ملتقى الفيزيائيين العرب > منتديات أقسام الفيزياء > منتدى الفيزياء النووية | ||
دروس في الفيزياء النووية |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#3
|
|||
|
|||
![]() و ما يحدث للنواة لا يختلف كثيرا عن ذلك ؛ فعند قذف نواة ذرة بنيوترون مثلا , تحدث الإصابة بعض تذبذبات في سطح النواة ( كما يحدث لقطرة السائل ) و في خلال عملية التذبذب هذه قد يصبح شكل النواة بيضاويا مثل "ب" فإذا كانت الطاقة المكتسبة غير كافية لكي تنتقل بالنواة إلي الحالة "ج" فإن قوة التجاذب بين مكونات النواة ترجع بها إلي شكلها الكروي الأصلي و تتخلص النواة من هذه الطاقة الزائدة بقذف جسيم آخر ( أو أشعة جاما ) إلي الخارج راجعة بذلك إلي حالة الاستقرار ؛ و لكن إذا كانت الطاقة التي أكتسبتها القطرة كبيرة فإنها تنتقل إلي الحالة المماثلة بالشكل "ج" و حينئذ يصبح رجوعها ثانية إلي الشكل الكروي الأصلي غير محتمل ؛ و ذلك بسبب التنافر بين البروتونات ( المشحونة بنفس الكهرباء الموجبة ) الموجودة في كلا نصفي النواة مما يعجل بإنشطارها إلي قسمين .
و يجب علينا أن نذكر أن عملية الانقسام هذه تحدث فقط إذا كانت كتلة النواة الأصلية أكبر من كتلتي النواتين الناتجتين من الأنشطار . و إذا لشطر نواة يلزمنا قدر من الطاقة يكفي لتحوير النواة من الشكل الكروي إلي الشكل ذي الاختناق "ج" , و يسمي هذا القدر من الطاقة بالطاقة الحرجة للأنشطار ؛ و لعله من الواضح أنه إذا تحررت النواة من الشكل الكروي إلي الشكل البيضاوي فإن التنافر بين البروتونات الموجودة في جانبي القطرة يسهل زيادة التحوير في شكلها إلي الشكل "ج" [1]و بذلك يكون الأنشطار سهلا كلما واد عدد الشحنات الموجودة في كلا من الجزئين , أو – و هو نفس الشئ – كلما زادت الشحنة " ك " علي النواة الأصلية و تكون قوة التنافر متناسبة مع " ك تربيع " ؛ و في نفس الوقت تكون قوة التجاذب أو الترابط بين مكونات النواة – و هي التي تجمع بينها في شكل كرة – متناسبة مع عدد المكونات " ع " ؛ و إذا نستطيع أن نقول مع بوهر و هويلر أن سهولة الأنشطار تتوقف علي قيامة المعامل " ك تربيع ÷ ع " فكلما زادت قيمة هذا المعامل لنواة معينة , كلما قلت قيمة الطاقة اللازمة لأحداث الأنشطار ؛ و قد أثبت بوهر و هويلر أنه زادت قيمة هذا المعامل عن 45 فإن النواة لا تكاد تصبح في حاجة إلي الطاقة كي تنشطر و أأن آي تحوير بسيط يحدث في شكلها يكفي فورا لشطرها إلي نصفين ؛ و لعلنا نذكر قيمة المعامل " ك تربيع ÷ ع " لبعض النوي المعروفة في المفاعلات الذرية ؛ فلنواة اليورانيوم 235 يكون " ك تربيع ÷ ع = 36 " , و لنواة البلوتونيوم 239 يكون " ك تربيع ÷ ع = 37 " . كان شرح ظاهرة الأنشطار النووي علي أساس نظرية قطرة السائل نجاحا كبيرا لهذه النظرية دعم من قوتها العلمية . و لكن بعد الحرب العالمية الثانية ( حوالي 1950 ) ظهرت نظرية أخري لتركيب نواة الذرة علي أيدي العالمة الأمريكية ماريا ماير و العالم الألماني ينسن , و تسمي هذه النظرية بنظرية التركيب القشري للنواة , فقد لاحظنا في صدر هذا الدرس عند كلامنا عن التركيب القشري للإلكترونات التي تدور حول النواة أن المواد التي تشتغل كل الكتروناتها عددا كاملا من القشور أو بعبارة أخري تلك التي تبلغ أعداد إلكتروناتها ( و هي تسمي بالأعداد الذرية ) 2,10,18,36,54؛ و هي علي التوالي غازات الهيليوم – نيون – أرجون - كريبتون – زينون , تمتاز بثبات كبير و عدم إتحاد مع غيرها من العناصر ؛ فإذا ما تركنا الإلكترونات و دخلنا في النواة فأننا نذكر أن كل نواة تتميز برقمين هما عدد البروتونات و النيوترونات المكونة للنواة ؛ و سبق أن ذكرنا أنه إذا أتحد عدد معين من البروتونات بأعداد مختلفة من النيوترونات فإنه ينتج لنا نظائر مختلفة من نفس العنصر , بعض هذه مستقرة , و الأخرى تتحلل بأن ترسل إلي الخارج إشعاعات نووية متحولة بذلك إلي نظير أو عنصر أخر . و كما أننا نلاحظ أن الأعداد الذرية للغازات أو المواد الثابتة التركيب في حالة الإلكترونات – و هي الأعداد المذكورة أعلاه – هي أعداد زوجية فقد لوحظ أيضا أن كل النظائر الثابتة تقريبا تحوى أعدادا زوجية من كل من البروتونات و النيوترونات و من ضمن هذه الأعداد الزوجية وجدت أعدادا إذا أحتوت النواة علي إحداها من البروتونات أو النيوترونات فأنها تمتاز بثبات و استقرار قويين ؛ و هذه الأعداد التي سميت بالأعداد السحرية هي 2,8,20,28,50.82,126؛ ففيما يختص بالعدد 2 نلاحظ أن نواة الهيليوم و هي تحوي بروتونين و نيوترونين من أكثر النوي المعروفة استقرارا و كذلك الأكسيجين الذي له 8 بروتونات , و 8 نيوترونات ؛ و كذلك الكالسيوم و له 20 بروتونا , و يكفي للدلالة علي شدة الاستقرار و الترابط في هذه الأنوية أن نلاحظ أن لها 6 نظائر ثابتة تحتوي أعدادا من النيوترونات تتراوح بين 20,28 و هذا عدد كبير من التجمعات في النيوترونات بالنسبة لصغر حجم النواة و لكنه يدل دلالة قاطعة علي قوة التماسك في النواة . و من المعلوم أن الفرق بين أوزان مكونات نواة قبل أن تتحد مع بعضها و بعد اتحادها هو مقياس لقوي الترابط في النواة , و عند قياس قوي الترابط هذه للنوي المختلفة وجد أن قوي الترابط في النوي التي تحتوي أعدادا سحرية من البروتونات أو النيوترونات هي أكبر من قيمتها فيما يجاورها من نوي ؛ و دليل آخر علي قوة الترابط هذه هي وفرة وجود العناصر في الطبيعة إذ أنه من الطبيعي الفرض بأن أكثر العناصر توافرا في الطبيعة و بقاء علي مر السنين هي أكثرها ثباتا . و إذا ما نظرنا الآن إلي العدد السحري 50 وجدنا أن القصدير و تحتوي نواته علي 50 بروتونا و له عشرة نظائر ثابتة و هي أكبر عدد من النظائر لأي عنصر أخر و كذلك يتوافر القصدير أكثر من آي عنصر يجاوره في جدول العناصر . و لعل العدد 82 أكثر الأعداد مدعاة للعجب , فهناك سبع عناصر مختلفة تحتوي كل منها 82 نيوترونا , فنظير الباريوم الذي يحتوي 82 نيوترونا يكون 72% من المتوفر في الطبيعة من هذا العنصر ؛ و نظير مادة السيزيوم الذي تحتوي نواته 82 نيوترونا يمثل 88% من المتوفر من هذا العنصر أيضا ؛ و أخيرا و ليس أخرا فالرصاص و هو الذي تنتهي إليه جميع المواد المشعة و تقف عن إشعاعها عندما تصل إليه تحتوي نواته علي 82 بروتونا . و قد أثبتت التجارب علي أن نوي العناصر التي تحتوي 50 أو 82 أو 126 نيوترونا لا تحب أن تمسك بنيوترون إذا مر بها أو أقترب منها و احتمال قبولها لنيوترون واحد يقل بحوالي عشر مرات عن احتمال قبول النوي التي تجاورها أو تماثلها في الوزن للنيوترونات . و هناك أدلة كبيرة غير هذه تؤيد و تزيد من قوة التركيب القشري للنواة و وجود الأعداد السحرية . و أنه لمن العجب حقا ما تظهره لنا هذه الحقائق من أن لكل من البروتونات و النيوترونات كيان منفرد , كل مستقل عن الأخر , عكس ما كنا نتوقعه من تأثير القوي النواوية التي تربط بين مكوناتها . و فسر لنا هذا النظام القشري للنواة حقائق لا حصر لها أظهرتها التجارب بحيث يعتبر بعض العلماء هذا الاكتشاف بأنه أعظم عمل علمي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية . و طبعا كما قد يبدو لنا , ليس من السهل شرح ظاهرة الأنشطار النووي علي هذا الأساس ؛ و هكذا خلال التطورات الحاسمة العظيمة لبثت نظرية قطرة السائل منزوية قليلا و إن لم تختف تماما , بل ظلت دائما مقرونة بظاهرة الأنشطار النووي , و كان لابد من إيجاد صورة أو طريقة للربط بين هاتين النظريتين أو الصورتين و تجمع بين مميزاتهما , و هكذا كان ؛ فقد نجح العالم الشاب أوجي بوهر – و هو نجل العالم الدنمركي نيلز بوهر واضع الصورة الأولي للذرة في سنة 1913 – في وضع نظريته عن الحركة الجماعية للنواة بأن أسبغ علي النواة ذات القشور المليئة بالنيوترونات و البروتونات حركة جماعية دورانية بحيث يصبح سطح النواة الخارجي مشابه لسطح سائل في قابليته للاهتزاز و التذبذب . و يمكن تشبيه النواة في هذه النظرية ببيضة تدار علي مائدة مثلا و هي مرتكزة حول أحد طرفيها ؛ إذا درسنا حركة السائل داخل البيضة فإننا سنجد أن السائل لا يدور مع القشرة بل أنه يتحرك فقط في الاتجاه الداخلي و الخارجي عمودي عل القشرة ؛ و كذلك النواة في هذه النظرية يتحرك ما بداخلها بنفس الطريقة ؛ و لكن سطحها – و هو ليس في صلابة قشرة البيضة – مرن و له حركة دورانية و يتعرض لضغط من داخل النواة نتيجة لهذا الدوران ؛ آي أن ما يدور فقط هو الجزء الخارجي من النواة فقط ؛ و يتعرض هذا الجزء لضغط من الأجزاء الداخلية للنواة التي تتحرك من الداخل إلي الخارج و بالعكس ؛ و بذا يتحور شكل النواة و يصبح لسطحها قابلية التذبذب و التحرك تحت هذا الضغط ؛ و بذا تصبح مشابهة لحركة قطرة السائل و نستطيع تصور ظاهرة الأنشطار علي أساس هذه الحركة الجماعية التي فرضت للنواة ؛ و هذه الأخيرة لها ما يزال تركيبها القشري الملئ بالبروتونات و النيوترونات التي تشغله . |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|