة " ، فكأنه بسط بصيرته بين زمان غائر في القدم وزمان آت ، و تكلم باسم تاريخ ، لا مفر آت .
لقد استغرقني حديث الزمان وما كان ، وما هو آيل ليكون ، وكأني بتاريخ الأرض يمر موجات تلو موجات في ذاكرتي ، وما هي الا لحظة حتى أتبعت قولها قولي : اني أرى شرقنا يفيق من سباته ، يلملم جراحاته ، وحاله كمن به ارتباك ، وحيرة ، فليس هذا الذي يسود الشرق ، من ظروف ، هو وجه حقيقة انسان هذا الشرق ، ثمة تململ ، وخط فكر ، يطل من أعماق كل فرد ، بأن الذي لا مفر منه ، فلا مفر منه ، فلا بد من اعادة ترتيب الأوضاع من جديد ، على ما يجعل شروق الشرق ، شروق حضارة جديدة ، يتجدد بها هذا الشرق ، ويطل من جديد ، كمدرسة تتعلم بين يديها البشرية جمعاء ..اني أرى ذلك تماما كما كان يراه محمود ، فكم من تيارات من رياح عاتية هبت على شرقنا وعصفت باشجاره ، لكنه في كل مرة قام من سباته واغتسل من تخلفه ، وكتب على صفحة التاريخ ، حتما يكون ما قاله محمود ، فكأني بالوطن كان يحدثه ، وكأنه امتاز بحس مرهف أتاح له أن يصيخ السمع ، فيسمع ايقاع الوطن ويفهم عنه مقولاته .
وكانت شروق تفتش في ديوانه له ، بينا عيناي لا تفارقها ، وأنا أقول لها ما أقول ، واذا بها تشير بيدها ، الى أنها وجدت ما تبحث عنه ، ثم ترنو الي وتقول : ها هو في ديوانه " لا تعتذر عما فعلت " يقول : " يختارني الايقاع ، يشرق بي .. أنا رجع الكمان ، ولست عازفه .. أنا في حضرة الذكرى .. صدى الأشياء تنطق بي .. فأنطق ... كلما أصغيت للحجر استمعت الى .. هديل يمامة بيضاء .. تشهق بي : أخي ! ، أنا أختك الصغرى ، فاذرف باسمها دمع الكلام ... فيكمل الايقاع دورته .. ويشرق بي " .
وما أكملت كلامها ، حتى التفتت حواليها ، فانتبهت الى أن حقيبتها ، في الجانب الآخر من قبره ، فقامت اليها ، وهي تسألني عن رغبة في شرب فنجان قهوة ، وأجبتها من فوري ، كان محمود قال في " ذاكرة النسيان " ، القهوة مكان ... ، قالت : لقد أفضت القهوة له بسرها ، حدثته بحقيقتها ، بجوهرها ، ككينونة في وعي ثائر . وعادت واقتعدت الأرض قبالة قبرة ، وصبت لي القهوة في فنجان ، ولها مثله ، وناولتني فنجاني وقالت : هات ما تذكره ، من قوله في القهوة ، وقلت لها : انما أتذكر الآن قوله : " رائحة القهوة عودة واعادة الى الشىء الأول ، لأنها تتحدر من سلالة المكان الأول ، هي رحلة بدأت من آلاف السنين ومازالت تعود . القهوة مكان . القهوة مسام تسرب الداخل الى الخارج ، وانفصال يوحد ما لا يتوحد ، الا فيها هي رائحة القهوة . هي ضد الفطام . ثدي يرضع الرجال بعيدا . صباح مولود من مذاق مر ، حليب الرجولة . والقهوة جغرافيا .. " ، ثم قلت وارتشافي قهوتي يتخلل كلماتي : آه لو تدرين ، كم أنا مشتاق ، الى رائحة القهوة ، تعبق في أنفاس مقهى عربي ، أو سوق عربي في " البروة " ، وبدت لي آهاتي ، على أكف رائحة قهوتي ، تتساءل أمامي ، فكيف كبرياء القهوة ، تقوم بي قيامة ، أتخلص بها ، من عجز في قدرتي ، أرساه لي زمان مضى في زماني ، لماذا رائحة القهوة لم تقل لأجدادي ما تقوله لي الآن ؟ . أتراها كبرياء القهوة التي تقول لي ، أم هي قهوة الكبرياء ، فما الكبرياء سوى رائحة القهوة ، تعبق في الأنفاس ، في كل مكان من الأرض ، من البحر حتى النهر ، وتلك قهوة الكبرياء ، فالقهوة مكان ، عودة مفتاح قديم الى مكان غادره من زمان .
ومددت بصري ناحية شروق ، فما كان منها ، الا أن تساءلت بعنوان قصيدة له ، يحاور فيها لاجىء ابنه ، أيام النكبة ، قالت : " كم مرة ينتهي أمرنا " ، واستدركت ، هذا شرق ممتد في اللانهاية ، وسجل الغرباء فيه له نهاية ، في كل مرة يحسبون موتنا يطوينا ، كطي السجل للكتب ، فلا قراءة بعد ذلك في الكتاب . لكنا دوما نتجدد بموتنا ، فكل حز في رقبة فرع ، يزيد الفروع الأخرى اصرارا ، على ميلاد آخر ، و ريعانا أشد تسارعا في النماء .. فالأرض تنادي ، وليس للنماء ، الا أن يكون محكوما بدعوتها ، ويا ما أخلص الاستجابة ، ويا ما أعظم النداء .
ووجدتني استكمل معنى ذهبت اليه شروق ، بقولي : لا أزال أتذكر ذلك التحقيق الذي أجروه معي ، وكنت فيه لسان القضية ، سألت المحقق : هل كان يمكنكم ، أن تقوموا بما قمتم به ، لو كنا نحن بحالنا الذي نحن عليه الآن ، وكانت اجابته صريحة ، اذ قال : لا ، فقلت له : كان خالي أحمد ( ابوأكرم ) ، مع جماعة ابو درة ، لا يملك سوى بندقيته ، لا سيارة ولا طائرة ، كان فلاحا ، فوجىء بما حل بوطنه ، أميا ، ولم يتخرج من مدرسة عسكرية ، ولا من حرب عالمية أولى وثانية ، وكان أبي حدثني ، بأنه من أجل أن يشتري بندقية ، وصل الى أطراف غزة ، وقلت : بأن سعد الدين الشاذلي ، قائد أركان حرب القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر ، قال دخلنا حرب عام 48 ، ولم نكن تدربنا ، على استعمال القنبلة اليدوية ، فكل ما عرفناه عنها رسما لها بالطبشورة على اللوح .
وما انتهيت من كلامي ، وانما هي ، وبيدها ديوان " لماذا تركت الحصان وحيدا " ، آثرت أن تنبهني الى قول له جليل المعنى ، في السياق الذي نمضي فيه ، قالت : دعني أقرأ لك كلمات له ، فتعرف كيف الشاعر البديع ، يختصر بكلمات بسيطة مرحلة بحالها ، فالأب والابن وجدا نفسيهما لاجئين ، وكان هذا هو موقف شعب يتحدثان به : " ... هل تكلمني يا أبي ؟ .. عقدوا هدنة في جزيرة رودوس ، يا ابني ! .. وما شأننا نحن ، ما شأننا يا أبي ؟ .. وانتهى الأمر ...كم مرة ينتهي أمرنا ؟ ..انتهى الأمر . قاموا بواجبهم ! .. حاربوا ببنادق مكسورة طائرات العدو ... وبعنا خواتم زوجاتنا ليصيدوا العصافير يا ولدي ! .. هل سنبقى اذا ، هنا يا أبي ... هل كنت تحلم في يقظتي يا أبي ؟ .. قم سنرجع يا ولدي ! " .
ووجدتني اردد " حاربوا ببنادق مكسورة طائرات العدو " ، " قم سنرجع يا ولدي " ، هذا ما قاله لي ابي يا شروق ، فلا نحن هزمنا ولا هم انتصروا ، وقال : لاشوا العلم يا بني ، فكانت النكبة ، بالعلم يعود التاريخ سيرته الأولى ، وتغدو النكبة ذكرى ، ودليلا على ضرورة التزام العلم ، وتحقيق السبق الحضاري على كل البشرية .. بالعلم نتفوق .. وبالعلم نعيد أرضنا ، وبالعلم نحرس أمننا ، فلا غير الأرض والعلم يا ولدي .
وحنت شروق رأسها نحوي وهي تقول : وهذا الأب العقل الذي لم يجد ، في محيطه كله مدرسة ، ليتعلم القراءة والكتابة فيها .. أشاعوا الأمية ليسيطروا ، ويقال كانت خلافة عثمانية ويتبعونها ظلما للاسلام ، بكلمة اسلامية ، أليست ظروف ضياع أرضنا ، وذبحنا ، نتاج سياساتهم ، لو اهتموا بالعلم والعدل ، ما نزلت كل هذه الكوارث في أرضنا ، ولا جرؤ الغرباء على الاقتراب من برنا وبحرنا .
وما كان مني ، الا أن أقررت لها ، بعمق صدقها ، بقولي لها : ايه يا شروق ، فلا أبلغ من صيحته ، " لماذا تركت الحصان وحيدا " ، واني أود أن أقول لك ، بأني لما كنت أطوف بغلياني ، بين همس المكان في وعيه، وصراخ الجراحات في وجدانه ، انما كنت اتحول بين قصيدة والتي تليها ، الى الحريق الذي يرى بعينيه من كانوا سببا في مأساته ، وأحسست بالفعل ، بأني استحيل الى المستحيل .. الى بركان ، وأنا أقرأ في قصيدته ، " أبد الصبار " : " يا بني تذكر ! هنا صلب الانجليز .. أباك على شوك صبارة ليلتين .. ولم يعترف أبدا ، سوف تكبر يا .. ابني ، وتروي لمن يرثون بنادقهم .. سيرة الدم الذي فوق الحديد .. " ، كانت تلك كلمات أبي لي ، فلقد أطبق الجنود الانجليز على أم الفحم ، وجمعوا رجالها عند مدخل القرية ، عند حي الكينا ، وكان أبي الوحيد الذي لم يعترف بوجود سلاح معه ، فانتزعوا ملابسه عنه ، أبقوه عاريا ، وراحوا يضربونه بأعقاب البنادق ، أمام الناس كلهم ، ولم يقر بوجود سلاحه ، وظل الضرب مستمرا حتى أغمي عليه ، ثم أمر القائد الانجليزي واسمه مورتون ( قائد منطقة جنين آنذاك ) ، بحمل أبي وهو عار ومغمى عليه ، والقائه في الصبار ، وبقي أبي يومين في داخل الصبار الذي كان كثيرا في ذلك المكان ، وقد شاع في القرية أن أبي مات ، وسارع الناس ، بعد مغادرة الانجليز الى انتشال ابي ، من بين أنياب الصبار ، وما من أحد ظن ، بأنه سوف يبقى حيا ، ويطول به العمر ، وتمر عشرات السنين ، وتأتي باحثة من بريطانيا ، تبحث في حقائق سيرة الانجليز في منطقة أم الفحم ، ويحدثها أبي تفصيلا بما جرى ، وما حل به من عصف ، ويريها ظهره ويديه ، فأشواك الصبار أبقت آثارها على جلده وفي لحمه ، وعادت الباحثة الى بلادها ، على وعد منها أن تعود ، وعادت بعد شهور ، وأسمعت أبي صوتا يذكر اسمه بالانجليزية ، وضحك ، قال انه هو ، قالت نعم ولم يزل يذكر اسمك .
كانت شروق تنصت ، بتعاطف مذهل ، فكأنها هي التي حل بها ما حل بأبي ، وقالت : أنا استمعت الى ما قلته من الناس ، ولكني مصابة بالدهشة منك ، فكل ما له صلة بك ، فلا تذكره لي ، فأما ما يتصل بقضايا الوطن ، فلا يكف لسانك عن مراسلتي أو التحدث الي بها ، ألست أنت من الوطن ، ألست بذاتك ، بسيرتك بعض قصة هذا الوطن ، فلماذا لسانك لا يحدث بأفعالك وأقوالك ، تقول لي دوما ، بأنك بذلك تستوفي مطلوب الوطن ، لكني أفهم ولا أفهم ، فمن يكتب حكايتنا ؟ . وأخذت الكلام منها ، تركت لها الحاحها ، لتظل تدق به على بوابة عقلي ، وقلت لها تحضرني قصيدته " أرى شبحي قادما من بعيد " ، هل تذكرينها قالت : لا ، لست الحافظة لشعره ، وانما أنا حافظة ، وسوف يمضي وقت ، حتى أحوز على " أل التعريف " ، فماذا تذكر منها ، قلت : " تكفي .. يد امرأة في يدي .. كي أعانق حريتي .. وأن يبدأ المد والجزر في جسدي من جديد " ، فحدقت بي ثم انحسر بصرها ، ليتسمر على صورة لمحمود درويش ، وهو واقف بمحاذاة البحر ، وعلى وجه البحر كلماته " وأنت نشيد هذا البحر " ، وكانت جاءت بها شروق ، ومعها باقة من ورد مزنرة براية فلسطين ، ووضعتها على قبره ، وسارعت تقول لي : هذه الصورة لا تنزل من بين رموشي ، لا تفارقني ، فمثلها وغيرها خارطة فلسطين التاريخية ، ورسم لناجي العلي معنون بقوله : " أنا حنظلة من مخيم عين الحلوة ، أمي من فلسطين وأبي من فلسطين ، وعد شرف أن أظل مخلصا للقضية وفيا لها " ، وأنت من أهداني اياها ، هل نسيت ، فانها معلقات على جدران غرفتي ، فهي ترافقني حياتي ، وكذلك كتاباتك لي ، فهي معلقة على صدري ، ألا تراها ، انها باقية في محلها ، والى الأبد ، فضمني حياء ، ورفت نياط قلبي ، وأحنيت رأسي اكبارا لوفاء تكامل لها ، وأطلت من محياي ملامح ابتسامة ، وانسرح فكري ، فأخرجتني من انسراحي ، بقولها : ألا ترى بأن الابتسامة قرينة امتلاء ووفاء وأمل ، وهي لا مفر مشرقة ، في وجوه الأحرار ، رغما عن الأحزان وقسوتها . ثم أدارت رأسها نحو القبر وقالت : فارس الكلمة رحل وترك الحصان وحيدا ، جميل كان في المنفى ، جميل كان في الوطن ، وجميل يبدو من الجنة ، فارس سلاحه كان الكلمة الطيبة ، " كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء " . ثم وضعت رأسها بين راحتيها ، وقالت بصوت خفيض ، ألم أقل لك بأنه جاء الى حيفا ليقول وداعا ، لقد أحسست هذا ، كنت راغبة في أن أذهب لأراه وأسمعه ، لكنك وافقتني ، بأنه اللقاء مع القصيدة التي لا نريد لها أن تنتهي ، وبأن مشاهدة الاسطورة والاستماع اليها في آن واحد ، على شرفة من الكرمل قبالة البحر ، بذاته الأمنية التي في متناول الحضور ، اذ لا يمكن تحققها في حضرة الغياب ، الا بالاستعانة بالمخيلة ، فهو الخيال وحده الذي يمكنه أن يتيح لحضور في حضرة الحضور ، أن يتساوى بالصورة بالحضور ، في حضرة الغياب ، ولقد قلت بأن قدرك مع وقت اللقاء ، أن تذهب الى الخيال ، وأصررت أن اذهبي ، لا تفوتنك فرصتك ، وعدت تقول : بأن محمود أكبر من أن يغيب عنا ، أنكرت بذلك علي احساسي ، بأنه اللقاء الوداع ، لم أكن وحدي أحس ذلك ، وانما كان حسا جماعيا ، فكل من اقتربوا فهما من حالته الصحيه ، انتابهم هذا الحس الرهيب ، ومع ذلك فاني حاولت أن أراه ينشدنا شعره ، وجاءت فرصة أخرى ، أن أصل الى هنا ، فأراه في رام الله ، ولم تتيسر أموري ..
وما كانت شروق لتصمت هنا ، لولا أن خاطرا ساح بها ، في شرود أتاح لي ، أن لا أبرر غيابا عن حضور، ما كان له أن يغيب ، وانما أن أقرر أمامها ، بأن تزامنا ضاق باختياراتي ، فكان علي أن أكون في أكثر من مكان في آن واحد ، فبين الضرورة والاحتمال ، لم أكن لأعرف أي امكان يكون ممكنا ، ولا أن أعرف لممكن في خلال صيرورته ، كيف يتكامل له امكانه فيكون ممكنا .
لكن شروق عادت لتقول : انه درويش الحلم المستمر ، الحي الباقي ، الذي ربى الأمل ..مات درويش وولد فينا ، لنكون ما نريد ، وللحلم بقية . عاد الى حيفا بعد خمس وثلاثين عاما من الغربة ، لكي تمتلىء أنفاسه بهواء الكرمل وبكلمات البحر .. ماذا قال له البحر ؟ ..ماذا قالت له جبال الكرمل ؟ ، كيف التقى بقصائدة الأولى في " أوراق زيتون " و "عاشق من فلسطين" ، ماذا قال لها ، وماذا قالت له ، كان ملء المكان والزمان ، فكأن طلته دعوة للتاريخ أن يعيد سيرته الأولى ، اني أحسست ذلك ، وأنا أطل على المشهد ، الذي كان هو عنوانه ، عبر شاشة ، ولم أرى في المشهد سواه وما يمثله ، فكأني بذهني آنذاك ، أراد لي أن أرى الصورة بكل صفائها ، وحين بدأ يفوه بكلماته ، في تلك الأمسية التي أعدت بعناية ، قال " سألوني ألا تخشى على حياتك في الكرمل ؟ قلت لهم لا أتمنى نهاية أعلى وأجمل " . فكيف ترى اليه ، والموت يلاحقه حيث دبت قدماه ؟.
قلت بعد وجوم بدت ملامحه في وجهي : الموت في ذاكرة الحياة يتمايز بينه وبينه ، فهو ليس هو في كل الحالات ، فثمة أعلى وأدنى وبينهما ، فالموت موت ، لكن الموت ليس هو الموت ذاته ، عند كل النهايات ، فأسبابه تعددت ، ومنها ما اذا اجتمعت ، أنشأت بنيوية حياتية ، تبقى حياة في الحياة ، ولها وجه القداسة والخلود ، فلا أعلى ولا أجمل من موت يكون ولا يكون ، فهو الذي في حضرة الغياب حاضر ، وحي كفاعلية تتدفق حيوية في الأحياء ، فهو فوزه الذي يخشاه الأعداء ، ذلك أنه الحياة الوثابة في حياة فاعلة في الحياة ، وتظل تطاردهم مدى الحياة .
فقالت : لكنه على تكامل بسالته له طار من بين رموشنا ، وحط هنا ، فاذا كنا في حضرته ، نكون في حضرة القدس ، وحضرة حافة اليابسة .. البحر ، فنفهم ماذا يقول لنا ، ونلتزم ماذا أبقى لنا ، ونعود واياه يوما الى " البروة" ، مع عودة اللاجئين ، فليس مصادفة أن حط الحمام هنا ، فقصائدة متجذرة في الكل ، وبالكل تحركت قصائده ، فنومه لم يخرجه من الحياة ، لقد عرف يوم موته ، وكتب ذلك في قصيدته " اجازة قصيرة " في ديوانه أثر الفراشة " صدقت أني مت يوم السبت ..." ، وهو من كان قال في قصيدته " ولاء .. أوراق زيتون " ، " فان سقطت وكفي رافع علمي .. سيكتب الناس فوق القبر : لم يمت " .
ولم اتمالك نفسي وقلت : أنت تزيدين لوعتي حريقا ، واني أحيانا أحس بأني مصاب بالحزن القاتل لكي اظل مشتعلا . .وسلبت دموعي مني صوتي ، وراح صوتها هو الذي يعلو ، وأحسست بأن قلبي يكاد ينفطر ، وبأن حزني الذي انفجر في داخلي ، كأنما يشقني نصفين ، وأرحت يدي على قبره ، وبكيت بكاء مريرا ، لكن شروق وصوتها يختنق بدمعتها ، راحت تقول لي : أنظر الى القدس ، أو مد البصيرة الى البحر ، فلا زالت المهمة شاقة أمامك ، أصخ الى همس المكان الذي أنت فيه ، استمع اليه ومد البصر والبصيرة ، وأردفت قولها : هذه قصيدته " عن انسان " في " أوراق زيتون " ، يقول لك فيها : " ... يا دامي العينيين والكفين ! .. ان الليل زائل .. لا غرفة التوقيف باقية .. ولا زرد السلاسل! .. نيرون مات ، ولم تمت روما ... بعينيها تقاتل ! .. وحبوب سنبلة تموت .. ستملأ الوادي سنابل ..! " .
وما هي الا دقائق معدودات حتى اقتعدت الأرض قبالته ، وشروق تناولني منديلا من ورق تلو منديل ، حتى اذا تماسكت ، قلت لها ، أنت تلومينني ، ولا تسألين عن ملامة نفسي لنفسي ، أو لست مثلك يأخذني الندم ، فلا أدري ماذا أنا فاعل بنفسي ، حتى سألت نفسي مرة ، أو كلما مررنا بالماضي ، ولا نملك استعادة دورته ، لنعيد صياغتها كما نريد ، يتوجب علينا أن نحترق حزنا على موقف كان ، أو ليس الأجدر أن نلتفت الى ما يمكنا فعله في المستقبل ، فقصائده بعمر الأرض والزمان ، فلا نهاية لما لا نهاية له ، اللانهائي لا يكون نهائيا ، فهو الحاضر دوما فينا كما تقولين ، فلماذا عتاب يأكل من النفس مقدرتها على التفكير .. أخطأت يا سيدتي ، القيود التي لا تنفك تقيدني ، قد قيدتني ، قولي ما شئت ،
فحتى ذكرى الأربعين لم اشارك فيها ، وذهبت أنت الى هناك وشاركت ، ولم تخبريني ، فلقد خشيت على رغبتك من رأي لي لم تعرفيه ، ولم تسأليني ما هو ، فانك كنت هناك ، فهات ، قولي لي ، فماذا كان حالك والأسى ساعتها ، وكيف كان حال من كانوا هناك ، فتلك ساعة العهد الجماعي على الوفاء ، الذي يطل من تحت زخات الأسى ، وفي ظل الكلام . وتكاتفت ذراعاها على صدرها ، ورفعت رأسها ، ونظرت الي ، وبها ما يوحي بتردد ، ودهشة ، وقالت : وأنت الآن تريد مني أن أقوم بتوصيف ما كان ..على أية حال ، ومع أنك يمكنك أن تشاهد ذلك تفصيلا على شاشة ، الا أني أقول لك :
(مساء الاربعاء17/9/2008 كانت الذكرى الأربعين لمحمود درويش ، الا أنا كنا على موعد مع روحه ومع ظل كلماته هذه المرة ، في موت محمود درويش حياة أخرى ، ولادة ، فتركت عملي وجميع أموري هنا وذهبت الى الناصره بدأ الثلاثي جبران بالعزف على العود ، وللحظة انتظرت وصدقت صعود درويش الى المسرح ، حيث انتظرته أنا واخوته وعائلته وكل من أحبوه ، الا أنه لم يأت ، سمعنا صوته فقط ، كان يخاطبنا من السماء ، من الجنة حيث الأنبياء ، والشهداء ، والشعراء ، كانت روحه معنا ، وكان سعيدا لابداع الاخوة جبران ..سمير وسا م وعدنان ، الذين رافقوه أينما ذهب ، وفي نهاية الأمسية ، كل الناس ذهبوا ليعزو عائلة درويش ، أما أنا فدخلت الى الغرفة التي تواجد فيها الاخوه جبران ، فوجدت سمير الأخ الأكبر يبكي ، عزيتهم وعزيت نفسي ، وعزينا التراب ، والهواء ، والعود ، والقلم ، كانت أمسية غريبة ، بثتها قناة الجزيره ، وكان الحضور مشرفا .
وقلت : تعالي نقرأ معا قصيدة تختارينها ، فقالت اختر أنت ، قلت : بل أنت ، قالت : يطير الحمام يحط الحمام ، فهي التي قرأها مارسيل فوق رأس درويش حين وداعه له ، فماذا قولك ، فوقفنا وقرأناها معا دونما توقف ، ثم قالت : ماذا عن ديوان محمود الجديد ؟! ، فقلت : عندما تغيب الشمس ، فلن يكون نهار من دون شروق الشمس ، وأخرجت ورقة وقلما من حقيبتي ، وكتبت عليها : "لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي " ، ووضعت الورقة والقلم من فوقها على قبره ، وقرأنا الفاتحة .
وما كنا وحدنا ، وانما في كل الأوقات ، كان الناس يتوافدون ، ومن كافة الأعمار ، يأتون وبيدهم الورود يضعونها على قبره ويدمعون ويذهبون ، ومنهم من يضع قصيدة أو رسالة ، ويكتب عليها " اقرأ " ، ومنهم من يضع مالا ، في مظروف ويكتب عليه ، " لمن به حاجة " ، ويمضي ، وأكثر ما شد انتباهي ، عريس وعروس جاءا يضعان باقة ورد على قبره في يوم زفافهما ، وقد قمت وشروق اليهما ، وباركنا لهما ، وسألتهما شروق ، ماذا يكون اسم المولود ، فقالت العروس ، ان كان ذكرا فمحمود ، وان انثى فحرية ، واستطيبت استدراجهما ، وقلت ، وما اسم الذي يليهما ، فقال العريس : درويش ، ثائر ، أو ثورية ، فلسطينية ، أو ما شابه ذلك ، وأردف قائلا : الثورة تحفظ أسماءها . وعندها تناولت شروق حطة فلسطينية ، من على كتفيها ، وحوطت رقبة العروس بها ، واستسمحتها بأن ترتضيها ، كهدية لها من قصيدته ، ولم يكن مني الا أن أخرجت ، من جيب في قميصي ، صورة لمحمود وسط النار في بيروت ، وقلت للعريس : قل لأبنائك ، بأن قصيدته ، انما جاءت من جوف النيران ، من قلب اصرارنا على البقاء أحرارا .
وانا لكذلك ، نوشك أن نغادر ، تناولت شروق الكاميرا ، وطلبت مني أن أصورها في مكانها ، فمرة وهي مكبة على قبر ه ، وأخرى وهي منتصبة القامة ، تستقبل قبره ومشارف القدس .
واذ ذاك ، لاحظنا قدوم أعداد كبيرة ، من الفتيان والفتيات ، وكلهم يتوشحون بالراية ، وأصواتهم تعلو فكأنها صوت واحد وهم ينشدون قصيدة لمحمود درويش ، عنوانها ( سقوط القمر ) ، وكان أنشدها مارسيل خليفة :
" في البال أغنية يا أخت ، عن بلدي ، نامي لأكتبها .. رأيت جسمك محمولا على الزرد ، وكان يرشح ألوانا ، فقلت لهم : جسمي هناك ، فسدوا ساحة البلد . كنا صغيرين ، والأشجار عالية ، وكنت أجمل من أمي ومن بلدي .. من أين جاؤوا ؟ وكرم اللوز سيجه أهلي وأهلك ، بالأشواك والكبد ..! . انا نفكر بالدنيا ، على عجل ، فلا نرى أحدا ، يبكي على أحد ، وكان جسمك مسبيا ، وكان فمي ، يلهو بقطرة شهد ، فوق وحل يدي ..! في البال أغنية ، يا أخت عن بلدي ، نامي .. لأحفرها وشما على جسدي .. " .
كان المشهد ألحان وفاء ، بشائر فجر اللانهاية ، كان اسمها فلسطين ، واسمها الآن فلسطين ، واسمها بعد الآن فلسطين ، قالتها شروق ، بينا مشاعرها تعبر جسر الأسى ، لتحط بها في استنفار يتواثب ، وسط هذه العزيمة وهذا الاصرار ، وهذه الكلمات التي تتخرج منها مواكب العزيمة ، وما أن تحلقت جموع الأمل حولنا ، حتى صعدت شروق على كرسي ، كان في المكان ، وبدأت تهتف بقصيدة لمحمود درويش ( عابرون في كلام عابر ) : " أيها المارون بين الكلمات العابرة ، احملوا أسماءكم وانصرفوا ، واسحبوا ساعاتكم من وقتنا ، وانصرفوا ... " .
وما فرغت من قراءة القصيدة ، حتى ضج الفضاء ، بصوت نبات الثورة ، في الجموع العاشقة لمحمود ، الوطن ، القصيدة : " على القدس رايحين شهداء بالملايين " .
لقد أحالت القصيدة البكاء ، الى هدير بحر نشيدة ثورة شعب ، حملتها كلماته الى العقول والقلوب ، واتجهت بها صوب غاياتها في الحرية ، وما أمكنه الوطن ، في داخلي الا أن يكونني مجسدا ، في سير حثيث الى غاياته ، حتى في اشهار الارادة عن نيتها ، في هذا الهتاف البديع .
كنت كما شروق أحوج ما أكون الى التنفس ، أن أترك وطني يحدث وطني بحبي لوطني ، وكانت شروق تحمل الراية ، وتقول : يا أحبة محمود ، من يحفظ قصيدة له ، فليسمعناها ، قد حفظ لكم الوطن في القصيدة ، فاحفظوها للوطن ولأنفسكم ، فأنتم بها للوطن ، والوطن بها لكم ، فأن نحفظ قصائده ، يعني أن يكون فينا ، وأضافت قولها : هناك في الصين ، شاعرها الكبير " بي داو " ، الذي التقى محمود درويش أكثر من مرة ، وكانت آخرها في برلين ، بادر الى تنظيم ندوة شعرية تستذكر محمود درويش وأعماله ، وكان حضرها أدباء صينيون مهتمون بأدب محمود ، وصينيون آخرون ، وكان بين الحضور شاعر مصري ، ساهم في تنظيم الندوة ، واسمه سيد جودة ، صاحب موقع " الندوة العربية " ، وألقى سيد جودة قصيدتين لمحمود هي " لاعب النرد " ، و " أنا من هناك "، وفي نهاية الندوة ، أبدى الحاضرون دهشتهم ، فكيف أنه ألقاهما عن ظهر قلب ، ولم يقرأهما من نص لهما في أوراق بين يديه ، فأجاب سيد جودة : لقد فعلت ذلك لكي أبرهن لكم ، بأن محمود درويش ، لم يزل موجودا فينا . فهكذا العربي يحمل القضية ، على أكف قصيدة الى بقاع العالم ، الى حيث جماهير صينية ، لم يخطر على بال محمود ، بأنها سوف تكون متلهفة على أدبه ، عاشقة لشعره ، ومتبينة منه وجه القضية . فليكن هذا لكم الدرب ، الى جعل القصيدة ، رسالة ثورة ، وباقة ورد ، تحملونها من هنا الى مشارق الأرض ومغاربها .

وعندها تقدمت فتاة تلبس زيا شعبيا فلسطينيا ، وعلى صدرها تتوهج صورة محمود ، وقالت : أتيت من بيتي تبللني الدموع ، أغني " أحن الى خبز أمي وقهوة أمي ، وتكبر في الطفولة ... " ، وهنا في هذا المكان ، بلغت بي الدموع سخونتها ، وسرعان ما أحسست ، بأن حرارة الدموع ، تشتعل بي ثورة ، فالعهد يا محمود ، هو العهد ، والقسم يا شاعرنا ، هو القسم .
وما لبتث هنيهة حتى احتضنتها شروق بين ذراعيها ، ثم أبقت على ذراعها الأيسر يضم الفتاة ، بينا هي بأنامل يدها اليمنى تتساءل وبلسانها تسائلها ، وهي حانية رأسها وتنظر بدفء عيونها في وجه الفتاة : كم قصيدة تحفظين لمحمود درويش ، قالت : اني أحفظ الكثير منها ، فسألتها : فما اسمك ؟ قالت : اسمي حورية ، انه اسم أم محمود يرحمهما الله ، رأيتها ، يوم جاءت الى هنا تودعه ، لقد أسماني أبي بهذا الاسم ، أملا بأن أكون أم محمود ، هكذا قال لي أبي ، كان يحب شعر محمود كثيرا ، ويشجعني على حفظه، وهنا خرجت شروق من صمتها ، وسألتها بلهفة حانية يتدلى منها الأسى : وهل تحدثت حورية الى حورية ، فقالت حورية : لم أقوى على مصابرة نفسي ، تذكرت عندها أبي وحبه لمحمود وبكيت ، فقالت شروق متسائلة : وهل تذكرين زجلا للست حورية ، قالته في موت حبيبها محمود : فقالت الفتاة ، بلى ، واني أستطيع أن أقرأه لك من صفحة في جريدة ، احتفظت بها ، ثم راحت براحة يدها اليمنى ، تتناول من حقيبة معلقة على كتفها ، ديوان شعر لمحمود ، وبأطراف أناملها ، أمسكت بصفحة الجريدة ، ووضعتها على الديوان ، و بينا كل زملائها ، يتحلقون حول قبر محمود ، راحت تقول : ما بين يدي ، مقابلة أجرتها " صابرين دياب " ، مع الست حورية ، ومن غرفة محمود درويش كتبت تقول ، بأن الست حورية قالت ، بأنها كانت تلح على ابنها محمود ، وتقول له " منيتي أشوف أولادك " ولكنه كان يرد " قصائدي يا يما أولادي ، احفظيها وشوفيهم فيها " ، وتضيف كاتبة المقال " صابرين " ، بأن الست حورية قالت : " لو علمت أن الغالي ، لن يعود ، ما تركته يذهب " ، ثم انفجرت بالبكاء وهي ترثيه بقولها : " مين صبرك يا يما ، ومين سقاك الصبر .. مين صبرك يا يما ، تنزلوني القبر .. وقولوا لأمي الله يصبرها ، وعلى فرقتي ما أقوى جبايرها .. قولوا لأمي ما تقولوا لغيرها ، بالفلفل المطحون تكحل عيونها .. " ، وتنشد الست حورية في وداعه : " نزل دمعي على خدي وحرقني .. مثل الزيت على النار حرقني .. أنا أبكي على ابني الي فارقني ..فارقني بليل ما ودع حدا " .
وما كادت الفتاة ترفع عينيها ، وقد ترقرق الدمع فيها ، لترى شروق تغالب دمعتها ، وهي تمد يدها لتربت على كتفها ، بينا عيناها أخذت تطوف ، في الوجوه الساهمة . وانها لكذلك ، تقدم فتى ، وقال ، بأن أسمه محمود وطلب أن ينشد بصوته كلمات السيدة حورية ، فأومأت شروق له برأسها بنعم ، وناولته الفتاة الورقة التي بين يديها ، وما هي الا لحظات ، حتى ارتفع في أجواء القبر ، صوت حزين تنفطر له القلوب ، يلازم الصوت أنين ناي ، بين أنامل وفم فتاة ، سارعت الى مرافقة الفتى في شدوه ، فما أتما شدوهما ، حتى كان اللحن الحزين ، قد أتم دوره ، في يقظة الدموع ، في عيون كل أذن قر فيها ، فبدا المشهد ، وكأنما الهوية الفلسطينية ، تتندى دمعا على محمود درويش .
وكانت الفتاة حورية ، لم تزل واقفة ، بجانب شروق التي عادت اليها ، تسألها عن أسرتها ، فتألقت عيناها وتسمرت في القبر ، ثم رفعت رأسها الى السماء ، فسبقتها نفسها ، الى حسرة ، أفصحت بها عن ذاتها ، ودمعة سالت على خدها ، وقالت ، بينا هي بأطراف أنامل يدها تمسح دمعتها :
: ابي شهيد ، وأختي شهيدة ، ولي أخ شهيد ، وأخ في السجن ، وأخت أصغر مني في السجن ، وبيتنا قد هدموه ، أكثر من مرة .. قصفتة طائرة ، ولم نكن في البيت ساعتها، ومرة أخرى بالجرافات ، ولست وحدي بهذا الحال ، فكل الذي ترينهم يتحلقون هنا ، حول قبر محمود ، أبناء شهداء ، ونحن نأتي الى هنا ، معا ، نرتب مجيئنا ، ونذهب أيضا الى قبر ياسر عرفات .
ولم تتمالك شروق نفسها ، فأقبلت على حوربة واحتضنتها، فكأنها تريد أن تسورها بقلبها ، ثم أرخت لها ، وخطت واياها ناحية فتيان ثلاثة ، يحمل كل منهما آلة موسيقية ( العود ) ، وسألتهم : ماذا أنتم فاعلون بهذه الآلة الموسيقية هنا ، فقالوا : نفعل ما أحبه محمود ، في ظله ننشد كلامه على ألحان العود ، كما فعل هو والثلاثي جبران .
وانسرح فكر شروق ، مر في خاطرها ، ذلك الأب الذي كان يذهب ومعه الناي الى قبر أبنه ، ويبكي هو والناي على قبره ، وحين سألته مرة عن سر قيامه بذلك ، قال : كان ابني يحب الناي ، ولما أجازت لنفسها ، فأذكرته بأنه يفعل ذلك في المقبرة ، فأجابها ، أليست الثورة قد جاءت من هنا ؟! ، فما كان منها ، الا أن سارعت الى سيارة ، كانت جاءت بها ، وأخرجت منها ، علم فلسطين ، وعادت وزرعته ، فوق القبر ، ولسانها يقول : أولئك سطور ثورتنا ، فراية فلسطين ، يجب أن ترفرف ، لتقول هنا علم من أعلامها .
ولما آبت من انسراحها ، وجدت روحية ومحمود ودرويش ، ما زالا ، بجانبها ، فهاجت بها الأسماء ، وأفضت الى تساؤلها ، بصوت مليء بحنو منساق بحدس ، ما خاب مرة في حياتها ، وسألت وعيناها تطوف في ملامح مستقبل يتشكل أمامها : فهل هنا بيننا لسان العرب ، فاذا بصوت يجيب : أنا ، وأشارت اليه أن تعالى ، فداناها ، وراح يدلل على فخره باسمه بقوله ، بأن أباه كان يعرف محمود درويش ، وكانت بينهما رابطة لغة عربية ، وكان منبهرا ، بمدى التصاق محمود بالكلمة ومعناها ، وبعودته الدائمة الى لسان العرب ، وقد أسماني بهذا الاسم لأبقى دوما قريبا من محمود درويش ، لا أفارق قصائده ، فلعلي بما أوتيت من موهبة شعرية ، أن أطرق طريقه .
وعندها تناولت الكلام وقلت : حقا اننا الشعب الأسطورة التي ليس منها جملة واحدة من خيال . ولم تتركني شروق أكمل كلامي ، سارعت الى أخذ رأي لسان العرب فيما قلته ، فقال : اننا مادة قصائدة ، فهو هويتنا ، وهي هو ، تجسدت فيه ، فهو وهي كلاهما بنفس المعنى ، وقصائدة لغة هويتنا التي عبر بها كل اللغات وكل القوميات والأمم ، فنحن بقصائدة ، بقضيتنا ، وصلنا ، وحيث لم نصل سوف نصل ، بقدرته الأدبية ، ونخاطب الانسانية في جوهرها ، ونحكي لها حكايتنا ، وبذلك اللغة العربية ، على أكف قصائدة تصل كل مكان ، وما هو الا نموذج لأدب عربي ، سوف يفتح بقصائدة اطلالة عليه ، من جانب كل من تبلغه قصائده في هذا العالم .
وانه لكذلك لسان العرب يفيض لسانه ، بكلام على الشاعر والشعر ورسالته ، واللغة والهوية ، بدت من شروق نظرات متتابعة في ساعة في معصمها الأيسر ، واذا بها تملأ صدرها من الهواء ، وهي ترفع يديها ، وتبش في من أمامها ، وتقطع كلاما يقر في أذنها ، ويغنيها ، وتقول : قد أزفت ساعة ذهابي ، فدعوني أسأل : فما الاسم الذي أكرمتم فرقتكم به ، فاذا هم صوت واحد يعلو ، في فضاء المكان ، انها فرقة فارس عودة لأدب الحرية ، وسراعا خف الى شروق فتى أسمر ، غض الايهاب ، وقال : أنا فجر الحرية ، فباشرته شروق متسائلة ، وهل هذا هو الاسم الحركي ، أم هو اسمك الحقيقي ، فأجاب ، فليس بغير أفعاله وأقواله يعرف الانسان ، انما أنا فجر يبدد بنوره ظلماء ، ويذكر بتباشير شروق للشمس وطلعة النهار ، وأردف ، لقد أحببناك ، فهلا عرفناك أكثر فأكثر .
وما أدري كيف لم أنتظر شروق لتجيب عن نفسها ، فلقد هاجت مشاعري ، ولهج لساني ، بقولي : يسألني الفجر عن بهاء طلعته وما به من سناء .. قلت يا فجر هذه شروق خلعت عليك رداء .. من عيونها أسقتك حلاوة ومن رموشها بهاء .. ومن لحاظها شربت سناء وكان بك ضياء .. فهذه أهدابها بها زهو يسكب في عينيك غناء .. ويا لرقة مبسمها وما نثرته فيك من رجاء .. وفكرتها ما أبدعها أغنتك بها على استحياء .. رائعة هذه الفتاة .. فمن
جبينها شربت اباء .. وشعرها كيف علمك السباحة في الفضاء .. استعار الذهب منه لونه واليك أهدى صفاء .. كرامة شروق وعزة نفسها وما بها من كبرياء .. وما بها من شوق الى نهار يكنس الغرباء .. وما أنار درب حياتها بكل عزم وعزة واباء .. صفت نفسها لوعي تقيل به كل عنت وعناء .. وأقبلت وطنية أبية تزرع فيك عبقرية الأداء .
وهاجت الألفاظ بلسان العرب ، فنبست شفتاه ، شروق القصيدة على الوعي ، يعني أن الوعي في ركاب الحرية ، واعراب كلمة شروق ؛ شمس رائقة في وطني قائمة ، فتحقق هذا المعنى ، يعني أن حرية أوقدتها قصيدته ، تكون استوت على غايتها ، فقصيدته مجرى فكر ، يستنهض ارادة حرية ، تجري بالتاريخ كما النهر ، لتصب في وطن الشمس الذي لا تغزوه الظلمات ، من جهة بتة .
وارتفع صوت فجر الحرية بالقول : أجمل حلم يراود الروابي والبطاح والنفوس في بلادي ، هو شروق شمس الحرية . كل نسائم البر والبحر ، اذا هبت أروت النفس الحاحا وشوقا الى شروق ، هي كلمة في فم الأشجار والسهول والجبال والأطيار ، فلا أحلى من شروق . هي شوق الحياة ، في نسائم الفجر ، في سير الحياة ، في الأرض ، فنبض الشوق شروق ، وقد تعلق خلاص الانسان من الظلماء بكلمة هي شروق ، فكل حركة الحياة تحت سحب الظلام ثقيلة ، وبها تيه وضياع وكبوات تتلاشى مع اطلالة شروق .. هذا الاسم شروق يبهرني ، انه خلاصة الأحلام والآمال ، فبين فجر ونهار ، شروق شمس النهار .
وبدت حورية مزهوة بقولها : حين أنا أنطق اسمي أو يناديني أحد به ، أسمع دوما كلمة حرية ، لا حورية ، فحورية تذكرني بالجنة ، وشتان ، فحياتنا تعصف بها الظلمات ، وحين أقرأ قصائدة أحس شروق الحرية في داخلي ، فلا غيرها ، واني أفهم بأن حرية وشروق قد تلازمتا ، فهما المبتدأ والمنتهى ، فشروق الحرية ضرورة ديمومية حياة مشرقة دوما بالحرية .. بلا شمس النهار ، لا نعرف مواطىء أقدامنا ، فكذلك الحرية فان شروقها الدائم ، انما هو فعل تحقيق الذات والسعادة في الحياة ، وهذه الغاية الانسانية ، من دعوة الحرية في قصائدة ،

وهبت شروق من توقدها ، بما يلقى على آذانها ، وقد توردت بقصائده ، وأطلت من نافذة القصيد ، وهاجت بكل طيب ، ارفعوا الرايات ، واشرقوا بقصائده ،على شروق اراداتكم ،على استولاد شروق العطر الفواح ، في أنفاس الورود العائدة بالقصيد .. الحرية الى حياة الحرية ، فأنفاس الوطن تاقت الى العطر ، في شرفات تتنفس نسائم البحر ، وانها أنفاس الحرية في كلماته ، هي التي تقول : " انا نحب الورد ، لكنا نحب القمح أكثر .. ونحب عطر الورد ، لكن السنابل منه أطهر .. فاحموا سنابلكم من الاعصار ، بالصدر المسمر .. هاتوا السياج من الصدور ... من الصدور ؛ فكيف يكسر ؟؟ .. اقبض على عنق السنابل ، مثلما عانقت خنجر ! .. الأرض ، والفلاح ، والاصرار ، قل لي كيف تقهر ... هذي الأقانيم الثلاثة ، كيف تقهر ؟ " .
كان مشهد شروق ، وقصيدته ، واطلالتها ، واطلالة المستقبل ، من نافذة معناها ، يوقد بي شعلة الحرية ، بينا كلماته تحدث نفسي قائلة : " تكلم عن الأمس ، يا صاحبي ، كي أرى صورتي في الهديل .. وأمسك طوق اليمامة ، أو أجد الناي في تينة مهملة .. حنيني يئن الى أي شيء ، حنيني يصوبني قاتلا أو قتيل .. وما زال في الدرب درب لنمشي ونمشي . الى أين تأخذني الأسئلة ؟ .. سأرمي كثيرا من الورد قبل الوصول الى وردة في الجليل " .
واذ ذاك أشرعت ذراعاي ، فكأني أحتضن كل من كانوا هناك ، وأومأت برأسي ، أن هيا ، وفهمت شروق قصدي ، واستعطفت الجميع أن يرخوا لنا ، وتحلقنا جميعا حول قبره ، وقرأنا عهدنا ، وتعاهدنا على لقاء ، وعندها ، بسطت شروق ذراعها الأيمن ، واتجهت بسبابتها صوب القدس ، صوب البحر ، وهي تصدح ، من هنا الى هنا ، ليس لكم غير هنا ، فمن هنا الى هناك ، فهناك هنا ، وليس سواكم ، أنتم نشيد بحركم ، والبحر بانتظار نشيدكم هنا .
فكأني أسمع نداء تراب بلادي يطل علي من أعماقي ، ويسألني ، فماذا أنت فاعل ، فأخذت بيد شروق ، وقد امتلأت عيناها بالدموع ، وقالت : ما أجمل ، أن تحس معنى قصيدته ، متجسدا في الأقوال والأفعال .. في الحياة ، فأن تكون المعنى ، بلا سيرورة ، وصيرورة في الحياة ، يعنى أن تظل ضمن كينونة حبرية ، بمعنى يتلهف على كينونة له في الحياة .. انه الانسان الذي بلاه لا يمكن ، أن تعبر الجسر بين هذه الكينونة وتلك ، انه الفعل والحياة ، بلاه العدم ، كيف يمكنه المعنى ، أن يكون في الحياة ، بلا الانسان ، هل يمكن هذا ؟ . الوطن انسان ، فاذا ثمة انسان ، فان للمعنى وطن ، واذا ثمة وطن في الانسان ، فالانسان له وطن ، ويصبح الانسان في الوطن ، هو نتاج الجدل بينه وبين المعنى ، فأن يكون لك معنى ، يعني أن يكون لك وطن ، وحرية المعنى في تشكلة ونموه وتطوره ، يقتضى أن تكون حرا في الوطن ، ولك حرية ارادتك ، فأنت حر في فعل ، صيرورته ضرورة معنى ، يريد أن يصير الى ما يريد ، فعبور الجسر اقتضاء معنى القصيدة ، بأن يكون ذاته في الحياة ، فلا يظل بكينونة حبرية ، في نص على الضفة الأخرى للجسر ، فأو لا تنتهي القصيدة أو تنتهي ، الجسر هو الفارق ، فاذا المعنى ليس معلقا على الجسر ، ولا هو في الجانب الآخر منه ، فالمعنى في الحياة فاعل في تشكيلها ، فمعناها من معناه ، فعندها لا تنتهي القصيدة ، تبقى وجودا تنهل منه الحياة مبانيها ومعانيها ، وغير ذلك المعنى طي تشكيلة حبرية ، منفصل عن الحياة ، فاذا أنا المعنى الذي جاء من القصيد ، فأن أكون في الحياة فاعلة ، يعني أن القصيدة لا تنتهي ، وأظنك لا تريدها أن تنتهي ، وحالك من حالي ، فكلانا جاء الى النص ، من نافذة قصيده ، فماذا أنت فاعل ، قلت : أنا المعنى الذي ما كان ليكون مستكفيا بذاته ، بكينونة حبرية ، وانما كذلك كنت ، وعبرت الجسر ، لأكون الحياة في وطني ، فأنا لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي ، قالت : اذن أنا وأنت الحياة ، فهيا بنا ، نعيد بقصيدته بناء الحياة ، ومشينا على شارع من شوارع الحياة ، وكان ذلك شارع الحرية ، وما أبعدنا أمتارا ، عن ملامح الفجر المحيطة بالقبر ، حتى ضج فضاء القبر ، بالغناء ، " حاصر حصارك ... لا مفر ، سقطت ذراعك فالتقطها ، واضرب عدوك ..لا مفر ، وسقطت قربك فالتقطني ، واضرب عدوك بي .. فأنت الآن حر ، حر ، وحر . قتلاك أو جرحاك فيك ذخيرة ، فاضرب بها ، اضرب عدوك .. لا مفر . أشلاؤنا أسماؤنا ، حاصر حصارك بالجنون ، وبالجنون ، وبالجنون . ذهب الذين تحبهم ذهبوا ، فأما أن تكون أو لا تكون ".


.................................................. .................................................. ......................................
astrosameh@Gmail.com
.................................................. .................................................. ......................................

غفران بصبوص
22-09-2009, 23:23
السلام عليكم

مشكور على هذا الطرح الرائع
واتمنى ان اكون عند حسن الظن
اسفه على التأخير في الرد
اتمنى ان تتقبل اعتذاري

محمد يوسف جبارين
24-09-2009, 22:18
بأي حزن ألقاك يا عيد

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

أهلا وسهلا بك يا عيد ، على الرحب والسعة ، فأبي في السجن ، وأخي مصاب بنار غدر ، وأمي وأريتها التراب البارحة.. أهلا بك ، فزيتوننا وتيننا ، قد مزقته جرفات الاحتلال ، وبيتنا تمزق بقصف مدفعي ، وأولادي تمزقوا كما زيتونهم ، أهلا بك يا عيد .. بين القبور ، فكما ترى ، كان يفترض أن تكون أسرتي في الحياة ، لكن الغدر أحالنا الى تحت التراب ، وفوق التراب ، يتأنس بدموعه ، مع من هم تحت التراب .. أهلا بك يا عيد ، فمن شهور ، ,أنا لا أعرف كيف أبيع جهدي من أجل خبزي ، أهلا بك .. على الرغم من كل غم ، ومن كل قلق ، ومن كل قهر وجوع الى الحرية ، فأنت عيد ، أتيت ، فاشرب قلقا معي ، وهموما ، فان لم ترتو ، فلدي من كل ما يشبع مقهورا ، من رغبة في الخلاص من قهره ، فهو الهم الذي يسألني ، كيف أتخلص من غمي ، وهو القلق الوجودي الذي يحاورني ، فكيف أريح نفسي من احتلال ، لا يدع لي الا كل ما يمزقني .
أريد أن تشاركني ، يا عيد فرحتي ، بأحزاني التي أطلت بي ، على مكنون ذاتي ، فوعيت ضرورة أن أظل متعلقا بحلمي ، بأملي ، باستوائي على درب خلاصي ، من بعثرتي وتفتتي ، فأحوال حالي استحالت الى ما لا طوق لي على حالي ، فشيء في داخلي يلح علي ، كفى صبرا ومصابرة ، فلا صبر أجدى نفعا ، ولا مصابرة أضافت ، غير ضيق مضاف ، الى ضيق تضيق به أحوالي ، فلا حال يطربك ، يا عيد من أحوالي ، فكل حال قبضت عليه تحولية ، راحت تحيله ، الى ما يسقني فوق اغتمامي ، مرارة ، تسيل في حلقي كل آن ، فكل تذوق أحاوله يرتد على حسي بما يمرمره ، ويشربه غثيانا ، يجوب أرجائي ، فهذه الأحوال أحوالي ، وجئتني يا عيد ، وأنت أدرى مني ، بأن اسمك مشتق ، من عين ترى ، ويد تمتد لتأخذ بيدي ، فلماذا لم تر مني غير أن تصدمني بك دفعة واحدة ، فاذا أنت أمامي ، تقول أنا عيد ، ولا يد منك جاءتني ، تقلل مما أنا به ، مما حل بي من مصائب ، فاذ لا عين لك رأت ، ولا تر ، ولا يد امتدت لي ، ولا هي عازمة ، أن تمتد لتأخذ بيدي ، فما أنت ؟ ، ألا ترى الى ، أن في نفسي حس بأنك تجاهلتني ، فاذ جئتني ، فلا أعرف ما مجيئك ، وما سره ، ولماذا ، أحقا هو أنت عيد ، يا ويلتاه كيف أنت هو أنت ، وأنا لا أعرف لك لونا ولا طعما ، ولا بي درب الى تذوق فهم لما أنت هو ، فهذه أحوالي يا عيد ، فلا هي تريحني ولا تطرب عصفورا على شجرة ، بل العكس من ذلك تسقيه ، بدلا عن جرعة من هواء طلق ، رياحا من اغتمام ، تمر بي من سجن ، الى زنزانة ، الى عذاب ، الى فقر ، الى دمعة في عيون طفل في حصار ، لا يجد له من يقول له ، أنت أبن شعبي ، فأبوه قد اغتالوه ، بسبب وجهه البشوش العاشق للحرية ، وأمه اغتالوها ، لأنها الحرية بذاتها ، وبيته زرعوا فيه القنابل ، وتطاير شظايا وبقي هو وحده ، وبقايا دالة على ماذا يفعل ، من كان أخا ، بأخيه ، حين تفارقه كل قيمة ، بغير تبعية لوجه كرسي ، يتلقى منه الأوامر ، وهذا مسجد بجانبنا ، كان الناس فيه يصلون ، ويحلمون ، ويصدحون بأمل لهم في استنساخ أمجاد خلت ، واذا بنار اخوة لهم ، يهيجون عليهم ، بكل موت ، فتحوا فوهات بنادقهم عليهم ، من كل جانب ، كانت الرصاصة تخترق المصحف ، الذي في جيب القميص ، قبل أن تدخل صدر البرىء ، وتمزق قلبه الذي يحفظ القرآن ، ويحب انتصار هذه الأمة على أعدائها ، فظيع هذا المشهد يا عيد ، نيران غزيرة ، ومن كل اتجاه ، تصفع المسجد والمصلين ، وأخرى قنابل ، متفجرات تنسف بيتا ، لجأ اليه من كان يذكر الله ، ويجأر بحلمه ، بحبه لدينه والناس ، نسفوا البيت عليهم ، ماتوا ، قتل الأخ أخاه بغير ذنب ، والقاتل يجأر بأنه ممثل الله في الأرض ، لم نسمع في ديننا ، بأن ثمة شيء من هذا مستساغ ايمانيا ، فمن يزعم هذا، يستغفل الناس ، ولا صلة لما يقوله بدين ، بل له كل صلة بسلطة ، وبتبعية تستدر مالا ، لتغذية أعمدة هذه السلطة ، أصبحت التبعية في مرتبة متقدمة على القضية ، أو أن القضية ناءت بها نفوس عاشقة للانتفاخ بزهو فارغ ، بلا أدنى قيمة تاريخية ، وأحلت محلها فضيتها النابعة من أمعائها وضيق فكرها ، فأحلت قضيتها محل القضية ، وظلت القضية في المخيال ، الوهم الذي تتخفى داخله قضية ، هي ليست في حقيقتها القضية ، فرسم درب النار ، والفتنة ، لم يأت من القضية ، فمن يعلو مراتبها تعلو به ، ويكون فارسها ، لكنها قضية ليست بالقضية ، قضت سفك دم الأبرياء ، واستباحت دم المسجد ، هل ترتضي نفس مسلم رصاصا يخترق مصحفا ، ويقتل صوتا يجأر بحب الله ، ويحلم حلم خلافة ، فالخلافة ، مشروع وحدة أمة بحالها ، ويا ليت أن العرب وتركيا يرتقون الى مراتب ارتقى اليها ، من كانوا مع صلاح الدين يتصدون للغزو الصليبي .. لعكا ويافا ، فماذا يقول ابن تيمية ، عن مذبحة أحباب له ، أحبوه وحلموا حلمه ، وآه لو يدري هذا الشيخ الجليل ، بأن القتلة هم أكثر الناس قراءة لكتبه ، فماذا أفادوا من كتبه .. لا بد الكثير ، لكن كلماته انزوت في ركن معتم ، في الذاكرة ، حين قرقرت البطون ، والتمعت هالة الكرسي بين رموش العيون ، أصبحت القضية عند هذه الطائفة ، أن تأكل بالقضية ، فلذلك التبعية نطاق نفعية ، يتاح بها ما لم يكن متاحا في الوفاء للقضية .. انكفاء وعي ، أفضى الى تحولية أحالت الذي لم يخطر على البال ، بأن يكون متحولا ، عن صدقه الى بارع في كذبه ، على نفسه ، وعلى الناس ، وعلى الله ، فبأي حزن ألقاك يا عيد ، فانظر الى التمزق الذي زرعه هذا المتحول ، من صدق الى لا صدق يصدقه ، أرهقنا بتبعية تغذيه وتردفه ، مزقتنا هذه التحولية التي أرست لنا تبعية تطلق النار على مسجد ابن تيمية . أواه يا عيد .. أواه .. من وعي غارق في التيه ، أواه من وعي مراهق ، لا يعي بأن نظام الحرية ، انما هو الأساس الذي يضمن التماسك الاجتماعي ، ويوفر السلم الاجتماعي ، ويصرف كل الطاقات ، في مواجهة مشكلات النمو والتطور ، ويقيم الأمن ، ويحفظ بالقوة حدود الحياة ، فيا ليتهم يا عيد يفقهون ، ويبدلون ، ويتبعون ما أقول ، فهي الحرية التي لا سواها ، فلتكن هي الأساس ، ومنها وبها يصاغ البناء التنظيمي للحزب ، وأيضا النظام السياسي لدولة نرنو اليها ، فلا تبعية بعد ذلك تنسجم مع حرية ، ولا سفك دم أو قهر أخ لأخيه ، يتفق له أن يكون بتألق الحرية ..نحن نحتاج الى أنفسنا ..نحتاج أن نكون أحرارا من أجل حريتنا ، فأرضنا ، ومستقبلنا عليها ، فهذا حاضرنا تموج به الجراحات ، والغرباء طامعون في كل شبر ، فلماذا نتمزق ، أمن أجل أن نريحهم من سطوتنا ، من قدرتنا على فرض ارادتنا عليهم ، أليس خروجهم من أرضنا يقتضينا ، أن نبلغ مرتبة في قدرتنا ، نستطيع بها ، أن نقول لهم ، مكانك قف ، وخلفا در ، والى خارج أرضنا سر .
حزين أنا يا عيد ، لأني أحدثك بكل مصابي ، فانظر حولي ، تجدني على أكف جراحاتي ، وهذه كعكة عيدي صنعتها من أحزاني ، ولم أجد عجوة سوى أحلامي وآمالي ، فخذ نصيبك ، مما تيسر من موج يتلاطم بي ، فأنت مسافر ، وأقبلت من نافذة الزمان ، وبكل ما أنت تعنيه من معان ، وجئت ، تقول لي بأنك عيد ، وأنا أعرف هذا الاسم ، لمثل يوم كذا ، قد قيل لي بأنه كان يمر في زمان الأجداد ، ويمر على أناس آخرين غيري ، انها كلمة عيد ، وكما يقولون ، هي كلمة جميلة ، ويظلون في انتظارها طويلا ، لكني أنا ، لم يحصل لي أن انتظرت يوما كهذا ، بكل هالة الفرح التي بها الآخرون يتكللون ، فهو الأسم الذي ، يمر في الوعي ، ولم أعرف كيف هو في مجرى أيامي ، فلا أنتظر يوما مثل هذا الذي هو أنت .. هو هو .. عيد ، فماذا يدعوني الى ذلك ، ولماذا ، هل يمكنك أن تقول لي ، فماذا يعني عندي ، هذا الذي هو أنت ، فالمصائب تتدافع بي ، وأنت الكلمة التي اقترنت براحة ، بفرح ، ببعد عن غم وهم وحزن ، فكيف أسلخ ذاتي من ظروفي ، لكي أعرف كيف أتهيأ لفهم تريدني أن أفهمه عنك ، فأعرفك أنت ، بما أنت كائنه وتكونه ، فأكون ما تريدني أن أكون ، فكيف أتذوق ما تعنيه أنت .. أنت معنى ، يمكني أن أدركه بالعقل ، وأفهمه ، ككلمة ، في القاموس ، في مجرى سلوك بشر غيري ، أما أن أدرك المعنى في سياق حياتي ، فيا ليت أحسك كمعنى ، وعلى أقل ممكن ، فكيف ؟ ويا ليت حسا كهذا يحصل في مشاعري ، فكيف تحصيله ؛ فلو يحصل ، فلن أكون خاسرا شيئا ، فلعلها استراحة مشاعر من مغالبة صعوبات ، وآلام ، فهذا وبحق رائع ، ولكن ؛ لو يحصل ، ويا ليته يحصل ، فأنا بحق أريده أن يحصل ، فتحصيله شيء جميل ، ولكن كيف يا عيد ، قل كيف .
أيامي يا عيد ، بين هم وغم وقتام ، وتواثب بارادتي ، وعقلي ،على خلاص لي من اغتمامي ، خلاصا مشتقا أبدا من مأساتي ، التي انحدرت من ضعفي الذي استهوى أضداضي ، فتكالبوا على استعمار بلادي ، فكان شتاتي ، وكانت غربتي ، وكانت مأساتي ، وأظلمت الدنيا ، وغدوت مثل فرقد في السماء متوهجا أبدا ، أشق الظلام ، بفكري ، بفعلي ، بكل قدرة أوتيتها ، فلا شاغل لي سوى هذا الظلام ، أريده أن يتلاشى ، لأرى النهار بكل نوره الوضيء في أيام وطني ، وقد عادت اليه كل القلوب ، عامرة بالآمال ، بأن تعيد بناء صرح حياة ، يتندى منها عطر الأمل في كل الأوقات .. فاذا أطل يوم عيد ، فهو مثل كل الأيام في روعتها ، الا أن به مائز يميزه ، فهو عيد ، كلمة يا طالما عرفتها في جملة في قصيدة ، أو نص ، أو سالت من لسان ، وقرت في أذني .
فكل عام والكفاح من أجل الحرية لا يفارق الأفعال ، ولا يغادر الأقوال ، بل يبقى هو الراسم الرسام النازل بالأحلام والآمال ، من نطاق الفكرة الى الحركة الفاعلة في الحياة ..فكذلك الأحرار ، بين الحرية التي لا تفارق لهم المخيال ، ينزلون بها ، بكل العقل الفاعل ، والفعل الجامح ، من مراتب الخيال الى أوراق ربيع الحياة ، حقائق وجود تتكلم ، بما يمكنها الحرية أن تفعله في تغيير مجرى الأيام .
فكل عام واللعنة على التشرذم والانقسام ، ولعنة الله على قصور الفكر والمراهقة الفكرية ، والعقلية التي تتقاصر بالقضية ، وتنزل بها من عليائها ، الى بوتقة المصالح العمياء التي توفر العماء ، وتلغي البصيرة وتوفر كل ظروف السقوط ..
كل عام وارادة الحرية بألف خير .. كل عام والعودة ، من الغربة والشتات ، الى الديار ، تعلو بالأمل ، وبحث السير بالفعل السياسي ، الى ما يجعل العودة حقيقة تاريخية ، تتلألأ في جبين الحرية .. كل عام والأقلام الحرة تأخذ دورها في اذكاء الوعي بالحرية .. لازمة الوفاء للوطن وأبناء الوطن ، الأحياء منهم والأموات .. كل عام وأرواح الشهداء توقد العزيمة اصرارا ، على تحصيل حقوقنا الوطنية ، في ربوع أرضنا .. كل عام والعزم يتنامى في حركة جماهيرية فاعلة لتحرير السجناء من سجنهم .. كل عام والحرية لأسارى الحرية صوتا يجلجل داويا في كل واد .. كل عام ولعنة الدم الفلسطيني ، تنزل غضبا ، وفضحا ، ونارا حامية على رؤوس ، من أهدروا هذا الدم العزيز الغالي .. كل عام وبريق الأمل بالحرية ، يشع من عيون أبناء الوطن .. كل عام والعهد هو العهد والقسم هو القسم ، ورحم الله ، كل من سار على درب الحرية ، حرا أبيا ساعيا ، بكل بذل ، من أجل شروق شمس الحرية .

.................................................. .................................................. ......................................

الفيزيائيPHY
28-09-2009, 08:36
مشكوريييييين ... ونأسف ع التأخير

الفراشه999
29-09-2009, 01:28
وفقكم الله

محبة الفيزياء وأهله
29-09-2009, 16:38
مشكوووووووور أخوي ماقصرت

albert einsteinnn
29-09-2009, 18:21
الوسام بإذن الله لي

ملكه الاحساس
04-10-2009, 04:15
بسم الله الرحمن الرحيم
شرف لي أن أكون قبل كل شيء عضوه بالمنتدى وأتمنى من كل قلبي أفيد واستفيد

susu
04-10-2009, 04:20
مرحبااااااااا
بصراحه بحب اتشكركم عالمنتدى الرااااااااااااااائع
وهذا شرف كبيييييير لي بأن اصبح عضو مميز في المنتدى ..
وثااااااااااااانكس لكم ..
وتقبلوووووووو كل مشاركاتي ومواضيعي وردودي ..
مع تحيااااااااااااااااااااتي ,.,.^_^:a_plain111:susu:a_plain111:

حلى22
04-10-2009, 05:03
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي kingstars18 أسفه عن التأخير كانت عندي ظروف ربنا يوفق الجميع

سجايا الروح
07-10-2009, 22:34
مشكور اخوي الكينج واتمنى حقيقة ان اصل لهذاالمستوى وطريقة جدا رائعة كلها ذوق وتشويق ونقول الله يقدرنا على فعل الخير

مياااااااااار
09-10-2009, 07:58
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
شاكره لك اخوي الكنج وانشاء الله ابذل جهد
ويعطيك العافيه لك ودي


:s_thumbup::s_thumbup::s_thumbup:

snipare
11-10-2009, 00:35
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... على ترشحي ومنحي ثقتكم

maan
11-10-2009, 00:50
بوركتم في تقديم الجديد والجديد

تفاحة
11-10-2009, 19:11
أتمنى ذلك , وللعلم لدي مشاركات مميزة في الفيزياء لكني مشغولة جدا ..............ز:laughter01:

د. نوبل
11-10-2009, 19:42
اتمنى ذلك لكن الانشغال بأمور الحياة

ديناميكا
12-10-2009, 19:58
بارك الله فيك اخي على هذه الفكرة الرائعة..
تحياتي..

نجمة الود
18-10-2009, 22:14
مشكووووووووووووووووووووووووور

القطة السوداء
19-10-2009, 22:52
نتمنى دلك انشاء اللة ودعواتكم

محمد يوسف جبارين
20-10-2009, 16:20
على عتبات المصير

بقلم : محمد يوسف جبارين(أبوسامح) .. أم الفحم ..فلسطين



شروق كلمة الوعي بالحرية على الشفاه التي تشققت ، من عذاب الجوع والعطش ، الى الحركة الواحدة الجامعة، لكل فئات الشعب في ارادة واحدة، وعلى غاية واحدة، هي الأسمى بين الغايات وهي التحرر من الاستعمار، فكل الآمال دامعة، تروي بدموعها ترابها، لتقوى على صلب عودها ومد ذراعها، الى مسح ذبول، يشيع في ابتسامة الأزهار.
وثمة مقتضيات تستوجب فهم الدعوة الى الحرية، في مثل هذا الحال، على أنها دعوة فكاك الواقع من قيود وحواجز وسجون، وتحرير علاقة العقل بالواقع وبالاحداث، من المرور عبر ثقافة تخللها عبث شوة هذه العلاقة، وبهتها فأضاف لها أرباكا، ما كفل لها هلهلة مجتمع، وأغتمام رؤيته لمستقبله، بأغراقه بتشاحن وتطاحن فضعف بعد أن كان قد استذرى غناء، من جراء نمو في قدرته. فالزام الحركة الى الامام، دعوة وعي متمرد على واقع يراه أمامه.
فالحاجة قصوى الى تغيير، أو يبقى الحال كما هو، فاستنقاع يهدد مسألة المصير . فلا بد من ميلاد جديد.. الى انثى تلد الوجود، وقد تجددت ملامحه، فأصبح بكامل وعيه يرى مواقع خطاه، ويحث السير، فيصير الى ما يحلم بان يصير اليه.
فالمشروع الوطني أولا، وليس الحزب أولا. فالدولة مشروع شعب يسعى بقيامها، الى تنظيم حياته، على ما يحقق له آماله في التطور. فالحزبية منافسة في تحصيل الدولة، ومنافسة في تنمية القدرة على تسريع الدفع لعجلات التطور.
فالهيكلة الدائمة للواقع، بالاضافة الدائمة في قدرته على السير في الزمان، في عملية تطوير، في اتجاه الآمال، هو هذا النطاق العظيم الذي يتوجب أن تنصب فيه الجهود كلها.
وهكذا شروق، فاصلة بين ليل ونهار، بين وعي يلفه الليل ويتخبط في ظلماته، فلا يعرف مواقع خطاه، وبين وعي ثاقب البصيرة في الواقع ينظر فيه عميقا، ويقرأ العلاقات السائدة في العالم مليا، ويدري كيف يتناول الواقع، ويتدرج به، الى أن يقدر على هيكلته وتضمينه بما يستقر به على دولة، كانت مأمول وجدان شعب فأصبحت موجودة، فهو واحدها وانسانها الذي تدمع عيونه حبا، كلما نطق اسمها.
فاستيلاد حتمية لشروق دولة، يستوجب رسو الوعي على الواقع بآليات تنشئة للأسباب، التي باجتماعها، تتكون ظروف، تفسح المجال أمام استنبات مشروع ، تمضي به الارادة في سياقات مرحلية ،الى تكوين الدولة كجغرافيا ومجتمع وتنظيم قانوني لهذا المجتمع.
ما يستدعي، من أول خط السير الى الدولة، وعلى طول امتداده، رؤية صحيحة لصلة الفعل بسمو الأهداف، ما يعني انتشال الآمال والاستذراء بها الى ذرى ترتسم عندها الأهداف، وصلاتها بالارادات ويستضاء بها في اضاءة خط السير من أوله والى حيث الآمال. فالوضوح الفكري تأثيث لاحاطة بكل المتغيرات، وتمييز كل منها وتحديده وربطه بغيره، فلذلك هو ضرورة استواء على الرأي الصحيح، فتحديد الموقف يتأتى على تقدير، مستند الى واقع، وهذا بالاضافة الى امكانيات يقتضيها نفاذ الفعل، لزوم فاعلية في الاداء، حين بذل الطاقة في الفعل، فكذلك صواب البذل، بمأمول ترتب عليه فكذلك تتالي الخطوات، بتواصلية بنائية، حريصة على الرسو، في مستقبل أيامها، في ميناء الأمل، الذي يبرر لها ما هي عليه.
فأما اغراق العقل بمتغيرات ليست سائدة في الواقع، وانما مستمدة من واقع آخر، لربما متشابه معه في تيارات تهب عليه، أو اغراقه بمتغيرات مستوحاة من حركة حوادث في تاريخ ماض.
وقد سعى دوما الاستعمار الى تفكيك قدرة الشعوب على مواجهته، فبسط سيطرته على امكانياتها، وحاول استكشاف مناطق ضعفها، حيث يمكنه أن يشتري اختراقا، او خلخلة وزعزعة، في البناء الاجتماعي. وذلك حماية لاستمراره في طلاقة قدرته في ما يريده من بسط سيطرته. فتحقيق الأطماع رهن بالسيطرة، فاذا هذه وهنت، ضعفت مقدرته على بلوغ ما يريد، فيتم تفكيك السيطرة، أو يتأتى تفكيك الارادة التي تسعى الى تفكيكها، ولذلك نرى الاستعمار لا يتردد، في استعمال القوة في أبلغ تأثير لها، حين يحس تراجعا حقيقيا في مقدرته على السيطرة، ظنا منه، بأنه بذلك يسترد هيبته وهيمنته.
ولم تكن العشائرية وحدها التي لفتت انتباه الاستعمار، كمناطق جذب له في استنبات الصراع بينها. فحركة الاستشراق قد وفرت له قراءات عميقة الدلالات، فانتبه الى الطائفية والمذهبية، والحركة الممتدة في الرغبة، في النهوض من جديد، بالعودة الى تجديد حضارة كانت.
ولعل مشهد اللقاء بين عبد العزيز ملك السعودية، وبين روزفلت رئيس الولايات المتحدة، بعد مؤتمر يالطا، يدل على الفارق بين عالم يعيش خارج علاقة العقل في الطبيعة، وبين عالم أنهك الطبيعة بعقوله، وأنطقها في تحقيق تقدمه وتطوره، فحاجاته سعت به، وبما بيديه من مقدرة الى فرض ارادته وبسط سيطرته على غيره. فقد كان الملك العربي على ظهر جمل، وقد جاء ومعه خناجر وسيوف مرصعة باللؤلؤ، يقدمها الى روزفلت، بينما هذا على ظهر سفينة، هي قاعدة حربية تمخر البحار والمحيطات، ومن فوقها طائرات تركب الهواء. وبين ظهر الجمل وبين الطائرة كانت ترتسم ملامح مستقبل لمنطقة عربية بحالها. ولعله فيما قاله الملك العربي.. كنا أبا عن جد نستعمل هذا الزيت (البترول) لجرب الجمال فجاءنا الانجليز.. وفيما قاله روزفلت.. الانجليز أعطوك سيارة وأنا سوف أعطيك طائرة، مثل تلك، أنظر اليها... كانت تتراجع امبراطورية، لتحل محلها امبراطورية اخرى، وتتشكل سيطرة وتبعية، وأنظمة حماية لأنظمة حكم هي فرصة الاستعمار في بلوغ ما جاء اليه، وما يترتب على ذلك من أنظمة دفاعية، لاستبقاء هذه العروش، وتوفير المناخ المريح للمصاصات الاستعمارية، كي تشفط ما تشاء وكيفما تريد. ولمواجهة التيارات القومية والتقدمية والنهضوية التي ترتفع أصواتها في المنطقة ضد الاستعمار وعملائه.
وقد أفصحت خبرات المستعمرين في السيطرة، عن أساليب، مدرارة النفع، تلائم أهدافا يراد تحقيقها في المنطقة. وراح المال يتدفق الى مناطق الفقر والحاجة، يؤدي دورا يريد شيئا واحدا ، هو تطويق وتحطيم كل الذين يناهضون الاستعمار والعروش التي يستعملها ، كأدوات في تحقيق أغراضه.
وامتلأت آذان الناس ، بكل ما بدا بأنه مبادئ وثقافة موظفة وأقيمت جامعات وكليات، ودور نشر وصحافة، وتم استقطاب الحاقدين والزعلانين، والذين تسبقهم كروشهم الى ما يريدون، وبدأ خط انتاج، وخط تصدير للعملاء.. مثل تربية الدجاج والبط ... وراح الحبر يسيل من الاقلام المأجورة ، وملأت الكتب الأسواق، وبدت الذاكرة الجماعية كمن يواجه أخطر تشويه عرفته في التاريخ .
وانساق كل ذلك في سياقات تنشئة الجماعات في كل مكان، فالمال يتقدم، والتوجيه يملي، والاشارات توحي.
ويكاد يكون فن التفريخ الاستعماري للعملاء رهيبا في خدمته لأغراضه، فهو يعرف ما يريد، ولكن الذين يتحركون بالايحاء غير المباشر، من جانب الاستعمار، هم هؤلاء الذين ليس فيهم الوعي العميق الذي يدركون به، بأنهم يقدمون خدمات للاستعمار، لم يكن في مقدوره هو أن يحققها. وتبرز هنا جماعة، وأخرى هناك، من نوع من ترى في ذاتها نهاية التاريخ، تماما مثل ما رأى فوكاياما في الغرب نهاية التاريخ. بفارق أن الغرب لديه نتاج علاقة العقل بالطبيعة، وبها بدل وجه الحياة، وليس أمام العالم من طريق سوى أن يأخذ. وأما جماعة كهذه فليس لديها ما تعطيه سوى ادعاء الحرص على جملة من ماض، تريد ارغام الحاضر على التشكل بها، ظنا منها بأنها بذلك تجدد تاريخ أمة وتعيدها الى قيادة التاريخ.
فكل ما عداها خارج نطاق الانتماء اليها، ممن ليس منها، فهي ليست معه. والآخرون لا بد من استدراجهم فاحتلالهم ليصبحوا نسخا من كتاب هذا النطاق. فهكذا انغلاق وتعصب أعمى الرؤية الثاقبة للآخرين. ومن تبرير التعصب والغاء الآخر، كراهية الآخرين، وقد تصل الى اباحة دمهم، وخاصة عندما تضيق الجماعة ذرعا بهم، كأن يكونوا عقبة شديدة المراس في طريقها. وهي اذ تفعل ذلك، فانما تسفك دم باطل وتنتصر للحق. ما يدل على تفريغ التعصب الأعمى للنفسية، من الحس بقيمة دم الآخرين. وثمة قراءة في خطاب جماعة كهذه تجده مليئا بصراخ عنيف، واتهامات تخرج من أفواه تتوتر، ووجوه تعبس، وأجسام تنتفض، ما يفيد الناظر والمستمع، بأن نفسية كهذه مليئة بالنزعة الى العنف والكراهية.
فبكذا تهييج وترويج كلامي عنيف، يراد انتاج ضلال يجعل الأحباب والأصدقاء أعداء. كأنما يراد بتطرف يتجاوز حدود القدرة، وحدود الفعل، انتاج انغلاق فانقسام حاد في المجتمع، فانسداد كل باب تفاهم على الحدود بين الأقسام ما يستبعد في مستقبل الايام، وحدة صف، حول مواقف في مسائل المصير، وهو المطلوب، فلا يريد الذين لا يريدون لشعب أن يقرر مصيره بنفسه، أكثر من أن تتشقق وحدة هذا الشعب، فلا يكون في مقدوره، أن يطالب بتقرير مصيره. واذا طالب بعضه بذلك، فبعضه لا يتفق مع بعضه في المطالبة. فحق تقرير المصير يحتاج وحدة، ولا يجدها. فمشهد شعب كهذا يبعث السرور لدى الأعداء. وأمام العالم يبعث على الدهشة والرثاء.
وحتى الحوار كشاف عن الارجاف الذي تحدثه العقلانية، وقد يفاجأ، من وجدوا فيها فنا يتفنون به، فعساه يكون لهم جسرا الى السلطة ، فاللافعل استحال سلطة . فهذه أزمة سياسة، أو تكون سياسات تناطحت فأنتجت أزمة، فغالبا ما تغيب متغيرات أو يتم تغييبها، فيجد من يتوهم نفسه السياسي بأنه في أزمة، وفي مقابل هذا هناك السياسي الذي يرى كل المتغيرات، ويعتمد على غفلة الأول، وبحركة فاهمة ما تريد.. يصوغ له أزمة، وفي السياسة، صناعة الأزمة مفتاح استخراج موقف، باستعمال امكانيات قوة متاحة.
فحال اللافعل، كحال مقيم في زنزانة، كلما هرب من واقعه، عبر عقله، الى داخل، الى فكر وخيال، يسبح فيه، جاءت طرقات السجان على الباب، أو صاحت المعدة، بما بها من خواء، لتعيده الى واقعه. فكيف تلاقى السجان، مع جسده عليه، هو هذا الذي يذبح في وعيه، ولا يقبله.
فاذا العبث الاستعماري بمصائر الشعوب مبرر، من وجهة نظر الاطماع الاستعمارية، فهو بالتأكيد لا يجد ما يبرره من وجهة نظر الشعوب. فالسيطرة في مواجهة التحرر، والمحاصرة للاضعاف والخلخلة والتفكيك، في مواجهة التساند لا التعاند.
فاذا ثمة صلابة بدأت تتشكل في مواجهة الاستعمار، فهو من داخل أنظمة تابعة له، يسعى الى اختراق، حتى يصل الى التحكم عن بعد، فهذا استعمار يجيد تحريك الصواريخ والاقمار الصناعية عن بعد، بينما عرب لم يتجاوزوا تحريك شيء الا بالامساك به، بالمقود، بالرسن. وهذا ما أبقى الغفلة تأخذهم أحيانا، في قراءة حركة حوادث، تجري أمامهم، يرون ولا يفهمون، واذا أفهمتهم، يصخبون ويرجفون ولا يفهمون.
واذا افترضنا، أن ما تريده أمريكا، هو ما تريده اسرائيل، وسألنا ماذا تريد، لأجابت بتاريخها، بأفعالها، بمفكريها، بجهاز الأمن فيها، وبأفصح لسان، بأنها لا تريد أن ترى وجودا أسمه شعب فلسطين. ولا تريد دولة فلسطينية في الضفة والقطاع. واذا فاهت بكلمة كهذه فهي تعني حكما ذاتيا، لا يملك من قريب أو بعيد حتى أمنه الذاتي، فالأمن كله تريده بين يديها، وعلى حكم ذاتي كهذا تكون مكرهة، فان حصل، فهذا حصاد تاريخ يجب تأمله باستمرار، ووضعه تحت المراقبة الدائمة، والبحث الدائم عن عناصر القوة الامنية التي تجعله خاضعا، وقابلا للتفكيك. ولذلك لا بد من السيطرة على أسباب نموه، والتحكم بها. فحدود أمن اسرائيل ممتدة الى المصادر التي يمكنها أن تصب، في نمو وأمن حكم ذاتي ، أو دولة للفلسطينيين.
فأين ارادة العرب، وأين ارادة الفلسطينيين، فهذه التي يراد السيطرة عليها، فهذا أمن اسرائيل . فلتكن الوحدة الشاملة، لكل الفصائل الفلسطينية، في حركة شاملة في اتجاه هدف واحد، هو اقامة دولة فلسطين . فهذه تضفي عليها الهيبة، ونوعا من القداسة لدى أبناء فلسطين . فالمشاعر تتيقظ والارادات تتأهب لواجب يوشك أن ينادي عليها. ما يبعث يقظة في الشعور واستنفار في الارادات، لدى شعوب المنطقة، ويتنبه العالم. فهذا ما توجبه مرحلة التحرر الوطني.
فكذلك يكون تصور قيام جبهة تحرير، فالتهيؤلا ستقبالها، بما يستبعدها، أو يفرغها من قدرتها باحالتها شكلا فضفاضا عاجزا عن بلوغ أغراضه، بمحاصرتها على كل صعيد، وذلك بحركة واسعة التنفاذ في المنطقة، وفي الساحة الفلسطينية، مستفيدة مما أبدعته أمريكا وبريطانيا سابقا، بسياسات الاحتواء والتفريخ والتنشئة لجماعات وقامات، من ذوات الكعب العالي، واللسان الطويل، في الحرص على الحق المطلق، بينما في الخفاء انكباب على فتات موائد اللئام. فثمة قدرة مكونة من عناصر عربية، بها جاهزية لقائمة أوامر تأتيها فتؤديها كخدمات للحركة الصهيونية، حتى ولو كان مؤداها كارثيا على الحركة الوطنية الفلسطينية.
فاسرائيل عازمة على تشكيل عدم الاستطاعة، لشعب فلسطين، فلا يصير الى ما هو يريد أن يصير اليه. فهي تقترب من ارادته، ومن الارادة العربية، وتسعى الى تفكيكها، وتود لو تتحكم بها فتقرير مصير هذا الشعب تريده بين يديها.

محمد يوسف جبارين
20-10-2009, 16:20
دجاجة

بقلم : محمد يوسف جبارين( أبوسامح ).. ام الفحم..فلسطين

دجاجتنا خروج من دائرة الانتماء ، بالسقوط في صحن طعام على موائد اللئام . فهي في نطاق انتماء يثري الحركة الفاعلة ضد موجبات انتمائنا ، وقد سقطت في هذا النطاق ، بعدما لاشت من ذاتها ، صلات كان يمكنها أن تنمو ، على غير حال نمت عليه ، فتمدها بدفء وواجب حيال فكرة تجمعنا ، في مسيرة حياة ممتدة بامتداد الزمان هنا ، قد ورثناها أمانة ، نستبقيها ريانة بالعزة ، فواحة بالحكمة وقوة الاستمرار، لكن دجاجتنا أبت بتشرنقها الا أن تكون بانتماء متناف مع انتمائنا ، فابتئاس نفسها وبؤس فكرتها ، دارا بها فاستدارت ، فانكفأت على اقتيات من لا انتماء لنا .
في النشأة الأولى لدجاجتنا ، دلالات وعلامات واشارات وفواصل ، ونقاط تتهافت كلها ، على قلة حياء ، وسوء قيل ، وانزواء ونفور ، من كل من كانوا حولها منها، فلا بها صفة تعبر بها الى جماعة ، ولا بها حس يجمعها ، بعمل لا يضر الآخر . صفات اجتمعت لها في مطلع خطوها ، فغيبتها عن ذاتها ، حتى كاد اغترابها ، كل آن ، أن يجمع لها مقتا يضيق به المجال ، من حولها عليها . فأين تفر ، والى أين تذهب ، وأين هم هؤلاء الذين بهم ملاحة ، فيستملحون شيئا ما بها .
تمرغت الدجاجة ، بسوء الحال الذي ابتنته ، هي وظروفها لها ، فعششت الكراهية ، فأعمت البصيرة ، وهرأت الشعور ، ففسدت الحركة ، فالكراهية عمياء ، وذلك لأنها تصد كل فكرة ، يمكنها أن تعيد التفاعل ، بين من كانت فصلت الكراهية بينهم ، فتغرب الذات بذلك ، عن كل نوع يمكنه أن يأتيها ، فيعينها على الانعتاق مما هي فيه ، من استنقاع ، في رؤية سوداوية ، تبتئس النفس بها ، ويتشتت الفكر ، ويتوه الاختيار ، فتضل المقاييس . هذا الاغتراب ، قد هيأ لها ، أن تبرع ، في توظيف غل أترعها ، وكراهية احتوتها ، وذلك بقطع صلات لها ، بما يحيط بها ، فلا الزام يلزمها ، حيال من هم حولها ، ولا غير غيظ يترسب بها ، كلما لاحظت حياة تدب حولها . اهترأت همزات وصلها ، بانتماء ، يفاخر به محيط كامل ، يحيط بها . فتهاوت هي بها ، فهوت ، فانزوى كل امكان ، أن تعود اليها ذرة من احساس بانتماء .. من ذاك الانتماء .
يمكنها الآن أن تتهيكل ، في الانسلاخ ، من هيكل ومضمون ، كانا يتصفان ، بالمعاني التي لم يعد لها أي مفهوم ، في سياق انتماء ، أو شبه انتماء كانت عليه . أصبحت الآن مسلوخة ، من ذاك الانتماء ، بعدما مرت بحال ، كانت فيه ممعوطة ، من كل الصفات التي كان يمكنها ، أن تسهم في تمييزها ، بالوجود في النطاق الذي كان لها فيه وجود . غادرت الانتماء الى سقوط في نطاق ، الساقط فيه يتحول بقسريات وغواية ، الى ما يجعله قادرا ، على خدمة أغراض الأفاعي والثعالب في ذاك النطاق . . سقوط بيع وشراء ، فهذا يريد أن يكنز مالا ، أو يستوي على حقد ، عشش له تحت جلده ، وهذا يريد بعد سقوطه ، أن يسقط الى أعلى ، استوى على حال ، فيه نفاية تنادي النفايات كلها ، أن تعالي ، فلعلها رائحة المسك تختنق في البلد ، وهو حال ، حين تشكله ، يبدو وكأنه صرخة تنادي ، ها هنا موطن من مواطن الداء فهاتوا الدواء ، فلعله يأتي الشفاء ، وياما استجابات من مناطق النبل والكرامة والايمان، فكانت سببا في حركة تدعو الى ما هو أزكى وأطهر ، فلعلها رائحة المسك تعمر البلد.
وهنا في الركن دجاحة تغمغم وتهمهم ، ثم تقول : أنا الخروج ، من الذات الى لا ذمة ، ولا همة ، ولا عفة ..
أنا الانسلاخ ، من كل ما يسمونه قيما ، ومعايير واتجاهات سامية ..أنا أحط الخلائق ، فدعني أبيض ، أفرخ ، أضيف عافية في زنودك . .أنا أذى ، لا تملك أن ترسيه ، في جسد الخلائق بدوني ..أنا الخبر الذي لن تبلغه ، من دون ذهني وآذاني وعيوني .. أنا مفتاح البلاد .. البلاء الذي تود لو تنشره في جنون ..أزرع الفتنة ، والقوة أبعثرها ، فقد أتيتك من دنيا ، فيما لو دامت في الزمان ، لخرجت أنت من الزمان .. فأتركني أركن في زاوية من دنياك ، في جانب من نعليك ، تجدني كلما شئت ، أفعل لك ما تريد .
الى هذا كان مآل دجاجتنا ، فلقد ذبحوها ، ثم وضعوها في داخل ماء ، في أناء من تحته نار ، حتى اذا ارتفعت درجة حرارة الماء ، وأصبحت صلة ريشها بجلدها واهية ، أخرجوها من الماء ونتفوا ريشها ، ثم تناولوا سكينا وبقروا بطنها ، فأخرجوا منه الأمعاء والكبد وما الى ذلك ، وأودعوها وعاء الزبالة ، ثم استمروا في التعامل معها ، الى أن أصبحت جاهزة للأكل ، تستدر الشهية ، فوضعوها في صحن ، أمامه وقد جاء وجلس في مكانه ، الذي اعتاد أن يأتي أليه ، من أجل أن يأكل دجاجة.

محمد يوسف جبارين
20-10-2009, 16:21
الحرب على غزة

بقلم محمد يوسف جبارين ( ابوسامح)..أم الفحم ..فلسطين

الحرب على غزة ، هي الحرب التي تستهدف تجريد أبناء فلسطين ، من قدرتهم على حماية أنفسهم ، فاستراتيجية الأمن الاسرائيلية ، قائمة على تدمير مقومات القدرة الفلسطينية ، لكي تبقى اسرائيل آمنة وسط محيط خلو من قدرة حقيقة قادرة على تهديد أمنها ، فهذه الحرب كما غيرها ، انما هي حرب وقائية أو استباقية سعت الى تدمير قدرة عسكرية فلسطينية نشأت وتشكلت . وكانت هذه القدرة ، كلما نشأت بيد أبناء فلسطين ، استحالت بذاتها الى مصدر قلق ، ومبعث هواجس لدى القائمين على الأمن القومي الاسرائيلي ، بل وتعدت ذلك اسرائيل في هواجسها الى التربص بالوعي وتشكله لدى الفلسطينين ، فتجلى لها قادة الفكر أيضا من مفكرين وكتاب وشعراء كخطر يتهدد الأمن الاسرائيلي ، فهذا الفكر يمكنه أن يجمع ويمكنه أن يوظف أبناء فلسطين في اتجاه بناء القدرة التي تتحدى القدرة الاسرائيلية ، لهذا لم تتردد اسرائيل في كل مرحلة من تاريخها في تصيد واغتيال قادة فكر ، أو اعتقالهم وزجهم في السجون ، أو تهديدهم في محاولة صرفهم عن طريقهم ، فبناء القدرة الفلسطينية ، قد كان دوما ، في محل ارتياب لدى اسرائيل ، فأمنها يعني في جانب كبير منه أن لا تقوم قدرة فلسطينية على قدميها ، على كل ما تعنيه كلمة قدرة من فكر ، وامكانيات مادية ، واتحاد ، وبناء قوة مسلحة ، فلذلك اسرائيل ، لم تتوقف عند اقتلاع للفلسطينيين من أرضهم وتشريدهم ليحيوا في اللجوء ، بل وأنكرت حتى وجود هذا الشعب ، ولم تتوانى عن العمل بقوة النار ، ضد كل ما من شأنه أن يعود بشعب فلسطين الى مسرح السياسة ، لذلك كانت ضد منظمة التحرير ، ولم تتردد في عمل كل ما من شأنه الغاء وجود هذه المنظمة التي جمعت شمل شعب فلسطين ، ووضعته على خريطة السياسة العالمية ، فاجتياح لبنان عام 1982 كان لنفس الغاية التي استهدفتها الحرب على غزة ، وهو القضاء على القدرة العسكرية الفلسطينية أو انهاكها ، أو صناعة الضعف لها بالحاق أكبر ضرر متاح بها . لقد كان الفدائيون الفلسطينيون يأتون من جنوب لبنان ، ويزعجون اسرائيل ، وكانت النار الفلسطينية تعلن عن وجود ارادة تحرير فلسطينية ، وقد تناهى التوتر آنذاك الى حديث عن هدنة بين اسرائيل وفصائل منظمة التحرير ، وقد وافق على ذلك ياسر عرفات ، لكن اسرائيل سارعت الى الحرب على منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ، فهي لا تريد أن تعترف بوجود شعب فلسطين ، ولا أن تعترف بالارادة الفتالية لشعب فلسطين ، فليس هناك ثمة شعب كهذا ، ومن يفتح النار على اسرائيل فالتدمير في انتظاره .. مسألة ردع وعدم اعتراف ، وقد كان آنذاك بيغن هو رئيس وزراء اسرائيل وشارون وزير الدفاع ( الحربية ) ، وقد نسخ بيغن صفة ارهابي التي كانت تنزل عليه من أفواه الانكليز ، ليسقطها ، كما فعل غيره من قبل ، على الفدائيين الفلسطينيين ، فهو يحارب الارهاب ، ولا تفاهم مع ارهابيين ، تماما مثل ما قالت تسبي ليفني وزيرة خارجية اسرائيل بشأن الفصائل الفلسطينية في غزة ، التي تصدت بكل كبرياء التحدي الفلسطيني للعدوان على غزة ، التي كان انسحب منها الجيش الاسرائيلي من قبل ، بقرار من رئيس حكومة اسرائيل شارون ، الذي اجتاح الضفة الغربية ، بحثا عن ردع يرتدع به الفلسطينيون ، وهو البحث الدامي الذي ينطوي على بحث عن تبوء مكانة رفيعة في نفسية الاسرائيليين ، تؤهله الى تصدر حكومة اسرائيل بلا منازع ، فهو القاتل الذي لا يتردد في سفك الدماء الفلسطينية ، وهو الفعل الدامي الذي تناهى اليه وريثه أولمرت ، ومعه ضابطة الموساد ليفني ربيبة شارون ، ومعهما باراك ، الذي احترف زمنا طويلا اغتيال القدرات الفلسطينة ، وهو من فر بجنوده بالتالي هاربا ليلا من لبنان ، تحت ضغط القوة ، ليلحق به أولمرت في فرار آخر ، بعد حرب تدميرية على لبنان ، قالت عنها كوندوليزا رايس بأن في رحمها ميلاد شرق أوسط جديد ، وليعودوا جميعا بكل الغيظ الدفين والمتأجج في صدورهم ، الى حرب تدميرية على غزة ، استشفاء من غيظ يتفلت وينبه على ميزان ردع قد أصابه ما أصابه من تبهيت ، وهي مسألة ضرورة لاستراتيجية الأمن ، فلا يتأتى تغافل في شأنها ، ولا يمكن لسيادة في نظام حكم ، يستشعر العداء لكل محيطه أن لا يسعى الى فرصته ، في تعديل هذا الردع ليصب في هيبة الدولة ، ويضيف في جبروت صورتها ، في وعي من يتربصون بها ، وخاصة منهم الفلسطينيين . فلعلهم يرتدعون ، فاذا خطر على بالهم مناهزة اسرائيل بأعمال عسكرية أو فدائية ، أو انتحارية ، فصورة الدمار والدماء التي سوف تنزل في ساحاتهم تكون بوجه من الرعب ما يثنيهم عن الاقدام ، أو حتى مجرد التفكير بمبادرة الى هكذا أمر . فاذا ثمة من يقول بأنه على امتداد عشرات السنين ، واسرائيل لا تكف عن صناعة الكوارث والمصائب في ساحات الفلسطينيين ، وبرغم ذلك لم يثنيهم دمار ولا خراب نزل بهم ، عن رباطهم بقضيتهم ، فان صاحب الرأي هذا يجب أن يفهم ، بأنه ليس ثمة ردع مطلق ، ولكنه الردع نسبي ، وما الخراب كله والدمار كله الذي يمكنها آلة عسكرية أن تفعله ، سوى تبديل في أوضاع أمنية ، لها صلاتها بالوقت وبالعوامل الفاعلة في ساحة الصراع ،التي يصعب حجب نهوضها وتجددها . فعلى مقدار فقدان السيطرة عليها ، يكون التهلهل في تماسك بنيان الردع واردا ، ليعاد الى تعديله فيما بعد ، فيما لو عاد وتبهت ، أو تناهى الى ما يستدر فعلا لمزيد من الطعن في الهيبة .
وهكذا تجلى تعديل ميزان الردع كضرورة أمن ملحاحة ، تقتضيها استراتيجية الأمن الاسرائيلية ، وذلك لاعادة تشكيل الهيبة ، وما توحيه في صفوف أعداء اسرائيل ، ومن أجل هذا كان لا بد من اعادة تأهيل الجيش الاسرائيلي ، وتحصين الدبابات في مواجهة الصواريخ المضادة لها ، وأيضا تزويد طائرات الهيلوكبتر بكثير من البالونات الحرارية ، لحرف أي صاروج موجه اليها عن مساره ، في مواجهة قادمة ، وفي المجمل فان ادارة الحرب لا بد وأن لا تتجاهل كل الدروس المستفادة من حرب لبنان الأخيرة ، وقد اختيرت غزة كمسرح قادم للحرب القادمة ، ومن هنا لجأت اسرائيل الى استدراج حماس ، الى ما تستولد به كل المبررات التي تتوارى وراءها ، في حربها على غزة .
لقد كانت عقلية حماس التي تدار بها سياساتها فرصة اسرائيل الى ما تريد ، فانقلاب حماس على سلطة فازت بها في الانتخابات ، ثم انقلابها الدامي ، وما أضافه في تعزيز انقسام الصف الفلسطيني ، مضافا الى ما يساور حماس من طموحات في السيطرة ، واندراجها من حيث تدري أو لا تدري ، في لعبة شق الصف العربي ، وما تتوهمه من أن فك الحصار ، يمكنه أن يأتي بتفاهمات مع اسرائيل ، ومع من تلوذ بهم اسرائيل ، من أجل ضمان أمنها ، فكل هذا أدخل حماس في دوامة ، ما عرفت في سياقاتها ، بأنها انما تدخل الفخ الذي تهيئه لها اسرئيل ، فالوهم بأن تهدئة وفتح معابر يأتي على أكف صواريخ ، وبأن بهذه القدرة الصاروخية يقام توازن رعب ، فيصبح من مصلحة اسرائيل في مرحلة ما ، أن تقر بأمر واقع تفرضه هذه الصواريخ وترضخ وتساوم ، بل وتعترف بحماس كطرف أصيل في الصراع ، فلا مفر من اعتراف بها ، وتفاهم معها ، والتزام بما يتم التفاهم عليه ، هو هذا بعينه الذي أنتج مسحة التضليل التي أذكت الغرور ، في نفسية قادة حماس وأمسكت بنواصي عقولهم ، الى اصرار على رفض تهدئة دامت ستة شهور ، على الرغم من ظهور اسرائيل بأنها تريد استمرار التهدئة ، فلقد توجه مندوبها الى مصر طالبا استمرار التهدئة ، وأعلنت عن رغبتها هذه بكل وضوح وشبه الحاح ، وعلى الرغم من نصائح الذين كانوا يرون اللعبة الاسرائيلية الى اين ترمي ، فلقد ظهر مشعل على شاشات الفضائيات ، يقول بكل وضوح الكلام ، بأن حماس لن تقبل استمرار التهدئة ، وكان هذا هو الموقف الذي لم تدرك حماس مخاطره ، وغير واعية ماذا يتخفى وراء عدم التزام اسرائيل بالتهدئة ، التي استمرت ستة شهور، التزمتها حماس على كل ما تعنيه نصوصها ، فقد كانت حارسة أمينة لحدود غزة مع اسرائيل ، فلم تسمح باطلاق صاروخ ولا قذيفة .
والى هنا اسرائيل قد أعدت عدتها ، ففرصتها قد جاءتها بمكرها ، وبسوء ادارة الصراع من جانب حماس ، وبدأت الحرب فجأة بقصف من قاذفات اف 16 على مواقع حماس في قطاع غزة ، لقد ارادت اسرائيل بالمفاجئة ايقاع اشد الخسائر في صفوف جند حماس ومعداتها ، واستمر قصف الطائرات ، مستهدفا تدمير البنية التحتية للقدرة العسكرية الفلسطينية ، وأيضا تدمير البنبة التحتية للحياة بصورة عامة ، وتقدمت الدبابات وجنود المشاة على محاور عدة ، تتقدمها كثافة نيران علية الشدة من المدفعية ، ومن الطائرات على كافة انواعها ، فالأوامر كانت صارمة واضحة ، فكثافة النار وفي كل اتجاه ، وحدها التي تسمح بالتقدم الذي يضمن حماية أرواح الجنود الاسرائيلين ، فمن أجل أقل الاصابات في جنود الغزاة ، كانت كثافة النار مذهلة ، بحيث لا تقيم أية قيمة لحياة انسان ، فتدمير البيوت على سكانها ، وحرق الأرض أمام خطوات الجنود الاسرائيلين ، فكل ذلك كان أشبة بعملية تدميرية شاملة ، فكل قطاع غزة كان تحت المراقبة ، وكل تدمير متاح ، في عملية أريد لها أن تجلجل في كل واد ليعرف القاصي والداني ، الى أين يمكنها اسرائيل أن تذهب بقوتها العسكرية ، فيما لو كان هناك من يتطاول على أمنها ، لقد ألحقت اسرائيل خسائر فادحة في أرواح الفلسطينيين ، وفي ديارهم ، لكنها مع ذلك لم تستطع ايقاف اطلاق الصواريخ ، من جانب المقاومة الفلسطينية ، فهذه الصواريخ ظلت تزور أهدافها ، بكل حرية ، محدثة شللا في الحياة ، في كافة المدن أو المستوطنات الاسرائيلية التي قصدتها ، وأيضا لم يمكنها قوات اسرائيل على كل عتادها العسكري ، أن تزحزح أقدام الفلسطينيين الذي تصدوا لها بالنار ، لقد كانت مقاومة فلسطينيية ، جيشا فلسطينيا ، على قلة عتاده وامكانياته ، بقدرة ارادة أرغمت اسرائيل على التراجع عن احتلال غزة ، فقد كان يعني احتلال غزة تدميرها بالكامل ، فما أحدثته قوات اسرائيل في تل الهوى يؤشر على ذلك ، فلكي تتقدم قوات اسرائيلية ، فأو تقوم بتدمير كل البيوت على من فيها ، أو لا يمكنها التقدم من دون خسائر تلحق بها ، ولربما تكون على ما لا تطيقه اسرائيل ، فالمقاومة شرسة ، فهؤلاء أبناء فلسطين ، انتظروا فرصتهم ، وليسوا هم من يتراجع الى الوراء ، أمام قوات اسرائيلية تتقدم ، لقد حصل هذا في حصار بيروت وفي مخيم جنين ، وها هم الفلسطينيون ، على الرغم من وجودهم في ظروف تماثل السجن ، الا أنهم من أجل كرامة الوطن وعزته ، لا يمكنها عربدة قوة أن تثنيهم ، عن بذل أرواحهم ، من أجل حبهم الكبير .
لقد أعلنت اسرائيل الحرب على غزة ، بتنسيق كامل مع ادارة بوش ، التي كانت في آخر آيامها في البيت الأبيض ، ولم يتردد بوش في الانحياز التام في مجرى الحرب الى جانب اسرائيل ، ومع نهاية عهد بوش وقدوم أوباما الى البيض الأبيض ، انتهت الحرب وانسحبت اسرائيل من غزة ، لتذهب وزيرة خارجية اسرائيل الى الادارة الاميركية ، لتوقع مع كونوليزا رايس مذكرة تفاهم ، بموجبها لا تظل اسرائيل وحدها تقيم سجنا كبيرا لقطاع غزة ، وانما تتولى مع اسرائيل دول أخرى في بناء هذا السجن ، فهي ليست مجرد مذكرة ، وانما بها آليات تدويل لمسألة السجن الضرورة لأمن اسرائيل ، والذي يتولى الحيلولة دون تسرب سلاح أو مواد لها صلة به الى قطاع غزة ، أو بعبارة أخرى أن تضمن دول حلف الاطلنطي لاسرائيل امكانية احتجاز الأمن الفلسطيني ، في دائرة من سيطرة ، تضمن الضعف للقدرة الفلسطينية بمنعها من التطور ، الى ما يؤهلها مناهزة اسرائيل ، أو حتى حماية الذات الفلسطينية ، من العدوان عليها من جانب اسرائيل ، لتبقى حياة أبناء فلسطين في قطاع غزة رهينة بيد قرار يتخذه جنرال اسرائيلي .
ولقد يكون صحيحا ما قاله باراك ، من أن أهدافا للحرب قد تحققت ، وهي توجيه ضربة قاسية لحماس ، وتعديل ميزان الردع ، واقامة نظام لمنع تهريب الأسلحة لقطاع غزة ، لكنها الحرب هذه ، قد استنهضت مشاعر كراهية لاسرائيل اجتاحت العالم بأسره ، وأظهرت الحرب مقدار استعداد الجندي الاسرائيلي لسفك دم الأبرياء ، أطفالا كانوا أو نساء ، بلا أدنى ذنب اقترفوه ، فصور أشلاء الأطفال والأبرياء عموما قد أدانت اسرائيل ، وحفزت بكل دليل دامغ ، الى وصف اسرائيل ، بكل ما لم يخطر على بال اسرائيل ، فدماء الأبرياء شاهد التاريخ على حقيقة اسرائيل ، ثم ان ما قامت به اسرائيل ، لهو أكبر دليل على أن الفلسطينيين في خطر ، وانما هم أحوج ما يكونون، الى نظام دفاعي من أنفسهم ، وبأن قدرتهم الذاتية ، على حماية أنفسهم ، انما هي ضرورة أمن حياة ، وبأن احتجاز أمنهم بيد اسرائيل ، انما هو المرفوض أبدا ، بقوة ما دللت عليه هذه الحرب ، التي قال عنها مشعل ، بأنها كانت من طرف واحد ، ولم يفهم أحد منه لماذا أوقعته اسرائيل في الفخ ، فأنالها بجهله فرصتها الى تدمير غزة .
ولقد يصح القول بأن المقاومة انتصرت، على أعتبار أن اسرائيل قالت ، بأن حربها انما للقضاء على امكانية اطلاق الصواريخ عليها ، فعلى طول امتداد الحرب ، فان الصواريخ لم يتوقف اطلاقها ، ثم ان اسرائيل لم تجرؤ على دخول المدن الفلسطينية ، بفضل قوة التصدى الشرسة ، التي تصدت بها المقاومة للقوات الغازية ، فالمقاومة كانت انسحبت من المناطق المفتوحة خشية الابادة ، وتحصنت بالمدن أي بالدور السكنية ، متصدية للغزاة ،غير متوقفة عن مواجهة النار بالنار ، ومنتظرة دخولهم الأحياء السكنية ، لتنزل بهم الخسائر الفادحة ، فهكذا وجه التحليل الذي يفضي الى القول بالانتصار ، فمجرد البقاء أحياء يعني الانتصار ، على اعتبارالكارثة التي حلت بالمدنيين وبالبنية التحتية لقطاع غزة ، بأنها ثمن الانتصار ، فهذا القول فيه تغافل عن أن اسرائيل وهي تبرر عدوانها بالصواريخ التي تطلق عليها انما تستغفل كل عقل ، ذلك بأنها كان يمكنها استيفاء التهدئة مطلوبها بفتح المعابر ، فلا تطلق صواريخ ولا غيرها ، ولكنها لم تفعل ، وذلك برغم أن المقاومة قدمت كل دليل على التزامها بالتهدئة ، فليست الحرب بذاتها من أجل كف الصواريخ عن السباحة في اتجاهها ، فالصواريخ علة اعلان الحرب ، لغة خطاب ذكي يجيد تمرير مقولاته ، ثم ان افتراض دخول اسرائيل المدن لبسط السيطرة عليها ،هو ما يعزز الاستنتاج بأنها كانت تريد دخولها فتراجعت ، وهو افتراض ساذج واعتباطي ، فكأن اسرائيل تركت يوما قطاع غزة من دون رصد كل حركة فيه ، فهذا القطاع تحت المراقبة الدائمة من الجو وبالصورة ، ناهيك الى الوسائل الأخرى التي تستعملها اسرائيل ، ولا تعلن عنها من مستعربين يصلون كل مكان ، وعملاء وأجهزة تنصت ، وما الى ذلك ، فلكأن الدافع الى حربها على غزة ، لم يكن بذاته معرفتها للقدرة المسلحة الفلسطينية ومدى خطورتها ، فكانت الحرب من أجل الحاق خسائر فادحة بها ، فدخول قوات اسرائيل المدن متصل بتدمير شامل لمساكن المواطنين ، وذلك تقليلا للخسائر في الجنود الاسرائيليين ، أو تكون خسائر كبيرة بينهم ، فلا هذه ولا هذه ، فالاختيار بذاته صعب ، وليس ما يرغم عليه ، فلم يكن احتلال غزة من جديد هدفا بذاته ، ليتم احتلال المدن ، ثم ان الانتخابات الاسرائيلية قاب قوسين أو أدنى ، فالخسائر والاصابات في الجنود ، تعني خسارة قاتلة في الانتخابات ، وقد أريد في جانب ما لهذه الحرب ، أن تصب في خدمة من اتخذوا قرار هذه الحرب ، وأداروا سياساتها ، لكن هدفا كهذا بذاته في دولة كأسرائيل هو هدف مترافق ، أي أنه الذي لا يمكن الحيلولة دونه ، حين يتم اتخاذ قرار الحرب ، ولا يكون بحال سببا لحرب .
ومن الصحيح في ضوء ادارة حرب كهذه من جانب اسرائيل ، ما قاله باراك ، بأنه لا نصر مطلق ، ولا ردع مطلق ، وانما الحرب قد حققت أهدافها ، فهنا دور للآلة العسكرية ، ودور للسياسة في ادارة الأزمات التي أججتها الحرب ، وصعدت بها الى مرتبة الضرورة ، التي لا فكاك لأطراف دولية ، الا أن تدنو وتقترب من حاجات اسرائيل لتساعدها ، في اتمام ما لم تتمه الآلة العسكرية ، وهو استجماع قدرة تستكمل تحقيق أهداف الحرب ، وبالفعل فادارة بوش أعطت لاسرائيل ما تريد ، والوفد الأوروبي جاء الى مصر ثم الى اسرائيل ، ولم يذهب الى غزة ، ليبدأ البحث في ضمانات لأمن اسرائيل ، ومن بينها ما يضمن للفلسطيني في غزة حياة السجين المقيد في وطنه .
ولقد فات أرباب العقل المطلق ، تمييز أهداف الحرب ، كما حددتها ادارة الحرب الاسرائيلية ، فالحرب تخدم مصالح عليا ، تندرج في سياقات استراتجية ، ومن تلك استدامة الانقسام في الصف الفلسطيني ، بل وتعميقة لتحقيق تمزيق حقيقي في القضية الفلسطينة ، وأيضا تعميق الانقسام في الصف العربي ، فهي الأهداف المترتبة على أهداف في ساحات القتال ، وهي بعينها المرادة ، فنفي القضية الفلسطينة ، بذاته نفي لكل ضغط دولي على اسرائيل ، يصب في اقامة دولة فلسطينية ، على أرض فلسطين ، وهو بذاته مساحة زمنية مفتوحة أمام المشروع الصهيوني ، للتمدد في الأرض الفلسطينية ، في القدس ، وفي المستوطنات في الضفة الغربية ، ولعله الدرس الذي وعته اسرائيل ، من عمق الفائدة التي انتفعت بها ، من جراء الانقلاب الذي قامت به حماس ، فلقد سهل لها الانقلاب مشروعها الصهيوني ، وأضاف ركوب ايران لحماس ، في ظهور فاضح لمحور متناقض مع محور في الصف العربي ، ما زاد في تغذية الانقسام ، ولهفة بني صهيون على هذا الانقسام ، بل الحرب بما نضحت به ، قد استولدت ، ببشاعة اعلام حماس حربا اعلامية على مصر ، الأم الحاضنة أبدا قضية فلسطين وهمومها ، ليس فقط من أجل عيون فلسطين ، بل لكون هذه القضية تشكل جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري ، وهذا كله ما حدا بقيادة الحرب على غزة أن تجعل من الحرب اضافة في هذا الانقسام ، فجانبت البحث عن نصر مطلق ، فلم تدخل سوى أطراف هذه المدينة أو تلك ، تاركة البقية تأتي ، حتى ولو بقول حماس بأن اسرائيل عجزت عن دخول المدن ، وبأن المقاومة كانت انتصرت بقوة ردع القوات الاسرائيلية عن احتلال كامل لغزة ، فخروج حماس من الحرب قادرة على السيطرة على غزة ، وبكل ما قدمته هي وكل الفصائل الأخرى ، من تضحيات وبينته من بسالة في مواجهة الغزاة ، هو بعينه ، ما يؤهل حماس في ظل التضامن العربي والاسلامي ، بل والعالمي .. منقطع النظير مع غزة ، الى غرور يعمي البصائر ، ويزيد في الانقسام ، فهو قوة مضافة في قدرة اسرائيل .
ولعل هذا الفهم هو ما دعا فتح الى الالحاح على الوحدة ، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ، الذي وعى وأفصح عن فهمه بأن الحرب انما هي حرب على القضية برمتها ، وكذلك نايف حواتمه كان بليغا في فهم المخاطر ، وما تلح عليه من ضرورات وأولها الوحدة ، وأحسب بأن الوحدة ، هي أبلغ عبارة في التعمير ، وأفصح مواجهة للتدويل ،
ويبدو لي بأن حماس تحتاج الى بلورة استراتيجبة جديدة ، تجعل من المشروع الوطني الفلسطيني القاسم المشترك بينها وبين كافة فصائل منظمة التحرير ، وتخرج بالكامل ، من كونها الفكرة التي تريد فرضها على الواقع ، فهذه التي تشكل لها لباب فكرها تستطيع فقط أن تنشىء وضعا محاصرا وفقط ، وهذا الوضع لم ولن يكون بحال في مصلحة حماس ولا الشعب الفلسطيني كله . ان حماس جزء لا يتجزأ من هذا الشعب ، ومن حقها أن تحلم وتأمل وأن تحيا طموحها كيفما شاءت، ولكن ذلك كله يحتاح الى صلة بالحلم والأمل في اطار من وحدة ، ثم انها لا مفر لها من قراءة واعية للعالم المحيط بها ، ولا بد من منهج جديد تتجدد به .. اسلوب تعرف به كيف تتفاعل مع الأخطار ، وتتدرج وتمضي الى ما تشاء ، ورأس الصفحة في هذا الأسلوب هو الوحدة ، فهي بالاضافة الى كونها منهل قدرة وبعث أمل ، فانها تسدل عليها وعلى أبناء فلسطين الهيبة ، فهي بذاتها التي تلزمهم جميعا ..الآن.. في مواجهة العالم الذي يطل عليهم ، وهي الوحدة التي يمكن بها اعادة بناء غزة ، وأيضا مواجهة التدويل الذي تستحكم حلقاته يوما في أعقاب يوم ، وذلك استكمالا لحلقات العدوان على غزة ، فالحرب على غزة قد بدأت وما العمل العسكري ، سوى المقدمة في كتاب يكتبه الساسة ، فالسياسة هي المطلوبة ، وليست الحرب ، وانما الحرب ضرورة تنشئة وضع ، يتيح للسياسة أن تمضي على قدميها ، ومسألة نصر أو هزيمة تتقرر في ترجمة الحرب الى ما كانت تمهد له الحرب ، فنحن على ما أرى ، بأننا بازاء تدويل لمسألة غزة ، فثمة سجن كبير يتم ترتيب شكلة ومكوناته على موائد دول أجنبية ، ضمانا لأمن اسرائيل، باستبقاء الضعف من نصيب أبناء فلسطين في غزة ، فحماس ربما تجد مصر تسمعها ، لكن أحدا ممن يقيمون السجن لغزة ، لن يأخذ رأيا لحماس ولن يسألها رأيها ، ومن هنا تتجلى الوحدة ، كضرورة واجبة على حماس ، فهذه الحرب انما هي حرب على صيرورة المصير لشعب فلسطين ، وهي في سطرها الأخير ، تستهدف احتجاز الأمن الفلسطيني في دائرة من الأمن الاسرائيلي .

محمد يوسف جبارين
20-10-2009, 16:22
أما آن لهذه العقلية أن تندثر

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

لم يزل السؤال لماذا تأخر المسلمون ، يستدعي الاقتراب بالعقل من العقل في منهجية ، تمحص ما أفضى ، وآل اليه هذا العقل ، بحال المسلمين في مدى مئات من السنين .. استنقعوا فيها تحت ضغط استبداد ، تشكل لهم بأثواب خدرتهم واستبقتهم ، في محل استنزاف ، وضعف راكدين في مكانهم ، يتأوهون من قلق ، ومن شظف ، ومن تعب يماص جهدهم ، وبالكاد يوفرون ، ما يستديمون به ، مقدرتهم على عيش ، ولا يملكون ما به يؤهلهم ، لحماية أنفسهم من الأغيار والأشرار الطامعين ،في جهدهم وفي ثروات بلادهم .
ولقد يصح القول بأن الاستبداد كان شللا لارادة الحرية وقيدا على الفكر ، وهبوطا به الى ما لا يمكنه ، من اضافة في نمو حياة وتطورها . فالاقتراب من العقل العربي ، والاسلامي كما كان بحاله الذي كان عليه ، في تاريخ ركوده ، لا بما يمليه النص القرآني الذي لا يجيز له ركوده ، انما يستوجب اعادة تأسيس هذا العقل ، وفق منهج( منطق تناول الواقع ) ، يؤهله الى دوره في اعادة هيكلة الحياة والتاريخ ، في خلال جدل تفصح فيه علاقات العقل مع الطبيعة ، وفي داخل المجتمع عن حركة متصاعدة من نمو وتطور ، منقادة بالاضافة الدائمة التي ترفع من شأن الحياة ، وتوفر أسباب الأمن ، في سياق من الحرية ، تتدافع في خلال سيرها كل الطاقات في تعاونية بنائية ، تهيكل المجتمع في بذل وانتاج ، ينصب على سير في اتجاه غايات ، من الرفعة متصلة الحلقات في سياق زمني لا ينته .
ولعل السؤال عن تأخر المسلمين ، بالضرورة ينطوي على اقتراب ، بالعقل من تاريخ المجتمعات ، بحثا عن كل ما يخلخل التماسك الاجتماعي ، ويستهلك الطاقات في تناحر يقيل المجتمع ، من مقدرته على النمو والتطور ، فمن هنا اللامفر ، من ادراك ، بأن اعادة تأسيس العقل ، لا تحتمل انفصالية ، فالمنهج هو المنهج ، الكل الذي على أساسه ، يتأتى تناول الحياة ككل ، لا أن تتناول قضايا جزئية منها وتذر غيرها ، فمثل ترك كهذا كمثل من يبني بيد ويهدم بيد أخرى ، فالقرآن الكريم كل لكل الحياة ، فوحدة المجتمع العربي والاسلامي ، املاء قرآن ، فبنيوية العلاقات داخل المجتمع ، يجب أن تتشكل في أنساق ، ما يجعلها مؤلفة في وحدة متناغمة ، خلوا من كل انفصالية ، فالتحريف في الدين ، وتسارع هذا التحريف في انتشاره ، يؤدي بالتالي الى جماعة ، لها مفاهيمها التي في جوانب كثيرة منها ، لا تتفق مع الدين الحنيف ، وهذا ما أصاب جماعات من المسلمين ، وأدى الى شيعة غارقة في تحريف ، هي بذاتها لا تقر به ، وانما هي تنفي بنفسها ، عن الذين زعموا بأنهم على الدين الحنيف ، حقهم في تبصيرها بالرشاد ، وقد نشأت هذه الجماعة عبر التاريخ ، كمناصرة لعلي بن أبي طالب ، في العراق ، وقد خذلته في جوانب من مواقفه ، ومن بعده لم يقرها أبناء الصحابة في الحجاز ، على ما كانت عليه من معتقدات ، لا صلة لها باسلام ، وتخلت هذه الجماعة في مرحلة ما عن الحسن ، وتخلت عن مسلم بن عقيل ، وتركت الحسين يلقى مصرعه ، من دون أن تكون الى جانبه ، وهي تدري أي مصير كان في انتظاره . وقد تشكل من بعده حزب التوابين ، واجتمع قادتهم في منزل سليمان بن صرد ، وأعلنوا ندمهم على تخاذلهم في الدفاع عن الحسين ، وأقسموا على الأخذ بثأر الحسين وأمضوا الفترة بين 61- 64 هجري في استمالة المؤيدين وجمع الأسلحة ، ويصف الطبري فعلهم هذا " كان أول ما ابتدعوا من أمرهم سنة احدى وستين ، وهي السنة التي قتل فيها الحسين رضي الله عنه ، فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب ، والاستعداد للقتال ودعاء الناس ، في السر من الشيعة وغيرها ، الى الطلب بدم الحسين ، فكان يجيبهم القوم بعد القوم " .
ولقد يكون مذهلا ، بأن يتكشف منطق تناول الأمور على نحو كهذا ، في جماعات شيعية في بدايات هذا القرن من الزمان ، سعت بسفك الدم والتشريد الى تطهير الجنوب العراق من أهل السنة ، وقد بدت بأفعالها وملفوظاتها ، وانتماءاتها ، كعقلية كهذه ، منسوخة من ماض في حاضر ، ما يدلل على أن هذه العقلية ظلت تتقلب في الزمان ، كما هي ، فاذا انضاف اليها شيء ، فهو في نطاق مقولاتها ، ما أجج في وعيها رغبة في الانتقام ، ورغبة في نفي الآخر ، وهو ما أضاف خلخلة وتفككا ، في البنية الاجتماعية ، كما كان شأنها في زمان مضى .
وهذا بالضرورة يستدعي اطلالة تمحيصية ، على مجرى هذه العقلية ، وعلى مبعثها في هذا الزمان ، فهي العقلية ، التي ما أن أطلت ، حتى أدلت بما بها ، وبما هي عليه ، ولم يمكنها ستر حقيقتها بعد كل هذا الذي دلل عليها ، بأفعالها التي فعلتها في العراق .
ويعود مبعث هذه العقلية في هذا الزمان الى الزعيم الروحي للشيعة في ايران ، وهو الامام روح الله موسوي الخميني .. فأما الاسم الخميني ، فنسبة الى قرية (خمين) ، فمنها جاء ، ولم يكن اسمها كذلك قبل الفتح الاسلامي ، بل لحق بها بعد ذلك ، وحكاية الاسم يرويها ( الطاهري ) ، في كتاب له كتبه عن الخميني والثورة الاسلامية في ايران ، ويذكر بأن كلمة خمين مكونة من كل كلمة (خم )وهي فارسية ، وتعني بالعربية (جرة) ، والمثنى منها ( جرتان ) ، وبالفارسية ( خمين ) ، وكلمة ( خم) عند أهل فلسطين تعني ( قن الدجاج) ، وتعود قصة اسم خمين الى ذلك الوقت الذي نزل فيه أبوعبيدة الجراح ، ذلك المكان ، مع جيش من الفانحين العرب حملة راية الاسلام الى بلاد فارس ، وكان يطارد فرقة من الفرس كانت تقودها ابنت يزدجرد آخر شاهنشاه ( ملك الملوك ) ، من السلالة الساسانية التي ، تراجعت منهزمة أمام المسلمين ، وبعد مطاردات مضنية قادها أبوعبيدة الجراح ، في تلك المنطقة ، استقر به الحال منتصرا ، فجمع أهل القرية ، وكان قد أعد لهم جرتين واحدة ملأها من عصير فواكه في تلك المنطقة وأخرى من عرق (خمر) ، كان عتاد أهل القرية عليه، وعرض عليهم الاسلام ، فمن يسلم فليشرب من جرة عصير الفواكه ، ومن شاء البقاء على دين يدين به فله شرابه الذي يختار ، ودخل أهل القرية دين الاسلام ، ومن يومها والحكاية على ألسنة الناس ، وألزموا القرية باسم (خمين ) ، ومن هذه القرية جاء روح الله موسوي الخميني ، الذي في تسلسل نسبه ، على ما قيل ، يصل فرع نسب من علي بن أبي طالب ، وحفظ القرآن وهو لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره وانتقل فيما بعد الى قم ، ومرت الايام واذا به المتفوق الذي يتم تنصيبه شيخ مشايخ قم ، لتمر الايام ويحمل على عاتقه قيادة المعارضة لحكم الشاه ، التي تسعى الى حكم الاسلام في ايران ، ومع تفاقم الصراع في الوطن العربي بين قوى الحرية الرامية الى طرد الاستعمار من المنطقة العربية ، وبروز التحادد بين مناهضة الاستعمار من جانب وبين الاستعمار ومن والاه ، تحاددت العلاقات بين قوى الثورة في العالم العربي ، وبين الشاه كداعم لاسرائيل وغارق حتى أذنيه في الحضن الاستعماري ، في وقت كانت المعارضة بقيادة الخمينيي مستعرة ، ومن هنا ومع نهاية الخمسينيات وبداية الستينييات من القرن الماضي ، اتهم الشاه الخميني بأنه يتلقى مساعدات من جمال عبد الناصر ، ووقف الخميني يرد على ذلك بقوله بأنه لأشرف له ذلك ، مما يفعله الشاه من ارتماء في أحضان أميركا الشيطان الأكبر ، وليس الى هنا وفقط ، وانما في مستقبل أيام الثورة الاسلامية في ايران ، نجدها تتلقى الدعم من معمر القذافي ، ومن قيادات منظمة التحرير وعلى رأسها فتح وياسر عرفات ، فأحمد أبن الخميني تدرب في معسكرات فتح ، ناهيك الى العراق واحتضانه لكل جماعات الخميني ممن هرعوا الى العراق ، بما فيهم الخميني الذي فارق ايران الى العراق في 1965 ، وبقي هناك الى 1978 ، فاذاك سافر الى فرنسا ، ومن هناك عاد منتصرا الى ايران . ولقد وجد الخميني من العراق كل احتضان ومساعدة ، على الرغم من كل توتر بين الشاه والعراق .
وفي أعقاب حرب عام 1967 التقى محمد باقر الصدر ، الخميني في النجف ، وهناك تدارسا أمورا تهمهما ، ومن بين ما تداركه محمد باقر الصدر في ثورة الخميني ما يمكن قراءته في نصيحته له ، وقد كان فرغ من كتابه ( اقتصادنا ) ، اذ أشار على الخميني أن ينشعل هو وجماعاته ، في دراسة نظام الحكم وتفاصيله ، وايلاء ذلك اهتماما كبيرا ، وفي اليوم التالي ، كان الخميني ، يعطى درسه لتلاميذه عن (ولاية فقيه ) ، وقد تتالت محاضراته في هذا الجانب ، وفي عام 1978 غادر الى فرنسا ، وهناك قام بطباعة كتاب ( الحكومة الاسلامية ) ، وهو الكتاب الذي عرف فيما بعد ، باسم ( ولاية فقيه ) ، وعلى اساسه قام نظام الحكم في الجمهورية الاسلامية في ايران ، وذلك عام 1979 . وبعودته الى ايران وسقوط نظام الشاه ، لفت الخميني أنظار العالم اليه ، وكان يمكنه أن يكون عاملا مؤثرا ، في اعلاء كلمة الاسلام ، وفي المساهمة في خلاص الامة الاسلامية من بؤسها ، وذلك بجمع كلمة المسلمين على التعاون والبناء ، وحل مشكلات التنمية البشرية ، وما الى ذلك مما يسهم في بعث لبنات حضارة ، تؤثت لميلاد آخر في ربوع الجغرافية الاسلامية ، الا أن كل ذلك كان يحتاج الى فكر وحدوي وفكر حرية ، وفكر جمع واستواء على كلمة واحدة ، بمقدرة واعية تلتفت الى المستقبل ، لكنه الذي حصل كان ينم على ما تيسر وعلى ما يلح من فكر مشتق من معتقدات ، قد حان ظهورها على السطح ، فثمة ما يعززها ، من اقتصاد وقوة ، ومكانة ، فكل هذه قد توفرت ، ويمكن الاندياح الى دوائر أوسع ، فايران بما بها ، يمكنها أن تسعى الى تصدر قيادة العالم الاسلامي ، ولقد عبر عن ذلك الخميني ، الى من كانوا حوله في الطائرة التي عاد بها الى طهران منتصرا ، اذ قال ، بأنه قد حان الوقت للفرس أن يتهيأوا لقيادة العالم الاسلامي .
كانت الأجواء التي رافقت عودة الخميني ومغادرة الشاة ، أجواء فيها كثير من المجهول ، عن حقيقة المعتقدات والفكر الذي يحرك ، ما أسهم في الوطن العربي ، وخاصة لدى الفلسطينيين ، بتكوين رأي عام مضلل ، فقد كان الحساب البسيط ( فكل قاس ما يراه في الفضاء العام ، على ما يعرفه هو عن الاسلام ) ، يدل على أن نصيرا كبيرا ، قد جاء الى قضية الثورة ضد الاستعمار ، وبأن الحرية سوف تجد معينا مساندا وقويا ، وبأن غروب الشاه ، انما هو غروب رجعية ومرتكز استعماري في المنطقة ، يا طالما شكل خللا وتهديدا معيقا أبدا درب الحرية والتحرر ، فقد كان النصير لاسرائيل ، والعميل المنقطع النظير لأميركا ، فسارع ياسر عرفات الى اشغال مكان السفارة الاسرائيلية التي فر من فيها الى اسرائيل ، وسارع القذافي الى التهنئة بالثورة ، فقد كان سندا بغير حدود لها ، وكما ياسر عرفات ، وحاول أن يذهب الى طهران ، ومثله صدام حسين أراد أن يذهب للتهنئة ، الا أن الفكر الكامن خلف كل تلك الستائر التي حجبت البصيرة عن رؤية ما هو قادم ، قد كان يتململ ليطل ، فقد جاءته فرصته ، واذا بياسر عرفات يتم طرده من السفارة التي ظنها أصبحت سفارة فلسطين ، وكذلك القذافي لم يستجاب لطلبه ، بأن يتم استقباله في طهران ، ومثله صدام تلقى جواب اللا أهلا ولاسهلا ، وبدا وجوم حائر يفتش له عن جواب ، فثمة شيء في النفس راح يتساءل ، فماذا يدعو الى كل هذا ، وكيف يتفق هذا ، مع تعزيز الآمال التي تعلقت على هذه الثورة ، لم يخطر على بال عامة الناس ، وكذلك الذين حسبوا الاسلام على وعيهم هم بالاسلام ، بان المنطقة مقبلة على كوارث ومصائب لم تعرفها في زمن التتار ، ولم تراها في حروب صليبية ، ولربما شهدت مثلها في محاكم التفتيش في اسبانيا ، فلقد أطل الخميني على المشهد بمدد من مال وسلاح لجلال الطالباني والبرزاني لاثارة القلاقل والاضطرابات في داخل العراق ، ما أثار توترا شديدا مع نظام الحكم في بغداد ، وأتبع ذلك في ظهور تلفزيوني ، قال فيه الخميني بأنه " ... سوف يحتل بغداد في غضون أربع ساعات " ، وسرعان ما بادر بني صدر رئيس الجمهورية الاسلامية آنذاك بتصريح قال فيه بأنه " .. لا يستطيع أن يوقف زحف الجيش الايراني على العراق واحتلاله بغداد اذا ما أراد الجيش ذلك " ، وقد سبق كل هذا اطلالة للخميني يطالب أهل العراق بأن يشعلوا على رؤوس بيوتهم مشاعل عصيان مدني ، وكانت تلك نذر قلق وتوتر ، بدأت تلوح في الأفق ، وكانت تلك البداية التي تلتها حرب مدمرة ، أكلت الأخضر واليابس ، فقد كان طعامها ثروات البلاد والشباب وانشغال العقل بالدمار بدلا عن العمارة ، وكان المتخيل في الأحلام لو أن الخميني ، دعا الى تعاون في بناء علم وازالة فقر في عالم اسلامي ، فهذا كان يمكنه أن يكون الاضافة التي بها تعلو الأمة الى أعلى ، لكنها كانت الحرب الدمار التي انتصر فيها العراق ، لكنه الكيد لم يتوقف الى هنا ، فقد وجدت ايران في شيعة العراق امتدادات ، لاستمرار مكرها في سعيها الذي لم يتوقف ، في مجرى تصديرها للثورة التي بها اشعل الخميني النار بين المسلمين ، بدلا عن معادلة تجمع بينهم على خير ، وكان في العراق محمد باقر الصدر ، صديق الخميني الذي كان أسس حزب الدعوة ، وراح بكل تآمر يسعى الى ما يظنه يقوض نظام الحكم في العراق ، ووجد هذا الحزب الآن فرصته ، فكل دعم من سلاح ومال يمكنه أن يحصل عليه من ايران ، ولم يكن وحده ، فكل الصفويين ، وكل الغارقين في الطاعة العمياء لمدرسة قم في ايران ، ويرون في الخميني الامام الذي جاء ، فلم يترددوا في أن يكونوا امتدادا لايران في فعل كل تخريب ، به تتم مناهزة نظام حكم سني ، سعيا وراء اسقاط هذا السني واستبداله بآخر شيعي تابع لمركزية آيات الله في ايران ، فكان من ذلك ما قام به حزب الدعوة من محاولة اغتيال صدام حسين في الدجيل ، ومؤامرات ودسائس ، مبررة بفكر مشتق من عقائد تصب ، في فعل مجسد بخراب وسفك دم مسلم ، لا ذنب له ، سوى أنه الآخر الغير مطابق بفكره ومعتقداته ، لمن أباحوا سفك دمه ، وليس هذا وحده ، فالخميني صاحب مقولة الشيطان الأكبر ( أميركا) ، والشيطان الأصغر ( اسرائيل ) ، أجاز وحلل كل تعاون نتيجته استيراد أسلحة من اسرائيل ، وذلك في غضون الحرب العراقية الايرانية ، ومن أجل بلوغ أهداف في تصدير الثورة ، وأهدافها الرامية الى نفوذ في دائرة ، من السيطرة ، على القرار الصادر ، من أعلى رأس في العراق ، وجدت ايران الثورة الاسلامية في اتباعها في العراق ، فرصتها الى تقديم كل الخدمات لأميركا في حربها على العراق والرامية الى اسقاط نظام الحكم في العراق ، فبعد أن وضعت الحرب الأولى على العراق أوزارها ، تدفق الايرانيون من كل جانب ، وانضافوا الى زمرهم من العمائم السوداء الغارقة ، في الولاء لآيات الله في قم ، وبدأت عملية واسعة النطاق ، في جنوب العراق تستهدف السيطرة على مقاليد الحكم بهدف اسقاط صدام حسين ، وكل ذلك جرى في ظروف هزيمة قاسية للعراق ، وتحت عباءة أميركية ، وكانت المجازر في كل ناحية ، والفظاعة في سفك الدم كانت تنقاد بعمائم سوداء ، تتخذ من بيوت الله ، وما يدعونه بالعتبات المقدسة وغيرها ، مراكز ادارة وتنفيذ لكل جريمة ، التي بسردها يذهل العقل عن نفسه ، ولا يقر بأن ما تراه عيناه ، انما هو الذبح بيد تحمل القرآن ، وتسفك الدم بيد أخرى ، فماذا عقلت هذه اليد القاتلة من كتاب الله ، ومن الاسلام ، وماذا وكيف يمكن سلخ الفعل ، عن عقلية تدبر وتخطط على أوسع نطاق وبكل ما أمكنها ذلك ، فما هو هذا الدين ، وما حقيقة ما تعقله من هذا الدين غير ما تدل عليه أفعالها وانتماءاتها ، أفلا تدل الأفعال التي هي في حقيقتها نتاج تخطيط وتدبير وتنفيذ ، بادارة قائمة عليها ، على عقلية وعلى نفسية ، وتشكل حاكمية يمكن بها الحكم على العقل وعلى النفس التي دبرت ، والاستنتاج منذ ذلك ما به يمكن تعريف معتقداتها على حقيقتها ، في عملية فرز يمكن الانتهاء بها الى تكوين حكم . فما تراها الغاية من كل ذلك ، وهل لغاية كتلك صلة بدين حنيف .فاذا أعداء الله يستنكفون أن يفعلوا الجريمة على هكذا وجه ، فما تكون حال نفوس تفعلها .
واذا كانت القومية الفارسية تسربلت ، ولا زالت ، مظاهر من تعصب لدين يتوهمونه بأنه دين الاسلام ، ويعجب الراسخون في العلم من جملة التناقضات السافرة الوجه مع هذا الدين ، وما نص القرآن عليه في آياته الكريمة ، فان القومية الفارسية ، أشهرت في عربستان ، ولم تزل تشهر ، كل قهر وكل عنف وكل بطش في خدمة سيطرتها على هذه المنطقة العربية ، التي دانت عبر التاريخ للعرب ، ولم تزل تصرعلى عروبتها ، برغم كل محاولات الطمس لهويتها العربية ، فهذه الجغرافية المسماة عربستان انما هي عربية ، وقد أعطاها الانكليز للشاه ( رضا شاه ) ، في خلال ظروف الحرب العالمية الأولى ، ومن يومها لم تنقطع العملية الجائرة الهادفة الى محو الهوية العربية لعربستان ، وبكل وسيلة ، ولم يكن التمدد الفارسي في عربستان وحدها ، ففي عام 1970 قامت ايران باحتلال جزر عربية ثلاث هي جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ، ولقد كان يقال من قبل هذه الهيمنة بأن الخليج عربي والآن يقول الفرس بأنه فارسي ، فلماذا ملامح دين رحيم لم تطل من وجه فارسي على أبناء عربستان ، وخاصة بأنها ثورة اسلامية ، وجمهورية اسلامية ، فلماذا الاسلامية لا وجه لها في سكب حرية ، في النطاق الغائب فيه هو الحرية ، ولماذا تغييب الحرية يتم بارادة دولة هي من أسمت نفسها جمهورية اسلامية ، فأهل عربستان مسلمون ، فمحو الهوية العربية ( مع أن العربية لغة أهل الجنة) ، ليست دعوة اسلامية ، وانما هي القومية الفارسية التي تتستر بعباءة ولحى ، وانما هي الامبراطورية الساسانية في أعماق الوعي الفارسي هي التي تملي ، وهي التي تحرك ، وتبرر ، ففي خلال التوتر الذي سبق الحرب الايرانية العراقية ، قال بني صدر ، رئيس الجمهورية الاسلامية ، بأن بغداد كانت لايران ، فهو اذن تاريخ الكفر الذي ينطق بلسان الجمهورية الاسلامية ، وليس الاسلام بأية حال .
فاذا كان تشابك المصالح بين الفرس والانكليز ، قد أدى الى توسيع جغرافية ايران ، وأتاح فرصا كبيرة للهيمنة الفارسية ، وامتدادا جغرافيا على طول مياه الخليج العربي ، فقد جاءت أحضان الشيطان الأكبر ( أميركا ) على حد تعبير الخميني ، في الحرب الصليبية على العراق وأفغانستان فرصة آيات الله في قم ، لكسب جديد ما كان يمكن كسبه ، من دون تبعية لقوى استعمارية ، ومن دون ترجمة هذه التبعية في تقديم الخدمات اللازمة لهذه القوى الحاقدة والطامعة ، التي حزمت أمرها باعلان حرب تسعى بها ، الى غايات من نهب وسيطرة ، فهي حرب غير المسلمين على المسلمين ، واليها انحازت الجمهورية الاسلامية بكل ، مطلوب لنجاح الغزو ، وقد عبر عن ذلك بصريح العبارة ، خاتمي ، اذ قال : " تعلم أميركا بأنه لولا ايران ما كان يمكنها أن تحقق ما حققته في العراق وافغانستان " ، فلقد دمرت الحرب العراق ، ناهيك الى الحرب المدمرة في افغانستان . لقد أحالت الحرب العراق الى خراب ، وبذلك تم تحطيم الأمن القومي العربي ، ولم تعد ما تخشاه اسرائيل من جهة الشرق ، بل اسرائيل بكل مخابراتها ، وتجارها وكل الحرامية التي أمكنها توظيفهم ، طارت بهم الى العراق تحت جناح الغزو ، والسيطرة الاميركية ، ولم يزل الصوت عاليا ، لم ينقطع في ايران ضد اسرائيل ، فكيف فهم هذا الذي جرى ، وكان دور الجمهورية الاسلامية فيه ، دورعدو لمسلمين وخادمة لاسرائيل ، وهي خدمة ما كان يمكنها اسرائيل أن تقدمها لنفسها بنفسها . فما هو هذا الايمان باسلام الذي يملأ فضاء القلوب والعقول في قم ، والذي ييسرها الى كل هذه الخدمات لأعداء المسلمين ، كما يحلو لخامنئي وصفهم . وكيف استحالت قوات ( القدس ) ، وفيلق ( بدر) ، الى موظفة في ذبح أهل السنة من المسلمين في العراق ، وذلك في عملية تطهير طائفي واسعة النطاق ، وتشريد من مناطق الجنوب ، فما صلة كل ذلك ببدر وبفلسطين أم أن الأسماء ، يمكنها أن تكون غطاء لنقيضها ، ولكل ما ليس فيه ما يدل عليها . بل هو العار على القدس والحرية ، أن تكون موصولة باسم جماعات مجرمة بحق المسلمين كهذه ، وانه لأفظع سباب للاسلام أن تحمل جماعات لصوص وجريمة مثل هذه اسما كريما كبدر .
ولعل فكرة الجنوب الشيعي في العراق ، وما أملته من تطهير طائفي ، ونزعة الى فدرالية ، في بواطنها ، ما يكفي من تدحرج بآليات تؤدي الى تقسيم العراق ، منساقة بعقلية مسيرة بفكر ممتد ، في أطماع وطموحات ايرانية ، انما تتجلى باطلالة مستقبلية على رغبة عميقة ، في توسيع السيادة الايرانية ، ناهيك الى ما يشكل لباب المعتقد الشيعي الذي يقود كل ذلك ، ويملي نزعة الى سيطرة على العتبات المقدسة ، لتحويلها الى ما يشبه الكعبة المشرفة لدى أهل السنة ( وفق تصورهم ، فكأنما الحج ليس قرآنا ورحمة لكل مسلم ) ، فهناك حجيج ، وهنا مواكب من البشر تحج أو تزحف الى مواسم الردح واللطم في كربلاء . فهذا هو ما يفسر الجريمة الواسعة النطاق التي استهدفت أهل السنة في الجنوب ، والتي لا لم تعرف وجها لانسانية ولا لدين الاسلام فيها . فتطيهر الجنوب من أهل السنة ، ثم جعل الجنوب اقليما ضمن فدرالية ، على أن يكون بحكم الدستور ، شبه مستقل بذاته عن العراق ، ثم اندماج تدريجي بالنظم في ايران ، يترافق ذلك مع حركة واسعة من كل مكان في ايران من والى العتبات المقدسة ، وخاصة حين يتم جعل هذه المقدسات لدى الشيعة مزارا ميسرا، تتوفر له كل امكانية الترغيب به والتسهيل اليه ، ثم تأتي في زمن لاحق مرحلة تاريخية ، لم يعد فيها فرق بين أن تكون في جنوب العراق أو أن تكون في طهران أو قم ، ويسهل عندها الدمج الكلي بقرار حر من أهالي الجنوب ، مؤيد بموافقة شعبية تأتي ضمن استفتاء شعبي . فبذلك تكون ايران وضعت يدها على بترول الجنوب ، وعلى مركزيتها كدعوة شيعية بين يديها وتحت سيادتها ، كربلاء والنجف ، حيث كان مصرع الحسين ومزار علي بن ابي طالب ، وتصبح من وجهة نظر شيعية في مقابل السعودية التي ترعى الحجيج ، الى بيت الله الحرام وتحرسه وتوفر له امكانياته .
وليس الى هنا وفقط ، بل نظرات الفرس المطلة من عيون تتزيا باسلام ، ممتدة الى حيث هناك جماعات شيعية ، وتتربص ليكونوا لها جسرا الى هيمنة وفكفكة لسلطة وحكم عربي ، وليس أدل على ذلك من تململ في مناطق معينة من الجزيرة العربية ، وما يتكنفها من هواجس ، وأيضا ذلك المشهد الذي صيغ باحكام وظهر عليه حسن نصرالله في غضون الحرب على غزة 2009 ، فخلفية الصورة وعليها كلمة الحسين ، وطريقة الكلام التي تحدث بها وما بها من ملامح شيعية وايماءات ، مثل " هذه كربلائة " ثناء على موقف هنية من رفض للاستسلام تحت أي ظرف ، وما شحن به ألفاظه وهو يدعو جيش مصر الى التحرك ، وأيضا الجماهير المصرية . لقد بدت الكراهية من فمه بكل مكنون في صدره ، وهي التي وجدت فرصتها ، ولو كان انفعاله الجارف ، انحيازا بالفعل الى كل عمل مقاومة ، لما سارع حزبه الى التنصل ، من طلقات معينة جاءت الى اسرائيل عبر الحدود اللبنانية ، أو لفعل عينيا ما يؤيد المناصرة في الوقت الحرج ، وفي مقدوره أن يفعل ، لكنها مصر كانت هي المقصودة بالهجمة الفارسية الرامية الى فوضى تعمها ، فتنشغل بذاتها فتنزاح من أمام التمدد الفارسي في المنطقة العربية .
فمن هذه السردية لمجرى تاريخ مر أمام أعيننا وكابدناه ، نتوصل الى أن قراءة الواقع بكل ما ينضح به من متغيرات واستشفاف حقائقه ، انما هي الضرورة اللازمة للاجابة على الاسئلة التي تعلو متساءلة عن أجوبتها ، ولا بد من الاجابة ، لا باحالة الجواب ، على ما له صلة بواقع مضى ، ولربما ينم على واقع قائم ، ولا بمعزل عن رؤية مستقبلية لحال أمة يتوجب أن تكون عليه ، فنحن بكل ما نراه ماثلا أمامنا ، لا يجب أن يطالبنا أحد بأن نسمي الأمور بغير أسمائها ، فالقرية التي جاء منها الخميني ، قد حملنا لها - نحن العرب - الاسلام ، فمن أجل أن نصل بدعوة الاسلام الى هناك ، جرت دماء رهنت نفسها في سبيل دعوة الله ، فلم نفعل ذلك من أجل أن يأتي من هناك من يسفك دمنا ، باسم هو على قناعة تامة بأنه الاسلام ، وبأنا نحن على ضلال ، وما يدري ، بأنه بفارسيتيه قد قلب المفاهيم ، واستحال بها الى ما يعينه على تحقيق فارسيته ، فنحن بصريح القول بازاء قومية فارسية في مواجهة قومية عربية ، وبازاء تحريف في الدين قد صاغته الفارسية على مقاسها ، وجعلته نافعا لها في خدمتها ، وفي تطلعاتها ، وهذا التحريف يسفر عن أقنعته ، وبكل سفوره ، يقدم نفسه على أنه الأحق بالاتباع ،
فنحن وجها لوجه . ما يفيد بأن نذيرا ينذر بتشويه تفتلت عضلاته ويزمع على التوسع في نشر زيفه ، فلا بد من حمل راية الدين الحنيف في اطار زحف لا يتوقف ، في الدعوة الى الله على الوجه الصحيح ، الذي يتصدى لهذا التحريف وهذا الزيف ، ويبدو بأن هذه هي مهمة القومية العربية ، فهو الله الذي أنزل القرآن باللغة العربية ، فهذه القومية العربية ، يجب أن تعود كما كانت ، تحمل أعباء رسالة السماء ، الى بلاد فارس من جديد ، بل والى الدنيا كلها . لقد كان العرب بحملهم الرسالة السمحاء يمثلون مادة الاسلام ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، الاسم الذي لا يحتمل سماعه ، أولئك الشيعة الآتون بذبح الى أهل السنة في العراق ، فالقومية العربية هي جوهر الاسلام ، وعلى ما يبدو كانت هذه هي مهمتها ، وقد جاءت ثورة الخميني ، لتوقظها من سباتها ، لتجدد دورها التاريخي الذي كان هو دورها والذي هو في انتظارها .

قفففف
23-10-2009, 20:12
انا لا ابالغ عندما اصر واصر ان هذا افضل واروع ملتقى رأيته .....رزق الله القائمين عليه والاعضاء الجنة بغير حساب .آمين

حايسه في الفيزياء
26-10-2009, 19:58
يا حايسه في الفيزياء،، هل تريد تكون العضو المميز؟ ========== ادري ان انتو تحبوني بس مو لدرجة انكم تسمون الموضوع باسمي هههه :laughter01: مصدقه نفسها

اللـــــــــه يعطيكم العافيه وعساكـــــــــم دوم على القوه واكيد اللي بياخذ اللوسام اكيد انه يستاهـــــل :a_plain111:

دمتم بود :)

محمد يوسف جبارين
28-10-2009, 23:43
تحريف النشيد

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم ..فلسطين

الهوية الوطنية تعبر عن نفسها ، بكل ما يضيف مكانة وعزة وكرامة وفخرا ، للذي هي هويته ، وبكلمات والحان مثل النشيد الوطني ، فهو ينطق بما هي ويملأوها عنفوانا ، وعزما واصرارا على رباطها بوطنها ، وبما هي عليه من استعداد دائم لتكون الحامية لهذا الرباط ، فنشيد " موطني " حين يقول به اللسان فسرعان ما يتكامل الانسان، بكل مكوناته النفسية والعقلية ، في عملية التزام ذاتي حيال رباطه بوطنه ، ولعل الانفعال ، وتفتق الذهن ، وعناق الآمال في الحرية ، ورفض الواقع المرير ، وتدفق العزيمة بكل اصرار على تجسيد الحلم ، انما يستشعره كل قارىء لنشيد هويته الوطنية ، مهما وكيفما كان مطلوبه ، فاسترخاص الحياة فداء لحرية الوطن ، والاستعداد بلا حدود لبذل النفس والمال ، هو بعينه تعبير الهوية عن ذاتها ، وكما هي في تشكلها في تكوين الانسان والجماعة الانسانية ، وانظر الجموع الشعبية وهي تنشد معا نشيدها الوطني ، فترى اليها وكأنها تحقق وحدتها ، فهي وحدة واحدة ناطقة بهويتها ، ولهذا وجه دلالة على أن هذه الجموع ، لو تظل دوما لصيقة هويتها في أقوالها وأفعالها ، لكانت في مجرى حياتها كلها عين هويتها وعين وحدتها ، وتمضي في الحياة وبالحياة ، وكأنها كتلة واحدة متلاقصة متكاملة ، فلا ما يقيلها عن تكافلها وتكاملها في سيرها ، فالنشيد الوطني وعي بمنطوق هوية هو كلمات لها ، بأن يا أبناء الوطن تكاملوا ، كما يتكامل لكم الوطن في وعيكم ، فهو تلازم ضرورة سير ، بالزام هوية .
فالوطنية انتماء ، وهوية هذا الانتماء هي الرباط الذي يربط انسان الوطن بوطنه ، فالوطن والانسان والوطنية صلات المنتمي الى ما ينتمي اليه ، وهذه الصلات في مجملها ، وفي كل تجليها في النفس وفي العقل وفي الوعي والسلوك ، انما هي الهوية واملاءاتها التلقائية بعين وجودها ، في موجودية ، انوجدت في كينونية التلازم بين الانسان ووطنه فلسطين .
وما استعداد الانسان للتضحية بكل ما يملك ، بما فيها حياته من أجل الدفاع عن رسوخه في وطنه ، الا عين منطوق الهوية في الذات الانسانية ، وما تؤدي اليه من هذا البذل الذي يطال كل غال ، من أجل تثبيت هذا الرباط بين الانسان ووطنه ، فهي الهوية التي لا يعلو عيها رباط ، فهي أو تكون أو لا تكون ، فأن تكون يعني أن يكون الرباط بين الانسان ووطنه ، وأن لا تكون يعني نفي هذا الرباط .
فالنشيد الوطني ليس توصيفا نثريا أو شاعريا أو فلسفيا لواقع يموج به الوطن ، وانما هو الوطن كما هو بما يعنيه في الفكر وفي الروح وفي الوجدان ، فهو الجمال والبهاء والسناء ، وهو بكل العواصف التي تهب عليه وتعصف به وتقصف زيتونه ورمانه وتينه وانسانه ، انما يستولد الرفض لكل هذا ويستدعي انسانه الى تحقيق آماله في الحرية ، ليعود غانما منعما وهائنا مكرما ، فالرفض في سيرورته متصل بصيرورة بالآمال التي ينسكب على جنباتها جمال الوطن ، بكل روعة يعنيها في مكنون النفس ، فلا يمكنها كل الزوابع ، بكل أشرار الدنيا وما بهم من شر، أن تنال من هذا الجمال الراسخ ، بكل معانيه في انسان الوطن . وهنا هو النشيد الوطني الذي كتب كلماته ابراهيم طوقان :
( مَــوطِــنــي.. مَــوطِــنِــي / الجـلالُ والجـمالُ .. والسَّــنَاءُ والبَهَاءُ / فـــي رُبَــاكْ.. فــي رُبَـــاك /والحـياةُ والنـجاةُ .. والهـناءُ والرجـاءُ / فــي هـــواكْ.. فــي هـــواكْ / هـــــلْ أراكْ .. هـــــلْ أراكْ / سـالِماً مُـنَـعَّـماً .. وَ غانِـمَاً مُـكَرَّمَاً /هـــــلْ أراكْ .. فـي عُـــلاكْ/تبـلُـغُ السِّـمَـاكْ .. تبـلـغُ السِّـمَاك/مَــوطِــنِــي .. مَــوطِــنِــي/مَــوطِــنِــي .. مَــوطِــنِــي/ الشبابُ لنْ يكِلَّ هَمُّهُ.. أنْ تستَقِـلَّ أو يَبيدْ/نَستقي منَ الـرَّدَى .. ولنْ نكونَ للعِــدَى/كالعَـبـيـــــدْ .. كالعَـبـيـــــدْ/لا نُريــــــدْ .. لا نُريــــــدْ/ ذُلَّـنَـا المُـؤَبَّـدا .. وعَيشَـنَا المُنَكَّـدا / لا نُريــــــدْ . بـلْ نُعيــــدْ / مَـجـدَنا التّـليـدْ .. مَـجـدَنا التّليـدْ / مَــوطِــنــي .. مَــوطِــنِــي / مَــوطِــنِــي.. مَــوطِــنِــي / الحُسَامُ و اليَـرَاعُ .. لا الكـلامُ والنزاعُ/ رَمْــــــزُنا.. رَمْــــــزُنا / مَـجدُنا و عـهدُنا .. وواجـبٌ منَ الوَفا / يهُــــــزُّنا.. يهُــــــزُّنا/ عِـــــــزُّنا .. عِـــــــزُّنا / غايةٌ تُـشَــرِّفُ .. و رايـةٌ ترَفـرِفُ /يا هَـــنَــاكْ .. فـي عُـــلاكْ / قاهِراً عِـــداكْ .. قاهِـراً عِــداكْ /مَــوطِــنِــي .. مَــوطِــنِــي ) .

فماذا يعني التحريف في نص النشيد الوطني ، ماذا يعني استبدال كلمة " موطني " ، ب " كان موطني " ، ماذا يراد من ذلك ، وماذا كانت الدوافع الى ذلك ، ولماذا تهافتت الجزيرة ،على بذل كل ذلك الجهد الذي بذلته ، من أجل أن تضع على لسان الفلسطيني كلمات مغايرة ، بل ومتناقضة مع كلمات النشيد الوطني ، مستبقية اللحن كما هو . فهل تراه المراد من ذلك أن يلهج الفلسطيني ، بما يتناقض مع هويته ، أو أن تبكي مثلا هويته ذاتها ، أن يسىء انسان الهوية الى مقدس لديه ، أن يبدل في نظراته الى صلاته بموطنه ، فكل ذلك يمكنه أن يكون مراد بنص محرف ، لكن قولنا بهذا لا يتفق ورؤية من أساءوا الى نشيدنا .. أساءوا الينا ، فعندهم ذريعة الجزيرة مختلفة ، فالتحريف لديها انما هو توصيف حال ، متغافلة قصدا ، عن أن النشيد ليس مناسبة نصية لتوصيف رأي في حال تراه هي ، بوهمها ، واقعا سياسيا قائما بالفعل ، وأحسب بأنه في سياق كهذا ، لا بد من التذكر بأنه في الجزيرة من العقول ما تدري على أي وجه يستوي فكرها ، وهذا ما يلفت بصائرنا الى الجزم ، بأن عيون الجزيرة ، في ما يتصل بالنشيد الوطني ، وبغيره من مشكلات وقضايا ، انما هي موظفة لدى عقولها ، بطريقة تخضع فيه العيون لاتجاهات تعمل في خلالها العقول ، فكذلك هي موظفة ، وكذلك هي تؤدي دورها في عديد من مخالفات لموضوعية وعلمية كانت الأجدر بالاتباع ، ولقد قدمت الجزيرة كل دليل على ذلك ، وانا لنعجب لأول وهلة بتأثير الرغبة بأن تظل الموضوعية أساس التناول لكل قضية ، ثم يتلاشى هذا العجب حين نعمل عقولنا فنفهم ، بأن الموضوعية التي كانت الجزيرة عليها زمنا مر وتوارى ، وقد كانت ارتفعت بها الى مراتب عالية ، ما أفاض على من هم طرف في وجودها ، الى الانتفاع بها الى ما يضيف اليهم ، وبفعل هذا الفعل الذي اخترق الموضوعية ، كان الانحراف ، وهو ما يسيء دوما الى الجزيرة ، وما بنا رغبة للصمت عليه ، فنؤشر عليه ، ونحار في الضيق الذي يطل علينا ، ومن عجب لموضوعية تضيق بما يؤشر على انحرافاتها .
وليس من عجب أن تلجأ مؤسسة ضخمة مثل الجزيرة الى تحريف النشيد ، وانما العجب أن يتم استيعاب ذلك على أنه ، انما جاء مصادفة ، أو من باب غفلة ، فمثل احتمال كهذا غير وارد ، لدى من به عقلانية تتعقل وتحترم عقلها حين تعقلها ، فثمة دور يتخفى وراء ذلك ، ويكيد كيدا ، فلا بد من أن يكون التحريف مؤشرا على ضرورة تنبه وصحوة ، ومن قائل بأنها الاساءة التي يتوجب اغتفارها ، فهي الاساءة العابرة ، ومثل رأي كهذا يتغافل أو لا يتنبه الى دور الجزيرة في مساندة طرف ، والنيل بكل سوء من طرف آخر ، في الساحة الفلسطينية ، وربما يبدو ذلك وكأنه الموقف الذي يعبر عن نفسه ، ومن حق العربي أن يكون له موقفه ، والجزيرة عرب في عرب ومن عرب ، وهذا موقف أولئك العرب ، وهذا مقبول لو أنه منساق في هكذا استخراج ، لكن حقيقة ذلك انما هي ترسيخ الانقسام في الساحة الفلسطينية ، فدوما الانقسام طريق بعثرة وتناثر ، وهذا بالتمام ما يفيد الأعداء ، فكيف يمكن لعقل أن لا يكون متهافتا ، وهو يلصق فهما بمقلوبه .
كذلك الاساءة تحتاج الى وعي بها ، وفهما لما تحتمله من المعاني ، وهذا يقتضي بعض سردية ، ولو موجزة لاحلال الاساءة ، وما محلها ، وماذا لها أن تصيب ، وحاجة المسيء اليها ، وأيضا حاجة من أصيب بطعناتها ، الى درئها بتحديها بفضحها وانزالها منزلة اللا ثأثير عليه ، بقلب اتجاه سمومها الى وجهة العدمية التي تعدمها ، فلا تصيبه ولا تصيب أحدا غيره ، ولا حتى الجزيرة ، فكذلك يكون بمرتبة أرقى من الجزيرة التي صاغت له سما عساه ينال منه ، والى ذلك قول يأبى الا أن يقول بالدفع بالتي أحسن فالتصافي ، فليكن ، وهل هجمت القضية الفلسطينية على الجزيرة ، أم أن هذه القضية كانت فرصة الجزيرة الى الارتفاع الى مراتب عليا ، فمن يمن على من ، فلولا عذابات الفلسطينيين ، ولولا المصائب التي لا تكف تحلق في سماء وجودهم ، ما كان ذلك كله فرصة عمل واسعة النطاق لأفراد الجزيرة ، ليحققوا ذواتهم وينهلوا من المال والشهرة ما نالوا ، ومع ذلك لم تتردد الجزيرة في ما ذهبت اليه من اساءة الى الهوية ، بتحريف النشيد ، فهذا التحريف ، كان يفترض أن تتلقفه الألسن وتبدأ تلهج به ، فكأن الذي سعت اليه الست جزيرة الى أن تستهزىء الذات بهويتها ، والاساءة لنفسها بنفسها ، وهي اساءة أشمل وأوسع من سباب وشتيمة ، بل وتتعدى ذلك الى لعنة تصبها الذات على ذاتها ، وهي بعينها أبشع صورة يمكن أن تكون عليها الذات ، فهي لا تسب نفسها بنفسها وفقط ، وانما هي كمن تأكل لحمها بأسنانها ، وكمن تمزق وجودها بأظافرها ، ولا أفظع من أن يبلغ المخلوق مرتبة ، يعاف فيها نفسه ، ويفقد مبرر وجوده ، فلا قيمة لهويته في نظر نفسه ، اذ لا عقل يسعفه بأن يقيم قيمة لأية قيمة ، فلا قيامة لذاته ، ولا لأي صفة منها ، وليس له الا أن يتمزق في طريقه الى التصريح أمام الخلق كلهم ، بأنه الذي لا يساوي أي شيء ، مما يدعى انسانا ، فهو اللاشيء في ميزان نفسه ، فأولى له أن يواريه العدم ، وهذا حال لربما تبلغه النفس من تلقاء ذاتها من داخل يأس يحط لها على نفسها ، تنسد الدورب والآفاق كلها أمامها ، وتسقط النفس من كل مرتبة لها أمام ذاتها تنهار ، فهي في سقوط حر في عملية تصفير لذاتها ، حتى تكاد في مرحلة من التلاشي ، أن تتلاشى ، بالمسارعة بالانتحار الى خارج الدنيا .
فكل ذلك يمكنه أن يحصل هنا وهناك ، وبين فترة وأخرى ، بسبب أو بأسباب تحنطت بها ظروف معينة ، ونهشت في ذات من البشر ، فتضيق بها الدنيا ، ويمكنها أن تفيق أو لا تفيق ، تنهار أو لا تنهار ، فان لا تنهار يعني أن تحيل الصعوبة الى فرصة تحد ، فتنهض من كبوتها ، فالحياة فيها الصعوبة في مستويات شتى ، ومن النفوس من تقدر ، ومنها من لا تقدر على تجاوز الصعب .
وثمة جملة من رموز يستدل بها أو يشار بها الى الهوية ، فالاساءة اليها ، دونها والحياة ، فاساءة بمثل حال كهذا تعادل لدى الشخص حياته ، فهو لن يتوانى أن يعادل الحياة بها ، بحرصه عليها ، ففي وعيه اذا ذهبت لم يعد ثمة شيء يمكن أن يشار اليه بأن له قيمة ،
ولعل اطلالة على التاريخ ، لمن يريد ذلك ، ليجد الكثير من الأمثلة الدالة على أن الاساءة تبلغ مداها ، حين تكون في ذاتها ، تنزع الى الانصباب على الهوية ، وعلى كل ما له صلة بها ، وبأن الانسان الذي تنزل عليه هذه الاساءة ، انما هو الرافض لها رفضا ، ينطق بكل فصيح الدلالة ، على أنه هو الذي لا يمكنه ، الا أن يكون هو ، فأن يكون ضد ما ينفي وجوده .. ضد أن ينفي هويته ، بنطق أو فعل ، ويعني لدية ذلك بأنه الموت ، والموت أشرف له ، وقد كان اسماعيل الصفوي في نزعته الدموية الى تشييع ايران ، وكان أهلها في غالبيتهم العظمى من أهل السنة ، يطلب من الانسان السني ، فيما يطلبه أن يشتم الصحابة .. أن يشتم عمر ( وعلى ذكر عمر فهو اسم عمر سعد بن ابي وقاص ، الذي قاد المجموعة التي قتلت الحسين ، وأيضا عمر هو اسم الخليفة عمر بن الخطاب ) ، فان لم يفعل حز رأسه بالسيف ، ومثل ذلك القهر أول ما استهدف أغلى ما يملك الانسان ..استهدف الرموز التي بها يملك هذا الانسان أن يعبر عن هويته ، ولم يكن غريبا أن تسيل دماء كثيرة ، فاختيار الموت على الحياة في حال قهر كهذا ، هو بعينه وجه الدلالة على ما لحروف التعبير عن الهوية ، أو تعبيرها هي بلسان من هي هويته عن ذاتها ، من رفيع مكانة في النفس الانسانية ، وما لحقيقة معادلة الهوية بالحياة من صوابية ، وقد تكون محاكم التفتيش في الأندلس التي تشرد منها العرب ، وحتما يعودوا اليها ، فيها الكثير والكثير من ملامسة الحاقدين والأعداء لهذا الجانب المتصل بالاساءة للهوية ، فلقد كانت هي مفاتيح لغة الأعداء في سيرهم الذي لم ينقطع ، في العدوان على الانسان العربي والمسلم وهويته ، ولم يكن هذا خصيصة زمن من الأزمان ، وانما كان هو الممتد في طول التاريخ وعرضه ، فاسقاط الهوية يعني أن لا انتماء بعد ذلك لما هو قائم ومقلق ، فلا عقبة بعد ذلك أمام الغزاة ، من أي لون كانوا وعلى أي مستوى لعبوا لعبتهم ، ولعل بسط نظرات في الحروب الصليبية كلها ، وعلى مدار الزمان ، يه ما يدل على أن الهوية بذاتها كانت في محل اسقاط على كل صعيد ، وهو ما برر كل مستوى دام لعدوان ، فلم يكن غزو العراق ، بلا مقدمات من ملفوظات تحتمل كل معنى لاسقاط نظام حكم ، فهوية النظام قد تم الغاء كل مبرر لوجودها ، ناهيك الى ما تخفى من نزعة الى اسقاط هوية ، كان يمثلها ذلك النظام وبجدارة ، وما كان شنق رمز النظام في ليلة الوقوف على عرفة ، ليلة عيد الأضحى ، الا ويحتمل كل معاني الطعن في الهوية لأمة بحالها ، وما كانت الدموع في عيون كل قابض على الهوية الا دموع الهوية ، وما الحرارة التي دلت على سخونة هذه الدموع ، الا الرغبة العميقة في النفس للرد على هذا الطعن في الهوية ، ولم تكن الاساءات المتكررة للرسول الكريم في أوروبا ، الا قاصدة المساس بالهوية ، وبكل من هذه الهوية هي هويته ، ومن هنا كان الاستياء والسخط العارم الذي بدا في نفوس العرب والمسلمين ، مترافقا بعزم على الرد الذي يتواثب بكل امكانية متاحة للرد .
ولم يكن ممكنا للهوية الا أن تتصدى ، بما بها من قوى ذاتية محركة ، يتحرك بها الانسان ، وقد كان هذا شأن الهوية عبر التاريخ ، ومثل ذلك حالنا ، فحتما علينا أن نرد على هكذا اساءة ، وأن نرد وبكل الرفض لكل طعن في هويتنا ، فنشيدنا الوطني ، لسان وجودنا ينطق بكل خلجات جوارحنا ، وقد أنزلت الجزيرة عليه كل سموم قاتلة ، لكنها ما قتلت سوى بقية الاحترام الذي كنا نكنه لها ، فلم يكن من فرق بين ما قامت به ، من حيث المعنى عن ما قام به كل بغيض أبغضنا عبر التاريخ ، وما كنا مع ذلك نريد أن نستشعر ، مثل كذا شعور تجاه الجزيرة ، لكنها هي التي حطت بكل ما حطت به ، فلا تطالبنا بعد ذلك أن لا نستغرف كل ما يقضي به منطق تناول موضوعي في الرد عليها ، غير متجاوزين حدود الرد ومنطقة محدودة لا تتجاوز حدود الاساءة التي أنتجها فعلها الشنيع ، الذي دلنا على شناعة ما كنا راغبين أن تجد لها مكانا في وجه الجزيرة .
وهذا هو التحريف في النشيد الوطني كما أفاضت به الجزيرة تحت عنوان " كان موطني " ، في برنامج " بلا حدود " الذي أداره الصحفي بن جدو الممتاز ببراعته ، وكان ضيفاه في برنامجه ناصر القدوة ، واسامة حمدان ، ( كان موطني : الوبال والضلال والبلاء والرياء / في رباك .. في رباك / والطغاة والبغاة والدهاء لا الوفاء / في حماك في حماك / ها أراك .. لا سواك / خانعا مكمما بقادتك مسمما / خانعا مكمما بقادتك مسمما / ها أراك .. ها أراك / كبلت يداك / تصطلي لظاك / موطني .. موطني / موطني.. موطني / الوفاق لن يهل / نجمه لا لن يطل من جديد / من جديد / كل حزب قد بدا / وهمه يرضي العدا / وأن تبيد .. وأن تبيد / لا يريد .. لا يريد / مسرى طه الأتلدا وقبة ومسجدا / مسرى طه الأتلدا وقبة ومسجدا / بل يريد .. بل يريد / عيشة العبيد .. ذلنا الأكيد / موطني .. موطني / موطني موطني / الدولار والدينار والريال والعقار / همهم .. همهم / فقرنا وجوعنا وذبحنا وحرقنا / شعارهم ورمزهم / مالنا .. وضعنا / بائس لا يوصف .. مقزز ومقرف / بائس لا يوصف .. مقزز ومقرف / للهلاك ..للهلاك / قادة النفاق / ما لهم ميثاق / موطني موطني )
فالقول " كان موطني " ، بدلا عن " موطني " ، فيه ما يدل على بؤس احاطة بالتاريخ وبالواقع الحالي ، وفيه دلالة على عقل ناطق ، بكل ما ينم عليه ، من مجانبة ، لأقل القليل ، من فهم لخطورة ما يعنيه قوله ، فهو بقوله يستدعى انفصالية بين المواطن والوطن ، فلا مواطنة ولا وطنية ، تصل بينهما بحق أو واجب ، وهو مراد صهيونية في كل مستوى ، من فكر وفعل حطت بظلامها عليه ، ولا قيمة لتدارك بقول انما مقصود القائل ب " كان " ، تتبعها كلمة "موطني " ، انما هي جملة ، تعني أحوال عقول ونفوس وظروف ، سادت أو تسود في الوطن ، ذلك بأن الوطن بما هو ، وكما هو ، في كينونة الانسان الفلسطيني ، ليس دالة ظروف ولا أحوال ، فهذا الفلسطيني .. هذا موطنه .. هذا وطنه ، بقي فيه ، أو شردوه منه ، أو سجنوه ، أو مزقوه ، أو سكبوا كل ظلام في ربوع الوطن ، أو تبدل الناس كيفما تبدلوا ، أو كانت القيادات السياسية كيفما كانت أو تكون ، فهو " موطني " الذي هو وطني ، فهكذا هو الفلسطيني ، حتى وان عاش طريدا مشردا ، فموطنه .. الوطن .. كتابه الذي يحفظه بين ضلوعه ، فهو الجمال والكمال أبدا ، ولم يحصل ، ولن يحصل ، أن أحس فلسطيني ، بأن ثمة انفصالية ، بينه وبين حبه الكبير لوطنه . وأما القائل ، ب " كان موطني " ، أو الرائد انفصالية تفام ولو على حافة اللسان ، فلعلها تغزو الوجدان ، فذاك هو .. هو الواهم ، الذي يجتر أوهامه ، ولا يمكنه أن يكون بحسه متصلا بحس وطني ، وانما بشيء آخر يسره الى أن يسعى اليه ، فهو وجه شر .
ولقد داهم فلسطين كل لون من شر ، وما لذاك الواهم الا أن يستشرف التاريخ ، ليتيقن بأنه شره الكلامي الذي حط به على آذان فلسطينية ، استشعرت في الحال وبتلقائية الرفض في داخلها ، كم كان مقززا ومقرفا هذا الذي حط بملفوظ انفصالية يتصورها أو يتمناها ، على آذان رفضت كل ما يمس جمال الصلة بينها وبين حبها لوطنها ، وهي عالمة بكل لون من كيد يكيد ، وبأن هم كيد كذاك انما ذبح وحرق وطنية ، بانفصالية ، ما تغنى بها سوى الأشرار . ثم ان توصيف الوطن بأنه خانع ، انما يتناقض مع مسيرة شعب ، لم يدع اسلوب كفاح الا واعتمده في سبيل حريته ، فأبناء فلسطين ، اذا ثمة ما يمتازون به ، فهو المدرسة في الاصرار والتصدي والتحدي التي قدموها ، وما زالوا يضيفون اليها دروسا في الكفاح الوطني وبكل صورة ، فكيف يكون خانعا هذا الوطن ، وهل ثمة ساعة في زمانه كان خانعا ، ولماذا يتطاول قليل حياء على شموخ صمود ، وسيل صبر ودم ، بتوصيفه بالخنوع ، فمن تراه ذاك الذي لامس خنوع أنفه ، هل التابع الذي كرسيه محمي بأجنبي ، وينتفخ بكونه تابعا ، أم الذي يتصدى للغزو الأجنبي ، ولا يبخل بحياته وماله ، وانما يبذلهما معتزا بما بذل ، واذا ثمة راغب في تكميم وحجب لسان عن رأي ، أو موقف حر ، فذلك هو الاحتلال ، وانما أبناء فلسطين يصدعون بكل فعل وقول من أجل حرية بلادهم ، على تباين الرؤى والمواقف ، وهو الاختلاف الذي استولده الحصار من كل جانب ، وأيضا الضغوط التي يراد بها استثمار الحصار بمحاولات لي للارادة الفلسطينية الحرة ، وكل ذلك يترافق مع هجرة جماعية للدور العربي من منطقة الالتزام ، بموجبات القضية الفلسطينية ، وما تستدعيه هذه القضية ، من دور فاعل في تحقيق الحرية للوطن ولأبناء الوطن ، وهذا في مجمله ، ما تكالب على أبناء فلسطين وخاصة على من يأخذون على عاتقهم ادارة الصراع ، فاذا ثمة تباين أو تحادد في مواقف أو رؤى فهو نتاج تكبيل استعماري ، وليس بحال تكبيلا ذاتيا ، ثم ما هذه البشارة الاستعمارية القائلة بأن " نجمه لا ، لن يطل من جديد " ، التي لم يقل بها الا ألد أعداء هذه الأمة ، فالحروب الصليبية ملأى بمثل المعنى الذي تحمله هذه الجملة التي لم يقل بها فلسطيني واحد ، ذلك بأن كل فلسطيني انما هو موطن الأمل بحرية الوطن ، فكيف لا يتفق بأن يكون القول : نجمه ( موطني ) لن يطل من جديد ، انما هو منطوق صهيوني ، ذلك بأن هذه هي جملته التي يقول بها ، ومثله كل أعداء هذه الأمة عبر التاريخ ، وهل ثمة مخالفة للحقيقة التاريخية مثل قول يصف الأحزاب الفلسطينية كلها بأنها في خدمة العدو ، فكيف ذلك ؟! وهل ثمة معقولية في قول كهذا ، وكيف أن هذه القيادات الفلسطينية من حماس الى كل فصائل منظمة التحرير وكل القادة الآخرين ، استحال جل همهم هو أن يبيد الوطن ، فنفيه من كونه موطني استحال الى فعلهم ونشدانهم الذي يفعلون وينشدون ، وليس هذا فقط بل لا يريدون مسرى المصطفى عليه السلام ، ولا يعنيهم بشيء ، وانما هم فجأة استحالوا الى الباحثين عن نمط من حياة العبيد ويرجونها وهي ما يبحثون عنها ، ويجهدون كل جهدهم الى توزيع الفقر على أهلهم ونشر الذل في كل اتجاه ، والذبح في الرقاب ولا شيء يحدوهم ، سوى هذا الذي يقول به التحريف الذي لا ندري ، كيف ابن جدو أجاز لنفسه أن يلقي بكل هذا التحريف على آذان تعي ما تسمع ، وكيف استساغ ذلك ، وهو الصحفي البارع الحصيف الذكي القدير الذي أضاف ولم يزل يضيف ما به أفاد ، كيف سقط فجأة من رتبة كان بجدارة يتبوأها ، ولماذا أسقط نفسه ووزع علينا الحسرة عليه ، لماذا لم يستبق لنا ما كان يدفع بنا الى الاستماع اليه ، لماذا رغب بأن يكون أسمه متصلا بكل هذا السباب ، وهذا التحريف الذي استورده لنا ، وحط بكل انحطاط به على نفوسنا ، لماذا يا ابن جدو ، لماذا أساءت لنفسك ، فاذا لاح اسمك فسرعان ما تطل بكل ما أساءت به الينا ، أما كان يمكنك أن تظل الصحفي الذي لا يسيء الينا ، فما كنا راغبين بتة سقوطا لك ، من رتبة احترام كنا نحتفظ بها اليك ، وانا مع ذلك نتمنى أن تصلح من حالك معنا ومع قضيتنا ، فنحن نحتاج اليك مخلصا وهذا واجبك ، وأليق بك أن تلتزم واجبا يمليه حق تاريخي وديني لنا ولك ، وانا مع ذلك لنعجب ، فاذا نزعت عقولنا الى اعتبار ما ذهبت اليه انزلاقا بشعا وينم على دخائل في مكونات النفس بها قابلية فعل كالذي أتيت ، فثمة فساد يتلقف في تكوين النفس والعقل ، اذ لو أن مثل هذا ما له كينونية ، ما كانت استساغة لكذا أمر فما كان ، ثم أن تكون في النفس استجابة لكذا أمر ، لمشيرة الى عجب من وجودها ، اذ بمجرد اطلالتها كان يتوجب تطهير النفس منها ، فما دعا الى استملاحها واستلطافها والنزوع اليها بما تود لو تتلقفه ، فهل هو الانتفاع بلون من استجابة كهذه ، هل هي ضرورة نفس لما لها لدى العقل من حاجة الى ما يمكنها أن توظف في سبيل نفعية تأسره ، أحقا ثمة سمة كهذه لنفس كتلك ، ومن دونها فلا يتأتى لتلك النفس أن تنتظم في أمور دنياها ، أمن العقل أن الفساد ضرورة وجودية لصنف من خلق ، من دونه يزعل الفساد فلا يجد له مناطق يستوطنها ، ويلعب عليها اللعبة التي يريد ، ولم الحرص على رضى الفساد بافساد النفس ، ولم لا يزعل الفساد ، أم أن السؤال لا محل له من اعراب فكل مندمج بما هو من ذاته ، أو مستملح لما تأنس به ذاته ، فالأنس من لوازم نفس لا تأنس الا بما يؤنسها ، من ما يوفر لها أن تلتقم من لقيمات ، لا توضع في فمها من دون أن يفسد هذا الفم ، بطعن الشرف الوطني الفلسطيني في الصميم ، يسيء الى الهوية الفلسطينية بطعن الحس بها بما يشوهها في تعابير عنها ، فيلتقم بما تعدله الاساءة ، فهكذا حال مثقف يبيع ويشتري في ما تأهل به من ثقافة ، فيا بئس ما بيع ويا ما أسوأ من اشترى ، ولنا الصبر والمصابرة ، فليست تلك أول الخيانات ، ولا أولى الطعنات في نحورنا . وانتصافا لابن جدو ، على عدم حاجته لانتصاف كهذا الذي نقول به ، فلقد ارتضى أن يكون رأس الحربة التي نطعن بها ، واليد التي تدس لنا السم في مائنا وطعامنا وأنفاسنا ، ولم يكن هو بتلك الشهامة أو عزة النفس التي تدعوه الى رفض هذا الدور ، حتى وان كمن له في رفضه قدره ، بأن يترك عمله في الجزيره ، كما كان حال غيره ، فقد سبقه من اسشعر كرامته وذاتيته وفرادته في ذاته ، فاختار الابتعاد عن الجزيرة ، ليحفظ لذاته هذه الكرامة التي يحسها سمة وميزة له ، على أن يتنازل عنها ، في سياق وظيفة يتدارى بها ، فيبرر بمداراته فعلا لا يقبله ، وانما أقبل عليه مكرها ، فتسبقه أمعاؤه الى الاملاء لعقله في تعقله لموقف يصبح عليه أن يتخذه . فلماذا الجزيرة أوصلت بن جدو الى هكذا حال ، ولماذا أرتضى هو هذا الحال ، ولماذا اتفق لمؤسسة ، بضخامة الجزيرة ، على كل براعتها في الاعلام ، أن تلجأ الى سقوط ،هي أدرى من غيرها بسقوطها به ، فهل هي بحال ابن جدو ، ميسرة الى ما تيسر من تيسير ميسر ، سيرها الى ما لم يكن لأمعاء من مفر ، الا أن تهضم ما فاض به من اعتاد أن يفيض ، بفيضه اليها ، وانه هو الذي بدلالة الفعل الذي نم عليه يستدل على مقصوده ، فماهية دوره مفضوح بايحاء فعل نطق بكل وضوح الدلالات وأشار اليه ، ولعل صنف الفعل اياه هو بعض ما فعل ويفعل ، وسوف يفعل ، فهو ما يبرر له أن يوفر امكانية انجازه الذي يعلقة على كذا أفعال ، فالجزيرة مادته التي تمكن له ، وحتى بلاها لا يمكنه أن يكف عن كذا فعل ، وانما الجزيرة أبلغ توصيلا لآثار فعله في الفضاء العمومي ، فهي اذن سلسلة من حلقات من تبعية ، موظفة في دائرة متبوع ، وليس للتابع وقت حاجة المتبوع ، الا أن يصيخ السمع ، ويفعل الفعل الذي يقول به ، الذي هو اليه تابع ، فهي لعبة العصر في الفضاء العمومي ، وهي مستنسخة من غدر ، لم يزل يتسلسل في سيرورة الكيد ، فلا يمكنك أن تطعن نظيفا شريفا عزيزا كريما ، الا اذا دانيته وأكرمته ، ونلت ثقته ، وعندها تستحين فرصتك ، لتدس له السم أو تطعنه بما يؤلمه أو يوجعه أو يرديه ، ويمكنك أن تفعل ذلك بخبث ذكاء ولؤم ابتسامة ، فتفعل بطريقة من يفعل ولا يفعل ، فأنت الفاعل ، ولكنك أنت لست أنت ، فالفعل منكور على لسانك ، فهي كلمات تتوفر وتستر كفرا ، واذا ظروف الفعل أبت الا أن تدل عليك ، فانت لست أنت وانما متهم بغير حق ، فمناصفة ، فأنت تنفي مقصودا قصدته ، وغيرك يقول بقصدك الذي قصدت بالفعل ، فهي متاهة وحيرة ، فلماذا يتهمك غيرك ، فأنت عاتب عليه ، وهكذا ، تماما مثل ما أن ابن جدو والجزيرة معه ، يعتبان على من ضاق بما فعلاه ، من طعن في النفس الفلسطينية ، بتحريف في نشيدها ..نشيد هويتها ، اذ ما يدعو هذه النفس الى ضيق ، والى رد فعل جارح لمشاعر ابن جدو ، ولرقة مشاعر الجزيرة التي تفعل الكثير في مستوى الاعلام للقضية الفلسطينية ، فهذه جيفارا البديري ، و... ، وهذه الساحة الفلسطينية ، وخذوا الأقلام ودونوا منجزات الجزيرة ، وقد غاب في غمرة غفلة كهذه ، أن على الجزيرة ، أن تفسر ، كيف أن القناة الفضائية التي تقوم بكل تلك الأعمال الكبيرة ، في مستوى الاعلام ، تتردى الى درك أسفل وتطعن الهوية الفلسطينية في بؤرة شعورها ، وماذا دعاها الى ذلك ، وكيف أن النفس الفلسطينية وهويتها استحالت بتة ، في محل استهزاء وسخرية الجزيرة ، كيف الفاخر بقضية يغدو بتة ، مستهزءا بها وبأهلها .. وساخرا من قادة شعب بحاله ، ونافثا السموم في فضاء ماهية الانتماء الوطني ، الذي حارت الألباب في صدقه ونبله ؟! ، ولماذا تغدو الأعمال الكبيرة ساترا لما يتنافى معها ، فخدمة الهوية متناقضة مع طعن الهوية ، واعلاء شأن القضية ، مقلوب نشر الفساد ، ومعكوس تغذية الشقاق والنفاق والانقسام ، اذ كل داعم لتصديع الكيان الفلسطيني ، لا يمكنه أن يقول ، بأنه يفعل ذلك لغير خدمة أعداء هذه الأمة ، فلماذا فعل الفعل الذي يبعث الرضى لدى الأعداء .

معلمه طموحه
29-10-2009, 01:19
مشكور ياخوي وجعل النجاح والتوفيق حليفك دوم".

شغفي فيز
30-10-2009, 19:19
شكرا على الاقتراح
انشاء اللة اكون العضو المميز

ابراهيم الفيومي
31-10-2009, 20:18
بارك الله فيك نسعى لكل ما هو افضل
تقبل تحياتي

محمد يوسف جبارين
31-10-2009, 21:39
وانما مصطفى محمود لظاهرة جديرة بالاتباع

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

فبكل حبي لوطني ولأمتي ولديني الاسلام ، أفيض بالاعلان عن حبي وتقديري ، الى من أحسست ، ومنذ سنين بكل الفخر والاعتزاز به، وهوا النابغة الذي اسمه مصطفى محمود ، والذي راح ينقل العلم ويبسطه الى الناس كافة ، في مشروع أبدعه ، وراح في خلاله يتوسم أن يذيع في الوعي العام العلم وحب العلم ، ولعله سعى أيضا من وراء ذلك الى التذكير بالخالق ، وبما للايمان من قيمة انسانية في حياة الانسان في الأرض ، الا أن النهج الذي اتبعه ، وقد كان أحرى بآخرين غيره أن يتبعوه ، وهو أن يكون العلم في عمق الوعي العربي ، وعلى اللسان ، ويمكنه هذا اللسان أن يحدث به في البيت وفي الشارع وفي المقهى ، وانها وبحق مساهمة ضرورية وواجبة ، فلقد كان ولم يزل الولع بالعلم هو المطلوب عربيا واسلاميا ، فاذا أصبح العلم ولعا هفت النفوس في المستوى الشعبي الى العلم ، فأخذت العقول دربها ، وبذلك تشق الأمم طريقها الى حضارة تحلم بها ، فالحضارة نتاج شغف وولع بالعلم أولا واساسا ، ولعل الالتفات الى الماضي ، بخفة وعدم انتباه لا يستبقي هذا الذي نلفت الانتباه اليه ، فلقد كانت أزمان مرت على العرب كان ولعهم كبيرا ، في العلوم وهو ما صعد بهم معارج الحضارة، وهو ما حاول مصطفى محمود أن يقوم به ، وانها مساهمة مصطفى محمود ، لهامة بذاتها وأيضا هامة ،من حيث دلالاتها ، وبماذا توحي به وتشير اليه ... فالى ما قام به مصطفى محمود ايها العلماء ، فهو الطريق الى وعي عام بالعلوم ، وبجعل العلم على كل لسان ، انما نؤسس لميلاد أمة العرب والاسلام التي نريدها سيدة الأرض ، ولكم أن تتخيلوا بأنه في كل جانب ، من علم من علوم الطبيعة ، هناك مثال مصطفى محمود ، وبأن الناس في كل مكان يستمعون الى كل هذه البرامج العلمية التي تغمرها التساؤلات الفلسفية ، بكل ذلك اليسر الذي كان عليه مصطفى محمود ، فماذا كان يمكنه أن يكون حال الكلام الذي يجري على ألسنة الناس ، أيان كانوا وفي أي حال كانوا ، في الوطن العربي أو في أي مكان من الجغرافية الاسلامية ، وماذا كان يمكنه أن يتوالد عن ذلك من اتجاهات نحو آفاق المستقبل الرحبة .. اننا اذا أردنا ميلاد أمة عربية واسلامية تسود الدنيا ، فعلينا بالأهداف ، نحددها ، ثم نلتفت ، ونسأل كيف يتأتى بلوغ هذه الأهداف ، ونسأل ما هو المناخ اللازم الذي يتوجب أن يسود الفضاء العمومي ، في خلال السعي الواعي والحثيث الى أهدافنا ، في حضارة عظيمة تليق بنا ، فسوف نجد بأن مصطفى محمود بما كان عليه ، انما دل على والى ما يجب عمله من أجل فضاء عمومي شعبي علمي ، ووعي متنبه الى العلوم ومتلهف عليها، فمصطفى محمود ظاهرة ، تؤشر على مناخ الضرورة ، في المستوى الشعبي لميلاد حضارة ، وهو ما لفت انتباهي اليه ، وشدني الى فكرته ، واني في هذا السياق على دربه ، لكن مجالي هو الفيزياء والرياضيات والفلك في خلالها ألف وأدور في داخل الدائرة الضيقة ( وطن رهن الاعتقال ) ، التي وجدت بها ، واني أحس ما لذلك من أثر على الأجيال الصاعدة من أبناء مدينتي وما حولها من أهلي ، وما لذلك من أثر على مستقبلنا ، وانه النهج العطاء ، والبذل ، ولا مفر منه ، طالما أننا لا يمكنا أن نحتمل الاستعمار وأعوان الاستعمار ، ونحلم بيوم نعود فيه الى شواطىء أوروبا أسيادا للبحر الأبيض المتوسط ، فهو حلم أستقيه من التاريخ وربما من الدولة الأموية على وجه الخصوص ، وأنا أبن فلسطين في السجن الكبير ومع ذلك أحلم ، ويضىء لي جانبا من حلمي هذا العلامة مصطفى محمود ، فهو بما قام به لفت انتباهي وشد على يدي وقال انما دربك صوابا ، ولم أزل أرى في مصطفى محمود النهج الضرورة الذي يوجب الاتباع ، وانه لم يتكلم وفقط ، وانما أفعاله صدقت أقوله ، فهو النموذج ، وقد كتب ، ولدي من كتبه الكثير ، وقد قرأت له ما يزيد عن عشرين كتابا ، والرائع في كل ما كتب انشغاله بنقل العلم الى الانسان البسيط ، وهو ما قلته ، فهو دوره الرائع والذي سوف يظل يطل علينا ليقول لنا.. ان الدرب من هنا ...

إحساس الغلا
04-11-2009, 17:57
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Dr.D3D9
04-11-2009, 19:03
http://img76.imageshack.us/img76/6796/ffez5copyir0.gif


http://img76.imageshack.us/img76/9585/d3dedhfiu8.gif

http://farm4.static.flickr.com/3044/2459471736_d446cbbf3e_o.gif

لا اله الا الله محمد رسول الله

تقبل مرورى

شكـــــــــــــــرا ع الموضوع

الرائع

تحيـــــــــاتـــــــــى أخـــــــــــــوكـــــــــم

صــــــــالـــــــح الابــيـــضـ©™

http://vb.wearab.net/imgcache2/4899.gif
:p (44): :p (44): :p (44): :p (44): :p (44):

http://farm3.static.flickr.com/2077/2459528122_a9599736e4_o.gif

الطموح1
10-11-2009, 16:35
شكراً جزيلاً kingstars 18 على العرض المشجع و إن شاء اللــــــــه أكون عند حسن الظن
يا رب أكون توفقت في الرد
تحياتي للجميع

فهلوي
10-11-2009, 16:56
شكراً لك على التشجيع والحث على المنافسة

ريان البدراني
11-11-2009, 11:59
أهلاً بالجميع ولكن أنا أريد الان وبشكل عاجل جدا تحضير ثاني ثانوي
شاكراً ومقدراً لكم هذا الجهد الرائع

الهَياء
11-11-2009, 13:58
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

محمد يوسف جبارين
11-11-2009, 15:16
الكرة جامع فلا تفرقوا

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..ام الفحم..فلسطين


سألوني في أكثر من مرة ، قالوا : فمن تراه الغالب.. مصر أم الجزائر ، فكانت اجابتي مصر-- الجزائر ، قالوا: فمن منهما ، قلت : كلاهما ، قالوا : نعني على أي وجه تنتهي لعبة كرة القدم بينهما ..قلت : لصالح الجزائر ، قالوا فأنت مع الجزائر ، فلماذا لست مع مصر ، قلت بل أنا مع مصر ، فلتكن مصر هي التي تفوز ، وهل أنا من يقرر أيا من الفريقين يفوز ؟! ، فما أنا الا فلسطيني أحب مصر بمقدار حبي للجزائر ، وهي منافسة ، ومثلي لا يملك أن يناقش لقاء قمة بهذا المستوى الرفيع ، وانما الذي أضيق به ، هو هذا التردي بجملة القيم الى ما لا يليق بالرياضة . فعلى وجه العموم ، فان الرياضة على اطلاقها تضيف في نمو القيم وترفع من شأنها ، فما هذا السقوط في الدلالة على كل ما لا يطاق ، من لغة محنطة بكل ما لا ترضى به نفس عربية كريمة فاضلة ، فاذا الجزائر فازت أو كانت مصر هي الفائزة ، تنتقل بموجبها الى تمثيل مصر والجزائر وكل العرب في تلك المنافسة العالمية ... فمع نهاية اللعبة على أرض مصر ، يغدو تلقائيا فريق مصر أو الجزائر ممثلا لكل العرب ، فاذن لا بد من الاحتفال به ولتصدح مصر والجزائر عندها بكل الاقرار بأنه يمثلها ، ولتعبر عن ذلك بكل الفرح الذي تريد ، وليشاركهما العرب كلهم بالتضامن مع من أصبح ممثلا لكل العرب ، فاذا الفائز هو الأقدر والأجدر بأن يكون ممثلا للعرب ، وكل العرب يريدون تمثيلا بارعا في المنافسة العالمية ، فاذن الأولى لهم أن ينحازوا الى الأقدر على هذا التمثيل ، فثمة منافسة في انتظاره ، ونريد جميعا أن يصل الى الفوز بالكأس أو بأن يكون أكثر اقترابا منه ، لا أن يخرج مع بدايات التصفيات وقت المنافسة ، فثمة فرح نريد أن نناله ، وثمة مرارة نريد أن نستبعدها ، وثمة ثقة نريد أن نعززها ، وعلى ذلك ، وبالنظر الى ماذا سوف يجري في المنافسة العالمية ، فلا بد من انحيازنا الى المنافس الأجدر بتمثيلنا ، والأقدر على سقايتنا فرحا ، وقت المنافسات الكبرى ، فاذن يتوجب الآن أن نقول في انفسنا دعوا المنافسة بين مصر والجزائر تسفر عن الأقدر ولنعانق الفائز بكل دفء الانتماء للعروبة .. فهو ممثلنا ، فهو الأكثر قدرة على استجلاب فرح لنا ، فهو فرحنا القادم ، فلنؤيده بكل عاطفة وبكل دعم يشدد من أزره فهو الذي سوف ننتظر منه فرحا نرغب ، وهو الذي نريده أن يأتينا بهذا الفرح ، وهو فرح بحكم التجربة مراد ومرغوب به ، ونريده ، فلنعانقه من الآن ، ولتكن الرغبة جارفة من جانب هذا العربي في مصر الى جانب أن يكون ممثل العرب هو فريق مصر ، ولتكن الرغبة جارفة مثلها لدى العربي في الجزائر بأن يكون ممثل العرب هو فريق الجزائر ، ولينقسم العرب الى جانب هذا وجانب ذاك ، فليس في التعبير عن الرغبة في اطار من التمني هو بعينه الذي يمكن أن يقال برفضه بل هو المرغوب ، وهو الذي لا يصح أن يقال فيه بأنه لا يصح ، ولكن أن يتجاوز التمني حدوده بالنزول الى ما يسيء الى هذا العربي الذي هوالأخ ، وليس لسبب سوى أنه يتمنى خلاف ما يتمناه هو ، انما هو الحجر على التمني ، والعدوانية على الحس الآخر ، وعلى استقلالية الآخر في رؤيته وتقديره لما يرى ويرغب ، وهي مسألة عنف كلامي يتصبب بغير سند من منطق ولا من وعي حصيف ، فثمة رغبة لدى هذا خلاف رغبة لدى ذاك ، وهي بعينها لن تكون بذات قيمة ساعة المنافسة على ساحة الملعب ، حين تكون المنافسة بين فريق مصر والجزائر ، في استاد القاهرة ، لا قيمة للتحادد الكلامي العنيف في مجرى اللعب بين الاخوة ، فنتيجة اللعبة تحسم على ساحة الملعب ، ولا يمكنه الحسم أن يكون محسوما على شفاه شتيمة أو سباب ، على أي لون جرى أو يجري بلا أدنى سبب ، ويندلق بغير وعي وبلا أدنى فهم لحقيقة موضوعية لمنافسة بين فريقين ، لكن على ما يبدو من استشراف ، لكل اشكال العنف الكلامي الذي جرى الى الآن على الألسن وتصبب من الأقلام أو افترش مساحات من شبكة الانترنت ، من جانب عرب في الجزائر وفي مصر ، فكل ينهش في لحم الآخر وفي كرامته ، فكل هذا لا يساوي وقت اللعبة على ملعب كرة القدم شيئا ، فلا قيمة له في تقرير من يكون الغالب ومن يكون المغلوب ، فالقدرات لا تقام بنيل من كرامة ولا بنهش لحم ، فالفن الكروي أبعد ما يكون عن جراحات متبادلة من سباب أو شتيمة ، لكن على ما يبدو بأن فراغ الوعي بحقائق الأشياء وفراغ القيم ، وفراغ الأهداف النبيلة التي تتشكل بها كرامة الانسان العربي ،انما يتبدى في النفس كمنطقة منخفضة تستدرج التمني في وعي جاهل الى الففز الى ما يظن بأن به يحصل ما يتمناه بعنف كلامي ، مفرغا بذلك معاناته من آلامه أو من شقاوة تضغط على أعصابه ، يفرغها في عنف من كلام ينصب به على من لم يكن يوما سببا في شقائه ولا سببا في معاناته ، فترى الى الشحناء في مجراها ، في تهيكلها في مضامين تريد أن تنطق بها ، فلا تجد بها أية دلالة على سببية ، تدل على اقتران لها بمنافسة كروية تحكم نتيجتها قدرات تنافس بما بها على ملعب كرة قدم ، وأكثر من ذلك فمجرى السباب واللعنات التي تتساقط من هذا الجانب على الجانب الآخر ، انما تدل على انفصالية وعي عن مجرى روابط دم وتاريخ ولغة ومصير مشترك ، ولو أن السؤال أطل على هذه الانفصالية قائلا لها ما صلاتك بالمنافسة الكروية ونتيجتها المرتقبة ، فلا تجد بها جواب به ثمة عقلانية ،بل الحيرة والارتباك بازاء السؤال ، فكأنما الرغبة في الفوز وجدت في جملة اللاقيم وجملة اللاخلاق فرصتها لصناعة هذا الفوز ولو بالوهم ، فالتوهم بعض اقناع واهم يزيح عن النفس ولو للحظة تصورها عدم الفوز ، ولعل التوهم في حال كهذا بمثابة استبعاد لمخاوف من خسارة تطل على العقل ، فهذه كرة قدم والفريقان ممتازان ، وهذه حقيقة تقر بها النفس ، فتبدو الخسارة مزعجة ومرفوضة على كل قياس ولا تريد النفس أن تتصورها ولا بأية حال فتلجأ الى استبعادها بالتوهم ، فتسوق كل ذريعة الى استحالة التمكين لهذه الخسارة وتنتقل النفس من اقناع ذاتها بذلك الى اقناع غيرها ، بكل معقول تتمكن منه وتنداح الى اللامعقول ، ولا يعنيها من ذلك سوى استوائها على قناعتها بالفوز ، فاذا بلغت مرتبة قصوى من تلك القناعة التي لا تتزحزح ، وقابلها من يزحزح عنها هذه القناع ، بكل ما لدية من قناعات بفوزه الذي يرغب فيه ، فهو مثل هذه النفس التي تقبض بالجمر على قناعتها ، انداح كل منهما الى التقليل من قيمة ما لدى الآخر من قناعات ، والى أن يصل الى التقليل من قيمة الآخر نفسه ، وتبلغ الأمور في عنفها الى محاولة هذا الطرف الى مسح الطرف الآخر من كل قيمة تذكر ، لكي يفلح بازاء نفسه أن يتفرد بزهوه بانتصار الوهم الذي استوت عليه نفسه ، وهذا نطاق عنف كلامي ، وساحته انما هي ساحة استباقية تستبق في موجوديتها وجودا يدنو ويقترب ليعلن عن حقيقته ، ليجد بالتالي هذا الذي خسر توهمه بما أفاضت عليه حقيقة أتت بها في آخر الأمر نهاية المباراة بين الفريقين ، بأنه في نهاية المطاف أمام فريق عربي يمثل العرب كلهم ، وشاء أم أبى فهو في قرارة نفسه يريد للعربي أن يبدع وأن يكون هو الفائز في خلال التنافس مع الآخرين الذين هم ليسوا عربا ، فمن تراه الفائز ، ليكن هذا أو ذاك ، أو يكن ذاك أو هذا ، فهذا أو ذاك .. فمن يدري ، فمصر مهمتها صعبة ، ومهمة الجزائر أسهل ، والفريقان فريقا قمة وليس معقولا التقليل من شأن أي منهما فكلاهما مفخرة لكل عربي ، وبالتالي سوف يمثل العرب فريق واحد فقط ، فأو هذا أو ذاك ، والى جانب من تكون ، ومن تريد أن يكون ممثل العرب ، فتلك مسألة انسانية وحق لكل انسان عربي في الوطن العربي ، وفي مصر أو الجزائر أن يتمنى ما يريد ، فذلك حقه وليس لأحد أن ينكر عليه حقه في حسه ورغبته ، ومن جانبي ، فلربما الذي دعاني الى كتابة هذا المقال هو ما فوجئت به ، على غير ميعاد مني ولا من غيري ، وذلك في جلسة صاخبة جرت في بيت كنت في زيارته في أم الفحم ، فلقد كانت أسماء اللاعبين في مصر والجزائر تمر على أذني ، بصفات كل لاعب وماذا يمكنه أن يفعل في الملعب ، ومرت ثلاث ساعات ، وأنا الذي لا أفهم في كرة القدم أجد نفسي استمع الى تفاصيل دقيقة مما يمكنه أن يجري في لعبة القمة ، فهذا مع الجزائر ويؤكد على فوزها ، وهذا مع مصر ، وأغرب ما رن في أذني جواب على سؤال سألته ، اذ قلت ماذا يدعوكم الى الجزم في صالح هذا الفريق أو ذاك ولماذا الانحياز الى هذا دون ذاك ، فاذا هذا يريد مصر أن تفوز لأن نانسي عجرم تريد مصر أن تفوز ، وآخر لأن مصر أم العرب ويجب أن تفوز ، وآخر لأن مصر بلد عبد الناصر ، وآخر يريد للجزائر أن تفوز لأنها بلد أحلام مستغانمي ولا يطيق أن يخطر على باله أنها تزعل وهي التي أتحفته بالثلاثية الرائعة على حد تعبيره ، وآخر لأن الجزائر بلد المليون شهيد ، وآخر لأن الجزائر بلد أحمد بن بلا وجميلة بوحيرد ، وبازاء كل ذلك صدعت بقولي ، بأني لا أدري ما علاقة الأماني بمستوى قدرات سوف تفرض نفسها في ساحة المنافسة الكروية بين الاخوة على استاد القاهرة ، فالانتماء للاسلام والعروبة هو خير باب تكون من خلالة الاطلاله على التاريخ وعلى الواقع ومجرياته ،وعلى أدق التفاصيل في مجرى حياتنا ، وأيضا على هذه المنافسة الكروية ، فالمنافسة غالبا ما تكون فرصة نمو في وعي ، وفرصة نمو في انتباه الى تطور يجب تحصيله ، وفرصة تعاون وتساند واقبال على عمل مشترك ، وذلك بالاستواء على منطق تناول يسهم في البحث عن الصالح العام وما يمليه من ضرورات تعاون ، لتحقيق تقدم في كل مجال نحب أن نحصل تقدم فيه ، وهنا سؤال يلح لماذا لا نفكر سويا بأن نتفق على أن يأتي يوم يحصل فيه العرب على كأس العالم في كرة القدم ، ونجيب على ماذا يجب فعله من أجل تحصيل ذلك ، ومع ذلك ، فلماذا كل تلك الملفوظات التي لا تليق بشعب مصر والجزائر جرت على ألسنة عربية اسلامية ، هي في طبيعة انتمائها الأحق بالاستواء على كل نبل وكل شهامة وكل كلمة طيبة ، على كل ما تضغط به المنافسة الكروية على النفس ، بما بها من الحاحها الجارف الى رؤية هذا أو ذاك هو الفائز ، فلا بد أن ثمة خلال في التربية ممتد في كل اتجاه في الجموع الشعبية ، من تلك التي تقدم كل دليل على انحرافها عن جملة القيم الاسلامية والعربية التي يتوجب أن تكون خصيصتها ، في كل متناول تتناوله عقولها أو مشاعرها ، فما مدعاة الانزلاق والتهافت الى كل هذا الذي لا يليق بانسان عربي ، فماذا عن جملة القيم ؟؟؟ هو سؤال يحتاج الى توقف عنده والاجابة عليه ، فثمة فراغ وثمة تشكل لقيم يسهم بها هذا الفراغ ، فلا بد من وعي يقيم قيامة جديدة ، وهذا يحتاج الى سياقات من تأصيل القيم الرفيعة السامية لتمتد في كل مجال ، فنحن هنا بازاء أمة وما يجمعها ، ولعلها فرصة يعطيها هذا التنافس بين الاخوة فنرى ما يتخفى من جملة من اخلاق لا تليق ، فلا بد من التجدد ، فكيف يتأتى ، هو سؤال ملحاح ولا يصح أن يفارق وعي مسئول في أي مكان وفي أي وضع كان فيه ، فهي أمة يجب أن تحرص على ما يجمعها ، فحركة التاريخ لم تزل ناطقة بأن كل الجزائر خير سند لمصر وكل مصر السند للجزائر ، وأحسب بأن نبض القلب في العربي في الجزائر يقول ذاك أخي ومثل ذلك النبض في مصر ، ولقد دل هذا النبض على ذاته بأكثر من فرصة في التاريخ ، ومع ذلك فثمة ضرورة للتطهر من جديد فثمة شوائب لا بد من التطهر منها ، وهذه كرة القدم دللت على وجود هذه الشوائب فهيا الى كل ما يجمع والى كل ما يحفظ لنا وحدة وجودنا .

من طبعي غار القمر مني
13-11-2009, 02:08
بـــــــــارك الله فيك وان شاء الله اكون مميزه

فيزيائي KSA
13-11-2009, 02:32
هلا أنا جديد هل من أحد يتشارك معي في بعض الأسئلة المتعلقة با لفيزياء

قرآني طوق نجاتي
19-11-2009, 13:45
جزيييييييييييييييييت خيرا
وبوركت جهودك

زولديك
19-11-2009, 15:57
جزاكم الله كل خير ....و إن شاء الله اكون العضو المميز

زهرة العروبة
20-11-2009, 13:42
انا زهرة العروبة

محمد يوسف جبارين
20-11-2009, 23:29
كرة القدم وتردي القيم

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين


لقد أصبح الآن منتخب الجزائر هو ممثل العرب في المنافسة العالمية الكبرى ، فهو ممثل مصر والجزائر ، بل وكل العرب ، وبازاء الرغبة الجارفة لدى العرب بأن بفوزوا بكأس العالم فان الأجدى لهم أن يفكروا بطريقة تجعلهم يحوزون يوما على هذا الذي يريدون ، تماما كما الهبوط على سطح القمر فاذا كل دولة سوف تفكر منفردة بذلك فانها لربما تصل ، لكنها بالتأكيد سوف تستطيل بالزمن طويلا طويلا ما يجعل الربما في دائرة احتمال يلفها الغموض ، فالأجدى أن يكون الفكر جماعيا والفعل كذلك ، فهو الفكر المشتق من دائرة منطق وحدوي وهو في كل حال الفرصة الوحيدة للتألق في مجال الرياضة والعلوم بل وفي بعث حضارية عربية واسلامية على كل قياس ، وبشأن المنافسة بين فريق الجزائر وفريق مصر ، فلقد بدت على السطح ظاهرتان تحتاجان منا جميعا أن نلتفت اليهما بكل الوعي الفاعل الذي يستهدف بحثا عن درب الى نمو وتطور ، وهما التعصب واللاتمدن ( بمعنى تغييب العقل بأثر الانفعال ) ، فلقد بدا الانحياز لفريق دون آخر قائما على الانتماء لبلد ، ولم يقم على مبررات تتجاوز ذلك ، فلم نجد دورا للعقل باديا في سردية له ، تبين لنا ماذا يدعو عربي من مصر الى الامتناع عن مناصرة لاعب في فريق الجزائر ، أو مناصرة الفريق برمته ، فلماذا هذا الأخ المصري ينحاز الى لاعب في فريق أوروبي أو لفريق أوروبي ، ويمتنع عليه أن يكون بمثل حال كهذا مع أخ له في الجزائر ، وكذلك الشأن مع أبن للجزائر ، فلماذا ؟ بأس العرب بينهم شديد في هذا السياق الرياضي .. هل هو غياب العقلانية ، فبرغم المدينة وسكناها ، الا أنها لم تتجاوز بالوعي الى أن يتأسس على فكرة الحرية وعلى فكرة التعقل ، على أساس منطق تناول علمي للواقع وما ينضح به من متغيرات ، فظل العقل في بعض حالات فاعليته أسير هواجس وظنون وفلتات مشاعر ، بلا اخضاع لها جميعا للعقل في تناولها وتحديد موقف حيالها ، وهو الموقف الذي يستوعب متغيرات كثيرة ، أولها الهوية والغايات السامية لأمة بحالها ، فهذا الذي يتعقل انما هو الفرد الاساس الذي مع غيرة تتشكل الجماعة البشرية التي يفترض أن تنهض بذاتها ، وتعلو بواقعها الى غايات تساورها ولا تفارقها ، فلماذا استبقاء الانفصالية أو الازدواجية ، فعلى جانب ترى وجها وعقلا بارعا في سردة موجبات نهضوية أمة ، وعلى وجه آخر تراه بعينه غائرا ، في ملفوظات ومشاعر تمتلكه تنم كلها على أن هذا ليس ذاك وليس ثمة رابط بينهما ، فبأكثر من شخصية يحيا هذا الذي لربما يوصف بمثقف ، وهو الذي برغم كل سعة معلوماته ودراساته ، لم تبلغ به هذه الى تثقيف علاقاته بالواقع فيغدو في تناوله له ، كما هو حال تناوله لمسألة تخص المصير ، ويصبح عليه أن يقول قولة العلم فيها .
وها هي كرة القدم تقدم لنا بكل الدلالات الفصيحة في تعابيرها ، على أن هذه الشخصية العربية فارغة من مضامين ، كان الأجدى أن تكون معمورة بها ، فلقد بدا المشهد وكأنه فصل خريف الشخصية التي على غير وعي منها ، دللت بسلوكها على مكنون ذاتها وأفصحت عنه بسلوكها ، وبكل ما يدل على حقيقة القيم التي تسكن مخ السلوك الانساني في ذاتها ، فها هي شخصية عربية عارية من كل ستر لها بثياب من كلام معسول ، ها هي وهذه حقيقتها ، ولن ينفع البكاء على عروبة هذه هي ، وهذه أحوال شخصية عربية تسرح في كينونيتها ، تصرخ في فضاء كل وعي حصيف بالسؤال ، لماذا وماذا هو الفعل الخلاص .. ماذا يمكنه عمله بازاء ذلك ؟ ، فأولا هو عدم التيه والحيرة بل استشفاف الفهم الحقيقي برده الى أسبابه ، وتحديد ما يتوجب عمله في مستوى التربية في المدارس وفي الفضاء العام ، فهي مسؤولية مستقبل آت ، فاستقباله بما يتوجب عساه يختلف بمضاف هو توافر القيم في سلوكيات أمه ، فغيبة القيم تأسيس لاستبعاد التفاهم وبتر للتواصل فتمزق ، وهو نتاج مخالف لحلم بالتطور وبالوحدة وحلم بالقدرة القادرة على تحقيق الغايات ، وليس الحل آت بحال من شعارات جميلة أو اعلان مواقف نبيلة وفقط ، فصناعة الأمم لا تتأتى ببيانات ولا بتصريحات ، على أهميتها ، فهنا نحن بصدد جوع تاريخ الى دور في التاريخ ، ويتجلى هذا في ما يشبهه ، فكل الجماهير وحدة واحدة تشتعل عزما على تحصيل هدف واحد ،وثمة الآخر الذي يجب تحقيق النصر عليه ، وهذا حال يشبه الى حد كبير حال معارك ضارية تخوضها الأمة لكي تتصدر صدر التاريخ ، ولطالما قيل لهذه الأمة أنت عظيمة، وأنت من تصدرت زمنا طويلا قيادة التاريخ ، وأنت من حققت انتصارات ساحقة على أعدائك ، ولطالما أطل عليها التاريخ بكل حقائقة، من فم كتب أو سرد أو من فم منبر يهتف بالامجاد بينما الذي يهتف لم ينتبه الى أن ملابسه لا تجيد اليوم أمته صناعتها ، وليس هذا فقط ، فما بين صوت يدوي في أعماقها ، بأنها يجب أن تعود الى قيادة التاريخ ، وبين بؤس حالها ومرارة واقعها ، اجترعت بؤسها ، وكان اللاوعي ، وكرة القدم نطاقا ، تغتسل فيه ، من مرارة تشقيها .
والمحزن في المشهد كله هو تراجع العقل الفاعل برمته ، بازاء لاوعي بدا في ضبابية ، تم تلفيقها لستر عدوان على حافلة ، تقل الفريق الجزائري على الطريق الواصل ما بين المطار وبين فندق آوى الفريق الجزائري ، فلقد سالت دماء من وجوه بعض اللاعبين وظهرت حقيقتها على شاشة التلفاز ، وبرغم ذلك كان للضبابية عقل يصر على تفعيل دورها في خدمة الوهم ، بينما كان الأجدى أن تقوم المخابرات المصرية ، بكل دور فاعل بحيث يكون دورها مؤثرا في القناعات ، فتنشر الأمان في النفوس وتعزز الثقة ، وهو ما كان يمكنه أن يضيف احتراما وهيبة ، ويمنع من التنافس في جوانب منه أن ينزلق الى ما انزلق اليه ، بأثر أوهام استولدت أوهاما ، وضبابية أنجبت كل قلق واهم ومتهافت على ما لا يتفق لعقل ، لكنها الضبابية المرعبة التي لم تحسب بغير كونها الستر لحقيقة يراد لها أن تتلاشى بضباب ، وما درى مبدعها ، بأن هذا القياس ، انما هو الذي لم يعرف أن يقيس ، سوى مقدار عماء البصيرة التي أبت في ساعة من اعتباط جهل ، الا أن لا ترى بشمولية العقلية العلمية المحيطة التي تحسب الفعل وآثاره المحتملة ، تاهت العقول عن قدراتها ، واندلقت بكل غير مقبول من ملفوظات ومواقف تسىء وتمزق وتؤثث لتنافر لا يضيف في أمن ولا أمان ، غير خلل وتشتت عن أهداف كانت هي الأولى بالحرص عليها ، ومع ذلك فلقد غاب عن مبدعي تلك الضبابية بأن تلك الدماء الزكية النقية الطاهرة ، التي أسالها اللاعقل بعنف جاهل وراحت تفترش وجه لاعب كرة جزائري ، لا ذنب له سوى أنه الذي يصح لكل عربي أن يعتز به ، سوف تجعل من اللاعب الجزائري يتحرك في الملعب ، بعزيمة ما كان يمكنه أن يتحرك بها ، من دون هذا الزعل الذي استبقته له في نفسه هذه الدماء ، فهي مضاف في بعث قدرته وانطلاقها ، وهو في قرارة نفسه ، لن يكل ولن يمل حتى يرسم فوزا حقيقيا للجزائر في هذه اللعبة ، التي يدري عنها ، بأن فوزه فيها ، انما هو ، بالاضافة الى كونه تحقيقا لامنيته وأمنية فريقه ، فانه ردة الشخصي على من كان سببا في اسالة دمه ، فالعوامل النفسية عميقة الأثر في استنهاض قدرات ، لربما بغيرها ما كان يمكن استهاضها ، وبأن تلك الضبابية ما يمكنها الا أن تكون باعثة قلق جارف ، في قطاعات واسعة ، والى حد توليد لردود فعل ، لربما تنزع بالبعض الى الرغبة في الانتقام ، وهي مسألة بواعث ودوافع ونزوع واستواء على رد فعل متلائم ، بعقلية منفعل بوعي أو بغير وعي ، مع حالة الاستنفار في حالته الشعورية ، وليس ثمة غرابة في قول الصحافة الرياضية في الجزائر وخاصة منها " الهداف " ، بأن المنافسة في الخرطوم بين فريق مصر وفريق الجزائر انما استحالت الى موقعة شرف ، فعلى ما قلنا ، فان جوهر هذا الاحساس العميق لدى الجزائري ، انما كان انبثاقا من جملة الضبابية التي أطلت من داخلها تلك الدماء على وجوه بعض من لاعبي الجزائر ، فتلك أنجبت ذلك السلوك لبعض من الجزائريين ، والذي ضاقت به مصر وكل من به رغبة عميقة بالارتقاء الى المستوى الذي يليق بنا نحن العرب ، فالرياضة مناسبة أخلاق وقيم وتعارف ومنافسة تضيف في علو قامة العرب ، لا تتردى بهم الى دون من خلق لا يتفق لهم ، مع أي جوهر مكنون في حضارة كانوا عليها أو يحلمون بها ، وأحسب بأن الدموع في عيون الممثلة العربية البارعة فردوس عبد الحميد ، على قناة دريم وأمام العربية الفلتة منى الشاذلي ، لكافية دلالة على أن ثمة جراح ، في النفس استولده عدوان مجموعة من الجزائريين على حافلة أقلت مصريين ، وأقول هذا على الرغم من صدق السودانيين بأنهم قاموا بكل ما أمكنهم من رعاية للمنافسة ، ومن حضرها من مصريين وجزائريين ، فثمة خلل قد أفضى الى مشهد استبقى الدموع في عيون فردوس عبد الحميد ، وذلك لا ينفي صدق السودانيين الذين قاموا على الأمن بكل جدارة ، لكن الحالات الشاذة على كل ما بها من آلام لا يمكن بحال أن تكن فرصة للاسراف الى ما لا يصح ، من تجاوز حدود الأخطاء الى نسخ لها ، على جملة الوضع العام ليصبح الكل في خطر وذلك نتاج رغبة الكل في صناعة الخطأ ، فهذا اللامعقول الناتج من اللامعقول الذي أفضى به اللاعقل الذي أبدعه في ساعة ألم حزن جارف ، ساور العقل وأورده موردا ما لاق ولا يليق به ، فهو عقل يا طالما كان المعلم والاستاذ لغيره ، وجملة القول بأن الورود كانت أبلغ تعبيرا عن جماهير مصر وقت استقبال ابطال اخوة ، وكان يمكنها الورود أن تكتب وجها آخر ، لكن على ما يبدو فان كرة القدم وتردي القيم هي الموضوع الذي تركته هذه المنافسة الكبيرة بين الاخوة ، ولا مجال أمام كل ذي حس بعروبة واسلام الا أن يتوقف ويتساءل بازاء هذه القيم التي تردت وتركت أسفا.
لقد جاب مصر حزن كبير ، وهو حزن مبرر ، لما لفريق مصر من قدرات فذة ، فهو مفخرة لكل العرب وعلى كل قياس ، وبدا هذا الحزن آخذا بناصية العقل ، فتجلى العقل فالتا من عقاله ، فلا عقال يعقله ، والمؤسف حقا بأن أحدا لم يظهر ، ليدلل على غير ما نقرر هنا ، من وضعية عقل تاه في اللافهم ، لعدم الفوز فجنح عن عقاله ، فكل الشواهد تدلل بأن لم يفلت أحد من غيبوبة فكر بدت على لسانه ، فتاه العقل في داخل المرارة ولاكها وتلفظ بها ، وهو في خلال سردياتها الجانحة ، بين واقع وبين ما هو مقصور على واقع لا يعرف لها وجها ولا حالا ، كان العقل الفالت من كل موضوعية ، والهائج بكل عاطفة تغمره بكل الجاهزية ، ليصرف كل مبررات الخسارة ، على كل ما لا علاقة له بكرة قدم ، ومنافسة في داخل ملعب ، بل وتعدى ذلك الى الانتقال من علاقة بمنافسة الى علاقة بموقعة وعدوانية ، تم اشتقاقها من ايماءات واشارات ، تهيء للعقل انشاء معبأ بكل ملفوظات التوصيف لمذبحة ، كان يمكن أن يتعرض لها أبناء مصر على يد الجزائرين ، وفي خدمة هذا التوصيف انداح العقل الى تصوير المؤيدين الجزائريين الرقصين فرحا لفريقهم بأنهم من أهل الجريمة ، فهذا عقل فلت من عقاله .
ومن الملفت للانتباه في هذا المشهد الكروي ، هذه الارادة الشعبية الجارفة التي تعرف غايتها وتلتصق بها وتعبر عنها بكل ما بها من صلة بها واصرار عليها ، وهي ارادة اقتدرت على استجماع كل الوعي العام في بؤرة شعورية واحدة تصيخ السمع لنغم واحد لا تملك أن تطيق سماع غيره ، ولا تحتمل أي طرق بنعم مخالف لها فهو الذي لا سواه ، فوحدانيته هي الموحدة لهذه الارادة في اقنوم واحد ، منفلت من كل رباط يحد من رغبته في عناق غايته ، ويندلق صوبها بكل صيحة ، تملك عليه كيانه ، فهو المارد الذي لا يجرؤ أحد أن يعانده أو يكابر بازائه ، فهي الارادة الشعبية التي حزمت أمرها ، ونزلت الى الشوارع تعلن عن مرادها ، وبكل فصيح القول ووضوح المعاني ، وبازاء هذه القدرة التي لا تحتمل موقفا سواه المندرج في سياقاتها ، انخرط الحاكمون تحت أمر الارادة الشعبية ، فاستحالوا محكومين بهذه الارادة فكيف هم تلاشوا .. فسبحان الذي لاشى الحاكمين بكرة قدم .
فأي حال هذا الذي لا تجد فيه الحكمة في ساعة من زمن بيتا تأوي اليه ، وأي حال هذا الذي تغدو فيه المسؤولية قيد ايماءة جهل متدحرج بكل ما هو يطعن بعلاقات بين اخوة هي حاجة مصير مشترك ، أمعقول أن يكون رئيسا مجرور بجاهل ، بلا انها حكاية هذه المنافسة التي قضت بحصول ذلك ، فهل حقا هو هذا زمن انحطاط ، وقد تراجع الأمل في التفكير في نهضة علمية تنهض بالاقتصاد وتعلو بالسياسة الى ما يعانق الامال الكبيرة ، هل اصبح البحث عن القادة في مراتع هواة كرة قدم أو فساد في هذه الجهة أو تلك أو في حوزة تآمر ليأكل هذا من لحم أخيه ، فأين الحكمة ، وأين الاشتقاق للفكاك من الأزمات الصغرى بالأعمال الكبرى ، أليس القادة هم بمعنى كلمة قادة ، فاذا أصبحوا منقادين بأخطاء هنا أو هناك ، بتحصيل من فتيان أخذتهم حمية وحماسة ولف بهم الجهل ودار دورته ، وكانت نتاج ما قاموا به في مراتب زعل ، صبوه قطرانا في حلوق أبرياء من هنا ومن هناك ، فأين العقل ، هل بات ولم يفق الى الآن أم هو مستور بساتر الاسترضاء ، لجماعات ممن جمعوا أنفسهم على جملة أفعال وردود أفعال ،أوصلت الى ما لا يصح ولا يكون مقبولا بحال ، فهل القائد بمعنى الاستهواء للعبة جرها اليه جاهل .. أمعقول هذا .

.................................................. ...............................................
20/11/2009 السبت astrosameh@Gmail.com

محمد يوسف جبارين
20-11-2009, 23:30
شاهدت المنافسة بين الاخوة

بقلم : محمد يوسف جبارين( أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين


شاهدت المنافسة بين الاخوة مصر والجزائر ، في حضرة جماعة يزيد عددهم على خمسة عشر فردا ، ما بين ذكر وانثى ، وتتراوح أعمارهم ما بين عشرين سنة الى ما يزيد على الستين عاما ، وكان ذلك في بيت من بيوت ام الفحم في فلسطين المحتلة ، والملفت في كل ذلك الحضور ، هو اني الوحيد الذي لا أفهم في كرة القدم ، ومشاهدتي لعبة كرة قدم لربما تكون الثانية أو الثالثة ، فمنذ ما يزيد على عشرين عاما لم أرى فيها كرة قدم ، وكان هذا في صالحي ، فالكل من حولي يريد أن يشرح لي ، فأنا في حال التلميذ الذي يدخل الروضة ، وكانت اللعبة تمر على الشاشة ، بينما الصمت هو سيد الموقف ، تخترقه شروحات لي ، لكي أفهم حركة هنا وحركة هناك ، فلما أدخل جول في شباك مصر ، هب الجميع دفعة واحدة في صرخة داوية ..جزائر ..جزائر .. وقيلت أسماء لاعبين لا أذكرها ..وراح الهتاف لجبال الأوراس ، بومدين ... بن بلا .. وما الى ذلك فهذا يقفز وهذا يصرخ وهذا يعتصر نفسه فرحا ، وأنا مذهول في مكاني التفت الى هذا والى ذاك ، ولاحظت بأن أحدهم قام وأحضر علما عرفت مباشرة بأنه علم الجزائر والتف به وهو يقول : هذا حبيبي ، ولست أدري لم شدني شكل هذا الشاب وغيره ، فهو يشبه وجوها جزائرية مرت على الشاشة أمامي ، ولقد سبقني الى القول أحد الحاضرين ، اذ قال بأن كثيرين في أم الفحم لهم جماجم ووجوها تشبه هذه التي نراها على الشاشة ، وسارعت من جانبي الى القول ، بأن الاسلام قد مزج ما بين الخلائق عندنا في المنطقة العربية ، حتى بات يصعب على أحد أن يشير الى أصل له سواها العروبة والاسلام ، ، الا أن المشهد بدا أكثر جاذبية عندما كادت مصر تدخل جولا ، و لم تفعل فبدا أسف شديد على بعض الحاضرين ، لكن وجوما ما كان يمكنه الا أن يفترش كافة الوجوه ، ولما انتهت اللعبة ، بدا المشهد أكثر غرابة ، فمع الفرحة للجزائر والتي بدت في قيام أحدهم ليوزع الحلوى ، راح غيره ليقول بأنه حزين لأن فريق مصر لم يفلح في المشاركة في المنافسة العالمية فهو جدير بذلك ، وكان يمكنه ويمكنه ..وانهال فجأة الجميع بكل الثناء على فريق مصر وبدت محبة جارفة لأبوتريكة ، ولاحظت عندها دموعا في عيون أكثر من واحد من الحاضرين ، ولما بدا الأسف واضحا على وجه المذيع المصري ، رأيت أحدهم يجهش بالبكاء وتحضنه أمه وتلحق به بدمع لم تستطع اخفاءها ، وهكذا كان حال هذه المشاهدة التي أفضت بدلالات على وحدة مشاعر وفكر ممتدة من أم الفحم الى مصر والى الجزائر ، بل وفي كل اتجاه في مناحي الوطن العربي .

محمد يوسف جبارين
24-11-2009, 18:53
لا أخطر من سلاح نووي بيد اسرائيل

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

كلمة سلاح نووي تعني قنابل نووية ، أو رؤوس نووية ، تحملها طائرات ، أو صواريخ ، الى المواقع التي يراد انزال كارثة بها ، ، وكلمة قنبلة نووية أو رأس نووي ، تعني جهازا معقد التركيب ، يحمل مادة نووية انشطارية ( يورانيوم ٢٣٥ أو بلوتونيوم ٢٣٩ ) ، وهو مزود بتقنية ( هي كلها مع القنبلة ) ، تتسبب في لحظة محددة بتفجير القنبلة ، ما يترتب عليه تحرير طاقة هائلة (نووية) .. من هذه المادة الانشطارية ، وتتسبب في ضوء ذلك بدمار كبير جدا ، وتترك آثارا في الطبيعة يمتد تأثيرها الى سنين طويلة ، فهي مؤثرة في خلخلة البيئة والانسان معا ، فصحته تظل معرضة للمخاطر بسبب من تنفس أو أكل ، وانتقال بالوراثة للجينات المشوهة من جيل الى آخر . وأما بالنسبة للقنبلة حين انفجارها ، فانها تتسبب في موجات رعدية شديدة جدا ، وحرارة عالية جدا ، وتأيين كبير جدا للهواء ، وكل هذه معا تتسبب بدمار هائل ، فان عمود كهرباء من حديد أو ألومنيوم على بعد كيلومتر واحد أو اثنين ، مثلا ، من موقع الانفجار يغدو فحما ، ولذلك كله ، فكلمة قنبلة نووية تشيع الرعب ، فاستعمالها في حرب يعني بوضوح دمارا شاملا ، ويتبعه الى سنين طويل تشويه في خليقة الانسان ، وليس ثمة من دواء يوقف هذا التشويه ، فعلى ذلك ثمة مصداقية لاستبعاد القنابل النووية عن النزاعات ، وثمة مصداقية أيضا لامتلاك سلاح نووي ، فلأنه بهذه القدرة على انتاج الدمار ، فيمكنه أن يكون سلاح ردع ، يرتدع به من يسعى بعدوان على من يمتلك هذا السلاح ، فهو يخشى من أن يتم استعمال السلاح النووي ضده .
وفيما يتصل بايران ، فهي دولة تسعى بنشاطات نووية لأغراض سلمية ، والى انتاج وقود نووي ، هي بحاجة اليه من أجل مشروعاتها النووية ، ولم تنتج قنابل نووية ، وتصر على أنها لا تتجه الى ذلك ، لكن الواضح بأنها لا ينقصها القدرة على انتاج القنبلة ، سوى أن تنتج الوقود النووي بتثرية تقارب ال%95 ، وهي التثرية المطلوبة لانتاج القنبلة النووية ، فمثلا خمسة كيلوغرامات من مادة يورانيوم ٢٣٥ ، بتثرية كهذه ( الكلمة الشائعة هي تخصيب واني لا استسيغها على صحتها ، واني أرى كلمة تثرية هي الأصح ) ، كافية لانتاج قنبلة نووية .( أو بلوتونيوم ٢٣٩ بنفس نسبة التثرية ) ، وهب أن ايران تحولت الى دولة نووية ، أي أصبحت تمتلك اسلحة نووية ، فهي ايران النووية ، فسوف تنتفع بذلك بأن تبني هيبة دولة نووية ، وتلقي بظلالها على مساحات واسعة من المنطقة التي تريد أن تؤثر عليها ، لكن هناك باكستان ، فهي دولة نووية ومن سنيين ، فأين هيبة باكستان ، أين الهيبة ؟ ، فهي في حال لا يسر قادتها ولا يسر أصدقاء لها ، فالهيبة ليست مستمدة من القنبلة النووية ، ولا من القدرة على انتاجها ، وانما من تكامل عدة أمور معا ، الاقتصاد ، والسياسة ، والتماسك الاجتماعي ، والدور السياسي البارع في العلاقات الدولية ، فالى كل هذا تنضاف القدرة العسكرية بما فيها القنبلة النووية ، وتصنع الهيبة ، وأحسب بأن ايران تحتاج الى تعديل في بنيوية نظامها السياسي ، في جعله ولاية فقيه ، في سياقات نظام الحرية ، فليس أن تلغي نظام فقيه ، وانما أن يكون نظام الحرية هو الوعاء الذي يتحقق فيه نظام الفقيه ، فثمة ضرورة لتعديل في الفهم لبعض النصوص التي قال بها امام ايران الأوحد روح الله موسوي الخميني ، فبذلك تزداد تماسكا ، ومع ذلك ، هب أن ايران امتلكت سلاحا نوويا ، فهل تستعمل ايران النووية سلاحها النووي ، وضد من ، فيكفي انذار واحد من روسيا أو من بريطانيا أو أميركا الى ايران ، بأنه اذا استعملت قنابلها النووية ضد اسرائيل ، فسوف يتم مسحها من الوجود بقنابل نووية أميركية ، فأميركا بما هي عليه من قدرات ، تمتلك من السلاح النووي ما به تستطيع أن تدمر العالم أكثر من مرة واحدة ، يكفي انذار كهذا ويكون جادا جدا ، لينام سلاح ايران النووي في مكانه ، فاذن من وجهة نظر عملية لا تستطع ايران استعمال هذا السلاح ضد اسرائيل ، طالما أن هناك علاقات القوة كهذه القائمة الآن في العالم ، فأميركا حامي حمى اسرائيل ، فأما أن تستعمل ايران سلاحها النووي ضد بلد عربي أو مسلم فهذا خارج الوعي وخارج العقل وخارج كل فهم ، فما حاجة ايران الى سلاح نووي اذن ؟، ومن هنا فان كل ما تقوله اسرائيل ، وما تقوم به من تحريض على خطورة امتلاك ايران لسلاح نووي ، انما هو كلام فارغ من كل معنى ، اذ لن يكون هناك من يجرؤ على التفكير باستعماله ضد اسرائيل ، الا أن يكون قد اتفق له استدعاء كارثة ، لتنزل بايران مع اتخاذه قرارا كهذا ، وذلك لأن رد الفعل الأميركي سوف يكون كارثيا على ايران ، ومن هنا فمقولات اسرائيل في هذا الجانب ، تندرج في سياقات رغبتها الدائمة بأن تلحق الضرر ، بكل قدرة اسلامية أو عربية ، ومن هنا يطل السؤال ، فلماذا يفزع بعض العرب ويقلقون من امتلاك ايران لأسلحة نووية ، فلتمتلك ، فان لم ينتفعوا بذلك فلن يلحق بهم من هذا ضرر ، سوى في داخل الصراع على الهيمنة التي تصر عليه ايران ، وهو الصراع الذي يشكل بذاته لب الخطأ الذي يلحق الضرر بها في الساحة العربية ، فلتكن الصديق والأخ ، لا المشتق من عقلية غائرة في القدم ، والساعي الى أن تكون له الهيمنة بوهم ماض ينخر في الوعي ، ويدفع الى فكرة امبراطورية اسلامية فارسية . فدرس التاريخ الأفيد هو التعاون لا التناحر ، والعمل المشترك ، في اعلاء ينيان الأمة العربية والاسلامية ، بدلا عن التحادد والتنافر المنتج بالضرورة ضعفا في القدرة الجماعية ، بصرف لامكانيات كبيرة ، الأجدى لها أن تكون موظفة في البناء والتعمير ، وانتاج العلم وتوظيفه في بناء حضارة اسلامية جديدة .
وعلى أية حال فان قدرة نووية ايرانية يمكنها ، أن تفيد ايران في كل اتجاه في الجوانب السلمية ، في الطب والزراعة والصناعة والأبحاث .
وفي الجانب التكتيكي العسكري ، فان سعيها في مستقبل الأيام ، الى انتاج قنابل نيوترون مثلا ، لربما يكون ذا فائدة استراتيجية في مواجهات مع جيوش في ساحات قتال ، ولربما هذا هو ما يرعب اسرائيل ، فسلاح كهذا يمكن استعماله ضد حشود من جيوش ، بابادتها دون أن يلحق ضرر بممتلكات .
وبالنسبة لاسرائيل فان امتلاكها سلاحا نوويا ، لا يعني أن تستعمله ، في كل نزاع ، فهو ضد الفدائيين لا فائدة منه ، وضد الفلسطينيين على أرض فلسطين لا قيمة له ، ولكنه ضد الدول العربية والاسلامية يمكنه أن يكون كارثيا ، فهو خطر على كل قياس ، فصاروخ يحط برأس نووي على القاهرة وآخر على مكة أو الرياض ، أو على قم أو طهران و...، وذلك ساعة اسرائيل تختار بين أن تكون أو لا تكون ، فهنا اسرئيل بسلاح نووي تشكل خطرا وجوديا على العرب والمسلمين ، وعلى ايران، فامتلاك ايران لسلاح نووي يمكنه ساعة الحسم فقط مع اسرائيل، بين أن توجد أو لا توجد فتنتهي ، بأن يستبق الى شل وجودها ، وبتضحية بحياة أبناء فلسطين بأرضهم ، فضرب اسرائيل بسلاح نووي يعني ضرب الفلسطينين ، بحكم الجغرافيا ، وهذا تصور أقرب الى الحافة بين الممكن واللاممكن .
ولكن هل تمتلك اسرائيل سلاحا نوويا ، فالجواب ، ليس ثمة دليل قطعي واحد على ذلك ، فمن لديه فليقل لي ، فأنا لا أرى ولا أجد ، وما أقصده هو الدليل الذي لا لبس فيه ، فلا يسردن أحد لي القصة البائسة لفعنونو ، ولا يأتين لي بتصريحات في صحافة ، ولا بأن هناك من قال وأكد على ذلك ، فالدليل القطعي ، ما قامت به مثلا الهند أو باكستان لتدلل على وجود سلاح نووي بيدها ، وفي كل الأحوال فان اسرائيل في الحضن الأميركي ، ونتذكر هنا الانذار لصدام حسين وقت حرب الخليج الأولى ، فلقد أنذرت أميركا العراق ، بأن استعماله لسلاح غير تقليدي ضد اسرائيل ، يعني استعمال أميركا لأسلحة نووية في ضرب بغداد ، وكذلك الشأن كان من جانب هيلاري كلينتون في خلال منافستها على رئاسة أميركا ، فقد أنذرت ايران بأن أميركا سوف تمحوها عن الوجود ، اذا هي وجهت ضربات الى اسرئيل ، فعلى ذلك فان امتلاك اسرائيل لسلاح نووي من عدمه ، لا يعني غيبة سلاح نووي يتحرك ساعة الضرورة لحماية اسرائيل .
فاسرائيل من أواخر الستينيات من القرن الماضي تمضي في سياسة ضبابية ( وهو درس في الاستراتيجية النووية استقته من الادارة الاميركية آنذاك ) ، فلا تدع لأحد امكانية أن ينفي وجود هذا السلاح لديها ، ويملك في نفس الوقت ما يبرهن به على صدق نفيه ، ولا بأن يجزم بالدليل بوجوده ومعه ما يدلل به على صدق جزمه ، وهذا هو حال السياسة النووية في اسرائيل الى الآن ، وهي سياسة برهنت على فاعليتها في انتاج هيبة نووية لاسرائيل ، بل وتعدت بهذه الهيبة ، الى منتوج انضاف لها ، وتجلى في التأثير على السياسات العربية التي أملاها الصراع الذي فرضته – بوجودها - اسرائيل ، فهل هذه الضبابية كانت لانتاج المضاف هذا مع الاستبقاء لامكانية ، لربما تستحيل ضرورة أمن ، وهي النزوع الى اتفاق يجعل منطقة الشرق الأوسط برمتها خالية من السلاح النووي ، وذلك حين يصبح هذا الاتفاق ، هو عين ضرورة ، لايقاف طموحات دول في المنطقة الى امتلاك سلاح نووي ، فعلى ذلك ها هو الواقع الذي كان محتملا قد أصبح الآن حقيقة واقعة ، فهذه ايران بينها وبين السلاح النووي ، أن لا تعترضها قوى عظمى على ذلك ، ومثلها مصر التي لم يتوقف العائق الدولي يوما ، عن اعتراض دربها ، فهل حكمة مصر التي جعلتها تلح دوما ، على جعل هذه المنطقة خالية من السلاح النووي ، هو ما يعني بأن هذا هو ما سوف تمليه ضرورات الأمن لدول المنطقة ؟ ، وهل خلو العرب والمسلمين في هذه المنطقة من سلاح ردع ترتدع به أوروبا وأميركا معا ، هو في صالح ميزان الردع الذي هو في حقيقته مختلا ، وليس في صالح العرب والمسلمين ، أليس في هذا الخلو بذاته استبقاء لخلل لا يمكنه بحال أن يضيف في أمن شعوب الأمة العربية والاسلامية ، أم تراه الخلو أو الاخلاء املاء واقع وظروف وحاجة تكيف ، للتزود بما يعين على استبدال هذه الظروف ، واعادة تشكيل الواقع على ما يسمح بالانتقال من خلل في توازن في الأمن ، الى دنو من توازن ، فالى ما يحقق توازنا استراتيجيا في مستقبل الأيام ، فليس بالسلاح وحدة يتحقق الأمن ، فثمة وضع اقتصادي واجتماعي وعلمي ، ولا مفر من اعادة تشكيله ، على ما يمكن به تحصيل محصلة لجملة من امكانيات ، تمكن من تحقيق تمكين للأمن ، على ركائز ذات قابلية للنمو ، والتدافع بها ، في عملية تقدم ، يتوفر بها الممكن الضرورة ، لتمكين لامكان يمكن موضوعيا أن يكون ممكنا ، فالخلو أو الاخلاء ، ليس بذاته اختيار وانما هو موقف منبثق من املاء موضوعية أوضاع لا فكاك من املاءاتها .
24/11/2009 astrosameh@Gmail.com

محمد يوسف جبارين
25-11-2009, 03:34
لا أخطر من سلاح نووي بيد اسرائيل

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

كلمة سلاح نووي تعني قنابل نووية ، أو رؤوس نووية ، تحملها طائرات ، أو صواريخ ، الى المواقع التي يراد انزال كارثة بها ، ، وكلمة قنبلة نووية أو رأس نووي ، تعني جهازا معقد التركيب ، يحمل مادة نووية انشطارية ( يورانيوم ٢٣٥ أو بلوتونيوم ٢٣٩ ) ، وهو مزود بتقنية ( هي كلها مع القنبلة ) ، تتسبب في لحظة محددة بتفجير القنبلة ، ما يترتب عليه تحرير طاقة هائلة (نووية) .. من هذه المادة الانشطارية ، وتتسبب في ضوء ذلك بدمار كبير جدا ، وتترك آثارا في الطبيعة يمتد تأثيرها الى سنين طويلة ، فهي مؤثرة في خلخلة البيئة والانسان معا ، فصحته تظل معرضة للمخاطر بسبب من تنفس أو أكل ، وانتقال بالوراثة للجينات المشوهة من جيل الى آخر . وأما بالنسبة للقنبلة حين انفجارها ، فانها تتسبب في موجات رعدية شديدة جدا ، وحرارة عالية جدا ، وتأيين كبير جدا للهواء ، وكل هذه معا تتسبب بدمار هائل ، فان عمود كهرباء من حديد أو ألومنيوم على بعد كيلومتر واحد أو اثنين ، مثلا ، من موقع الانفجار يغدو فحما ، ولذلك كله ، فكلمة قنبلة نووية تشيع الرعب ، فاستعمالها في حرب يعني بوضوح دمارا شاملا ، ويتبعه الى سنين طويل تشويه في خليقة الانسان ، وليس ثمة من دواء يوقف هذا التشويه ، فعلى ذلك ثمة مصداقية لاستبعاد القنابل النووية عن النزاعات ، وثمة مصداقية أيضا لامتلاك سلاح نووي ، فلأنه بهذه القدرة على انتاج الدمار ، فيمكنه أن يكون سلاح ردع ، يرتدع به من يسعى بعدوان على من يمتلك هذا السلاح ، فهو يخشى من أن يتم استعمال السلاح النووي ضده .
وفيما يتصل بايران ، فهي دولة تسعى بنشاطات نووية لأغراض سلمية ، والى انتاج وقود نووي ، هي بحاجة اليه من أجل مشروعاتها النووية ، ولم تنتج قنابل نووية ، وتصر على أنها لا تتجه الى ذلك ، لكن الواضح بأنها لا ينقصها القدرة على انتاج القنبلة ، سوى أن تنتج الوقود النووي بتثرية تقارب ال%95 ، وهي التثرية المطلوبة لانتاج القنبلة النووية ، فمثلا خمسة كيلوغرامات من مادة يورانيوم ٢٣٥ ، بتثرية كهذه ( الكلمة الشائعة هي تخصيب واني لا استسيغها على صحتها ، واني أرى كلمة تثرية هي الأصح ) ، كافية لانتاج قنبلة نووية .( أو بلوتونيوم ٢٣٩ بنفس نسبة التثرية ) ، وهب أن ايران تحولت الى دولة نووية ، أي أصبحت تمتلك اسلحة نووية ، فهي ايران النووية ، فسوف تنتفع بذلك بأن تبني هيبة دولة نووية ، وتلقي بظلالها على مساحات واسعة من المنطقة التي تريد أن تؤثر عليها ، لكن هناك باكستان ، فهي دولة نووية ومن سنيين ، فأين هيبة باكستان ، أين الهيبة ؟ ، فهي في حال لا يسر قادتها ولا يسر أصدقاء لها ، فالهيبة ليست مستمدة من القنبلة النووية ، ولا من القدرة على انتاجها ، وانما من تكامل عدة أمور معا ، الاقتصاد ، والسياسة ، والتماسك الاجتماعي ، والدور السياسي البارع في العلاقات الدولية ، فالى كل هذا تنضاف القدرة العسكرية بما فيها القنبلة النووية ، وتصنع الهيبة ، وأحسب بأن ايران تحتاج الى تعديل في بنيوية نظامها السياسي ، في جعله ولاية فقيه ، في سياقات نظام الحرية ، فليس أن تلغي نظام فقيه ، وانما أن يكون نظام الحرية هو الوعاء الذي يتحقق فيه نظام الفقيه ، فثمة ضرورة لتعديل في الفهم لبعض النصوص التي قال بها امام ايران الأوحد روح الله موسوي الخميني ، فبذلك تزداد تماسكا ، ومع ذلك ، هب أن ايران امتلكت سلاحا نوويا ، فهل تستعمل ايران النووية سلاحها النووي ، وضد من ، فيكفي انذار واحد من روسيا أو من بريطانيا أو أميركا الى ايران ، بأنه اذا استعملت قنابلها النووية ضد اسرائيل ، فسوف يتم مسحها من الوجود بقنابل نووية أميركية ، فأميركا بما هي عليه من قدرات ، تمتلك من السلاح النووي ما به تستطيع أن تدمر العالم أكثر من مرة واحدة ، يكفي انذار كهذا ويكون جادا جدا ، لينام سلاح ايران النووي في مكانه ، فاذن من وجهة نظر عملية لا تستطع ايران استعمال هذا السلاح ضد اسرائيل ، طالما أن هناك علاقات القوة كهذه القائمة الآن في العالم ، فأميركا حامي حمى اسرائيل ، فأما أن تستعمل ايران سلاحها النووي ضد بلد عربي أو مسلم فهذا خارج الوعي وخارج العقل وخارج كل فهم ، فما حاجة ايران الى سلاح نووي اذن ؟، ومن هنا فان كل ما تقوله اسرائيل ، وما تقوم به من تحريض على خطورة امتلاك ايران لسلاح نووي ، انما هو كلام فارغ من كل معنى ، اذ لن يكون هناك من يجرؤ على التفكير باستعماله ضد اسرائيل ، الا أن يكون قد اتفق له استدعاء كارثة ، لتنزل بايران مع اتخاذه قرارا كهذا ، وذلك لأن رد الفعل الأميركي سوف يكون كارثيا على ايران ، ومن هنا فمقولات اسرائيل في هذا الجانب ، تندرج في سياقات رغبتها الدائمة بأن تلحق الضرر ، بكل قدرة اسلامية أو عربية ، ومن هنا يطل السؤال ، فلماذا يفزع بعض العرب ويقلقون من امتلاك ايران لأسلحة نووية ، فلتمتلك ، فان لم ينتفعوا بذلك فلن يلحق بهم من هذا ضرر ، سوى في داخل الصراع على الهيمنة التي تصر عليه ايران ، وهو الصراع الذي يشكل بذاته لب الخطأ الذي يلحق الضرر بها في الساحة العربية ، فلتكن الصديق والأخ ، لا المشتق من عقلية غائرة في القدم ، والساعي الى أن تكون له الهيمنة بوهم ماض ينخر في الوعي ، ويدفع الى فكرة امبراطورية اسلامية فارسية . فدرس التاريخ الأفيد هو التعاون لا التناحر ، والعمل المشترك ، في اعلاء ينيان الأمة العربية والاسلامية ، بدلا عن التحادد والتنافر المنتج بالضرورة ضعفا في القدرة الجماعية ، بصرف لامكانيات كبيرة ، الأجدى لها أن تكون موظفة في البناء والتعمير ، وانتاج العلم وتوظيفه في بناء حضارة اسلامية جديدة .
وعلى أية حال فان قدرة نووية ايرانية يمكنها ، أن تفيد ايران في كل اتجاه في الجوانب السلمية ، في الطب والزراعة والصناعة والأبحاث .
وفي الجانب التكتيكي العسكري ، فان سعيها في مستقبل الأيام ، الى انتاج قنابل نيوترون مثلا ، لربما يكون ذا فائدة استراتيجية في مواجهات مع جيوش في ساحات قتال ، ولربما هذا هو ما يرعب اسرائيل ، فسلاح كهذا يمكن استعماله ضد حشود من جيوش ، بابادتها دون أن يلحق ضرر بممتلكات .
وبالنسبة لاسرائيل فان امتلاكها سلاحا نوويا ، لا يعني أن تستعمله ، في كل نزاع ، فهو ضد الفدائيين لا فائدة منه ، وضد الفلسطينيين على أرض فلسطين لا قيمة له ، ولكنه ضد الدول العربية والاسلامية يمكنه أن يكون كارثيا ، فهو خطر على كل قياس ، فصاروخ يحط برأس نووي على القاهرة وآخر على مكة أو الرياض ، أو على قم أو طهران و...، وذلك ساعة اسرائيل تختار بين أن تكون أو لا تكون ، فهنا اسرئيل بسلاح نووي تشكل خطرا وجوديا على العرب والمسلمين ، وعلى ايران، فامتلاك ايران لسلاح نووي يمكنه ساعة الحسم فقط مع اسرائيل، بين أن توجد أو لا توجد فتنتهي ، بأن يستبق الى شل وجودها ، وبتضحية بحياة أبناء فلسطين بأرضهم ، فضرب اسرائيل بسلاح نووي يعني ضرب الفلسطينين ، بحكم الجغرافيا ، وهذا تصور أقرب الى الحافة بين الممكن واللاممكن .
ولكن هل تمتلك اسرائيل سلاحا نوويا ، فالجواب ، ليس ثمة دليل قطعي واحد على ذلك ، فمن لديه فليقل لي ، فأنا لا أرى ولا أجد ، وما أقصده هو الدليل الذي لا لبس فيه ، فلا يسردن أحد لي القصة البائسة لفعنونو ، ولا يأتين لي بتصريحات في صحافة ، ولا بأن هناك من قال وأكد على ذلك ، فالدليل القطعي ، ما قامت به مثلا الهند أو باكستان لتدلل على وجود سلاح نووي بيدها ، وفي كل الأحوال فان اسرائيل في الحضن الأميركي ، ونتذكر هنا الانذار لصدام حسين وقت حرب الخليج الأولى ، فلقد أنذرت أميركا العراق ، بأن استعماله لسلاح غير تقليدي ضد اسرائيل ، يعني استعمال أميركا لأسلحة نووية في ضرب بغداد ، وكذلك الشأن كان من جانب هيلاري كلينتون في خلال منافستها على رئاسة أميركا ، فقد أنذرت ايران بأن أميركا سوف تمحوها عن الوجود ، اذا هي وجهت ضربات الى اسرئيل ، فعلى ذلك فان امتلاك اسرائيل لسلاح نووي من عدمه ، لا يعني غيبة سلاح نووي يتحرك ساعة الضرورة لحماية اسرائيل .
فاسرائيل من أواخر الستينيات من القرن الماضي تمضي في سياسة ضبابية ( وهو درس في الاستراتيجية النووية استقته من الادارة الاميركية آنذاك ) ، فلا تدع لأحد امكانية أن ينفي وجود هذا السلاح لديها ، ويملك في نفس الوقت ما يبرهن به على صدق نفيه ، ولا بأن يجزم بالدليل بوجوده ومعه ما يدلل به على صدق جزمه ، وهذا هو حال السياسة النووية في اسرائيل الى الآن ، وهي سياسة برهنت على فاعليتها في انتاج هيبة نووية لاسرائيل ، بل وتعدت بهذه الهيبة ، الى منتوج انضاف لها ، وتجلى في التأثير على السياسات العربية التي أملاها الصراع الذي فرضته – بوجودها - اسرائيل ، فهل هذه الضبابية كانت لانتاج المضاف هذا مع الاستبقاء لامكانية ، لربما تستحيل ضرورة أمن ، وهي النزوع الى اتفاق يجعل منطقة الشرق الأوسط برمتها خالية من السلاح النووي ، وذلك حين يصبح هذا الاتفاق ، هو عين ضرورة ، لايقاف طموحات دول في المنطقة الى امتلاك سلاح نووي ، فعلى ذلك ها هو الواقع الذي كان محتملا قد أصبح الآن حقيقة واقعة ، فهذه ايران بينها وبين السلاح النووي ، أن لا تعترضها قوى عظمى على ذلك ، ومثلها مصر التي لم يتوقف العائق الدولي يوما ، عن اعتراض دربها ، فهل حكمة مصر التي جعلتها تلح دوما ، على جعل هذه المنطقة خالية من السلاح النووي ، هو ما يعني بأن هذا هو ما سوف تمليه ضرورات الأمن لدول المنطقة ؟ ، وهل خلو العرب والمسلمين في هذه المنطقة من سلاح ردع ترتدع به أوروبا وأميركا معا ، هو في صالح ميزان الردع الذي هو في حقيقته مختلا ، وليس في صالح العرب والمسلمين ، أليس في هذا الخلو بذاته استبقاء لخلل لا يمكنه بحال أن يضيف في أمن شعوب الأمة العربية والاسلامية ، أم تراه الخلو أو الاخلاء املاء واقع وظروف وحاجة تكيف ، للتزود بما يعين على استبدال هذه الظروف ، واعادة تشكيل الواقع على ما يسمح بالانتقال من خلل في توازن في الأمن ، الى دنو من توازن ، فالى ما يحقق توازنا استراتيجيا في مستقبل الأيام ، فليس بالسلاح وحدة يتحقق الأمن ، فثمة وضع اقتصادي واجتماعي وعلمي ، ولا مفر من اعادة تشكيله ، على ما يمكن به تحصيل محصلة لجملة من امكانيات ، تمكن من تحقيق تمكين للأمن ، على ركائز ذات قابلية للنمو ، والتدافع بها ، في عملية تقدم ، يتوفر بها الممكن الضرورة ، لتمكين لامكان يمكن موضوعيا أن يكون ممكنا ، فالخلو أو الاخلاء ، ليس بذاته اختيار وانما هو موقف منبثق من املاء موضوعية أوضاع لا فكاك من املاءاتها .
.................................................. .................................................. .....................................
24/11/2009 الثلاثاء astrosameh@Gmail.com

محمد يوسف جبارين
25-11-2009, 22:31
بين سلام والسلام

بقلم: محمد يوسف جبارين(أبوسامح)..أم الفحم ..فلسطين


وهل هناك أرفع من السلام معنى يحيط بالحياة ويتخللها ، ويسودها ؟!
فانتزاع السلام من الحياة ، يتركها تضطرب وتصطرع ، فقلق وضيق معاش ..فقدان سيطرة واضطراب ديمومة . فلا أمن ولا أمان . صراع يدور ويشتعل . نار تأكل ولا يكف لهيبها عن التهام الأخضر واليابس .
فطالما أن هناك حياة في الأرض ، فلا أروع ولا أنبل ، ولا أعظم من السلام كلمة ومعنى وحياة ، ومعنى يتمناه الانسان لنفسه وللناس والمحيط الذي يحيط به ، فمناخ يسوده السلام فيه من الظروف والامكانيات ، ما يجعل الانسان قادرا على أن يحيا حياة حرة كريمة عزيزة .
لذلك كانت " السلام عليكم " تحية الاسلام ، فاذا ثمة حياة ، فأمن الحياة ، وأمان من يحياها .
وكلاهما الأمن والأمان ، لا يقومان وحدهما ، بل يشترطان وضعا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وعلميا ، يؤهل الظروف ، وينميها ، لتكون على حال يسفر عن الأمن والأمان لكل الناس . فلقد تضطرب الأوضاع في البلاد ، بسبب من وضع اقتصادي أو اجتماعي ، وهذا الخلل لربما يتسبب في تغييب الأمان والأمن .
ولعل الايماءات وأطراف الكلام ، فيها من قوة الافصاح ما يضع الفكر على كشف دلالات ونوايا ، وأوجه مقاصد وقناعات ، ما يكفي للتعرف على موقف مستور ، أو فكر يحاول أن يستر نفسه بضبابية يتلمع بها .
وثمة انتباه الى الفارق بين " السلام عليكم " وبين " سلام..." لنلاحظ فارقا اساسيا ، في مقصود الكلمات من معان ودلالات ، والذي يوفر انتاج هذا الفارق هو( أل التعريف ) ، وما تنضح به النفس ، وله صلة بالمخصوص بالكلمات حين النطق بها ، فهذه تدخل على كلمة " سلام " فتصبح "السلام " ، فلا تتركه على عواهنه .. أي سلام . بل تصله بمقصوده من المعاني والدلالات ، فتغدو " السلام عليكم " حين قولها تخص المعاني التي تتكامل لها في مبناها ، وتخص قائلها ، بما يقصده ويتمناه من المعاني ، وما تعنيه في مجرى حياته . فكذلك يعلن عن نواياه ومقاصده ، وتخص من يتلقى الكلمات ، فوقعها له صلة بأحوال النفس والعقل حين التلقي ، لكنها على أقل تقدير تنبه العقل بأن هنا آخر .. هذا هو مقصوده وهذا ما يتمناه . وبين هذه وبين " سلام " ، وقد تجردت من أل التعريف ، نجد أن التجريد في حد ذاته ، لا يوجب بالضرورة الحصر والتحديد ، لكل المعاني التي يتوجب أن تعنيها كلمة السلام . وهو ما يدع للقائل وما يعنيه بما يقول ، والذي خصه بما قال ، مساحة نوايا ومقاصد مخبوءة ، فجائز أن يكون محمول الكلمة لدى المتلقي ، غير محموله لدى قائله ، فالمستمع المتلقي أغرق الكلمة بالمعاني التي ظنها محمولا ، وما منها معنى ابتغاه وقصده القائل ، فالكلمة ذات قابلية لأكثر من محمول .
والقول بأن سلام هو السلام يحتاج الى اعادة نظر ، بالتنازل عن اعتباط المعاني وتسريحها في غير مذاهبها ، وذلك لحاجة العاقل دوما ، الى تكوين حكم ، يستقيم له ، فما حال مقصود المعاني وعلى أي وجه رمت . فسلام بمعنى أي سلام ، ليس بالضرورة ، بأن يكون هو السلام ، فسلام لا يكون على كل قصد وعلى أي قياس بمعنى السلام .
فسلام بمعنى الاستسلام هو غير السلام ، وذلك لأن السلام ، لا يكن بمعنى الاستسلام .
فمن يريد للطرف الآخر أن يساوم ويسرف في مساومته ، والى حد الخضوع والاستسلام ، فانه لا يستطيع أن يزعم لنفسه ، بأنه امتلك المقدرة على اقامة السلام .
فالذي قام به هو استعماله للقوة في انجاز الاستسلام ، لا السلام ، فالطرف القوي الذي يفعل ذلك ، ضد الطرف الضعيف الذي ينازعه ، فانه لا يحصل على السلام ، حتى وان ذهبت به ظنون القوة والوهم التي تبسطه ، الى قناعته بأنه قد استطاع ، وذلك لأن ما استحصله بقوته هو أمر وواقع قد صنعه بالقوة .
وما سوف يترتب على ذلك ، هو أن كل ادامة أو استطالة في عمر الأمر الواقع ، انما تشكل ضغطا على أعصاب الطرف الضعيف ، لاستنفار قدراته ، وتجميعها في فعل يترتب عليه تغيير الأمر الواقع .
فالسلام على شعب فلسطين ، يعني أن تعود الأمور سيرتها الأولى ، بأن تعاد صياغة الظروف من جديد ، بحيث يترتب عليها ظروف فيها كل فلسطيني ، وقد استرد حقوقه وهدأ باله واستراح الى حقه الذي عاد اليه .

فاذا كان " بن عامي " وزير خارجية اسرائيل السابق ، ومعه حكومة اسرائيل قالا بسلام لأبناء فلسطين ، فانهما لكي يفعلا ذلك ، قد طالبا واشترطا من بين ما طالبا به الفلسطينيين والمسلمين عموما ، الموافقة على سيادة لدولة اسرائيل تحت عمارة المسجد الأقصى ، أي أنهما طالبا المسلمين بالتنازل عن جوهرة دينهم ، ويعني بأنهم مطالبون باعادة النظر في دينهم . وهو مطلب اسرائيلي لم يزل يتردد وتقول به الألسن ، ويقال كاشتراط من جملة اشتراطات ، منها أن تكون القدس خارج الأفق الفلسطيني ، أي أن تكون يهودية وعاصمة لدولة اليهود وفقط ، وبأن يقول العرب بوضوح ، باعترافهم بأن اسرئيل دولة يهودية ، وبأن يقبل العرب بأن اللاجئين لن يعودوا الى ديارهم ، وبأن يتاح لاسرائيل أن تتوسع في الضفة الغربية بمقدار حاجتها ، وبأن تغدو ما تأخذه من الأرض جزءا لا يتجزءا من دولة اليهود ، وبأن يكون الكيان الفلسطيني الذي سوف يحمل عنوان دولة منزوعة السلاح ، بمعنى أن يكون أمن أبناء فلسطين رهينة بيد الأمن الاسرائيلي . وهي جملة اسرائيلية قالت بها حكومة اسرائيل ، في ظروف كانت هي بعينها المتاح لهارب من السلام بسردية باشتراطات ، يدير الحوار حولها ، بينا هو لا يكف عن سعيه ، في التوسع في الأرض وفي تعزيز أمنه ، فبذلك يوفر ظروف النفي لامكانية قيام كيان فلسطيني مستقل ، وتصبح كلمة سلام ، بذات المعنى المطروح بين من يملك سيطرة على الأرض ، وبين من لا يملك ما يماثل سيطرة كهذه .
وما الاقتراب من اقتران لقيامة سلام ، بسيطرة يهودية على تحت مصطبة الأقصى ، الا عين طعن في الدين الاسلامي ، بطلب من المسلمين أن يتولوا هم أنفسهم القيام بهذا الطعن ، ذلك بأن الموافقة تعنى رضى الذات بطعن في هويتها ، فهو غزو ايمان وخلخلته ، وهو يعني أن يطفو الايمان الراسخ في الصدور من جديد ، ليغدو في متناول العقل ، وذلك لكي يتعقله العقل من جديد ، في اطار مسألة مطروحة أمامه ، ويحاول أن يتعقلها ، ليعيد للايمان مضمونا وصورة جديدة تتفق مع مقولاته المستجدة ، ويعني ذلك ، اعادة تأسيس للايمان على ما لا يتفق معه ، في وقت كان فيه العقل يتعقل الأمور باملاءات الايمان .
أي أن شرط سلام ، الذي لا أحد يفهمه بغير معنى الاستسلام ، هو أن نعيد هيكلة الاسلام وصياغته ، ليصبح اسلاما من نوع آخر ، لم نعرفه من قبل ، وذلك من أجل الوصول الى عهد واتفاق ، ترتاح له حكومة اسرائيل باقامة ما لا أحد يعرف له شكلا ، ولا أين كان ، ولا ما علاقة ما كان بالذي يراد له أن يقوم .
ذلك الشرط يغدو بالموافقة عليه ، وله صفة الاعلان التاريخي ، الذي يقرر أمام الدنيا بأن المسلمين يقرون ولأول مرة ، في تاريخ العالم بأن المسجد الأقصى ، قد أقيم فوق مكان ما يدعونه باسم الهيكل ، وعلى ذلك الاعلان ، وما ينطوى عليه ، وما يستمد منه ، فان بناء المسجد الأقصى يغدو عدوانا على دين آخر ، وبذلك فالأقصى هو الاضافة التي يحق تاريخيا ، لغير المسلمين أن يزيلوها من مكانها ليكون الهيكل ويعلو بناؤه .
فبذلك الاعلان تحصل حكومة اسرائيل ، على مشروعية لاقامة معبد تحت بناية الأقصى ، ومشروعية للشروع في التخطيط لازالة بناية الاقصى ، في وقت قادم ، ويسمح به ميزان القوى بين أطراف الصراع .
ومن تلك المشروعية التي تسعى اليها حكومة اسرائيل ، من خلال مطالبتها بالتوصل الى اتفاق كهذا ، تريد أيضا أن تستمد شرعية دينية وتاريخية وأخلاقية ، وهو ما يعطي الحق الديني والتاريخي في السيادة في ادارة شؤون الحكم في هذه الجغرافية ، فحتى الآن لا تزال هذه الشرعية مستمدة من القوة التي لا شرعية لها .
فتلك المطالبة بسيادة تحت بناية المسجد الأقصى ، ليست مقصودة لذاتها فقط ، وانما أيضا لاكتساب الشرعية بالموافقة من جانب المسلمين الذين لا يقرون شرعية كهذه .
وأما ذلك المكان الذي يوجد تحت الأقصى ، ويريدون أن يقيموا فيه معبدا ، ثم يسمونه هيكلا ، فانه المكان الذي تتم الاشارة اليه بتأسيس التعريف للأقصى في حدود البناء القائم والموجود حاليا ، فكل ما عداه أو خارجه فلا ينتمي اليه ، فكذلك يتم حصر قدسية الأقصى في البناء بذاته ، وهو ما يبيح بالجدل عزله عما عداه من مادة حوله وتحته وفوقه ، فيباح عندها الطلب في البناء خارجه .. خارج قدسيته ، تحت البناء ، لكن هذا ال" تحت" الذي يريدونه ، لا وجود له في لغة القداسة والمعراج ، فالأقصى وما حوله ليس تحته ، سوى ما بعد مركز الكرة الأرضية ، في الناحية الأخرى من الأرض ، وليس هناك فوقه ، سوى ما بعد آخر ذرة ، في أعلى نقطة في طبقة الهواء التي فوق الأقصى وما حوله ، فتلك حدود ال"تحت" وال"فوق" ، وخارج هذه الحدود ، ليفعل الآخرون ما شاءت لهم رغباتهم من بناء ليتعبدوا على طريقتهم ، وذلك ان كان هناك من يجيز لهم ذلك ، وكان لديهم استطاعة وقدروا .
ان المسجد الأقصى بيت الله ، أقيم باذن الله ، بارادة الله ، واختصه الله بالمعراج ، وهو اختصاص لم يختص به نبيا من قبل .
فالرسالة من المرسل الى الرسول في الأرض . في المعراج الرسول يعرج به الى السماء .. الى المرسل .
ولقد كان ذلك بارادة الله ، وما كان للانسان اختيار في ذلك ، وقد بارك الله المسجد الأقصى وما حوله . وقوله تعالى ذكره : (... باركنا حوله ...) ، بنص القرآن دالة على نطاق مساحات تحيط بالمسجد الأقصى ، والبركة رحمة بعباد يعبدون الله كما شاء هو لهم أن تكون العبادة ، لا كما صاغوها هم وارتاحوا لها ويريدونها ، فلا تكون تلك العبادة ، فلا بركة ، ولا رحمة على تطاول واجتراح سيئات .
وأما من كان اختياره أن يعاند ويكابر ويعترض بارادته على مشيئة الله في خلقه ، فذلك الذي فسق ، وضل سعيه وغوى ، وذاك الذي لا موطىء قدم له ، حيث البركة .
ولو اقتربنا من عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفصلنا الشواهد على عدله تفصيلا ، وتوقفنا عند دخوله القدس وتتبعنا مواطىء أقدامه ، وما ذهب اليه من عدل ، نشره في المدينة وفي بقاع الأرض ، لتوصلنا الى أن هذا العدل انما يكفي دليلا على صلاته وركوعه وسجوده ، حيث المعراج ، انما هذا هو مكان المعراج ، وهذا هو المسجد الأقصى ، وهذا هو الذي يخص المسلمين ودين الاسلام ، وهذا هو المكان الذي كان منذ آدم ، وقف على رسالة التوحيد ، وها هو بارادة الله خاصة المسلمين ، فالعبادة فيه للمسلمين من دون سائر الأمم .
فالسلام لنا وعلينا ليس سلاما متاحا بارادة غزاة ، لا يتفق لهم الا ما ينسجم مع أطماعهم ، حتى ولو كان ذلك أن يتأتى لهم اقتلاع الايمان بالاسلام من قلوب المسلمين ، باقتراب من جوهرة ايمان وهي المسجد الأقصى ، ليكون العدوان عليه بعينه بوابه تفكيك لايمان ، فصلة بدين ، فصلة بأرض ، فصلة بوجود عليها .

.................................................. .................................................. .......................
25/11/2009 الأربعاء

محمد يوسف جبارين
26-11-2009, 05:43
أواه ..أواه ..أواه

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم.فلسطين


ماذا أنت يا وطني بلا مطر من وفاء
ماذا أنت بلا شروق ابتسامة الضياء
ماذا أنت بلا شروق عز ونبل وهناء
اشرقي يا شمس الحياة شروق الفداء
وهات الحرية شروق عافية شيماء
وخذيني الى شروق حرية وارتواء
يا وطني يا حبا يتمزق أشلاء أشلاء

كيف يا قلب تغطت أرضك بالدماء
كيف نال الضعف من زنود البناء
كيف استراح على أرضك الغرباء
أواه من جهل لف الزمان بظلماء
أعمى البصائر فغام العقل والذكاء
بقينا على كل جهل ونياق في بيداء
نتلهى بقال وقيل ولعب يلفنا بشقاء
ننظر الى الطير ولا نركب الهواء
ويئن الطفل دامعا ولا نجد الدواء
فلا غير البكاء والمجهول والفناء

مشتاق أنا الى روابيك بلا الغرباء
وأمشي وأمشي واريح ولي رداء
فكل بواديك مطاردة تشقها أرزاء
حياتي في روابيك ليل دامس وجفاء
كيف يحيا الحياة من غام له الصفاء
لا الناي في الروابي يوحي بالبهاء
ولا شدو العصفور يخلو من البكاء
الأطيار تائهة مربوكة في الأجواء
محفوفة دياري بسوار من الظلماء
مقيدة ارادتها بعجز يأتيها بالأنواء
كل ارادة الحرية مطاردة بهوجاء
وشروق نهار الحياة مكلل بغبراء

كيف أصبح الفساد والنفاق غناء
كيف يا وطني يا تراب الشهداء
كيف بغير الحرية لياليك تضاء
قيودك يا وطني تقيد بالقيد الوفاء
تشل كل عزم بجهل وقلة حياء
تمزق في درب الحياة بكل غباء

..............................

قل ايها الغريب ما شاء لك أن تقول
قل بأني الوهم كلاما في كلام يقول
قل بأني لم أكن ولن أكون غير أفول
قل بأني الآفل من فعل يقيم ما أقول
قل بأني جهالة جهل مبني لمجهول
قل بأني سراب لا ماء فيه ولا عطور
لا رائحة مسك ولا شوك فيه ولا نور
وهم على وجه صحراء هائم يدور
حروف من يبس على جفاف منشور
ماء ولا ماء تيه صحراء وبؤس بور
ساقي الوهم ما تشاء فانا هنا النمور
...........................................

كيف سبيلي الى ذات كانت كالبدور
أضاعني زماني وما لي الا أن أثور
ضاعت بلادي وغاب منها السرور
أنين الناي بكاء يبكي بكاء الشحرور
والهواء يلطم حظه بحوله المبتور
والأرض انتحبت فلا غناء بها يدور
فكل دامع ولا يأس في وجوه النمور
في مخالبها ترى عيشها ومثلها النسور
طاعون جاب الأرض والزمان يجور
ظلمات أشرعت قبحها بكل السفور
فكل حرية مطاردة وكل فتح مغدور
أواه من زمن بكل عصف بنا يمور
............................................

مليء أنا بحب يجمعني كلما لاح بين عيني ظلام
يمدني بعزيمة وهمة أسند بها حقوقا تسام وتضام
ضاع في بلادي العقل وما عرف العز كيف يقام
أنهار من الدماء سالت على جنبات أمل يقهره لئام
ودموع ملأت بحارا ودرب الحريه تائه يكلله قتام
تيه على الدرب يشبع الوعي حيرة زادها سخام
سعت في الأرض أشباه خلق جاب وعيها زكام
لا قيمة لفهم يقيم عزا ولا بناء علم ووحدة تقام
ملهاة ركض وراء سراب كأنما العز بالجهل يقام
لولاك يا قلب ما عرفت كيف درب الحرية يرام
ولا سعت بي قدم لخير ولا لبيت نداء تراب يضام
ولا التزمت هويتي وسط نيران اكتوى بها الغمام

منتالا
26-11-2009, 06:14
بارك المولى فيكم وعساكم على القوة

attata11
26-11-2009, 11:09
بارك المولى فيكم وعساكم على القوة

thanks:a_plain111:

attata11
26-11-2009, 11:34
مشكور وجزاك الله خير

احمد اليافعي
26-11-2009, 13:38
كل سنة وانتم طيبين بمناسبة عيد الاضحى والكل متميز بانضمامه لهذا المنتدى

attata11
27-11-2009, 09:31
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

محمد يوسف جبارين
27-11-2009, 12:24
كل عام وأنتم بخير

يا كل الورد اني في بلادي معذب ، فهذا يهذي وهذا يسرق الشمس من سمائي
وهذا للهواء بالع وهذا في الماء زارع كل سم واغتمامي ، وهذا اضاع العقل
وهذا بلا قدمين يمشي على بطنه راجيا ، أن يعاد للأرض بعض صفاء ،
وهذا يقول كل عام وأنتم بخير فهل ثمة خير بعد طول رجاء ، وهل يعرف القمر سيره
الى نور يعانق الروابي ، وهل يعاد للشاعر غناء بعد طول بكاء ، وهل أسمع الأطيار تغني قصيدة حب أفرشها
في كتابي ، فكل ألاوراق بكل ظلام معبأ ، ويلام مثلي على وصف كل قبح يمزق رضائي ، أنا بشر وبي نزعة
الى طرد الغزاة من بلادي ، فلا يمكنه الوفاء الا أن يكون ساريا ، فلا بغير الحرية يسعد أمثالي ، فلا يلومني ذو بصيرة
على دموع تسيل مني في كل واد ، فكل عام وأنتم بخير تزيد حرقتي شوقا الى خير لا أراه أمامي

محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين
27/11/2009عيد الأضحى

attata11
28-11-2009, 14:19
بسم الله الرحمن الرحيم شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . يالكنج[you]

محمد يوسف جبارين
29-11-2009, 18:38
القدرة شرط الحرية

بقلم: محمد يوسف جبارين( أبوسامح).. أم الفحم..فلسطين

السير نحو الحرية عملية تاريخية ، تستوي فيها كلمة الحرية على كلمة الدولة ، بكل ما تعنيه ، من جغرافية وشعب ونظام للسلم الاجتماعي والعيش الكريم ، بما يتصل به من فكر وآليات ، تقيم التقدم وتلاحق التطور ، بعزم على تحقيق السبق على من سبقوا الى المستقبل .
وما بين ظروف يعانيها شعب شب من رقاده باحثا عن حريته ، وبين ظروف يسعى اليها كي تكون ، ليستوي بها على غاياته ، تمتد معاناته بطول المسافة التي تستغرقه ، في ابداع امكانياته وقدراته التي يحتاجها ، في مغالبة الصعوبات التي تعترضه ، وتحول بينه وبين اقتداره على فرض ذاته على الواقع ، وتتويج سعيه بدولة ، هي النظام الذي به يغدو سيد ذاته في أرضه .
وكما أن غلب الصعوبة يحتاج الى القدرة الكفيلة بذلك ، فأيضا الرسو على الغايات ، يقتضي القدرة ، أن تكون فاعلة في تحقيق حتمية البلوغ للأهداف المرحلية التي تتتالى وتتصل ، الى أن يتم الدنو ، فالاستواء على الغايات بتحقيقها .
وذلك يستدعي ثقافة تبني وعيا يقيم سيرا كهذا ، فالقدرة ليست شيئا سهل المنال ، فأول شرط لتوافرها ، هو اجتماع القدرات الفردية والجماعية كافة ، على الفعل المترتب على الموقف الذي يتم اتخاذه ، عن وعي بحقائق الواقع ، وعن فهم محيط بادارة الصراع ، فكل فعل يستجاب به لموقف ، لا بد وأن يؤدي الى اجراء تبديل في ظروف قائمة .
كذلك ضمان الاقتدار الدائم على الصعوبة ، يعني الاستطاعة الدائمة ، ما يعني التزام الاضافة المستمرة في القدرة ، ما يوفر ديمومية الاستواء على الأهداف ، وهذا ممكن الحدوث ، حين تقترن القدرة بمنهج تنساق به الجموع نحو هدف واضح ، يهدي اليه فكر هو بالأصل نتاج الجدل الدائم بين العقل والظروف السائدة من حوله ، وفي حال كهذا فان فاعلية الارادة الشعبية تعرف اتجاهها ومستقرها ، فبها نية حددتها المعرفة بأحوالها ، بما بها من مقدرة على التأثر والتأثير ، وبها الاستعداد للاستجابة بالفعل ، لكافة المتغيرات التي ينضح بها الواقع ، وهو ما يؤثث دوما لاستكناه حقائق الواقع ، ومن ثم بناء موقف وتحريك فعل في أداء واجب .
وهذه العلاقة بين القدرة وتوظيفها ، وبين الوعي بها وبين الواقع ، بذاته الجدل الذي به يتجدد الوعي ، بتجديد التبديل في الواقع ، كنتاج من تدخل الارادة في عملية تغيير لا تنقطع .
ما يدل على أن السياسات التي تقيم موقفا وتسير الارادة ، لا تكون مطلقة ، فلا وجود للمطلق في نطاق تغير دائم .
كذلك الدبلوماسية التي تتقدم السياسات وتؤثث لها ، انما تقوم على منطق التأهيل لمجرى سياسة يراد اتباعها .
فالى ذلك الحرية تقتضي استخلاص الحياة من قيودها ، وترميمها ووضعها في نظام تتفاعل به مع ذاتها ، فتزيد في مقدرتها على النمو ، بايقاظ ما بها من قدرات ذاتية كامنة ، لتمضي في تغيير جذري في ظروفها ، وتنتقل من حال الى حال أحسن منه حالا ، وهو اللازم لها ، لزوم شروق الشمس ، لكي يهرب الليل ويأتي النهار .
فاذا أصبحت الجماهير الشعبية على هذا الحال وطنا للحرية ، فكل فرد منها بثقافة ووعي تفصح عنها أفعاله وأقواله ، ولها وجه دلالة على أن الحرية تستوطنه . يعيش معانيها نفسيا وفكريا ، وفي علاقاته بالأشياء من حوله ، وفي رؤيته لحركة الحوادث ، ومشاركته في التأثير عليها . واذا هي الحرية تحدد ممشاه وأهدافه وأولوياته ، فالتحرر من ربقة الاستعمار أولا ، فان هذه الجماهير بمجمل أفرادها ، يصح القول فيها ، بأنها وطن الحرية ، وبما بها من طاقات تتساند في قدرة تفعل بها من أجل حرية الوطن .
فهي الجماهير الواعية للمرحلة التي تمر بها ، فوحدة الأهداف ترسم سيرها ، فلا تقيم عقبات تحد لها من بذلها ، ولا تدع قيامة لاختزالات تضيع بها طاقاتها التي تصبها في أفعالها ، ولا تتلهى بما لا ينسجم مع القول والفعل الذي تحقق به حريتها ، فشاغلها خلاصها من الاستعمار ، فهو سالب سيادتها ، وعليها بنفسها أن تستعيد هذه السيادة ، وأن تمتلك زمام السيطرة على مصيرها ، فتقرير هذا المصير هو شأنها ، لأنه يخصها بذاتها ، وعليها أن لا تدع لغيرها أي شكل من أشكال السيطرة على هذا المصير .
فلا تقاسم وظيفي مع غيرها على نفسها في مسألة السيادة ، فأي جزء منها ، اذا هو تحت سيادة غيرها ، ففي نطاق هذا الجزء هي ليست حرة ، وتتحرك تحت تأثير قيود ترفضها ، فالحرية هي الحرية ، ولا وجود لها حيث العبودية ، سوى في هيئة متمرد ، في داخل المقهور الذي يتحين فرصته ، ليتمرد على الأغلال التي تقيده وتسلبه انسانيته .
وكي تصير الجماهير الى ما تريد أن تكونه ، فلا مفر من أن تحرر ارادتها بنفسها ، وأن تتقدم بها الى ما تريد أن تصيره ، وهي تعلم بأن الحرية ليست ابتعاث الارادة فحسب ، وانما هي التوظيف لهذه الارادة في كسر القيود وتذليل العقبات ، وتجاوز الخلافات بين أبناء الشعب الواحد صاحب المصلحة في التحرر ، وجمع كل الامكانيات والأفعال والأقوال في صيرورة واحدة ، تصير بالجماهير الى امتلاك سيطرة مطلقة على مصيرها ، فلا ينازعها أحد على قرارها المتعلق بأمورها.
وحيث أن هذا يستدعي مواجهة سافرة مع الاستعمار ، وعلى كل صعيد ، ويوجب صراعا لا محل فيه لتردد أو نكوص أو تلكوء ، أو تخاصم وتشرذم ، فثمة صراع أهم ما فيه القدرة التي بها يتأتى حسم الصراع ، فالوطن ينادي على كل أبناء الوطن ، وليست الوحدة الوطنية كمظهر واجب ، وحدها الضرورة التي تصر عليها حتمية الخلاص ، بل وماهية هذه الوحدة ، وما بها من آليات ، فكل انسان في دوره الذي يلائمه ، ويستطيع أن يؤديه بأداء لا يقدر عليه غيره . وليست المحاصصة الحزبية في حال كهذا ، سوى العامل المرفوض ، ذلك أن حقيقة الصراع ، تستوجب تراجع الحزبية، أمام حقيقة الأعباء التي توجبها طبيعة المرحلة .
فالوحدة شرط القدرة ، وكلاهما شرط الامكان حتى يصبح ممكنا . فمن تراه يجعل الحلم حقيقة ، وهل هناك غير الجماهير تعاني وتحلم ، وتريد أن ترى معاناتها ، وقد أصبحت ذكرى في واقع يموج بالحرية ، فالجماهير لا بد لها وهي تنحاز الى مصلحتها في الحرية ، أن تعمل جاهدة على استنهاض كل طاقاتها الدفينة ، وأيضا أن تستنهض كل تلك التي دخلت بالوهم الى ثلاجة . وعليها أن تلتفت الى تلك الطاقات التي تحيد بها ، عن دورها الريادي ، وتشغلها بما ينتقص من قدرتها على أداء واجباتها ، فثمة قوى اخترال بها عقلية ، تستوجب علاجا ..تستوجب مساهمة فاعلة تستخرجها ، من كونها مبددة للطاقات الى مضيفة طاقاتها في الجمع لا في السلب ، في التكامل لا في التفكيك ، في الوحدة لا في الانقسام ، فهنا جهد يتوجب بذله في تعديل رؤية هكذا عقلية للعمل الجماعي وضروراته التي يمليها الصراع من أجل الحرية ، ولا بد من ايلاء ما لذلك من أثر بالغ في تشكيل قدرة الشعب على بلوغ مرادة ، فهذه عقلية مركبة وبها اشكاليات ، وهي في حد ذاتها ، وبما هي عليه من معتقدات وسياسات ، تشكل اشكالية في عين عملية التحقيق للوحدة الضرورة للقدرة الجامعة لكل الشعب على موقف ، فحقيقة هذه العقلية هي بأنها تستحضر ما تستظرفه من الماضي الغائر في القدم ، وتلبس لباسه ، وتنشىء به انفصالية عن أداء الدور مع الآخرين في عملية التحرير ، ايغالا منها في أنها وحدها ، وبما تحمله من ألفاظ وشعارات ، هي الحل لمشكلات الواقع ، وفي حقيقتها لا تقدم حلا لأي شيء ، فليس لديها سوى كلمات متقاطعة ، لا تشكل جملة مفيدة في أي حل صحيح لأي اشكالية ، من اشكاليات الحرية .
فثمة عقلية كهذه غارقة بما تسديه على ذاتها ، من أوصاف صاحبة الجلالة ، وبأنها الصحيح ، وفي الحقيقة هذا الصحيح الذي لا وجه له في صحة ، بل هو بعينه يزيد البحث عن الحل الصحيح لأشكاليات الواقع تعقيدا ، ويزيد في القدرة ضعفا ، يتباعد بها عن مقدرتها على تحقيق آمال معلقة عليها ، فالجماهير مطالبة بالخروج من ابتساماتها ، الى محاسبة هذه العقلية ، لتبلغ بها الرشاد ، أي أن تخرجها من مراهقتها الفكرية .
ففي الوقت الذي فيه ، لا يزال الامكان منتصب القامة ، تحت أجنحة الآمال يمشي مختالا في الوعي ، وفي الألفاظ ، ويود لو يكون ممكنا ، لا فائدة من الاستنقاع بين الامكان والممكن . فالى هنا ولا الى هناك ، انما يفيض بالضرر لا بالنفع على القضية .
فجملة الروح الهائمة على بحار من العجز والآلام ، وتحت سحب تمطر رجاء وأحزانا .. كنا وسوف نكون ، تستدعي صور قدرة كانت ومن أقاموها ، من داخل الكتب والقبور ، لكنهم مكانهم ، بما فعلوا في الماضي يبقون ، ولا يأتون ، لكن ذكراهم ، وما تستبقيه في بيولوجيا من يستدعونهم ، تبعث على الامكان الذي يلزمه ابتعاث الارادة ، وحشد الامكانيات ، ووعي يتفاعل مع الواقع ، بحال يبعث على نشأة جديدة لظروف تهيء له أن يكون ، وليس كنا وسوف نكون بحالها ، بانقطاعها عن كل صلاتها بواقع ، وحدها في الخطاب كافية ، لاحداث تغيير في ظروف لا تقيم للامكان قوائم يقوم عليها ، لكي يستحيل الى ممكن .
بل القطيعة مع الواقع ، بتأصيل الفرار من مسؤوليات تلح وتستصرخ ، باغراق الناس بملفوظات تفور النفوس ، وتعينها على الهروب من كوابيس ظروفها الى ما كان ، وليس له أثر في واقع الحال ، بذاته البناء لقيود معنوية تقيمها الألفاظ للارادات ، وتزجها في وعي انفصالي يفصلها عن ظروفها ، فترى الناس غارقين في ألفاظ تسبح في ماض ، ولا يجتمعون على ارادة تبدل في ظروفهم ، فلا هم يفلتون من آمالهم في التغيير ، ولا هم يكفون عن دلق المرارة في صدورهم ، فكيف تأتى للألفاظ أن تزج أناسا في سجن معنوي بعيدا عن خدمة آمالهم ، في وقت لا يأل الاحتلال جهدا في زج أبناء الوطن في السجن استبعادا لهم عن العمل على طرده .
فالامكان لا يتأتى بهرب من ابداع مستلزمات الضرورات ، التي يستوجبها البذل الممتد ، من تبديل في ظروف قائمة الى قيامة ظروف ، بها ينشأ الفعل الذي هو أصبحنا .
كذلك نسخ ماض غائر في القدم ، على حاضر لكي يصبح مستقبلا هي عملية لفظية ، تستدعي ما لايستدعى ، وتدعي ما لا يجوز ، وكل قسر لقول على حال ليس له ، لا يستوي على تحول مقبول .
وليس الرأي أو الحكم المتصل بظرف كان ، هو حكم يمكن اصداره بشأن ظروف قائمة ، فمعرفة الظروف بما بها من متغيرات هي مناط نشأة الرأي المتصل، ببحث عن حل لاشكالية في هذه الظروف .
فالتغيير في الواقع ، بتقريب فجر الحرية ، بارغام الاستعمار على الرحيل عن الأرض ، هو بعينه نتاج القدرة التي تزحزح الاستعمار عن مواقعه ، موقعا تلو آخر ، وهذا الاقتضاء الذي يغدو حقيقة التغير في الظروف ، هو بالضرورة نتاج الوعي الذي يسير ارادة الجماهير بفاعلية تؤدي اليه . ما يقرر بأن مرحلة التحرر ، من الاستعمار لها ضروراتها التي تنبثق منها املاءاتها ، التي تستدعي الوعي ، الذي يوظف العلم والثقافة في استجماع القدرة ، بكل مكوناتها المحلية والعالمية ، في صياغة حتم ، يحكم الظروف ، في الاتجاه الصاعد بعملية تاريخية ، تقدم عليها الارادة ، وتسعى بها الى انتاج ظروف الميلاد للدولة على الخريطة السياسية للعالم .
فالحرية للوطن ، هو شعار المرحلة ، فما زال تحت الاحتلال . وطالما أن الارادة الاستعمارية لم ترغمها ارادة على الرحيل ، وطالما هي تعربد ، وتفعل ما تشاء .. تطارد من تشاء ، وتستوطن أين تشاء ، وتغتال من تشاء ، وتودع السجن من تشاء ، فمشيئة الاحتلال هي التي تشاء ، فكيف ومتى اذا شاءت ، لا تستطيع أن تنفذ مشيئتها ، هو بعينه سؤال الوحدة الوطنية ، وسؤال القدرة ، فوظيفة الوحدة هي هذه القدرة ، التي بها تستطيع الجماهير أن تشاء ما لا يشاء الاحتلال ، وبهذه القدرة تستطيع تفكيك الاحتلال ، فمتى وكيف تغدو الوحدة الوطنية الصهريج العظيم الذي في نطاقه تنصهر الطاقات ، ولا شاغل لها سوى انتاج القدرة والمضاعفة الدائمة في طاقاتها وتوظيفها ، وكيف تغدو السياسة آلية التوظيف لهذه القدرة ، ومتى يكون الوعي على قدر المرحلة .

Albert einst
30-11-2009, 18:25
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ نعم اريد ولكن يا دكتور انا احب اينشتاين اكثر من اي احد الا نضرته الى الدين وانا ارى مجهواداتك ولكن انا اعجز عن الرد عليك . وشكر

احمد حسانين
01-12-2009, 13:26
شكرا اخي وبارك الله فيك شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

محمد يوسف جبارين
03-12-2009, 16:48
اسرائيل والبحث عن الردع النووي

بقلم : محمد يوسف جبارين( أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

ولقد كتب الصحفيان البريطانيان ليونارد بيطون ، وجوهان مدكوس دراسة ، نشراها في كتاب ، وذلك في عام 1962 ، وعنونا كتابهما باسم ، يشير الى مضمون الكتاب ، وهو " انتشار السلاح النووي في العالم " .
وقد كان ليونارد الكاتب العسكري ل " الجارديان " البريطانية ، وأما مدكوس ، فقد كان الكاتب العلمي . وقد أفردا في كتابهما فصلا كاملا لاسرائيل ، ويبدو من خلال ما كتباه ، أن المفاعل الذي أقيم في النقب ، وقريبا من ديمونا ، والذي بات يتسمى باسم "مفاعل ديمونا" ، انما يجوز القول فيه ، بأن له قدرة تساوي 24 ميغاواط حراري ، وأنه من نوع معين ، من المفاعلات التي كانت فرنسا ، قد صنعته واستخدمته ، وذلك هو المفاعل الفرنسي (جي -1) ، أو يكون من جنس المفاعل الكندي (ن.ر. اكس ) ، أو من صنف المفاعل الهندي (س.ي.ر) .
وعلى المعلوم ، فان مفاعل الابحاث الكندي – الهندي (س.ي.ر) ، له قدرة حرارية ، مقدارها 40 ميغاواط ، وقد تم انشاؤه في بومباي في الهند ، وذلك وفقا لخطة كولومبو ، وكان بدأ تشغيله سنة 1960.
أما ( جي -1)، فقد تم تشغيله في فرنسا عام 1956، وبلغت قدرته الحرارية ، 40 ميغاواط ، وأنتج كيلوغراما واحدا من البلوتونيوم ، كل عام .
ويقرر الكاتبان ، بأنه حين اتضح في كانون أول من عام 1960، بأن الذي يجري بناؤه قريبا من ديمونا ، ليس الا مفاعلا نوويا ، فسرعان ما تكشفت كل الخصائص الأساسية ، لطبيعة ذلك المفاعل ، فوقوده من اليورانيوم الطبيعي ، والماء الثقيل لابطاء سرعة النيوترونات .
ولكي تتم ملائمة المفاعل ، لحاجات اسرائيل ، فقد أوصت لجنة الطاقة الذرية في اسرائيل ، بأن يكون تخطيط بناء مفاعل ديمونا ، مثيلا لخطة بناء المفاعل الذري ( يل-3) وهو مفاعل أبحاث ، كانت فرنسا ، في ذلك الوقت تشرع في بنائه ، في بريست ، ومن صفات هذا المفاعل أنه يعتمد الماء الثقيل كمبطىء .
وقد سارع - في ذلك الوقت – رأي في الأوساط الأميركية مفاده أن فرنسا ، سوف تزود قلب مفاعل ديمونا باليورانيوم ، على أن تستعيده ، بعد تشعيعيه ، وذلك للاستفادة منه في انتاجها لأسلحتها النووية ، الا أن الاسرائيليين أنكروا هذا الرأي بقولهم ، بأن تعهدا كهذا لم تعطه اسرائيل لفرنسا ، وحيث أن المفاعل ما زال في مراحل البناء ، فما زال هناك متسع من الوقت أمام الاسرائيليين لاتخاذ قرار بشأن الوقود . وما كان ذلك الرأي بلا بواطن ، ولا مقصود .
فالادارة الاميركية كانت أعطت لاسرائيل مفاعل البركة ، والذي راحت تبنيه في وادي الصرار ( ناحل سوريك ) ، وكان هذا المفاعل في سنة 1960 ما يزال في مراحل البناء ، ومشروع كهذا ، بذاته مدعاة استقطاب للطاقات العلمية الذرية لدى اسرئيل ، وهذه بعينها جاءت في علاقة مباشرة مع الأميركيين الذين منحوا هذا المفاعل ، وهذا وحده كان يكفي لمعرفة القدرات المتوفرة لدى اسرائيل في هذا المجال .
ومن هنا ، فان أهم ما انطوى عليه ذلك الرأي الأميركي ، هو أن مفاعل ديمونا فيما لو قام بناؤه ، فانه سوف يكون مقطوعا ، من أمامه ومن خلفه ، ما لم يكن هناك من يتعهد بأن يوفر له الوقود ، ليأخذه من بعد تشعيعه ليفاد منه ، وهذا الطرف ، لا بد من أن يكون فرنسا ، فهي التي أعطت المفاعل وهي التي تبنيه ، وهي الدائبة على حسم الخلافات بينها وبين الادارة الاميركية لصالحها ، بأن لا يعترضها أصدقاؤها وعلى رأسهم الولايات المتحدة ، وأن لا ينكروا حقها في بناء ترسانتها النووية .
فبذلك دلل ذلك الرأي على توجهات فرنسا ، وعلى ما هو أخطر منه في نظر الادارة الامريكية ، وذلك عدم اكتراثها ، وغياب الحذر لديها ، من مغبة المساهمة في انتشار السلاح النووي ، وفي ذلك اتهام صريح لفرنسا ، بأنها لا تحسن السلوك في أخطر المسائل العالمية .
وكان الرئيس الفرنسي ديغول ، بعد عودته الى سدة الحكم في فرنسا ، قد رفض أن يسمح للولايات المتحدة الأميركية ، بأن تنشر أسلحة نووية تكتيكية في فرنسا ، وأيضا أصر أن تستمر فرنسا في تطوير قدراتها النووية ، وأن تبتني لنفسها ، بنفسها سلاحا نوويا ، ليصبح في مدى الأيام قلب القوة الفرنسية الضاربة .
وهذا ما استدعى الادارة الاميركية الى تحريك الأمور في هيئة الأمم ، والى صدور قرار عن الجمعية العامة لهذه الهيئة ، وذلك في 20 تشرين ثاني 1959 ، يطالب فرنسا بالتوقف عن التجارب النووية التي تجريها في صحراء سهارا ، وقد صدر ذلك القرار ، بموافقة 51 عضوا واعتراض 16 عضوا ، وامتناع الستة عشر الآخرين .
وبرغم ذلك ، أجرت فرنسا عام 1960عدة تفجيرات نووية ، تراوحت قدراتها الانفجارية على النحو التالي : 60-70 كيلوطن ، 5-10 كيلوطن ، 2-3 كيلوطن .. ( كيلوطن تماثل ألف طن من المادة الانفجارية ت.ن.ت ) .
وهذا النجاح عزز الثقة لدى الاسرائيليين بالطرف الذي سوف يقيم لهم المفاعل في ديمونا ، وزاد من تعلقهم بالآمال التي يعقدونها على مفاعلهم ، ولكنه أغاظ الادارة الاميركية ، وأفرح ديغول ، الذي عبر عن ذلك باعلان ، قال فيه ، بأن ذلك النجاح انما كان ثمرة للجهد القومي الذي زاد في قوة الدفاعات الفرنسية والغرب عموما ، وبفضله تبوأت الجمهورية الفرنسية مقاما يتيح لها ويمكنها من التأثير على الدول الذرية ، في اتجاه نزع شامل للسلاح النووي ، وأيضا ديغول أرسل رسالة الى بييرغيوما قال فيها : " الفخر لفرنسا ، فبدءا من هذا الصبح ، فانها أكثر قوة وأكثر عزة ، ومن قبلي تحيات ، لكل الذين منحوا فرنسا هذا النجاح الباهر " .
وجدير بالذكر ، أن السخط الذي كانت تبديه بعض الدول الافريقية في أروقة هيئة الأمم ، وعلى الأخص منها غانا حيال انفجارات نووية تجري على أراضيها ، لم يجد له أحدا يرقى الى الاهتمام به .
ويبدو أن أحكام المقام الذي تبوأته فرنسا ، في ضوء تحولها الى دولة نووية ، وما كانت تصبو اليه من مرتبة دولية وجد ديغول ، أن الضرورة تقتضيه أن يجري تعديلا في سياسات فرنسا النووية ، وكان من ضمن ذلك ما له صلة بالمفاعل الذي تعهدت فرنسا أن تقيمه في النقب .
ففي 14 أيار من عام 1960 ، تلقت حكومة بن غوريون رسالة من ديغول ، يطالب فيها الحكومة الاسرائيلية ، بأن تعلن على الملأ عن مفاعلها ، وأنها توافق على جعل المفاعل تحت اشراف دولي .
وهذا ما دعا بن غوريون الى الحضور الى باريس ، وذلك في 13 حزيران ، لالتقاء ديغول ، فلعله يثنيه عن قراره .
وقد كانت ارادة ديغول حاسمة بهذا الشأن ، ولم يكن أمام بن غوريون ، بعد عودته من باريس الى اسرائيل ، وبعد مشاورات أجراها داخل الحكومة الاسرائيلية ، وداخل جهاز الأمن الاسرائيلي ، الا أن يقوم في كانون أول من نفس العام ، بارسال شمعون بيرس الى باريس ، وذلك لاستكمال ، ما لم يمكنه هو في غضون حضوره في باريس أن يتوصل اليه .
والتقى شمعون بيرس ، كوب دي مرويل وآخرين ، والتزم أمامهم بأن تقوم الحكومة الاسرائيلية ، بالاعلان عن المفاعل ، بأنه مفاعل أبحاث ، في مقابل استمرار المساعدات الفرنسية لاسرائيل .
وفي كانون أول ، نفس الشهر من نفس العام ، وتحت ضغط من ادارة الرئيس الاميركي ايزنهاور ، وجد بن غوريون نفسه ومعه وزير خارجيته غولدا مئير ، بصحبة موظفين أميركيين يساعدانهما في صياغة نص البيان ، الذي سوف يلقيه بن غوريون ، ويكشف فيه على الملأ ، عن طبيعة المفاعل .
لقد كانت الولايات المتحدة قريبة جدا من اسرائيل ، ومن مركز الأعصاب فيها ، وكان بمقدورها أن تلحظ وأن تستفسر وأن تعرف .
وليس يهمنا هنا في كثير أن نعرف كيف عرفت الادارة الاميركية بوجود مفاعل يتم بناؤه في النقب ، فسواء عرفت من طائرة الاستطلاع الاميركية يو2 ، أو من غيرها ، أو من فرنسا ، فلن يضيف هذا الأمر الى موضوعنا شيئا . لقد عرفت وهذا يكفي ، عرفت وسارعت مطلع عام 1960 الى احتواء الأمر كله ، سألت في فرنسا ، وسألت في اسرائيل ، وأنزلت ضغوطها هنا وهناك وسمع بن غوريون وغيره ، وأيضا غولدامئير ، من الادارة الاميركية كلاما واضحا ، لا لبس فيه ولا غموض ، ولا بالامكان ليه أو ثنيه ، ولا حتى تأويله على غير ما جاء عليه ، وكان الكلام على المفاعل وصيغة الكلام لم تكن معهودة من قبل . كان الكلام واضحا وله معنى مفهوم ، وهو أن تطوير قدرة نووية اسرائيلية لأغراض سلمية هو ما تؤيده وتدعمه الادارة الاميركية ، أما أن يكون تطوير قدرة نووية بغرض انتاج سلاح نووي أو امتلاكه ، فهذا ما تعترض عليه هذه الادارة ولن تجيزه .
وكانت لتلك الادارة دواعيها وقناعاتها ومبرراتها ، فمبدأ ايزنهاور الذي ينحو سياساتها في الشرق الأوسط ، هو مبدأ أصيل لا محيد عنه ، وذلك لأنه يعني أن تهيمن الولايات المتحدة على هذا الشرق ، وعلى هذه البلاد العربية الغنية بالبترول والتي وصفوها في داخل البيت الأبيض بأنها أرض قد تصادف وجود بشر عليها .
فكل ما لايدعم تحقيق هذه الهيمنة ، وكل ما يتشكل في شكل عقبة سوف تعيق ، أو عارض سوف يعترض ، فهو مرفوض ، ويولد في وعي هذه الارادة دافعا يدعو الى التصدي له أو تحييده جانبا ، وعزله وذلك الى أن تأتي فرصته ويتم التعامل معه .
وحيث أن اسرائيل ، قد تبندت بين عناصر القوة في الاستراتيجية الاميركية الموكلة باحتواء المنطقة العربية برمتها ، فليس أن تبني اسرائيل قدرة نووية تستطيع تطويرها ، وتحويلها في مستقبل الايام الى حال تقترب به من انتاج سلاح نووي ، ولكن لا تنتجه ، ليس هذا الذي استجمع الارادة الاميركية فاعترضت ، فهذا لا يقع خارج نطاق التسامح الاميركي مع حالة قد تغدو بمثابة " حالة خاصة " في كل ما يتصل بالدعم الاميركي القادم .
لقد كانت للادارة الاميركية حساباتها ، وموازينها الخاصة بها ، فانتاج اسرائيل لأسلحة نووية بالاضافة الى أنه سوف يقلل من تأثير الولايات المتحدة على حليفاتها الصغار ، فانه بالتأكيد سوف يؤدي الى " فقدان السيطرة " في منطقة ساخنة وهامة مثل الشرق الأوسط ، وفي مناطق أخرى من العالم ، وذلك يعني أن يكون مصير العالم خارج نطاق السيطرة الاميركية ، فهذا السلاح النووي ، اذا انطلق من عقاله ، فان أحدا لا يدري الى أين يؤول المصير .
المخاوف من انتشار السلاح النووي كانت كبيرة
وقد شهدت الجمعية العامة للامم المتحدة في جنيف ، في ذلك الوقت مداولات بهذا الشأن ، وقد كان قدح الكبار بعضهم ببعض ليس بسيطا ، فكل ألقى على الآخر تبعات ما تم انتشاره من ذلك السلاح في العالم .
وبرغم ذلك كانت الولايات المتحدة ومعها الاتحاد السوفياتي ، يعملان على اقامة نظام عالمي لمنع انتشار السلاح النووي في العالم . وذلك لينضاف هذا النظام الى الوكالة العالمية للطاقة الذرية التي كانت قد أقيمت ، وباشرت أعمالها منذ عام 1957 .
وكانت ادارة كنيدي ، ومنذ عام 1961 قد جعلت من العمل على منع انتشار السلاح النووي قاعدة مركزية في سياساتها الخارجية ، بل أولتها اهتماما لا يفوقه أي اهتمام واستمر هذا الحال على حاله في ادارة جونسون .
وفي عام 1963 تم التوقيع على " اتفاق الحظر الجزئي لاجراء تجارب نووية في الغلاف الهوائي " .
لقد أطلت المخاوف مكشرة عن أنيابها الرهيبة ، وبات الاحساس بالرعب من هذا السلاح ، يثير حساسية مشوبة بالحقد .
فأن تكون هناك دولة تحاول أن تبتني قدرة نووية ، وتأتي الادارة الاميركية اليها تريد أن تمنعها من ذلك ، أو أن تحتويها ، أو تحتوي مشروعها النووي لتضعها أو تضعه ، في النصاب الذي ترتأيه ، وترفض هذه الدولة الخضوع لارادة تلك الادارة ، فذلك معناه أن الحقد في داخل تلك الادارة ، قد بدأ يفتش له عن كوة يندلق منها على تلك الدولة وعلى مشروعها .
فهل تراهم المالكون لذلك السلاح تحولوا الى أسارى بيد تلك المخاوف ؟!
أم أن اسلوب استبداد وسيطرة ، قد أتاحه ذلك السلاح ، وانما هم يوظفون هذا الاسلوب في اغتنام فرص ما تهيأت لهم من قبل ؟!
البادي هو الاحساس بالخطر ، وهذا مبرر وسبب لذاك الاسلوب . والقلق على المصير حق مشروع ، وفقط أن يفهم هذا القلق ، قلق الآخرين على مصيرهم هم ، وهذا ما لا يتفق وذلك الاسلوب ، لأنه ينتزع منه شرعيته ، وهو لذلك قلق لا تستوعبه الادارة الاميركية ، ولا تفهمه ، وانما تفهم مصالحها ، وتوظيف ذلك الاسلوب ، وغيره من اساليبها في تحصيل هذه المصالح ، مثال ذلك مجال الصواريخ والمجال النووي ، وهما مجالان للبحث العلمي ، وكانت مصر قد شرعت بهما في أواخر الخمسينيات ، ومطلع الستينيات ، وكانا لما يتجاوزا بعد مراحل البداية ، ولكن الادارة الاميركية قامت اليهما تطوقهما وتضربهما وتنذر مصر شرا لا يطاق ، لقد حرصت الولايات المتحدة على تقويض مقومات أمن الجماعة العربية ، وهي ما زالت كذلك ، وما عنصر من عناصر القوة لأمن هذه الجماعة الا وتكيد له كيدا فظيعا .
ونلاحظ بأن هذه الدولة العظمى ، ما زالت تسعى الى السيطرة على هذه الكرة ، وبيدها أخطر سلاح في التاريخ ، وتملك منه ما به تستطيع ، لو شاءت ، ولن تستطيع ، أن تدمر العالم مرات ومرات ، ويكفي مرة واحدة .
ونلاحظ بأن هذا السلاح النووي ، قد رسب في سلوك الادارة الاميركية وأرسى فيها قناعة مطلقة ، وهي أن فقدان سيطرتها على ما تملكه من سلاح نووي ، وما لا تملكه ، انما يعني أن دبيب الكارثة بات مسموعا في البيت الأبيض ، وأن هذا الدبيب يعني أن الكارثة شدت رحالها الى الولايات المتحدة .
ونلاحظ في مباني الفكر التي نسجت سياسات نووية للولايات المتحدة أن بؤر التوتر ، في بقاع العالم المختلفة ، يجب أن تكون خالية من السلاح النووي ، وخالية حتى من امكانية انتاجه ، وهذه مهمة السياسة الخارجية للادارة الاميركية ، وهذه مهمة السياسية الخارجية ، وهذه المهمة الموكلة بتحقيق هذا الهدف مبررة ، بأنه اذا أصبح هذا السلاح في متناول " الصغار " ، وتم استحدامه أو التلويح به من جانب طرف ، ضد طرف آخر ، بالتهديد أو بالفعل ، فذلك يمكنه أن يسحب الكبار ، وعن غير رغبة منهم الى التورط ، بأخطر الأسلحة في نزاعات اقليمية ، فليس من مصلحة الكبار أن يمتلك الصغار سلاحا نوويا ، ومنعهم من امتلاكه هو جزء من أمن الكبار ، وجزء من سيطرة الكبار على مناطق العالم المختلفة ، والتفريط بذلك هو بعينه تفريط بهذا الأمن ، وفقدان لهذه السيطرة .

وكان يعني ترك اسرائيل مندفعة ، في استجلاب امكانيات البناء لقدرة نووية عسكرية ، معناه بث قلق حقيقي في دول المنطقة ، وايقاد اندفاع جارف نحو بناء مماثل ، وبفارق الامكانيات ، لا بد وأن يكون أضخم ، وهذا سوف يجعل المنطقة في مستقبل الأيام ، بؤرة توتر رهيبة تنذر بحرب نووية تجرف العالم معها الى الهاوية ، وأيضا ومن مسافات بعيدة من حافة الخطر والانزلاق الى حال كهذا ، فانها تغدو منطقة غير ميسورة الاحتواء وتصعب السيطرة عليها .
وهذا تعاقب حوادث وتطور منطقي ، ولكنه يتنافى ورغبات الولايات المتحدة ، بل وينسف مصالحها ، ويقضي على كل تأثير سياسي لها على هذه المنطقة ، وينطوي على خطر حقيقي يتهدد الولايات المتحدة نفسها ، واذن على اسرائيل أن تفهم ذلك وأن تعيه ، وأن تتحاشى الخلافات بين أهداف الاستراتيجية الاميركية ، وبين أهداف الاستراتيجية الصهيونية العالمية ، والتوافق بين هذه الأهداف وتلك ، هو الأجدر بالاهتمام والتأصيل ، واسرائيل من مصلحتها أن تكون بتفكيرها وقرارها ، حيث الالتقاء والاتفاق في طبيعة الأهداف ، وذلك ما يضمن لها الولايات المتحدة الاميركية أن تكون الى جانبها ، وليس فقط في قضايا الأمن ، بل في قضية وجودها كلها.
واما اذا حسبت اسرائيل بأنها بامتلاكها سلاحا نوويا تكون قد خرجت من دوامة الأمن مستقرا ، وأن العرب والمسلمين ، من حولها ، سوف يقولون في أنفسهم ، بأن اسرائيل بيدها سلاح نووي ، وما لنا من أنفسنا حول ولا قوة ، وليس لنا الا أن نقعد بعيدا عن مناهزتها ، فأي مناهزة لها من جانبنا سوف تميط علينا كارثة ، فلا يبقى منا سوى اشلاء ممزقة متناثرة في أرجاء بلادنا ، اذا حسبت اسرائيل هذا الحساب فقد أضلها حسابها .
فالسلاح النووي ليس مطلقا ، وليس بمكنته أن يحقق أمنا مطلقا ، فما هو بالسلاح الذي يجيز طلاقة القدرة في استعماله أو التهديد به ، عند كل سخونة للنزاع بين اسرائيل وجيرانها ، ولا حتى في حالات اندلاع حروب محدودة النطاق والأهداف .
ولو أن اسرائيل تستطيع استقطاب العلماء واستجماع المال ، واستجداء التكنولوجيا ، وتقدر على بناء ترسانة نووية تطال المنطقة العربية كلها ، فان هذه الترسانة لن يكون في مقدورها أن تردع العرب ، ولا أن تحجبهم عن حقوقهم ، وذلك لأن كرامتهم مجروحة ، والمهانة تفترش وجوه زعامتهم ، ومنهم حتى أولئك الذين توسدوا ، وتلحفوا الأجنبي ، وتنمطقوا بعناصر قوته ، فهذه الشعوب العربية ، برغم ما تبدو عليه من بؤس الحال ، فانها تعرف كرامتها ، وتعتز بماضيها الزاخر بالعزة ، وتريد مستقبلا مثيلا له .
ثم ان هذه الترسانة التي نفترضها تحت الحاح الحوار ، فبمجرد ظهورها حقيقة قائمة بالفعل ، فسرعان ما يتصدر الأمن الجماعي العربي أولويات القلق على المصير ، والتنبه الى الخطر ، والصحوة التي لا تهدأ ، وذلك في كل ركن من أركان الوطن العربي والاسلامي .
وسرعان ما يغدو الحاح الأمن عاصفا ، وموجها لكل الطاقات في اتجاه الخلاص من دوامة الأمن ، وقد تأزم حالها ، واضطرب بظهور " تلك الترسانة " .
وتغدو الوحدة العربية والاسلامية في حال مولود في بطن أمه ، وتوشك أن تدب قدماه على الأرض ، فتعرفه الدنيا ، وهي الوحدة التي يا طالما برمت بها اسرائيل ، ووجلت من سيرتها ، وخشيت على نفسها منها ، وعملت ضدها ، ورغرغ صدرها طربا بكل ما ابتعد بها عن ميلادها .. هذه هي الوحدة تدنو وتقترب ، ودنوها واقترابها يحصل بسبب الخطر الداهم الذي أنشأته اسرائيل في النفسية العربية والاسلامية .
فعلى اسرائيل أن تحاذر ، وأن تفهم خطورة نزعتها النووية ، على نفسها ، وعلى أصدقائها .
وأما اذا الظنون والحسابات الخطأ ، قد جعلت اسرائيل تتصور بأن السلاح النووي الاستراتيجي ، فيما لو أصبح في حوزتها ، فانه الرادع الذي به سوف يرتدع العرب ، ويكفوا عن أفكارهم وأحلامهم المستنبتة في أمخاخهم بأصداء تاريخ يرونه مجيدا ، فيقبلونها كدولة ، وكجارة جارت وتجور ، ويتعاونون معها مثل ما أن الدول تتعاون فيما بينها ، فان هذا يختلف ، ولا يدعو الى امتلاك سلاح نووي استراتيجي ، ولا يدعو الى تصنيعه ، حتى وان توفرت قدرة على ذلك ، والسبب هو أن العلاقات السوية بين الأسوياء ، لا تستوي ، ولا تنبض فيها حياة صحيحة تحت ظلال التخويف والاكراه .
ولعمري ذلك النوع من السلاح يشكل ضاغطا مرفوضا واكراها غير مستساغ ، ومبررا يحفز الى امتلاك مثيل له ، استقبالا لمواجهة لربما تنشأ عن تردي تلك العلاقات وتصدعها ، وذلك فيما لو كان لها أن تقوم .
وماذا تفيد قنابل النيوترون ومعها كل السلاح النووي التكتيكي في مواجهة الفلسطينيين ؟! فهؤلاء لن يكفوا عن مناهزة اسرائيل ومطالبتها بحقوقهم ، طالما أنهم في وضع الغرباء في أرضهم ، وفي وضع الغرباء في الغربة .
ان الفلسطينيين يديرون صراعا ، لا يسمح باستخدام سلاح كهذا ضدهم ، ولا التلويح به يمكنه أن يبني رادعا يرتدعون به ، وذلك لأسباب كثيرة ، ويعرفها الجميع ، ومن بين هذه الأسباب ، الجغرافيا ، وتوزيع السكان فيها ، فان لهما من الأحكام ما ينسف ذلك الردع ، وينسف ذلك الاستخدام ، ويحيل السلاح النووي ، فيما لو كان موجودا ، لدى هذا الطرف أو ذاك ، الى اضافة غير مرغوبة ، بل ومرفوض اقحامها كعنصر من عناصر الصراع الدائر بينهما .
وأما اذا هم قادة الأمن والسياسة في اسرائيل ، قد استأسرتهم هواجس وشكوك ومخاوف من زمن تجد اسرائيل نفسها فيه ، وقد أحاطت بها جيوش عربية من كل ناحية ، وفي مكنتها بالاسلحة التقليدية هزم جيش اسرائيل ، فان السلاح النووي بيد اسرائيل ، يغدو بمثابة الملاذ الأخير الذي تلجأ اليه اسرائيل ، فتدحر هذه الجيوش العربية ، وتبيدها وتحفظ وجود اسرائيل .
وبظني أن افتراض مشهد كهذا للتناحر ، انما يقام لاقامة مبرر لامتلاك سلاح نووي ، وهو مبرر ينطوي على خطأ في تقدير الأمور وحسابها . والمغالطة تكمن في ربط استخدام السلاح النووي بحفظ الوجود ، ولو قيل للردع المتبادل لاختلف شأن المغالطة التي أعنيها ، فثمة ظروف للمناحرة كالتي أوردها بن غوريون ، انما تنم على عقلية تشرتشلانية ، لم تسمح لها ظروفها ، بأن تفهم طبيعة السلاح النووي ، وقد رسب في وعيها ذلك السلاح كعنصر من عناصر القوة في الصراع ، ولكنه يمتاز بشدة الدمار الذي يمكنه أن ينزل في صفوف الخصم . ففي ظروف مشهد كذلك الذي ذكره بن غوريون وأوردناه ، لا يكون اختيار قادة اسرائيل بين الوجود أو عدمه ، وانما بين الكارثة وبين التنازل عن اسرائيل ككيان سياسي ، وهنا مؤشر أفعل التفضيل سوف يشير الى التنازل عن الكيان السياسي وحفظ الوجود بلا دولة ، وسقوط فكرة الاستخدام للسلاح النووي تكون واجبة ، والسبب هو أن استخداما كهذا سوف يقابل بالمثل ، ويصبح الاستخدام بذاته استجلابا للكارثة ، ولن يجيزوا لأنفسهم أن يكونوا سببا في تشكلها .
ثم ان العرب بكثرتهم ، وبسعة بلادهم ، لقادرون في لحظات حاسمة من التاريخ ، أن يستوعبوا ضربة نووية أولى تنزل بهم ، من جانب اسرائيل ، لكن مشكلة اسرائيل ، بأنها لا يمكنها أن تستوعب ردهم على ضربتها الأولى بضربة نووية مماثلة أو بأقل منها ، ومرة أخرى ، الجغرافيا ، والسكان ، وعلاقتهما بالأمن والعناصر اللازمة لتحقيقه .
وكذلك الردع ، فان له صلة وثيقة بالمقدرة على التحمل ، ولنفترض أن اسرائيل والعرب سوف يمتلكان في زمان قادم سلاحا نوويا ، ويتحقق فيما بينهما توازن نووي ،
وهنا فان الطرف الأقدر على التحمل ، فيما لو أبدى استعداده أن يتحمل ضربة من جانب خصمه الذي لا يحتمل ضربة مثلها ، فانه في لحظات الأزمات الفوارة لقادر على حرف ميزان الردع لصالحه ، وذلك فيما لو استطاع اقناع خصمه بأنه عازم بالفعل على تنفيذ تهديده ، واذا تم له تحصيل هذا ، فيمكنه عندئذ أن يملي شروطه .
ومن ذلك كله ، وعلى أي دائرة فكرية تدور ، وعند أي احتمال تتوقف ، وتتبصر الأمور وتحلل معتمدا الاسلوب العلمي في البحث في معقولية النزعة الاسرائيلية الى سلاح نووي ، فانك تصل الى أن فكرة الحاجة الى سلاح نووي لا تجد ما يبررها ، أو يدعمها ، ناهيك الى أن بناء مشروع نووي متكامل ، وبطاقات ذاتية ، وبهدف صريح ، هو تصنيع قنابل نووية ، في حد ذاته مشروع كبير ومتشعب الجوانب ، ويحتاج طاقات مادية وبشرية وعلمية هائلة .
والعلماء والفنيون ، لو وجدوا في فترة من الزمان ، فانهم بشر ، يهرمون ويموتون ، ولذلك ثمة مشروع ضخم كهذا يحتاج الى مؤسسات علمية توفر الطاقات العلمية ، والفنية على الدوام ، وذلك لكي تضمن استمرار المشروع النووي ، وتضمن امتداداته ، وأيضا هذا جانب يحتاج امكانيات مادية ضخمة ، ناهيك عن مشكلات المشروع النووي ، بدءا بمشكلة النفايات النووية ، ووصولا الى احتمالات تسرب الأشعة النووية ، في بلد صغير ، فحالة واحدة كهذه يكون لها آثارها الخطيرة جدا .

.................................................. ...........

ملاحظات ( توضيحات ) :

( 1 ) : لانتاج قنبلة نووية (أو سلاح نووي ) هناك حاجة الى مادة نووية انفجارية ، وفي هذه الحالة يتم تحضيرها من مادة اليورانيوم الطبيعي ، فهذا موجود في الطبيعة على شكل خليط من يورانيوم 238 بنسبة 99.3% ، ويورانيوم 235 بنسبة 0.7% ، ففي حال مفاعل نووي يمكن تشعيع اليورانيوم الطبيعي ( يتم استخلاصه وتهيأته على شكل قضبان توضع في قلب المفاعل ويتم تشعيعها بواسطة نيوترونات حرارية ، ومن ذلك يمكن استخلاص بلوتونيوم 239 ( ذرة يورانيوم 238 تبتلع نيوترون وتصبح بلوتونيوم 239 ) ، بواسطة تقنية خاصة بذلك ، والبلوتونيوم هذا هو المادة التي يراد الحصول عليها من اجل صناعة قنبلة نووية .
( 2 ) : وكذلك يمكن استعمال يورانيوم 235 في انتاج قنبلة نووية ، لكن طريقة استخلاص هذه المادة من اليورانيوم الطبيعي مختلفة ، فهناك عدة طرق ، منها تحويل اليورانيوم الطبيعي الى فلوريد اليوراينوم ( فلوريد يورانيوم 235 وفلوريد يورانيوم 238 ) وهو غاز ، وبتقنية معينة يمكنة فصلهما للحصول على فلوريد يورانيوم 235 ثم استخلاص يورانيوم 235 ، ومن التقنيات المستعملة هي طريقة الطرد المركزي( السنترفوجا ) ، التي شاع ذكرها في خلال الحديث عن العراق أو ايران ، وهناك طريقة ( الانتشار الغازي ) وما الى ذلك ، وهي تقنيات حين ذكرها ، تترافق مع كلمة تخصيب ، أو تثرية .

الغصن المثمر
03-12-2009, 17:07
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

:a_plain111:بارك الله لك أخي على هذا المجهود الرائع

محمد يوسف جبارين
04-12-2009, 00:54
" نسيان " وأحلام مستغانمي
واذكري " ليلة الجدي " هو الحل

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين


" نسيان . com " ، هو كتاب للأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي ، وهو في موضوعه الذي يتناوله في جانب مختلف ، عن ثلاثية الكاتبة الشهيرة ( ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، عابر سرير ) ، والتي على ما يبدو كانت الوجه الأدبي الذي رسب في الوعي العام للأديبة ، وهذا بعينه ما شكل تصورا أو قياسا ، لدى كثيرين ممن أقبلوا على كتاب " نسيان " حال صدوره ، فكانت دهشتهم ، اذ لم يجدوا في نسيان ، ما ظنوه في انتظارهم ، فلقد جاء " نسيان " ، متناولا الحب في جانب منه ، لكنه ليس بحال مثيلا لأي من الأجزاء الثلاثة للثلاثية الرائعة ، فبدت تساؤلات تجلت في ملاحظات ، وفي مقالات ، وهي في كثير منها ، تطل بالدهشة الناطقة بالسؤال : ماذا دعا الى هذا ؟ وماذا جرى للمقدرة الأدبية للأديبة ، ولماذا هذا الاختلاف ؟ ، ولماذا لم يأت نتاج الأدبية ، بذات النسق ، وبذات الموضوع وبذات التناول أو ما يشبهه ، وكأن عقل الأديبة وابداعها يتوجب أن يكون مقصورا على وجه من الفن الأدبي ، فلا يتجاوزه ، وهذا ما لا لم يقل به ، ولن يقول به ذو باع طويل أو قصير في الأدب ، أو في كتابة في أدب ، أو علم ، أو ثقافة أو صحافة ، أو ما حلى للعقل أن يجوبه من وجه من خيال أو واقع ، وبازاء تلك الدهشة الهائمة ، بكل لا دراية في بناء فني لنص ، ولا باتجاهات الفكر وتناولاته ، واطلالاته ، ليعجب الانسان من تأويلات وترهات ، واسقاطات على بناء فني ، لم يعيه القائل بها ، ولم يدرك كنه ، ولا حتى فطن ، بأن من ليس به ما يمكنه من أن يعقلن ما يحاول أن يتعلقه ، فالأجدى له أن يعود الى العقل لأعادة تأسيسه ، على ما يؤهله الى تناول يكون مستقره نتاج عقلن يتعقلن عقلنة ، فليس كل منطوق بالضرورة قولا يجاز أخذه على أن عقلا يجيزه أو يرتضيه ، وهو ما لا يدركه اللاعقل ، فهو اللاعقل الذي من براعتة ما لا يعقل ، فنص هنا ونص هناك ، فيما لو استوى على هذا أو ذاك السؤال ؛ فما صلته بما يتناوله ، فلا غير استواء العقل على ، أن يكون فض النزاع مع النص ، بالغاء النص من رتبة حاول أن يتبوأها ، أي انتزاعه ، من كون محتواه بما يقال فيه له أدنى صله بما يتوهمه بأنه يعنيه ، وغير ذلك من ملفوظات تائهة عن معنى لها ، من مثل " فوضى النسيان " ، كوصف حائر تائه عن معنى ، لسرديات الأديبة في كتابها " نسيان " ، وثمة لفظ كهذا يستدعي التساؤل ، فما فوضى ، وما نسيان ، وما المعنى الذي يستوي عليه نتاج اقترانهما معا ، وما صلة هذا الاقتران بكتاب " نسيان " ، للأدبية البارعة في السرد ، وفي انتقاء البناء الفني واحكام حلقاته ، وكيف جاز لهائم على رؤوس موج من جهل ، أن لا يعرف ، بأن جهله ، انما هو فاصلة بينه وبين المعرفة ، أتراه بلغ الجهل عماء بصيرة ؟ ، لربما ! ، فغالبا ما الجهل ينبه من اتخذه نطاقا له ، بأنه الجهل الذي لا يمكنه الا أن يجعل صاحبه جاهلا ، فأي جهالة هذه التي باتت تجهل جهلها ، وأصبحت تظن في ذاتها مقدرة على الاستواء على تقدير وتبيان وتصدير أحكام ، أفحكم الجاهل يمكنه أن يكون ، بغير دلالة على حال نفسية وعقلية حطت به على غير بصيرة ، لتحكي لنا قصتنا في هذا الزمن مع جهالة جهلاء تنهش في لحم الابداع كله .
فليس ثمة معنى لجملة فوضى النسيان ، فهي جملة يصعب أن يجد لها العقل في الواقع ما يبين عن معنى لها ، فهي مثل كثير من الجمل العربية التي اعتاد العربي أن يقولها ، فاذا دنوت من سؤال عن معنى لها ، أصابه التفات الى صورة في وعيه خالية من صلة بواقع ، ليدلل على ما يقصده بقوله تلك الجملة ، واذا مقصود الدلالة للجملة على معنى معين ، أو على سردية في كتاب نسيان للأدبية أحلام مستغانمي ، فبالامكان النظر عميقا في سرديات الكتاب من أوله الى آخره ، لكي نجد بأنه محكم في سردياته منظم في فكراته ، وبأن كل السرديات والفكرات التي اشتملتها ، للدلالة على حالة انسانية في واقع ، أو لتبيانها ، لاكتناه موقف في مواجهة وضعية انسانية معينة للمرأة العربية ، فانما قامت بها الكاتبة أحلام مستغانمي ، بذكاء وبلغة متلهفة على السرد ، ما يجعل القارىء يتلهف على المزيد من القراءة ، وعلى المزيد من الانتباه ، فليس ثمة تناقض في السرد ، ولا في عرض الفكرات التي تريد أن تجليها الكاتبة ، ولا ثمة فوضى في الترتيب ، ولا في انسياق نظام التواتر للفكرات في السرديات ، بل هي تصب معا في غاية محددة للكتاب ، فالكتاب له بنائية محكمة ، وهي قد تشكلت ببراعة الكاتبة ، على ما يخدم غاية اقتضتها أن تصب فيها ، فلا فوضى في الفكر ولا في البناء الفني ، وليس ثمة تناقض ، في مجرى السير بالكتابة ، في اتجاه غاية قام من أجلها الكتاب ، ولربما الفوضى تبدو في خيال قارىء أو متبصر ، يحاول أن يمتد بنظره الى وضعية المرأة ليشمل ما في الحياة منها ، فيعجب لكل ما يموج به خياله من تصورات ، فلا تنتظم له ، بل تتداخل وتتعارك ، فيتوه في داخل اشكالية استولدها له خياله ، بسبب من عدم تدخل من عقله في هيئة منظم ثم باحث ثم مكون لحكم ، وهي خصيصة عقل يتصور بخفة وبهلهلة بلا نزعة الى فهم ، وانما برغبة من اطلالة مشوقة ، تحل في فراغ وقت جانح الى تهافت ، وهي حالة لا علاقة لها بالكتاب ولا بالكاتبة ولا بما كان له الكتاب .
ولقد لفت انتباهي قراء عديدون الى استعجابهم من تفاوت بين الثلاثية وبين كتاب نسيان ، وبرأيهم أن الكاتبة واحدة فكيف اللغة هنا والسرد هنا ، والبناء الفني هنا في نسيان مختلف جذريا ، عنه في الثلاثية ، وبرأيهم بأنهم حين أخذتهم اللهفة على كتاب جديد للكاتبة ، قد أخذتهم بوازع من أثر الثلاثية في نفوسهم وعقولهم ، ولكنهم فوجئوا بما هو مختلف ، ولقد أجد العذر الى هؤلاء فهم بالضرورة ليسوا ممن برعوا في كتابة ، وانما في تذوق رواية أو نص فهم مقبلون على قراءة ما يستهوون ويحبون ، فليسوا ممن لهم صلة عميقة بتكوين حكم في نص ، فتساؤلهم به من دلالة على مستوى وصلوه ، وهو ما يدعو الى لفت انتباههم الى أن ما يقولونه صحيح ، لكن استعجابهم يزول حين يدركون بأن الثلاثية انما هي حكاية وطن ..حكاية شعب ، والكاتبة بازاء وطنها وشعبها ، اختارت ما يتفق من بناء فني ولغة وسرد ومفاهيم في جملتها شكلت الحكاية ، لكن " نسيان " ، هو كتاب له خصيصة مختلفة بتة ، فهو يقترب بتناوله للحب على اطلاقه ، ولكنه ليس كتابا في وجوه للحب وفقط ، وانما هو يتمركز في وضعية للفتاة أو المرأة في جانب من هذا الحب ، وهو العذاب الذي يظل كنار تتقلى عليه الفتاة أو المرأة تحت ظروف شتى ، وهي نار الشوق والوفاء ، فالحب له وجه وفاء ، وهذا باب اعتصار للنفس وبالتالي عذابها ، وهي عذابات ملأى بالمرارة وبالشوق أو بالرغبة على استواء الحس على علاقة سوية مع من ينحو نحوه الحس ، فثمة آخر وهو الذي تسبب بالعذاب ، بصرف النظر ، كان ظالما أم مظلوما ، فالحب لا يفهم سوى ذاته ، فهو الحب الذي لا يعترف بعارض ، فهو قوة نفسية عابرة للحدود ، لا حد يمكنه أن يحد من حب ، ولا تبرير يمكنه أن يكون مبررا لدى حب ، فالحب هو الذي يأخذ بجماع النفس وينحو بها بملء ما به من معان الى من هو الحبيب ، حتى وان قسى بهجر أو بقطع صلة ، فهو الحب الذي يمتلك النفس ، ولا حول ولا قوة لعقل بحال نفس تحب ، فالعقل تابع لا متبوع ، فعقلنة الحب ضرب من وهم ، فهكذا يبدو للحبيب ، فهو مرتاح في حبه ، فهو الحب الذي يشعله ويضيء له الحياة ، بطريقة لا يمكنه معنى آخر، أن يقوم بمثل ما يقوم به هذا الحب ، فأحضان الحبيب هي الدنيا وما فيها ، فهكذا يتراءى لمن أحب ، فهو بالحب يملك الدنيا ، بل يملك كل ما يريده من هذه الدنيا ، ومن هنا الاحساس بالحرمان ، حين البعاد أو الهجر أو القطيعة أو ...، فنشأة العذاب في النفس كثيرا ما أدت الى حالات نفسية تحتاج الى من يعين ، وهو العون المظنون بأن به خلاص من حس عميق اسمه الحب ، فكيف ؟ ، وهل ثمة شفاء من حب ، فهو الذي لا شفاء منه ، فهكذا تذهب الظنون ، وعلى الأخص منها ظنون العاشقات ، فكثيرة هي العذابات التي تتشعب ألوانها في نفوس معذابات ، وكثيرة هي في الواقع السرديات لعاشقات ، ومن أحببن ، فثمة سير كثيرة ، تحتاج الى سرد يتعقلن ما لا تراه العاشقة نفسها ، بأنه القابل لعقلنة ، لكنه رأي ووجهة نظر عقل يطل على مشهد عذاب لعاشقة أمامه ، ويرى بأن هذه العاشقة تحتاج الى معونة من فكر ، يساعد في هكذا حال ، وهكذا يذهب من بهم اطلالة على أحوال العاشقات ، فبظنهم ثمة عقل يجب أن يأخذ دوره ، ولا بد لهذا العقل من أن يطل على عقل العاشقة ، ليخرجها مما هي فيه ، من ذوبان في عشق، أصبح في حكم عذاب ، فهو عشق أو حب لطرف أدار ظهره ، ولم يعد في حقيقته طرفا في علاقة بهذا الحب الذي تتقلى العاشقة على ناره ، فالاكتواء المستمر بنار حب كهذا لا بد من أن يتوقف ، فكيف ، فهنا البذل ضمن الصياغة أو الابداع لهذه الكيفية ، وهنا كان دوما دور النزوع الى تقديم عون لهذه العاشقة ، وكذلك كان أداء علماء نفس ولم يزل في أحوال حب كثيرة ، فهي الكيفية التي يراد لها أن تكون فالحة في تحقيق خلاص عاشقة من عشق يمرمرها، فما هي هذه الكيفية ، وهل يمكنها أن تكون بملء المراد منها ، من استخلاص نفس عاشقة ، من حب استحال نبع مرارة ، تمزق في حياتها ، فهي انسان ومن حق هذا الانسان الأنثى أن تستوى له الدنيا ، فلا يجب أن يكون ضحية طهارة نفس ، ولا ضحية وهم ، ولا ضحية من أي قبيل من ذلك فهي انسان ، ولا أصح من أن يبلغ الانسان بانسان درب خلاص ، وهنا كان البحث عن معالجة عاشقة من عشق يكاد ينتقصها حياتها بعد غدر أو هجر ، هو برأيها لم تكن هي تستحقه ، فهي عاشقة وبها عطاء العشق ومظلومة مغدورة ، متمرمرة بمزيج من حب واحساس بظلم ، وهنا في هذا النطاق كان للادبية أحلام مستغانمة ما يزيد في عمق تأملها ، اذ سنحت لها ظروف علاقة أن تتم دعوتها لترى كيف أنه يتم استعمال الثلاثية في معالجة نفسانية ، وكان لها مشاهداتها بأم عينيها في عيادة ما في الخليج ، فكانت تساؤلاتها ، وكانت اطلالة فكرها ، وهجم عليها سؤالها ماذا يمكنها أن تضيف ، وكيف يمكنها أن تؤلف ، فهو نطاق ملهم للأديبة وخاصة منهن أحلام مستغانمي التي أبدعت في تصوير حب الوطن الهائم على موج متلاطم زاخر بكل تيار يهب على الوطن ، فكانت فكرة الكتاب (نسيان ) ، فهي حالات حب مختلفة ، وهي عذابات متفاوته ، وهو حرمان يموج فيها جميعا ، وهي كلها حالات لا يحسن بها حل سواه الذي انتبهت اليه احلام وهو نسيان ، فلا حل سواه ، انه البدء من جديد ، فهي حياة انسان ، وهو في هذه الحالة انثى ، ومن حقها على نفسها أن تنسى ، وتبدأ مباشرة حياتها ، تتجدد بنسيان ، لتبدأ بداية أخرى فتقبل على الحياة ، فلا تظل أسيرة حب لم يعد له طرف آخر ، فلقد أصبح مقطوعا ، فهي الحياة التي تركض ، وأولى بالانسان أن يدركها ليكون فيها فاعلا ومؤثرا ، فالعاشقة يجب أن تلتفت الى نفسها ، وتخدم نفسها بنسيان من هو جدير بأن يطويه النسيان ، فالنسيان هو الحل .
ومن هنا وعلى دفات فكر الأدبية راح يترتب البناء الفني لكتاب اسمه " نسيان " ، فحالات عشق مختلفة ، تدور بها عذابات متفاوتة في عمقها ، وفي مبلغ تأثيرها على حياة العاشقة ، وهكذا أصبح لا بد من تبويب الكتاب ، بما يتفق والحالات التي يتناولها . وكذلك العناوين ، فلا بد وأن تكون بها دلالة على مضمون الحالة العشقية ، وأيضا كل حالة لا مفر ويتم تناولها بما يتفق وكيفية تخليص العاشقة من عذاباتها .
وبالتفاتة الى جميع الحالات العشقية ( أو حالات الحب الذي أصبح منصبا على طرف علاقة لم تعد قائمة ) ، الدامعة أسى وحسرة كلها ، لنجد بأن جامعا في الخطاب اليها ، هو ضرورة نسيان في حياة الانسان الأنثى ، فكيف والذكريات لا تنفك تطل بما بها .. كيف يتأتى نسيان ، فاذكري أيتها الأنثى " ليلة الجدي " ، فلعلها تتدافع الذكريات الى زاوية النسيان ، وهو حل تنطق به حكمة جزائرية تحكيها الكاتبة في كتابها ، ولا أدري لماذا لم يتعنون كتاب الكاتبة ب " ليلة الجدي " بدلا عن نسيان ، فلربما لأن (نسيان ) غاية مطلوبة بذاتها ، رغم كل هجوم كاسح لذكريات ، وذلك لكي تبدأ هذه الأنثى الانسان حياة من جديد . وحيث أن الحالة العشقية الواحدة ، ليست بلا مثيل لها ، وانما هي ظاهرة عامة ، وذات تكرارية في الحياة وعبر الزمان ، فلا بد من مناخ عام ، من جمع شمل الصيحة الفردية ( نسيان ) ، في اطار صيحة جامعة كلية (نسيان ) ، فلست وحدك ، وانما غيرك ، بمثل ما أنت عليه ، فأنت واحدة من كثيرات ، وها هن مثيلاتك يشاركنك صيحتك .. قرارك .. نسيان ، فهو حزب النسيان ، الجامع في اطاره كل نسيان ، وهذا الحزب ضرورة شفاء وعافية ، وضرورة حس بأنك .. يا ايتها العاشقة لست وحدك في الاقرار ، بأن " ليلة الجدي " آلية انتاج ( نسيان ) ، وبأن ( نسيان ) ، تحت أي عقلنة لحالك الذي حالت أحوالك اليه ، بعد بتر لعلاقة مع حبيب ، انما هو الحل .

.................................................. ................................................
3/12/2009 الخميس
astrosameh@Gmail.com

فيزيائيكو
04-12-2009, 19:40
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

طالبة جديدة
08-12-2009, 20:31
اشكركم على جهودكم الرائعة التي على تساعد على تحفيز المشتركين

وأنا اسفة جدا لتأخري في الرد
الرجاء منكم المسامحة
وان شاء الله نكون عند حسن ظنكم

فتفوته سكر
09-12-2009, 16:02
:هل تريد يا فتفوته سكر
أن يكون يكون هذا الوسام من نصيبك ؟ هل تريد أن تكون العضو المميز لشهر فبراير؟

ياليت بس انا اخر سنه في الجامعه وماعندي وقت اخلص وراح اطفشكم:a_plain111:

abdelsalam
09-12-2009, 17:39
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيكم ـــرا لكم ... لكم مني أجمل تحية .

nacer1968
10-12-2009, 15:38
السلام عليكم ومبروك عليكم هذا الموقع الرائع مع شكركم على المجهود المبذول وأتمنى أن اساهم معكم في انجاح هذه الصدقة الجارية. احتاج فقط بعض الوقت لرؤية المواضيع المتناولة واحتياجات المشتركين. مع ان تعليمي بالفرنسية و الأنجليزية لكن ساحاول ترجمة ماأستطعت. وفقني الله واياكم.

فيصل ادم حماد محمد
10-12-2009, 21:34
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي و صديقي abdelsalam أشكرك علي الرسالة الرقيقة اتمني ان أكون عند حسن ظنك

كايد الكون
11-12-2009, 01:48
مشكوووووووووور اخي على الابدع والفكره الجميله علماااا ان الموضوع شد انتباهي وخصوصا كايد الكون سوالي لماذا ناديت بالياء المنادي في عنووانك الهمني ما هو السبب واكون شاكر لك يا غالي

بزونة الفيزياء
11-12-2009, 19:01
شكرا لمنحكم لي هذا اللقب وانشالله ان اكون كد المسؤوليه

هوهه
12-12-2009, 01:22
kingstars18
اشكرك لتشجيعك وافادتي بالقوانين لاني كنت اجهلها
سافعل قصارى جهدي واعذروني على التقصير لانشغالي في وظيفتي لانني معلمة جديدة ...

door
14-12-2009, 19:53
شكرا لك واكيد الكل يتمنى للحصول على هذه المميزة
تحياتي لكم

amas_206
14-12-2009, 22:44
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :s_thumbup:

محمد يوسف جبارين
15-12-2009, 17:04
حريق بين رموشي

بقلم : محمد يوسف جبارين( ابوسامح)..أم الفحم..فلسطين

حريق لا يزال ماثلا أمام عيوني . لا ينزل من بين رموشي . أتماثله دوما فكأني أراه ، كما رأيته أول مرة . رأيت الدخان ، فطار بي عقلي و وجداني ، مع من طاروا ، الى حيث يطير الوعي والانتماء والايمان ، بقلب ينخلع من مكانه الى ما تراه عيناه .
ولا يزال الحريق نافذة فكري ، الى فهم ما كان ، وما هو آيل ليكون ، فلم يتشكل لدي مفهوم واحد ، لكل ما له صلة بالمكان خارج الحريق . لقد كان الحريق هو رسالة القوة ، الى التاريخ والجغرافية والديمغرافية ، واللغة والثقافة والدين .
لم يكن الحريق جنونا من جنون مجنون ، ولا من خبل معتوه ، ولا من حقد يتغافل حكمة ، وانما كان رسما بوعي ، فجاء الحريق عملا يقول شيئا مفهوما ، لا يحتاج الى قراءة ، بعقل نادر في قدرته ، على فك تعقيدات التعقيد .
لقد كان الحريق يتكلم بلغة فصيحة العبارة ، وبها سهولة ويسر ، وجاءت تبلغ رسالة ، وقد وصلت الرسالة . وقد فهمت من الرسالة ، بأن من لا هوية جغرافية له ، قد أصبح بالقوة يريد بناء هيكل مكان الأقصى ، وذلك ليعيد كتابة التاريخ ، على أساس أن له هوية ، فالحريق مثل الاقتلاع ، يقومان على احتلال الجغرافية ، بوهم الغاء التاريخ والهوية ، للتأثيث لتاريخ وهوية .
ومن يومها تعرت أمامي حركة التاريخ .. منذ سقوط قرطبة واحتجاز ما يقارب الألف من العلماء العرب ، لارغامهم على نقل العلوم الى غيرهم في اسبانيا .. في أوروبا .
وعرفت لأول مرة ، بأن مسؤولية السياسة تتعدى واقع الحال ، الى واقع قادم تكون فيه أجيال لم تولد بعد .
فأوروبا التي تم البدء في تأهيلها ، منذ ذلك الوقت لاجتياح العالم ، وبما أبدعته من علوم وقوة ، هي التي أهلت من أشعلوا الحريق ، فقد تخرجوا من التأهيل ، وبهم علم ومال وقوة ، وقراءة واعية لخريطة العالم ، بما فيها من جغرافية وسلطة واقتصاد وعقائد ومفاهيم وقيم .
وفي المقابل ، هنا عندنا ، ومنذ ذلك الوقت ، تدافع تأهيل المنطقة الى فقر وسوء تدبير ، والى الأمية ، في وقت فيه الجيران ( أوروبا ) ، يؤهلون أنفسهم بالمال والعلم والقوة ، وبذلك احتلوا جغرافية العالم ، ونهبوا ثرواتها ، وباعوا واشتروا الناس ، وساموهم العذاب ، ولا نزال نحن نذبح في بيوتنا ، وتهدم بيوتنا ، فوق رؤوسنا ، وكل ذلك يحصل ، ونحن نعرف بأننا قبل سقوط قرطبة كنا شيئا مختلفا . ونسأل الآن ، لماذا تأخرنا . بل لماذا حصل أن تم تشريدنا من ديارنا ، ولماذا تم حرق مسجدنا أمام عيوننا ، ولماذا هم يقتلون الناس ، وهم يصلون في بيت الله .. لماذا نحن عاجزون .. لماذا فارق القوة بيننا وبين أوروبا وأميركا بهذا الاتساع المخيف .
وحين أقرأ البتاني وابداعاته في الفلك ..في علم الهيئة .. في قراءة مواقع النجوم من فوقنا ، أو ما أبدعه أبناء هذه الأمة ، أو حصلوه واستوعبوه وفهموه واستعملوه وأضافوا اليه ، في حساب المثلثات والجبر والفلك ، ينسرح فكري ، ويتألق السؤال الحائر ، لماذا بعد أن استوينا على درب صوابنا ، حارت ألبابنا ، وتاه دليلنا ؟ ، لماذا الآخرون غيرنا التفتوا الى ما نحن عليه ، وما هو بين دفات عقولنا وبين أيدينا ، وعرفوا كيف يأخذون ، وماذا يأخذون منا ، وعرفوا كيف ينهضون من الظلام ، وتدافعوا نحو أحلامهم وحققوا سبقا مذهلا ، بطول المسافة الممتدة الآن بين تفوقهم وبين تخلفنا . ولماذا لا أقول بأني وأنا ألاحظ في قراءتي لابن الهيثم بأنه يؤسس لمنهج تجريبي ، وألمس في بحوث جابر بن حيان ، بأنه يدخل بنا بوابات العلم الطبيعي بمنطق ومنهج يمكنا تطويره والسير في ركابه ، أو أقرأ في مقال لابن رشد ، في ابداع فكرة السببية ، تجوبني الحسرة وتدمع عيوني .. فكل ذلك أركناه بلا وعي منا ، على رفوف الذكرى ، على عتبات النسيان ، بينما كل ذلك راح مضافا في صحوة عقل غيرنا .. ذهب كنهضة حياة ينهض بها غيرنا ، وأسدلنا ستائر الجهل على عقولنا ، فكل تألق فكر نخبو به ، وكل تفلسف نجنح به الى كفر نجلده ونئده .. نواريه غروبا في نسيان ، فابن رشد تناولت النار كتبه في الأندلس ، في موسم ابتسامة الترحاب بكل فتنة وجهل . لكن فلسفته التي أشعل عرب بها النيران ، قد ساهمت كثيرا في انارة طريق الفكر في أوروبا . ولم يزل سؤال الحريق ، لماذا بلغ الحال بنا ، الى أن تجرأت مخلوقات ، على اشعال النار في مواطىء أقدام الفاروق ، وأبي عبيدة وصلاح الدين .. لماذا ؟! .. اننا باكتشاف العلاقات السببية ، في داخل سير تاريخ كان ، وفي بنيوية سير لتاريخ نريده أن يكون ، نعرف باستشرافنا بالعقل ، لغايات نؤملها ، ونرسو دوما بفكرنا عليها ، بأن الحرية والعدل والوحدة ، هي التي غابت وأهلت المنطقة ، الى مذابح ، في مدى امتد في أكثر من قرن من الزمان ، ناهيك الى ما كان وأدى ، من قبل ذلك ، الى سهولة أمام تتار وأوروبيين جاءوا غزاة تحت شعارات صليب أو غيره .. فكيفما عبث العابثون ، وغدر الغادرون ، ولعب بقضايا المصير التافهون ، فالحريق هو الحريق الذي لم يزل هو الشاهد على التاريخ ، وعلى ماذا علينا أن نفعل .

Ahmed63
17-12-2009, 22:53
بسم الله الرحمن الرحيم شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
إنها لمبادرة حسنة ومن الآن اعتبرني عضوا مرشحا ممكن يحالفني الحظ ولما لا
أخوك Ahmed63 .

المميز
19-12-2009, 22:43
واكيد الكل يتمنى للحصول على هذه المميزة


لكن الله يقدرني والجمع

لكم احتراااااااااامي

THE MOST PHISICS LOVER
20-12-2009, 12:23
شكراً لتحفيزكم شكله منتدى روووووووووووووووووعة
تسلموووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووو

محمد يوسف جبارين
24-12-2009, 12:37
شروق

بقلم : محمد يوسف جبارين( ابوسامح ) ..أم الفحم ..فلسطين

شروق ريحانه ثقافة ووعي، يتعطّر بها الوطن، وبروائحها ، يود لو يجعل حياته خضراء، مثل بساط الربيع في نيسان، وبيضاء في صفائها مثل بشائر الأمل في ثقافة الأحرار .
فقد عصفت موجات ظلام سوداء بالوطن، وما زالت رياحينه تعاركها، فتسيل من عروقها دماء حمراء ، فتتجلى مثل شفق أحمر بين طياته شروق ، يسبق ميلاد النهار. ما جعل شروق أحلى كلمة، وأعذب لحن في فم كل حر أجهدته مهماته ، ويهيم به الشوق الى ما يتوجب فعله ، فقد طال انتظار شروق الحرية وابتسامة نهارها في الحياة.
فمن لسان الارادة الحرة نزل اسمها ، كأمل ترق النفس به ، وتتملى من بوح عطره فتنتعش ، فتهفو الى ما يضيف له نموا ، ويدنو به من مثول ، بين رموش العين ، كحقيقة واقع افترشتها الحياة ، بشوق العطاشى الى الماء .
شبت شروق في ظروف، لم يبق فيها شبر من الأرض ، الا وحط عليه نير احتلال ، وضاقت المساحة تحت أقدام العيش ، فلاح العلم كطريق خلاص من مأزق المعاش . فعرفت شروق طريقها ، وأقبلت على العلم ، واليه تزيد في ثقافتها ووعيها، ترقب حركة الحوادث ، ترى وتسمع وتبني موقفا ، الى أن اصبحت غايتها ، أن يتم سحب كل شبر أرض ، من تحت أقدام الاحتلال.
فكل يوم ترى تلالا وجبالا وسهولا ، تغزوها بيوت الغرباء ، وحواجز على الطرقات ، واذلالا من كل لون ، وجوعا وعطشا ، واغتيالات ، وأعدادا من أحباب الأرض ، ينامون ليلهم ، ليصبحوا تحت الأنقاض ، يلفظون آخر ما بهم من أنفاس ، وطائرات تطوف فوق هذا الشارع أو ذاك ، وبصواريخها تحترق سيارة وتتمزق قلوب ، هي أغلى الناس على الناس ، وسجونا وزنازين وعذابا ..أشد العذاب ، ودموعا تفور عزيزة في المآقي ، تقسم أغلظ الأيمان ، أن تواصل السير كان ما يكون البذل والشقاء والعذاب ، ومهما بلغت التضحيات ، فارادات كلها يجب أن تتسابق ، في جعل شروق الحرية حتمية .. فيعاد الوطن الى أهله ، فبالحرية يتحررون ويضعون أركان الحياة .
شربت شروق من حركة الحوادث ، ما جعل لها بصيرة نافذة ، تحيط وتدقق في أدق التفاصيل، وتعرف الأسباب ثم تبني موقفا . وقد استجمعت وعي الخلاص ، من داخل الفعل الباني للقدرة ، التي يتراجع بها القهر والعذاب ، فكل قدرة في تقديرها ، يجب أن تكون في محل زحزحة ، يرتد بها الاحتلال الى الوراء ، ومن كثرة ما قرأت ولاحظت آثار اختلاف العلاقة بالواقع ، وما لذلك من أثر في مستقبل الوطن ، انتبهت الى أن من مقتضيات الحرية ، أن تتغذى وتنمو – لا أن يتم اختزالها بقوى تضعفها أو تنفيها . ما دعاها الى المجاهرة ، بالمناداة بلزوم التفريق بين الثقافة ، وبين ثقافة هي أحوج ما تكون الى الاعتقال، أي الى مصانع تنقية تزيل ما التاثت به، وله خطورة على ضرورات الوطن . فعلى حد تعبير شروق، فحاجتنا الى العقل، أن يعقل الظروف صحيحا، وأن يقدر الموقف صوابا، فعلى ذلك يترتب فعل الارادة، وما يليه من ردود فعل، فتنقية ما تصر فئات أن تدعوها ثقافة ، انما هو ضرورة استقامة عقل وأداء ارادة، في السير بالوطن صحيحا الى الأمام .
ولعل أول كلمات حطّت من فم شروق على جوارحي ، قد جاءتني، مثل خطفة البرق لتضيء لي جانبا من شخصية هذه الفتاة ، وصفحة من وعيها وثقافتها ، وما لها من صياغات ، لتفاعلاتها بقضايا الوطن، وكانت فرصتي هذه ، قد حلت في وقت ، كانت النيران فيه قد تراجعت، تاركة وراءها أشلاء ودماء وبيوتا ممزقة ، وجمعا يغمر المكان . فإذ ذاك لفتت انتباهي فتاة فارعة الطول شقراء، رومية المحيّا، مزنّرة بالحطة الفلسطينية ومعصوبة الرأس بالراية ، وعلى ثيابها دماء ، كما على يديها، فدانيتها مشدودا اليها ، بقوة انفعالها بمشهد غاب عن الأنظار بقوة الدمار، واقتربت حتى أصبحت أمامي، فتراءت لي بأنها بانفعالها وكلماتها تلد وطنا ، وقلت آنذاك في نفسي، بأن وطنا فيه هذه الفتاة لا يمكن له أن ينكسر.
وسألت من كان بجانبي ، يكاتفني النظر الى من تدهشه وتدهشني : ما اسم هذه السنديانة ، فقال بكل فخر واعتزاز ، نزلا محبة في نفسي ، وراحا من دون استئذان يكبران في داخلي .. انها شروق . وحالا خطر في بالي ، أن هذا الاسم رهن بهرولة الليل ، أمام زحف النهار .. ليل فشروق فنهار .. احتلال ، شروق ، فاستقلال ، ثلاثية طبيعة ، تتطابق بالتمام ، مع ثلاثية وطن ، دورة كرة أرضية ، ودورة حياة .
وعلى غير انتظار مني أحسست بأن هذا الاسم، شق أحزاني بزهرة فرح ، رحت أحرص عليها ، أن تتغذى وتنمو في مستقبل أيامي .
وبينا أنا تحت وقع انفعال جارف بما حل بالمكان، وبأصوات ملؤها مرارة وغضب ، وأين انتم يا عرب.. استوقفني قول شروق ، بكل غضب تسعه الكلمات.. ليست دبابات الاحتلال وحدها تمزقنا وتردينا أشلاء، أشلاء، وتريدنا أذلاء، أذلاء.. لا والف لا.. هنالك من وقعوا في مصائد تخلّف ، ورجعية متحالفة مع الاستعمار، وأصبحوا بثقافة داخلها السم ، يتوهمون بأنهم يقيمون أعمدة مستقبل، ولكنهم في شوارع الوطن ، يفعلون الآن ما تفعله دبابات وطائرات الاحتلال.. فكلها أحقاد وكلها نيران تلتقي على صدورنا.
ومنذ ذلك الاستنفار في جوارحي ، تنامت لهفتي على هذه القدرة التي تشق للوعي دربا مستقيما الى ادراك مسألة الحياة والموت ، ومسألة الفعل وعلاقته بالأهداف العليا للوطن ، وهفت اطلالة شروق على ذاكرتي ، مثل رائحة الوطن في أنفاسي ، وأصبح عقلي حريصا على الدنو من هذا الميلاد لجيل عنوانه شروق .. فهذا اسم عبور الى النهار . وهو الجبهة التي تقف شاكية الوعي صفا واحدا ، تكتب بحروف من ضياء ، تكللها هالة بها حمرة دماء تجري ، وقت الثورة ، في خدود شروق ، ليأخذ منها قلم الحرية حبره ، ليخط حروفا في سيرة وطن يفك قيوده .
وبين أول شروق لشروق على نافذة عقلي، وشروق جاء بعده ، هدرت في أرجاء الوطن عواصف هدم ، وتلاحقت كما تفعل جرافة ببيت عربي في القدس، لا تترك عملها حتى لا تدع وراءها أي أثر يدل على أن عربيا كان في بيت هناك. ما يدل على أن صراع الوجود ينطوي على صراع على الدلالات، فمحو الدلالة بفم جرافة يسقط به حق الوجود. وتنسى الجرافة بأنها تكتب زيفا، وبأن القوة يمكنها أن تكتب فصلا داميا، وبأن تبرره بأصلف زيف. ولكنها تبقى عابرة، زيفا داميا، فصلا في كتاب شرق لطالما كساه الليل.. فكان الشروق، وكان النهار.
وتقلبت شروق على أكف عذابات الوطن وآماله، بين فعل تريد أن توقف به زحف جرافة تهجم على بيت أو على زيتونة، أو على دلالة، وبين فعل تريد به أن توقف تقدم نيران، لا تهنأ بغير دماء تنسكب ، وأشلاء تتطاير مثل شظايا قنابلها عند الانفجار، فهكذا هي شروق، فالوطن أولا، فاذا لا أمن لوجود، فهذا الوجود بين أنياب الطامعين.
وتراها وهي ترى الموت، ولا عقال له، تهب صائحة ؛ ذلك الموت جاء يعلن ميلاد الحياة. وحين رجت الأرض من وقع الظلام في بيت حانون، انتصبت قامتها، وهاجت بما بها من فهم لمجرى موجات الظلام في النهار، وصاحت، لا يبدد الظلام سوى علو قامات الضياء. وتنظر اليها، فتراها مثل لبوءة تنقل خطاها وهي قابضة على أن تلغي جوعها بأنيابها، فأصداء مشاهد الأشلاء في وعيها تضج بالنداء.. تنادي عليها، خذي مكاني، فأنا أم، وأنا طفولة، وأنا في مهد أحلامي، وأنا الحلم والتاريخ، فخذيني واشرقي صبحا يخط على الأرض ربيع أحلامي. خذيني الى الوعي واكتبيني نخيلا، شروقا يفيض شمسا في أنفاس بلادي. إرميني نعناعا في شاي يسر به قلب استراح من عناء مشوار، أراح به الأشجار، من أشواك تقض المضاجع. اذكريني دماء كتبت على الليل تراجعا، في مهرجان شروق يعبق ببشائر النهار.
تزرع شروق الآمال في صفحات الآلام، وترفرف بشوق الى كسر كل قيد يكبل زند حرية، وترسم الابتسامة في عيون معذبة بانتظارها عودة حبيب.
وكلما اجتمع لها وقت تبحث في خريطة القرى المدمرة، وتطير لترى أين كانت مواطئ أقدام ، ارغمتها القوة على الغربة بعيدا عن الوطن في مخيمات اللاجئين، ويا لحصاد ذهولها مما يجتمع لها بين جفونها، وبين عيون عقلها من المأساة. فكأن غيوم الأحزان تتلبد في نفسها لتمطر من عيونها دموعا، تكلم التراب حين تقبّله وتواعده على لقاء قادم مع الأحبة .. لا مفر، فحتما تعود الى ربوعها حياة فارقت مكانها مكرهة ، فهي على موعد مع نفسها أن تعود.
ولو سألت شروق، عن الصبر والى أين امتداده، لقالت هو بامتداد اللانهاية. لا نهاية لصبر على العودة حتى تأتي.
وما هو الصبر؟ انه ممانعة العزة، وآلية الاستقواء التي بها ينبلج صبح ابداع واستواء على مادة رد الفعل، واستذراء بها الى مرتبة عندها تتبدل الأدوار، فمن جاء يدوس الكرامة ، ويريد لها أن تنسلخ من دورها، يجد هذه الكرامة تقدم له، ما هو به يرتدع، ويرتد الى الوراء وبطريقة لم تخطر له على بال.
وبفطنة صابرة ممتلئة بالوطن ، وعت شروق بأن الحزن بانقطاع الصبر ، يستحيل سكينا يحز في رقبة الارادة الممتدة الى بذل وعطاء ، فآخر صورة تريد شروق أن تضمها عيناها ، هي أن ترى انسان ثورة ، وقد استحال نصفين ، فنصف مليء بعطاء ، ونصف آخر راكد بكفاني حزنا ، فلا صبر لي على المزيد ، فهذا تراجع في الصبر ، ويعني أن النيران قد أثمرت في الجانب الآخر ، فلم ينزل لها خطر كهذا ، كما غيره من الأخطار ، من خاطر ، فكل أوجاع الوطن تنطح بقرونها كل آن في أعماقها . ويا لحرارة الدمع في عيونها ، وهي تداني جفونا تقرحت على حبيب ، ويا لامارات الحزن ، وهي تطوف سخطا في ملامحها .
سقاها الوطن صبرا، وثّاب التحدي على كل جرح، وسقاها الغناء بمعنى التحدي، فثمة زغرودة من قلب حزن، علامة قول لا، واصرار على التحدي. تضم أم الشهيد وتقول: هيه في الغناء.. غني، وأَسمِعي الدنيا فرحتك بشهادة أعز نفس اليك في الحياة.
قولي لهم بزغرودة ، بأن الشهادة ، انما تزيدنا كبرياء .. دعيهم يقولون ، صنعنا لهم بالنار مأتما ، فاذا هم من داخل المأتم يصدحون بالغناء ..هيه يا أماه ..غني فزفاف الشهيد عرس يموج بالغناء ، فلا محل ليأس في نفس ، مكتوب على صفحتها ، أن تتفرقد كالنجم في الظلماء .
وهطلت من شرايين الحياة دماء كثيرة ، وسبحت في سماء الوطن سحب سوداء ، وأنا أتلمس أفعال شروق ، باقبال من يتابع حلقات من فترات ماضية من حياته مكتوبة بقلمه الرصاص .
وأتذكر بان حظي رقص لي، في لقاءات عديدة التقيتها فيها، ما ساعدني أن أعرف عنها كل ما سعيت اليه. وكانت أول مرة أتحدث فيها مباشرة معها، قد سبقت التحاقها بالجامعة بعامين. فعلى غير ميعاد التقى نظري بها، وكانت بين أكوام من بقايا دار أنزلتها صواريخ طائرة من طولها. وقد كانت تفتش في البقايا، فدانيتها وبوجع رفض لما آلت اليه هذه الدار، وبألم لا يختلف عن مثله في نفوس أهل الدار، سألتها ماذا تفعلين، قالت: أبحث عن كتبي ودفاتري ، فلعلي أجد بعضها. قلت : ما أسمك، قالت والابتسامة تعلو محياها. ألا يكفي أن تعرفني بأني شروق.. اسمي وقت ميلادي، فدى، أعطوني للوطن، بقراءة من عيون رأت أمامها مستقبلا ينتظر هذه التي لا تزال في المهد صغيرة. قلت : هل تكتبين شيئا مما يمر بك ، قالت وقد وضعت راحتيها على خاصرتيها، ورفعت رأسها الى السماء، وملأت صدرها بالهواء، ثم تنهدت وفاهت : لولا هذه الذاكرة التي تساعدني على كتبي ووظائفي، لما عرفت كيف أجد سبيلي الى علم أريد تحصيله.. على أية حال، مثلي يفعل والخير في أمثالك، فأنتم أقلام الحركة البانية لحرية هذا الشعب .سألتني عن اسمي، فهذا الاسم ربطني بالشمس، فحازت على اهتمامي تلك البقع السوداء، فبرغم ظهورها المتتالي على سطح الشمس ، وعلى اختلاف عددها، تظل الشمس تملأ الدنيا اشراقة وضياء. لكن المجتمعات، بكثرة البقع السوداء فيها. لا يمكنها أن تضيء. تنشغل بصراعاتها الداخلية، وتتطاحن، ولا ادري، ان كنت تلاحظ الخطر الذي بدأ يلوح في مجتمعنا ، من جراء كتلة سوداء هنا ، وأخرى لربما تظهر غدا . أنا أريد ان اقوم باجراء بحث عن هذه البقع ، فهل تساعدني؟ فقلت : فهذا شاغلي الذي يشقيني ويبعث في داخلي مخاوفي.
وحتى تكاتفت الظروف ، وسهلت لقاءنا ، مر وقت طويل على حركة الحوادث ، وهي بكل جراح تحز في نفوس أبناء الوطن .
وجاءت وجلست الى الطاولة أمامي ، ثم تناولت من حقيبة بيدها أوراقا وقالت : هذه وصية شهيد ، وهذه رسالة بخط سجين ، وهذه ورقة فيها بكاء لاجىء ساعة كتبت عليها القوة أن يكون بعيدا عن وطنه ، وهذه صورته في حديقة بيته الذي لا أثر له الآن ..أتيت بها اليك ، فافعل بها ما تراه مناسبا .
ثم مالت الى الوراء ، وأسندت ظهرها ، واستكملت كلامها بسؤالها الذي وقع على ذهني ، ليشغلني بالبحث عن معانيه في واقعنا .
قالت بحدة ، بينا الذكاء يطل من عيونها ، ماذا لو كان حصل ووجدت نفسك ، وجها لوجه ، أمام أهل الكهف ، ماذا كنت تقول لهم ، وماذا تتوقع بأنهم كانوا يقولون لك . قلت : هم يحدثون عن زمان كانوا فيه ، وأنا أحدث عن زماني . قالت : فاذا تدخلوا في زمانك ، قلت : فلا بد أن يكون أمامي أناس يتحدثون عن ظروف ، لا يعرفونها ، فأغلب كلامهم ، لا بل كله ، في رتبة الخطأ ، فلا قيمة له . قالت : فماذا لو أنكروا عليك زمانك ، وجعلوه باطلا ، وصدقهم الناس واتبعوهم بوجه قداسة يلبسونها . قلت فنحن أمام عملية نسخ ماض في حاضر ، فغربة في هذا العالم . انه حال أشبه ما يكون بغيبوبة يغط بها المجتمع ، ولربما بعدها لا يعود الى الحياة ، ولماذا أنت تغرقينني بكل هذه الاحتمالات ، فهذا أشبه بكابوس تدخلينني فيه . لقد عاد أهل الكهف الى مغائرهم وانتهى الأمر . قالت : فلماذا اذن ، لا يعود أهل الكهف في زماننا الى مغائرهم . قلت : ماذا تقصدين ؟. قالت : لا عليك ..أردت أن ألفت انتباهك فقط .
ثم قامت من مقعدها، وراحت تدور في غرفتي التي تغطت جدرانها برفوف كتب، تجمعت وتكدست بمرور السنين، فتارة تمر برموشها على أسياء كتب، وتارة أخرى تقلب بأناملها في صفحات كتاب، بينا أنا والصمت يلفني في مكاني، أفكر بما أشغلت به بالي ، حتى أخرجتني من انسراحي ، وأدهشتني بقولها، وبيدها كتاب عنوانه ناجي العلي ، لو أن كل قلم بصفاء ريشة هذا، لما كنا بحاجة الى الفهم متأخرا، بأن يافطة يجب أن توضع أمام كل مكتبة أو كتاب، وعليها ، حاذر من أن تصطادك ثقافة الظلام . فالصيد ليس واقعا فقط على السمكة والعصفورة والغزال ، وانما أيضا على الانسان ، والمصيدة في ذاتها شيء يستدرجك .. تراه ، تريد أن تأخذه ، تقترب منه بشهية ، وأنت لا تدري ، بأن بجانبه أطواقا ، قيودا تمتد اليك ، وتقبض عليك ساعة اقترابك لتأخذه ، فتأخذك ، ومن الكتب النفائس ، وأخرى بجانبها ..عناوين صفحاتها وكلماتها تتناول ما هو نفيس ، وبطريقة تجتذبك ، وما تدري الى ماذا هي تؤهلك ، تنشد اليها بحبك للنفائس ، فاذا أخذتها ، فأنت في كيس ، في اعتقال ، فاختيارات عقلك واتجاهات نفسك باملاءات ما أخذت وتناولت . يقرر لك من هم خارج الكيس سير ارادتك .. ثقافة .. مصيدة ، فارادة تتحرك ولا اختيار لها ..عصابة تتشكل ، هي الصواب ، وما عداها خطأ ، هي الحق وغيرها الباطل ، والحق يبيح دم الباطل ..قوة اجتماعية تهدر دم قوة اجتماعية أخرى .. مجتمع يلغي بقواه الذاتية قدرته . هل ثمة صعوبة في فهم ماذا نريد . فماذا نقول بشأن من يريدون منا أن نريد ما لا نريد ، ولا نريد ما نريد . هل هنالك في الخفاء ثمة شيء يتحرك ولا نعرفه ..كثيرون يفصلون لي الأمور ، ويقولون انظري ها هو ، وأحاول أن أفهم ، فأخشى الفهم وأهرب منه ، فالفهم في حال كهذا مخيف .
فخرجت من صمتي ، بأعصاب أشعلت كلماتها النيران فيها ، وبمرارة أشربتني اياها حسرات جرت لها في نفسها ، ما أسفر في داخلي عن علو أصوات تلعن ، فقد تراءت لي ، في ذهني ثورة عام 36 ، وكيف أن الانكليز فهموا التراكيب الاجتماعية ، والتباينات الفكرية ، وميزوا أمرين ، الاقتتال الداخلي ، واغتيال القادة ، على أنهما كفيلا باخماد الثورة . وأنتجوا ما أرادوا . قلت هذا لشروق بعيون الأسف على أجيال لا تجيد صناعة التاريخ ، وأضفت اليه قولي : لا أزال أسمع صوت المستعمرين يقولون : اصنعوا لهم ضعفهم ، اتركوهم يتصارعون ، حتى لا تبقى فيهم قوة تقف في وجهنا ، فذلك الأسهل لنا في بسط سيطرتنا عليهم ، وأحسبك يا شوق النهار الى افترار ثغره عن ابتسامة تتشوقين ، أن ترين طريقا واحدا تمشي عليه كل الأقدام نحو هدف واحد قريب المنال وواضح .
وأخذت مني كلامي وقالت : فهذا أقل القليل ، وهو ما لا أناقش عليه ، بل بعض جذر الفتنة هو الاختلاف ، عند النقاش عليه .
وخطت شروق خطوتين، واذا هي بجانب خريطة القرى المدمرة الممتدة على أحد أحواط مكتبتي، أدارت رأسها، وزرعت عيونها فيها وأطالت، ثم عادت وحددت البصر نحوي، فاذا بها شحوب، هو ما أبقت أصداء النكبة في وجهها، بعد أن مرت عليها برموشها. وشاع صمت في الغرفة. لا يلحظ العقل فيه سوى نظرات في الواقع تسائل نظرات في النكبة. ثم شقّت شروق الصمت بتساؤلاتها، لماذا هم عرفوا كيف يصنعون لنا مأساتنا، ولماذا نحن لم نعرف كيف نحفظ أمننا في ديارنا. لماذا هم ، برغم التباين في عروقهم وثقافاتهم والتراكيب الاجتماعية التي انحدروا منها، عرفوا كيف يأتون من كل بقاع الدنيا، وعرفوا كيف يخرجوننا من بيوتنا، ويقيمون دولة كانت الفكرة وكانت الثروة، وكانت العلاقات مع العالم، يوثقون بها الى ما يريدون، وكانت الدولة. كانت القوة تقابل ضعفنا، وحلّت المأساة.
لماذا هم يتبادلون السلطة، ودخان حواراتهم ملء أسماع الدنيا، ولا حوار بالنار على رأي ولا على موقف.. حوار وفقط حوار. فماذا تفعل النيران في شوارعنا، تتصيّد رأيا، موقفا، لحما.. لماذا أصبح في شوارعنا، الآخر يخاف السلاح بيد أخيه. كيف تكون دولة، والنار بيد رأي تأكل من لحم صاحب الرأي الآخر!! ، هل دماء موقف يجب أن تسيل من أجل أن يستبد ويطغى موقف آخر؟! ، فماذا يكون حال الانسان ، وكيف يكون حال الوعي والثقافة؟! ، يصبحا مقيدين وأسيرين بيد بندقية، ويصبح لدينا أسرى بيد احتلال وأسرى بيد وعي وثقافة، تطل من عيونهم النار علينا.
فهل أصبحنا بما بنا من وعي وثقافة ، موظفين في انتاج ضعفنا ، ليسهل على غيرنا الغاءنا من خريطة الأرض سياسيا .. ما هذه السهولة ، في اطلاق النار على من كان على النار أن تحفظ عليهم أمنهم . ما هو هذا الوعي ، وما هي هذه الثقافة التي تقف وراء هذه السهولة . كيف يمكن تبرير هذه السهولة . وهل ثمة عقل به كرامة يقبل ثمة تبرير ، أم أن النار أصبحت ضرورة حاضر ، لكي لا يكون مستقبل .
لماذا نام أجدادنا ملء جفونهم في مئات السنيين ، وأورثونا ضعفا ، ترك غيرنا يأكل من لحمنا ما يشاء ، ولما صحونا ، تاهت مشاربنا في كيف نصحوا ، وكيف نقف على الأقدام . وكلما قدرنا على رفع بناء ، قامت نيراننا تهدم هذا البناء .
والى هنا راح يتلبد الحزن في وجه شروق، فقد شقها ألم شديد، وهي تقول: دمروا العراق بعد شموخ البناء.. سقط الأمن القومي تحت أقدام الأمريكان. وفي شوارعنا .. ناسنا تائهون، خائفون، حيارى بين ألسنة النيران، فهذا يأكل بالنار من لحم هذا، كيف يتأتى لقلب قتل طفل، كيف تحاصر مئات البنادق بيتا وتقتل الرجل وأطفاله.. تفعل ما يفعله الاحتلال.. هل هي رخيصة الى هذا الحد هذه الدماء؟؟ ، هل هذا هو وعي يقيم صرح بناء؟! .
وندت من عينها دمعة، ونشج صدرها، ثم أجهشت بالبكاء وتاهت بي حيرتي وتململتُ في مكاني، وقد كان بودي ان أقوم من مكاني، وأن اضمّها الى صدري في عناق بين جيلين، اجتمعا على حب يجددان به حاضرا ، يرسمان به قبلة على ابتسامة شروق شمس الحرية.

حكاية حلم
26-12-2009, 18:16
مشكورر أستاذي على تحفيزنا كأعضاء جدد

وإن أنشاء الله يكون لي نصيب فيها

أسسسفة على الرد متأخر

تقبل ودي

دموع الريم
26-12-2009, 21:06
بصراااااااااااحة أعضاء ومشرفي الملتقى جداً رااااااائعين ...

وهذا تحفييييز راااااااائع ...

بارك الله فيك أخي Kingstars على جهودك الراااااااائعة ...

يوسف ملحم
26-12-2009, 21:38
مرحباً:
نعم اتمنى ان اكون عضواً مميزاً, واشكر لكم هذه الثقه الرائعة.
مع الشكر, يوسف ملحم

فيزيائي جديد مرة
26-12-2009, 21:39
السلام عليكم
هذا شئ مشجع جدا
و اشكر كل من ساهم في هذا الملتقى الجميل جدا

التسارع
26-12-2009, 21:50
أنا التسارع بنفسه
أن كان السؤال موجه لي طبعاً أريد
ولكن أن كان السؤال عام وأنا من هذه العامة الفيزيائية فالجواب أكيد أريد أن أكون مميز
:s_thumbup:
جزاكم الله خيراً على هذه الأفكار النيرة وهذه الطرق بالتحفيز على العمل

husam safi
26-12-2009, 23:52
السلام عليكم واشكركم كل لشكر على هذا التحفيز وان شاء الله الجميع يكون متميز بالمواضيع العلميه

husam safi
27-12-2009, 00:02
سؤال هل هنالك علاقه بين الضغط ودرجة الحرارة وهل يوجد قانون يربطوهما وهل العلاقه طرديه ام عكسيه ؟

جزاكم الله خيرا

الرافد
27-12-2009, 15:02
بارك الله بيك وهاي فكره حلوة وانشالله تكون مشاركاتي مفيده

mero.mero
28-12-2009, 21:30
انه من دواعي سروري ولكم يسعدني ان انضم الى قائمة المرشحين ولكم منى جزيل الشكر وعميق الاحترام:a_plain111:

وصايف999
28-12-2009, 22:17
والله كلكم مميزين عندي الله يوفقكم

الصبا
28-12-2009, 22:21
ياليت اتمنى من اعماق قلبي

no_love
29-12-2009, 05:48
بسم الله والصلاة والسلام على رسول اللهوعلى من والاه
اما بعد
اي انسان يتمنى ان يكون مميزا وان ينال اعلى مراتب الدنيا والأخرة وههذا بالبع طموح محمود في البشر
لكن لا اعتقد انني على مستوى هذة المسؤلية الجليلة
وامنى ان اكون عند حسن الظن بي انشاء الله
واشكركم على هذا التفاعل العظيم
وجزاكم الله خيرا

ياكرهي للفيزياء
29-12-2009, 15:11
هلا بكم والله ياليت ليه لا !!

اتمنى ان شاء الله اني احصل عليه بس المشكله انا ماقدر ادخل كل يوم
لأني بثالث وعلى طول اختبارات اتمنى للبقيه التوفيق ان شاء الله واذا مداني كان بها
عالعموم يعطيكم ربي العافيه الله يآجركم خير الجزاء على هالموقع المميز والله يوفقكم ان شاء الله لمايحبه ويرضاه
احترامي وتقديري...

محمد ابوريدة
29-12-2009, 16:40
شكرا ...... ان شاء الله نكون من المتميزين

مسترالعراق
29-12-2009, 21:38
ان شاء الله نقدم بما هو صلاح وخير لهذا المنتدى و لاخواننا واخواتنا الاعزاء حسب وقتنا

خلود79
30-12-2009, 00:03
اكيـــــــــــــــــــد طبعا من ما وده يكون ممتميز؟؟؟

حسن احمد صالح
30-12-2009, 02:26
ان شاء الله

salwetta
30-12-2009, 09:54
بارك الله فيك


نسأل الله الثبات حتى الممات

ameen imad
30-12-2009, 16:12
مشكور رحمه الله والديك

ismmail-tech
30-12-2009, 18:05
راح أعمل كل مل بوسعي لأنه ضيق وقتي يجعلني أبتعد عن المنتدى
إن شاء الله أكون عضو مميز ولو مرة في شهر
شكرا على إبداعك تحياتي الخالصة
أتمنى التفاعل من الأعضاء بالطبع كلكم مميزين

حسن احمد صالح
30-12-2009, 20:18
طبعا اريد ان اكون عضو متميز

جني الثمار
31-12-2009, 09:15
العضو المميز فخر ومسئوليه يجب ان تعطى لمن يستحقها
تنافسوا على الخير

( الرويلي ) محمد
01-01-2010, 00:30
شكرا وسنحاول للتقدم ان شاء الله مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

almilion
01-01-2010, 02:03
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وبارك الله فيك ياكنج وانا اسف جدا جدا لتاخري على الرد
وقتي ضيق مايسمح لي لاني والله مزحوووم بالمررره
ارجو تقبل اعتذاري

مشكوراخوي كنج ولك كل الاحترام والتقدير

LIKE
01-01-2010, 02:10
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

تال تال
01-01-2010, 07:55
كل منّا يستطيع أن يعطي و لكن إن أراد ذلك حقا 00
كن متميزا في ذاتك أولا 00 فنظرتك لنفسك هي النافذة التي ينظر من خلالها الناس إليك
( من يملك الدعاء فقد ملك كل شيء )

حورية عادل
01-01-2010, 10:05
السلام عليكم
كم أتمنى ان استفيد وافيد في هذا الملتقى الرائع
تقبلوني اختكم الجديدة الفيزيائية ...حورية عادل...:a_plain111:

8EN@155A
01-01-2010, 19:08
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

انشاء الله اني اكون خفيف الظل . ثقيل المواضيع.........تقبلوا مني اعضاء المنتدى تحية خالصة مني.......

كليرمون
01-01-2010, 19:37
اتمنى اني اكون متميزة
باخلاقي وعلمي
وان اجد حل لكل مايقلقني من الفيزياء عندكم
تقبلوا فائق احترامي

سوسو صلاح
01-01-2010, 19:58
أحتاج أن اكون عضوة عادية تسمحوا لى برؤية المواضيع و لكم منى جزيل الشكر

علمي وافتخر
01-01-2010, 20:07
اتمنى ان اكون عضو مميز خصوصا اني جديدة على حكاية المنتديات

اسومه
01-01-2010, 21:22
جزاكم الله كل خير
وإنشاء الله نكون عند حسن الظن

سهير عبد الفتاح
06-01-2010, 22:06
أتمنى ذلك ،ولكن التميزفي الاختصاص

طيبتي اكبر همي
06-01-2010, 22:42
السلام عليكم...اعذروني لتاخري في الرد لانشغلي بين البيت والمدرسة...اتمنى وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وشكراََ

أبو إيثار
07-01-2010, 00:02
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي kingstars18
شكرا لك لهذا الطرح وهذه الفكرة
أنا أشكركم لقبولكم أن أكون ضمن هذه المجموعة الرائعة
ولا أطمح لأكثر من ذلك
جزاكم الله كل خير

ريتان
10-01-2010, 21:10
رحم الله امرء عرف قدر نفسه .. أشكر لكم جهودكم وجزاكم الله خير الجزاء

moon12
10-01-2010, 21:22
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
اهلا بكم اخوني الفيزيائئين انا احب الفيزياء جدا
واريدان استغل معرفتكم ومعرفتي ان كان هذا ممكن؟

حليمة‏ ‏الشريف
18-01-2010, 16:06
السلام‏ ‏عليكم‏ ‏ورحمة‏ ‏الله‏ ‏وبركاتة‏ ‏....مزيدا من التقدم والتألق والابداع

mimona
18-01-2010, 16:50
سلام عليكم
بارك الله فيك يا اخي وهدا شرفلي ان اخدمن احد اوسمة المنتدى
شكرا

ابويعقوب
18-01-2010, 17:17
السلام عليكم
مشكور ياكنج وتحفيز جيد وانشاء الله الجميع يستفيدوا منه ...........

no_love
19-01-2010, 02:28
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
اما بعد
شكرا على تنبيهك لهذا الأمر
ولكن رحم الله امرؤ عرف قدر نفسه
لا اظن انني على هذا المستوى الذي يجعلني العضو المميز
وشكرااااااااا

ريماسا
19-01-2010, 18:44
اتمنى ذلك و اعذرونا على التقصير وجزاكم الله خير

فيزيآئية صغيرة
19-01-2010, 22:11
السلام عليكم والرحمة .. ,
مشكور يآ "كنج" وتحفيز جيد وانشاء الله الجميع يستفيدون منه !

شعاع الضوء
19-01-2010, 22:23
ششكرا على المبادره والتشجيع بس اكيد اكو ناس احق مني للتميز لان اني اعتبر نفسي مبتدئه بالفيزياء

عصمت بيه
19-01-2010, 23:32
ياليت والله يكون من نصيبي يعني..
ان شاء الله اكون مبدع
الف شكر ع الأسلوب الحلو

المعتزه بدينها
22-01-2010, 21:43
الله يبارك في جهودكم
وان شاء الله نعمل معا لما يميز هذا المنتدى

لوووولي
25-01-2010, 14:24
مشكوره على الجهود ومشكوره لك ايه الكنج والله اتمنى افوز لكن التوفيق بيد الله سبحانه واتمنى التوفيق للجميع تحياتي

يا رب نور حياتي ...
25-01-2010, 14:34
بارك الله فيك وجزاك خيرا

عبدالرحمن البلوي
25-01-2010, 18:10
اي والله يارريت هههههههه

شكرا وبارك الله في جهودكم

( الرويلي ) محمد
25-01-2010, 19:03
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه وانشاء الله اكون من المميزون

الاثنين 10 صفر 1431

keutbaby
25-01-2010, 20:37
مشكور وجزاك الله خير على التحفيز بس في غيري يستحقها وان شاء الله أحاول اني احصل عليه

روف يوسف
31-01-2010, 19:17
السلام عليكم
شكرا لترحيبكم
اشكركم على حسن ظنكم واتمنى ان اكون كذلك
بس سامحونى انا ما بقدر اتحمل مسؤلية متل هيك
بتعرفوا انى طالبة وعندى امتحانات ومذاكرة وما بقدر اتابع علطول
بس بوعدكم اكون متابعة معكم
السلام عليكم

طالب تايه
04-02-2010, 16:55
فكرة حلوة
بس متى هادا الموضوع حطتو
انا اليوم قرأتو

hgrgl
04-02-2010, 23:08
بارك الله جهودك وأن شاء الله اكون عند حسن الظن

خالد hgrwl,g
05-02-2010, 00:01
الحمدلله وجزاكم الله خير

فاروق2
05-02-2010, 11:39
السلام عليكم اخي ماذا تريد ان افعل وان شاء الله اكون عند حسن الظن وشكراجزيلا

ام الشباب
05-02-2010, 18:13
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
جزاك الله خيرا للتنبية وآسفة على التأخير بسبب انشغالي بالا ختبارت
اكيد اعتقد لا يوجد انسان في هذا الكون لا يرغب ان يكون مميزا
وكل شئ بارادة لله

دراوشة
06-02-2010, 03:44
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية طيبة ملؤها المسك والمحبة أبدأ بها فورا بعد انتسابي الآن في ملتقى الفيزيائين العرب الأروع وانضمامي بين العباقرة والخيرين أمثالكم واشكر ادارة الملتقى بقبولهم لي بينهم وهذا شرف لي كما وأشكر السيد kingstars18 المراقب العام على مجهوداته الرائعة التي تبذل منه شخصيا للرقي بهذا الملتقى الكبير وأنا يكفيني فخرا وتميزا بأنني أصبحت ,احدا من أسرتكم فعلى المحبة نلتقي وبكم نرتقي وتقبلو مني باقة الورد هذه وشكرا:a_plain111:

samir500
06-02-2010, 15:05
ومن ذا الدي لا يريد ان يكون متميز ا اخي سوف اعمل جاهدا على ان اكون المميز ان شاء الله

فهلوي
07-02-2010, 12:26
نحاول ان شاء الله

أحمد سعد الدين
07-02-2010, 14:40
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاخوة والأبناء

أنا أحمد سعد الدين ، وتوا تم تفعيل انتسابى لملتقاكم لأقوم بنسخ حلى لأحد المسائل الى الملتقى بناء على دعوة الدكتورة تغريد

وفوجئت بموضوعبن ذاكرين اسمى فى العنوان لكل منهما دون توضيح المطلوب منى

أرجو من أحد المسئولين بادارة الملتقى التوضيح ؟

D / Abdullah
07-02-2010, 17:04
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخى الاستاذ احمد سعد الدين
هذا كود يوضع لاى مستخدم بارك الله فيك واصلح لك دينك ودنياك

q_yusf
07-02-2010, 17:43
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع وكذا على المبادرة التحفيزية

الجيل الجديد
08-02-2010, 23:41
يعطيك ربي الف عافية
واتوقع كل اعضاء ومشرفين ومراقبين ومؤسسين يستحقون الوسام وبجدارة على كل مايبذلونه في سبيل نشر الخير والمعرفة
واسأل الله لي ولهم ماهو افضل من الوسام (((((((((((((((((((((((( آلا وهي الجنه )))))))))))))))))))))))
اللهم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآمين

raed_vb
09-02-2010, 21:41
مشكور جدا على الموضوع

technicman
09-02-2010, 23:16
بالتأكيد أريد النفع للموقع ولجميع المسلمين
وربنا يوفقنا ويوفقكم
أنا لسا على قد حالى طالب من مصر فى كلية هندسة شبرا جامعة بنها وفى سنة أولى

بالفعل المنتدى يحتوى على كثير من المعلومات القيمة
وده اللى شدنى ليه

DEJAVO
09-02-2010, 23:32
بسم الله الرحمن الرحيم..
يا أخوان الله يجزيكم كل خير ..إلي عندو باسوورد شغال للScience Direct يبعتلي إياه بأسرع وقت...

نسمة الصباح
12-02-2010, 14:20
آسفه لتأخري أستاذي
وإن شاء الله سنكون في حسن ظنكم بوركت أرواكم

الرشيده
12-02-2010, 14:50
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

محمد سامر الطباع
12-02-2010, 15:20
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسلمو على الفلاشات بس اذا أمكن من الادارة أو أي شخص في الملتقى مساعدتي في إيجاد ملفات pdf حول نظرية التغيير لذرة الليثيوم في ميكانيك الكم وارسالهم الى asamerco@yahoo.com وجزاكم الله كل خير

misoon
12-02-2010, 15:37
جميل......وأجمل

جميل أن نرى الأمل في كل مكان....
....والأجمل هو أن يبقى مضيئآ في دربنا....
جميل أن نرسم لوحة مليئة بالعصافير والطيور....
....والأجمل أن نرسم البهجة والسعادة على وجه من يراها....
جميل أن نود ونحب....
....والأجمل أن يكون الحب في الله....
جميل أن نذهب ونمشي....
....والأجمل أن نجعل خطانا إلى طريق الخير والرشاد....
جميل أن تشعر أن معك أناس يتقبلهم شعورك....
....لكن الأجمل أن يتقبلوا هم هذا الشعور....
وجميل أن يبادلونك الأحاسيس والمشاعر....
....لكن الأجمل أن يعمر هذا التبادل....
جميل أن تسمع من معك ينادونك في حضورك....
....لكن الأجمل أن تسمع أنهم نادوك في غيابك....
جميل أن تلعب دور الحنون لتكسب من معك....
....لكن الأجمل أن تكسب من معك لأنك فعلآ حنون....
جميل أن ينسى من معك العالم في حضورك....
....لكن الأجمل أن يتذكروك في زحمة العالم ومشاغل الدنيا....
جميل أن يبكي من معك شوقا إليك....
....لكن الأجمل أن يبكي فرحآ بلقائك....
جميل أن ترسم ألف لوحة ولوحة....
....لكن الأجمل أن ترسم ابتسامة وسط الدموع على وجه من تحب....!!!!؟؟
تحيات..... اتمنى اكون من المميزين واحصل على وسام التميز.....

المخترع adeson
12-02-2010, 15:47
نعم / أريد ان اكون العضو المميز
وشكراً لك على هذة الحوافز

كريستين
12-02-2010, 16:05
ان شاء الله اتمنى ان اكون على حسن ظنكم

diaa aly
12-02-2010, 21:27
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسلمو على الفلاشات بس اذا أمكن من الادارة أو أي شخص في الملتقى مساعدتي في إيجاد ملفات pdf حول نظرية التغيير لذرة الليثيوم في ميكانيك الكم وارسالهم الى asamerco@yahoo.com وجزاكم الله كل خير
اكيد كل واحد نفسه يبقى مميز

كارفور11
12-02-2010, 23:38
ليه لا دائم الكل يبحث عن التميز وهذه خطوة متميزه لكم وجزيتم خيرا

لولوكاتي
13-02-2010, 07:19
ان شاء الله

كالندر
13-02-2010, 10:13
اكيد اريد ولني اشكرك حبي

كالندر
13-02-2010, 10:24
حرت بيك وحرت منك شجاني
وعشت مهموم انا بحبك وك شجاني
رضيت وعفتك اتسافر....شجاني
رجعت النوب متغير علي

waleed01
17-02-2010, 22:19
باذن الله

لوووولي
18-02-2010, 02:58
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

مستكشف11
18-02-2010, 04:06
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك ياخي King على الخطوة الفعالة للتشجيع والمنافسة
ولكن الشئ الجوهري في هذا المنتدى هو كسب المعرفه والتعاون على ذلك
والارتقاء بمستوى الفكر الفزيائي

ولك مني جزيل الشكر

مالك2
18-02-2010, 17:29
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

أغلى من الغلا
18-02-2010, 19:13
شكر لك وطبعا اريد ,انشأ اللة ساحصل على هذا اللقب

السكب
18-02-2010, 21:21
أتمنى أن اكون عند حسن الظن وان اكون العضو المميز لهذا الشهر
والاهم من كل ذلك ان احظى بالدعم المعنوي منك يا اخ كينج ومن امثالك
ولك مني خالص الشكر وعظيم الود والامتنان 000

ayman mrwh
19-02-2010, 00:31
أتمنى أن اكون عند حسن الظن وان اكون العضو المميز لهذا الشهر
والاهم من كل ذلك ان احظى بالدعم المعنويالخميس 5 ربيع الأول 1431

زي السكر
19-02-2010, 12:46
ليش لا ؟!!!

cezer 1st
19-02-2010, 14:36
ان شاء الله

بوح المشاعرs
19-02-2010, 16:03
مشكور على التحفيز وانشا ء اللة اكون على قدر هذا التحفيززززززززززززززز
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

شمس الخرج
19-02-2010, 19:28
نعم نعم اريد ان
اكون عضو مميز
ولكن انا الحين في
الجامعه اي ما ني فاضيه
دعواتكم لي وقسم فيزياء
والمقررات مررررررره
صعبه دعوتكم لي
وبارك الله فيكم
وشكر على المجهود الرائع

dr.vagus
20-02-2010, 20:19
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اشكرك اخي الكنج وبارك الله فيك

تال تال
22-02-2010, 20:39
تواجدنا في هذا المنتدى هو شيء رآئع جدا 00 فكيف بالحصول على التميز فيه 00
عفواً 00 عبارت الشكر و التقدير لكم 00 تنطوي على نفسها 00 حجلاً من عجزها 00
رزقكم الله الاخلاص و تقبل منكم

فيزيااااء
23-02-2010, 14:41
بارك الله فيك
وجزاك الله خير:s_thumbup::s_thumbup:

الكلباوية
23-02-2010, 15:42
ممكن ليش لا

اميره الظلام
23-02-2010, 19:48
هذاشرف لي وان شاء الله اكون عند حسن ضن الجميع ولكم تحياتي

محمد 1966
23-02-2010, 20:09
بكل تاكيد يا اميرة الظلام وهذا شرف لي

فوزية
24-02-2010, 16:09
مشكور ياقلبي

السراب الصحراوي
24-02-2010, 22:13
شكرا لك اخي العزيز الكنج على هذه المبادرة الجميلة التي تعطي حقا الحافزوالدافع للابداع واعطاء ماهو افضل ومفيد واعطاء جو المنافسة للتميز مما ينتج عنه قيمة علميةمتميزة ويسعدني ان اكون من الاعضاء المتميزون في هذا الملتقى المبدع والمتميز بعطائه واتمنى لجميع الاعضاء بالتوفيق

Ammar.H
24-02-2010, 22:25
الله يعطيك ألف عافية وبارك الله فيك وان شاء الله نكون عند حسن الظن

حسين السريعي
25-02-2010, 18:05
بارك الله تعالى في جهودك000000ودمتم سالمين:laughter01:

العراقي
25-02-2010, 18:23
السلام عليكم ورحمة الله وربكاته
نشكر لكم دعوتنا الى العضوية واعتذر عن انقطاعي ولا يخفى عليكم كيف كان وضع لعراق
لا اريد ان اطيل عليكم لكن ارجوا من الله ان اقدم شيء ينفع الامة والمسلمين وان اكون عند حسن الادارة والاصدقاء
اخوكم عبدو العراقي

لوووولي
26-02-2010, 20:55
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

القطة السوداء
27-02-2010, 21:11
بارك اللة لكم وان نكون عند حسن الظن

ود الشهري
28-02-2010, 05:55
شرف لي طبعا ...
والله يوفق الجميع ..

بقاياإمرأة
28-02-2010, 16:58
بارك اللة فيك اخي وجزاك الله خيرا على مجهودك وتحفيزك للأعضاء

اميره الالماس
28-02-2010, 17:01
مشكوووور اخوي وانشا الله اكون قد الشرف العظيم

ليلى الحمراء
28-02-2010, 18:08
مشكوروالله فرحت لما لقيت اسمي
اتمنى اني اقدر بس عارف معلمة فيزياء
يادوووووووووووووب احك راسي :c_laugh:

اتمنى اكون مشاركه فعاله ولكن فعلا هذا الموقع خدمني كثيرا فشكرا لكل اعضاء المنتدى

رموزيل
28-02-2010, 18:47
مشكور على الذوق لك كل احترامي وتقديري

قلوب ستار
28-02-2010, 19:01
شكرررررررا لاهتمامك بي
ولكن لم يكن اهمال مني بل كنت مشغولا بالاختبارات
وفي الوقت الحالي وقت الدراسة

فارجو العذر اذاكنت قد قصرت

معلمة فيزيائيه
01-03-2010, 16:57
اكيد لكل يرغب في ان يكون العضو المميز وقبل كل شىء اتمنى ان يكون عندي ماانفع به المنتدى واعضاءه وزواره ولكن للأسف انا معلمة مستجده وليس لدي خلفيه قويه بالكمبيوتر والمناهج ولذلك لجاءت الى المنتدى واتمنى من الأخوه والأخوات ان يتحملوني ويساعدوني
ولكم جزيل الشكر والدعاء بظهر الغيب تحياتي
معلمة فيزيائية

nil
02-03-2010, 02:39
اكيد شكرا:s_thumbup:

بيان المعرفة
09-03-2010, 21:41
بوركت جهودك ووفقك الله
وسدد مساعيك للخير دوما
فإلى الأمام دوما ونحو جذوكم ماستطعنا

مصطفي فياض
09-03-2010, 22:47
مشكوووور

اسراء بانقا
10-03-2010, 00:25
انشاء الله يا اخي (يعطيك الله العافية)

فقط فيزيائي
10-03-2010, 00:37
يا سلام

MMM JEJE
10-03-2010, 14:17
thank you

جزاكــ الله خيرا

حيااتي فيزياء
10-03-2010, 18:16
مشكوووووووووووره ماقصرت وان شاء الله نكون عند حسن ظنكم