ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات الفيزيائية الخاصة > منتدى البحوث العلمية. | ||
ظهور الليزر " من كتاب المبتكرون ـ د. ثيودور اتش مايمان" |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() عندما أصبح ( مايمان ) جاهزاً لإجراء تجارب الليزر ، بدأت هيوز بعملية انتقال ضخمة تاركة مبانيها القديمة في المدينة كلفر بعد أن أسست مركز قيادة جديدة في ماليبو . و قد استغرقت هذه العملية أكثر من أسبوعين قبل أن يتاح ( لمايمان ) و زملائه تنظيم أنفسهم و البدء من جديد بتجاربهم الواعدة . و كانت الأداة التي أمضى ( مايمان ) شهوراً في التفكير فيها ، لإنتاج أول شعاع ليزر في التاريخ ، دقيقة جداً لكنها تبدو بسيطة في تصميمها . و يقرّ ( مايمان ) بأن العديد من صور الأولى لليزر الياقوت كانت " زائفة تماماً " . و قد اعتبر مصور هيوز الجهاز غير مثير للإعجاب و أصرّ على تصويره مع ما يتصل به أدوات من مختبره . و قد كان الليزر الحقيقي يتألف من أسطوانة الياقوت البنفسجية التي جلبت من شركة يونيون كاربيد ، و البالغ طولها سنتمترين اثنين ، و نصف قطرها سنتمتر واحد . و قد صقل طرفاها حتى أصبحا متوازيين ، وغطيت أطراف البلورة بالفضة المبخرة لتعمل كمرايا ، و قد كان لإحدى أغطية الأطراف ثقب يبلغ مليمتراً واحداً لإصدار الإشعاع . و قد و ضعت البلورة على محور المصباح الذي يحيط به أنبوب الومض لإصدار طاقة كافية لتهييج الذرات في الداخل . كان موعد الدكتور ( مايمان ) مع القدر هو السادس عشر من أيّار عام 1960، عندما استطاع توليد أوّل ليزر ناتج عن بلورة الياقوت ، حيث خشي أن يؤثر عدم صقل البلورات بشكل كاف في إنتاج شعاع ليزر مرئي ، فطلب ثلاث بلورات جاهزة و مصقولة من شركة يونيون كاربيد ـ كما استخدم ( مايمان ) بلورة صقلتها معامل هيوز . و قد أكّدت كل أدوات المختبر أن جهازه ينتج شعاع ليزر كثيف جداً و مترابط من خلال طرف البلورة المغطى جزئياً بالفضة .
مرحلة التسويق كان ( مايمان ) يدرك بأنه صنع أداة ستكون متعددة الاستعمالات في المستقبل ، و أراد أن يتبع التقاليد العلمية المعروفة بنشر اكتشافه في مقالة علمية . و قد كانت الشركة تتحفز للفوز بالمقام الرفيع نتيجة لهذا الإنجار العلمي الضخم . و وصف ( جورج إف سميث ) ، الذي أصبح لا حقاً مدير مختبرات هيوز ، ما حدث بأنه " سلسلة مضحكة من الأخطاء " . لقد أرسل ( مايمان ) مقالاً بعنوان " فعل الليزر الضوئي في الياقوت " إلى المجلة العلمية المرموقة ( فيزيكال رفيو لترز ) ، و لكنها رفضتها لأنها اعتبرتها تهويلا لقصص الماسر . أما بحث ( مايمان ) الذي يحمل عنوان " الإشعاع الضوئي المحثوث في الماسر المعتمد على الياقوت " فقد نشر في مجلة نيتشر ( الطبيعة ) البريطانية بعد ثلاثة شهور من إنتاجه لشعاع الليزر . و نظراً اعدم رغمتها في الانتظار فترة أطول خوفاً من تمكن الآخرين من إنتاج الليزر ، فقد حددت مختبرات هيوز موعداً لمؤتمر صحفي شامل في فندق ديلمونيكو في نيويورك في السابع من تموز عام 1960. و كانت هذه ، في رأي ( مايمان ) أكبر حماقة ارتكبتها الشركة حتى الآن . لأنها و ضعته في موضع لا يحسد عليه مع المجلات العلمية التي كانت سياستها تقضي بالمطالبة بحقوق النشر الأولى . و الأهم من ذلك ، أنّ هيوز خسرت بذلك كل حقوقها العالمية من ليزر الياقوت ، فلم تكن هيوز قد قدمت طلب براءة ، نظراً لمعرفتها أن معها سنة كاملة لعمل ذلك بعد الإعلان الأول في الولايات المتحدة . و لكن هذه القاعدة لم تنطبق على الكثير من البلدان الأخرى . و يدعي ( مايمان ) بأن الشركة لم تتقدم بطلب البراءة حتى أعلن عن رغبته في المغادرة في نيسان من عام 1961. و قد أسفر المؤتمر عن نتائج زادت من مشاكل ( مايمان ) ، فقد حضر المؤتمر الكثير من المراسلين الصحفيين المرموقين الذين يمثلون عدداً من الصحف و المجلات العلمية في مختلف أنحاءالعالم ، و ألقى ( مايمان ) خطاباً عن ابتكاره ، مؤكداً على تسميته بالليزر و الماسر الضوئي ، و عرض نموذجاً يمكن فحصه عن قرب ، لكن طابع المؤتمر تغيّر خلال فترة الأسئلة و الأجوبة غير الرسميّة . " لقد حدثت أشياء كثيرة ، نهض مراسل مجلة تايم و ضرب بحقيبته على الطاولة و قال : من الذي تحاولون خداعه هنا ؟ . و بدأ واضحاً أنه لم يصدق أي شيء قلناه ، فحاول مراسل صحيفة نيويورك تايمز شرح الموضوع له زاد غضبه ، و احمرّ وجهه و اعتقد بأنّ المراسل ينظر إليه باحتقار . و كانت مجلّة ( تايم ) المؤسسة الكبرى الوحيدة التي لم تنشر القصة ، مع أنها نشرت على الصفحات الأولى في كل صحف البلاد . و عندما نزلت عن المنصة ، تجمّع حولي بعض المراسلين لسؤالي و قد سألني أحدهم ، من مجلة ( شكياغو تربيون ) ، إن كان بالإمكان استعمال الليزر كسلاح ، و قد و ضحت بأنني " ذكرت الكثير من الاستخدامات المحتملة : في الاتصالات و كأداة علمية للأغراض الصناعية و الكيميائية و الطبية ، لكنني لم أفكر به كسلاح " . و لكّنه ألحّ عليّ ( و كانت أوّل مواجهاتي للصحافة ) فقلت أخيراً إنه قد يستعمل كسلاح مستقبلا بعد عشرين سنة ، فقال " هذا كل ما أدرت معرفته " . و في اليوم التالي كتبت صحيفة تصدر في لوس انجلوس بالخطوط العريضة الحمراء على الصفحة الأولى : " رجل يكتشف شعاع الموت في الخيال العلمي " . و كانت كلّ عناوين الصحف تقريباً في كل البلاد تدور حول هذا المضمون ، و كانت الصحيفة الوحيدة التي عرضت الموضوع بأسلوب علمي هي ( نيويورك تايمز ) ، فقد نشرته على الصفحة الأولى ، و لكنها لم تذكر شيئاً عن شعاع مميت " . وصلت البلورات الضؤئية المصقولة من لايند إلىهيوز بعد أيام من المؤتمر الصحفي ، و قد و ضعها ( مايمان ) في جهازه و أنتج شعاع ليزر مرئياً بوضوح . فازت هيوز في السباق ، و لكنّ المختبرات الأخرى كانت تعمل على إنتاج أنواع أخرى من الليزر ، و في أو آخر عام 1960 ، تمكن فريق مختبرات ( بل ) برئاسه ( علي جافاًن ) من إنتاج أول ليزر غازي . و قد كان ليزر ( جافان ) مختلفاً جداً عن ليزر ( مايمان ) ، إذ استخدم 90 % من غاز الهيليوم و 10 % من غاز النيون كمادة نشطة ، و مرسل مذياعي لضخ ذرات الهيليوم حتى تصل إلى حالة الهيجان . و قد أثار ابتكار ( جافان ) العلماء فصنعوا العديد من الليزرات في مختلف المختبرات ، مستخدمين عدداً من الغازات الخاملة في عام 1961 و عام 1962، و كانت مشكلة معظم هذه الليزرات أنها لم تصدر أشعة مرئية ، أي أنها أصدرت أشعة تحت حمراء ، و هي أشعة أقلّ قوّة . و لقد أحرز العالم الأمريكي ( دبليو إي بل ) تقدماً مهماً في بحثه الابتكاري ، فقد استخدم غازاً مختلفاً ، و هو الزئبق ، لإنتاج شعاع ليزر مرئي . فاستطاع تحقيق النتائج المرجوّة بتغيير بناء غاز الزئبق بجعل ذراته الطبيعية تحمل شحنة موجبة و بذلك يكون قد حوّلها إلى أيونات . و قد أدى عمله إلى تطوير ليزرات تعتمد على الأيونات التي أصبحت مصادر فعالة لأشعة ليزر حمراء و خضراء قويّة ، لكنها قصيرة العمر . و كانت أوّل الليزرات تضخ عن طريق الأشعة الصادرة عن الالكترونات التي علمت أيضاً على تأيين الذرات في المادة النشطة . و قد حدت كميات الحرارة الناتجة في العملية من قوّة الشعاع و أدت إلى تلفه ، كما أدت عملية ربط المهبط ذي الشحنة السالبة و جدران الأنبوب بالأيونات ذات الشحنة الموجبة إلى نفس النتيجة . و قد تم لا حقاً إيجاد أساليب ضخ أفضل . طورت أنواع كثيرة من الليزر ، بما في ذلك التقدم الهام الذي حققته مختبرات ( بل ) في هذا الميدان عام 1965 ، فقد بيّن ( سي كيه إن باتل ) 0 طريقة عمل ليزر الغاز الجزيئي الذي كان أكثر قوة و فعالية من ليزرات الغاز السابقة ، فقد استطاع ( باتل ) إيجاد نظام جديد يسمى " البناء الغازي المتدفق " و الذي يبقي الغاز ذا الجزئيات الثقيلة متدفقاً بين مرآتين حيث يقذف بسيل من غاز النيتروجين المهيج . و يؤدي اصطدام الغازين إلى السماح لطاقة ذرات النيتروجين بتهييج الجزيئات الثقلية للغاز النشط المختار . و قد تمكّن ( بل ) من شرح فعل الليزر مع الأكسيد النيتري ( الغاز المضحك ) ، و ديسالفيد الكربون ( ثنائي الكبريت الكربوني ) و أول أكسيد الكربون ، و ثاني أكسيد الكربون
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#2
|
|||
|
|||
![]() أثبت ليزر ثاني أكسيد الكربون فعاليته ، و خلال سنتين بدأت مؤسسات مثل مؤسسة ملاحة شمال أمريكا و شركة ريثيون و معهد ماساشوستس للتكنولوجيا بإيضاح النتائج القويّة لليزرات ثاني أكسيد الكربون التي ستصبح يوماً ما مصادر طاقة للأغراض الصناعية و العسكرية و أغراض البحث . و على أمل إيجاد ليزر أصغر حجماً و أكثر قابلية للحركة لا يحتاج لمصدر طاقة ذي قدرة عالية يصعب توفيرها ، حاولت بعض المجموعات في أوائل الستينات أن تدرس الجهد الكهربائي للمواد شبه الموصلة . و كان العلماء مفتونين بالضوء الأحمر اللامع الذي ينبعث عند تمرير تيار خلال فوسفات الجاليوم كمادة شبه موصلة . و بدأ العمل بتحويل هذا الضوء إلى شعاع ليزر بعد أن عرض ( مايمان ) ليزر الياقوت بفترة قصيرة . و في سنة 1962 تمكنت ثلاثة فرق بحث مستقلة في ثلاث مؤسسات هي جنرال الكتريك و أي بي إم و مختبرات لنكولن في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا من إنتاج الليزر شبه الموصل . و كانت التحسينات في المادّة النشطة و أساليب الضخ تبشّر بالكثير من الاستعمالات لليزر ، فأصبح بالإمكان السيطرة بسهولة على طاقته الناتجةعن الطريق مخزون فرق الجهد ، مما يجعله مناسباً لنقل الصوت و الصورة و الكثير من الأشياء العجيبة الأخرى . كان تطوير الليزر يتقدم بسرعة في السنوات التي تلت اكتشاف ( مايمان ) ، لكّن الاستعمال التجاري لتقنية الليزر كان ما يزال متأخراً . و لم يستطع العامّة ، و غيرهم في مجال الصناعة و التجارة ، أن يتخلصوا من فكرة أن الليزر لم يكن إلا سلاح دمار عجيب . و يتذكر د. ( مايمان ) مصارفة توضح هذه النقطة : قال : " لقد تعرفت إلى ( بيتي ديفيس ) في حفلة ، و كان أول ما قالته : كيف تشعر عندما تكون مسؤولا عن آلة الدمار تلك ؟. لقد فاجأني ذلك ! و لا أذكر تماماً كيف كان رد فعلي ، عدا عن محاولة إيضاح أنها حصلت على معلومات غير صحيحة و لكنها أتت لا حقاً عندما همّت بالخروج و قالت إنها شعرت بأنها لم تكن منصفة ، و أزاجت عني المسؤولية ، على أساس أنه عندما يخترع العلماء شيئاً فإن المجتمع هو المسؤول عن التعامل معه بمسؤولية . و قد ازدادت هذه النغمة حتى أصبحت في موقف دفاع ، مع أنني لم أسمع عن أي شخص قتل بالليزر ولو الصدفة " . كان الجيش مهتماً بوضوح بقوة الليزر التدميرية المحتملة ، و قد وافقت الحكومة على طلب ( مايمان ) السابق لعقد حكومي ، و ساعدت أموال وزارة الدفاع في تسريع عملية تطوير الليزر بشكل ملحوظ . و في الستينات ، رفضت خطة لاستعمال أشعة الليزر ضد صواريخ العدو لأنها غير عملية ، لتعود و تطبق في مبادرة الدفاع الاستراتيجي التي أطلقتها إدارة ( ريجان ) . لم يكتشف شعاع ليزر مميت ، لكن الجيش يستخدم الليزر لعدة أغراض ، و تستمرّ الحكومة في توفير مساعدات إضافية لتطوير ليزرات لا ستخدامها في أغراص إنسانية. إنّ التوتر الذي حدث في البداية كرد فعل على الليزر كان مفهوماً . فقد كان لشعاع الليزر القدرة على حرق و فتح ثقب في حائط أو صفيحة معدنية إذا ما تم تركيزه ، لكنّ العلماء اعتبروه أداة رائعة جديرة بالملاحظة ، إذ كانت قوّة الليزر أقل أهمية من الخصائص التي ولدت هذه القوة بالنسبة إليهم . و يبدو للعين المجردة أنّ الشمس تشعّ أشعة صفراء و حمراء و برتقالية ، من ألوان الطيف ، و في الحقيقة ، تشعّ الشمس و المصباح الضوئي أشعة متعددة الألوان أو الموجات التي تتوزع ، منطلقة من المصدر ، في كل الجهات . و الليزر ينتج الأمواج الضؤئية بلون واحد و موجة واحدة ، و تتحرك هذه الموجات بانسجام في نفس الاتجاه . و ما يجعلها مميزة هو اتساقها و ضيق مجال تركيزها . كان إيجاد سوق تجاري لليزر أمراً معقّداً ، بسبب نقص التقنية المكمّلة ؛ و كانت الاتصالات بالأمواج الضوئية فكرة قديمة لكن تطبيقها الآن يبدو ممكناً . و لكنّ العلماء لم يخترعوا و سيطاً لنقل الضوء حتى انقضت عشر سنوات على اختراع ( مايمان ) لليزر الياقوت . و تحتاج معظم الابتكارات وقتاً طويلاً حتى تسوّق ، و لأن الليزر مبتكر فريد ، فقد استغرق وقتاً أطول من معظم الابتكارات الأخرى . وضح طبيب في مستشفى الأطفال في سنسيناتي أول استخدامات الليزر العملية ، فقد استخدم د. ( ليون جولدمان ) الليزر في علاج الورم القتاميني ، و هو أحد أشكال سرطان الجلد عام 1961، و أثبت لا حقاً بأنه يستطيع إزالة الأصباغ الخمرية ، و الوشم و التغييرات في الجلد الطبيعي . و كان أخصائيو الرمد متشوقين لمعرفة فيما إذا كان ليزر الياقوت سيحل مكان مصباح زينون كمصدر ضوء كاف للحم البقع في الشبكية المنفصلة. و قد رأى الجراحون العديد من الاستعمالات المحتملة لليزر في الطب ، لكنّ هذه الاستخدامات لا يمكن تطبيقها قبل صنع أدوات توفّر التحكم الدقيق بقوة الليزر . لقد بدا أن إنتاج الليزر سيكون حتماً صناعة جديدة و مربحة ، إلا أن طبيعة المنتوج أوجدت الحاجة إلى تخطيط إبداعي . و كان المفتاح لجني الأرباح المتوقعة هو ربط عدّة أنواع من الليزرات لتؤدي وظائف معينة ؛ وقد كان أكثر استخدامات الليزر شيوعاً في مجالات غير معروفة للعامة ، كاستعماله في أدوات رائعة تؤدي العديد من المهمات المخبرية التي كان يعتقد أنها مستحيلة . و في هذه الأثناء ، انبهر الناس بقدرة الليزر على نقل صورة ثلاثية الأبعاد ، و ذهل الناس عندما علموا أن شعاعي ليزر يضربان سطح القمر عام 1968 ، أي قبل سنة من رحلة ( ارمسترونج ) و ( الدرين ) و ( كولينز ) . لكنّ التقدم الهام في تقنية الليزر بدأ بعد الستينات . تطبيقات إبداعية لتقنية الليزر لم تؤثر الكثير من الأحداث على صناعة الليزر الناشئة ، كما أثر عليها تقرير شركة كورننج جلاس وركس في خريف عام 1970 ، الذي أعلنت فيه أنها أنتجت أليافاً زجاجية نقية بدرجة كافية لنقل شعاع الليزر الناقل للمعلومات . و قد أثبت هذا الإنجاز ، كما سنرى في الفصل القادم ، إمكانية الاتصالات بالأمواج الضوئية ، كما أنه كان حافزاً لإجراء البحوث في مجالات استخدام الليزر في الطب و غيره من الميادين . إنّ خصائص الشعاع الضوئي الناتج عن الليزر جعلته قابلا للاستخدام بفعالية في عدّة أنواع من الأنسجة في جسم الإنسان . فمثلا ، يستخدم شعاع ليزر الآرجون في جراحة العين دائماً ، و يمكن تسليطه مباشرة خلال العين دون أن يسبب ضرراً ، و ليس لطاقته أي تأثير حتى يسقط الشعاع الأزرق المخضر على المادّة الملونة الحمراء في الشبكية في مؤخرة العين ، حيث تمتص هذه الطاقة في تفاعل كيماوي ضوئي فوري ، مسببة انفجاراً مصغراً في النسيج . و هكذا يتخلص المريض من مشكلته بسهولة و بدون ألم . و تتطلب الإجراءات الطبية أنواعاً مختلفة من الليزرات و بخاصة الليزرات التي تستخدم ثاني أكسيد الكربون و البلورات الاصطناعية كمواد نشطة ، و تكون أشعة ليزرات ثاني أكسيد الكربون و بلورات عقيق اليتريوم ألمنيوم الاصطناعية غير مرئية ، و تستخدم كلاهما لأغراض مختلفة .و يشكل الماء 70% من النسيج في الجسم الإنساني ، لذا فإنه يمتص طاقة ليزر ثاني أكسيد كربون بسهولة ، وهو الليزر الذي ثبتت فعاليته كأداة قطع ، خاصة في مناطق لا يستطيع مبضع الجراح الوصول إليها . أما شعاع ليزر بلورات عقيق اليتريوم ألمنيوم الاصطناعية فتستطيع أيضاً اختراق جسم الإنسان ، و هي فعّالة للتخلص السريع من النسيج المريض أو غير المرغوب فيه . يوفر الليزر ( السكين الضوئية ) عدّة فوائد أخرى : فهو يخفض احتمال الإصابة بالعدوى و ذلك لأنه لا يوجد أدوات تلمس الجرح ، ولا يؤثر على النسيج المحيط . و هو يسدّ الأوعية الدموية لتتجلط أثناء الجراحة مخفضاً بذلك احتمالية النزيف المفرط . يستخدم الجراحون المجواف ( أداة تدخل الجوف ) المصنوعة من الألياف الضوئية لتحديد و استئصال العوامل الضارة ، باستخدام الأشعة في كل جزء من الجسم الإنساني ، بما في ذلك أعضاء مثل الرئتين و المريء و الممر المعدي المعوي ، دون أن يضطروا لإجراء عملية جراحية .
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#3
|
|||
|
|||
![]() إنّ الأمل في القضاء على السرطان بأشعة الليزر لم يتحقق بعد، و لكن الأطباء استطاعوا إزالة سرطان حنجرة في مراحله الأولية بعملية قصيرة وعلاج، مختصرين بذلك أسابيع من العلاج الإشعاعي المزعج. و يبقى الإستعمال الإبداعي لليزر في الطب في مراحله الأولى بالرغم من أنّ مليوناً من الأمريكيين عولجوا بالليزر عام 1988. و قد كان علاج العينين أهم مجال لليزر ، لكنّ العلماء يكتشفون أساليب جديدة بانتظام في شتى المجالات ؛ فقد ألهم نزوع ليزر الأرجون لإنهاء اللون الأحمر العلماء لإجراء فحوص سريرية لإنتاج صبغة حمراء مشتقة من الهيماتوبورفين ، وحقنها في أجساد مرضى السرطان في مرحلته النهائية . و تمتص الأنسجة السرطانية فقط هذه الصبغة مما يسمح لشعاع الليزر نظرياً أن ينجذب للصبغة الحمراء ، و يقضي على الورم. ولن تعرف نتائج الاختبارات إلا بعد سنين، ولكن احتمال الشفاء وارد. وقد تمّ تحويل بعض الاستخدامات البشرية لليزر إلى تقنيات مربحة ، فقدرة الليزر على صنع صور أدت إلى توظيفه في نظام يحفظ بطاقات الاعتماد . ووجهت التقنية التي أنتجت التسجيلات على أقراص الفيديو التي لم تلق استحساناً إلى إنتاج أقراص سمعية محكمة الصنع والتي كانت ناجحة بشكل كبير . وتستمر التطبيقات العملية بالتزايد كلما قامت الصناعات بدراسة خصائص الليزر وكلما استمر المنتجون بتطوير أدوات أقل ثمناً ومصممة لمهمات معينة ، تجعل خصائص شعاع الليزر المتعددة من هذه الأشعة ، أداة قيمّة للقياس والثقب والقطع واللحام في المختبرات والمصانع والمنشآت العسكرية والمدنية بشتى أنواعها حتى مخازن البيع بالمفرق . لقد ظهر الليزر في السوق المحلي في منتصف السبعينات لاستخدامه في ترتيب وجرد البقالة ولوضع تاريخ الإنتهاء على علب المنتوجات المختلفة ، فتعدد استعمالات الليزر يجعله منتجاً مهماً وقيّماً . وفي الوقت الحاضر ، يعمل في صناعة الليزر في الولايات المتحدة حوالي عشرة آلاف موظف ، وتبلغ رؤوس الأموال المستثمرة حوالي 600 مليون دولار تنتج أرباحاً ببلايين الدولارات المساندة لصناعة الليزر . لقد سببت عملية إنتاج الليزر المزيد من المحن والانتصارات لمبتكريها الرئيسين وهما ( جوردون جولد ) و ( تد مايمان ) ، فقد منح كل من ( شارلز تاونز ) و ( آرثر شاولو ) جائزة نوبل تقديراً لجهوده في اكتشاف الليزر ، أمّا ( جولد ) فقد أمضى سنوات عديدة وأنفق مبالغ طائلة ليثبت ملكيته لبراءة اختراع الليزر ، وكان ل ( مايمان ) مشاجراته الخاصة مع مكتب إصدار البراءة . لقد سببت محاولات ( جولد ) الفاشلة في تحدي براءة ( تاونز ) و ( شاولو ) الإحباط ( لجولد ) نفسه حتى منحته المحكمة أخيراً حقوق براءة ثلاثة اختراعات : الليزر المضخوخ ضوئياً عام 1977 ، والعملية التي تتضمن الثقب والقطع واللحام بالليزر عام 1979 ، وبراءة ليزر تفريغ الغازات عام 1987. وقد منحته البراءات الثلاث الحقوق الرجعية بالإضافية إلى فوائدها ورسوم الرخصة التي كان من المفروض أن يحصل عليها خلال سريان مفعول البراءات . وفي بداية عام 1988 ، كان ( جولد ) قد كسب أكثر 25 مليون دولار من البراءات ، وكان ينتظر الكثير أيضاً . وفي الواقع ، لقد أفاد مادياً من التأخير على الرغم من دفعه تسعة ملايين دولار رسوماً قانونية لأن البراءات كانت ستنتهي لو حصل عليها مبكراً . وسيكون قد خسر قمّة ازدهار الليزر ، إذ كان قد باع 80% من ملكيته المتوقعة لمستثمرين خارجيين لتغطية النفقات القانونية الناتجة عن مطالبته بحقوقه . ونظراً لقناعته بأن رؤساءه ليس لديهم فكرة عمّا سيفعلونه بالليزر ، فقد غادر ( مايمان ) هيوز في صيف عام 1960 ، وأنشأ مختبره الخاص لليزر في شركة أصغر حيث أمل أن يستطيع الإفادة مادياً من عمله . وهو مصرّ بأن أول ليزر في العالم كلّف هيوز ما قيمته خمسين ألف دولار ، بما في ذلك القطع والأيدي العاملة والنفقات العامة ؛ وقد استعادت هيوز أضعاف هذا المبلغ من رسوم الترخيص . وبعد السنة الأولى من التردد ، بدأ علماء الشركات الأخرى بإنتاج ليزر يشبه مفتاحه حرف ( كيو ) وتعاونوا على تطوير ليزر أيون الغاز الخامل . واكتشفوا أن حثّ التبعثر أدى إلى أسلوب متعدد الأغراض لتغيير التردد البصري ، وقد جعلت العقود الحكومية شركة هيوز منتجاً رئيسياً لليزر الذي يستعمله الجيش لتحديد المدى . وبدعم رئيسي من شركة يونيون كاربيد ، استطاع ( مايمان ) أن يعيد تنظيم الشركة التي انضم إليها ، و غيّر اسمها إلى كوراد و ذلك لتبدأ بإنتاج و تسويق الليزر . و بعد بضع سنوات ، أبلغه محامي براءة شركة هيوز أن الشركة لم تستطع العثور على ورقة التي يفترض أنّه وقّعها و التي تمنح هيوز حقوق أي اختراع يخترعه خلال عمله فيها . و كان ( مايمان ) متأكداً بأنه لم يوقّع أية ورقة ، و هذا يعني أن لشركة هيوز الحقّ في تسويق الليزر . أما المخترع فيمتلك براءة الاختراع . فأصبح مكتب البراءة ، بموقفه العدائي التقليدي ، متردداً في منح البراءات لمايمان و لشركة هيوز . وصل عجز شركة هيوز الذي استمر فترة طويلة للحصول على براءة لإختراع ( مايمان ) ذروته عام 1968 ، أي بعد سبع سنوات من اختراعه لأول ليزر . و قد طالب محامي ( مايمان ) مكتب البراءة بإشراكه في القضية مع محامي هيوز ـ لكي يستطيع الطرفان الحصول على المعلومات الخاصة بالقضية ، فتلقى جواباً روتيناً مملا . و قد استلم محامي ( مايمان ) الرسالة التي تعلن بأن طلب البراءة وشك أن يرفض و أنّ ( مايمان ) سيخسر حقّ البراءة ما لم يقدم أدلة جديدة . و حينئذ أدرك ( مايمان ) سبب التأخير الطويل ؛ لقد قال البير و قرا طيون إن السبب واضح و ذكروا ثلاثة أسباب محددة : بحث ( شاولو ـ ثاونز ) السابق ، و رفض ( شاولو ) للياقوت كمادّة نشطة ، ثم و يا للعجب ، البحث المغلوط الذي أورد قياسات غير صحيحة عن إشعاع الياقوت . غضب ( مايمان ) جداً و كتب إجابة مفصلة وضحت " أنّ القراءة المتأنية لكل المراجع المتوفرة ، ستثبت سبب عدم فعالية الياقوت ـ لا سبب وضوح ملائمته لليزر " و لكن محامي البراءة يعتقد أن الإجابة ستفوز بالبراءة ، إذا اعتبر إفادة مشفوعة بالقسم ، و لكن حذر ( مايمان ) من القرار المؤلم الذي سيواجهه . فقبول الإفادة دون اتخاذ أية إجراءات أخرى يعني أن تفوز هيوز بالبراءة و تكسب كلّ المكافآت المالية . و كان باستطاعة ( مايمان ) أن يكافح لعله يفوز بالبراءة ، و كان باستطاعته أن يهملها و يقبل بالاعتراف الرسمي كمخترع الليزر ، و قد اختار ( مايمان ) الاعتراف الرسمي . و قدمت شركة هيوز الإفادة بكل سرور ، و تمت الموافقة أخيراً على البراءة . و بالرغم من أن ( مايمان ) لم يكسب مثل ما كسب ( جولد ) من ثروة لقاء مساهماته , إلا أنّه كان ناجحاً في عمله الخاص . و قد ادعى أنّه لم يأسف لقراره , فقد منح جائزتين عالميتين رفيعتين : جائزة ولف من إسرائيل عام 1984 ، و جائزة اليابان ، المسماة بجائزة نوبل الشرقية عام 1987. أمّا الاعتراف الكامل ( بمايمان ) كمخترع فقد جاء عن طريق إدراج اسمه في قائمة المخترعين المشهورين ، و هي مجموعة من المخترعين المميزين مثل : ( أديسون ) ، ( بل ) ، و الأخوان ( رايت )
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
#4
|
|||
|
|||
![]() انتهى منقول
تقبلوا خالص الود والتقدير
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء فكيف نيأس ؟!! |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|