[b.sama]

حياكم الله جميعا أعضـاء وزوار المنتـدى ^^ ,,

مـر علي زمن منذ أن وقع بين يدي كتـاب "المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية" بتسختـه الإنجليزيـة لمؤلفه السير "إسحاق نيوتـن" ، هذا الكتاب الذي أحـدث ثورة جذرية في فهم الحركات الطبيعية للأجسـام وفهم العلاقة بين التغير في هذه الحركـات والقوى المؤثرة المسببة لهذا التغيـر .. إذا أمكننا أن نلخص كتاب "المبـادئ" في جملة واحدة فيمكننا أن نقـول : "إذا عرفت القوى المؤثرة على جسم فيمكنك أن تصف حركته بدقـة" .



في هذا المقال أحببت أن أنقل إليكم الطريقة التي وصف بها "نيوتن" نفسه قوة الجاذبية التي تؤثر على حركة الأجسام السماوية .. ففي الجزء الثالث من كتاب "المبادئ" صفحة 393 طرح "نيوتن" أول نص يصف فيه قوة الجاذبية المؤثرة على الأجسام السماوية بالشكـل التالي :

" إن أقمـار المشتري تنجذب نحو المشتري ، وتنجذب أقمار زحل نحو زحل ، وتنجذب الكواكب نحو الشمس بفعـل قوى الجاذبيـة . هذه القوى هي المسئولة دائمـا عن منع الحركة المستقيمة لهذه الأنظمة وإبقـائها في مداراتها حول مراكـز الجذب " .

( في هذه الحالة ، الأنظمة هي : أقمار كل من المشتري وزحل ، والكواكب السيارة ، أمـا مراكز الجذب فهي : المشتري ، زحل والشمس ) .

يقول نيوتن مستطـردا :

"
إن الشمس تجذب المشتري وبقية الكاوكب بقوة الجاذبية ، والمشتري يجذب أقماره بنفس القـوة ، في الواقع جميع الأنظمة السابق ذكرها ( أقمار كل من المشتري وزحل ، والكواكب السيارة ) تخضع لنوع واحد من القوى هي نفس القـوة التي تؤثر بها الأرض على قمرهـا ، وحسب القاعدة الفلسفية : "النتائج المتماثلة تخضع غالبا لنفس الأسبـاب" ، نستنتج أن الجاذبية قوة كونية شاملة Global Force تعمل بين جميع الأجسـام السمازية وتنتقل عبر الفضاء الفارغ والشاسع الممتد بشكل آنـي .



ّ"

بعد ذلك يصف "نيوتـن" خواص قوة الجاذبية بالشكـل التالي :

"
أولا : استنـادا إلى القانون الثالث ـ الفعل ورد الفعـل ـ ( الجزء الأول من الكتاب ) ، فإن التجاذب يجب يكون متبادلا ، أي أن المشتري ينجذب أيضا نحو كل أقماره ، وزحل كذلك ، والأرض أيضـا تنجذب نحو القمر ، وبالتـأكيد فإن الشمس تنجذب نحو جميع الكواكب .

ثانيـا : قـوة الجاذبية المؤثرة على كوكب مـا تكون موازية لنصف القطر الرابط بينه وبين الشمس ، ومن الطبيعي أن يكـون اتجـاه هذه القوة نحو مركز الجـذب ( الشمس في هـذه الحالة ) .
ينطبق هذا الكلام على الأقمار الواقعة تحت تأثير جاذبية كواكبها .



ثالثـا : قـوة الجاذبيـة المؤثرة على أي كوكب تكون في تناسب عكسي مع مربع المسافة R الفاصلـة بين موقع الكوكب ومركز الجذب ( الشمس في هذه الحالة ) . إن هذا التناسب العكسي هو نتيجة طبيعية ومباشـرة للقواعد التي وضعهـا "كبلـر" قبل 68 عامـا لوصف حركة اكواكب كمـا سأوضح ذلك فيما بعـد .



ينطبق هذا الكلام على الأقمار الواقعة تحت تأثير جاذبية كواكبها .

رابعـا : إن الشمس تجذب الكواكب بسبب المــادة التي تحتويهـا ( أي بسبب كتلتها ) ، إذ أن كمية المادة هذه هي الشحنـة التي تخلق قوة الجاذبية التي تؤثر بها الشمس على الكواكب . بالتـالي فإنـه من الضروري أن تتناسـب قوة الجاذبية مع كمية المادة التي تحويهـا الشمس .
ولكن طبقـا للقانون الثالث فإن التجـاذب بين الشمس والكواكب يكون متبادلا ، إذن فإن قوة التجاذب هذه تكون متناسبة مع "كتلة M" الشمس و "كتلة m" الكواكب .



خامسـا : كما ذركت سابقـا ، الجاذبية قوة عالمية ، ينتـج عن ذلك أن جميع الكواكب تجذب بعضهـا البعض .
وبالتــالي فإن المشتري وزحـل ، عندما يقتربان من بعضهمـا أثناء دورانهما حول الشمس ، فإن الجذب المتبادل بينهمـا يؤثر بشكل محسوس في حركتيهمـا . إذن فالشمس تؤثر على حركة القمـر ، وكلاهما ( الشمس والقمـر ) يؤثـران على حركـة الأرض ومحيطاتها مسببان ظاهرة المـد والجـزر ، كما سأشرح ذلك فيما بعـد .



توضيـح :
أريد أن أوضح أن القـوة التي تبقي الأجسام السماوية في مداراتهـا حول مراكز الجذب لا تعـدو عن كونهـا قوة مركزيـة Centripetal Force ، التي تم العامل معها ووصفهـا بشكل مكثب في الجزء الأول من الكتـاب، ولكننا من الآن فصاعـدا سندعوهـا بالجـاذبيــة .
"

انتهـى كلام "نيوتـن" .

فيمـا بعـد ، بين "نيوتن" أن قوة الجاذبية لا تعمـل فقط بين الأجسام السماوية، بل تعمل أيضا "داخلّ الأرض وتؤثر على حركـة الأجسام الأرضية بنفس الطريقة التي تؤثـر بها على الأجسام الفضائية ، وبـذلك ظهر أول مبدأ توحيدي في الفيزيـاء على الإطلاق إذ أن الحركات الأرضية والحركـات السماوية تخصع لنفس قانون القـوة .

أتمنى أن ينـال المقـال إعجابكم وأن يضيف ولـو القليل لمعلـوماتكـم ,, .

يـمنـع النقل إلا بذكـر المصدر بليـز ~