[ربانة]

ـ

ولو عام من العزلة

بقلم / ربانة

كان عليّ أن ألج في سم عزلة لا تقهقرها أي يد , ولا تتبدل بأدنى درجة , عزلة يعني عزلة ,ليت هذا يحدث , كل شيء حولي يصيبني بالقرف / والغثيان , لم أعد أحدد ماذا أريد كل الاتجاهات صامتة لاتتحدث ولا تدعوني مطلقا , تهيئ لي تشابهها فقط لأراه واضحا .شعري يتساقط كثيرا أظنه خريفي قد حل , لم أعد ابتلع أي نبض من هذه الحياة فقد وصلت مرحلة الشبع ,حتى انفعالاتي صارت تهزء بي وتجعلني سخرية أمام المارة , تهتز وتصبح أكثر او أقل مما تستوجبه المواقف, يبدو أن قشور الحياة بدأت بالتكسر عن جلدي ,العزلة نعم العزلة هي ما أرغبه ليت هؤلاء حولي يفهمون أني أود أن أبقى وحيدة ولو أن ادس رأسي في كيس طحين مدى الحياة .




صغيري ...قبل أن تنام اصغي ,علك يوما تصبح أكثر وفاءا مني فـ تأتي الدار التي تركناها , وتهز شجر "السدر" الذي زرعناه بأيدينا حلماً عند سور البيت , وتشم الأرض الغضبى منّا؛ التي تنقم كفرنا بتقاليدها , لم نكن يوما نعلم أنها موجودة !!! ليس ذنبنا !!! عوق بصيرتنا ليس ذنبنا , تحسبنا الأرض تخلينا عنها بقصدٍ , كانت غانية تسلب لب عاشقها بعينين سوداوين ولكن لم نكن نرى هذا, كلهم قبلي قد حكوا لي عنها , لم يروها !!! لكن الحياة تقتضي أن نعرف أن هناك أرضا فوق تصوراتنا , نزرع الأمل خلال ثقوبها , لا تعي قولي هذا ؟؟ أفهم أفهم ....لكنني هنا محاولةً إثارة الفضفضة ونفضها بعيدا بعيدا عن قلبي , علّها تنفخُ طوفاً من السعادة ليطفو على قلبينا , تدري؟! نحن نتسلى بحكايات مستحيلة التصديق!!! شاحبون ...يبدو أننا شاحبون !!!!


كل شيء قديرٌ على وجه الأرض الحلم , قديرٌ جداً , وبشكل فوق ما نعقل , قديرْ قديرٌ يا أنت َ..حد أن كذبتُها ؛ عذري أني لم أحس تلك الحقيقة, ولم أرها , ولم أكن يوماً أتهجئ في حروفٍ موسومة ببياض قلبها, وينعكس عنه وَضاءة وجهها ؛والذي انقلب على عقبيه ؛ فصار ميدانا يتجحفل في ساحته الغضون والتجاعيد, وبكل صلفٍ يُكْسِرَانِه , ويمنعا عنه الماء عنوة لتموت جذوة تنيره , تَقَضَّى كل الذي قد كان!! وبقيتْ تعبره ريح خريفٍ لايشيخ ولاتموت روحه , خريفٌ معطاءٌ بــ المجانين والمعاتيه وقطاع الطرق الــــــــيسلبونك بضاعةً .. كنتَ قد دستتها ذات يومٍ, فيها لونُكَ وصوتك الضاحك , فيها طفل يشبهك , يشبهك تماماً ..لم يعرف أن عليه الركض لينجو من شرر الحرب التي وقفت ببابه .

احتجزك الخريف وأنت لاتدري ؟!! لأنك لاتعرف لونا غيره, ولا تميز خشخشة مفاتيح الربيع فتنظره ليفتح الباب عليك , لأنك لم تعتد إلا صوتا واحدا خشنا من البرد , جافا, يسعل باستمرار؛ صوت خريفك , ولم يكل يوما في ضربك بــ الرماد ويشرب دمك الأحمر , يا صغير... الذي يسود خريفٌ قمعي يمسك عليك روحك إن حاولت أن تفر من برثنه, يتذكر زلاتك كلها ويعلقها على جدار دارك ؛ كلما مررت بها نكست رأسك , كانت فضائحك شائكة لأنه حولها لفسوق لا تدري كيف خاض بك نحوه , قد عدك حيوانا تدور حول ساقيةٍ , حيواناً لاينبغي عليه سوى أن يثور بحيوانية واضحة لأكله وشرابه فقط , وعليه أن يظل حيوانا لايدري أن الحياة أكبر من دائرة يرسمها كل يوم قد ظنها هي كل شيء .


كانت هذه الأرض التي أفسدنا ذاكرتها بفساد ذاكرتنا , كانت بكراً , كانت أرضاً سالمة عنقها من نصل مدية الوسخ , والحمق البشري , أرضٌ هفهافة رقيقة , لا تليق إلا بأرواحٍ نظيفة مثلها .ما حل بها كان خارج عن إرادة الجمال , وعاقٌ بقوانين السماء , كان جالوت يتكاثر؛ وينمو جسده في كل واد , وبشراسة الخوف كانت قرونه تودع قلوبنا الضعف .قد حل بنا جالوت يُقرأنا سلامه ويعلمنا عدوانه , كانت جبهته تهفو لها قلوبا شتى , ضالة ضلال الشياطين , مضطبعةً بالسواد وطوافة بولاءه في خنوعٍ فاضح , انتشرت وحوشٌ كثرة تُساقط كل خضرة وتدوسها دوس الفسقة .. ليبقى الجفاف والتصحر حافلا بنا جرما وعدوانا,نحن الضعاف خبلا وعتهاً أن تركناهم يمضون سيوفهم في عقولنا دون ان نصدهم ,وبعدها لم يكن من بدٍ للأمان سوى أن يغلق على نفسه الباب فنظل فقراء فقراء له , نحن المجرمون حقا .


لاتنظر.. تلو صفحة قلبه, ذلك العفوي الذي نبت في الأرض الفضاء , معتوه صدقني , لازال خديجا لم تلتبس عليه خطواته بعد, حد أنه كانت لاتعنيه مفردة " دفوني البرد كسّر عظامي " , قاموسه ضامرا لايعلم إلا قليلا عن وجع هذا الكون ...مريض ومختل / صفر العقل ...ونظيفه , لا يجري به أدنى معرفة ٍ عن آلامه ..التي كان يحبس نفسه عنها , معزول مذ كان , ويتدحرج خارج السرب هكذا دون أدنى معرفة , عشوائته تفرض أن يكون هكذا , حتى أن الغمام يشفق عليه فيملئ عينيه بالبياض حتى لايرى أي بؤس تحمله هذه الحياة إلى عينيه , محظيٌ بشدة لدى القدر الذي استبسل في اخفاء كل هذا السواد عنه ,يبدو أنه رجلٌ محظوظ !! , الشيء المضحك أنه ظن للخباثة يوما ما ضريحا, لكنها لاتموت مطلقا وحية بحياة ارواح خبيثة , خياليّ جدا هذا النبت العفوي وحمقه بائن , لا يدري أنها نصبٌ عظيم تهفو له قلوب لها رائحة عفنة نتانتها تقتل عن بعد آلآف الأميال . الذي متأكدُ منه أنه سيتفتح يوما , صدقني عينيه سترى بوضوح , لن تدوم الأشياء حوله على تخبئة الحقيقة عنه حتّام يوما ما ستمل , وسيرى مجون الأرض هذه , وأتمنى أن يكون قبل فوات الآوان , لاتلتفت له وحسب , عفويته وباء ممرض أقول لك فاحمي نفسك بوقاء قوي جدا .



صغيري..تدري؟؟عني اكتفيتُ بتزجية وقتي في سرد الحكايا عن أرض حلم ؛ أسرد حكايا أمل يكمن في قعر قلوب عطشى؛ بها بذر عفوي سينمو يوما , سينمو متى ما رواها ماءٌ طهور, طهور بطهارة قلوب السُقاة , سيحدث هذا يوما , فيظهر الشجر وتتنمل كل جذور الخوف والفسق حتى الموت , أرضنا الأمل ستنبذ الكذابين والمحتالين , أرض تميز خبيثها وتبصقه بعيدا , باختصار هي أرضٌ مستحيلة التصديق , لن تعقل أنها ليست سوى حكايا وأساطير , لن تعقل إلا أنها كذبة أبريل , لأنك ببساطة تدور حول الساقية ,التي لم تعلمك يوما أن فجاج الأرض دوائر أضخم مما تتصور . نم يا صغيري علّ الفجر القادم ينبئك عنها , علّه يقشع عنك العتمة التي تكبلك, نم نم يا صغيري سأحرسك حتى توقظك العصافير .

.
.





ـ