[حبيب السويدي]

بسم الله الرحمن الرحيم ؛ والصلاة والسلام على رسوله الأمين ... وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشهد في الأيام الأخيرة كثرة الإصدارات التي تدعي أنها وسائل مساعدة .
إصدارات لتبسيط الفيزياء .. وأخرى لتسهيل الرياضيات .. وثالثة للتغلب على مشكلات الكيمياء.... وهلم جرا .
في تنافس محموم ؛ لتبسيط مزعوم ؛ وتطوير موهوم .
إنه ماكان لهذا السوق التجاري أن ينمو لولا زيادة المستهلكين ؛ وكثرة المتهافتين .
إن المتأمل لهذه السوق يساوره قلق شديد ؛ ويسيء الظن بكل جديد .
لقد صارت غاية الكثيرين منا أن يحصل على ملخص يساعده بزعمه . نعم إنه يساعده ليقزم المنهج ؛ ويبتره عن غاياته ؛ ويطمس معالم الحقيقة العلمية ؛ ويشوه جمال الفكر الإنساني الرشيد .
لتأتي ثمرة هذا الجهد متمثلة في وجبة علمية جافة يابسة لا تصلح لاستهلاك العقل الآدمي .
يحدث هذا في زمن تعددت فيه مصادر المعلومات ؛ وتفجرت فيه سبل المعرفة ؛ وسهل البحث على من يريد . مجلات ومكتبات .. ومواقع ومنتديات ... وشبكات واتصالات . فكان الأولى بالمعلم أن يبحث عما يوسع به درسه ويثريه ؛ وليس ما يختزله ويبريه .
إن حال فئام منا معشر المعلمين كحال بني إسرائيل لما نتق الله لهم الجبل وآتاهم المن والسلوى قالو " ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير " فاستبدلوا خيرات الجبل بالعدس والبصل . فكان جزاؤهم " اهبطوا مصرا فإن لكم ماسألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة "
إن المتنافسين على هذه الإصدارات المشؤومة قد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير .
فانصرفوا عن العلم ؛ وهجروا المراجع التي درسوها ؛ وأعرضوا عن المكتبات والشبكات .
واستبدلوا هذا كله بسلسلات سلسلت العقول ؛ وإصدارات صادرت الفكر وصدرت الخمول . فضربت عليهم الذلة والمسكنة .
فمن مسكنتهم أنهم يبكون الدمع والدم من المناهج المطورة:k_crying: ؛ لأنهم يريدون السلسلات المختصرة .
وتراهم يصيحون من مواصفات الاختبارات ؛ لأنهم لا يريدون إلا الأسئلة التي تناسب مسكنتهم ( عرف ..أذكر ... عدد) :laughter01:
فتراهم دائما يفضلون أن يقبعوا في أسفل الهرم المعرفي ؛ ولو وجدوا تحت الهرم ملجآ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون .
ثم يتسترون على مسكنتهم بأنهم رحماء مشفقون على الطالب المسكين ؛ ويخشون أن يتعبوا ذلك المسكين وينادون برحمة ذلك المسكين . فرموه بدائهم وانسلوا . وتركوه في أسفل الهرم ؛ لأنهم قد ضربت عليهم الذلة والمسكنة ؛ وباؤوا بغضب من الله .
فرحماك ربنا رحماك