ملتقى الفيزيائيين العرب > قسم المنتديات العامة > منتدى المناسبات. | ||
يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟ |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#291
|
|||
|
|||
![]() اتمنى ذلك لكن الانشغال بأمور الحياة
|
#292
|
|||
|
|||
![]() بارك الله فيك اخي على هذه الفكرة الرائعة..
تحياتي.. |
#293
|
|||
|
|||
![]() مشكووووووووووووووووووووووووور
|
#294
|
|||
|
|||
![]() نتمنى دلك انشاء اللة ودعواتكم
|
#295
|
|||
|
|||
![]() على عتبات المصير
بقلم : محمد يوسف جبارين(أبوسامح) .. أم الفحم ..فلسطين شروق كلمة الوعي بالحرية على الشفاه التي تشققت ، من عذاب الجوع والعطش ، الى الحركة الواحدة الجامعة، لكل فئات الشعب في ارادة واحدة، وعلى غاية واحدة، هي الأسمى بين الغايات وهي التحرر من الاستعمار، فكل الآمال دامعة، تروي بدموعها ترابها، لتقوى على صلب عودها ومد ذراعها، الى مسح ذبول، يشيع في ابتسامة الأزهار. وثمة مقتضيات تستوجب فهم الدعوة الى الحرية، في مثل هذا الحال، على أنها دعوة فكاك الواقع من قيود وحواجز وسجون، وتحرير علاقة العقل بالواقع وبالاحداث، من المرور عبر ثقافة تخللها عبث شوة هذه العلاقة، وبهتها فأضاف لها أرباكا، ما كفل لها هلهلة مجتمع، وأغتمام رؤيته لمستقبله، بأغراقه بتشاحن وتطاحن فضعف بعد أن كان قد استذرى غناء، من جراء نمو في قدرته. فالزام الحركة الى الامام، دعوة وعي متمرد على واقع يراه أمامه. فالحاجة قصوى الى تغيير، أو يبقى الحال كما هو، فاستنقاع يهدد مسألة المصير . فلا بد من ميلاد جديد.. الى انثى تلد الوجود، وقد تجددت ملامحه، فأصبح بكامل وعيه يرى مواقع خطاه، ويحث السير، فيصير الى ما يحلم بان يصير اليه. فالمشروع الوطني أولا، وليس الحزب أولا. فالدولة مشروع شعب يسعى بقيامها، الى تنظيم حياته، على ما يحقق له آماله في التطور. فالحزبية منافسة في تحصيل الدولة، ومنافسة في تنمية القدرة على تسريع الدفع لعجلات التطور. فالهيكلة الدائمة للواقع، بالاضافة الدائمة في قدرته على السير في الزمان، في عملية تطوير، في اتجاه الآمال، هو هذا النطاق العظيم الذي يتوجب أن تنصب فيه الجهود كلها. وهكذا شروق، فاصلة بين ليل ونهار، بين وعي يلفه الليل ويتخبط في ظلماته، فلا يعرف مواقع خطاه، وبين وعي ثاقب البصيرة في الواقع ينظر فيه عميقا، ويقرأ العلاقات السائدة في العالم مليا، ويدري كيف يتناول الواقع، ويتدرج به، الى أن يقدر على هيكلته وتضمينه بما يستقر به على دولة، كانت مأمول وجدان شعب فأصبحت موجودة، فهو واحدها وانسانها الذي تدمع عيونه حبا، كلما نطق اسمها. فاستيلاد حتمية لشروق دولة، يستوجب رسو الوعي على الواقع بآليات تنشئة للأسباب، التي باجتماعها، تتكون ظروف، تفسح المجال أمام استنبات مشروع ، تمضي به الارادة في سياقات مرحلية ،الى تكوين الدولة كجغرافيا ومجتمع وتنظيم قانوني لهذا المجتمع. ما يستدعي، من أول خط السير الى الدولة، وعلى طول امتداده، رؤية صحيحة لصلة الفعل بسمو الأهداف، ما يعني انتشال الآمال والاستذراء بها الى ذرى ترتسم عندها الأهداف، وصلاتها بالارادات ويستضاء بها في اضاءة خط السير من أوله والى حيث الآمال. فالوضوح الفكري تأثيث لاحاطة بكل المتغيرات، وتمييز كل منها وتحديده وربطه بغيره، فلذلك هو ضرورة استواء على الرأي الصحيح، فتحديد الموقف يتأتى على تقدير، مستند الى واقع، وهذا بالاضافة الى امكانيات يقتضيها نفاذ الفعل، لزوم فاعلية في الاداء، حين بذل الطاقة في الفعل، فكذلك صواب البذل، بمأمول ترتب عليه فكذلك تتالي الخطوات، بتواصلية بنائية، حريصة على الرسو، في مستقبل أيامها، في ميناء الأمل، الذي يبرر لها ما هي عليه. فأما اغراق العقل بمتغيرات ليست سائدة في الواقع، وانما مستمدة من واقع آخر، لربما متشابه معه في تيارات تهب عليه، أو اغراقه بمتغيرات مستوحاة من حركة حوادث في تاريخ ماض. وقد سعى دوما الاستعمار الى تفكيك قدرة الشعوب على مواجهته، فبسط سيطرته على امكانياتها، وحاول استكشاف مناطق ضعفها، حيث يمكنه أن يشتري اختراقا، او خلخلة وزعزعة، في البناء الاجتماعي. وذلك حماية لاستمراره في طلاقة قدرته في ما يريده من بسط سيطرته. فتحقيق الأطماع رهن بالسيطرة، فاذا هذه وهنت، ضعفت مقدرته على بلوغ ما يريد، فيتم تفكيك السيطرة، أو يتأتى تفكيك الارادة التي تسعى الى تفكيكها، ولذلك نرى الاستعمار لا يتردد، في استعمال القوة في أبلغ تأثير لها، حين يحس تراجعا حقيقيا في مقدرته على السيطرة، ظنا منه، بأنه بذلك يسترد هيبته وهيمنته. ولم تكن العشائرية وحدها التي لفتت انتباه الاستعمار، كمناطق جذب له في استنبات الصراع بينها. فحركة الاستشراق قد وفرت له قراءات عميقة الدلالات، فانتبه الى الطائفية والمذهبية، والحركة الممتدة في الرغبة، في النهوض من جديد، بالعودة الى تجديد حضارة كانت. ولعل مشهد اللقاء بين عبد العزيز ملك السعودية، وبين روزفلت رئيس الولايات المتحدة، بعد مؤتمر يالطا، يدل على الفارق بين عالم يعيش خارج علاقة العقل في الطبيعة، وبين عالم أنهك الطبيعة بعقوله، وأنطقها في تحقيق تقدمه وتطوره، فحاجاته سعت به، وبما بيديه من مقدرة الى فرض ارادته وبسط سيطرته على غيره. فقد كان الملك العربي على ظهر جمل، وقد جاء ومعه خناجر وسيوف مرصعة باللؤلؤ، يقدمها الى روزفلت، بينما هذا على ظهر سفينة، هي قاعدة حربية تمخر البحار والمحيطات، ومن فوقها طائرات تركب الهواء. وبين ظهر الجمل وبين الطائرة كانت ترتسم ملامح مستقبل لمنطقة عربية بحالها. ولعله فيما قاله الملك العربي.. كنا أبا عن جد نستعمل هذا الزيت (البترول) لجرب الجمال فجاءنا الانجليز.. وفيما قاله روزفلت.. الانجليز أعطوك سيارة وأنا سوف أعطيك طائرة، مثل تلك، أنظر اليها... كانت تتراجع امبراطورية، لتحل محلها امبراطورية اخرى، وتتشكل سيطرة وتبعية، وأنظمة حماية لأنظمة حكم هي فرصة الاستعمار في بلوغ ما جاء اليه، وما يترتب على ذلك من أنظمة دفاعية، لاستبقاء هذه العروش، وتوفير المناخ المريح للمصاصات الاستعمارية، كي تشفط ما تشاء وكيفما تريد. ولمواجهة التيارات القومية والتقدمية والنهضوية التي ترتفع أصواتها في المنطقة ضد الاستعمار وعملائه. وقد أفصحت خبرات المستعمرين في السيطرة، عن أساليب، مدرارة النفع، تلائم أهدافا يراد تحقيقها في المنطقة. وراح المال يتدفق الى مناطق الفقر والحاجة، يؤدي دورا يريد شيئا واحدا ، هو تطويق وتحطيم كل الذين يناهضون الاستعمار والعروش التي يستعملها ، كأدوات في تحقيق أغراضه. وامتلأت آذان الناس ، بكل ما بدا بأنه مبادئ وثقافة موظفة وأقيمت جامعات وكليات، ودور نشر وصحافة، وتم استقطاب الحاقدين والزعلانين، والذين تسبقهم كروشهم الى ما يريدون، وبدأ خط انتاج، وخط تصدير للعملاء.. مثل تربية الدجاج والبط ... وراح الحبر يسيل من الاقلام المأجورة ، وملأت الكتب الأسواق، وبدت الذاكرة الجماعية كمن يواجه أخطر تشويه عرفته في التاريخ . وانساق كل ذلك في سياقات تنشئة الجماعات في كل مكان، فالمال يتقدم، والتوجيه يملي، والاشارات توحي. ويكاد يكون فن التفريخ الاستعماري للعملاء رهيبا في خدمته لأغراضه، فهو يعرف ما يريد، ولكن الذين يتحركون بالايحاء غير المباشر، من جانب الاستعمار، هم هؤلاء الذين ليس فيهم الوعي العميق الذي يدركون به، بأنهم يقدمون خدمات للاستعمار، لم يكن في مقدوره هو أن يحققها. وتبرز هنا جماعة، وأخرى هناك، من نوع من ترى في ذاتها نهاية التاريخ، تماما مثل ما رأى فوكاياما في الغرب نهاية التاريخ. بفارق أن الغرب لديه نتاج علاقة العقل بالطبيعة، وبها بدل وجه الحياة، وليس أمام العالم من طريق سوى أن يأخذ. وأما جماعة كهذه فليس لديها ما تعطيه سوى ادعاء الحرص على جملة من ماض، تريد ارغام الحاضر على التشكل بها، ظنا منها بأنها بذلك تجدد تاريخ أمة وتعيدها الى قيادة التاريخ. فكل ما عداها خارج نطاق الانتماء اليها، ممن ليس منها، فهي ليست معه. والآخرون لا بد من استدراجهم فاحتلالهم ليصبحوا نسخا من كتاب هذا النطاق. فهكذا انغلاق وتعصب أعمى الرؤية الثاقبة للآخرين. ومن تبرير التعصب والغاء الآخر، كراهية الآخرين، وقد تصل الى اباحة دمهم، وخاصة عندما تضيق الجماعة ذرعا بهم، كأن يكونوا عقبة شديدة المراس في طريقها. وهي اذ تفعل ذلك، فانما تسفك دم باطل وتنتصر للحق. ما يدل على تفريغ التعصب الأعمى للنفسية، من الحس بقيمة دم الآخرين. وثمة قراءة في خطاب جماعة كهذه تجده مليئا بصراخ عنيف، واتهامات تخرج من أفواه تتوتر، ووجوه تعبس، وأجسام تنتفض، ما يفيد الناظر والمستمع، بأن نفسية كهذه مليئة بالنزعة الى العنف والكراهية. فبكذا تهييج وترويج كلامي عنيف، يراد انتاج ضلال يجعل الأحباب والأصدقاء أعداء. كأنما يراد بتطرف يتجاوز حدود القدرة، وحدود الفعل، انتاج انغلاق فانقسام حاد في المجتمع، فانسداد كل باب تفاهم على الحدود بين الأقسام ما يستبعد في مستقبل الايام، وحدة صف، حول مواقف في مسائل المصير، وهو المطلوب، فلا يريد الذين لا يريدون لشعب أن يقرر مصيره بنفسه، أكثر من أن تتشقق وحدة هذا الشعب، فلا يكون في مقدوره، أن يطالب بتقرير مصيره. واذا طالب بعضه بذلك، فبعضه لا يتفق مع بعضه في المطالبة. فحق تقرير المصير يحتاج وحدة، ولا يجدها. فمشهد شعب كهذا يبعث السرور لدى الأعداء. وأمام العالم يبعث على الدهشة والرثاء. وحتى الحوار كشاف عن الارجاف الذي تحدثه العقلانية، وقد يفاجأ، من وجدوا فيها فنا يتفنون به، فعساه يكون لهم جسرا الى السلطة ، فاللافعل استحال سلطة . فهذه أزمة سياسة، أو تكون سياسات تناطحت فأنتجت أزمة، فغالبا ما تغيب متغيرات أو يتم تغييبها، فيجد من يتوهم نفسه السياسي بأنه في أزمة، وفي مقابل هذا هناك السياسي الذي يرى كل المتغيرات، ويعتمد على غفلة الأول، وبحركة فاهمة ما تريد.. يصوغ له أزمة، وفي السياسة، صناعة الأزمة مفتاح استخراج موقف، باستعمال امكانيات قوة متاحة. فحال اللافعل، كحال مقيم في زنزانة، كلما هرب من واقعه، عبر عقله، الى داخل، الى فكر وخيال، يسبح فيه، جاءت طرقات السجان على الباب، أو صاحت المعدة، بما بها من خواء، لتعيده الى واقعه. فكيف تلاقى السجان، مع جسده عليه، هو هذا الذي يذبح في وعيه، ولا يقبله. فاذا العبث الاستعماري بمصائر الشعوب مبرر، من وجهة نظر الاطماع الاستعمارية، فهو بالتأكيد لا يجد ما يبرره من وجهة نظر الشعوب. فالسيطرة في مواجهة التحرر، والمحاصرة للاضعاف والخلخلة والتفكيك، في مواجهة التساند لا التعاند. فاذا ثمة صلابة بدأت تتشكل في مواجهة الاستعمار، فهو من داخل أنظمة تابعة له، يسعى الى اختراق، حتى يصل الى التحكم عن بعد، فهذا استعمار يجيد تحريك الصواريخ والاقمار الصناعية عن بعد، بينما عرب لم يتجاوزوا تحريك شيء الا بالامساك به، بالمقود، بالرسن. وهذا ما أبقى الغفلة تأخذهم أحيانا، في قراءة حركة حوادث، تجري أمامهم، يرون ولا يفهمون، واذا أفهمتهم، يصخبون ويرجفون ولا يفهمون. واذا افترضنا، أن ما تريده أمريكا، هو ما تريده اسرائيل، وسألنا ماذا تريد، لأجابت بتاريخها، بأفعالها، بمفكريها، بجهاز الأمن فيها، وبأفصح لسان، بأنها لا تريد أن ترى وجودا أسمه شعب فلسطين. ولا تريد دولة فلسطينية في الضفة والقطاع. واذا فاهت بكلمة كهذه فهي تعني حكما ذاتيا، لا يملك من قريب أو بعيد حتى أمنه الذاتي، فالأمن كله تريده بين يديها، وعلى حكم ذاتي كهذا تكون مكرهة، فان حصل، فهذا حصاد تاريخ يجب تأمله باستمرار، ووضعه تحت المراقبة الدائمة، والبحث الدائم عن عناصر القوة الامنية التي تجعله خاضعا، وقابلا للتفكيك. ولذلك لا بد من السيطرة على أسباب نموه، والتحكم بها. فحدود أمن اسرائيل ممتدة الى المصادر التي يمكنها أن تصب، في نمو وأمن حكم ذاتي ، أو دولة للفلسطينيين. فأين ارادة العرب، وأين ارادة الفلسطينيين، فهذه التي يراد السيطرة عليها، فهذا أمن اسرائيل . فلتكن الوحدة الشاملة، لكل الفصائل الفلسطينية، في حركة شاملة في اتجاه هدف واحد، هو اقامة دولة فلسطين . فهذه تضفي عليها الهيبة، ونوعا من القداسة لدى أبناء فلسطين . فالمشاعر تتيقظ والارادات تتأهب لواجب يوشك أن ينادي عليها. ما يبعث يقظة في الشعور واستنفار في الارادات، لدى شعوب المنطقة، ويتنبه العالم. فهذا ما توجبه مرحلة التحرر الوطني. فكذلك يكون تصور قيام جبهة تحرير، فالتهيؤلا ستقبالها، بما يستبعدها، أو يفرغها من قدرتها باحالتها شكلا فضفاضا عاجزا عن بلوغ أغراضه، بمحاصرتها على كل صعيد، وذلك بحركة واسعة التنفاذ في المنطقة، وفي الساحة الفلسطينية، مستفيدة مما أبدعته أمريكا وبريطانيا سابقا، بسياسات الاحتواء والتفريخ والتنشئة لجماعات وقامات، من ذوات الكعب العالي، واللسان الطويل، في الحرص على الحق المطلق، بينما في الخفاء انكباب على فتات موائد اللئام. فثمة قدرة مكونة من عناصر عربية، بها جاهزية لقائمة أوامر تأتيها فتؤديها كخدمات للحركة الصهيونية، حتى ولو كان مؤداها كارثيا على الحركة الوطنية الفلسطينية. فاسرائيل عازمة على تشكيل عدم الاستطاعة، لشعب فلسطين، فلا يصير الى ما هو يريد أن يصير اليه. فهي تقترب من ارادته، ومن الارادة العربية، وتسعى الى تفكيكها، وتود لو تتحكم بها فتقرير مصير هذا الشعب تريده بين يديها. |
#296
|
|||
|
|||
![]() دجاجة
بقلم : محمد يوسف جبارين( أبوسامح ).. ام الفحم..فلسطين دجاجتنا خروج من دائرة الانتماء ، بالسقوط في صحن طعام على موائد اللئام . فهي في نطاق انتماء يثري الحركة الفاعلة ضد موجبات انتمائنا ، وقد سقطت في هذا النطاق ، بعدما لاشت من ذاتها ، صلات كان يمكنها أن تنمو ، على غير حال نمت عليه ، فتمدها بدفء وواجب حيال فكرة تجمعنا ، في مسيرة حياة ممتدة بامتداد الزمان هنا ، قد ورثناها أمانة ، نستبقيها ريانة بالعزة ، فواحة بالحكمة وقوة الاستمرار، لكن دجاجتنا أبت بتشرنقها الا أن تكون بانتماء متناف مع انتمائنا ، فابتئاس نفسها وبؤس فكرتها ، دارا بها فاستدارت ، فانكفأت على اقتيات من لا انتماء لنا . في النشأة الأولى لدجاجتنا ، دلالات وعلامات واشارات وفواصل ، ونقاط تتهافت كلها ، على قلة حياء ، وسوء قيل ، وانزواء ونفور ، من كل من كانوا حولها منها، فلا بها صفة تعبر بها الى جماعة ، ولا بها حس يجمعها ، بعمل لا يضر الآخر . صفات اجتمعت لها في مطلع خطوها ، فغيبتها عن ذاتها ، حتى كاد اغترابها ، كل آن ، أن يجمع لها مقتا يضيق به المجال ، من حولها عليها . فأين تفر ، والى أين تذهب ، وأين هم هؤلاء الذين بهم ملاحة ، فيستملحون شيئا ما بها . تمرغت الدجاجة ، بسوء الحال الذي ابتنته ، هي وظروفها لها ، فعششت الكراهية ، فأعمت البصيرة ، وهرأت الشعور ، ففسدت الحركة ، فالكراهية عمياء ، وذلك لأنها تصد كل فكرة ، يمكنها أن تعيد التفاعل ، بين من كانت فصلت الكراهية بينهم ، فتغرب الذات بذلك ، عن كل نوع يمكنه أن يأتيها ، فيعينها على الانعتاق مما هي فيه ، من استنقاع ، في رؤية سوداوية ، تبتئس النفس بها ، ويتشتت الفكر ، ويتوه الاختيار ، فتضل المقاييس . هذا الاغتراب ، قد هيأ لها ، أن تبرع ، في توظيف غل أترعها ، وكراهية احتوتها ، وذلك بقطع صلات لها ، بما يحيط بها ، فلا الزام يلزمها ، حيال من هم حولها ، ولا غير غيظ يترسب بها ، كلما لاحظت حياة تدب حولها . اهترأت همزات وصلها ، بانتماء ، يفاخر به محيط كامل ، يحيط بها . فتهاوت هي بها ، فهوت ، فانزوى كل امكان ، أن تعود اليها ذرة من احساس بانتماء .. من ذاك الانتماء . يمكنها الآن أن تتهيكل ، في الانسلاخ ، من هيكل ومضمون ، كانا يتصفان ، بالمعاني التي لم يعد لها أي مفهوم ، في سياق انتماء ، أو شبه انتماء كانت عليه . أصبحت الآن مسلوخة ، من ذاك الانتماء ، بعدما مرت بحال ، كانت فيه ممعوطة ، من كل الصفات التي كان يمكنها ، أن تسهم في تمييزها ، بالوجود في النطاق الذي كان لها فيه وجود . غادرت الانتماء الى سقوط في نطاق ، الساقط فيه يتحول بقسريات وغواية ، الى ما يجعله قادرا ، على خدمة أغراض الأفاعي والثعالب في ذاك النطاق . . سقوط بيع وشراء ، فهذا يريد أن يكنز مالا ، أو يستوي على حقد ، عشش له تحت جلده ، وهذا يريد بعد سقوطه ، أن يسقط الى أعلى ، استوى على حال ، فيه نفاية تنادي النفايات كلها ، أن تعالي ، فلعلها رائحة المسك تختنق في البلد ، وهو حال ، حين تشكله ، يبدو وكأنه صرخة تنادي ، ها هنا موطن من مواطن الداء فهاتوا الدواء ، فلعله يأتي الشفاء ، وياما استجابات من مناطق النبل والكرامة والايمان، فكانت سببا في حركة تدعو الى ما هو أزكى وأطهر ، فلعلها رائحة المسك تعمر البلد. وهنا في الركن دجاحة تغمغم وتهمهم ، ثم تقول : أنا الخروج ، من الذات الى لا ذمة ، ولا همة ، ولا عفة .. أنا الانسلاخ ، من كل ما يسمونه قيما ، ومعايير واتجاهات سامية ..أنا أحط الخلائق ، فدعني أبيض ، أفرخ ، أضيف عافية في زنودك . .أنا أذى ، لا تملك أن ترسيه ، في جسد الخلائق بدوني ..أنا الخبر الذي لن تبلغه ، من دون ذهني وآذاني وعيوني .. أنا مفتاح البلاد .. البلاء الذي تود لو تنشره في جنون ..أزرع الفتنة ، والقوة أبعثرها ، فقد أتيتك من دنيا ، فيما لو دامت في الزمان ، لخرجت أنت من الزمان .. فأتركني أركن في زاوية من دنياك ، في جانب من نعليك ، تجدني كلما شئت ، أفعل لك ما تريد . الى هذا كان مآل دجاجتنا ، فلقد ذبحوها ، ثم وضعوها في داخل ماء ، في أناء من تحته نار ، حتى اذا ارتفعت درجة حرارة الماء ، وأصبحت صلة ريشها بجلدها واهية ، أخرجوها من الماء ونتفوا ريشها ، ثم تناولوا سكينا وبقروا بطنها ، فأخرجوا منه الأمعاء والكبد وما الى ذلك ، وأودعوها وعاء الزبالة ، ثم استمروا في التعامل معها ، الى أن أصبحت جاهزة للأكل ، تستدر الشهية ، فوضعوها في صحن ، أمامه وقد جاء وجلس في مكانه ، الذي اعتاد أن يأتي أليه ، من أجل أن يأكل دجاجة. |
#297
|
|||
|
|||
![]() الحرب على غزة
بقلم محمد يوسف جبارين ( ابوسامح)..أم الفحم ..فلسطين الحرب على غزة ، هي الحرب التي تستهدف تجريد أبناء فلسطين ، من قدرتهم على حماية أنفسهم ، فاستراتيجية الأمن الاسرائيلية ، قائمة على تدمير مقومات القدرة الفلسطينية ، لكي تبقى اسرائيل آمنة وسط محيط خلو من قدرة حقيقة قادرة على تهديد أمنها ، فهذه الحرب كما غيرها ، انما هي حرب وقائية أو استباقية سعت الى تدمير قدرة عسكرية فلسطينية نشأت وتشكلت . وكانت هذه القدرة ، كلما نشأت بيد أبناء فلسطين ، استحالت بذاتها الى مصدر قلق ، ومبعث هواجس لدى القائمين على الأمن القومي الاسرائيلي ، بل وتعدت ذلك اسرائيل في هواجسها الى التربص بالوعي وتشكله لدى الفلسطينين ، فتجلى لها قادة الفكر أيضا من مفكرين وكتاب وشعراء كخطر يتهدد الأمن الاسرائيلي ، فهذا الفكر يمكنه أن يجمع ويمكنه أن يوظف أبناء فلسطين في اتجاه بناء القدرة التي تتحدى القدرة الاسرائيلية ، لهذا لم تتردد اسرائيل في كل مرحلة من تاريخها في تصيد واغتيال قادة فكر ، أو اعتقالهم وزجهم في السجون ، أو تهديدهم في محاولة صرفهم عن طريقهم ، فبناء القدرة الفلسطينية ، قد كان دوما ، في محل ارتياب لدى اسرائيل ، فأمنها يعني في جانب كبير منه أن لا تقوم قدرة فلسطينية على قدميها ، على كل ما تعنيه كلمة قدرة من فكر ، وامكانيات مادية ، واتحاد ، وبناء قوة مسلحة ، فلذلك اسرائيل ، لم تتوقف عند اقتلاع للفلسطينيين من أرضهم وتشريدهم ليحيوا في اللجوء ، بل وأنكرت حتى وجود هذا الشعب ، ولم تتوانى عن العمل بقوة النار ، ضد كل ما من شأنه أن يعود بشعب فلسطين الى مسرح السياسة ، لذلك كانت ضد منظمة التحرير ، ولم تتردد في عمل كل ما من شأنه الغاء وجود هذه المنظمة التي جمعت شمل شعب فلسطين ، ووضعته على خريطة السياسة العالمية ، فاجتياح لبنان عام 1982 كان لنفس الغاية التي استهدفتها الحرب على غزة ، وهو القضاء على القدرة العسكرية الفلسطينية أو انهاكها ، أو صناعة الضعف لها بالحاق أكبر ضرر متاح بها . لقد كان الفدائيون الفلسطينيون يأتون من جنوب لبنان ، ويزعجون اسرائيل ، وكانت النار الفلسطينية تعلن عن وجود ارادة تحرير فلسطينية ، وقد تناهى التوتر آنذاك الى حديث عن هدنة بين اسرائيل وفصائل منظمة التحرير ، وقد وافق على ذلك ياسر عرفات ، لكن اسرائيل سارعت الى الحرب على منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ، فهي لا تريد أن تعترف بوجود شعب فلسطين ، ولا أن تعترف بالارادة الفتالية لشعب فلسطين ، فليس هناك ثمة شعب كهذا ، ومن يفتح النار على اسرائيل فالتدمير في انتظاره .. مسألة ردع وعدم اعتراف ، وقد كان آنذاك بيغن هو رئيس وزراء اسرائيل وشارون وزير الدفاع ( الحربية ) ، وقد نسخ بيغن صفة ارهابي التي كانت تنزل عليه من أفواه الانكليز ، ليسقطها ، كما فعل غيره من قبل ، على الفدائيين الفلسطينيين ، فهو يحارب الارهاب ، ولا تفاهم مع ارهابيين ، تماما مثل ما قالت تسبي ليفني وزيرة خارجية اسرائيل بشأن الفصائل الفلسطينية في غزة ، التي تصدت بكل كبرياء التحدي الفلسطيني للعدوان على غزة ، التي كان انسحب منها الجيش الاسرائيلي من قبل ، بقرار من رئيس حكومة اسرائيل شارون ، الذي اجتاح الضفة الغربية ، بحثا عن ردع يرتدع به الفلسطينيون ، وهو البحث الدامي الذي ينطوي على بحث عن تبوء مكانة رفيعة في نفسية الاسرائيليين ، تؤهله الى تصدر حكومة اسرائيل بلا منازع ، فهو القاتل الذي لا يتردد في سفك الدماء الفلسطينية ، وهو الفعل الدامي الذي تناهى اليه وريثه أولمرت ، ومعه ضابطة الموساد ليفني ربيبة شارون ، ومعهما باراك ، الذي احترف زمنا طويلا اغتيال القدرات الفلسطينة ، وهو من فر بجنوده بالتالي هاربا ليلا من لبنان ، تحت ضغط القوة ، ليلحق به أولمرت في فرار آخر ، بعد حرب تدميرية على لبنان ، قالت عنها كوندوليزا رايس بأن في رحمها ميلاد شرق أوسط جديد ، وليعودوا جميعا بكل الغيظ الدفين والمتأجج في صدورهم ، الى حرب تدميرية على غزة ، استشفاء من غيظ يتفلت وينبه على ميزان ردع قد أصابه ما أصابه من تبهيت ، وهي مسألة ضرورة لاستراتيجية الأمن ، فلا يتأتى تغافل في شأنها ، ولا يمكن لسيادة في نظام حكم ، يستشعر العداء لكل محيطه أن لا يسعى الى فرصته ، في تعديل هذا الردع ليصب في هيبة الدولة ، ويضيف في جبروت صورتها ، في وعي من يتربصون بها ، وخاصة منهم الفلسطينيين . فلعلهم يرتدعون ، فاذا خطر على بالهم مناهزة اسرائيل بأعمال عسكرية أو فدائية ، أو انتحارية ، فصورة الدمار والدماء التي سوف تنزل في ساحاتهم تكون بوجه من الرعب ما يثنيهم عن الاقدام ، أو حتى مجرد التفكير بمبادرة الى هكذا أمر . فاذا ثمة من يقول بأنه على امتداد عشرات السنين ، واسرائيل لا تكف عن صناعة الكوارث والمصائب في ساحات الفلسطينيين ، وبرغم ذلك لم يثنيهم دمار ولا خراب نزل بهم ، عن رباطهم بقضيتهم ، فان صاحب الرأي هذا يجب أن يفهم ، بأنه ليس ثمة ردع مطلق ، ولكنه الردع نسبي ، وما الخراب كله والدمار كله الذي يمكنها آلة عسكرية أن تفعله ، سوى تبديل في أوضاع أمنية ، لها صلاتها بالوقت وبالعوامل الفاعلة في ساحة الصراع ،التي يصعب حجب نهوضها وتجددها . فعلى مقدار فقدان السيطرة عليها ، يكون التهلهل في تماسك بنيان الردع واردا ، ليعاد الى تعديله فيما بعد ، فيما لو عاد وتبهت ، أو تناهى الى ما يستدر فعلا لمزيد من الطعن في الهيبة . وهكذا تجلى تعديل ميزان الردع كضرورة أمن ملحاحة ، تقتضيها استراتيجية الأمن الاسرائيلية ، وذلك لاعادة تشكيل الهيبة ، وما توحيه في صفوف أعداء اسرائيل ، ومن أجل هذا كان لا بد من اعادة تأهيل الجيش الاسرائيلي ، وتحصين الدبابات في مواجهة الصواريخ المضادة لها ، وأيضا تزويد طائرات الهيلوكبتر بكثير من البالونات الحرارية ، لحرف أي صاروج موجه اليها عن مساره ، في مواجهة قادمة ، وفي المجمل فان ادارة الحرب لا بد وأن لا تتجاهل كل الدروس المستفادة من حرب لبنان الأخيرة ، وقد اختيرت غزة كمسرح قادم للحرب القادمة ، ومن هنا لجأت اسرائيل الى استدراج حماس ، الى ما تستولد به كل المبررات التي تتوارى وراءها ، في حربها على غزة . لقد كانت عقلية حماس التي تدار بها سياساتها فرصة اسرائيل الى ما تريد ، فانقلاب حماس على سلطة فازت بها في الانتخابات ، ثم انقلابها الدامي ، وما أضافه في تعزيز انقسام الصف الفلسطيني ، مضافا الى ما يساور حماس من طموحات في السيطرة ، واندراجها من حيث تدري أو لا تدري ، في لعبة شق الصف العربي ، وما تتوهمه من أن فك الحصار ، يمكنه أن يأتي بتفاهمات مع اسرائيل ، ومع من تلوذ بهم اسرائيل ، من أجل ضمان أمنها ، فكل هذا أدخل حماس في دوامة ، ما عرفت في سياقاتها ، بأنها انما تدخل الفخ الذي تهيئه لها اسرئيل ، فالوهم بأن تهدئة وفتح معابر يأتي على أكف صواريخ ، وبأن بهذه القدرة الصاروخية يقام توازن رعب ، فيصبح من مصلحة اسرائيل في مرحلة ما ، أن تقر بأمر واقع تفرضه هذه الصواريخ وترضخ وتساوم ، بل وتعترف بحماس كطرف أصيل في الصراع ، فلا مفر من اعتراف بها ، وتفاهم معها ، والتزام بما يتم التفاهم عليه ، هو هذا بعينه الذي أنتج مسحة التضليل التي أذكت الغرور ، في نفسية قادة حماس وأمسكت بنواصي عقولهم ، الى اصرار على رفض تهدئة دامت ستة شهور ، على الرغم من ظهور اسرائيل بأنها تريد استمرار التهدئة ، فلقد توجه مندوبها الى مصر طالبا استمرار التهدئة ، وأعلنت عن رغبتها هذه بكل وضوح وشبه الحاح ، وعلى الرغم من نصائح الذين كانوا يرون اللعبة الاسرائيلية الى اين ترمي ، فلقد ظهر مشعل على شاشات الفضائيات ، يقول بكل وضوح الكلام ، بأن حماس لن تقبل استمرار التهدئة ، وكان هذا هو الموقف الذي لم تدرك حماس مخاطره ، وغير واعية ماذا يتخفى وراء عدم التزام اسرائيل بالتهدئة ، التي استمرت ستة شهور، التزمتها حماس على كل ما تعنيه نصوصها ، فقد كانت حارسة أمينة لحدود غزة مع اسرائيل ، فلم تسمح باطلاق صاروخ ولا قذيفة . والى هنا اسرائيل قد أعدت عدتها ، ففرصتها قد جاءتها بمكرها ، وبسوء ادارة الصراع من جانب حماس ، وبدأت الحرب فجأة بقصف من قاذفات اف 16 على مواقع حماس في قطاع غزة ، لقد ارادت اسرائيل بالمفاجئة ايقاع اشد الخسائر في صفوف جند حماس ومعداتها ، واستمر قصف الطائرات ، مستهدفا تدمير البنية التحتية للقدرة العسكرية الفلسطينية ، وأيضا تدمير البنبة التحتية للحياة بصورة عامة ، وتقدمت الدبابات وجنود المشاة على محاور عدة ، تتقدمها كثافة نيران علية الشدة من المدفعية ، ومن الطائرات على كافة انواعها ، فالأوامر كانت صارمة واضحة ، فكثافة النار وفي كل اتجاه ، وحدها التي تسمح بالتقدم الذي يضمن حماية أرواح الجنود الاسرائيلين ، فمن أجل أقل الاصابات في جنود الغزاة ، كانت كثافة النار مذهلة ، بحيث لا تقيم أية قيمة لحياة انسان ، فتدمير البيوت على سكانها ، وحرق الأرض أمام خطوات الجنود الاسرائيلين ، فكل ذلك كان أشبة بعملية تدميرية شاملة ، فكل قطاع غزة كان تحت المراقبة ، وكل تدمير متاح ، في عملية أريد لها أن تجلجل في كل واد ليعرف القاصي والداني ، الى أين يمكنها اسرائيل أن تذهب بقوتها العسكرية ، فيما لو كان هناك من يتطاول على أمنها ، لقد ألحقت اسرائيل خسائر فادحة في أرواح الفلسطينيين ، وفي ديارهم ، لكنها مع ذلك لم تستطع ايقاف اطلاق الصواريخ ، من جانب المقاومة الفلسطينية ، فهذه الصواريخ ظلت تزور أهدافها ، بكل حرية ، محدثة شللا في الحياة ، في كافة المدن أو المستوطنات الاسرائيلية التي قصدتها ، وأيضا لم يمكنها قوات اسرائيل على كل عتادها العسكري ، أن تزحزح أقدام الفلسطينيين الذي تصدوا لها بالنار ، لقد كانت مقاومة فلسطينيية ، جيشا فلسطينيا ، على قلة عتاده وامكانياته ، بقدرة ارادة أرغمت اسرائيل على التراجع عن احتلال غزة ، فقد كان يعني احتلال غزة تدميرها بالكامل ، فما أحدثته قوات اسرائيل في تل الهوى يؤشر على ذلك ، فلكي تتقدم قوات اسرائيلية ، فأو تقوم بتدمير كل البيوت على من فيها ، أو لا يمكنها التقدم من دون خسائر تلحق بها ، ولربما تكون على ما لا تطيقه اسرائيل ، فالمقاومة شرسة ، فهؤلاء أبناء فلسطين ، انتظروا فرصتهم ، وليسوا هم من يتراجع الى الوراء ، أمام قوات اسرائيلية تتقدم ، لقد حصل هذا في حصار بيروت وفي مخيم جنين ، وها هم الفلسطينيون ، على الرغم من وجودهم في ظروف تماثل السجن ، الا أنهم من أجل كرامة الوطن وعزته ، لا يمكنها عربدة قوة أن تثنيهم ، عن بذل أرواحهم ، من أجل حبهم الكبير . لقد أعلنت اسرائيل الحرب على غزة ، بتنسيق كامل مع ادارة بوش ، التي كانت في آخر آيامها في البيت الأبيض ، ولم يتردد بوش في الانحياز التام في مجرى الحرب الى جانب اسرائيل ، ومع نهاية عهد بوش وقدوم أوباما الى البيض الأبيض ، انتهت الحرب وانسحبت اسرائيل من غزة ، لتذهب وزيرة خارجية اسرائيل الى الادارة الاميركية ، لتوقع مع كونوليزا رايس مذكرة تفاهم ، بموجبها لا تظل اسرائيل وحدها تقيم سجنا كبيرا لقطاع غزة ، وانما تتولى مع اسرائيل دول أخرى في بناء هذا السجن ، فهي ليست مجرد مذكرة ، وانما بها آليات تدويل لمسألة السجن الضرورة لأمن اسرائيل ، والذي يتولى الحيلولة دون تسرب سلاح أو مواد لها صلة به الى قطاع غزة ، أو بعبارة أخرى أن تضمن دول حلف الاطلنطي لاسرائيل امكانية احتجاز الأمن الفلسطيني ، في دائرة من سيطرة ، تضمن الضعف للقدرة الفلسطينية بمنعها من التطور ، الى ما يؤهلها مناهزة اسرائيل ، أو حتى حماية الذات الفلسطينية ، من العدوان عليها من جانب اسرائيل ، لتبقى حياة أبناء فلسطين في قطاع غزة رهينة بيد قرار يتخذه جنرال اسرائيلي . ولقد يكون صحيحا ما قاله باراك ، من أن أهدافا للحرب قد تحققت ، وهي توجيه ضربة قاسية لحماس ، وتعديل ميزان الردع ، واقامة نظام لمنع تهريب الأسلحة لقطاع غزة ، لكنها الحرب هذه ، قد استنهضت مشاعر كراهية لاسرائيل اجتاحت العالم بأسره ، وأظهرت الحرب مقدار استعداد الجندي الاسرائيلي لسفك دم الأبرياء ، أطفالا كانوا أو نساء ، بلا أدنى ذنب اقترفوه ، فصور أشلاء الأطفال والأبرياء عموما قد أدانت اسرائيل ، وحفزت بكل دليل دامغ ، الى وصف اسرائيل ، بكل ما لم يخطر على بال اسرائيل ، فدماء الأبرياء شاهد التاريخ على حقيقة اسرائيل ، ثم ان ما قامت به اسرائيل ، لهو أكبر دليل على أن الفلسطينيين في خطر ، وانما هم أحوج ما يكونون، الى نظام دفاعي من أنفسهم ، وبأن قدرتهم الذاتية ، على حماية أنفسهم ، انما هي ضرورة أمن حياة ، وبأن احتجاز أمنهم بيد اسرائيل ، انما هو المرفوض أبدا ، بقوة ما دللت عليه هذه الحرب ، التي قال عنها مشعل ، بأنها كانت من طرف واحد ، ولم يفهم أحد منه لماذا أوقعته اسرائيل في الفخ ، فأنالها بجهله فرصتها الى تدمير غزة . ولقد يصح القول بأن المقاومة انتصرت، على أعتبار أن اسرائيل قالت ، بأن حربها انما للقضاء على امكانية اطلاق الصواريخ عليها ، فعلى طول امتداد الحرب ، فان الصواريخ لم يتوقف اطلاقها ، ثم ان اسرائيل لم تجرؤ على دخول المدن الفلسطينية ، بفضل قوة التصدى الشرسة ، التي تصدت بها المقاومة للقوات الغازية ، فالمقاومة كانت انسحبت من المناطق المفتوحة خشية الابادة ، وتحصنت بالمدن أي بالدور السكنية ، متصدية للغزاة ،غير متوقفة عن مواجهة النار بالنار ، ومنتظرة دخولهم الأحياء السكنية ، لتنزل بهم الخسائر الفادحة ، فهكذا وجه التحليل الذي يفضي الى القول بالانتصار ، فمجرد البقاء أحياء يعني الانتصار ، على اعتبارالكارثة التي حلت بالمدنيين وبالبنية التحتية لقطاع غزة ، بأنها ثمن الانتصار ، فهذا القول فيه تغافل عن أن اسرائيل وهي تبرر عدوانها بالصواريخ التي تطلق عليها انما تستغفل كل عقل ، ذلك بأنها كان يمكنها استيفاء التهدئة مطلوبها بفتح المعابر ، فلا تطلق صواريخ ولا غيرها ، ولكنها لم تفعل ، وذلك برغم أن المقاومة قدمت كل دليل على التزامها بالتهدئة ، فليست الحرب بذاتها من أجل كف الصواريخ عن السباحة في اتجاهها ، فالصواريخ علة اعلان الحرب ، لغة خطاب ذكي يجيد تمرير مقولاته ، ثم ان افتراض دخول اسرائيل المدن لبسط السيطرة عليها ،هو ما يعزز الاستنتاج بأنها كانت تريد دخولها فتراجعت ، وهو افتراض ساذج واعتباطي ، فكأن اسرائيل تركت يوما قطاع غزة من دون رصد كل حركة فيه ، فهذا القطاع تحت المراقبة الدائمة من الجو وبالصورة ، ناهيك الى الوسائل الأخرى التي تستعملها اسرائيل ، ولا تعلن عنها من مستعربين يصلون كل مكان ، وعملاء وأجهزة تنصت ، وما الى ذلك ، فلكأن الدافع الى حربها على غزة ، لم يكن بذاته معرفتها للقدرة المسلحة الفلسطينية ومدى خطورتها ، فكانت الحرب من أجل الحاق خسائر فادحة بها ، فدخول قوات اسرائيل المدن متصل بتدمير شامل لمساكن المواطنين ، وذلك تقليلا للخسائر في الجنود الاسرائيليين ، أو تكون خسائر كبيرة بينهم ، فلا هذه ولا هذه ، فالاختيار بذاته صعب ، وليس ما يرغم عليه ، فلم يكن احتلال غزة من جديد هدفا بذاته ، ليتم احتلال المدن ، ثم ان الانتخابات الاسرائيلية قاب قوسين أو أدنى ، فالخسائر والاصابات في الجنود ، تعني خسارة قاتلة في الانتخابات ، وقد أريد في جانب ما لهذه الحرب ، أن تصب في خدمة من اتخذوا قرار هذه الحرب ، وأداروا سياساتها ، لكن هدفا كهذا بذاته في دولة كأسرائيل هو هدف مترافق ، أي أنه الذي لا يمكن الحيلولة دونه ، حين يتم اتخاذ قرار الحرب ، ولا يكون بحال سببا لحرب . ومن الصحيح في ضوء ادارة حرب كهذه من جانب اسرائيل ، ما قاله باراك ، بأنه لا نصر مطلق ، ولا ردع مطلق ، وانما الحرب قد حققت أهدافها ، فهنا دور للآلة العسكرية ، ودور للسياسة في ادارة الأزمات التي أججتها الحرب ، وصعدت بها الى مرتبة الضرورة ، التي لا فكاك لأطراف دولية ، الا أن تدنو وتقترب من حاجات اسرائيل لتساعدها ، في اتمام ما لم تتمه الآلة العسكرية ، وهو استجماع قدرة تستكمل تحقيق أهداف الحرب ، وبالفعل فادارة بوش أعطت لاسرائيل ما تريد ، والوفد الأوروبي جاء الى مصر ثم الى اسرائيل ، ولم يذهب الى غزة ، ليبدأ البحث في ضمانات لأمن اسرائيل ، ومن بينها ما يضمن للفلسطيني في غزة حياة السجين المقيد في وطنه . ولقد فات أرباب العقل المطلق ، تمييز أهداف الحرب ، كما حددتها ادارة الحرب الاسرائيلية ، فالحرب تخدم مصالح عليا ، تندرج في سياقات استراتجية ، ومن تلك استدامة الانقسام في الصف الفلسطيني ، بل وتعميقة لتحقيق تمزيق حقيقي في القضية الفلسطينة ، وأيضا تعميق الانقسام في الصف العربي ، فهي الأهداف المترتبة على أهداف في ساحات القتال ، وهي بعينها المرادة ، فنفي القضية الفلسطينة ، بذاته نفي لكل ضغط دولي على اسرائيل ، يصب في اقامة دولة فلسطينية ، على أرض فلسطين ، وهو بذاته مساحة زمنية مفتوحة أمام المشروع الصهيوني ، للتمدد في الأرض الفلسطينية ، في القدس ، وفي المستوطنات في الضفة الغربية ، ولعله الدرس الذي وعته اسرائيل ، من عمق الفائدة التي انتفعت بها ، من جراء الانقلاب الذي قامت به حماس ، فلقد سهل لها الانقلاب مشروعها الصهيوني ، وأضاف ركوب ايران لحماس ، في ظهور فاضح لمحور متناقض مع محور في الصف العربي ، ما زاد في تغذية الانقسام ، ولهفة بني صهيون على هذا الانقسام ، بل الحرب بما نضحت به ، قد استولدت ، ببشاعة اعلام حماس حربا اعلامية على مصر ، الأم الحاضنة أبدا قضية فلسطين وهمومها ، ليس فقط من أجل عيون فلسطين ، بل لكون هذه القضية تشكل جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري ، وهذا كله ما حدا بقيادة الحرب على غزة أن تجعل من الحرب اضافة في هذا الانقسام ، فجانبت البحث عن نصر مطلق ، فلم تدخل سوى أطراف هذه المدينة أو تلك ، تاركة البقية تأتي ، حتى ولو بقول حماس بأن اسرائيل عجزت عن دخول المدن ، وبأن المقاومة كانت انتصرت بقوة ردع القوات الاسرائيلية عن احتلال كامل لغزة ، فخروج حماس من الحرب قادرة على السيطرة على غزة ، وبكل ما قدمته هي وكل الفصائل الأخرى ، من تضحيات وبينته من بسالة في مواجهة الغزاة ، هو بعينه ، ما يؤهل حماس في ظل التضامن العربي والاسلامي ، بل والعالمي .. منقطع النظير مع غزة ، الى غرور يعمي البصائر ، ويزيد في الانقسام ، فهو قوة مضافة في قدرة اسرائيل . ولعل هذا الفهم هو ما دعا فتح الى الالحاح على الوحدة ، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ، الذي وعى وأفصح عن فهمه بأن الحرب انما هي حرب على القضية برمتها ، وكذلك نايف حواتمه كان بليغا في فهم المخاطر ، وما تلح عليه من ضرورات وأولها الوحدة ، وأحسب بأن الوحدة ، هي أبلغ عبارة في التعمير ، وأفصح مواجهة للتدويل ، ويبدو لي بأن حماس تحتاج الى بلورة استراتيجبة جديدة ، تجعل من المشروع الوطني الفلسطيني القاسم المشترك بينها وبين كافة فصائل منظمة التحرير ، وتخرج بالكامل ، من كونها الفكرة التي تريد فرضها على الواقع ، فهذه التي تشكل لها لباب فكرها تستطيع فقط أن تنشىء وضعا محاصرا وفقط ، وهذا الوضع لم ولن يكون بحال في مصلحة حماس ولا الشعب الفلسطيني كله . ان حماس جزء لا يتجزأ من هذا الشعب ، ومن حقها أن تحلم وتأمل وأن تحيا طموحها كيفما شاءت، ولكن ذلك كله يحتاح الى صلة بالحلم والأمل في اطار من وحدة ، ثم انها لا مفر لها من قراءة واعية للعالم المحيط بها ، ولا بد من منهج جديد تتجدد به .. اسلوب تعرف به كيف تتفاعل مع الأخطار ، وتتدرج وتمضي الى ما تشاء ، ورأس الصفحة في هذا الأسلوب هو الوحدة ، فهي بالاضافة الى كونها منهل قدرة وبعث أمل ، فانها تسدل عليها وعلى أبناء فلسطين الهيبة ، فهي بذاتها التي تلزمهم جميعا ..الآن.. في مواجهة العالم الذي يطل عليهم ، وهي الوحدة التي يمكن بها اعادة بناء غزة ، وأيضا مواجهة التدويل الذي تستحكم حلقاته يوما في أعقاب يوم ، وذلك استكمالا لحلقات العدوان على غزة ، فالحرب على غزة قد بدأت وما العمل العسكري ، سوى المقدمة في كتاب يكتبه الساسة ، فالسياسة هي المطلوبة ، وليست الحرب ، وانما الحرب ضرورة تنشئة وضع ، يتيح للسياسة أن تمضي على قدميها ، ومسألة نصر أو هزيمة تتقرر في ترجمة الحرب الى ما كانت تمهد له الحرب ، فنحن على ما أرى ، بأننا بازاء تدويل لمسألة غزة ، فثمة سجن كبير يتم ترتيب شكلة ومكوناته على موائد دول أجنبية ، ضمانا لأمن اسرائيل، باستبقاء الضعف من نصيب أبناء فلسطين في غزة ، فحماس ربما تجد مصر تسمعها ، لكن أحدا ممن يقيمون السجن لغزة ، لن يأخذ رأيا لحماس ولن يسألها رأيها ، ومن هنا تتجلى الوحدة ، كضرورة واجبة على حماس ، فهذه الحرب انما هي حرب على صيرورة المصير لشعب فلسطين ، وهي في سطرها الأخير ، تستهدف احتجاز الأمن الفلسطيني في دائرة من الأمن الاسرائيلي . |
#298
|
|||
|
|||
![]() أما آن لهذه العقلية أن تندثر
بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين لم يزل السؤال لماذا تأخر المسلمون ، يستدعي الاقتراب بالعقل من العقل في منهجية ، تمحص ما أفضى ، وآل اليه هذا العقل ، بحال المسلمين في مدى مئات من السنين .. استنقعوا فيها تحت ضغط استبداد ، تشكل لهم بأثواب خدرتهم واستبقتهم ، في محل استنزاف ، وضعف راكدين في مكانهم ، يتأوهون من قلق ، ومن شظف ، ومن تعب يماص جهدهم ، وبالكاد يوفرون ، ما يستديمون به ، مقدرتهم على عيش ، ولا يملكون ما به يؤهلهم ، لحماية أنفسهم من الأغيار والأشرار الطامعين ،في جهدهم وفي ثروات بلادهم . ولقد يصح القول بأن الاستبداد كان شللا لارادة الحرية وقيدا على الفكر ، وهبوطا به الى ما لا يمكنه ، من اضافة في نمو حياة وتطورها . فالاقتراب من العقل العربي ، والاسلامي كما كان بحاله الذي كان عليه ، في تاريخ ركوده ، لا بما يمليه النص القرآني الذي لا يجيز له ركوده ، انما يستوجب اعادة تأسيس هذا العقل ، وفق منهج( منطق تناول الواقع ) ، يؤهله الى دوره في اعادة هيكلة الحياة والتاريخ ، في خلال جدل تفصح فيه علاقات العقل مع الطبيعة ، وفي داخل المجتمع عن حركة متصاعدة من نمو وتطور ، منقادة بالاضافة الدائمة التي ترفع من شأن الحياة ، وتوفر أسباب الأمن ، في سياق من الحرية ، تتدافع في خلال سيرها كل الطاقات في تعاونية بنائية ، تهيكل المجتمع في بذل وانتاج ، ينصب على سير في اتجاه غايات ، من الرفعة متصلة الحلقات في سياق زمني لا ينته . ولعل السؤال عن تأخر المسلمين ، بالضرورة ينطوي على اقتراب ، بالعقل من تاريخ المجتمعات ، بحثا عن كل ما يخلخل التماسك الاجتماعي ، ويستهلك الطاقات في تناحر يقيل المجتمع ، من مقدرته على النمو والتطور ، فمن هنا اللامفر ، من ادراك ، بأن اعادة تأسيس العقل ، لا تحتمل انفصالية ، فالمنهج هو المنهج ، الكل الذي على أساسه ، يتأتى تناول الحياة ككل ، لا أن تتناول قضايا جزئية منها وتذر غيرها ، فمثل ترك كهذا كمثل من يبني بيد ويهدم بيد أخرى ، فالقرآن الكريم كل لكل الحياة ، فوحدة المجتمع العربي والاسلامي ، املاء قرآن ، فبنيوية العلاقات داخل المجتمع ، يجب أن تتشكل في أنساق ، ما يجعلها مؤلفة في وحدة متناغمة ، خلوا من كل انفصالية ، فالتحريف في الدين ، وتسارع هذا التحريف في انتشاره ، يؤدي بالتالي الى جماعة ، لها مفاهيمها التي في جوانب كثيرة منها ، لا تتفق مع الدين الحنيف ، وهذا ما أصاب جماعات من المسلمين ، وأدى الى شيعة غارقة في تحريف ، هي بذاتها لا تقر به ، وانما هي تنفي بنفسها ، عن الذين زعموا بأنهم على الدين الحنيف ، حقهم في تبصيرها بالرشاد ، وقد نشأت هذه الجماعة عبر التاريخ ، كمناصرة لعلي بن أبي طالب ، في العراق ، وقد خذلته في جوانب من مواقفه ، ومن بعده لم يقرها أبناء الصحابة في الحجاز ، على ما كانت عليه من معتقدات ، لا صلة لها باسلام ، وتخلت هذه الجماعة في مرحلة ما عن الحسن ، وتخلت عن مسلم بن عقيل ، وتركت الحسين يلقى مصرعه ، من دون أن تكون الى جانبه ، وهي تدري أي مصير كان في انتظاره . وقد تشكل من بعده حزب التوابين ، واجتمع قادتهم في منزل سليمان بن صرد ، وأعلنوا ندمهم على تخاذلهم في الدفاع عن الحسين ، وأقسموا على الأخذ بثأر الحسين وأمضوا الفترة بين 61- 64 هجري في استمالة المؤيدين وجمع الأسلحة ، ويصف الطبري فعلهم هذا " كان أول ما ابتدعوا من أمرهم سنة احدى وستين ، وهي السنة التي قتل فيها الحسين رضي الله عنه ، فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب ، والاستعداد للقتال ودعاء الناس ، في السر من الشيعة وغيرها ، الى الطلب بدم الحسين ، فكان يجيبهم القوم بعد القوم " . ولقد يكون مذهلا ، بأن يتكشف منطق تناول الأمور على نحو كهذا ، في جماعات شيعية في بدايات هذا القرن من الزمان ، سعت بسفك الدم والتشريد الى تطهير الجنوب العراق من أهل السنة ، وقد بدت بأفعالها وملفوظاتها ، وانتماءاتها ، كعقلية كهذه ، منسوخة من ماض في حاضر ، ما يدلل على أن هذه العقلية ظلت تتقلب في الزمان ، كما هي ، فاذا انضاف اليها شيء ، فهو في نطاق مقولاتها ، ما أجج في وعيها رغبة في الانتقام ، ورغبة في نفي الآخر ، وهو ما أضاف خلخلة وتفككا ، في البنية الاجتماعية ، كما كان شأنها في زمان مضى . وهذا بالضرورة يستدعي اطلالة تمحيصية ، على مجرى هذه العقلية ، وعلى مبعثها في هذا الزمان ، فهي العقلية ، التي ما أن أطلت ، حتى أدلت بما بها ، وبما هي عليه ، ولم يمكنها ستر حقيقتها بعد كل هذا الذي دلل عليها ، بأفعالها التي فعلتها في العراق . ويعود مبعث هذه العقلية في هذا الزمان الى الزعيم الروحي للشيعة في ايران ، وهو الامام روح الله موسوي الخميني .. فأما الاسم الخميني ، فنسبة الى قرية (خمين) ، فمنها جاء ، ولم يكن اسمها كذلك قبل الفتح الاسلامي ، بل لحق بها بعد ذلك ، وحكاية الاسم يرويها ( الطاهري ) ، في كتاب له كتبه عن الخميني والثورة الاسلامية في ايران ، ويذكر بأن كلمة خمين مكونة من كل كلمة (خم )وهي فارسية ، وتعني بالعربية (جرة) ، والمثنى منها ( جرتان ) ، وبالفارسية ( خمين ) ، وكلمة ( خم) عند أهل فلسطين تعني ( قن الدجاج) ، وتعود قصة اسم خمين الى ذلك الوقت الذي نزل فيه أبوعبيدة الجراح ، ذلك المكان ، مع جيش من الفانحين العرب حملة راية الاسلام الى بلاد فارس ، وكان يطارد فرقة من الفرس كانت تقودها ابنت يزدجرد آخر شاهنشاه ( ملك الملوك ) ، من السلالة الساسانية التي ، تراجعت منهزمة أمام المسلمين ، وبعد مطاردات مضنية قادها أبوعبيدة الجراح ، في تلك المنطقة ، استقر به الحال منتصرا ، فجمع أهل القرية ، وكان قد أعد لهم جرتين واحدة ملأها من عصير فواكه في تلك المنطقة وأخرى من عرق (خمر) ، كان عتاد أهل القرية عليه، وعرض عليهم الاسلام ، فمن يسلم فليشرب من جرة عصير الفواكه ، ومن شاء البقاء على دين يدين به فله شرابه الذي يختار ، ودخل أهل القرية دين الاسلام ، ومن يومها والحكاية على ألسنة الناس ، وألزموا القرية باسم (خمين ) ، ومن هذه القرية جاء روح الله موسوي الخميني ، الذي في تسلسل نسبه ، على ما قيل ، يصل فرع نسب من علي بن أبي طالب ، وحفظ القرآن وهو لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره وانتقل فيما بعد الى قم ، ومرت الايام واذا به المتفوق الذي يتم تنصيبه شيخ مشايخ قم ، لتمر الايام ويحمل على عاتقه قيادة المعارضة لحكم الشاه ، التي تسعى الى حكم الاسلام في ايران ، ومع تفاقم الصراع في الوطن العربي بين قوى الحرية الرامية الى طرد الاستعمار من المنطقة العربية ، وبروز التحادد بين مناهضة الاستعمار من جانب وبين الاستعمار ومن والاه ، تحاددت العلاقات بين قوى الثورة في العالم العربي ، وبين الشاه كداعم لاسرائيل وغارق حتى أذنيه في الحضن الاستعماري ، في وقت كانت المعارضة بقيادة الخمينيي مستعرة ، ومن هنا ومع نهاية الخمسينيات وبداية الستينييات من القرن الماضي ، اتهم الشاه الخميني بأنه يتلقى مساعدات من جمال عبد الناصر ، ووقف الخميني يرد على ذلك بقوله بأنه لأشرف له ذلك ، مما يفعله الشاه من ارتماء في أحضان أميركا الشيطان الأكبر ، وليس الى هنا وفقط ، وانما في مستقبل أيام الثورة الاسلامية في ايران ، نجدها تتلقى الدعم من معمر القذافي ، ومن قيادات منظمة التحرير وعلى رأسها فتح وياسر عرفات ، فأحمد أبن الخميني تدرب في معسكرات فتح ، ناهيك الى العراق واحتضانه لكل جماعات الخميني ممن هرعوا الى العراق ، بما فيهم الخميني الذي فارق ايران الى العراق في 1965 ، وبقي هناك الى 1978 ، فاذاك سافر الى فرنسا ، ومن هناك عاد منتصرا الى ايران . ولقد وجد الخميني من العراق كل احتضان ومساعدة ، على الرغم من كل توتر بين الشاه والعراق . وفي أعقاب حرب عام 1967 التقى محمد باقر الصدر ، الخميني في النجف ، وهناك تدارسا أمورا تهمهما ، ومن بين ما تداركه محمد باقر الصدر في ثورة الخميني ما يمكن قراءته في نصيحته له ، وقد كان فرغ من كتابه ( اقتصادنا ) ، اذ أشار على الخميني أن ينشعل هو وجماعاته ، في دراسة نظام الحكم وتفاصيله ، وايلاء ذلك اهتماما كبيرا ، وفي اليوم التالي ، كان الخميني ، يعطى درسه لتلاميذه عن (ولاية فقيه ) ، وقد تتالت محاضراته في هذا الجانب ، وفي عام 1978 غادر الى فرنسا ، وهناك قام بطباعة كتاب ( الحكومة الاسلامية ) ، وهو الكتاب الذي عرف فيما بعد ، باسم ( ولاية فقيه ) ، وعلى اساسه قام نظام الحكم في الجمهورية الاسلامية في ايران ، وذلك عام 1979 . وبعودته الى ايران وسقوط نظام الشاه ، لفت الخميني أنظار العالم اليه ، وكان يمكنه أن يكون عاملا مؤثرا ، في اعلاء كلمة الاسلام ، وفي المساهمة في خلاص الامة الاسلامية من بؤسها ، وذلك بجمع كلمة المسلمين على التعاون والبناء ، وحل مشكلات التنمية البشرية ، وما الى ذلك مما يسهم في بعث لبنات حضارة ، تؤثت لميلاد آخر في ربوع الجغرافية الاسلامية ، الا أن كل ذلك كان يحتاج الى فكر وحدوي وفكر حرية ، وفكر جمع واستواء على كلمة واحدة ، بمقدرة واعية تلتفت الى المستقبل ، لكنه الذي حصل كان ينم على ما تيسر وعلى ما يلح من فكر مشتق من معتقدات ، قد حان ظهورها على السطح ، فثمة ما يعززها ، من اقتصاد وقوة ، ومكانة ، فكل هذه قد توفرت ، ويمكن الاندياح الى دوائر أوسع ، فايران بما بها ، يمكنها أن تسعى الى تصدر قيادة العالم الاسلامي ، ولقد عبر عن ذلك الخميني ، الى من كانوا حوله في الطائرة التي عاد بها الى طهران منتصرا ، اذ قال ، بأنه قد حان الوقت للفرس أن يتهيأوا لقيادة العالم الاسلامي . كانت الأجواء التي رافقت عودة الخميني ومغادرة الشاة ، أجواء فيها كثير من المجهول ، عن حقيقة المعتقدات والفكر الذي يحرك ، ما أسهم في الوطن العربي ، وخاصة لدى الفلسطينيين ، بتكوين رأي عام مضلل ، فقد كان الحساب البسيط ( فكل قاس ما يراه في الفضاء العام ، على ما يعرفه هو عن الاسلام ) ، يدل على أن نصيرا كبيرا ، قد جاء الى قضية الثورة ضد الاستعمار ، وبأن الحرية سوف تجد معينا مساندا وقويا ، وبأن غروب الشاه ، انما هو غروب رجعية ومرتكز استعماري في المنطقة ، يا طالما شكل خللا وتهديدا معيقا أبدا درب الحرية والتحرر ، فقد كان النصير لاسرائيل ، والعميل المنقطع النظير لأميركا ، فسارع ياسر عرفات الى اشغال مكان السفارة الاسرائيلية التي فر من فيها الى اسرائيل ، وسارع القذافي الى التهنئة بالثورة ، فقد كان سندا بغير حدود لها ، وكما ياسر عرفات ، وحاول أن يذهب الى طهران ، ومثله صدام حسين أراد أن يذهب للتهنئة ، الا أن الفكر الكامن خلف كل تلك الستائر التي حجبت البصيرة عن رؤية ما هو قادم ، قد كان يتململ ليطل ، فقد جاءته فرصته ، واذا بياسر عرفات يتم طرده من السفارة التي ظنها أصبحت سفارة فلسطين ، وكذلك القذافي لم يستجاب لطلبه ، بأن يتم استقباله في طهران ، ومثله صدام تلقى جواب اللا أهلا ولاسهلا ، وبدا وجوم حائر يفتش له عن جواب ، فثمة شيء في النفس راح يتساءل ، فماذا يدعو الى كل هذا ، وكيف يتفق هذا ، مع تعزيز الآمال التي تعلقت على هذه الثورة ، لم يخطر على بال عامة الناس ، وكذلك الذين حسبوا الاسلام على وعيهم هم بالاسلام ، بان المنطقة مقبلة على كوارث ومصائب لم تعرفها في زمن التتار ، ولم تراها في حروب صليبية ، ولربما شهدت مثلها في محاكم التفتيش في اسبانيا ، فلقد أطل الخميني على المشهد بمدد من مال وسلاح لجلال الطالباني والبرزاني لاثارة القلاقل والاضطرابات في داخل العراق ، ما أثار توترا شديدا مع نظام الحكم في بغداد ، وأتبع ذلك في ظهور تلفزيوني ، قال فيه الخميني بأنه " ... سوف يحتل بغداد في غضون أربع ساعات " ، وسرعان ما بادر بني صدر رئيس الجمهورية الاسلامية آنذاك بتصريح قال فيه بأنه " .. لا يستطيع أن يوقف زحف الجيش الايراني على العراق واحتلاله بغداد اذا ما أراد الجيش ذلك " ، وقد سبق كل هذا اطلالة للخميني يطالب أهل العراق بأن يشعلوا على رؤوس بيوتهم مشاعل عصيان مدني ، وكانت تلك نذر قلق وتوتر ، بدأت تلوح في الأفق ، وكانت تلك البداية التي تلتها حرب مدمرة ، أكلت الأخضر واليابس ، فقد كان طعامها ثروات البلاد والشباب وانشغال العقل بالدمار بدلا عن العمارة ، وكان المتخيل في الأحلام لو أن الخميني ، دعا الى تعاون في بناء علم وازالة فقر في عالم اسلامي ، فهذا كان يمكنه أن يكون الاضافة التي بها تعلو الأمة الى أعلى ، لكنها كانت الحرب الدمار التي انتصر فيها العراق ، لكنه الكيد لم يتوقف الى هنا ، فقد وجدت ايران في شيعة العراق امتدادات ، لاستمرار مكرها في سعيها الذي لم يتوقف ، في مجرى تصديرها للثورة التي بها اشعل الخميني النار بين المسلمين ، بدلا عن معادلة تجمع بينهم على خير ، وكان في العراق محمد باقر الصدر ، صديق الخميني الذي كان أسس حزب الدعوة ، وراح بكل تآمر يسعى الى ما يظنه يقوض نظام الحكم في العراق ، ووجد هذا الحزب الآن فرصته ، فكل دعم من سلاح ومال يمكنه أن يحصل عليه من ايران ، ولم يكن وحده ، فكل الصفويين ، وكل الغارقين في الطاعة العمياء لمدرسة قم في ايران ، ويرون في الخميني الامام الذي جاء ، فلم يترددوا في أن يكونوا امتدادا لايران في فعل كل تخريب ، به تتم مناهزة نظام حكم سني ، سعيا وراء اسقاط هذا السني واستبداله بآخر شيعي تابع لمركزية آيات الله في ايران ، فكان من ذلك ما قام به حزب الدعوة من محاولة اغتيال صدام حسين في الدجيل ، ومؤامرات ودسائس ، مبررة بفكر مشتق من عقائد تصب ، في فعل مجسد بخراب وسفك دم مسلم ، لا ذنب له ، سوى أنه الآخر الغير مطابق بفكره ومعتقداته ، لمن أباحوا سفك دمه ، وليس هذا وحده ، فالخميني صاحب مقولة الشيطان الأكبر ( أميركا) ، والشيطان الأصغر ( اسرائيل ) ، أجاز وحلل كل تعاون نتيجته استيراد أسلحة من اسرائيل ، وذلك في غضون الحرب العراقية الايرانية ، ومن أجل بلوغ أهداف في تصدير الثورة ، وأهدافها الرامية الى نفوذ في دائرة ، من السيطرة ، على القرار الصادر ، من أعلى رأس في العراق ، وجدت ايران الثورة الاسلامية في اتباعها في العراق ، فرصتها الى تقديم كل الخدمات لأميركا في حربها على العراق والرامية الى اسقاط نظام الحكم في العراق ، فبعد أن وضعت الحرب الأولى على العراق أوزارها ، تدفق الايرانيون من كل جانب ، وانضافوا الى زمرهم من العمائم السوداء الغارقة ، في الولاء لآيات الله في قم ، وبدأت عملية واسعة النطاق ، في جنوب العراق تستهدف السيطرة على مقاليد الحكم بهدف اسقاط صدام حسين ، وكل ذلك جرى في ظروف هزيمة قاسية للعراق ، وتحت عباءة أميركية ، وكانت المجازر في كل ناحية ، والفظاعة في سفك الدم كانت تنقاد بعمائم سوداء ، تتخذ من بيوت الله ، وما يدعونه بالعتبات المقدسة وغيرها ، مراكز ادارة وتنفيذ لكل جريمة ، التي بسردها يذهل العقل عن نفسه ، ولا يقر بأن ما تراه عيناه ، انما هو الذبح بيد تحمل القرآن ، وتسفك الدم بيد أخرى ، فماذا عقلت هذه اليد القاتلة من كتاب الله ، ومن الاسلام ، وماذا وكيف يمكن سلخ الفعل ، عن عقلية تدبر وتخطط على أوسع نطاق وبكل ما أمكنها ذلك ، فما هو هذا الدين ، وما حقيقة ما تعقله من هذا الدين غير ما تدل عليه أفعالها وانتماءاتها ، أفلا تدل الأفعال التي هي في حقيقتها نتاج تخطيط وتدبير وتنفيذ ، بادارة قائمة عليها ، على عقلية وعلى نفسية ، وتشكل حاكمية يمكن بها الحكم على العقل وعلى النفس التي دبرت ، والاستنتاج منذ ذلك ما به يمكن تعريف معتقداتها على حقيقتها ، في عملية فرز يمكن الانتهاء بها الى تكوين حكم . فما تراها الغاية من كل ذلك ، وهل لغاية كتلك صلة بدين حنيف .فاذا أعداء الله يستنكفون أن يفعلوا الجريمة على هكذا وجه ، فما تكون حال نفوس تفعلها . واذا كانت القومية الفارسية تسربلت ، ولا زالت ، مظاهر من تعصب لدين يتوهمونه بأنه دين الاسلام ، ويعجب الراسخون في العلم من جملة التناقضات السافرة الوجه مع هذا الدين ، وما نص القرآن عليه في آياته الكريمة ، فان القومية الفارسية ، أشهرت في عربستان ، ولم تزل تشهر ، كل قهر وكل عنف وكل بطش في خدمة سيطرتها على هذه المنطقة العربية ، التي دانت عبر التاريخ للعرب ، ولم تزل تصرعلى عروبتها ، برغم كل محاولات الطمس لهويتها العربية ، فهذه الجغرافية المسماة عربستان انما هي عربية ، وقد أعطاها الانكليز للشاه ( رضا شاه ) ، في خلال ظروف الحرب العالمية الأولى ، ومن يومها لم تنقطع العملية الجائرة الهادفة الى محو الهوية العربية لعربستان ، وبكل وسيلة ، ولم يكن التمدد الفارسي في عربستان وحدها ، ففي عام 1970 قامت ايران باحتلال جزر عربية ثلاث هي جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ، ولقد كان يقال من قبل هذه الهيمنة بأن الخليج عربي والآن يقول الفرس بأنه فارسي ، فلماذا ملامح دين رحيم لم تطل من وجه فارسي على أبناء عربستان ، وخاصة بأنها ثورة اسلامية ، وجمهورية اسلامية ، فلماذا الاسلامية لا وجه لها في سكب حرية ، في النطاق الغائب فيه هو الحرية ، ولماذا تغييب الحرية يتم بارادة دولة هي من أسمت نفسها جمهورية اسلامية ، فأهل عربستان مسلمون ، فمحو الهوية العربية ( مع أن العربية لغة أهل الجنة) ، ليست دعوة اسلامية ، وانما هي القومية الفارسية التي تتستر بعباءة ولحى ، وانما هي الامبراطورية الساسانية في أعماق الوعي الفارسي هي التي تملي ، وهي التي تحرك ، وتبرر ، ففي خلال التوتر الذي سبق الحرب الايرانية العراقية ، قال بني صدر ، رئيس الجمهورية الاسلامية ، بأن بغداد كانت لايران ، فهو اذن تاريخ الكفر الذي ينطق بلسان الجمهورية الاسلامية ، وليس الاسلام بأية حال . فاذا كان تشابك المصالح بين الفرس والانكليز ، قد أدى الى توسيع جغرافية ايران ، وأتاح فرصا كبيرة للهيمنة الفارسية ، وامتدادا جغرافيا على طول مياه الخليج العربي ، فقد جاءت أحضان الشيطان الأكبر ( أميركا ) على حد تعبير الخميني ، في الحرب الصليبية على العراق وأفغانستان فرصة آيات الله في قم ، لكسب جديد ما كان يمكن كسبه ، من دون تبعية لقوى استعمارية ، ومن دون ترجمة هذه التبعية في تقديم الخدمات اللازمة لهذه القوى الحاقدة والطامعة ، التي حزمت أمرها باعلان حرب تسعى بها ، الى غايات من نهب وسيطرة ، فهي حرب غير المسلمين على المسلمين ، واليها انحازت الجمهورية الاسلامية بكل ، مطلوب لنجاح الغزو ، وقد عبر عن ذلك بصريح العبارة ، خاتمي ، اذ قال : " تعلم أميركا بأنه لولا ايران ما كان يمكنها أن تحقق ما حققته في العراق وافغانستان " ، فلقد دمرت الحرب العراق ، ناهيك الى الحرب المدمرة في افغانستان . لقد أحالت الحرب العراق الى خراب ، وبذلك تم تحطيم الأمن القومي العربي ، ولم تعد ما تخشاه اسرائيل من جهة الشرق ، بل اسرائيل بكل مخابراتها ، وتجارها وكل الحرامية التي أمكنها توظيفهم ، طارت بهم الى العراق تحت جناح الغزو ، والسيطرة الاميركية ، ولم يزل الصوت عاليا ، لم ينقطع في ايران ضد اسرائيل ، فكيف فهم هذا الذي جرى ، وكان دور الجمهورية الاسلامية فيه ، دورعدو لمسلمين وخادمة لاسرائيل ، وهي خدمة ما كان يمكنها اسرائيل أن تقدمها لنفسها بنفسها . فما هو هذا الايمان باسلام الذي يملأ فضاء القلوب والعقول في قم ، والذي ييسرها الى كل هذه الخدمات لأعداء المسلمين ، كما يحلو لخامنئي وصفهم . وكيف استحالت قوات ( القدس ) ، وفيلق ( بدر) ، الى موظفة في ذبح أهل السنة من المسلمين في العراق ، وذلك في عملية تطهير طائفي واسعة النطاق ، وتشريد من مناطق الجنوب ، فما صلة كل ذلك ببدر وبفلسطين أم أن الأسماء ، يمكنها أن تكون غطاء لنقيضها ، ولكل ما ليس فيه ما يدل عليها . بل هو العار على القدس والحرية ، أن تكون موصولة باسم جماعات مجرمة بحق المسلمين كهذه ، وانه لأفظع سباب للاسلام أن تحمل جماعات لصوص وجريمة مثل هذه اسما كريما كبدر . ولعل فكرة الجنوب الشيعي في العراق ، وما أملته من تطهير طائفي ، ونزعة الى فدرالية ، في بواطنها ، ما يكفي من تدحرج بآليات تؤدي الى تقسيم العراق ، منساقة بعقلية مسيرة بفكر ممتد ، في أطماع وطموحات ايرانية ، انما تتجلى باطلالة مستقبلية على رغبة عميقة ، في توسيع السيادة الايرانية ، ناهيك الى ما يشكل لباب المعتقد الشيعي الذي يقود كل ذلك ، ويملي نزعة الى سيطرة على العتبات المقدسة ، لتحويلها الى ما يشبه الكعبة المشرفة لدى أهل السنة ( وفق تصورهم ، فكأنما الحج ليس قرآنا ورحمة لكل مسلم ) ، فهناك حجيج ، وهنا مواكب من البشر تحج أو تزحف الى مواسم الردح واللطم في كربلاء . فهذا هو ما يفسر الجريمة الواسعة النطاق التي استهدفت أهل السنة في الجنوب ، والتي لا لم تعرف وجها لانسانية ولا لدين الاسلام فيها . فتطيهر الجنوب من أهل السنة ، ثم جعل الجنوب اقليما ضمن فدرالية ، على أن يكون بحكم الدستور ، شبه مستقل بذاته عن العراق ، ثم اندماج تدريجي بالنظم في ايران ، يترافق ذلك مع حركة واسعة من كل مكان في ايران من والى العتبات المقدسة ، وخاصة حين يتم جعل هذه المقدسات لدى الشيعة مزارا ميسرا، تتوفر له كل امكانية الترغيب به والتسهيل اليه ، ثم تأتي في زمن لاحق مرحلة تاريخية ، لم يعد فيها فرق بين أن تكون في جنوب العراق أو أن تكون في طهران أو قم ، ويسهل عندها الدمج الكلي بقرار حر من أهالي الجنوب ، مؤيد بموافقة شعبية تأتي ضمن استفتاء شعبي . فبذلك تكون ايران وضعت يدها على بترول الجنوب ، وعلى مركزيتها كدعوة شيعية بين يديها وتحت سيادتها ، كربلاء والنجف ، حيث كان مصرع الحسين ومزار علي بن ابي طالب ، وتصبح من وجهة نظر شيعية في مقابل السعودية التي ترعى الحجيج ، الى بيت الله الحرام وتحرسه وتوفر له امكانياته . وليس الى هنا وفقط ، بل نظرات الفرس المطلة من عيون تتزيا باسلام ، ممتدة الى حيث هناك جماعات شيعية ، وتتربص ليكونوا لها جسرا الى هيمنة وفكفكة لسلطة وحكم عربي ، وليس أدل على ذلك من تململ في مناطق معينة من الجزيرة العربية ، وما يتكنفها من هواجس ، وأيضا ذلك المشهد الذي صيغ باحكام وظهر عليه حسن نصرالله في غضون الحرب على غزة 2009 ، فخلفية الصورة وعليها كلمة الحسين ، وطريقة الكلام التي تحدث بها وما بها من ملامح شيعية وايماءات ، مثل " هذه كربلائة " ثناء على موقف هنية من رفض للاستسلام تحت أي ظرف ، وما شحن به ألفاظه وهو يدعو جيش مصر الى التحرك ، وأيضا الجماهير المصرية . لقد بدت الكراهية من فمه بكل مكنون في صدره ، وهي التي وجدت فرصتها ، ولو كان انفعاله الجارف ، انحيازا بالفعل الى كل عمل مقاومة ، لما سارع حزبه الى التنصل ، من طلقات معينة جاءت الى اسرائيل عبر الحدود اللبنانية ، أو لفعل عينيا ما يؤيد المناصرة في الوقت الحرج ، وفي مقدوره أن يفعل ، لكنها مصر كانت هي المقصودة بالهجمة الفارسية الرامية الى فوضى تعمها ، فتنشغل بذاتها فتنزاح من أمام التمدد الفارسي في المنطقة العربية . فمن هذه السردية لمجرى تاريخ مر أمام أعيننا وكابدناه ، نتوصل الى أن قراءة الواقع بكل ما ينضح به من متغيرات واستشفاف حقائقه ، انما هي الضرورة اللازمة للاجابة على الاسئلة التي تعلو متساءلة عن أجوبتها ، ولا بد من الاجابة ، لا باحالة الجواب ، على ما له صلة بواقع مضى ، ولربما ينم على واقع قائم ، ولا بمعزل عن رؤية مستقبلية لحال أمة يتوجب أن تكون عليه ، فنحن بكل ما نراه ماثلا أمامنا ، لا يجب أن يطالبنا أحد بأن نسمي الأمور بغير أسمائها ، فالقرية التي جاء منها الخميني ، قد حملنا لها - نحن العرب - الاسلام ، فمن أجل أن نصل بدعوة الاسلام الى هناك ، جرت دماء رهنت نفسها في سبيل دعوة الله ، فلم نفعل ذلك من أجل أن يأتي من هناك من يسفك دمنا ، باسم هو على قناعة تامة بأنه الاسلام ، وبأنا نحن على ضلال ، وما يدري ، بأنه بفارسيتيه قد قلب المفاهيم ، واستحال بها الى ما يعينه على تحقيق فارسيته ، فنحن بصريح القول بازاء قومية فارسية في مواجهة قومية عربية ، وبازاء تحريف في الدين قد صاغته الفارسية على مقاسها ، وجعلته نافعا لها في خدمتها ، وفي تطلعاتها ، وهذا التحريف يسفر عن أقنعته ، وبكل سفوره ، يقدم نفسه على أنه الأحق بالاتباع ، فنحن وجها لوجه . ما يفيد بأن نذيرا ينذر بتشويه تفتلت عضلاته ويزمع على التوسع في نشر زيفه ، فلا بد من حمل راية الدين الحنيف في اطار زحف لا يتوقف ، في الدعوة الى الله على الوجه الصحيح ، الذي يتصدى لهذا التحريف وهذا الزيف ، ويبدو بأن هذه هي مهمة القومية العربية ، فهو الله الذي أنزل القرآن باللغة العربية ، فهذه القومية العربية ، يجب أن تعود كما كانت ، تحمل أعباء رسالة السماء ، الى بلاد فارس من جديد ، بل والى الدنيا كلها . لقد كان العرب بحملهم الرسالة السمحاء يمثلون مادة الاسلام ، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، الاسم الذي لا يحتمل سماعه ، أولئك الشيعة الآتون بذبح الى أهل السنة في العراق ، فالقومية العربية هي جوهر الاسلام ، وعلى ما يبدو كانت هذه هي مهمتها ، وقد جاءت ثورة الخميني ، لتوقظها من سباتها ، لتجدد دورها التاريخي الذي كان هو دورها والذي هو في انتظارها . |
#299
|
|||
|
|||
![]() انا لا ابالغ عندما اصر واصر ان هذا افضل واروع ملتقى رأيته .....رزق الله القائمين عليه والاعضاء الجنة بغير حساب .آمين
|
#300
|
|||
|
|||
![]() يا حايسه في الفيزياء،، هل تريد تكون العضو المميز؟ ========== ادري ان انتو تحبوني بس مو لدرجة انكم تسمون الموضوع باسمي هههه :laughter01: مصدقه نفسها
اللـــــــــه يعطيكم العافيه وعساكـــــــــم دوم على القوه واكيد اللي بياخذ اللوسام اكيد انه يستاهـــــل :a_plain111: دمتم بود ![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|