[ناصر اللحياني]

[justify]

مشروع علمي سيغير حياتنا في المستقبل القريب
الضوء الناطق- أسلوب مبتكر لنقل البيانات

http://www.youtube.com/watch?v=DNHYhQspins

http://www.youtube.com/watch?v=RxPZDZkqpMA

عندما يقوم عدد كبير من الناس بإجراء مكالمات هاتفية في نفس الوقت أو بالدخول إلى شبكة الانترنت، فإن الضغط يصبح كبيرا الأمر الذي يؤدي إلى إبطاء الاتصال بالشبكة. وهذا أمر يحدث بشكل يومي مع مستخدمي أجهزة I-Pad و I-Phone.

إن الضغط يصبح كبيرا بشكل خاص في فترة ما بعد الظهر، لدرجة ينقطع معها الاتصال بشبكة الانترنت. قام هارالد هاز بتطوير شكل جديد من أشكال نقل البيانات لاسلكيا، وهو يطلق عليه تقنية الضوء القادر على التحدث. ويمكن لتقنية الاتصال البصري اللاسلكي هذه أن تفتح الباب على مصراعيه لتطور جديد.

والمبدأ الذي تقوم عليه هذه التقنية بسيط: إذ تعمل مصابيح LED الحديثة على إظهار أشعة ضوئية يتعذر رؤيتها بالعين المجردة، وتلك الأشعة قادرة على نقل المعلومات التي يمكن استقبالها بواسطة محطة إرسال واستقبال مركبة. ويمكن لهارالد هاس إثبات أن الضوء قادر على التحدث، الأمر الذي يمكن أن يمثل ثورة في عالم نقل البيانات، وبالتالي ستتوفر طرق الاتصال اللاسلكي في كل مكان وبسرعة أكبر من تلك التي تعودنا عليها أثناء واجدنا في المنزل أو المكتب.

يجري البروفيسور هارالد هاز أبحاثا في مجال الاتصالات اللاسلكية وإرسال واستقبال البيانات. إن أعدادا متزايدة من الناس تستخدم الهواتف النقالة الذكية للدخول إلى شبكة الإنترنت. ومع انتشار الجيل الجديد من أجهزة الكمبيوتر المحمولة مثلiPad ، يتضاعف الضغط على شبكات الاتصال. ويرى خبير الاتصالات اللاسلكية، البروفيسور هاز، أن الضوء يمثل الحل لهذه المشكلة، إذ إن نقل البيانات ممكن باستخدام الضوء.

الضوء والمصابيح الكهربائية موجودة في كل مكان. ولدى استبدال المصابيح الكهربائية التقليدية بأخرى حديثة من مصابيح LED المزودة بصمام ثنائي باعث للضوء، فستتوفر إمكانات هائلة لنقل البيانات لاسلكيا، وهذا يشمل بالطبع الإرسال والاستقبال على حد سواء. وعبر نقل البيانات بواسطة الضوء تتحقق عدة مزايا على رأسها توفير استهلاك الطاقة بشكل كبير. ومن الميزات المهمة أيضا لهذا الأسلوب المبتكر لنقل البيانات، هو أن نقل البيانات لاسلكيا عبر الضوء، لا يؤدي إلى تداخلها كما يحدث في حال نقل المعلومات عبر موجات الراديو، حيث تختلط الموجات وتشوش على بعضها البعض.

نقل البيانات عن بعد عن طريق الأشعة تحت الحمراء. بيد أنه يمكن فقط نقل كميات صغيرة من البيانات بواسطة هذه الطريقة ويقول البروفيسور هاز: "الطريقة الوحيدة لجعل الضوء المرئي ناطقا تكمن في أنه ينبغي علي أن أغير شدة الضوء". هارالد هاز يومض الضوء وبذلك يقوم بنقل البيانات.

المرحلة التالية هي فك شفرة البيانات التي يتم نقلها عبر الضوء. وهنا يجب أن تكون أجهزة الاستقبال قادرة على تمييز التغييرات الطفيفة في الإشارة، وهي تتمثل في وميض الضوء، وهذا أمر لا يمكن ملاحظته بالعين المجردة. كما ينبغي أن تكون الأجهزة المخصصة للاستقبال قادرة على تحويل تلك الإشارات إلى بيانات رقمية.

يتم توصيل أحد الصناديق (إلى اليسار) بشبكة الإنترنت، وذلك عبر شبكة الكابل المحلية. ويرسل مصباح LED ذو الصمام الثنائي الباعث للضوء الإشارات الصوتية إلى المتلقي في الصندوق الآخر (إلى اليمين). وبالرغم من أن التجربة تمت بنجاح، إلا أن هذه التكنولوجيا لا تزال في مرحلة الاختبار. إن الشكل والتصميم يعتبر أمرا ثانويا في هذه المرحلة. ويأمل البروفسور هاز أن يتمكن قريبا من إنتاج وتسويق أجهزة إرسال واستقبال صغيرة الحجم تعمل بهذه التقنية، والتصور الأمثل هو التمكن من الجمع بين وظائف الإرسال والاستقبال في جهاز واحد يمكن توصيله بمصباح LED.

أحد طلاب الدكتوراه الذين يشرف عليهم بروفيسور هارالد هاز يضع يده في مجال الضوء، فتتوقف الموسيقى مباشرة. وعندما يسحب يده يسمع صوت الموسيقى من جديد. ويعتزم هاز تأسيس شركة لتسويق تقنية الاتصال الجديدة التي ابتكرها، فهو لا يرغب في أن يترك الأمر لغيره كي يجنوا ثمار ابتكاراته كما حدث مع مبتكري جهاز الفاكس أو MP3 مثلا، إذ إنها ابتكرت في ألمانيا لكن آخرين هم الذين حصدوا من ورائها المال الوفير والشهرة.

قبل وبعد التجربة: المصباح الذي يستخدم على طاولة المكتب تم تعديله بعد تزويده بمصباح LED، أصبح بإمكانه الآن إرسال الصور. وتمت معادلته على جهاز كومبيوتر لتحديد معدل نقل البيانات. تسنى نقل الصورة دون أية مشاكل عبر الضوء، وتتوقف عملية نقل البيانات وهي عبارة عن صورة في هذه الحالة، فقط عندما يتم اعتراض المجال الذي يسري فيه الضوء.

هارالد هاز يقطع عملية نقل البيانات عندما يعترض مجال الضوء بيده. ولدى سحبه يده مرة أخرى من المجال الذي يسري فيه الضوء تتواصل عملية نقل البيانات من جديد. هذه تقنية يمكن أن تغير العالم، إذ يمكن إرسال كميات كبيرة من البيانات من كمبيوتر إلى آخر عن طريق الضوء، دون الخوف من فقدان جزء منها. فالضوء وسيلة آمنة خصوصا في المجالات التي تتطلب نقل بيانات على درجة عالية من السرية.

"إن جوهر هذا البحث هو أن معالجة البيانات تتم بأسلوب لا تشوبه شائبة." ويمكن الاستفادة من هذه التقنية الجديدة في مجالات مختلفة، ابتداء من محلات تصفيف الشعر ومرورا بالمطاعم وانتهاء بالمتاحف ودور السينما. إذ يمكن عبرها إرسال مواعيد فتح وإغلاق المحلات على سبيل المثال، أو أيضا إرسال مقاطع دعائية للأفلام إلى الهواتف الذكية، أو الإعلان عبر مقاطع فيديو مصورة عن الأعمال الفنية الجديدة، بحيث يصبح الدخول إلى شبكة الانترنت أمرا غير ضروري في هذه الحالات.

على هارالد هاز الآن القيام بجهود إضافية لإقناع المستخدمين بتجربة التكنولوجيا الجديدة. وقد حالفه النجاح في المستشفى الجامعي في ادنبره، إذ لا يزال التصوير بالرنين المغناطيسي يتعرض للتشويش بسبب الإشارات المنبعثة من أجهزة الراديو التقليدية. ولكن سرعان ما ستحل هذه المشكلة، عندما يتم إدخال التقنية الجديدة التي تعمل بالضوء. وسيتسنى عبر مصابيح LED نقل الصور المأخوذة باستخدام الرنين المغناطيسي مباشرة إلى هاتف الطبيب المعالج، الذي سيتمكن بعدها من التجاوب السريع مع المعلومات المتاحة لديه. وبهذا تصبح الإمكانية متوفرة لتبادل السجلات المرضية بأمان وبسرعة كبيرة.

في المؤسسات الكبيرة والمعقدة مثل المستشفيات، لا تزال معظم البيانات ترسل بواسطة الكابلات. ولكن هذا الأمر من الصعوبة بمكان في مستشفى ادنبره الجامعي، حيث شيدت العديد من المنازل والبنايات المرتفعة في محيط المستشفى، مما يجعل تكلفة الطاقة وتكاليف مد خطوط الكابل مرتفعة للغاية، ويجعل تلك الوسيلة التقليدية تفتقر إلى المرونة.

نقل البيانات لاسلكيا عن طريق الذبذبات يكتسب أهمية متزايدة مع مرور الوقت. لكن العمل غير ممكن في حالة التنقل بسرعة عالية كما هو الحال خلال الرحلة بالطائرة أو القطارات السريعة على سبيل المثال. وفي الطائرة يجب إغلاق الأجهزة الالكترونية لدى الإقلاع والهبوط. ويعمل هارالد هاز بالتعاون مع المتخصصين في تطوير وتصميم الطائرات، لتحقيق هدف مشترك يتمثل في جعل الأضواء الصغيرة داخل الطائرة، قادرة على نقل البيانات، بحيث يتسنى للمسافرين الدخول إلى شبكة الإنترنت منذ لحظة إقلاع الطائرة وحتى هبوطها.

العالم كما يراه هارالد هاز عبارة عن مصادر ضوء تنبعث منها معلومات. إن هذه الرؤية المستقبلية التي تبدو خيالية اليوم، يمكن أن تصبح في الغد حقيقة واقعة: السيارات يمكن أن تحذر بعضها البعض من الحوادث، ويصبح الاتصال عبر الضوء تحت الماء ممكنا بواسطة الروبورتات، الأمر الذي يعني بدوره تحسين أنظمة الإنذار المبكر الخاصة بالتسونامي مثلا.

[/justify]

المصدر :
مؤسسة دويتشه فيله DW
صوت ألمانيا المرئي والمسموع والمقروء إلى العالم الخارجي