ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - صور من حياة أستاذ الرياضيات جفري لانج حين أسلم وكتبه وبعض روابط محاضراته‎
عرض مشاركة واحدة
  #41  
قديم 27-05-2011, 07:37
الصورة الرمزية nuha1423
nuha1423
غير متواجد
مـــــراقبة عــــامة
محاضرة في الدورة الثانية لتعليم الفيزياء
 
تاريخ التسجيل: Oct 2005
الدولة: السعودية - الرياض
المشاركات: 14,946
افتراضي رد: صور من حياة أستاذ الرياضيات جفري لانج حين أسلم وكتبه وبعض روابط محاضراته‎









كان حصولى على درجة الدكتوراة فى ديسمبر 1981 ، وبقيت كمحاضر لفنرة دراسية أخرى ،

بينما كنت أبحث عن عمل آخر . بقائى فى لافايت الغربية كان للتفكير ؛

لم يكن هناك شئ آخر أعمله . كانت لى كمدينة جامعية ، تصبح كمدينة أشباح ،

حينما يذهب طلبتها فى أجازة . بها مطعم للأكلات السريعة ، قاعاتنا للسينما ،

بضع كنائس ، ثلاث غسالات ، وبعض بقالات كبيرة . حينما تريد التجول فيها ،


لا تذهب بعيدا حتى تجد المزارع حولك . كنت أمارس هواية المشى لعدة أميال كل يوم ،

على الطرقات ، والثلوج السميكة تتحطم تحت قدمى ، كان هذا أقسى شتاء مر بى .

البحر الأبيض اللون من حولى ، كان هادئا ممتعا ، وأنا غارق فى أفكارى .

ولا أنسى المرأة الشابة التى جاءت لمكتبى للمساعدة . حينما فتحت لها الباب ،


كانت أمامى مفاجأة !!! من المحتمل أنها امرأة شرق أوسطية تواجهنى .

كانت مغطاة بالكامل ، باللون الأسود من أسفل إلى أعلى ، إلا وجهها وكفيها !!!

وافقت على مساعدتها ، وفورا ، انطباعاتى السابقة عن المرأة العربية تحطمت .

كانت طلبة خريجة فى الرياضيات ، ولما كانت تشارك فى مكتب ، كمكتبى ،

أساتذة مساعدين ، فافترضت أنها مثلهم أستاذة مساعدة .

ولكنى لم أتصور كيف تقف أمام طلبة من مواطنى إنديانا ، من أصول ألمانية ،

بمنظرها هذا ؟؟؟ وفى نفس الوقت كانت متزنة وذات شخصية ، بمقارنتها بنفسى ،

شعرت بالخجل منها . وجدت نفسى لا أجرؤ للنظر إليها ،

بالرغم من أن وجهها جميل بشكل متألق .


وبالرغم من أنى شرحت لها ما تريد لمرتين ، شعرت بأنى أريد أن أتكلم معها مرة ثانية ...

لا أعلم إذا كان ذلك كفضول منى أو هياما بها ... ربما كانا الإثنين معا .

كانت هناك جاذبية داخلى ، وشعور لطيف نحوها أردت أن أتبينه .

وفى عدة مرات كنت أهم بالطرق على باب غرفتها ، ولكنى لم أفعل ذلك مطلقا .

من إحتكاكى بالطلبة ، بدأت التعرف والإهتمام بالأديان الأخرى ،

فقد بدأت الإحتكاك بطلبة من مصر والهند وباكستان واليابان والصين . وحتى هذه اللحظة ،

كنت دائما أعتبر ظاهرة أستعراض الأنظمة الدينية المختلفة ، بأن ذلك ضد عقيدة التوحيد .

ولكنى الآن رأيت ، أن أساس العقائد متشابه إلى حد كبير ، ولكنها الرموز ، والطقوس ،

والمقدسات هى التى تختلف . لربما كانت هناك قوة ، أو روح عالمية ، اخترقت كياننا ،

كما كنت أعتقد . والرموز التى تعبر عن معرفتنا بهذه القوة ،

تختلف بإختلاف الثقافات التى منها نشأت . هذا يفسر تعدد الأفكار .

وبما أننا نتشكل حسب ثقافاتنا المختلفة ، فيمكننى الآن العودة إلى جذور دينى .

من الممكن الآن العودة ، ومشاركة أبى فى الذهاب لحضور القداس بالكنيسة .

مراسلاتى المختلفة ، ومكالماتى التليفونية تشير إلى ما كنت أبحث عنه .

يمكننى الآن الوقوف فى الصفوف الخلفية بالكنيسة ، كما كان يفعل أبى دائما ،


منصتا باهتمام شديد للخطبة . على كل حال ، فكلماتها لم تصلنى ، فعلى ما أعتقد فالقس كان ،

كأنه يخاطب أحدا غيرى ، هؤلاء الذين يعتقدون فيما يقول . وحتى هم ،

أشعر أنهم لم يكونوا ينصتون له ، كما لم يفعلوا ذلك بالمرة فى أى وقت من الأوقات ،

كما أتذكر . ولكن أنهم لابد أن يحصلوا على شئ ما من الإجتماع ، وإلا فلماذا يحضرون ؟؟؟ .










وهذه لم تكن الحالة معى . وحينما كنا نخرج لأكل الفطائر بعد الكنيسة ، ، كان أبوى ،

لمعرفتهم بشكوكى ، وبعدم اقتناعى ، يشاركونى تجاربهم الشخصية ،

ويناقشونى فى هذه الشكوك ، وكنت أحبهم ، لمحاولاتهم هذه .

كنت أعرف أنهم يحاولون مساعدتى . وقد حضرت الكنيسة ، لثلاث مرات متتالية .

وكان من الصعب على ، أن أذكر لأمى ، بأنى لن أذهب معهم فى الحد الرابع ،

حتى أنى لم أستطع النظر فى وجهها ، وأعطيتها ظهرى ، حينما جاءت لتوقظنى للذهاب للكنيسة .


"الكنيسة ليس لى ماما" ، قلت لها ذلك . وكان هناك صمت لفترة وجيزة ،

ربما للمحاولة فى أن تحثنى على الذهاب . ربما تكون قد أرادت ، أن تقول لى ،

أعطى التجربة فترة أخرى ، وأن ثلاث مرات غير كافية للحكم . "حسنا بنى" ،

قالت ذلك أمى أخيرا . بنغمة من اليأس والإنسحاب ،

بقلب أم محبة وتتألم من طفلها الذى لا تستطيع مساعدته .

أحسست رغبتى فى أن أقوم من السرير لأحتضنها ، وأتأسف لها .

ولكنى لم أستطتع حتى الإلتفات إليها . بقيت صامتة بجوارى للحظات ،


ثم سمعت وقع أقدامها تاركة الغرفة .

كان وجودى فى سان فرانسسكو ، لأبدأ من جديد ، فالأماكن الجديدة مناخ للفرص الجديدة .

يمكنك أن تفعل فيها شيئا مختلفا وغير متوقع ، وذلك لأنك ما زلت غير معوف .

أساتذتى حثونى على أن أبحث عن مكان آخر ، ولكنى فضلت جامعة سان فرانسسكو للعمل فيها .

لم أكن أعرف السبب . لم تكن مدرسة أبحاث ، كما أنى لم أكن أحب المدن الكبيرة .

في بدايةِ الفصل الدراسي، حياتي الشخصية كَانتْ مثيرةَ وفوضويةَ .

قررت أن أعيش لحظتى ، ولا أفكر فى المستقبل ولا الماضى .


كان رائعا أن تحصل على مرتب حقيقى ،

بدلا من مصاريف الإعاشة التى كنت أحصل عليها كطالب خريج كما تعودت .

كنت على وشك البدء فى محاضرتى الأولى ، حينما ظهر هذا الشاب العربى الوسيم ،

ذو ملامح ملكية ، فى الباب الخلفى للقاعة - وأدلف إلى الحجرة . كان طويل القامة نحيف ،

ويلبس ملابس تعكس حسن الذوق . ألتفت إليه كل من كان فى المحاضرة ،


اعتقدت أنهم ربما وقفوا له . كان من الواضح أن الكل يعرفونه ، وأنه يعرف الجميع ،

حيث وزع عليهم ابتساماته ، وإيماءته المؤدبة ، والكل يضحك وهو يأخذ مقعده .

حدث تغير فى جو المجموعة .

كان لمحاضرتى علاقة بالأبحاث الطبية ،

وسألت عما إذا كان أحد الطلبة له إلمام بالموضوع ليشارك ؟؟؟

فرفع هذا الشخص يده ، وأحسبه أنه أحد الأمراء . وبلهجة انجليزية سليمة ،


وثقة فى النفس ، أخذ فى شرح الموضوع للصف . سألته ما اسمك ؟؟؟

قال اسمى "محمود قنديل" . فقلت له ، الظاهر أنك تعرف الكثير عن الطب ،

هل هذا مجال دراستك ؟؟؟ أجاب بالنفى ، لا لقد قرأت هذا الموضوع فى احدى المجلات من أيام .

"حسنا ، وشكرا للمشاركة ، أعتقد أنه سيكون لك مستقبلا فى الطب ،

ومن الآن سأدعوك ، دكتور "قنديل" ، ابتسم ممتنا للمجاملة .


وأخذ على عاتقه ، أن يرينى سان فرانسيسكو . وأينما ذهبنا ،

وجدت الناس تعرفه "تحبه ربما كانت كلمة أليق": عمدة المدينة ، رئيس البوليس ،

نجوم الروك ، أصحاب الصيدليات ، حتى بعض الناس فى الشارع . كان كريما جدا ،

ويشعر أقل الناس بأنهم مهمين . فى نفس الوقت ، كان متفتحا ومتواضعا >


لا يمكنك إخفاء شئ عن محمود ، فهو قد قبلك كما أنت . مهارته الكبيرة كانت مع الناس !!!

يمكنه اكتشاف ما يؤلمك ، ويجعلك تنساه ، على الأقل مؤقتا . كان ساحرا ، مرحا ،

من الصعوبة أن تتقدم عليه خطوة فى أى موضوع . لقد ذهبت معه لأماكن كثيرة ،

ورأيت كيف الحفاوة به . كان عالما لم أره من قبل ،

سيارات فارهة ، ملابس ، مجوهرات ، مطاعم ، مأكولات شهية ، يوخوت ... ا

لكثير من الرفاهية . تألق فى كل اتجاه -- كالثلج !!! ولكن مناقشات باردة ، لا حياة فيها ،

ليس لها معنى . كنا كنجوم تافهة نلعب أدوارا ثانوية .

كل منا كان يبحث فقط عن قضاء وفت طيب ، مشغول بأن يكون "فى" ، "ومعها" ، "ومودرن" .

لم تكن هناك بهجة ولا سعادة ، ضحكات فارغة . لم أشعر فى السابق بهذه المعاناة ،

كما شعرتها فى هذا الوقت بالذات . لم أنسجم مع هذا المجتمع ،

ولم أكن أريد ذلك . وبالرغم من أن محود قد لعب هذه اللعبة ،

إلا أنه هو أيضا لم يكن من هذا النسيج . أساسا ، فهو رجل متواضع وكريم .

جاذبيته ، كانت نتيجة لبراءته ، وأمانته ، وروحه الطفولية ، وهذه الصفات لم تلوث ،


رغم وجوده فى سان فرانسيسكو ، وذلك بأعجوبة . ولم أكن أنا فقط الذى يفتقد شيئا ما ،

فمحمود أيضا كانت له معاناته الخاصة . لولا آلامه هو ،

لما كان يستطيع أن يخفف آلام الآخرين . وكنت أتنمنى له منكل قلبى ، أن يجد ضالته .

ـــــــ
ـــــــ



قدمنى محمود لعائلته . لم يتضح لى فى البداية ، من يعول من !!!

ولكنهم ذكروا الكثير عن أنفسهم أكثر مما ذكرت لهم عن نفسى .

كان محمود هو الإبن الأكبر ، وله وضع المسئولية عن العائلة فى نظام الأسرة السعودية .

وأخوه عمر ، كان طالبا نابها ، فى المواد العلمية بجامعة كاليفورنيا - بيركللى .

وأختهم راجيا ، كانت أيضا طالبة فى نفس الجامعة ، تحمل كل الطيبة والنقاء .

هوازن كانت خطيبة محمود الشابة . تشع عينيها بالذكاء الوقاد ، والإبتسامة الحلوة .

وقد مات والده وهم أطفال ، وما زال الحزن يتغشاهم من حين لحين .

أما والدته فتعيش وحيدة بالسعودية ، وحولها مجموعة من الخدم يرعونها .

الفترة التى قضبتها معهم فى النزهة أو فى اليخت بالبحر

أو فى تناول الطعام معهم فى منزلهم ، كانت من أجمل الفترات التى مررت بها منذ وقت طويل .










لم ننكن نتاقش فى الدين كثيرا ، وحينما يحدث ذلك ، فتكون أسئلتى هى الدافع للنقاش .

لم أكن ألح فى السؤال ، لأنى كنت أفضل أن تبقى صداقتنا بعيدة عن مثل هذه الأمور .

وقد شعرت بأنهم أيضا يرحبون بهذا الوضع .







يتبع


أشكر كل من يتابع


__________________

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم


رد مع اقتباس